logo
كيف منعتنا صنعاء من الكُفر بالعروبة؟

كيف منعتنا صنعاء من الكُفر بالعروبة؟

أعادت صنعاء تعريف ما يمكن للعربي أن يكونه؛ لا تابعاً ولا مفرّطاً، بل فاعلاً وصلباً؛ وحين اختنق البعض تحت ثقل الهزيمة، فتحت صنعاء نافذة للأمل.
في زمنٍ طغى فيه الصمت الرسمي والخذلان العربي، ارتفعت من صنعاء صرخة الكرامة، لا بالشعارات وحدها، بل بالمواقف الفعلية والتحركات الميدانية.
منذ انطلاق عملية 'طوفان الأقصى' التي دشّنتها المقاومة الفلسطينية في أكتوبر/تشرين 2023، وما تلاها من عدوان إسرائيلي غاشم، سجّلت صنعاء حضوراً عربياً نادراً، كسر قاعدة الصمت، ورسّخ معادلة جديدة في الصراع العربي الإسرائيلي، عنوانها: 'من اليمن يأتي الرد'.
في لحظةٍ كاد فيها اليأس أن يبتلع الوعي العربي، ويكفُر الناس بجدوى الكرامة والنضال، وينحني الجميع لـ'السيد الأميركي'، برزت حركة أنصار الله من اليمن، كضوءٍ في آخر النفق، تثبت أن العرب لم يُخلقوا للاستسلام، وأن في الأمة نبضاً لم يمت.
لم تكن صواريخها الموجهة نحو الكيان المحتل مجرد أدوات حرب، بل رسائل إيمان: أن المقاومة ممكنة، وأن العدو ليس أسطورة عصية على الهزيمة، وأن الدم العربي لا يزال قادراً على أن يُفاجئ العالم.
لقد أعادت صنعاء تعريف ما يمكن للعربي أن يكونه؛ لا تابعاً ولا مفرّطاً، بل فاعلاً وصلباً؛ وحين اختنق البعض تحت ثقل الهزيمة، فتحت صنعاء نافذة للأمل، ومنعت أمةً بأكملها من الكفر بذاتها وقدرها. صنعاء تُطلق الصواريخ… والخليج يستقبل ترامب
في مشهد يكشف حالة الانقسام العربي، كانت صنعاء تطلق صواريخها على 'إسرائيل'، بينما كانت دول الخليج تفتح أبوابها للرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال جولته التي بدأها من الرياض بتاريخ 13/5/2025، إذ بدا المشهد وكأن هناك فُسطاطين عربيين: أحدهما يوقّع على الاستثمارات، وآخر يقاتل بالصواريخ.
خلال 24 ساعة، كانت المقاومة اليمنية قد أطلقت ثلاثة صواريخ باتجاه الأراضي المحتلة، مُستهدفة مواقع عسكرية بطائرات مسيّرة وصواريخ بالستية طويلة المدى، وقد أسفرت الهجمات عن تعليق لعمليات الهبوط والإقلاع في 'مطار بن غوريون'، في أجواء مشحونة بالقلق والتأهب، خاصة بعدما تكررت العمليات العسكرية اليمنيّة خلال فترة زمنية قصيرة.
جرى ذلك في الوقت الذي كان يزهو فيه دونالد ترامب داخل قاعدة العديد، متباهياً بنجاحه في توقيع صفقات اقتصادية وعسكرية بمئات المليارات مع المسؤولين في السعودية والإمارات وقطر، وسط تجاهل واضح للعدوان على غزة.
في خطابه الأخير، لمناسبة ذكرى النكبة الفلسطينية، قال قائد حركة أنصار الله، السيد عبد الملك الحوثي، أن القوات المسلحة اليمنية نفّذت تسع عمليات خلال أسبوعٍ واحد، تزامن بعضها مع كلمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقد استهدفت العمليات فرض حظرٍ جوي على العدو الإسرائيلي، إذ لا تزال عشرات شركات الطيران تُعَلِّق رحلاتها إلى مطار اللد (مطار بن غوريون).
اليمنيون لم يكتفوا بتعطيل الملاحة الإسرائيلية، وحظر أي سفينة يثبُت تعاونها مع دولة الاحتلال من المرور في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، بل استطاعوا فرض حظر جوي أيضاً على الإسرائيليين، عبر صواريخهم ومسيّراتهم التي تطير بشكل دوري لأكثر من 2000 كم، وتسقط في أهم المدن الإسرائيلية، بالشكل الذي أثّر سلباً على الاقتصاد الإسرائيلي، وأبكى عيون قادة أحزاب اليمين المتطرف، وهم يرصدون ملايين الإسرائيليين يفرّون إلى الملاجئ. لماذا تختلف صنعاء عن العواصم العربية الأخرى؟
من البداية، نظرت صنعاء إلى قضية فلسطين باعتبارها معركة وجود، وليست مجرد قضية تضامن، لذا شرعت بتنفيذ عمليات عسكرية فعليّة ضد الكيان الصهيوني، في مشهد غير مسبوق على مستوى الوطن العربي منذ عقود؛ وفي مقابل الصواريخ اليمنية، أقصى ما قدّمه كثير من العواصم العربية لم يكن أكثر من عبارات عاطفية جوفاء، تُظهر الشفقة على أهالي غزة، وتلمز في الوقت ذاته من جهة المقاومة الفلسطينية، مُحمّلة إياها –ضمنيًا أو صراحةً– مسؤولية ما آلت إليه الأمور.
لقد بدا المشهد كأن هناك من يخجل من قوة الفلسطينيين، أكثر مما يغضب من بطش المحتل!، لكن الخطاب القادم من صنعاء، دوماً ما قلب الموازين، فلم يتردد في إعلان الدعم للمقاومة الفلسطينية، والدفاع عنها، وحثّ الشعب العربي على الالتفاف حولها، منذ اندلاع الحرب، وحتى الجمعة الماضية، التي شهدت خروج ألف وسبعٍ وستين مَسِيرةً يمنيّة حاشدة ومصغَّرة، بحسب المحافظات، بدءاً من ميدان السبعين، وصولاً إلى المديريات والأرياف.
رفضت صنعاء التطبيع، مؤكدة أن كرامة الأمة لا تُباع مقابل صفقات أو تحالفات سياسية، وأن الاعتراف بـ'إسرائيل'، هو خيانة كبرى، وارتداد كامل عن نصرة القضية الفلسطينية العادلة، كما فضحت الدور الأميركي، عبر التأكيد أن علاقة واشنطن بالأنظمة العربية قائمة على الابتزاز، وأن الإسرائيلي هو شريكٌ في كل المكاسب الأميركية سواء كانت مالية أم سياسية.
في المحصّلة، يمكن اختصار رسالة صنعاء التي حملتها طوال العامين الماضيين، بما يلي:
1. تعريف جديد للدعم العربي لفلسطين
لم تكتفِ صنعاء بالبيانات والتعاطف الإعلامي، بل انتقلت إلى فعلٍ ميداني مباشر، فأطلقت الصواريخ، وهددت مصالح العدو، مؤكدة أن الدعم الحقيقي يُقاس بالأفعال لا بالكلمات.
2. ترسيخ معادلة ردع إقليمية
أظهرت أن الاعتداء على الفلسطينيين لن يمر من دون تكلفة، وأن أي استهداف لفلسطين يعني اضطراباً افي الممرات الدولية ومواجهة مفتوحة مع مناصري المقاومة.
3. كشف ازدواجية المواقف العربية
أظهرت المفارقة الحادة بين من يطبّع ويهادن، وبين من يقاوم ويدفع الثمن، ما جعل مواقف الخضوع والتطبيع تبدو عارية من أي مبرر أخلاقي أو استراتيجي.
4. إسقاط أسطورة التفوق الإسرائيلي
من خلال الصواريخ والطائرات المسيّرة، والقدرة على تعطيل الملاحة، أثبتت صنعاء أن الردّ العربي ممكن، وأنّ الردع لا يزال في متناول اليد بشرط توافر الإرادة.
5. القدرة على تحدي الولايات المتحدة
صمدت صنعاء في وجه الجيش الأميركي الذي أبحرت حاملات طائراته حتى مضيق باب المندب لقصف أبناء اليمن، ولم تنجح القوات الأميركية في إجبار القيادة اليمنية على التخلي عن واجبها في معركة إسناد فلسطين، وما كان من دونالد ترمب إلا أن أعلن، في نهاية المطاف، وقف عدوانه، منسحباً من المنطقة… لكن قبل ذلك، كان مجبراً على وصف أبناء حركة أنصار الله بالمقاتلين الأشداء.
6. تجسيد العروبة كهوية نضالية
قدّمت صنعاء النموذج الصحيح للعروبة: عروبة تُقاوم لا تساوم، تقف مع فلسطين لا ضدها، وتنحاز للمظلوم لا للمحتل. هذا النموذج أعاد إحياء شعور الانتماء في أمة كادت أن تفقد الثقة بنفسها. صنعاء.. حين أيقظت أمة نائمة
اليوم تتجسد الكرامة العربية من صنعاء، لا من عواصم الرفاه. وبينما فُرِش السجّاد الأحمر منذ أيامٍ لرئيسٍ زوّد الاحتلال كل أسباب القتل والبطش، كانت صنعاء تردّ بالصواريخ والمواقف الصلبة. هناك، وُقّعت الصفقات، وهنا، كُتبت الرسالة بمداد النار: أن العروبة ليست زينةً للخطاب، بل مسؤولية تُحمَل حين تشتدّ المحنة.
في هذا السياق، يبرز قادة حركة أنصار الله كشموسٍ في سماء محور المقاومة، يخاطبون الأمة من صنعاء، بلغة العزيمة والبصيرة، تماماً كما كان يفعل السيد حسن نصر الله من بيروت، قبل ارتقائه شهيداً. جميعهم يُشكّلون أصواتاً عقائدية مقاومة، تنطلق من أرض مُحاصرة لتخاطب أمة محاصَرة بالتخاذل.
وبينما يُفتقد حضور كثير من الزعماء العرب على منابر الكرامة، يرى أنصار المقاومة في أبناء صنعاء عزاءً وتوازناً، وامتدادًا لخطّ السيد نصر الله في الصدق والبصيرة والارتباط العضوي بفلسطين، وفي وجه الردّة الجماعية، بات هذا الصوت مرجعًا للمقهورين، ولمن لم ينسَ بعدُ أن العروبة الحقّة لا تصافح اليد التي تلطّخت بدماء أطفال غزة. ــــــــــــــــــــــــــ السيد شبل

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مسيران لخريجي دورات "طوفان الأقصى" في عبس بحجة
مسيران لخريجي دورات "طوفان الأقصى" في عبس بحجة

وكالة الأنباء اليمنية

timeمنذ 6 ساعات

  • وكالة الأنباء اليمنية

مسيران لخريجي دورات "طوفان الأقصى" في عبس بحجة

حجة - سبأ : نظمت شعبة التعبئة بمديرية عبس بمحافظة حجة، اليوم مسيرين لخريجي دورات "طوفان الأقصى" في عزلتي الاوسط ومطولة تضامناً مع غزة. وعكس المشاركون في المسير، انضباطهم وحسهم العالي وجهوزيتهم الكاملة للالتحام بالقوات المسلحة لخوض معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدس" نصرة للشعب الفلسطيني ودفاعا عن الوطن. وردد الخريجون، شعارات مناهضة للعدو الأمريكي، الصهيوني ومؤكدة على الانتصار للأقصى والمظلومين والمستضعفين في غزة. وجددّوا تفويضهم لقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي باتخاذ الخيارات المناسبة لإسناد المقاومة الباسلة في غزة.

مسيران لخريجي دورات "طوفان الأقصى" في عبس بحجة
مسيران لخريجي دورات "طوفان الأقصى" في عبس بحجة

26 سبتمبر نيت

timeمنذ 6 ساعات

  • 26 سبتمبر نيت

مسيران لخريجي دورات "طوفان الأقصى" في عبس بحجة

نظمت شعبة التعبئة بمديرية عبس بمحافظة حجة، اليوم مسيرين لخريجي دورات "طوفان الأقصى" في عزلتي الاوسط ومطولة تضامناً مع غزة. وعكس المشاركون في المسير، انضباطهم وحسهم العالي وجهوزيتهم الكاملة للالتحام بالقوات المسلحة لخوض معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدس" نصرة للشعب الفلسطيني ودفاعا عن الوطن. وردد الخريجون، شعارات مناهضة للعدو الأمريكي، الصهيوني ومؤكدة على الانتصار للأقصى والمظلومين والمستضعفين في غزة. وجددّوا تفويضهم لقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي باتخاذ الخيارات المناسبة لإسناد المقاومة الباسلة في غزة.

أبناء حبيش في إب يعلنون النفير العام إسنادًا لغزة والبراءة من الخونة
أبناء حبيش في إب يعلنون النفير العام إسنادًا لغزة والبراءة من الخونة

وكالة الأنباء اليمنية

timeمنذ 10 ساعات

  • وكالة الأنباء اليمنية

أبناء حبيش في إب يعلنون النفير العام إسنادًا لغزة والبراءة من الخونة

إب - سبأ: أعلن أبناء مديرية حبيش بمحافظة إب اليوم، النكف القبلي والنفير العام لمواجهة العدوان الصهيوني، والبراءة من الخونة والعملاء تأكيدًا على ثبات الموقف المساند لغزة. وفي النكف القبلي المسلح الذي شارك فيه عدد من المشايخ والوجهاء وشخصيات اجتماعية بالمديرية، أكد مدير المديرية شوقي التويتي، أن موقف الشعب اليمني المساند للقضية الفلسطينية نابع من إيمان أصيل وراسخ، منوها بصمود اليمنيين وشجاعتهم في مواجهة قوى الهيمنة والاستكبار "أمريكا وإسرائيل". وحث على مواصلة التحشيد والتعبئة والاستمرار في الالتحاق بدورات "طوفان الأقصى" في إطار معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدس". وأعلن أبناء مديرية حبيش البراءة من كل من تورط في العمالة والخيانة، مؤكدين أنه سيتم محاكمتهم جراء خيانتهم للوطن وتعاونهم مع العدو الأمريكي والإسرائيلي. فيما جددّ الشيخ علي الشبيبي، في كلمة المشايخ، تفويض أبناء المديرية للسيد القائد في اتخاذ الخيارات اللازمة لردع الكيان الصهيوني، مؤكدًا استعداد أبناء حبيش وجهوزيتهم الكاملة في مساندة القوات المسلحة اليمنية في معركة "الفتح الموعود والجهاد المقدس". وبارك بيان النكف القبلي، تلاه الدكتور يحيى الكبسي، انتصار الشعب اليمني على العدو الأمريكي، معلناً البراءة من الخونة والعملاء والجواسيس التابعين لأمريكا وإسرائيل. وأعلن البيان، استمرار الموقف المناهض للكيان الصهيوني، مؤكداً على الموقف الثابت المساند والداعم لغزة والاستعداد الكامل للتصدي لأي عدوان يستهدف اليمن. كما بارك العمليات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة ضد العدو الإسرائيلي، مشددّاً على ضرورة مواصلة التعبئة والتحشيد والالتحاق بدورات "طوفان الأقصى"، تأهباً لأي مواجهة مباشرة مع العدو الأمريكي، الإسرائيلي ومن يتحالف معهما. وجدد البيان العهد لقائد الثورة، بالثبات على الموقف ورفض التراجع، مهما تمادى العدوان الأمريكي والإسرائيلي في ارتكاب جرائمه. تخلل النكف القبلي قصيدة للشاعر علي الصوفي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store