
مادلين تختطف ، والعالم يختنق بصمته! بقلم: سوما حسن عبدالقادر
مادلين تختطف… والعالم يختنق بصمته! بقلم: سوما حسن عبدالقادر
في ساعات الفجر الأولى من يوم الإثنين 9 يونيو 2025، أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على اقتحام السفينة الإنسانية (مادلين)، التي كانت تحاول كسر الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 18 شهرا . لم تكن السفينة تحمل سلاحا، ولا جيوشا، بل كانت تحمل إنسانية خاما، وقلوبا لم تخدرها الحسابات السياسية ولا صمت المصالح.
على متن (مادلين) كان نشطاء من مختلف الجنسيات، نساء ورجال، مناضلون، أطباء، فنانون، وحتى نشطاء بيئيون، اجتمعوا على قناعة واحدة: أن الكرامة لا تجزأ، وأن الحصار جريمة، والصمت عليها خيانة.
لكن بينما كانت (مادلين) تبحر في المياه الدولية، باغتتها قوة بحرية إسرائيلية مسلحة، وصعد الجنود إلى سطح السفينة، وصادروا حريتها وأسروا من عليها. وبدل أن يدين العالم هذا القرصنة، اختار العالم الصمت المهين.
صمت ليس بريئا
لا شيء أكثر قسوة من الصمت حين يصبح حليفا للجلاد. لم نسمع بيانا غاضبا من جامعة الدول العربية، ولا مؤتمرات صحفية طارئة من العواصم الأوروبية التي لا تتردد في رفع شعارات (حقوق الإنسان) عندما تتوافق مع مصالحها. أين فرنسا؟ أين ألمانيا؟ أين دول الشمال التي طالما تغنت بالمبادئ؟
بل أين العرب؟
أين من يعتبرون أنفسهم (قادة الرأي)، (حماة القدس)، و(حراس القضية)؟ أين حكومات تملك من النفط ما يكفي لشراء صمت الغرب، لكنها لا تملك من الكرامة ما يكفي لكسر الصمت نفسه؟
تلجيم مزدوج: قمع داخلي وتواطؤ خارجي
العار لا يقتصر على العجز، بل في التواطؤ. الإعلام العربي الرسمي بالكاد ذكر ما حدث، وكأن (مادلين) كانت مجرد سفينة نزهة تعطلت في عرض البحر، لا ناقلة حرة سلبت بالقوة. أما الإعلام الغربي، فابتلع لسانه، أو تلا بيانات إسرائيلية جاهزة تتحدث عن (أمن الدولة) و(منع التهريب)، وكأن الغذاء والأدوية باتت تهديدات وجودية لدولة تملك أقوى جيش في الشرق الأوسط.
غزة ليست وحدها، ولكنها تركت وحيدة
(مادلين) كانت محاولة بسيطة لإنعاش ضمير العالم، لكنها تحولت إلى مرآة مرعبة تظهر كيف صار هذا الضمير ميتا، أو على الأقل مكمما.
وإذا كانت غزة لا تزال تصمد، فليس لأن العالم يساعدها، بل رغم أنه تخلى عنها.
إن اختطاف (مادلين) ليس مجرد حادث بحري، بل هو فضيحة أخلاقية للعالم أجمع. وعار سيلاحق كل من لاذ بالصمت، أو غطى الجريمة بالتحليل السياسي أو الدبلوماسي.
قد تحتجز (مادلين)، لكن الرسالة التي حملتها ستصل، لأن الحرية لا تغرق، والكرامة لا تصادر بالسلاح.
سمى حسن عبدالقادر ( Soma Hassan ) ( سوما ) – Soma Hassan

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فلسطين اليوم
منذ 19 ساعات
- فلسطين اليوم
محكمة إسرائيلية تبقي على احتجاز 8 من نشطاء السفينة "مادلين" إلى حين ترحيلهم
صادقت محكمة الإسرائيلية صادقت على إبقاء احتجاز ثمانية نشطاء، كانوا على متن سفينة مادلين التي كانت في طريقها من إيطاليا إلى غزة، لكسر الحصار، إلى حين ترحيلهم، علماً أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي كانت قد قامت قبل ذلك بترحيل أربعة من بين النشطاء الـ12 الذين كانوا على متن السفينة. وقالت المحامية هديل أبو صالح من مركز عدالة الذي يمثّل سبعة من بين النشطاء إنه لا توجد فترة محددة للاعتقال في القرار، وأن ذلك منوط بأمور من بينها، استكمال دائرة الهجرة الإسرائيلية إجراءاتها وتوفير تذاكر طيران مباشر إلى بلدان كل واحد من النشطاء. وأشارت أبوصالح إلى موقف المعتقلين، بأنهم يعتبرون أنه جرى اختطافهم من قبل القوات الإسرائيلية، كما أن موقف من يمثلهم مركز عدالة، السماح لهم بالعودة إلى السفينة ومتابعة طريقهم إلى قطاع غزة، وإلا فإنهم يفضلون البقاء رهن الاعتقال على ترحيلهم. ولفتت إلى أنه بعد 96 ساعة من لحظة اقتيادهم لميناء أسدود واعتقالهم، والتي تنتهي مساء غد، سيكون بالإمكان ترحيل النشطاء حتى بدون موافقتهم. كما ذكرت أن من بين الناشطين من شرع في إضراب عن الطعام .


معا الاخبارية
منذ يوم واحد
- معا الاخبارية
مسيرات كسر الحصار العالمية إلى غزة، من الفعل الرمزي إلى بناء التضامن الأممي .
وسط دوي القصف على غزة ، وفي زمن تتقاطع فيه المحرقة والإبادة بالصمت الدولي ، تشكلت مبادرة "المسيرة الدولية إلى غزة" و "أسطول الحرية" و "قافلة الصمود" وغيرها ومنها سفينة مادلين ، كفعل رمزي وإنساني وسياسي يحمل رسالة مفادها أن فلسطين وغزة منها ليست وحدها . مبادرة ولدت من رحم المجازر ، واستجابت لرفض تواطؤ النظام الدولي ، فتحركت من قاع الغضب الشعبي بشوارع العالم لتعلن أن الكرامة لا تقبل الحصار والتجويع ، وأن الشعوب يمكن أن تكون البديل حين تفشل الحكومات وتُصادر العدالة . -- فكرة المبادرة وأبعادها . انبثقت فكرة المسيرة من أوروبا ، من أصوات الشارع المتضامن مع فلسطين، ومن لجان وحركات شعبية تقدمية ترفض الإبادة الجماعية والتطوير العرقي التي تنفذها إسرائيل في غزة والضفة الغربية بما فيها القدس . كان الهدف المباشر هو كسر العزلة الخانقة المفروضة على قطاع غزة من خلال تحرّك جماهيري سلمي يصل الى نقطة رفح وينطلق منها الى غزة . لكن جوهر الفكرة كان أعمق وهو يتلخص في إعادة الاعتبار للبعد الإنساني والحقوقي لقضيتنا الوطنية الفلسطينية التحررية ، وفضح الصمت الدولي كشكل من أشكال التواطؤ . وسرعان ما تحولت الفكرة إلى مسيرة أممية مستمرة بكل ما تعنيه الكلمة ، سيشارك فيها آلاف المتطوعين من مختلف الجنسيات الأوروبية ، بحيث تكون المسيرة واحدة من أوسع حركات التضامن الشعبي العالمي مع غزة منذ عقود ، ليس فقط من حيث العدد ، بل من حيث المعنى السياسي والرمزي لما تحمله ، الى جانب مسيرة قافلة الصمود المنطلقة من المغرب وتونس والجزائر عبر مصر . -- رمزية الفعل في سياق العزلة والمجزرة . في لحظة يحاول فيها الأحتلال عزل غزة جغرافيا وسياسيا ونفسيا ، تأتي هذه المسيرة لتكسر الصمت وتعيد تموضع القضية الفلسطينية في الوعي العالمي . إن كسر الحصار لم يعد هدفا إنسانيا فحسب ، بل بات فعلا سياسيا مقاوما ، يتحدى أنظمة التواطؤ الإقليمي والدولي ، وينقل مركز الفعل من غرف الصفقات إلى شوارع الشعوب وضمائرها. بهذا المعنى ، فإن المسيرة ليست مجرد دعم إنساني ، بل تعبير عن إرادة أممية في مواجهة الإستعمار والعقاب الجماعي ومناهضة الانسانية ، ورفض للتطبيع الأخلاقي مع القتل والتهجير . إنها إحياء لفكرة التضامن الأممي الذي لطالما شكل سندا لحركات التحرر في جنوب إفريقيا وأمريكا اللاتينية ، واليوم من أجلنا نحن في فلسطين . -- من سفينة "مادلين" إلى تأسيس الفعل التضامني المستدام . لقد جسّدت سفينة "مادلين" الصغيرة في حجمها ، العظيمة برسالتها صورة حية لهذا التضامن الأممي . لم يكن متوقعا أن تسمح إسرائيل بوصول السفينة إلى شواطئ غزة ، لكنها وصلت معنويا إلى العالم بأسره ، ونجحت في إحراج "الواحة الديمقراطية" المزعومة ، التي لا تقوى على مواجهة مجموعة من النشطاء المتطوعين دون استخدام القوة البحرية والجوية والكوماندوز المتهم بجرائم حرب خاصة بالمياه الدولية . لقد اعتُقلت السفينة ومن عليها من المتضامنين ، لكنها أنجزت مهمتها . ومن على متنها ، خرج مئات السفراء الجدد لفلسطين من شعوب العالم ، ليكشفوا أمام الرأي العام الدولي حجم الوحشية والإنحطاط الأخلاقي لدولة الأحتلال . وهي لن تكون الأخيرة ، فقد بدأت موجات أخرى من الاستعداد لإرسال مزيد من السفن والمتضامنين من موانئ البحر الأبيض المتوسط إلى ميناء غزة المدمر والى معبر رفح لكسر الحصار وتوسيع دوائر الفضح والمساءلة . تصريح الخبيرة الأممية فرانشيسكا ألبانيزي بأن "كسر حصار غزة التزام قانوني على الدول ، وضابط أخلاقي على الشعوب" ، يضيف بُعدا حقوقيا حاسما ، ويؤكد مسؤولية العالم ، لا فقط في التضامن ، بل في التحرك القانوني والفعلي ضد الاحتلال الاستيطاني ، الذي يجب إنهاؤه لا فقط التخفيف من آثاره. -- الرأي الأستشاري لمحكمة العدل الدولية ، دعم قانوني لحراك الشعوب . في هذا السياق ، لا بد من التذكير بأن محكمة العدل الدولية أصدرت قبل نحو شهر رأيا استشارياً واضحا يطالب بإنهاء الأحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بجدول زمني واضح باعتباره انتهاكا صارخا للقانون الدولي ولحق الشعوب في تقرير مصيرها . ويمثل هذا الرأي إنجازا قانونيا وسياسيا وأخلاقيا للشعب الفلسطيني ، يجب البناء عليه فلسطينيا كمرتكز نضالي في مشروع التحرر الوطني ، واعتماده كمرجعية قانونية لمواصلة المواجهة مع الإستعمار الأستيطاني والفكر الصهيوني العنصري الأحلالي ، الذي يحاول نزع الطابع التحرري عن القضية الفلسطينية وتحويلها إلى مجرد أزمة إنسانية أو "نزاع طويل" بل وإلى سعيه إلى إنهاء الوجود الفلسطيني . لكن ، في المقابل لا يمكن التعويل على بعض المبادرات السياسية التي تطرحها دول أوروبية بعينها ، خاصة تلك التي تحاول عبرها إنقاذ نفسها من الإدانة الأخلاقية والشعبية المتصاعدة بسبب تواطئها أو صمتها حيال الإبادة في غزة والضفة . هذه المبادرات لا تنطلق من نية صادقة لتكريس الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني ، بل تسعى في كثير من الأحيان إلى الالتفاف على جوهر القضية الوطنية ، وإفراغها من بعدها التحرري ، وتحويلها إلى مسارات تفاوضية عقيمة تعيد إنتاج التبعية ، وتمنح الأحتلال شرعية مموهة . لذلك ، فإن مسؤوليتنا الوطنية تستدعي الوضوح التام ، لا بد من تثبيت الرأي الأستشاري كمرجعية ملزمة أخلاقيا وقانونيا ، والعمل على تحويله إلى أداة ضغط شعبي ورسمي على المستوى الدولي ، مع تعرية محاولات الألتفاف عليه ، ورفض أي مبادرة لا تنطلق من الاعتراف الكامل بحقوقنا الوطنية والتاريخية ، وخصوصا حل قضية اللاحئين وفق القرار الأممي ١٩٤ وحق تقرير المصير . كما إن هذا الرأي الأستشاري يشكل مرجعية قانونية وأخلاقية لحركات التضامن الدولية ، ويمنحها شرعية مضاعفة لتحويل الضغط الشعبي إلى مطلب قانوني أممي واضح ، إنهاء المجازر والمحارق والأحتلال فوراً وأولاً ، وليس فقط "إدارته" أو تحسين صورته . -- نحو فعل فلسطيني تضامني متجذر ومتبادل . ان فلسطين اليوم ليست فقط ضحية لأحتلال عسكري بل لمشروع أستعماري أستيطاني إحلالي ، ونموذج كاشف لكل منظومات الاضطهاد العالمي والعنصرية مختلفة الاشكال ، وما التضامن مع فلسطين إلا تعبير عن وحدة مصير الإنسانية في وجه الظلم وفكر الإستعمار الغربي الحديث ، تماما كما أن دفاعنا عن قضايا أمريكا اللاتينية وإفريقيا والجنوب العالمي واللاجئين هو جزء لا يتجزأ من نضالنا الوطني الفلسطيني . -- فلسطين في قلب حركة الشعوب . لن تنجح إسرائيل في خنق صوت فلسطين وغزة على وجه الخصوص ، لا بالقصف ولا بالحصار او القتل والتجويع والتهجير . فالصوت الذي خرج من موانئ المتوسط ، ومن شوارع مدريد وباريس ولندن وبرلين وحتى نيويورك ، ومن مرافئ إيطاليا واليونان ، هو بداية لحركة شعوب لن تتوقف . وهي ليست فقط من أجل غزة ، بل من أجل عالم أكثر عدلاً ، أكثر إنسانية وأكثر مساواة واكثر كرامة إنسانية . إن تحويل التضامن مع فلسطين إلى مشروع أممي تحرري طويل النفس هو مسؤولية وطنية وضرورة استراتيجية ، تضعنا جميعا فلسطينيين وأحرار العالم في خندقٍ واحد ، ضد الإستعمار والغطرسة والأحتلال والعنصرية وضد الصمت ، ومن أجل الحرية والكرامة الإنسانية .


معا الاخبارية
منذ يوم واحد
- معا الاخبارية
سفينة مادلين: حين يخاطر الأحرار بحياتهم... ويكتفي العرب بالتفرج
لم تكن سفينة "مادلين" المتجهة إلى غزة مجرد قارب صغير يشق أمواج البحر، بل كانت صرخة في وجه الصمت العالمي، ورسالة بحجم المأساة الفلسطينية، وراية للحرية ترفرف من قلب البحر المتوسط إلى ضمير البشرية، تلك السفينة لم تحمل سلاحًا ولا جيوشًا، بل حملت عزيمة أحرارٍ من مختلف دول العالم، جاءوا بأجسادهم العزلاء ليقفوا في وجه أعتى منظومة احتلال، ويقولوا للعالم: غزة ليست وحدها . ركب هؤلاء المتطوعون، رجالاً ونساء، بحرًا تدرك كل موجة فيه معنى أن تعترضك البحرية الإسرائيلية، وأن يُسحب القارب بالقوة، وأن تُزج في السجون أو يُعتدى عليك. ومع ذلك أبحروا. لم يكونوا فلسطينيين، ولم يكونوا عربًا، بل أجانب لا يربطهم بغزة سوى شعور إنساني خالص بالعدالة والحرية والرفض القاطع للحصار والقتل الجماعي. خاطروا بحياتهم لا لأجل وطنهم، بل لأجل شرف البشرية الذي يُداس كل يوم على حدود القطاع . وفي المقابل، كان المشهد في الضفة الأخرى من البحر مُخزيًا. عربٌ يملكون الأساطيل والموانئ، والطائرات والمطارات، والفضائيات والمنابر، لكنهم اكتفوا بالتفرج. صمتوا، وربما تمنوا في قرارة أنفسهم أن لا تصل السفينة، كي لا تُحرج أنظمتهم وتكشف عجزهم. بعضهم برر، وبعضهم تجاهل، وبعضهم أغمض عينيه وكأن غزة بلد غريب لا يعنيه . هنا تكمن المفارقة المؤلمة: من يتكلم باسم العروبة يُصادر، ومن يتكلم باسم الإنسانية يُبحر. لقد أصبحت قضية فلسطين، في زمن الانحطاط العربي، عبئًا على بعض الأنظمة التي تلهث للتطبيع، بينما تحولت إلى بوصلة للكرامة عند الشعوب الحرة خارج هذه المنطقة، ولهذا أبحرت "مادلين" لا لكي تكسر الحصار فقط، بل لكي تكسر الجدار الصامت الذي بناه العرب حول غزة. لقد كانت مهمة السفينة ناجحة بكل المقاييس، ليس لأنها وصلت، بل لأنها أوصلت، أوصلت صوت غزة إلى كل بيت، وفضحت وحشية الاحتلال وجبنه في مواجهة ناشطين عزّل، وعرّت نفاق العالم، وأعادت إحياء المأساة في ضمير الإنسانية. لكن في قلب هذا الإنجاز، يظل السؤال الموجع حاضرًا: لماذا لم تبحر هذه السفينة من بلد عربي ؟ ربما لأن قلوبهم غرقت في بحر التطبيع، أو لأن أنظمتهم منعتهم من أن يبحروا، أو لأنهم اعتادوا على مشهد المذبحة حتى فقدوا الإحساس بالدماء . "مادلين" ليست نهاية الرحلة، بل بدايتها. هي دعوة لكل أحرار هذا العالم كي يركبوا قواربهم ويكسروا الحصار، ودعوة لكل صامتٍ كي يسمع صوت غزة ولو من أعماق البحر.