
المفاوضات النووية.. 'الشيطان' في التفاصيل!محمد صالح صدقيان
المفاوضات النووية.. 'الشيطان' في التفاصيل!
محمد صالح صدقيان
ما لم يطرأ تطورٌ مفاجىءٌ، فإن الجولة الثالثة من المفاوضات الإيرانية الأمريكية، ستلتئم غداً (السبت) في مسقط بعُمان، وذلك على مستوى الخبراء الفنيين، وبحضور وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الرئاسي الأمريكي ستيف ويتكوف، وعلى جدول الأعمال الملف النووي الإيراني بكل تشعباته وأبعاده.
واللافت للانتباه عشية اجتماع الخبراء، ما كشفت عنه صحيفة 'بوليتيكو' الأمريكية بأن الإدارة الأمريكية قرّرت تعيين، مايكل أنطون، مدير تخطيط السياسات في وزراة الخارجية الأمريكية، رئيساً لوفد الخبراء الفنيين الأمريكيين المؤلف من 12 خبيراً يُمثلون مختلف الوكالات الأمريكية. ونقلت الصحيفة عن أحد مسؤولي الإدارة قوله: 'إنه الرجل المناسب لهذه المهمة، لما يتمتع به من خبرة وذكاء، والأهم أنه سيتولى تنفيذ رؤية الرئيس (دونالد) ترامب في هذا الملف بشكلٍ دقيق ومدروس'.
والمعروف عن أنطون أنه من أصل لبناني وشغل سابقاً منصباً في مجلس الأمن القومي خلال الولاية الأولى للرئيس ترامب، كما عمل في معهد 'كليرمونت' المحافظ.
ومن المقرر أن يتمثل الجانب الإيراني في اجتماع الخبراء بمعاون وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي ومعاون وزير الخارجية للشؤون القانونية غريب أبادي، بالإضافة إلى عدد من المستشارين الفنيين.
وفيما لم تُعرف بعد الظروف التي جعلت سلطنة عُمان تطلب تأجيل اجتماع الخبراء الذي كان مقرراً يوم الأربعاء الماضي إلى يوم غدٍ (السبت) خصوصاً في ضوء التقييم الإيجابي المتبادل لنتائج الجولتين الأولى والثانية، تحدثت مصادر معنية عن عقبات تواجه المفاوضات ربطاً بالنوايا الأمريكية إزاء البرنامج النووي الإيراني، وهو الأمر الذي جعل وزير الخارجية الإيراني يُبادر إلى الاتصال بمدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي لوضعه في الترتيبات المتصلة باجتماع الخبراء خصوصاً أن غروسي التقی خلال تواجده في واشنطن برئيس الوفد الأمريكي ستيف ويتكوف الذي زار اليوم (الجمعة) موسكو والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك على غرار ما سبق الجولة الأولى من المفاوضات.
وكان رافائيل غروسي قد زار طهران قبيل جولة روما الثانية والتقی الوزير عراقجي وأبدى ترحيبه بمسار المفاوضات آملاً أن تُنهي الخلاف بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وثمة انطباع أن المسألة أكثر تعقيداً مما يتصوّر البعض وأن الخلاف داخل الإدارة الأمريكية ينعكس بشكل أو بآخر علی المفاوضات التي يقودها ويتكوف. وتحدثت مصادر إيرانية غير رسمية عن طلب أمريكي قُدّم لإيران بنقل كمية اليورانيوم المخصب بنسب مرتفعة تصل إلی 60 بالمئة إلی روسيا وتفكيك الصورايخ القادرة علی حمل رؤوس نووية في مقابل أن تقوم الولايات المتحدة برفع الحظر عن بعض أرصدة إيران المجمدة في الخارج ورفع بعض العقوبات عنها.
وما يزيد من تعقيد الموقف الزيارة التي قام بها عباس عراقجي إلی الصين يوم الأربعاء الماضي، وهو اليوم الذي كان مقرراً أن يُعقد فيه اجتماع الخبراء في مسقط قبيل قرار تأجيله. وهذا الأمر يطرح سؤالاً مفاده هل ثمة رابط بين التأجيل وزيارة بكين؟ ربما.. لسبب بسيط وهو أن ترامب يری في الصين عدواً محتملاً وهو لا يريد للصين أن تدخل علی خط المفاوضات الإيرانية الأمريكية كما أنه يريد إبعادها عن منطقة غرب آسيا.
وتريد إيران استنفاد جميع أوراقها ووسائلها الداخلية والإقليمية والدولية في هذه المفاوضات لممارسة الضغوط علی الجانب الأمريكي حتی لا تكون فريسة أمام خصم يتربص بها الدوائر وحتی لا تُلدغ من جحر مرتين.
داخلياً، تعمل إيران في اتجاهين. الأول، عدم جعل الأداء الحكومي برسم نتائج المفاوضات الجارية والعمل علی الاستمرار في خلق الفرص لتنفيذ الخطة الخمسية السابعة التي تهدف إلی تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 8 بالمئة. أما الثاني فيتمثل بالجهوزية العسكرية التي دعا اليها المرشد الإيراني الإمام علي الخامنئي في مواجهة أي اعتداء أميركي – إسرائيلي محتمل.
إقليمياً، رحّبت إيران بالوساطة العمانية بدلاً من الوساطة الأوروبية أو الروسية وهذا يعني سعي إيران لإشراك الاقليم في هذه المفاوضات وهو ما تم الترحيب به من قبل دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلی بقية دول المنطقة. وفي هذا الإطار، سعت وزارة الخارجية الإيرانية إلى وضع كافة دول المنطقة في اطار نتائج المفاوضات ونوايا إيران فيها بما يضمن ازالة القلق لدی دول الاقليم علی عكس ما حدث مع توقيع الاتفاق النووي عام 2015.
دولياً، سعت إيران إلی اشراك أصدقائها الروس والصينيين والأوروبيين من خلال وضعهم في صورة المفاوضات التي تريدها واشنطن بمسار واحد أمريكي – إيراني، أي ليس على طريقة المفاوضات التي سبقت اتفاق العام 2015 وشاركت فيها الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا بالإضافة إلى ألمانيا.
وفي هذا السياق، عقد الإيرانيون اجتماعات مع 'الترويكا' الأوروبية لعكس رؤيتهم التفاوضية من جهة وتصوراتهم لحل قضية البرنامج النووي ومآلاته المستقبلية من جهة ثانية، إضافة إلی ذلك سفر الوزير عراقجي إلی موسكو قبل جولة روما لوضع القيادة الروسية في أجواء المفاوضات التي جرت في مسقط، في حين قام هذا الأسبوع بزيارة بكين لوضع القيادة الصينية في الأجواء ذاتها. وفي نهاية المطاف، فإن روسيا والصين أعضاء في مجموعة 4+1 بعد انسحاب الولايات المتحدة وإيران وقعت اتفاقيات مع هاتين الدولتين الصديقتين.
هذه الخطوات الإيرانية قبيل المفاوضات مع الأمريكيين وخلالها هدفها توفير حصانة حتی لا تستفرد واشنطن بالمفاوضات وفق المقاسات التي وضعتها لإيران، وهي في الوقت ذاته تستفيد من تجاربها السابقة مع أمريكا التي انسحبت من اتفاق 2015 وفرضت المزيد من العقوبات عليها.
وثمة اعتقاد سائد في طهران أن إيران مستعدة لإزالة قلق ومخاوف المجتمع الدولي إزاء طبيعة برنامجها النووي لكن ليس بأي ثمن، فهي لا تريد أن تنقل كمية اليورانيوم المخصب بنسب مرتفعة إلی خارج أراضيها لأنها لا تثق بالجانب الآخر، وبالتالي تفضل الإبقاء عليها داخل الأراضي الإيرانية تحت رقابة وإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ربما تقبل بمهلة زمنية لبناء هذه الثقة على أن تقوم بعدها بنقل هذه الكميات إلى خارج أراضيها، إضافة إلی عديد الأفكار التي يُمكن طرحها لإزالة مخاوف البعض من طبيعة البرنامج النووي والتي يُمكن أن نتطرق إليها في مقالات لاحقة.
المهم أن إيران أبدت استعداها لازالة المخاوف وصولاً إلى تعزيز الثقة المتبادلة لكنها تنتظر من الجانب الأمريكي أيضاً أن يسعى إلى تعزير الثقة المفقودة وتحقيق الهدف الإيراني من هذه المفاوضات، وهو إزالة جميع العقوبات المفروضة علی الجمهورية الإسلامية.
ومن المستبعد أن تقبل إيران بإزالة العقوبات جزئياً أو برفع جزئي للحظر علی بعض الأرصدة الإيرانية المجمدة إلا وفق معادلة 'إزالة القلق مقابل إزالة جميع العقوبات'؛ وضمن هذه المعادلة يُمكن السير بمعادلة 'الخطوة مقابل خطوة'. وفي مقال سابق، قلتُ بوجوب تحليل المسار التفاوضي 'مرحلة مرحلة' و'زنكه زنكه' لأنه مسار حافل بالتحديات وفيه الكثير من الشياطين وعلی رأسهم كبيرهم الذي علّمهم السحر بنيامين نتنياهو!
U2saleh@gmail.com
25.4.2025

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة أنباء براثا
منذ 2 ساعات
- وكالة أنباء براثا
عراقجي : : إذا كان هدف واشنطن من التفاوض وقف تخصيب اليورانيوم في إيران فلن يكون هناك اتفاق
قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إنه إذا كان هدف الولايات المتحدة من التفاوض هو وقف التخصيب في إيران "فلن يكون هناك اتفاق"، مؤكدا أن بلاده لا تسعى لامتلاك سلاح نووي. وقال وزير الخارجية الإيراني، في تصريحات نقلتها وكالة "مهر": "لن يكون هناك اتفاق من دون حصولنا على ضمانات ولا تزال هناك خلافات جوهرية مع الولايات المتحدة". وأشار عراقجي إلى أن الجانب الأمريكي "لا يعترف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها"، مضيفا "أقول بصراحة، إذا كان هدفهم من التفاوض هو وقف التخصيب في إيران فلن يكون هناك اتفاق". وأشار عراقجي إلى أنه "إذا كان هدف الولايات المتحدة منع إيران من التوجه نحو السلاح النووي فالاتفاق ممكن لأن لا مكان للسلاح النووي في عقيدتنا الدفاعية". وتابع وزير الخارجية الإيراني "نحن لن نقبل حتى تخصيباً رمزياً بنسب منخفضة لأننا نريد التخصيب لتوسيع الصناعة النووية وقد أعددنا البنى التحتية الضرورية لذلك". وأضاف "لو أرادت إيران صناعة سلاح نووي لكانت قد نفذت ذلك منذ زمن لأنها تمتلك القدرات اللازمة لذلك". وأكد عراقجي استعداد إيران لاتخاذ إجراءات لطمأنة الجميع بشأن سلمية البرنامج النووي الإيراني من ضمنها القبول بقيود تقنية مؤقتة لا دائمة ومقابل ذلك يتوقع رفع العقوبات. وشدد على أن طهران "لن تتخلى عن حقوقها المشروعة وعملية تخصيب اليورانيوم يجب أن تستمر في إيران لكننا لا نمانع في توسيع عمليات التفتيش".


وكالة أنباء براثا
منذ 3 ساعات
- وكالة أنباء براثا
عراقجي: التخصيب خط أحمر ولا يوجد سبب يدعونا لترك التفاوض ونجيد التعامل مع أمريكا
أكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، اليوم الخميس، (22 أيار 2025)، أن ملف تخصيب اليورانيوم لا يزال نقطة خلاف في المفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة، إلا أنه شدد على أن هذا الخلاف لا يعني انسحاب إيران من طاولة التفاوض. وفي تصريحات متلفزة مساء الخميس قال عراقجي: "رغم أن موضوع التخصيب لم يُحلّ بعد، فإننا لا نرى أي مبرر لمغادرة المفاوضات"، مضيفًا: "نحن منخرطون في حوار مستمر وقد يُفضي إلى حلول". ويأتي هذا التصريح في وقت تتصاعد فيه التوترات بشأن البرنامج النووي الإيراني، مع استمرار الجهود الدولية - وخاصة من جانب الوسيط العماني - لإحياء المحادثات المتوقفة منذ فترة بين طهران وواشنطن. وأشار عراقجي إلى أن باب الدبلوماسية لا يزال مفتوحًا، مبيناً أن المفاوضات الجارية قد تُنتج مخرجًا للأزمة النووية إذا توفرت الإرادة السياسية لدى جميع الأطراف. وشدد على أن إيران لن تتراجع عن حقها في التخصيب، لكنها لا تسعى أبدًا لامتلاك سلاح نووي، وقال "التخصيب غير قابل للتعطيل" سواء باتفاق أو بدونه، مشيرا إلى أن بلاده لن تتراجع عن هذا الحق السيادي. في إشارة إلى الاتفاق النووي عام 2015، قال عراقجي: "لم يمت بعد، لكنه فقد قابليته للحياة"، لافتًا إلى أن ظروف اليوم تختلف جذريًا عما كانت عليه لحظة توقيعه، ولا يمكن العودة إلى ما قبل الانسحاب الأمريكي منه. ورغم تعثر المحادثات، أكد عراقجي أن الدبلوماسية لن تتوقف، كاشفًا أن الوسيط العماني بذل جهودًا لإطلاق جولة جديدة من المفاوضات، وأضاف: "الخلافات الأساسية باقية، لكن لا شيء يمنعنا من المحاولة". وقال وزير الخارجية الإيراني إن بلاده لا تمانع الرقابة الإضافية ولا الشفافية الأكبر على البرنامج النووي، مؤكدًا أن موقف إيران عقلاني ومنفتح، لكنه يستند إلى السيادة والمصالح الوطنية. وشدّد عراقجي على أن إيران لن تكرّر تجربة برجام دون الحصول على ضمانات حقيقية من واشنطن، مؤكداً أن طهران "تعلمت الدرس" من الانسحاب الأمريكي السابق وستتخذ خطوات مدروسة ومبنية على المصالح طويلة الأمد.


شفق نيوز
منذ 3 ساعات
- شفق نيوز
عشية الجولة الخامسة.. عراقچي يدرس موقف طهران وويتكوف مستعد للمفاوضات
شفق نيوز/ أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقچي، مساء الخميس، أن بلاده تدرس حالياً موقفها بشأن المشاركة في الجولة المقبلة من المفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية في روما بشأن البرنامج النووي الإيراني. وأكد عراقجي أن موقف إيران واضح تماماً، مشدداً على أن البلاد ستواصل تخصيب اليورانيوم سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا، بحسب وكالة "إيسنا". وأضاف: "نحن واثقون بالطبيعة السلمية للبرنامج النووي، وبالتالي لا مشكلة لطهران من حيث المبدأ في مزيد من عمليات التفتيش والشفافية"، مشيراً إلى أن "بلاده ستتصدى للمطالب المبالغ فيها خلال المفاوضات". وذكر مصدر مطلع، بوقت سابق من اليوم، أن المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف سيتوجه إلى روما الجمعة لعقد جولة جديدة من المحادثات مع وفد بشأن برنامج طهران النووي.