
ثلاثية 'ترمب والمارشال وبلوشستان'.. وبالٌ على الهند.. وازدهارٌ على الصين
لم يكن من قبيل الصدفة التزامن بين إدراج واشنطن 'جيش تحرير بلوشستان' كمنظمة إرهابية، وزيارة قائد الجيش الباكستاني المارشال عاصم منير إلى واشنطن كونها تعد وفق ما أكده المراقبون، خطوة أمريكية متقدمة محسوبة بعناية تخدم مصالح أمنية وعسكرية متبادلة، وتعكس استمرار التقارب الأمريكي الباكستاني الاستراتيجي على حساب العلاقات مع الهند التي دخلت في غياهب جبّ السياسة.
واستفادت إسلام آباد بذكاء من تدهور علاقات واشنطن مع نيودلهي مؤخرًا لتثبيت شراكتها الأمنية والعسكرية والتجارية مع واشنطن، التي قامت باستدارة كاملة وعززت تحالفها مع باكستان كشريك إقليمي تعمل على تعزيز استقراره، ويمكن من خلاله المساعدة في مراقبة حدود أفغانستان، ومواجهة النفوذ الصيني والروسي في المنطقة شائكة.
تماهي أمريكي باكستاني
ويرى المراقبون أن إدراج 'جيش تحرير بلوشستان'، كمنظمة إرهابية في هذا التوقيت الذي تمر به العلاقات مع الهند بكثير من التقهقر، يأتي كإشارة أمريكية سياسية وأمنية ذات طابع مزدوج تشير إلى مكافأة وإرضاء باكستان عبر دعم موقفها الأمني والعسكري ضد الجماعات الانفصالية الارهابية فضلاً عن تأكيد على التزام واشنطن بمحاربة الإرهاب في سياق يعزز علاقاتها مع شركائها التقليديين مقابل اضعاف الهند.
ومن الأهمية الإشارة إلى الحراك الأمريكي في جنوب آسيا يعزز تموضعها الجيوسياسي، مع تعضيد قوة مارشال الجيش الباكستاني، وتمكين قائده عاصم منير، لرسم مسارات العلاقة الاستراتيجية مع واشنطن من منظور أمني واقتصادي أوسع بعيدًا عن الحكومة في إسلام آباد والتي من المؤكد أنها ترمي بثقلها وراء المارشال عاصم الذي استلم ملف العلاقة الأمريكية الباكستانية الاستراتيجية الأمنية والعسكرية والاقتصادية بامتياز.
التصنيف تقدير للشراكة مع اسلام اباد
ويشير التصنيف الأمريكي إلى تحول كبير في سياسة إدارة ترمب تجاه جنوب آسيا، ويبرز الدور المتنامي للدبلوماسية العسكرية والأمنية، ويعزز التعاون الثنائي في مجال مكافحة الإرهاب، ويظهر أن واشنطن تشارك باكستان مخاوفها الأمنية بشأن الحركات البلوشية الإرهابية، وهذا التغيير يعكس تقدير الولايات المتحدة لأهمية الاستقرار في باكستان، وخصوصًا في إقليم بلوشستان الغني بالنفط والغاز.
ورحّبت باكستان بحرارة بالغة بقرار الولايات المتحدة تصنيف جماعة 'جيش تحرير بلوشستان' والاسم المستعار لها 'لواء مجيد' كمنظمة إرهابية أجنبية، مؤكدة أن باكستان حظرت 'جيش تحرير بلوشستان' ككيان إرهابي منذ 18 يوليو 2024 مجدّدة أن باكستان ظلت حصنًا منيعًا ضد الإرهاب، وقدمت تضحيات ونجاحات حاسمة في مكافحة الإرهاب، ليس فقط للبلاد، بل أيضًا للاستقرار الإقليمي والأمن العالمي.
وزارة الخارجية الأمريكية، لم تنسَ في بيانها الإشارة إلى أن واشنطن كانت صنّفت عام 2019 جناح 'لواء مجيد' التابع للمسلحين البلوش الانفصاليين 'منظمة إرهابية عالمية'. ويشهد إقليم بلوشستان منذ زمن طويل تطرفًا وتمردًا قادته الحركة الإرهابية.
وضمت باكستان مقاطعة بلوشستان في عام 1948، بعد 6 أشهر من استقلالها عن الهند أغسطس 1947، وشهدت العديد من الحركات الانفصالية منذ ذلك الحين.
وتعد بلوشستان موطنًا لحوالي 15 مليونًا من سكان باكستان المقدر عددهم بـ240 مليون نسمة، وفقًا لتعداد عام 2023، وهي غنية بالموارد الطبيعية مثل الفحم، والذهب، والنحاس، والغاز.
الحفاظ على المصالح الاقتصادية الباكستانية
وتولّد هذه الموارد إيرادات كبيرة للحكومة الفدرالية. وتضم المقاطعة أحد موانئ باكستان الرئيسية في أعماق البحار في غوادر؛ الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني والذي يعد ممرًا اقتصاديًا في إطار البرنامج الصيني الحزام والطريق، ومهم للممر الاقتصادي الصيني الباكستاني الذي تبلغ تكلفته 62 مليار دولار، والذي يهدف إلى ربط جنوب غرب الصين ببحر العرب عبر باكستان.
وتبنى 'جيش تحرير بلوشستان' الإرهابي المسؤولية عن عدة هجمات داخل باكستان، من بينها عملية في مارس الماضي استهدفت قطارًا متجهًا من مدينة كويته إلى بيشاور، وأسفرت عن مقتل عشرات الركاب والجنود الباكستانيين.
التضييق على حركة بلوشستان
وبموجب التصنيف الأمريكي الجديد، تُعد أي مساعدة للجماعة داخل الولايات المتحدة جريمة يعاقب عليها القانون، بينما كان التصنيف السابق يقتصر على استهداف مصادرها المالية.
وطوّر جيش بلوشستان الإرهابي قيادته وجغرافيته التشغيلية واستراتيجياته بمرور الوقت. وفي عام 2010، أطلقت المجموعة فرقتها الانتحارية – لواء مجيد-، الذي ظل خامدًا لبضع سنوات، ثم برز في عام 2018 عندما تم استهداف المهندسين الصينيين العاملين في بلوشستان بمدينة دالباندين.
وهاجمت المنظمة الإرهابية القنصلية الصينية في كراتشي في نوفمبر 2018. واكتسب لواء المجيد التابع لجيش بلوشستان الإرهابي اهتمامًا متزايدًا؛ ويعتمد في تمويله على تدفق إيرادات متعددة، بما في ذلك الأنشطة غير المشروعة مثل الابتزاز والاختطاف وتهريب المخدرات.
مصالح الصين تزدهر في بلوشستان
وتتهم الحكومة الباكستانية أن الهند تمول جيش بلوشستان وتنفي الهند ذلك جملة وتفصيلاً.. بينما تفيد بعض المصادر أن معظم قيادة جيش بلوشستان تعمل من إيران وأفغانستان إلا أنه لا يوجد تأكيدات مستقلة حول ذلك.
وجرى تشكيل «جيش تحرير بلوشستان» كتنظيم سياسي عام 2000، لكنه بدأ في الانخراط بنشاط في ممارسة الإرهاب بعد مقتل الزعيم القبلي للبلوش سردار أكبر بهجتي على يد قوات شبه عسكرية عندما كان الجنرال الراحل برويز مشرف رئيسًا لباكستان.. وبدأ «جيش تحرير بلوشستان»، الإرهابي صراعًا مع باكستان من أجل فصل بلوشستان إلا أن إسلام آباد سرعان ما أعلنت «جيش تحرير بلوشستان» منظمة إرهابية في السابع من أبريل 2006 بعد عدة هجمات ضد قوات الأمن الباكستانية.
وتعمل الحركة الإرهابية من أجل استقلال بلوشستان وهي أقوى الجماعات المتطرفة التي تنشط منذ فترة طويلة في المنطقة الحدودية بين أفغانستان وإيران. وتزامن تصنيف الحركة وجناحها القتالي 'لواء مجيد' -المسؤول عن شن هجمات دموية في إقليم بلوشستان بعد أقل من أسبوعين من توصل واشنطن وإسلام آباد إلى اتفاق تجاري، من المتوقع أن يسمح للشركات الأمريكية بالمساعدة في تطوير احتياطيات النفط الباكستانية غير المستغلة إلى حد كبير في إقليم بلوشستان الغني بالموارد، وخفض الرسوم الجمركية على إسلام آباد وقيام واشنطن بتصعيد حربها الاقتصادية مع جارة باكستان؛ الهند.
ويشير المراقبون أن إدراج واشنطن حركة تحرير بلوشستان كمنظمة إرهابية يصب في مصلحة بكين التي تدير أحد أبرز مشاريعها في منطقة جوادر في إقليم بلوشستان بمليارات من الدولارات وهو مشروع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني؛ كون عودة الاستقرار والهدوء في الإقليم سيعزز من استدامة المشروع الملياري والذي يعد جزءًا أساسيًا من مشروع الصين الاستراتيجي الطريق والحرير، وبمعنى آخر فإن التصنيف الأمريكي الذي يخدم باكستان في المقام الأول إلا أنه يخدم استراتيجيًا أكثر لضمان استقرار إقليم بلوشستان وهو الأمر الذي يساهم في استدامة مشاريع الصين الاستراتيجية..
مصالح متشابكة واخرى متناغمة
وفق المثل البريطاني 'كل جائز في الحب والحرب' فإن كل شيء جائز في السياسية، فالمصالح الاستراتيجية تتصدّر.. والإدارة الأمريكية ترغب من إسلام آباد السماح للشركات الأمريكية بالاستثمار في قطاع النفط الباكستاني، ومواجهة
النفوذ الصيني، خاصة في ظل مشاريع 'الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني' في إقليم بلوشستان الغني بالموارد الطبيعية، فيما ترغب باكستان دعم الاستقرار في بلوشستان: الذي يُعد حيويًا لمشاريع الطاقة والتعدين.
كمحصلة فإن تصنيف حركة تحرير بلوشستان كمنظمة إرهابية يُعد خطوة استراتيجية تعكس تقاطع المصالح الأمنية والاقتصادية للولايات المتحدة في جنوب آسيا، وقد تكون لها تداعيات على الحركات الانفصالية الأخرى في المنطقة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شبكة عيون
منذ 12 ساعات
- شبكة عيون
رئيس وزراء الهند يدعو للاعتماد على الذات وسط ضغوط أمريكية
رئيس وزراء الهند يدعو للاعتماد على الذات وسط ضغوط أمريكية ★ ★ ★ ★ ★ مباشر- قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم الجمعة إن مساعي بلاده للاعتماد على ذاتها لا تقتصر فقط على التجارة أو العملات الأجنبية، وذلك في وقت تكافح فيه نيودلهي للتعامل مع الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على سلعها. وقال رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي الجمعة إن بلاده ستعلن خلال الأشهر القادمة عن إصلاحات في ضريبة السلع والخدمات، وهو قرار من شأنه خفض أسعار السلع الاستهلاكية اليومية بشكل كبير . أوضح مودي في كلمته للشعب بمناسبة اليوم الـ79 لاستقلال الهند في نيودلهي: "ستنخفض الضرائب التي يدفعها أفراد الشعب بشكل كبير"، مضيفاً أن التغييرات الجديدة في نظام الضرائب ستُعلن خلال احتفالات مهرجان ديوالي الهندوسي، المرتقب في أكتوبر المقبل . وقال إن هذه الخطوة ستعود بالنفع على الصناعات والشركات الصغيرة والمتوسطة. وأشار مودي إلى أن العقد الماضي كان متعلقاً بالإصلاح والأداء والتحول؛ والآن يجب أن نركز على أهداف أكبر وأكثر طموحاً. للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا ترشيحات فرنسا: على أوروبا الرد بشكل موحد على رسوم ترامب الجمركية وزير المالية الألماني: روسيا لن تعود لمجموعة السبع رهان بافيت يثير ارتفاعًا بأسهم شركات التداول اليابانية مخاطر النمو ببريطانيا تضع مستثمري السندات في حالة تأهب قصوى وزراء مالية مجموعة السبع يبحثون التجارة العالمية والنمو الاقتصادي تفاصيل حول المنشآت الرئيسية ببرنامج إيران النووي بعد الضربة الأمريكية دراسة: ارتفاع أسعار المواد الغذائية حول العالم بسبب تغيرات المناخ المستثمرون الصينيون يشترون الأسهم على أمل إنهاء حرب الأسعار مباشر (اقتصاد) مباشر (اقتصاد) الكلمات الدلائليه ترامب أسعار روسيا اقتصاد


مباشر
منذ 15 ساعات
- مباشر
رئيس وزراء الهند يدعو للاعتماد على الذات وسط ضغوط أمريكية
مباشر- قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم الجمعة إن مساعي بلاده للاعتماد على ذاتها لا تقتصر فقط على التجارة أو العملات الأجنبية، وذلك في وقت تكافح فيه نيودلهي للتعامل مع الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على سلعها. وقال رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي الجمعة إن بلاده ستعلن خلال الأشهر القادمة عن إصلاحات في ضريبة السلع والخدمات، وهو قرار من شأنه خفض أسعار السلع الاستهلاكية اليومية بشكل كبير. أوضح مودي في كلمته للشعب بمناسبة اليوم الـ79 لاستقلال الهند في نيودلهي: "ستنخفض الضرائب التي يدفعها أفراد الشعب بشكل كبير"، مضيفاً أن التغييرات الجديدة في نظام الضرائب ستُعلن خلال احتفالات مهرجان ديوالي الهندوسي، المرتقب في أكتوبر المقبل. وقال إن هذه الخطوة ستعود بالنفع على الصناعات والشركات الصغيرة والمتوسطة. وأشار مودي إلى أن العقد الماضي كان متعلقاً بالإصلاح والأداء والتحول؛ والآن يجب أن نركز على أهداف أكبر وأكثر طموحاً.


العربية
منذ 19 ساعات
- العربية
رئيس وزراء الهند يدعو للاعتماد على الذات وسط ضغوط أميركية
قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم الجمعة إن مساعي بلاده للاعتماد على ذاتها لا تقتصر فقط على التجارة أو العملات الأجنبية، وذلك في وقت تكافح فيه نيودلهي للتعامل مع الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على سلعها، وفقًا لـ "رويترز". يذكر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قال إنه سيرفع الرسوم الجمركية على الهند بشكل كبير بسبب مشترياتها من النفط الروسي. وأضاف ترامب في منشور على موقع تروث سوشيال "الهند لا تشتري كميات هائلة من النفط الروسي فحسب، بل تبيع جزءا كبيرا منه أيضا في السوق المفتوحة لتحقيق أرباح طائلة. لا يهمهم عدد الأشخاص الذين يقتلون في أوكرانيا على يد آلة الحرب الروسية". وتابع "لهذا السبب، سأرفع بشكل كبير الرسوم الجمركية التي تدفعها الهند للولايات المتحدة". كان ترامب قد قال إنه سيفرض رسوما جمركية بنسبة 25% على السلع المستوردة من الهند مشيرا إلى أن خامس أكبر اقتصاد في العالم سيواجه أيضا عقوبة لم يحددها. وقال مصدران حكوميان هنديان في وقت سابق لرويترز إن الهند ستواصل شراء النفط من روسيا رغم تهديدات ترامب. وأصبحت الهند واحدة من أهم مشتري النفط الروسي في العالم، وذلك بسبب العقوبات الغربية المفروضة على موسكو والتي اضطرت الروس إلى تقديم تخفيضات في الأسعار لمن لا يلتزمون بهذه العقوبات، الأمر الذي جعل الهند أكبر المستفيدين من هذه الظروف وأكبر المستفيدين من الحرب على أوكرانيا، فضلًا عن أنها أصبحت أكبر وأهم الزبائن الذين يشترون النفط الروسي. ويقول تقرير سابق نشرته جريدة "نيويورك تايمز" الأميركية، إن الهند تُعد مشتريًا رئيسيًا وواضحًا للطاقة الروسية منذ غزو أوكرانيا قبل ثلاث سنوات، حيث قلّصت معظم الدول الغربية مشترياتها أو توقفت عن الشراء تمامًا، بينما رفعت الهند من هذه المشتريات مستفيدة من التخفيضات الروسية. وأدت المحاولات التي قادتها الولايات المتحدة وأوروبا لإلحاق ضرر مالي بروسيا ومعاقبة رئيسها، فلاديمير بوتين، إلى انخفاض أسعار النفط، فيما رأت الهند في ذلك فرصة سانحة فاستغلتها. وعلى الرغم من أن ترامب يُضمر قائمة طويلة من الشكاوى بشأن ممارسات الهند التجارية، إلا أنه لم يُركز شكواه قط على المشتريات الروسية، حتى إن الهند افترضت، عندما أُعيد انتخاب ترامب، أنه سيخفف الضغط الذي شعرت به من واشنطن في عهد الرئيس بايدن للوقوف إلى جانبها ضد روسيا. وتقول "نيويورك تايمز" إن للهند وروسيا تاريخًا تجاريًا طويلًا، وتجارة الطاقة تندرج بسهولة ضمن هذه العلاقة، حيث تمتلك روسيا الكثير منها، والهند بحاجة إلى استيراد الكثير منها. وفي العام الذي أعقب غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، أصبح نفطها مهمًا للغاية للهند. وفي أوائل ذلك العام، لم تمثل روسيا سوى 0.2% من واردات الهند من النفط الخام. وبعد أن أغلقت الأسواق الأوروبية أبوابها أمام روسيا، بدأت الصادرات المنقولة بحرًا من روسيا إلى الهند في الارتفاع، حيث بحلول مايو/أيار 2023، كانت روسيا تبيع للهند أكثر من مليوني برميل من النفط الخام يوميًا، أو ما يقرب من 45% من وارداتها، أكثر من أي دولة أخرى باستثناء الصين. واشترت الهند تدفقًا شبه ثابت من النفط الروسي خلال العامين الماضيين، حيث تقلبت الأسعار، لكن مبيعات كل عام بلغت قيمتها حوالي 275 مليار دولار. وكانت هذه التجارة مناسبة لجميع الأطراف المعنية، فقد تمكنت روسيا من بيع نفطها الخام، نظريًا في ظل سقف سعر حدده الاتحاد الأوروبي عند 60 دولارًا للبرميل، بينما اشترت الهند النفط بخصم، وكررت شركاتها النفطية بعضًا منه للاستهلاك المحلي وصدَّرت الباقي على شكل ديزل ومنتجات أخرى، بعضها إلى أوروبا. كما يلفت تقرير "نيويورك تايمز" إلى أن العملة الهندية المحلية "الروبية" استفادت أيضًا من هذه الأوضاع، وذلك بسبب أن الهند دفعت مبالغ أقل مقابل السلع الأجنبية، وهو ما استفاد منه الاقتصاد الهندي بشكل كبير وساعد في حماية العملة. وقد يؤدي هجوم ترامب غير المتوقع على شراء الهند للنفط الروسي إلى تعقيد الأمور بالنسبة لرئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، في ظل مساوماته مع ترامب بشأن قضايا تجارية أوسع نطاقًا. وأوضح ترامب أنه يسعى لسد العجز التجاري البالغ 44 مليار دولار الذي تعاني منه الولايات المتحدة مع الهند، فيما يعتقد مفاوضو مودي أن أحد الطرق التي يمكن للهند من خلالها تحقيق ذلك هو البدء بشراء النفط أو الغاز الطبيعي الأميركي. ويحذّر المحللون من أن فرض تعريفة جمركية أميركية بنسبة 25% قد يُضعف النمو الاقتصادي للهند في العام المقبل، لكنهم ما زالوا يعتبرونها الأسرع نموًا في العالم، مُنافسةً اليابان وألمانيا من حيث الحجم الإجمالي.