
عندما يتحول المبعوث الأمريكي إلى مفكر قومي
عندما استمعت قبل أيام للمبعوث الأمريكي الجديد إلى سوريا السيد توم باراك وهو يهاجم اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت بريطانيا وفرنسا بموجبها العالم العربي إلى دويلات، للأمانة هرشت رأسي. هل أنا في حلم أم في علم. وقد زادت دهشتي عندما راح السيد باراك يحذر من مشاريع التقسيم في المنطقة زاعماً أن بلاده لن تسمح بالتقسيم أبداً. ولا شك أن تصريحه يستحق الشكر والثناء، ونتمنى من أعماق قلوبنا أن يكون صادقاً فعلاً، فقد بدا المبعوث الأمريكي وهو يدعو إلى الوحدة ويشجب الإرث الاستعماري الأوروبي وكأنه يردد خطاب الأمين العام للقيادة القومية في حزب البعث العربي الاشتراكي. سبحان الله. لقد باتت أمريكا اليوم أقرب إلى الأفكار الوحدوية منها إلى مشاريع التفتيت، لكن السؤال: هل يعقل أن الأمريكيين صاروا على طرفي نقيض مع حلفائهم الإسرائيليين في الشرق الأوسط؟ ألم نسمع المسؤولين الإسرائيليين من نتنياهو إلى كثير من الوزراء في حكومته وهم يطالبون علناً بتقسيم سوريا وغيرها من الدول العربية، أولاً لإضعاف الدول المجاورة وتحويلها إلى دويلات طائفية وعرقية ومذهبية متناحرة لا تشكل أي تهديد لإسرائيل، وثانياً لتبرير وجود دولتهم القائمة على قواعد دينية، فمن المعروف هناك ما يسمى بقانون الدولة القومية الذي يؤكد على أن إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي ويقصي كل الفئات غير اليهودية، مما أثار قلاقل ومشاكل كثيرة داخل إسرائيل وخاصة من الطوائف الأخرى. وبناء على القانون الإسرائيلي المثير للجدل، فإن من مصلحة إسرائيل قيام كيانات ودويلات شبيهة بالدولة العبرية، كي لا تبقى إسرائيل الدولة الوحيدة في المنطقة المستندة على أسس دينية وقومية. وهذا يعني ضمناً أن الإسرائيليين يحبذون لا بل يشجعون الطوائف والقوميات الأخرى في المنطقة كي تحذو حذوهم. لكن هل انتهى الحلم الإسرائيلي يا ترى بعد تصريحات المبعوث الأمريكي، أم إن الكلمة الأخيرة في الشرق الأوسط تبقى لإسرائيل وليس لأمريكا، وأن الأمريكيين ينظرون إلى كل القضايا في الشرق الأوسط من زاوية المصلحة الإسرائيلية أو بالأحرى بعيون إسرائيلية؟
لو نظرنا اليوم إلى التصريحات الإسرائيلية لوجدنا تناقضاً صارخاً فيها، فهناك أكثر من خطاب في الإعلام الإسرائيلي، فمرة يعلن القادة الأمنيون الإسرائيليون بأنهم لن يتدخلوا في البلدان المجاورة ولن يدعموا طرفاً ضد طرف، وليسوا مستعدين أبداً كي يحاربوا من أجل أحد. ولو فحصنا هذا الادعاء لرأينا أن هناك ما يدعمه على أرض الواقع، فقد كشفت الحرب على غزة هشاشة القوة الإسرائيلية رغم امتلاكها أحدث الأسلحة الأمريكية الفتاكة، وأن الشارع الإسرائيلي لا يمكن أن يقبل بمغامرات عسكرية خارجية من أجل أحد بعد أن تأذى كثيراً من التجربة الغزاوية، فإذا كان الإسرائيليون منقسمين اليوم إزاء مسألة تخص أمنهم القومي في غزة، فكيف يقبلون بأن يتورطوا خارج حدودهم من أجل الآخرين؟ وقد أظهرت الأشهر الماضية أن كل الوعود الإسرائيلية لبعض الأطراف في سوريا بالمساعدة والحماية ذهبت أدراج الرياح، ولم تكن سوى وعود معسولة زائفة من أجل تأمين المصالح الإسرائيلية مع القيادة السورية الجديدة، وفي اللحظة التي بدأت تتضح ملامح التفاهم بين سوريا وإسرائيل بدأنا نلحظ ظهور تصريحات إسرائيلية موجهة لبعض الأطراف السورية تتملص من وعود الحماية. وقد تأكد ذلك على أرض الواقع، فلم يهب الإسرائيليون لمساعدة أحد في ضواحي دمشق، لا بل إن المسؤولين الأمنيين قالوا بشكل جلي إن ما يهمنا هو فقط بعض المناطق السورية الواقعة على حدودنا مباشرة، وأن الذين يحلمون بأن نشد الرحال عسكرياً لمساعدتهم داخل سوريا فيجب ألا ينتظرونا. لكن على أرض الواقع نجد أن بعض الأطراف السورية التي كانت تراهن على دعم إسرائيلي لتحقيق مطالبها داخل سوريا مازالت مصرة على مواقفها المتشددة، وهي تدفع باتجاه المواجهة مع دمشق بدل التقارب معها، فهل يا ترى تراهن على وهم، أم إن الأيادي الإسرائيلية مازالت تحرك بعض الأطراف من شرق سوريا إلى غربها إلى جنوبها، وأن التصريحات الإسرائيلية التي تتملص من وعود الحماية مجرد ستار دخاني يخفي وراءها نوايا إسرائيلية معلنة منذ عقود، وخاصة وثيقة «كيفونيم الصادرة عام ألف وتسعمائة واثنين وثمانين والتي أعلنت صراحة بأنها تريد تقسيم ليس الدول المجاورة، بل تحاول أيضاً تفتيت بلدان عربية بعيدة. هل يا ترى سيتحقق المشروع الإسرائيلي القديم بتصدير خطة غزة خارج فلسطين وتفكيك المنطقة المجاورة وما بعدها، أم صار للأمريكيين رأي آخر حسب تصريحات المبعوث الأمريكي توم باراك الذي أكد على منع التدخلات الخارجية في المنطقة وتركها تحقق الأمن والاستقرار بعيداً عن المشاريع الخارجية؟ هل تغيرت الاستراتيجية الأمريكية تجاه المنطقة لمواجهة التمدد الصيني مثلاً؟ من كان يتوقع أن يبدأ التعاون العسكري بين الجيشين الأمريكي والسوري؟ طبعاً من الصعب التنبؤ بالمشاريع السياسية الحقيقية المعدة للمنطقة، لكن كلنا أمل أن تصدق التصريحات الأمريكية «الوحدوية» لتلجم مشاريع الطامعين بالفوضى والتحريض والتخريب ودق الأسافين والتفتيت والتقسيم.
نقلا عن القدس العربي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحراء ميديا
منذ 5 ساعات
- صحراء ميديا
الرئيس الموريتاني يشيد بجهود السعودية في خدمة ضيوف الرحمن صحراء ميديا
عبر الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، عن تقديره للدور الفعال الذي قامت به المملكة العربية السعودية في النجاح الكبير الذي تحقق خلال موسم الحج الحالي. جاء ذلك خلال لقاء جمعه اليوم السبت بولي العهد السعودي محمد بن سلمان في منى. وقال ولد الغزواني خلال اللقاء إن هذه الجهود تعكس إرادة قوية ورؤية مستقبلية واضحة تسعى للمضي قدماً في تقديم أفضل الخدمات لحجاج بيت الله الحرام، مثمنا ما تحقق من إنجازات كبيرة للمملكة في إطار رؤية 2030، وهي الرؤية التي تحولت إلى واقع ملموس. وحسب بيان للمكتب الإعلامي للرئاسة الموريتانية فقد شهد هذا اللقاء استعراض العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، وآفاق التعاون الثنائي، وسبل تطويره في مختلف المجالات. وتوسع اللقاء فيما بعد ليشمل الوزير المكلف بديوان رئيس الجمهورية، الناني ولد اشروقه، وسفير موريتانيا في المملكة العربية السعودية، المختار ولد داهي، وأحمد ولد أباه الملقب أحميده، مستشار برئاسة الجمهورية.


بلادي
منذ 8 ساعات
- بلادي
الملك يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك ويتقبل التهاني بهذه المناسبة السعيدة
الملك يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك ويتقبل التهاني بهذه المناسبة السعيدة أدى أمير المؤمنين الملك محمد السادس، مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن، و الأمير مولاي رشيد، و الأمير مولاي أحمد، و الأمير مولاي اسماعيل، يومه السبت 10 ذي الحجة 1446هـ الموافق 07 يونيو 2025م، صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد الحسن الثاني بمدينة تطوان. وقد غصت جنبات الطريق التي مر منها الموكب الملكي، بحشود المواطنين والمواطنات الذين جاؤوا ليباركوا لأمير المؤمنين العيد السعيد، وهم يهتفون بحياة جلالته ويباركون خطواته. ولدى وصول جلالة الملك إلى المسجد، استعرض جلالته تشكيلة من الحرس الملكي أدت التحية. وعقب الصلاة، أبرز الخطيب في خطبة العيد الدلالات الكبيرة لهذا اليوم الجليل الذي جعله الله خاتمة للعشر الأوائل من ذي الحجة المباركة، مبرزا أنه في عيد الأضحى يفيض الله على عباده الخيرات وينمي لهم الحسنات ويغفر لهم السيئات، حيث تفرح القلوب بعبادة الله عز وجل. وأوضح الخطيب أن الاحتفال بهذا العيد ليس مجرد مناسبة عابرة، بل يحمل دلالات دينية قوية، تجسد عمق ارتباط الشعب بمظاهر هذا الدين الحنيف وحرصه على التقرب إلى الله عز وجل وعلى تقوية الروابط الاجتماعية والعائلية، من خلال هذه المناسبة الجليلة. وقال إنه، ومن منطلق الأمانة المنوطة بأمير المؤمنين والساهر الأمين على إقامة شعائر الدين وفق ما تتطلبه الضرورة والمصلحة الشرعية، وما يقتضيه واجب جلالته في رفع الحرج والضرر وإقامة التيسير، والتزاما بما ورد في قوله تعالى: 'وما جعل عليكم في الدين من حرج'، اقتضى نظر جلالته السديد عدم القيام بشعيرة أضحية العيد لهذه السنة. وأضاف أن جلالة الملك أعزه الله، سيقوم بذبح الأضحية نيابة عن شعبه الوفي وسيرا على سنة جده المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، عندما ذبح كبشين وقال: 'هذا لنفسي وهذا عن أمتي'. وفي الختام، ابتهل الخطيب وجموع المصلين إلى الله تعالى بأن ينصر أمير المؤمنين ويقر عين جلالته بولي عهده الأمير مولاي الحسن، ويشد عضده بشقيقه الأمير مولاي رشيد، ويحفظه في كافة أفراد أسرته الملكية الشريفة. كما رفعت أكف الضراعة إلى الله عز وجل بأن يمطر سحائب الرحمة والرضوان على فقيدي الوطن والإسلام الملكين المجاهدين محمد الخامس والحسن الثاني، ويكرم مثواهما، ويطيب ثراهما. بعد ذلك، تقدم رؤساء البعثات الدبلوماسية الإسلامية المعتمدون بالمغرب للسلام على أمير المؤمنين الملك محمد السادس، وتهنئته بهذا العيد المبارك. إثر ذلك قام جلالة الملك بنحر أضحيتي العيد، الأولى باسم جلالته والثانية نيابة عن شعبه الوفي، في الوقت الذي كانت تدوي فيه طلقات المدفعية تعبيرا عن البهجة بحلول العيد المبارك. وبهذه المناسبة، تقدم للسلام على أمير المؤمنين الملك محمد السادس، أيده الله، الذي كان مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن و الأمير مولاي رشيد و الأمير مولاي أحمد، وتهنئته بالعيد السعيد رئيس الحكومة، ورئيسا غرفتي البرلمان، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية الرئيس الأول لمحكمة النقض، ورئيس النيابة العامة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، ورؤساء الهيئات الدستورية وعدد من سامي الشخصيات المدنية والعسكرية.


العرائش أنفو
منذ 10 ساعات
- العرائش أنفو
تونس مصيرها الجلوس
تونس مصيرها الجلوس العرائش أنفو ليلة عيد الأضحى حضر لاعبوها لكرة القدم لمدينة فاس لينهزموا في مباراة ودِّية أمام المنتخب المغربي لنفس اللعبة بهدفين لصفر ، فكانت خيبة أمل تونس الرسمية تلازم المنتسبين إليها أينما حلوا أو ارتحلوا تميز ما لهم من ضيق حاضر ، أفرغه 'فرعونهم' الجديد من الإرادة التونسية المعهودة على العصور بما كان لها من ظواهر ، تنمِّي الخير بما لمبادئ الحق من جواهر ، طاردة دياجير عصبيات عقيمة مضيئة بما تتلألأ به من ضياء وعيٍ رددت محاسنه عبر العالم كل المنابر ، وملأه بما في المعتقلات من أصحاب رأي دعاة إصلاح المطالبين بالحرية وتطبيق القوانين الإنسانية وتغيير القابل للتغيير مَن لحقوق البشر مُغاير ، وعلى رأس ذلك المُنفرِد بالسلطة اعتماداً على القوة العسكرية المُغرَّر بها عن تحايلٍ نادر ، قائم على شراء الذمم بأرقى المناصب والتعويضات المُغرية المُفسدة للضمائر . لم تكن تونس في يوم من الأيام بائعة نفسها حتى كرَّس ذلك بالواضح الرئيس الحالي وهو بمثل العمل الشنيع يفاخر ، ولمن باعها ؟؟؟ للجزائر ، مَن حكامها رموز التخلُّف والاكتفاء بالوقوف خلف أى آخر ، قصدَ تضييق الخناق على المغرب وهي للمهالك بمحض اختياراتها السلبية تسافر ، مِن تلقاء نفسها كذبابة توهَّمَت أن أسداً انتبه لطنينها وهو عنها متكبِّر . … منهارة مهما كان الميدان ولن يزدها من أوهم نفسه بتأسيس لدولة جديدة سوى الوضع المُدمِّر ، لما شيده التونسيون الأحرار على امتداد قرون من حسن التدبير ، فلا خير فيمن ظن نفسه فوق الجميع وأقل التونسيين شأنا أفضل منه بكثير ، ومن ألف الرقص على الحبال قد ينسى في لحظات غرور هبوب رياح فيسقط في ذات البئر ، الذي حفره لمعارضيه بعمق غائر ، يقطع بهوله صوتهم متناسيا أن لكل منهم مكانة لدى الجماهير ، التي متى علمت بعد صبر تصرفت بما يعيد المياه النقية لنفس الغدير ، من لتونس عنوان حياة يجعل مِن أهلها الأخيار ذي المقام الكبير . حاول ذاك الرئيس إبعاد الشعب التونسي عن شقيقه الشعب المغربي ولن يصل سوى للشعور بالندامة ساعة انزوائه الأخير ، في سلة جمعت من كان قبله يملآ جيوبه بعرق التونسيين ليهرول تغطيه مذلة ما فارقته لحظة حتى وهو عن الفانية يُغادر ، الشعوب باقية لليوم الموعود ومن جاء على شاكلة السابق ذكرهما من رؤساء آخر الزمن مصيرهما الجلوس وسط مطارح روث الخنازير ، لا هواء يطيقهما و لا حشرات ترافقهما سوار رائحة تعاف عفونتها ليس لها في الروائح المستنشقة عن اضطرار عابر نظير. … ما لذاك الرئيس والصحراء المغربية حتى يتطاول بعنقه في مسألتها البعيدة عنه بعد السماء عن الأرض إن كان له عقل يفكر ، وكأنه بمثل ما ذهب إليه مؤيداً أعداء الوحدة الترابية للمملكة المغربية يحيط تونس الرسمية المتربع فوق كرسي حكمها بالقهر والتحايل والمؤامرات والمكائد وما شابه ذلك من أفعال الشياطين المندسين نحت أي حصير ، فوقه جموع أبرياء انساقوا خلف تخاريف الدولة المثالية الموزعة الاستقرار والسعادة حتى في الأرياف بين الدواوير ، والواقع يبرزه مؤشر إفلاس يحوم فوق رؤوس أي كبير أو صغير ، في كيان افرغ من كفاءات البناء القيم متروك فيه من يدفع للتكسير ، من أجل تنفيذ سياسة عرجاء لن تقوى ولو لأمد قريب على المسير ، حيث الحرية والعدل والمساواة مفتاح لنماء مطلوب متطور. الصحراء مغربية وستظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها سبحانه العالم القادر القدير ، وتونس الرسمية التي تسعى بمواقفها المنحازة لشهادة الزور لتظهر بالمؤثرة لا تعلم حجمها الأقرب ما يكون عن بيدق جعلت منه الجزائر بدنانير قليلة حول نفسه مع الفراغ يدور . فاس : مصطفى منيغ