
خفوضات ميزانية البيئة تفاقم أزمة تلوث الهواء في أميركا
قالت جمعية الرئة الأميركية في تقريرها السنوي الصادر اليوم الأربعاء إن الاحترار المناخي يُعقد جهود مكافحة تلوث الهواء في الولايات المتحدة، معربة عن قلقها إزاء الأثر السلبي لخفوضات ميزانية البيئة التي أقرتها إدارة الرئيس دونالد ترمب.
وعلى رغم عقود من الجهود المبذولة للحد من مصادر تلوث الهواء، فإن 46 في المئة من الأميركيين - أي أكثر من 151 مليون شخص - يتنفسون "هواء غير صحي"، وفقاً للتقرير الذي استند إلى بيانات جُمعت بين عامي 2021 و2023.
ويمثل هذا الرقم 25 مليون شخص إضافي معرضين لمستويات عالية جداً من الجسيمات العالقة أو لتلوث الأوزون مقارنة بالتقرير السابق، وهو رقم أعلى من الأرقام السنوية للأعوام العشرة الماضية.
وتعتقد جمعية الرئة الأميركية أن خفوضات إدارة ترمب المُخطط لها في عدد موظفي وكالات مثل وكالة حماية البيئة الأميركية ستُفاقم الوضع.
وأشار التقرير إلى أن "مزيداً من عمليات التسريح تعني مزيداً من تلوث الهواء"، وذلك في وقت أعلن البيت الأبيض في أواخر فبراير (شباط) الماضي عن هدف خفض تمويل وكالة حماية البيئة بنحو الثلثين، وكانت ميزانية وكالة حماية البيئة تتجاوز 12 مليار دولار بحلول عام 2024، ووظفت أكثر من 15 ألف شخص.
ووفقاً لخطة في منتصف مارس (آذار) الماضي، تخطط الوكالة لإلغاء مكتب البحث والتطوير التابع لها وتسريح معظم موظفيه، في وقت تطعن إدارة ترمب بكثير من المعايير البيئية، ويمكن تفسير الاتجاه الذي رصدته جمعية الرئة الأميركية خلال العقد الماضي جزئياً بتأثير تغير المناخ.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت التقرير إلى أن "زيادة الأيام التي تسجل ارتفاعاً في تركيز الأوزون وازدياد تلوث الجسيمات المرتبط بالحرارة الشديدة والجفاف وحرائق الغابات يُعرض ملايين الأشخاص للخطر"، مُعرباً عن أسفه لأن هذه الظروف تُعقّد الجهود الفيدرالية والبلدية لتحسين جودة الهواء.
تقع اثنتان من المدن الأكثر تلوثاً للهواء في ولاية كاليفورنيا، ولا تزال بيكرسفيلد الواقعة على بُعد 150 كيلومتراً شمال غربي لوس أنجليس، المدينة التي تشهد أعلى مستويات تلوث بالجسيمات للعام الثالث على التوالي، كما لا تزال لوس أنجليس المدينة التي تشهد أسوأ تلوث للأوزون في الولايات المتحدة، وذلك للمرة الـ25 من أصل 26 إصداراً من هذا التقرير الذي نُشر لأول مرة عام 2000.
ويُعرف الرئيس دونالد ترمب بتشككه الشديد في تغير المناخ، ويصف بانتظام عملية التحول في مجال الطاقة بأنها "خدعة".
وسرّحت حكومته مئات الموظفين في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (نواا) التي تؤدي دوراً رائداً في أبحاث المناخ في الولايات المتحدة.
كما أعلنت حكومته أن الولايات المتحدة، ثاني أكبر ملوث في العالم بعد الصين، ستنسحب للمرة الثانية من اتفاق باريس، مما يُعرض الجهود العالمية للحد من الاحترار للخطر، ويدخل هذا الانسحاب حيز التنفيذ في الـ27 من يناير (كانون الثاني) 2026.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ 4 ساعات
- سعورس
المكملات الغذائية ضرورة أم ترف
وفي هذا السياق، يحسن بنا تأمل أرقام تجسد هذه الظاهرة في حجمها الحقيقي وتبين مدى جدية الأمر. إذ تشير بيانات شركة Grand View Research إلى أنّ حجم السوق العالمي للمكمّلات الغذائية بلغ قرابة 192 مليار دولار في 2024، مع توقّعات بتجاوزه ليصل إلى 327 مليار دولار بحلول 2030، أي بمعدّل نمو سنوي مركّب يقارب 9%. هذا الإنفاق المالي الهائل يفسّر ضراوة الحملات الإعلانية، ويضع علامة استفهام حول الفجوة بين حجم الإنفاق العالمي والعائد الصحي الفعلي الذي يجنيه المستهلكون من هذه المنتجات. غير أنّ المؤشرات الاقتصادية لا تسرد الواقع بكل تفاصيله، فبيانات الصحة العامة تكشف جانبًا مُغايرًا لا مناص لنا من التعريج عليه. حيث إن تقريرًا صادرًا عن «مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها» في الولايات المتحدة الأمريكية يشير إلى أن أكثر من 52% من البالغين الأمريكيين يتناولون مكملات غذائية بشكل يومي، ويؤكد «المعهد القومي للصحة» بما لا يدع مجالًا للشك أن غالبية المستخدمين لا يعانون من أي نقص يستوجب التعويض. بل إنه من المفارقة للأسف أن هذه المكملات الغذائية لا تخضع لنفس المعايير الصارمة التي تقيِّد الأدوية والعقاقير الطبية وتنظم وصولها إلى المستهلك، فهي (هذه المكملات الغذائية) تدخل الأسواق بأقل حد من الرقابة الصحية والغذائية وبكثير من التسويق والتلميع الاحترافي. أما على صعيد جودة ما يُعرض في الأسواق، فتُظهر الدراسات الميدانية حقائق أكثر ترويعًا. إذ إن تحقيقًا آخر منشورًا في JAMA Network Open عام 2022 حلّل واختبر ثلاثين منتجًا من المكمّلات الغذائية التي تستهدف تعزيز أداء الرياضيين وتحسن بنيتهم الجسدية، خلُص إلى أنّ 13 منتجًا فقط طابقت مكوّناتها المكتوبة على ملصقاتها والنشرات المصاحبة لها، في حين افتقر الباقي منها إلى الدقّة أو احتوى على عناصر غير مُعلنة على أقل تقدير. هذه النتيجة المفجعة والتي تلامس صحة المستهلك بشكل مباشر سلّطت الضوء على هشاشة الرقابة في هذا القطاع، وأكّدت أهمية اعتماد اختبارات من أطراف متخصصة محايدة قبل الوثوق بأي فيتامينات أو مكملات غذائية مهما ذاع صيتها وانتشرت دعاياتها وزكاها المشاهير. وعلى الرغم من هذه المخالفات، يبقى للمكمّلات الغذائية وما على شاكلتها من منتجات مواضع استعمالٍ مشروعة يقرُّها أهل الاختصاص. إذ نجد أن كثيرًا من الأطباء يقرون بأن بعض هذه المكملات الغذائية ضرورة حتمية في ظروف محدودة جدا وبتوصية من خبراء متخصصين. كالنساء الحوامل اللائي يحتجن لحمض الفوليك، وكبار السن ممن شُخص لديهم ضعف امتصاص [فيتامين ب 12]، وكذلك سكان المناطق الباردة المفتقرين [ل فيتامين د] الناجم عن غياب أشعة الشمس المباشرة لفترات زمنية طويلة. على صعيد آخر، يطرح الطبيب النمساوي «بيتر كرامر» تساؤلًا منطقيًا في مقال علمي بمجلة Lancet على سبيل التحذير والتنبيه، «ما الذي يدفع كثيرًا من المفعمين بالصحة والعافية إلى تعاطي هذه المنتجات دون التفكير في استشارات متخصصة؟» لا ريب أن جواب سؤال كهذا لا يحتاج إلى كثير من التفكير والتمحيص، فذلك لعمري ناجم عن ثقافة الناس وقناعاتهم التي شكلتها إستراتيجيات التسويق المنهمرة عليهم. ناهيك عن كوننا بتنا نعيش في عصر القلق الصحي، عصر يخشى فيه الإنسان الوهن أكثر من المرض والشيخوخة أكثر من الموت. وفي سياق كهذا، تصبح كبسولة أو ملعقة شراب أشبه ما يكون بوعد لا يشوبه شك بوافر الطمأنينة الصحية والرضى النفسي عن الذات. فمن منا يرضى أن يوصف بالإهمال في صحته، ومن منا لديه الاستعداد للتخلف عن قافلة «الحياة الأفضل» المزعومة. حينها، تصبح هذه الحبوب والكبسولات والإبر والمشروبات أدوات ترمز للحماية والوقاية والتحسين، وللعلاج في بعض الأحيان، بل وإلى الرقي الثقافي وفق اعتقادات البعض. في مجتمعاتنا، ومع زيادة الوعي الصحي بأهمية العناية بالغذاء وسلوكيات المأكل والمشرب، دخلت شركات المكملات الغذائية على خط التسويق والتعريف والإشهار بكل ما لديها من أموال ونفوذ. صفحات إنستغرام وفيسبوك وغيرها من المنصات لا تنفك توصي بكبسولات «الحيوية والنشاط»، ومتاجر إلكترونية تَعِدك ب«نظام مناعة لا نظير له» دون الحاجة لوصفات أو تحاليل على حد زعمهم، وأخرى تدعي منحك الجسد الذي تحلم به ودون أي تضحيات من لدنك سوى شيء من المال. هذا الطوفان من الدعايات الذي يستهدف العقل الباطن يضع المستهلك في موقف لا يميز فيه بين الضرورة العلاجية والترف صحي الذي لا طائل منه، بل وقد يقود إلى ما لا يحمد عقباه. القضية يا إخوه لا تتعلق بنفي فوائد المكملات الغذائية مطلقًا، بل في تحجيم تعميمها، وربط استخدامها بحالات صحية واقعية وفق أسس علمية مدروسة. فالطبيب هو من يحدد الحاجة لها، وليس ذلك المؤثر أو المشهور في وسائل التواصل الاجتماعي. وحدها التحاليل المعملية والطبية هي الفيصل، وليست الإعلانات التسويقية التي تلاحقنا أينما ولينا وجوهنا. أما إن وجد المرء منا نفسه لا مناص له من تعاطيها بعد أن وصفها له المختص، فلا بد من اتباع بضع خطوات تضمن له بإذن الله تحقيق ما يرجوه وبأقل أثر سلبي إن وجد. أولى هذه الخطوات عند اختيار المنتج، فينبغي التأكد من وجود ختم أو شعار لجهةٍ محايدة على المنتج مثل USP أو NSF أو Informed-Sport، وهي منظمات عالمية معروفة، بعضها غير ربحية متخصصة في تحليل ودراسة واختبار هذه المنتجات للتأكد من صلاحية استخدامها ومطابقة ما كتب على ملصقاتها ونشراتها مع ما تحتويه فعليًا من مواد وعناصر. ثم تأتي الخطوة الثانية والتي يجب فيها على المستهلك منا إلقاء نظرة فاحصة على خانة «% DV» التي تبيّن نسبة ما يلبّيه المنتج من احتياجه اليومي، فارتفاع الجرعة لا يعني بالضرورة زيادة الفائدة، بل على النقيض قد يرهق الكبد والكُلى. وأخيرًا تجنب أي عبوة اقترب تاريخ انتهاء صلاحيتها حتى وإن أغرتك العروض، ففعالية المكوّنات النشطة تتراجع بمرور الوقت كما هو معروف. ولعلنا نخلص إلى أن المكملات الغذائية ليست عدوًا محضًا، وفي الوقت نفسه ليست صديقًا صدوقًا. فالتوازن في استخدامها وقبل ذلك التشخيص واستشارة المتخصصين هي الضمان الأمثل لجلب فوائدها ودرء مفاسدها. أما الاستهلاك الوقائي لمجرد الاطمئنان وإشباع هوس في نفس يعقوب، فقد ينتهي بالمرء إلى تكبد أعباء مالية لا طائل منها، ناهيك عن آثارها الجانبية ومضاعفاتها الصحية المحتملة بنسب عالية.


الوطن
منذ 5 ساعات
- الوطن
المكملات الغذائية ضرورة أم ترف
باتت المكملات الغذائية في السنوات الأخيرة جزءًا من السلوك الاستهلاكي اليومي، ليس في مراكز اللياقة وبناء الأجسام وحسب، بل على رفوف الصيدليات، ومنصات التواصل الاجتماعي والمتاجر الإلكترونية. كبسولات أنيقة، وأشرطة حبوب منمقة، وعبوات براقة، ووعود بالصحة، والمناعة، والطاقة الدائمة. وسط هذا الضجيج «الصحي» النشط، يتبادر إلى الذهن تساؤل قد يزعج المنتفعين من هذا السوق: هل فعلًا نحتاج إلى هذه المائدة الضخمة من المكملات الغذائية؟ أم أننا ضحايا تجارة رائجة تستغل هوس البعض بالصحة والحيوية والجمال والشباب الدائم؟ وفي هذا السياق، يحسن بنا تأمل أرقام تجسد هذه الظاهرة في حجمها الحقيقي وتبين مدى جدية الأمر. إذ تشير بيانات شركة Grand View Research إلى أنّ حجم السوق العالمي للمكمّلات الغذائية بلغ قرابة 192 مليار دولار في 2024، مع توقّعات بتجاوزه ليصل إلى 327 مليار دولار بحلول 2030، أي بمعدّل نمو سنوي مركّب يقارب 9%. هذا الإنفاق المالي الهائل يفسّر ضراوة الحملات الإعلانية، ويضع علامة استفهام حول الفجوة بين حجم الإنفاق العالمي والعائد الصحي الفعلي الذي يجنيه المستهلكون من هذه المنتجات. غير أنّ المؤشرات الاقتصادية لا تسرد الواقع بكل تفاصيله، فبيانات الصحة العامة تكشف جانبًا مُغايرًا لا مناص لنا من التعريج عليه. حيث إن تقريرًا صادرًا عن «مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها» في الولايات المتحدة الأمريكية يشير إلى أن أكثر من 52% من البالغين الأمريكيين يتناولون مكملات غذائية بشكل يومي، ويؤكد «المعهد القومي للصحة» بما لا يدع مجالًا للشك أن غالبية المستخدمين لا يعانون من أي نقص يستوجب التعويض. بل إنه من المفارقة للأسف أن هذه المكملات الغذائية لا تخضع لنفس المعايير الصارمة التي تقيِّد الأدوية والعقاقير الطبية وتنظم وصولها إلى المستهلك، فهي (هذه المكملات الغذائية) تدخل الأسواق بأقل حد من الرقابة الصحية والغذائية وبكثير من التسويق والتلميع الاحترافي. أما على صعيد جودة ما يُعرض في الأسواق، فتُظهر الدراسات الميدانية حقائق أكثر ترويعًا. إذ إن تحقيقًا آخر منشورًا في JAMA Network Open عام 2022 حلّل واختبر ثلاثين منتجًا من المكمّلات الغذائية التي تستهدف تعزيز أداء الرياضيين وتحسن بنيتهم الجسدية، خلُص إلى أنّ 13 منتجًا فقط طابقت مكوّناتها المكتوبة على ملصقاتها والنشرات المصاحبة لها، في حين افتقر الباقي منها إلى الدقّة أو احتوى على عناصر غير مُعلنة على أقل تقدير. هذه النتيجة المفجعة والتي تلامس صحة المستهلك بشكل مباشر سلّطت الضوء على هشاشة الرقابة في هذا القطاع، وأكّدت أهمية اعتماد اختبارات من أطراف متخصصة محايدة قبل الوثوق بأي فيتامينات أو مكملات غذائية مهما ذاع صيتها وانتشرت دعاياتها وزكاها المشاهير. وعلى الرغم من هذه المخالفات، يبقى للمكمّلات الغذائية وما على شاكلتها من منتجات مواضع استعمالٍ مشروعة يقرُّها أهل الاختصاص. إذ نجد أن كثيرًا من الأطباء يقرون بأن بعض هذه المكملات الغذائية ضرورة حتمية في ظروف محدودة جدا وبتوصية من خبراء متخصصين. كالنساء الحوامل اللائي يحتجن لحمض الفوليك، وكبار السن ممن شُخص لديهم ضعف امتصاص [فيتامين ب 12]، وكذلك سكان المناطق الباردة المفتقرين [لـ فيتامين د] الناجم عن غياب أشعة الشمس المباشرة لفترات زمنية طويلة. على صعيد آخر، يطرح الطبيب النمساوي «بيتر كرامر» تساؤلًا منطقيًا في مقال علمي بمجلة Lancet على سبيل التحذير والتنبيه، «ما الذي يدفع كثيرًا من المفعمين بالصحة والعافية إلى تعاطي هذه المنتجات دون التفكير في استشارات متخصصة؟» لا ريب أن جواب سؤال كهذا لا يحتاج إلى كثير من التفكير والتمحيص، فذلك ــ لعمري ــ ناجم عن ثقافة الناس وقناعاتهم التي شكلتها إستراتيجيات التسويق المنهمرة عليهم. ناهيك عن كوننا بتنا نعيش في عصر القلق الصحي، عصر يخشى فيه الإنسان الوهن أكثر من المرض والشيخوخة أكثر من الموت. وفي سياق كهذا، تصبح كبسولة أو ملعقة شراب أشبه ما يكون بوعد لا يشوبه شك بوافر الطمأنينة الصحية والرضى النفسي عن الذات. فمن منا يرضى أن يوصف بالإهمال في صحته، ومن منا لديه الاستعداد للتخلف عن قافلة «الحياة الأفضل» المزعومة. حينها، تصبح هذه الحبوب والكبسولات والإبر والمشروبات أدوات ترمز للحماية والوقاية والتحسين، وللعلاج في بعض الأحيان، بل وإلى الرقي الثقافي وفق اعتقادات البعض. في مجتمعاتنا، ومع زيادة الوعي الصحي بأهمية العناية بالغذاء وسلوكيات المأكل والمشرب، دخلت شركات المكملات الغذائية على خط التسويق والتعريف والإشهار بكل ما لديها من أموال ونفوذ. صفحات إنستغرام وفيسبوك وغيرها من المنصات لا تنفك توصي بكبسولات «الحيوية والنشاط»، ومتاجر إلكترونية تَعِدك بـ«نظام مناعة لا نظير له» دون الحاجة لوصفات أو تحاليل على حد زعمهم، وأخرى تدعي منحك الجسد الذي تحلم به ودون أي تضحيات من لدنك سوى شيء من المال. هذا الطوفان من الدعايات الذي يستهدف العقل الباطن يضع المستهلك في موقف لا يميز فيه بين الضرورة العلاجية والترف صحي الذي لا طائل منه، بل وقد يقود إلى ما لا يحمد عقباه. القضية يا إخوه لا تتعلق بنفي فوائد المكملات الغذائية مطلقًا، بل في تحجيم تعميمها، وربط استخدامها بحالات صحية واقعية وفق أسس علمية مدروسة. فالطبيب هو من يحدد الحاجة لها، وليس ذلك المؤثر أو المشهور في وسائل التواصل الاجتماعي. وحدها التحاليل المعملية والطبية هي الفيصل، وليست الإعلانات التسويقية التي تلاحقنا أينما ولينا وجوهنا. أما إن وجد المرء منا نفسه لا مناص له من تعاطيها بعد أن وصفها له المختص، فلا بد من اتباع بضع خطوات تضمن له ــ بإذن الله ــ تحقيق ما يرجوه وبأقل أثر سلبي إن وجد. أولى هذه الخطوات عند اختيار المنتج، فينبغي التأكد من وجود ختم أو شعار لجهةٍ محايدة على المنتج مثل USP أو NSF أو Informed-Sport، وهي منظمات عالمية معروفة، بعضها غير ربحية متخصصة في تحليل ودراسة واختبار هذه المنتجات للتأكد من صلاحية استخدامها ومطابقة ما كتب على ملصقاتها ونشراتها مع ما تحتويه فعليًا من مواد وعناصر. ثم تأتي الخطوة الثانية والتي يجب فيها على المستهلك منا إلقاء نظرة فاحصة على خانة «% DV» التي تبيّن نسبة ما يلبّيه المنتج من احتياجه اليومي، فارتفاع الجرعة لا يعني بالضرورة زيادة الفائدة، بل على النقيض قد يرهق الكبد والكُلى. وأخيرًا تجنب أي عبوة اقترب تاريخ انتهاء صلاحيتها حتى وإن أغرتك العروض، ففعالية المكوّنات النشطة تتراجع بمرور الوقت كما هو معروف. ولعلنا نخلص إلى أن المكملات الغذائية ليست عدوًا محضًا، وفي الوقت نفسه ليست صديقًا صدوقًا. فالتوازن في استخدامها وقبل ذلك التشخيص واستشارة المتخصصين هي الضمان الأمثل لجلب فوائدها ودرء مفاسدها. أما الاستهلاك الوقائي لمجرد الاطمئنان وإشباع هوس في نفس يعقوب، فقد ينتهي بالمرء إلى تكبد أعباء مالية لا طائل منها، ناهيك عن آثارها الجانبية ومضاعفاتها الصحية المحتملة بنسب عالية.


الوئام
منذ 2 أيام
- الوئام
العطور تُضعف دفاعات الجسم ضد الملوثات
كشفت دراسة علمية جديدة أن استخدام العطور أو مستحضرات ترطيب البشرة المعطرة قد يؤثر سلبًا على الصحة، من خلال تعطيل توازن سحابة كيميائية غير مرئية تحيط بجسم الإنسان، وتعمل كخط دفاع طبيعي ضد الملوثات. أفادت الدراسة، التي شارك في إعدادها باحثون من جامعة كاليفورنيا ومعهد ماكس بلانك للفيزياء في ألمانيا، بأن جسم الإنسان محاط بسحابة دقيقة تُعرف علميًا باسم 'مجال الأكسدة'، والتي تنشأ بفعل تفاعل الأوزون مع الزيوت الطبيعية على سطح الجلد، مثل السكوالين، وهي مادة تحافظ على نضارة البشرة. ومن خلال هذه التفاعلات، تنتج جزيئات تُعرف بـ'جذور الهيدروكسيل'، وهي جزيئات نشطة تُعرف بقدرتها على تنقية الهواء وتحييد الملوثات، ما يجعلها تُوصف بـ'منظفات الجو'. ولفهم تأثير مستحضرات التجميل على هذه السحابة، أجرى الفريق دراسة تجريبية على أربعة متطوعين، راقبوا خلالها التغيرات في السحابة الواقية قبل وبعد استخدام العطور أو مرطبات الجسم المعطرة. وخلص الباحثون إلى أن استخدام العطور أدى إلى انخفاض بنسبة 86% في كثافة السحابة الواقية، في حين قللت مرطبات الجسم المعطرة من هذه السحابة بنسبة 34%. وأشار الباحثون إلى أن ضعف هذه السحابة الكيميائية قد يرتبط بتدهور في وظائف الجهاز التنفسي، وزيادة الالتهابات، وارتفاع مستويات الإجهاد التأكسدي، إضافة إلى تراجع في صحة الأوعية الدموية وزيادة خطر ارتفاع ضغط الدم. كما نوهت الدراسة إلى أن العطور لا تُعتبر ضارة بذاتها، ولكن تفاعلها مع هذه السحابة الدقيقة قد يُعطّل فوائدها الوقائية. وأعادت النتائج الجديدة تسليط الضوء على تحذيرات سابقة بشأن تأثير العطور على الصحة، إذ كشفت دراسات أخرى أن التعرض المباشر للعطور يمكن أن يُسبب مشكلات مثل الصداع، الربو، الطفح الجلدي، التهاب الجيوب الأنفية، الحساسية، والأكزيما. فيما حذرت دراسة بريطانية من خطر استخدام العطور على الجلد مباشرةً، مشيرة إلى إمكانية تكوّن بقع داكنة دائمة لا يمكن التخلص منها إلا بالعلاج بالليزر.