
براك: لا مكان للرمادية في ملف سلاح 'الحزب'
يبدأ الموفدُ الأميركي توماس براك اليوم في بيروت، محادثاتٍ مع كبار المسؤولين يتسلّم خلالها الردَّ اللبناني على النسخةِ المُحَدَّثةِ من مقترَحه حيال سَحْبِ سلاح «حزب الله» والتي تتمحور حول وجوب التزام الحكومة بجدولٍ زمني واضح لتحقيق هذا الهدف يُقرّ في مجلس الوزراء وبموافقةٍ معلَنة من الحزب.
وفي الوقت الذي وصل براك إلى لبنان على أن يستهلّ لقاءاته الرسمية مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي يتوجّه الثلاثاء إلى البحرين، فإن المؤشراتِ حيال الزيارة الثالثة التي يقوم بها الموفد الأميركي لبيروت منذ تكليفه المَهمة التي كانت تضطلع بها مورغان أورتاغوس تتقاطع عند أنها ستكون أقرب إلى وَضْعِ «بلاد الأرز» أمام «أبيض أو أسود» في ما خصّ نقْل ملف سحب سلاح «حزب الله» إلى المرحلة التنفيذية.
وبحسب أوساط سياسية، فإن واشنطن التي أوفدت براك إلى بيروت في توقيت بالغ الأهمية، أرادتْ توجيه رسالة في الشكل سترفقها بأخرى في المضمون:
– ففي الشكل تكتسب الزيارة «حُكْمياً» طابع «العجلة» في ضوء طبيعة مهماته كموفد «بقبّعتين»، الأولى «أصلية» يحاول من خلالها، منذ شهرين، اجتراحَ «حلّ سحري» للواقع في سورية الذي انزلق إلى المحظور من خلال أحداث السويداء، والثانية باتت «مُلحَقة» بفعل عوامل عدة ويسعى عبرها إلى تحذير اللبنانيين من أن «السحرَ قد ينقلب على الساحر» بحال مَضوا في لعبة كسْب الوقت عبر توزيع أدوار أو تظهير الدولة كـ «كيانٍ» يكتفي بإصدار قرارات تبقى حبراً على ورق بحجة العجز أو الخوف من حرب أهلية.
– وهنا يأتي المضمون المرتقب لمحطة براك، حيث ترجّح الأوساط أن الموفد سيتسلّم الردّ اللبناني على الورقة التي حدّثها – من دون تغييرات جوهرية – بناءَ على الردّ الذي كان تلقاه من بيروت على مقترحه بصيغته الأولى، ولكنه لن يقبل بأي صياغاتٍ من النوع الذي جرى الحديث عنه لجهة عدم وجود تعهد بوضع جدول زمني واضح ونهائي يلتزم بمهلة الأربعة أشهر التي يريدها الموفد الأميركي ليكون سلاح «حزب الله» قد سُحب بالكامل من جنوب الليطاني أو شماله.
كما تشير الأوساط نفسها إلى أن براك لن يسير بأي سيناريوهاتٍ مثل أن يعمد لبنان الرسمي إلى تقديم تعهُّد «باسم الدولة» عبر مجلس الوزراء في ما خصّ السلاح يكون على طريقة «تعبئة استمارة» استجابةٍ ورقياً والتمايُز عن موقف «حزب الله» الذي يَرفض انطلاقَ البحث في سلاحه قبل الانسحاب الإسرائيلي من التلال الخمس وإطلاق الأسرى ووقف الاعتداءات وإقلاع مسار الإعمار، مع قرن هذا البحث بحوار حول إستراتيجية دفاعية.
وفي رأي الأوساط أن براك، وبطلبه إقراراً علنياً من «حزب الله» بقبوله بتسليم سلاحه، وفق ما يُفترض أن يعلنه لبنان الرسمي، إنما يسعى إلى قطع الطريق على أي محاولةٍ من بيروت لـ «غسل اليدين» ما يتعيّن عليها أن تَضطلع به كسلطة كاملة المواصفات وللنأي عن موقف «حزب الله» ورفْضه، وتالياً اختصارَ الوقت وإعلاء شعار «لا مكان للرمادية» التي تُخْفي وراءها دولة وكأنها في «عالَم موازٍ» بإزاء «الدويلة».
كما رأت الأوساط أن براك وبطلب «إشهار» الحزب التسليم بسحب السلاح يتَحَسَّب أيضاً لأي مناوراتٍ من نوعِ جعْل قرارٍ داخل مجلس الوزراء يحدّد إطاراً زَمَنياً لبسط سلطة الدولة بقواها الشرعية حصراً على أراضيها وحصر السلاح بيدها، بمثابة الخطوة الأولى (من لبنان) التي يُفترض أن تطلق مسار «الخطوة مقابل خطوة» وما ترتّبه على إسرائيل من انسحابات مُمَرْحلة متزامنة وموازية مقابل كل إخلاء لرقعة جغرافية واسعة من السلاح الثقيل خصوصاً، باعتبار أن عدم سير الحزب بهذه الآلية وفق ما تعبّر عنه مواقفه ستجعل مَهمته «لزوم ما لا يلزم»، هي التي بات واضحاً أنها محكومة بمعادلة «إما تسحب الحكومة السلاح وإما تتولى إسرائيل الأمر بيدها».
وفي موازاة المعلومات عن أن الردّ اللبناني الذي سيتسلّمه براك يطلب ضماناتٍ من الولايات المتحدة بأن تلتزم إسرائيل الانسحاب ووقف الاعتداءات والاغتيالات وإطلاق الأسرى، إلى جانب تطرقه إلى ضرورة إطلاق مسار الإعمار ومرتكزات السياسات المالية والاقتصادية والإصلاحية، والاستعداد لترسيم الحدود مع سوريا، فإنّ تطورين كبيرين باتا، وفق الأوساط عيْنها يثقلان ملف السلاح وهما:
– أحداث السويداء والتي أضافها «حزب الله» إلى سرديّاته المتعلّقة بحيثيات الحاجة إلى سلاحه، وفق كلام أمينه العام الشيخ نعيم قاسم الجمعة، وهو ما يترافق مع تقارير، غالباً ما يَنفيها الجيش اللبناني، عن تحشيدات عسكرية من مجموعات سوريّة على الحدود الشرقية مع لبنان.
– الهجمات الإسرائيلية على إيران والتي طوت صفحة أجواء كانت تحدثت قبلها عن مرونة من «حزب الله» لجهة تسليم صواريخه الإستراتيجية ومسيّراته والتحول «مقاومة محلية»، قبل أن تستجرّ «حرب الأيام الـ 12» بين تل أبيب وطهران تظهيراً لحاجة «الجمهورية الإسلامية» إلى كل أذرعها، وبما لديها من قوة حالياً أياً تكن، في إطار إستراتيجية «حماية الرأس» لمحور الممانعة، وحتى إشعار آخر.
وعلى وقع هذه المناخات، بقي الاهتمام منصبّاً على «تصفيح» الواقع اللبناني بإزاء ارتدادات أحداث السويداء وسط ملامح احتواء «الصدمة الأولى» التي شكّلتْها توترات نقالة اتّخذت طابعاً مذهبياً في أكثر من منطقة لبنانية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


لبنان اليوم
منذ 11 دقائق
- لبنان اليوم
الورقة الأميركية تضغط… والمهلة تضيق: برّاك يتوعّد و'حزب الله' يحصّن سلاحه
ذكرت جريدة 'الأنباء' الإلكترونية أن الأيام المقبلة في لبنان ستكون محمّلة بالحراك السياسي، بين ترقّب الرد الأميركي على الموقف اللبناني من الورقة التي حملها المبعوث الأميركي توم برّاك، وبين متابعة المسار الإصلاحي عبر الجلسة التشريعية المنتظرة لمناقشة قانون المصارف. مصادر مطلعة أشارت إلى أن برّاك، الذي قد يرسل رده عبر السفارة الأميركية في عوكر، لا يزال يمارس ضغوطًا متزايدة عبر مواقف تحمل تلميحات توحي بأن مهلة التفاوض لن تطول. في المقابل، يتمسّك الجانب اللبناني بتنفيذ بنود الاتفاق القائم، في وقت تواصل فيه إسرائيل خرق القرار 1701 واحتلالها خمس نقاط حدودية جنوبية لم تنسحب منها حتى الساعة. وفي اتصال مع 'الأنباء'، أكدت مصادر سياسية مطلعة أن غياب الثقة بين 'حزب الله' والمبعوث الأميركي لا يزال سيد الموقف، مشيرة إلى أن الرد اللبناني الذي نقله برّاك من رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري لم يُعتبر كافياً من وجهة نظر واشنطن. وبحسب المصادر، فإن عون وبري طالبا برّاك بضرورة الضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب كخطوة أولى، يليها بحث قضية سلاح 'حزب الله' من خلال تشكيل لجان مشتركة مع الجيش اللبناني لتحديد نوعية السلاح الذي يمكن وضعه في عهدة الجيش كمرحلة أولى، ثم الانتقال إلى مناقشة استراتيجية دفاعية أشمل. لكن هذا الطرح لا يلقى قبولاً لدى الحزب، الذي يعتبر أن تسليم السلاح من دون ضمان دور مستقبلي له هو بمثابة 'هزيمة سياسية وعسكرية'، قد تضعف موقعه في المعادلة اللبنانية والإقليمية. وبحسب المصادر، فإن الحزب يرى في هذا السيناريو تهديدًا وجوديًا أخطر من أي مواجهة مباشرة مع إسرائيل. وفي هذا السياق، يدرك برّاك حجم التعقيدات، لكنه يصطدم بإصرار إدارته على المضي في ملف نزع السلاح من دون تنازلات، خشية أن تعود إيران لتدعيم 'حزب الله' بالسلاح، كما تفعل مع الحوثيين، ما قد يشعل حربًا جديدة في لبنان يصعب التكهن بنتائجها. ورغم تعقيدات مهمته، لا يُستبعد أن يعاود برّاك زياراته إلى بيروت، خاصة أن وقته لم ينفد بعد، طالما أن إسرائيل لا تزال منشغلة بجبهة غزة. لكن المصادر لم تستبعد أن تغير تل أبيب سلوكها في حال التوصل إلى هدنة مع 'حماس'، محذّرة من احتمال أن تعود إلى لبنان بعمليات نوعية كما فعلت في عملية 'البيجر' التي أدت إلى اغتيال الأمين العام السابق لـ'حزب الله' السيد حسن نصرالله، في أيلول الماضي. وختمت المصادر بالإشارة إلى أن 'إسرائيل لا تملك أي رادع يمنعها من تكرار السيناريوهات الدموية'، ما يجعل المرحلة المقبلة شديدة الحساسية على الساحة اللبنانية.


الديار
منذ 11 دقائق
- الديار
تصعيد إضافي في الفترة القليلة المقبلة
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب كان لافتا يوم أمس، خروج براك ليؤكد ان «مصداقية الحكومة اللبنانية تستند على قدرتها على التوفيق بين المبادئ والتطبيق. وكما أكد قادتها مرارا وتكرارا، من الضروري أن «تحتكر الدولة السلاح»، معتبرا انه «ما دام حزب الله يحتفظ بالسلاح، فلن تكفي الكلمات»، مضيفا:»على الحكومة وحزب الله الالتزام التام والتحرك فورا، لتجنب بقاء الشعب اللبناني في حالة من الركود». ووضعت مصادر سياسية واسعة الاطلاع موقف براك «اللافت بالشكل والتوقيت والمضمون، في اطار الضغوط المتواصلة على حزب الله ولبنان الرسمي على حد سواء»، معتبرة في حديث لـ"الديار" ان «الاميركي كما «الاسرائيلي» غير سعيد على الاطلاق من موقف لبنان الموحد، في التعامل مع هذه الضغوط والتهديدات، وبالتالي من غير المستبعد ان نشهد في الفترة القليلة المقبلة تصعيدا اضافيا يتخذ اشكالا شتى، ولا ينحصر بحزب الله وبيئته». لقراءة المقال كاملاً إضغط على الرابط الآتي:


الديار
منذ 11 دقائق
- الديار
مجدّدا.. ماذا أبلغت "تل أبيب" برّاك؟
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أفادت المعلومات بان «تل ابيب» ابلغت مجددا براك، الذي وضعها بجو الجواب اللبناني على الورقة الاميركية، انها غير مستعدة على الاطلاق لتقديم اي ضمانات، ولا القيام بأي خطوة اولى لاقناع حزب الله بتسليم سلاحه، لاعتبارها ان موازين القوى الحالية تسمح لها بفرض شروطها، دون اي تنازلات تذكر من قبلها. لقراءة المقال كاملاً إضغط على الرابط الآتي: