
دعاء للأب بالصحة وطول العمر.. كلمات جميلة ومجربة
يحرص الأبناء والبنات على ترديد دعاء للأب بالصحة وطول العمر في حياة الأب، ويدعون له بالرحمة والمغفرة بعد وفاته، ويسألون الله تعالى أن يجمعهم به في الجنة.
دعاء للأب بالصحة وطول العمر
ويمكن للأبناء والبنات حينما يرددون دعاء للأب بالصحة وطول العمر أن يقولوا هذه الكلمات الجميلة ومنها:
اللهم ألبس والدي لباس العافية حتى يهنأ بالمعيشة، واختم له بالمغفرة حتى لا تضره الذنوب، برحمتك يا أرحم الراحمين
.
اللهم لا تجعل لأبي ذنبا إلا غفرته، ولا همًا إلا فرجته، ولا حاجة من حوائج الدنيا هي لك رضا وله فيها صلاح إلا قضيتها، اللهم ولا تجعل له حاجة عند أحد غيرك.
اللهم شفع فيه نبينا ومصطفاك، واحشره تحت لوائه، واسقه من يده الشريفة شربة هنيئة لا يظمأ بعدها أبدًا.
اللهم ابعد عن والدي كل تعب واعطه الصحة والعافيه عاجلًا غير آجلا يارب.
اللهم اشفِ أبي شفاء لا يغادر سقمًا، يارب انه أغلى ما أملك يؤلمني ألمه ويبكيني تعبه
اللهم اشفِ أبي من كل تعب اللهم إني استودعتك اياه.
اللهم اسكب في جسد أبي نهرًا من الراحة يسري في أوردته، ربي أرح ثم هوّن ثم اشفِ كل نفس لا يعلم بوجعها إلا أنت يا أرحم الراحمين.
دعاء للأب بالصحة والعافية
(اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ، وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ، وَعَذَابِ، القَبْرِ اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا).
(اللهمَّ اقسمْ لنا من خشيتِك ما يحولُ بيننا وبين معاصيكَ، ومن طاعتِك ما تبلغُنا به جنتَك، ومن اليقينِ ما يهونُ علينا مصيباتِ الدنيا، ومتعنَا بأسماعِنا وأبصارِنا وقوتِنا ما أحييتَنا، واجعلْه الوارثَ منا، واجعلْ ثأرنا على منْ ظلمَنا، وانصرْنا على منْ عادانا، ولا تجعلْ مصيبَتنا في دينِنا، ولا تجعلِ الدنيا أكبرَ همِّنا، ولا مبلغَ علمِنا، ولا تسلطْ علينا منْ لا يرحمُنا).
(اللَّهُمَّ فإنِّي أَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ القَبْرِ وَعَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الغِنَى، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الفَقْرِ، وَأَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الخَطَايَا، كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ فإنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ الكَسَلِ، وَالْهَرَمِ، وَالْمَأْثَمِ، وَالْمَغْرَمِ).
دعاء للأب الميت
اللهمّ اجز ابي عن الإحسان إحسانًا، وعن الإساءة عفوًا وغفرانًا.
اللهمّ إن كان أبي محسنًا فزد من حسناته، وإن كان مسيئًا فتجاوز عن سيئاته.
اللهمّ انقل ابي من مواطن الدّود، وضيق اللّحود، إلى جنّات الخلود.
اللهم اجعل عن يمينه نورًا، حتّى تبعثه آمنًا مطمئنًّا في نورٍ من نورك.
اللهمّ اجعل قبر ابي روضةً من رياض الجنّة، ولا تجعله حفرةً من حفر النّار.
اللهمّ افسح لأبي في قبره مدّ بصره، وافرش قبره من فراش الجنّة.
اللهمّ أعذ ابي من عذاب القبر، وجفاف الأرض عن جنبيها.
اللهمّ املأ قبر ابي بالرّضا، والنّور، والفسحة، والسّرور.
اللهم ارحم من مات بالدنيا ولم يمت بقلوبنا اللهم ارحم أبي واسكنه جنتك.
اللهم ارحم أبي فقيد قلبي واغفرله وآنس وحشته ووسع قبره اللهم اجعل عيده في الجنة أجمل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 3 ساعات
- صدى البلد
ماذا يفعل المسلم إن أصابه هم أو بلاء؟.. الأزهر يوضح
كشف مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عن أمور ينبغى على المسلم فعلها إذا أصابه هم أو بلاء. وقال مركز الأزهر عبر موقعه الرسمي، إذا أصاب المسلم هم أو بلاء فعليه أن يفعل ذلك: يذكر الله ويسترجع يتأسى بسير الأنبياء والصالحين يعلم أن الله قادر على دفع البلاء عنه يحتسب أجر الصبر والتسليم الله ينظر للحكمة من البلاء ويتعلم منه يلجا إلى الله بالدعاء يوقن أن رب الخير لا يأتي إلا بالخير يعلم أن مع العسر يسرا ما ينبغي على المسلم فعله للنجاة من مهالك الدنيا والآخرة قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن من أخبث مهالك اللسان في أيامنا هذه، هي القول على الله بغير علم، ويتمثل ذلك في القول في الدين وأحكامه بمجرد الرأي دون إلمام بعلومه، وعليه فنرى غير المتخصصين يقحمون أنفسهم للإفتاء في دين الله بغير علم. وتابع علي جمعة عبر صفحته على فيس بوك: لذا فإن من العبارات الشائعة في كتب الفتوى قولهم: (خذ بفتواه ولا تلتفت إلى تقواه) وهي قاعدة جليلة تنبه على الفرق بين علم الدين وبين التدين العملي، وأن علم الدين هو علم كسائر العلوم، له مبادئ وقواعد ومصطلحات ومناهج وكتب وترتيب ومدارس وأسس وتاريخ و.... إلخ. وأضاف علي جمعة أن علم الدين يحتاج أيضًا إلى أركان العملية التعليمية، التي لا يتم العلم إلا بها، وهي: الطالب، والأستاذ، والكتاب، والمنهج، والجو العلمي، وأن طريق التعلم له درجات مختلفة كدرجات التعليم العام ثم التعليم الجامعي ثم الدراسات العليا بدرجاتها المختلفة، وله أيضًا أساليبه المختلفة للتمكن منه، بعضها نظري، وبعضها تطبيقي، وبعضها حياتي وعملي، كما أن أداءه يختلف من رسالة علمية إلى كتاب مقرر، إلى بحث في مجلة محكمة، إلى بحث للمناقشة أو كمحور في مؤتمر للجماعة العلمية يخبر فيه صاحبه تلك الجماعة بنتائج. واستطرد علي جمعة: سيظل أمر الجماعة العلمية دائما مختلفًا تبعًا للمنح الربانية، والعطايا الصمدانية، والمواهب التي يمنحها الله لكل شخص يتميز بها على الآخرين، وسيظل أمر التخصص العام مُراعى والتخصص الدقيق مطلوب، وسيظل هناك فارق بين من ينجح في تحصيل الدروس ولا ينجح في الحياة، ومن ينجح فيها ومن وصل إلى مرتبة الحجة والمرجعية، ولا يحسن التعامل مع الحياة أو يحسن التعامل معها كما قال شوقي في أواخر قصيدة (كتابي): وكم مُنْجِبٍ في تلقي الدروس ** تلقَّى الحياةَ فلم يُنْجِبِ وذكر علي جمعة أن كل هذه المعاني نراها في كل مجال، ولعل أقرب مجال ينطبق عليه ما ينطبق على علم الدين هو مجال الطب، وعلم الطب، انظر إلى كل ما ذكرناه وكأننا نتكلم عن علم طب الأبدان، في حين أنني كنت أؤكد على علم حفظ الأديان، وكل ذلك يختلف عن حق الناس في رعاية صحتها والوقاية من الأمراض والعلاج منها، ومبادئ الحياة الصحية الصحيحة التي يتمناها كل إنسان، بل هي من حقه، كما يختلف علم الدين عن التدين الذي هو لازم لكل إنسان ويحتاجه كل أحد من الناس، بل يحتاجه الناس على مستوى الفرد والجماعة والأمة. وأشار إلى أنه على الرغم من وضوح الفرق بين علم الدين والتدين، أو علم الطب ومراعة الصحة العامة، إلا أن هذا الفرق غير معترف به في غالب ثقافتنا، ونرى خلطًا ضارًّا له صور منتشرة في جميع القطاعات لم ينج منه إلا من رحم الله- وهم قلة في ثقافتنا السائدة- وأرجو الله أن يفتح البصائر بهذه الدعوى لمراجعة جد مهمة لمواقف كثير من علمائنا ومفكرينا بشأن موقفهم من هذه البدهية. واستطرد: إننا نرى ما يؤكد أنه ليس هناك اعتراف بالفرق بين علم الدين والتدين، من ذلك أن أستاذ العلوم أو الزراعة أو الصحافة أو الهندسة أو الطب صار يتكلم في شأن الفقه، ويناقش الفتوى التي صدرت ممن تخصص وأمضى حياته في المصادر وإدراك الواقع، وما هذا إلا لأنه مثقف ديني، أو لأنه لا يعرف، أو لم يقتنع بالفرق بين علم الدين وبين التدين، ويرى أن الأمر مباح ومتاح للجميع. وكذلك نرى عدم إدراك لمعنى الفتوى؛ حيث يتم الخلط بينها وبين السؤال أو الرأي والذي يكون حظ السؤال الجواب، وحظ الرأي إبداؤه ثم مناقشته، فالفتوى مثل حكم القاضي لا يتتبعه القاضي بعد صدوره وليس قابلاً للنقاش، ولكن هو قابل للاستئناف عند محكمة أعلى أو للنقض أو الإبرام عند محكمة أكبر، وعلى ذلك فعدم الرضا بالفتوى يتطلب فتوى من جهة أعلى، ولا يتطلب اعتراضًا من هنا أو من هناك، وعدم الرضا بأمر الطبيب، لا يعني إهمال الأمر، بل يستلزم الاستشارة ممن هم أكثر منه مرجعية أو علمًا أو خبرة ولا يحق لأحد من الناس أن يناقش الطبيب في رأيه ويكتفي بذلك لرفض الطب والجلوس بلا علاج. إن كثيرًا من الناس يفزع إذا ما نبهناه إلى هذا المثال ويبادر برفضه ويدعي أن ذلك حجرًا على الرأي أو على حريته، والأمر لا يتعلق برأي ولا بحُرِّية بقدر ما يتعلق بمنهج للفكر المستقيم يجب اتباعه بدلا من هذه المهزلة السخيفة بأن يَهْرِف كل أحد بما لا يعرف. لذا فينبغي على المسلم حتى ينجو بسلام من مهالك الدنيا والآخرة أن يحفظ لسانه، ويمسكه عن الباطل والحرام والقول على الله بغير علم.


شبكة النبأ
منذ 4 ساعات
- شبكة النبأ
كيف تتحرر من قيود الحسد وتعيش بسلام؟
قلب الحاسد لا يعرف الفرح بخير يصيب النَّاس، ويُضمر الألم والغضب كلَّما رأى غيره في رخاء أو رفعة، ويتعدَّى ذلك إلى تمنِّي زواله عنهم، أو أن تحلَّ بهم المصائب والنكبات، حتَّى ولو لم ينله منها نفعٌ أو خير؛ وهذه الحالة تعكس خللًا أخلاقيًّا عميقًا، وانفصامًا بين قلب الإنسان وفطرته... بين صراعات النَّفس وتقلبات المشاعر، يطلُّ الحسد كأحد أشدِّ الأمراض القلبيَّة فتكًا بطمأنينة الإنسان وسكينته؛ فهو شعور مرير ينشأ حين تضيق النفوس بما قسمه الله (تعالى) لغيرها، فيفسد العلاقات، ويطفئ نور القلب، ويجعل صاحبه غريبًا وفقيرًا، حتَّى وإن كان غارقًا في النِّعم. لكن هل يمكن التَّخلص من هذا الشعور الثَّقيل؟ وهل يستطيع الإنسان أن يتحرَّر من قيده ليعيش بسلام مع نفسه ومع الآخرين؟ في هذا الموضوع، نغوص في أعماق النَّفس لنفهم طبيعة الحسد، وجذوره، وآثاره، ثمَّ نرشد الخطى إلى طريق الخلاص منه، عبر تقوية الإيمان، وتزكية النَّفس، وتغيير زاوية النَّظر إلى الحياة والنَّاس؛ إنَّها رحلة نحو قلب أنقى، ونفسٍ مطمئنة، وحياة يغمرها الرضا، خالية من المقارنات السامَّة التي تسرق راحة البال. المحور الأوَّل: تعريف الحسد وصفات الحاسد. الحسد لغةً: "يقالُ: حَسَدهُ الشَّيء، وعليهِ يحسدُه، ويَحسُدُه حَسَدًا، وحُسُودًا وحَسادةً، وحَسَده: تمنَّى أن تتَحوَّلَ إليه نعمتُه وفضيلتُه..."(1). وأمَّا اصطلاحًا، فإنَّ الحسد: "حالة نفسيَّة يتمنَّى صاحبها سلب الكمال والنِّعمة التي عند الآخرين سواء أكان يملكها أم لا، وسواء أرادها لنفسه أم لم يردها"، وهذا يختلف عن الغبطة؛ لأنَّ صاحب الغبطة يريد النِّعمة التي توجد لدى الآخرين، أن تكون لنفسه، من دون أن يتمنَّى زوالها عن الآخرين(2). إنَّ التمييز بين الحسد والغبطة ينبع من تأمل دقيق في موقف الإنسان النَّفسي تجاه النعم التي يغدقها الله (تعالى) على غيره من عباده؛ فطبيعة تفاعل النَّفس البشريَّة مع تلك النعم تكشف لنا عن معدنها، وعمق إيمانها، ونقائها من أمراض القلوب. ولتقريب الصورة وتيسير الفهم، يمكننا تصنيف موقف الإنسان عند رؤيته لنعم الله (سبحانه) التي أفاض بها على الآخرين إلى حالتينِ أساسيتينِ: الحالة الأولى: أن يشعر بانقباض في صدره، وضيق في قلبه عند رؤيته للنعمة في يد غيره، فلا يطيق أن يراها تُسعد غيره؛ ويضمر في نفسه أمنية خبيثة بزوالها عنهم، سواء حصل عليها هو أم لم يحصل. الحالة الثَّانية: لا يجد المرء في نفسه ضيقًا من نعمة أنعمَ الله (عزَّ وجلَّ) بها على غيره، ويفرح بها أو يقبلها على الأقل، ولكنَّه في الوقت نفسه يتمنَّى أن يُكرمه الله (تعالى) بمثلها، من دون أن تزول تلك النعمة عن صاحبها. وهذا الشعور النبيل يُعرف بالغبطة، وهو دليل على صفاء القلب، وسمو النفس، وحسن الظنِّ بالله (سبحانه)؛ فالغبطة طموح مشروع، مكلَّل بالدعاء والأمل، منزَّه عن الحقد والعداوة. وهكذا، يتبيَّن الفرق بين الحسد والغبطة في نيَّة الإنسان وتمنيه؛ فالحاسد يريد زوال النِّعمة عن الآخرين، والغبوط يريد لنفسه مثل ما للآخرين من دون أن ينقص من حظهم شيءٌ. - صفات الحاسد: من يتأمَّل في أحاديث الرسول الأعظم محمَّد (صلَّى الله عليه وآاله) وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام)، ويغوص في كلماتهم النورانيَّة، يجد أنَّ الحسد مرضٌ قلبي خطير له آثار مدمرة على الفرد والمجتمع. وقد رسمت النصوص الشريفة ملامح دقيقة لشخصيَّة الإنسان الحاسد، وكشفت عن صفاته الجوهريَّة التي تجعله موضع تحذير وتنفير؛ ومن هذه الصفات: 1ـ أوَّل ما يكشفه الحسد من صفات صاحبه، أنَّه ساخط على الله (سبحانه وتعالى)، غير راضٍ بقضائه وقدَره، كأنَّما يُعرض بوجهه عن تقديرات الخالق، ويعترض على حكمته في توزيع الأرزاق والمنح؛ فالحاسد يرى في النِّعمة التي أنعمَ الله (تعالى) بها على غيره تقصيرًا في عطائه، وكأنَّ لسان حاله يقول: لماذا ليس لي مثلهم؟ ولماذا أعطوا من هو دوني؟ وقد جاءت هذه الحقيقة واضحة في الحديث الشريف عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا ابْنَ عِمْرَانَ، لَاتَحْسُدَنَّ النَّاسَ عَلى مَا آتَيْتُهُمْ مِنْ فَضْلِي، وَلَاتَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ذلِكَ، وَلَاتُتْبِعْهُ نَفْسَكَ؛ فَإِنَّ الْحَاسِدَ سَاخِطٌ لِنِعَمِي، صَادٌّ لِقَسْمِيَ الَّذِي قَسَمْتُ بَيْنَ عِبَادِي، وَمَنْ يَكُ كَذلِكَ، فَلَسْتُ مِنْهُ، وَلَيْسَ مِنِّي"(3). ومن يتدبر في هذا الحديث سيكتشف أنَّه يحمل تحذيرًا شديدًا، يكشف خطورة الحسد على العقيدة؛ فالحسد موقف اعتراضي على الإرادة الإلهيَّة، ورفض ضمني لما اختاره الله (تعالى) لعباده من أرزاق وأقدار، ومن بلغ هذا المستوى من السخط، فإنَّه قد انسلخ من جوهر العبوديَّة؛ لأنَّ العبد الصادق يرضى بكلِّ ما يقدِّره مولاه له ولغيره، ولا يعترض عليه. 2ـ الحاسد يتمنَّى السوء لغيره؛ لأنَّهم ارتقوا منزلة، أو أكرمهم الله (تعالى) بفضل من فضله. كما أنَّ قلب الحاسد لا يعرف الفرح بخير يصيب النَّاس، ويُضمر الألم والغضب كلَّما رأى غيره في رخاء أو رفعة، ويتعدَّى ذلك إلى تمنِّي زواله عنهم، أو أن تحلَّ بهم المصائب والنكبات، حتَّى ولو لم ينله منها نفعٌ أو خير؛ وهذه الحالة تعكس خللًا أخلاقيًّا عميقًا، وانفصامًا بين قلب الإنسان وفطرته السَّليمة التي تميل إلى الرَّحمة والعطاء؛ ولذلك يُعدّ الحسد من أشدِّ الرذائل الأخلاقية فتكًا؛ لأنَّه يجعل الإنسان يتقرَّب إلى الشَّر ويبتعد عن الرَّحمة، ويحرّك فيه نوازع الكراهية والتشفي، حتَّى لو كان ذلك في الخفاء. إنَّ من يتمنَّى السوء للناس، يفسد قلبه، وتظلم بصيرته، ويعيش في قلق دائم؛ إذ كلُّ نعمة لغيره تصبح بالنسبة له جرحًا لا يندمل؛ فهو في صراع داخلي لا ينتهي، ولا يهدأ له بال إلَّا إذا رأى من كان سعيدًا في كرب، ومن كان مكرَّمًا في ذلّ، ومن كان غنيًا في فقر. "ينقل التَّاريخ أنَّ الحجاج استدعى رجلين أحدهما أناني حسود، والآخر بخيل وقال لهما: ليطلب كلٌّ منكما طلبه فإنِّي أعطيه ما طلب، وأعطي صاحبه ضعف طلبته؛ فلو أنّ أحدكم طلب (1000) دينار أعطي صاحبه (2000) دينار، فليبدأ أحدكما بالطلب فدبَّ التَّردد في نفسيهما إلى أن تقدَّم الأناني وقال: أطلب أن تفقأ عيني اليسرى، فقال الحجاج لماذا؟ فردَّ الأناني الحسود: لكي تعطي صاحبي ضعف ما تعطيني فتفقأ عينيه. فقال الحجاج: ما رأيت طلبة إلَّا هذه الطلبة؟ لماذا لم تطلب مالًا أو منصبًا حتَّى تستفيد منه؟ فقال الأناني: والله أن تفقأ عيني أهون عليَّ من أن أرى صاحبي يأخذ ضعفين، وأنا آخذ نصف ما أخذ"(4). 3ـ من الصفات الخطيرة التي تكشف عن جوهر الحاسد؛ أنَّه منافق في باطنه، مريض في قلبه، وهي صفة أشار إليها الإمام الصادق (عليه السلام) بوضوح في حديثه الشريف: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغْبِطُ وَلَايَحْسُدُ، وَالْمُنَافِقَ يَحْسُدُ وَلَا يَغْبِطُ"(5). وإذا دققت في الحديث ستلاحظ أنَّ الإمام (عليه السلام) يضع معيارًا دقيقًا لتمييز صفاء الإيمان من خبث النفاق؛ فالمؤمن، بقلبه النقي ونفسه السَّليمة، إذا رأى نعمة على أحد من النَّاس، تمنَّى لنفسه مثلها من دون أن يكره وجودها لدى صاحبها، وهذا هو معنى الغبطة، وهو شعور مشرّف لا يحمل ضغينة ولا حقدًا، ويدلُّ على طموح مشروع ونيَّة طاهرة. أمَّا المنافق، فباطنه مملوء بالحقد والغل، ولا يستطيع أن يرى نعمة عند غيره إلَّا وتحركت فيه نوازع الحسد. وهو لا يعرف معنى الغبطة؛ لأنَّ قلبه لا يفرح لخير يصيب النَّاس، ويتألم حين يراهم في عزٍّ أو نجاح أو نعيم؛ لذا قال الإمام الصادق (عليه السلام) بعبارة فاصلة: "والمنافق يحسد، ولا يغبط"؛ لأنَّ الحسد وليد القلوب المظلمة، وهي صفة لا تخرج إلَّا من قلب المنافق. 4ـ الحاسد أسير للدنيا، مولع بزخارفها، شديد التعلُّق بشهواتها ومظاهرها الخادعة؛ فهو لا ينظر إلى النعم بعين الشكر أو بعين الاعتبار، ولكن ينظر بعين الغيرة والتنافس، وكأنَّ الدنيا ساحة صراع يجب أن لا يتفوق عليه فيها أحد. وقد عبّر أمير المؤمنين (عليه السلام) عن هذه النفسيَّة المريضة أبلغ تعبير بقوله: "الْحَاسِدُ لَا يَشْفِيهِ إِلَّا زَوَالُ النِّعْمَةِ"(6). أي أنَّ الحاسد لا يهدأ له بال، ولا تطمئن نفسه، ولا يبرد غيظه، إلَّا إذا رأى النِّعمة قد ارتحلت عن صاحبها، وكأنَّ وجودها في يد غيره عارٌ عليه أو تهديدٌ لمكانته. فهو لا يرضى بأن تُقسم الدنيا على الناس بعدل، ويريدها حكرًا عليه، ولا يتقبل أن يشاركه أحد في جاه أو مال أو علم أو قبول اجتماعي. ومن هنا، فإنّ الحسد في حقيقته مرآة تُظهر عبودية القلب للدنيا، وانغماسه في التنافس المادي السطحي؛ إذ تتحوّل النعم إلى سبب للعداوة لا للمحبَّة، وللتحاسد لا للتعاون؛ فالحاسد لا يسعى للارتقاء بنفسه؛ وإنَّما يتمنَّى أن ينخفض الآخرون ليشعر بالعلو، وهذه نظرة ضيقة لا يعرفها القلب الزاهد، الراضي، المطمئن بما قسم الله (تعالى). 5ـ من الصفات العجيبة التي تميز الحاسد وتدل على اضطرابه، أنه أسيرٌ لخوف دائم، وحزن مستمر، يتمحوران حول من يحسده، لا حول نفسه أو آخرتـه؛ فالحاسد لا يهنأ بعيشه، ولا يطمئن في سكينته؛ لأنَّ عينيه دائمًا شاخصتان إلى ما عند النَّاس، لا إلى ما بين يديه، وكلَّما زادت نعم الله (تعالى) على غيره، ازداد قلقه، وتضاعف حزنه، واشتعلت نار الحسد في قلبه؛ فهو في حالة مراقبة مَرَضيَّة دائمة للمحسود: هل ازداد ماله؟ وهل نجح في أمره؟ وهل نال مدحًا أو منزلة؟ فإن رأى شيئًا من ذلك، اضطرب قلبه، واكتأب صدره، وساورته مشاعر الغضب والحسرة. وهكذا يصبح قلبه حلبة صراع لا يهدأ فيها الحزن، ولا يسكن فيها الخوف؛ لأنَّه يخشى أن يتفوق عليه غيره، أو أن يُكرم أحد سواه. وعلى النقيض تمامًا، نجد قلب المؤمن، الذي لا يخاف إلَّا من الله (تعالى)، ولا يحزن إلَّا بين يديه، مطمئنًا بقضائه، راضيًا بقدره، يعلم أنَّ الأرزاق بيد الله (تعالى)، وأنَّ فضل الله (سبحانه) واسع، يعطي من يشاء ويمنع عمّن يشاء لحكمة يعلمها. 6ـ الغضب على العطاء الإلهي؛ وهذا ما يكشف عنه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله "الْحَسُودُ غَضْبَانُ عَلَى الْقَدَرِ"(7)؛ فالحاسد يغضب على القسمة الإلهية ذاتها، ويعترض – بلسان حاله إن لم يكن بمقاله – على ما كتبه الله (تعالى) من أرزاق، فيكون بذلك جاحدًا لفضل الله (تعالى)، أعمى البصيرة، لا يرى في النِّعم آيات للرحمة والكرم، وإنَّما يراها تمييزًا وظلمًا، والعياذ بالله (سبحانه). المحور الثَّاني: أسباب الحسد ومراتبه. - أسباب الحسد: لقد بيّن العلماء – رضوان الله عليهم – أنَّ الحسد له جذور وأسباب تنمو في باطن النفس حتَّى تستحكم، وتتحوَّل إلى هذا المرض الأخلاقي الخطير؛ ومن أبرز هؤلاء العلماء الذين فصَّلوا القول في هذا الباب، العلَّامة المجلسي (رضوان الله عليه)، فقد حصر أسباب الحسد في سبعة أصول(8)؛ تمثِّل كل واحدة منها خللًا عميقًا في البناء الأخلاقي للإنسان. الأوَّل: العداوة والبغضاء. إذا وُجدت العداوة بين شخصين، نشأ معها الحسد بشكل تلقائي؛ فالبغض يُنتج تمني الضرر، ولا شيء يُؤلم العدو في نظر الحاسد مثل أن يُكرم الله (تعالى) غريمه بنعمة. وكلَّما ازدادت نعمته، ازداد قلب عدوه غيظًا وكمدًا. وهذا النوع من الحسد لا يخرج إلَّا من نفس لا تعرف التسامح، ولم تتربَّ على الصفح وصفاء القلب. اقتلني!! ينقل المحدث الشيخ عباس القمي (رحمة الله عليه)، قصَّة عن الحسد مجملها: "كان أحد النَّاس يحسد جاره كثيرًا، حتَّى وصل به الحال إلى أن يعمل أعمالًا غريبة وعجيبة، بحيث أنَّه في أحد الأيَّام، قال لعبده: إنَّ لي عليك فضلًا كثيرًا، وهل جزاء الإحسان إلَّا الإحسان، وإني أطلب منك طلبًا مهمًا، وأريد منك أن تنفذه. فقال له العبد: ما هو طلبك وسأنفذه؟ قال له الحسود: سوف نذهب إلى سطح الجيران، فاذبحني هناك، وبعد ذلك سوف يطلع النَّاس على أنني قتلت، ويتهمون جارنا بقتلي ويقتلونه قصاصًا!! في البداية رفض العبد أمر سيِّده، ولكن إصرار المولى على عبده جعله يوافق، فقتل سيِّده كما أمره، وبعد ذلك عرف النَّاس بأنَّ فلانًا قُتل، وجثته وجدت في بيت الجيران، فجاءت الشرطة، وألقت القبض على الجار بتهمة القتل، ولكن قبل أن ينفّذ القصاص، جاء العبد، واعترف بكلِّ ما حدث. فأطلق سراح الشَّخص الذي أراد الحاسد الإيقاع به! فكانت النتيجة أن قتل الحسود، دون أن يحقق شيئًاً من أمانيه الخبيثة، فخسر نفسه في الدُّنيا والآخرة(9). الثَّاني: التعزُّز. بعض الناس يرون أنَّ عزّهم ومكانتهم لا تكتمل إلَّا بأن يكونوا في مرتبة أعلى من غيرهم؛ وإن رأوا أحدًا يتقدَّم، أو يُكرَم، أو يُمدح، شعروا بأنَّ ذلك يُنقص من قدرهم، واهتزّ توازنهم النَّفسي. فتراهم يغارون؛ لأنَّهم يرون أنفسهم أحقّ بها من الآخرين. وهذه النفسيَّة لا تنشأ إلَّا من ضعف التوكل، وغياب الرضا بما قسم الله (تعالى). الثَّالث: الكِبر. يرى المتكبر أي فضل على غيره هو إهانة له، وكلَّ رفعة لغيره خفضًا لمقامه؛ لذا فإنَّ الكبر والحسد توأمان لا يفترقان. الرَّابع: العُجب بالنفس. إذا أُعجب الإنسان بنفسه، واستعظم أعماله أو مكانته، ورأى أنَّه لا يستحق أحدٌ غيره ما يُعطى من الخير، أصبح حسودًا من حيث لا يشعر؛ فالعجب يجعل الإنسان يرى نفسه فوق النَّاس، ومن ثمَّ لا يحتمل أن يشاركوه في الخير، فضلًا عن أن يتقدَّموا عليه. الخامس: الخوف من فوات المقاصد. وهو أن يخاف الإنسان أن تؤثِّر نعمة غيره على مصالحه؛ كأن يُعيَّن زميله في منصب كان يتمنَّاه، أو يُفضَّل غيره عليه في أمرٍ ما، فيتمنَّى زوال النعمة خوفًا على مكاسبه الخاصَّة؛ وهذا الحسد أقرب إلى الطبع التجاري في العلاقات، حيث تُقاس الأمور بالمصالح لا بالحقِّ والعدل. السَّادس: حبُّ الرياسة والدُّنيا. من كان قلبه متعلقًا بالدُّنيا، ويلهث وراء الرئاسة والمقام، لا يقوى على رؤية غيره في موضع التقدير أو السيادة؛ لأنَّ ذلك يُهدد طموحه، ويعكِّر عليه استحواذه؛ فكلُّ ظهور لغيره تهديدٌ لمكانته، فيتحوَّل ذلك التهديد إلى حسد دفين، يزداد كلَّما ازداد المحسود إشراقًا. السَّابع: خبث الطينة أو النَّفس. وهو أخطر الأسباب؛ لأنَّ صاحبه لا يحتاج إلى مبرر ظاهر للحسد؛ بل يحسد لمجرَّد أن يرى الخير عند غيره، ولو لم يكن بينه وبينه أي عداوة أو تمايز. فطبعه منحرف، ونفسه مظلمة، لا تُطيق أن ترى أحدًا في نعمة، سواء كانت دنيويَّة أو معنويَّة. وهذا النَّوع من الحسد عميق الجذور، لا يزول إلَّا بجهاد طويل للنفس، وتربيَّة إيمانيَّة مكثفة. - مراتب الحسد: المرتبة الأولى: أسوأ مراتب الحسد هو أن يتمنَّى الإنسان زوال نعمة الآخرين، من دون أن يعود عليه ذلك بأيّ نفع أو فائدة شخصيَّة. وفي هذه الدرجة المظلمة من الحسد، ينطلق الحاسد إلى مرحلة أعمق من الضغينة؛ حيث يطلب زوال النعمة عن المحسود، حتَّى لو لم يحصل هو عليها أو يستفيد منها بأي شكل. إنِّه تمني شؤم غير مُبرّر، يهدف إلى خراب الذات والآخرين معًا؛ إذ يُطفئ نور الرضا، ويُشعل نار الحقد، ويدفع صاحبه إلى الانحراف عن طريق الخير، إلى دروب الظلام والضياع. المرتبة الثَّانية: أن يتمنَّى الإنسان زوال نعمة الآخرين، مع أن تكون هذه النعمة تعود عليه هو بنفس القدر أو حتَّى تفوقها، كما لو تمنَّى زوال بيت شخص معيَّن ليصبح هو مالك ذلك البيت، وفي هذه الدرجة، يتمنَّى الحاسد بأن تزول النِّعمة عن غيره، ويطمح لأن يحلّ محل المحسود، وينتقل إليه الفضل ذاته أو أكثر منه. وهذا النوع من الحسد يُعبِّر عن طمع شديد وجشع قلب، واحتكار الأنعم لا يُرضيه إلَّا لنفسه، وهو خبيث بطبيعته؛ لأنَّ صاحبه يرغب في الاستحواذ عليه، ويُظهر رغبة غير مشروعة في انتزاع ما هو حق للآخرين. وقد نصَّت الشريعة وحذَّرت من هذه المرتبة؛ إذ يُعتبر هذا الحسد من الكبائر التي تفسد الإيمان، وتقود الإنسان إلى الحقد والبغضاء، وإلى مشاعر قاتلة تقتل روح المحبَّة والتآلف بين النَّاس؛ وليس ثمَّة شك في خبث هذه المرتبة من الحسد وفي حرمتها؛ إذ يقول الله (تبارك وتعالى): (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) (10). المرتبة الثَّالثة: أن يتمنَّى الإنسان زوال النِّعمة عن صاحبها، ليكون في مستوى واحد من الحرمان مع المحسود؛ إذ يشعر بالعجز عن الوصول إلى مثلها أو كسبها بأي طريقة شرعيَّة، وهذا الحسد ينم عن حالة من الاستسلام للهزيمة النفسيَّة، فبدل أن يسعى بجد واجتهاد لتحصيل النعمة أو تحسين وضعه، يفضِّل أن يُطفئ نورها لدى غيره، ليشعر بالراحة في مستواه أو بمستوى المحسود. وإذا توفرت له الوسيلة، فقد يتحوَّل هذا الشعور إلى سلوك فعلي، يدفعه للسعي في إزالة النِّعمة عن صاحبها، سواء بالسعي للحط من مكانته، أو الإضرار به، أو أي طريقة تفضي إلى نقصان خيره. وهذه المرتبة من الحسد هي انحدار خطير في الأخلاق والقيم؛ لأنَّ الإنسان ينخرط في أعمال قد تضر بالآخرين، وتزرع الفتن بين النَّاس. المرتبة الرَّابعة: تكاد تكون هذه المرتبة مكافئة للمرتبة السَّابقة من حيث طبيعة الشعور بالحسد، إلَّا أنَّ الفارق الأساسي فيها هو أن صاحبها، على الرغم من وجود ميول قويَّة نحو زوال نعمة الآخرين، يتمسَّك برادع الدِّين والعقل، فلا يلجأ إلى الوسائل التي تؤدِّي إلى ذلك الزوال، ولا يرضى عن هذه الميول الشريرة التي تجتاح قلبه، ويوبِّخ نفسه ويعنفها على تلك الأهواء الدفينة، ويغضب من حالته النفسيَّة التي تجعل الحسد يسكن قلبه. فهو على الرَّغم من سقوطه في زلزال الحسد؛ لكنَّه لا يستكين له، ولا يستسلم له، ويدفعه استشعاره بخطره وغضبه عليه إلى التوبة والرجوع إلى الله (تعالى). وينبغي التنبه بحذر شديد إلى أنَّ النفس إذا ابتُليت بأدنى مراتب الحسد، وهي المرتبة الرَّابعة، ولم يجد فيها رادعًا يمنعه من الانزلاق، فإنَّها معرضة لخطر السقوط التدريجي إلى أسوأ وأشد مراتب الحسد، وهي المرتبة الأولى؛ فالاستسلام لتلك الميول الشريرة من دون مقاومة بداية زحف الظلام على القلب، حيث تتعاظم الكراهية وتزداد الرغبة في زوال نعمة الآخرين بلا هوادة أو تمييز. وعند وصول النَّفس إلى تلك الدرجة المتقدِّمة من الحسد، يصبح علاج هذا المرض النَّفسي والروحي أمرًا بالغ الصعوبة، إذ تتجذر في القلب أمراض القسوة والغل، ويتضاءل فيها نور الإيمان والرَّحمة، ممَّا يجعل التحرر من هذا البلاء يحتاج إلى جهد نفسي عميق، ودعاء مستمر، وعمل صالح متواصل، ويمكن أن يجره إلى ارتكاب الجرائم وسفك الدماء. التاجر والقروي ينقل في كتب التاريخ، أنَّ تاجرًا كان يذهب إلى إحدى القرى المجاورة لمدينته، ويشتري منهم الدجاج والبيض، وفي أحد الأيَّام، أخذ التاجر معه مبلغًا كبيرًا؛ ليعطيه إلى أحد القرويين، وكان هذا الأخير يملك حقلًا، يبيع فيه الدجاج والبيض، فأعطاه النقود، وطلب منه أن يرسل له الدجاج والبيض إلى مكانه في المدينة، وحيث وصل ليلًا أراد أن ينام في بيت القروي، وفي الصباح يرجع إلى مدينته. فهيأ القروي للتاجر غرفة لكي ينام فيها، وعندما رجع القروي إلى زوجته، أخذ الشيطان يوسوس لهما بقتل التاجر، وأخذ أمواله، دون أن يرسلا الدجاج والبيض فقررا أن يقتلاه، ويدفناه في بيتهما. ولكن التاجر لم يستطع النوم في تلك الليلة، وفجأة ألقى بنظرة إلى الخارج، فرأى القروي وزوجته يحفرون قبرًا في وسط الدار، فخاف من الأمر كثيرًا، وأوجس ريبة من عملهما، فخرج من الغرفة بهدوء، وذهب إلى حظيرة الحيوانات، وأخفى نفسه بين الأغنام والبقر التي كان القروي يمتلكها. وبعد فترة، جاء ابن القروي، وكان مسافرًا خارج المنزل، ودخل البيت وذهب على رسله إلى غرفة الضيوف فرأى فراشًا معدًا ومهيئًا للنوم، فاستلقى فيه؛ لكي ينام ويستريح. وبعد ما أكمل القروي وزوجته حفر القبر، جاءا إلى غرفة الضيوف لقتل التاجر، فأخذ القروي سكينًا، وطعن الشخص النائم في الفراش فقتله، وكلُّ ظنه أنَّه التاجر، ولكن بعد أن انتبه إلى الجثة، وعرف أنَّها لولده فلم تقو رجلاه على حمله، فعض أصبع الندم ولات ساعة مندم، ودفن ابنه في الحفرة التي أعدها للتاجر، وعند منتصف الليل، خرج التاجر سرًا من مخبئه، وهرب نحو المدينة، وعندما وصل، أخبر الشرطة بتفاصيل الحادث، فجاءت الشرطة، وألقت القبض على القروي، وأخذت الأموال التي استلمها وأعادتها للتاجر، وبهذا العمل خسر القروي نفسه وولده، وماله، وسمعته، وسمعة عائلته، هذا في الدنيا، أمَّا جزاء الآخرة فأعظم وأشد، وكان كلُّ ذلك بفعل الحسد الذي أجج نار الطمع في قلبه، وقاده إلى هذا العمل الجنوني(11). المحور الثَّالث: مفاسد الحسد. إنَّ من أعظم ما عانته البشريَّة عبر تاريخها من مآسٍ ونكبات وصراعات، كان الحسد هو الجذر الخفي والدَّافع الأوَّل لكثير من تلك الفتن والمعاصي؛ فقد شهد أوَّل التاريخ الإنساني أبشع جريمة؛ حين قتل قابيل أخاه هابيل (عليه السلام)، لا لذنبٍ ارتكبه؛ وإنَّما حسدًا منه على قربه من الله (تعالى) وقبول قربانه، فكانت دماء البراءة أوَّل ما سُفك على الأرض بدافع الحسد والغيرة. وقبل ذلك، تجلَّى الحسد في أعتى صوره عندما أبى إبليس أن يسجد لآدم (عليه السلام) استكبارًا وحسدًا؛ إذ رأى نفسه أرفع مقامًا وأسمى منزلة، فاستكبر وأعرض عن أمر الله (عزَّ وجلَّ)، فسقط من علياء القرب الإلهي إلى دركات الطرد واللعن، وأصبح عدوًا مبينًا لبني آدم إلى يوم الدِّين. وهذا الحسد ذاته لم يكن حبيس التاريخ، وظلَّ يتكرر بأشكال شتَّى في واقع البشر، حيث نرى اليوم كيف يتحوَّل الحسد الكامن في القلوب إلى نزاعات مريرة، وصراعات مؤلمة، ووإراقة دماء. فكم من كلمة بدأت باختلاف، ثمَّ ما لبثت أن تحوّلت إلى عداوة وبغضاء؛ لأنَّ الحسد يُعمي البصيرة، ويُفسد المروءة، ويجرُّ صاحبه إلى مهاوي الظلم والبغي. ويبلغ الحسد ذروته المظلمة حين نفتح صفحات التاريخ ونرى ما جرى على أهل بيت النبوة (عليهم السلام)، من ظلم عظيم ومأساة موجعة، فقد غُصبت حقوقهم وحاولوا إطفاء أنوارهم؛ لا لشيء إلَّا لأنَّهم أهل الفضل والعلم والطهارة، فكان الحسد لما أولاهم الله (تعالى) من مكانة وكرامة، سببًا في شنِّ الحروب عليهم وقتل رجالهم وسبي نسائهم. إنَّهم صفوة الخلق وأئمة الحق، لكن القلوب التي أعماها الحسد لم تحتمل نورهم، فهاجمتهم بكل ضغائنها، منذ الهجوم على بيت مولاتنا الزهراء (عليها السلام) وتتابعت حتَّى وصلت إلى واقعة كربلاء الدَّامية، حيث قُتل الإمام الحسين (عليه السلام) عطشانًا مظلومًا، إلى سجون الأئمة وتضييقهم ومحاولات طمس ذكرهم، وكلُّ ذلك لم يكن إلَّا حسدًا على ما آتاهم الله (سبحانه) من فضله. إنَّ الحسد داءٌ قديم؛ لكنه لا يزال حيًّا في القلوب التي لم تُنقَّ من الأحقاد، وهو السبب في الكثير من الكوارث الإنسانيَّة، وما لم تُزكَّى النفوس وتُطَهَّر القلوب، فإنَّ سيرة هابيل ستتكرر بأشكال جديدة، وسيبقى الظلم حاضرًا ما دام الحسد مستبطنًا في الأرواح. إن الحسد وباء يفسد العلاقات ويزرع الفتن بين النَّاس، ويُبعدهم عن روح الإخوة والمحبَّة التي دعا إليها الإسلام، وإليك بعض أضرار الحسد: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "أَخْوَفُ ما أَخافُ عَلى أُمَّتي أَنْ يَكْثُرَ لَهُمُ المالُ فَيَتَحاسَدونَ وَيَقْتَتِلونَ"(12). وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): "الْحَسَدُ شَرُّ الْأَمْرَاضِ"(13). وعنه (عليه السلام): "الْحَسُودُ كَثِيرُ الْحَسَرَاتِ مُتَضَاعِفُ السَّيِّئَاتِ"(14). وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "الْحَاسِدُ مُضِرٌّ بِنَفْسِهِ قَبْلَ انْ يَضُرَّ بِالَمحْسُودِ، كَابْلِيسِ اورِثَ بِحَسَدِهِ بِنَفْسِهِ اللَّعْنَةُ، وَلِآدَمَ عليه السلام الْاجْتِبَاءُ وَالْهُدَى"(15). وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): "ثَمَرَةُ الْحَسَدِ شَقَاءُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"(16). تلميذ الفضيل بن عياض روي أنَّ للفضيل بن عياض تلميذ يعدُّ أعلم تلامذته، وذات يوم مرض التِّلميذ... واشتدَّ مرضه... ووصل به الأمر إلى الفزع والاحتضار. وجاء الفضيل فجلس عند رأسه وأخذ يقرأ سورة يس... فإذا بذلك التِّلميذ المحتضر يقول له: لا تقرأ هذه السورة. واستجاب الأستاذ، وتوقف عن القراءة.. وقال لتلميذه: قل لا إله إلَّا الله. فقال التِّلميذ: لا أقولها؛ لأني أكرهها -والعياذ بالله- ثمَّ مات على هذه الحال... فعجب الفضيل من ذلك، ومضى إلى منزله، ولم يخرج منه، وفي الليل رأى تلميذه في المنام وهو سحب إلى جهنم. فقال له الفضيل: كنت أعلم تلامذتي فماذا جرى حتَّى سلبك الله المعرفة، وختم لك بسوء العاقبة؟ قال سبب ذلك ثلاثة أمور: الأوَّل: إنِّي كنت نمامًا. الثَّاني: إنِّي كنت حسودًا. الثَّالث: إنِّي كنت أشرب الخمر، وذلك بسبب مرض كان في، وقد أوصاني الطَّبيب بشرب قدح من الخمر في كلِّ عام وقال: إن لم تشرب فلا شفاء لعلتك، هذه الأمور الثَّلاثة كانت السبب في سوء عاقبتي(17). المحور الرَّابع: علاج الحسد. العلاج الأوَّل: العلاج العلمي؛ وهو أساس لا غنى عنه في رحلة التحرر من هذا المرض القلبي الخطير؛ ويقوم هذا العلاج على الفهم العميق للحسد بكلِّ جوانبه: أنواعه وصفاته وأسبابه، وقد تطرقنا إلى ذلك سابقًا بتفصيل. فمعرفة الإنسان لطبيعة الحسد، وكيف ينشأ ويتسلل إلى النَّفس، تمكِّنه من كشف مكامن الضعف التي تسمح لهذا الداء بالتمدد داخل القلب. كما أنَّ إدراك الفوارق الجوهريَّة بين الحسد والغبطة يفتح أمام النَّفس أبواب الرضا والسرور بنعم الله (تعالى) على الآخرين، ويبدد ظلام الحقد والمرارة. وهذا الفهم العلمي المتين هو القاعدة التي يُبنى عليها علاج النفس، ويُصقل بها سلاح الوعي، ليصبح الإنسان قادرًا على محاربة جذور الحسد، وتثبيت نفسه على درب المحبَّة والقبول والرضا، ممَّا يجعل هذا العلاج حجر الأساس في أي مسعى نحو تصحيح النفس وتنقيتها من أمراض القلب، وإذا تحقق ذلك حاز الخير في الدُّنيا والآخرة؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: "تَعَجَّلَ إِلَى رَبِّهِ مُوسَى فَرَأَى عَبْدًا فَغَبَطَهُ بِمَنْزِلَتِهِ مِنَ الْعَرْشِ، فَقَالَ: "يَا رَبِّ، مَنْ عَبْدُكَ هَذَا؟ فَقَالَ: إِذًا سَنُخْبِرُكَ مِنْ عَمَلِهِ بِثَلَاثٍ: كَانَ لَا يَحْسِدُ نَاسًا عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَكَانَ لَا يَمْشِي بَيْنَ النَّاسِ بِالنَّمِيمَةِ، وَكَانَ لَا يُعَقُّ وَالِدَيْهِ، فَقَالَ مُوسَى: وَهَلْ يُعَقُّ الْعَبْدُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: يَسْتَسِبُّ لَهُمَا"(18). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "مَن تَرَكَ الحَسَدَ كانَت لَهُ المَحَبَّةُ عِندَ النّاسِ"(19). وعنه (عليه السلام): إِذَا مَا شِئْتَ أَنْ تَحْيَا --- حَيَاةً حُلْوَةَ الْمَحْيَا فَلَا تَحْسُدْ وَلَا تَبْخَلْ --- وَلَا تَحْرِصْ عَلَى الدُّنْيَا(20). ومن ضمن العلاجات العلميَّة التي تُعدُّ من أهم وسائل الشفاء؛ أن يعمِّق الإنسان إيمانه ويثبت يقينه التَّام بالله (تعالى)، وأن يوقن يقينًا لا شكَّ فيه أن لا إرادة فوق إرادة الله (سبحانه وتعالى). وهذا الإيمان الراسخ هو الدرع الحصين الذي يحمي القلب من شرور الحسد، إذ يُذكّر الإنسان بأنَّ كلَّ ما يصيبه أو يراه من نعم في الآخرين هو قدر الله (تعالى) المكتوب بحكمته ومشيئته، وأنَّ هذه النعم ليست منقوصة لمن ينالها، ولا تزول بغير إرادة الرحمن (سبحانه). وحين يتغلغل هذا اليقين في النفس، تتبدد بذور الحسد التي تنمو من الجهل والقلق والخوف من فقدان النعم، ويحل مكانها الاطمئنان والرضا، ويصبح الإنسان مطمئنًا إلى عدل الله (سبحانه) وحكمته، فلا يغتر بما لدى غيره، ولا يأسى على ما فاته، ويزداد تعلقًا بالخالق، وثقة بأنَّ ما عنده كافٍ. وهكذا يصبح الإيمان واليقين سببًا فعالًا في طرد الشكوك والحسد، ويقود النَّفس إلى مسيرة صفاء الروح، وراحة البال، وسلام القلب، فيصبح الحسد مرضًا من الماضي لا تأثير له على حاضر الإنسان ومستقبله؛ قال (تعالى): (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(21). العلاج الثَّاني: العلاج العملي؛ وهو الجانب الظاهر الذي ينعكس على البدن والسلوك الخارجي للإنسان؛ ومن هذه الأعمال: 1ـ إظهار المحبَّة للمحسود بدافع علاج هذا المرض. فهو سلاح قوي ومؤثِّر في مواجهة سموم الحسد ودوائه الحقيقي. وعندما ينبع هذا الحب من القلب، من دون رياء أو تصنع، فإنَّه يكسر جدار الكراهيَّة والحقد الذي يغلف النَّفس، ويبدد ظلال الغيرة والضغينة. والمحبَّة هنا هي فعل واضح يظهر في القول والفعل، وفي الدعم والاحترام، وفي الدعاء الصادق والخير المتبادل. ومن وظائف هذه المحبَّة أنَّها تُعيد ترتيب المشاعر في القلب، فتزرع بذور التسامح والرضا، وتفتح باب الصفاء والطمأنينة، وبدلًا من أن يتحوَّل القلب إلى مرآة تعكس سلبيَّة الحسد، يصبح فضاءً رحبًا للسعادة المشتركة، حيث يجد الإنسان لذة فرح غير أناني بنجاح الآخرين ونعمهم، ممَّا يقوّي الروح ويطهر النفس. 2ـ العمل خلاف النَّفس إذا دعتك إلى الحسد. من أهم خطوات العلاج العملي أيضًا أن يُجاهد الإنسان نفسه ويعمل خلاف ما تدعوه إليه مشاعره السلبيَّة من حسد وبغض؛ فعندما تهب النَّفس بما يميل إلى الحسد أو الضغينة تجاه الآخرين، يكون الواجب هو مقاومة هذه النزعات بكلِّ إرادة وعزم، وأن يختار الإنسان طريق الفضيلة والرَّحمة بدلًا من الانجراف خلف مشاعر السوء. والعمل خلاف النفس يعني الانتصار على الذات، والتزام قيم التسامح، حتَّى لو كان القلب يختلج بأحاسيس معاكسة؛ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "ثلاثة لا ينجو منهن أحدٌ: الظَّنُّ، والطيَّرةُ، والحَسَدُ، وسأحدثكم بالمخرجِ من ذلكَ، إذا ظننت فلا تُحقَّق، ووإذا تَطَيَّرت فامضِ، وإذا حسدْتَ فلا تبغِ"(22). 3ـ احترام المحسود والدعاء له. من أسمى وأعمق مظاهر العلاج العملي للحسد أن يغمرك القلب بالرَّحمة تجاه المحسود، فتشعر تجاهه بمودة صادقة واحترام عميق، وتجله في مقامه وكرامته. وحين تترحم على الآخر تمتد تلك الرَّحمة لتشمل تفهم حاله، والتخفيف من أحكام النَّفس القاسية التي قد تدفع إلى الحسد، فتُبدل ذلك الشعور بطيب الذكر والدعاء الصادق بأن ينعم الله (تعالى) عليه بالبركة والزيادة. وهذا الفعل الإنساني النبيل يحرر المحسود من سطوة الحسد، ويطهر نفس المحسود أيضًا ويُشعر القلب بسعة ورحمة لا تحد، ويُضيء درب المحبَّة بين النَّاس. 4ـ اعرض أعمال المحسود الصَّالحة على نفسك، وعلى الآخرين. فتذكر دائمًا أن هذا الشخص ليس إلَّا عبدًا من عباد الله (تعالى)، قد أنعم الله (تعالى) عليه برحمته وفضله. وهذه التذكرة تُبعد عن القلب غبار الحسد، وتزرع مكانه شعورًا بالاحترام والتقدير لفضل الله (تعالى)، وتُذكر الإنسان بأنَّ النعم هي قدر إلهي مشكور يُحسن فيه العبد الظنَّ بالخالق (تعالى). وبذلك يتحوَّل موقفك من المحسود من موقف منافسة وحسد إلى موقف تقدير ورحمة، ويُصبح قلبك أكثر سعة وقبولًا لما قسمه الله (سبحانه)، ممَّا يُسهّل عليك تجاوز مشاعر الغيرة وتحويلها إلى طاقة إيجابيَّة تنعكس على حياتك وسلوكك. 5ـ أن يدعو المبتلى بهذا المرض أن يزيلها منه. لأن بذرة الحسد إن لم تعالج فإنَّها ستصبح مهلكة للإنسان؛ فالحسد كبذرة صغيرة، إذا لم تُنتزع في بداياتها، تنمو وتتكاثر حتَّى تصبح شجرة مهيمنة تظلل كلَّ جوانب النَّفس، وتؤدِّي إلى هلاك الإنسان نفسيًّا واجتماعيًّا. والدعاء هنا هو صرخة القلب، واستغاثة النفس إلى خالقها (سبحانه)، الذي بيده النفع والضر، والقدرة على شفاء كلِّ الأمراض مهما بلغت شدتها. وببركة الدعاء، وبإخلاص التوبة، وبإرادة التغيير، يُمكن للإنسان أن يستعيد صفاء قلبه، ويُزيح عن نفسه ظلال الحسد التي تعكر سكينته، ليصبح أكثر قربًا من الله (تعالى)، وأكثر سعادة وسلامًا في حياته. إنَّ الحسد مرض عميق يستوجب منَّا الوعي الكامل والعلاج الجذري. والانتصار على هذا الداء يبدأ بمعرفة أسبابه وصفاته، ثمَّ يتبعها جهد مستمر في تنقية النفس وتطهير القلب من شوائبه. وبالاعتماد على العلم والعمل، يصبح الطريق إلى الشفاء واضحًا وممهدًا، لننتقل من ظلام الحسد إلى نور الغبطة والمحبَّة الصادقة. شفاء من مرض خطير! قال: علمت اليوم أني شوفيت من مرض الحسد تمامًا وتمكنت من السَّيطرة على هواي، وتلجيمه بعد فترة صعبة من المجاهدة، والتَّرويض المستمر(23). فلنجعل من أنفسنا بيوتًا للأمل والرضا، ومن قلوبنا منارات للسلام، نعيش بها حياة تملؤها الطمأنينة والسَّعادة الحقيقيَّة، محصنين أنفسنا وأوطاننا من سموم الحسد ومآسيه. نسأل الله (سبحانه وتعالى) أن يرزقنا صدق التوبة، وصفاء القلوب، وأن يجعلنا من الذين يغبطون ولا يحسدون. ..................................... الهوامش: 1. القاموس المحيط:ج1، ص298. 2. ينظر جامع السعادات:ج٢، ص١٤٨. 3. الكافي (دار الحديث):ج٣، ص748. 4. الأخلاق والآداب الإسلاميَّة: ص207. 5. الكافي (دار الحديث): ج٣، ص749. 6. غرر الحكم ودرر الكلم: ص79. 7. المصدر نفسه: ص68. 8. ينظر بحار الأنوار: ج٧٠، ص٢٤٠. 9. لا للحسد: ص20. 10. سورة النساء/ الآية:32. 11. لا للحسد: ص11. 12. نزهة النواظر وتنبيه الخواطر: ج1، ص115. 13. غرر الحكم ودرر الحكم: ص127. 14. المصدر نفسه: ص130. 15. مصباح الشريعة: ص104. 16. غرر الحكم ودرر الكلم: ص115. 17. منازل الآخرة: ص24. 18. الجامع في الحديث: ص173. 19. بحار الأنوار: ج74، ص238. 20. ديوان الإمام علي (عليه السلام): ص27. 21. سورة الأنعام/ الآية: 17. 22. نزهة النواظر وتنبيه الخواطر: ج1، ص115. 23. قصص وخواطر: ص198.


صدى البلد
منذ 10 ساعات
- صدى البلد
هل يجوز دفن الميت ليلا؟ احذر 3 أوقات لا تدفن فيها المتوفى
دفن الميت ليلا هل يجوز دفن الميت ليلا ؟ يبحث الكثير عن حكم الدفن ليلا والأوقات التي لا يجوز فيها دفن الميت ، وأوقات نهى الإسلام فيها عن دفن الميت وردت في عقبة بن عامر الجهني رضى الله عنه قال: «ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّى فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ -أى تميل- الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ» رواه مسلم. أوقات الدفن المنهي عنها أوقات الدفن المنهي عنها ثلاث ساعات وردت في عقبة بن عامر، وهي: عند طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح، وعند قيامها قبيل الظهر حتى تزول قبل الظهر بقليل، وعند غروبها عند انحدارها للغروب، وتضيفها للغروب واصفرارها. دفن الميت قبل المغرب أكدت دار الإفتاء أن صلاة الجنازة ودفن الميت قبل المغرب جائز شرعًا، مشددة على أن يكره تعمد تأخير الدفن إلى هذا الوقت، منوهة بأن عقبة بن عامر الجهنى رضى الله عنه قال: "ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّى فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ -أى تميل- الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ" رواه مسلم. وعرضت قول الإمام النووى قال فى "شرح صحيح مسلم: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا"، وقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالْقَبْرِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لَا تُكْرَهُ فِى هَذَا الْوَقْتِ بِالْإِجْمَاعِ، فَلَا يَجُوزُ تَفْسِيرُ الْحَدِيثِ بِمَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ، بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الدَّفْنِ إِلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، ويُكْرَهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الْعَصْرِ إِلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ بِلَا عُذْرٍ، وَهِيَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ، فَأَمَّا إِذَا وَقَعَ الدَّفْنُ فِى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِلَا تَعَمُّدٍ، فَلَا يُكْرَهُ". حكم بناء القبر دورين وقال الشيخ علي فخر، مدير إدارة الحساب الشرعي وأمين بدار الإفتاء المصرية، إنه يجوز بناء مقبرة ثانية فوق المقبرة الأولى في حال الضيق بشرط وضع الكثير من التراب، لامتصاص الرطوبة، ولكن هذا الأمر لا يجوز في حالة السعة والاختيار وجود الكثير من الأراضي. وأوضح «فخر» في إجابته عن سؤال: «ما حكم بناء دور ثاني في المقابر؟ وهل يجوز بناء دور ثاني بمقبرة لتجميع العظام بها؟»، أنه من الأفضل في هذه المسألة قول يجوز ولا يجوز، فكلاهما صحيح بين حالتي السعة والضيق، بمعنى أنه إذا كانت الحالة فيها سعة واختيار، فلا ينبغي بناء دور ثاني للمقبرة. ولفت إلى أنه في حال امتِلاء القبور يجب الدفن في قبور أخرى؛ لأنه لا يجوز الجمع بين أكثر من ميتٍ في القبر الواحد إلَّا للضرورة، ويجب الفصل بين الأموات بحاجِزٍ حتى ولو كانوا مِن جِنْسٍ واحد. حكم بناء دور ثان للمقبرة ونبه على أنه إذا حصلت الضرورة فيُمكِن عملُ أدوارٍ داخل القبر الواحد إن أمكن، أو تغطيةُ الميت القديم بقَبْوٍ مِن طوبٍ أو حجارةٍ لا تَمَسُّ جسمه ثم يوضع على القَبْو الترابُ ويُدفَن فوقَه الميتُ الجديد, وكذلك العظَّاماتُ، لا يُلجأ إليها إلَّا عند الضرورة التي لا تَندَفِع بغيرها، وذلك كلُّه بشرط التعامل بإكرامٍ واحترامٍ مع الموتى أو ما تَبقَّى مِنهم؛ لأن "حُرمة المسلم ميتًا كحُرمته حيًّا". حكم دفن الرجال مع النساء في مقبرة واحدة عند الضرورة أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، أنه يجب أن يُفرَد كلُّ ميت بقبر لا يشترك معه فيه غيره، إلا إذا ضاقت بهم المقابر؛ فقد صح أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كان يجمع بين الرجلين والثلاثة من شهداء أُحد في قبر واحد، وكذلك يجب أن يكون للرجال مقابرهم وللنساء مقابرهن، فإذا لم يتيسر ذلك واقتضت الظروف أن يدفن الرجال مع النساء في مقبرة واحدة فيجب أن يكون هناك حاجز من الطوب أو ساتر من التراب بين الرجال والنساء. كيفية دفن الميت أفادت دار الإفتاء المصرية، بأنه مِن المُقَرَّرِ شرعًا أنَّ دفن الميت فيه تكريمٌ للإنسان؛ لقول الله تعالى في مَعرِض الِامتِنان: «أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» (المرسلات: 25-26)، وقد حَثَّ الإسلامُ عليه، وأَجمَعَ المسلمون على أنَّ دَفن الميت ومُوَارَاةَ بَدَنِهِ فرضُ كِفَايَةٍ؛ إذا قام به بَعضٌ مِنهم أو مِن غيرهم سَقَط عن الباقين. وأضافت الإفتاء فى فتوى لها، أن المأثور في كيفية دَفن الميت أنه بعد دخوله القبرَ يُوضَع على شِقِّهِ الأيمن استِحبابًا، ويجب أن يُوَجَّه وَجهُهُ إلى القِبلة، وهذا باتِّفاق الأئمة الأربعة، ويَحرُمُ تَوجيهُ الوَجهِ لغير القِبلة؛ كما هو حاصلٌ مِن بعض مَن يدفن في هذا الزمان. وتابعت: «ويُدخَل بالميت مِن فتحة القبر؛ بحيث يُدفَن تِجاه القِبلة مُباشَرةً مِن غير حاجَةٍ إلى الدَّوَران به داخل القبر، وذلك حسب فتحة القبر؛ إذ المطلوب شرعًا هو وضعُ الميت في قبره على شِقِّه الأيمن وتوجيهُ وَجهِهِ لِلقِبلة كما سَبَق، ولا يَضُرُّ أن يكون الدَّفن على الرَّمل أو التُّراب، فكُلُّ ذلك جائز». خطأ شائع أثناء غسل الميت كشف الشيخ محمد أبو بكر، الداعية الإسلامي، عن خطأ شائع منتشر بين الناس أثناء غسل الميت، قائلًا: «إن بعض الغرباء هم من يتولون أمر الغُسل، وهذا مُخالف للأصل، فلابد أن يعلم الأب أبناءه الغسل لأنه هم الأحق بذلك. وأفاد «أبوبكر» بأن أولى الناس بغسل الميت الرجل: الأب، ثم الجد، ثم الابن، ثم ابن الابن، ثم الأخ، ثم ابن الأخ، ثم العم، ثم ابن العم؛ لأنهم أولى الناس بالصلاة عليه. حكم غسل لزوجته لزوجها المتوفى ألمح إلى أنه يجوز للزوجة أن تغسل زوجها؛ لما روت عائشة رضي الله عنها: «أن أبا بكر رضي الله عنه أوصى أسماء بنت عميسٍ زوجته أن تغسله». حكم غسل الميت وشدد على أن غُسل الميت فرض على الكفاية -إذا فعله البعض سقط عن الباقين؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحاج الذي سقط من بعيره ومات: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيًا» رواه مسلم. كيفية غسل الميت وذكر أنه يغسل الميت أولًا بماء مطلق، فيعمم جميع جسده بالماء بعد عصر بطنه لإخراج ما فيها، وإزالة ما علق بجسمه من نجاسات، ينوي المغسل عند غسله غسل الميت، ويستحب أن يوضع الميت على مكان مرتفع ليسهل غسله، وأن تستر عورته إن لم يكن صبيًّا صغيرًا، وينبغي أن يغسله أمينٌ كاتمٌ للسر حتى لا يفضح أمره إن رأى فيه ما يعاب؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ليغسل موتاكم المأمونون» رواه ابن ماجه. وواصل: ثم يغسله ثلاثًا بالماء والصابون، أو بالماء المطيب، مبتدئًا باليمين، وله أن يغسله أكثر من الثلاثة، بحيث تكون الغسلات وترًا: خمسًا أو سبعًا، وذلك إن رأى ما يدعو إلى الزيادة؛ ففي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال للنسوة اللاتي جئن يغسلن زينب ابنته رضي الله عنها: «اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن» رواه البخاري، وبعد الغسل يُطَيِّبُ جسمه بشيء من الطيب مثل الكافور أو ما يقوم مقامه. كيفية صلاة الجنازة قال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن صلاة الجنازة فرض كفاية إذا فعلها البعض سقطت عن الباقين الذين لم يصلوها على الميت، وتكون عبارة عن أربع تكبيرات. وأوضح «شلبي»، في إجابته عن سؤال: «م ا كيفية الصلاة على الجنازة» ، أن يكبر المصلي التكبيرة الأولى ويستفتح ويقرأ الفاتحة، ثم يكبر الثانية ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الإبراهيمية التي نقرؤها في الصلاة التشهد، ثم يكبر الثالثة ويجتهد في الدعاء للميت بالمغفرة ورفع الدرجات وأن يبدله الله خيرًا من أهله وأن يخلفه في أهله بخير، ثم يكبر الرابعة ويدعو لجميع المسلمين أحياء وأمواتًا. كيفية إدخال الميت في قبره وأمّا كيفية إدخال الميت في قبره، فتكون على النحو الآتي : 1. يوضع الميت على جهة مؤخر القبر، ثمّ يستحب أن يسلّ من جهة رأسه. 2. يوضع الميت على جنبه الأيمن، ويجب جعله مستقبلاً القبلة بصدره، ويحرم جعل ظهره للقبلة أو وضعه على بطنه أو ظهره. 3. يكون وجه الميت جهة جدار القبر، ويستحب أن تثنى قدماه ليكون على هيئة الراكع. 4. ويسن أن يتولى إدخال الميت في القبر أقرب الناس إليه من الذكور، وأن يذكر الدافن الدعاء: (بسم الله وعلى ملة رسول الله وعلى آله وسلم). 5. وتحلّ العصائب عن الكفن، ويسنّ أن ينحى الكفن عن خده الأيمن ويوضع على التراب، ويسند بلبنة إن احتيج لذلك. 6. يوضع نحو لبن أو خشب على القبر، ويسنّ لمن حضر عند الدفن أن يحثو حثيات على القبر، ثم يهال التراب، ويحرم إهالة التراب على الميت مباشرة من غير حائل. جاء في [مغني المحتاج 2/ 39]: "ويحثو ندباً بيديه جميعاً من دنا من القبر ثلاث حثيات تراب من تراب القبر، ويكون الحثي من قبل رأس الميت؛ لأنه صلى الله عليه وسلم «حثا من قبل رأس الميت ثلاثاً» رواه البيهقي وغيره بإسناد جيد، ولما فيه من المشاركة في هذا الفرض...، ويندب أن يقول مع الأولى {منها خلقناكم} [طه: 55]، ومع الثانية: {وفيها نعيدكم} [طه: 55]، ومع الثالثة: {ومنها نخرجكم تارة أخرى} [طه: 55]، ولم يبين الدنوّ وكأنه راجع إلى العرف، وعبارة الشافعي في الأم: من على شفير القبر، وعبارة الروضة: وأصلها كلّ من دنا، وقال في الكفاية: إنه يستحب ذلك لكل من حضر الدفن وهو شامل العبد أيضاً، وهو كما قال الولي العراقي ظاهر، ثم يهال من الإهالة وهي الصب: أي يصبّ التراب على الميت بالمساحي؛ لأنه أسرع إلى تكميل الدفن، والمساحي بفتح الميم جمع مسحاة بكسرها، وهي آلة تمسح الأرض بها، ولا تكون إلا من حديد بخلاف المجرفة، قاله الجوهري... وظاهر أنّ المراد هنا هي أو ما في معناها، وإنما كانت الإهالة بعد الحثي؛ لأنه أبعد عن وقوع اللبنات وعن تأذي الحاضرين بالغبار". 7. يسنّ وضع جريد أخضر على القبر. 8. يسنّ أن يمكث جماعة بعد دفن الميت مدة من الزمن يسألون الله تعالى له التثبيت ويستغفرون الله له. 9. يسنّ تلقين الميت بعد دفنه، والدعاء له بالتثبيت والرحمة، سواء كان الدعاء سراً أو جهراً. يقول الخطيب الشربيني رحمه الله تعالى: "يسنّ تلقين الميت المكلف بعد الدفن، فيقال له: يا عبد الله، ابن أمة الله، اذكر ما خرجت عليه من دار الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأنّ الجنة حق، وأنّ النار حقّ، وأنّ البعث حقّ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور، وأنك رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، وبالقرآن إماماً، وبالكعبة قبلة، وبالمؤمنين إخواناً. لحديثٍ ورد فيه، قال في الروضة: والحديث وإن كان ضعيفاً، لكنه اعتضد بشواهد من الأحاديث الصحيحة، ولم تزل الناس على العمل به من العصر الأول في زمن من يقتدى به، وقد قال الله تعالى: {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين}، وأحوج ما يكون العبد إلى التذكير في هذه الحالة، ويقعد الملقن عند رأس القبر، أما غير المكلف وهو الطفل ونحوه ممن لم يتقدم له تكليف فلا يسنّ تلقينه؛ لأنه لا يفتن في قبره" انتهى من [مغني المحتاج]. 10. لا مانع شرعاً من تمييز القبر بصف اللبن على حدوده ووضع الشاهد عليه. أوقات الدفن المنهي عنها أوقات الدفن المنهي عنها ثلاث ساعات وردت في عقبة بن عامر، وهي: عند طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح، وعند قيامها قبيل الظهر حتى تزول قبل الظهر بقليل، وعند غروبها عند انحدارها للغروب، وتضيفها للغروب واصفرارها. دفن الميت قبل المغرب أكدت دار الإفتاء أن صلاة الجنازة ودفن الميت قبل المغرب جائز شرعًا، مشددة على أن يكره تعمد تأخير الدفن إلى هذا الوقت، منوهة بأن عقبة بن عامر الجهنى رضى الله عنه قال: "ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّى فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ -أى تميل- الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ" رواه مسلم. وعرضت قول الإمام النووى قال فى "شرح صحيح مسلم: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا"، وقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالْقَبْرِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لَا تُكْرَهُ فِى هَذَا الْوَقْتِ بِالْإِجْمَاعِ، فَلَا يَجُوزُ تَفْسِيرُ الْحَدِيثِ بِمَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ، بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الدَّفْنِ إِلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، ويُكْرَهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الْعَصْرِ إِلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ بِلَا عُذْرٍ، وَهِيَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ، فَأَمَّا إِذَا وَقَعَ الدَّفْنُ فِى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِلَا تَعَمُّدٍ، فَلَا يُكْرَهُ". حكم بناء القبر دورين وقال الشيخ علي فخر، مدير إدارة الحساب الشرعي وأمين بدار الإفتاء المصرية، إنه يجوز بناء مقبرة ثانية فوق المقبرة الأولى في حال الضيق بشرط وضع الكثير من التراب، لامتصاص الرطوبة، ولكن هذا الأمر لا يجوز في حالة السعة والاختيار وجود الكثير من الأراضي. وأوضح «فخر» في إجابته عن سؤال: «ما حكم بناء دور ثاني في المقابر؟ وهل يجوز بناء دور ثاني بمقبرة لتجميع العظام بها؟»، أنه من الأفضل في هذه المسألة قول يجوز ولا يجوز، فكلاهما صحيح بين حالتي السعة والضيق، بمعنى أنه إذا كانت الحالة فيها سعة واختيار، فلا ينبغي بناء دور ثاني للمقبرة. ولفت إلى أنه في حال امتِلاء القبور يجب الدفن في قبور أخرى؛ لأنه لا يجوز الجمع بين أكثر من ميتٍ في القبر الواحد إلَّا للضرورة، ويجب الفصل بين الأموات بحاجِزٍ حتى ولو كانوا مِن جِنْسٍ واحد. حكم بناء دور ثان للمقبرة ونبه على أنه إذا حصلت الضرورة فيُمكِن عملُ أدوارٍ داخل القبر الواحد إن أمكن، أو تغطيةُ الميت القديم بقَبْوٍ مِن طوبٍ أو حجارةٍ لا تَمَسُّ جسمه ثم يوضع على القَبْو الترابُ ويُدفَن فوقَه الميتُ الجديد, وكذلك العظَّاماتُ، لا يُلجأ إليها إلَّا عند الضرورة التي لا تَندَفِع بغيرها، وذلك كلُّه بشرط التعامل بإكرامٍ واحترامٍ مع الموتى أو ما تَبقَّى مِنهم؛ لأن "حُرمة المسلم ميتًا كحُرمته حيًّا". حكم دفن الرجال مع النساء في مقبرة واحدة عند الضرورة أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أنه يجب أن يُفرَد كلُّ ميت بقبر لا يشترك معه فيه غيره، إلا إذا ضاقت بهم المقابر؛ فقد صح أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كان يجمع بين الرجلين والثلاثة من شهداء أُحد في قبر واحد، وكذلك يجب أن يكون للرجال مقابرهم وللنساء مقابرهن، فإذا لم يتيسر ذلك واقتضت الظروف أن يدفن الرجال مع النساء في مقبرة واحدة فيجب أن يكون هناك حاجز من الطوب أو ساتر من التراب بين الرجال والنساء. كيفية دفن الميت أفادت دار الإفتاء المصرية، بأنه مِن المُقَرَّرِ شرعًا أنَّ دَفنَ الميت فيه تكريمٌ للإنسان؛ لقول الله تعالى في مَعرِض الِامتِنان: «أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» (المرسلات: 25-26)، وقد حَثَّ الإسلامُ عليه، وأَجمَعَ المسلمون على أنَّ دَفن الميت ومُوَارَاةَ بَدَنِهِ فرضُ كِفَايَةٍ؛ إذا قام به بَعضٌ مِنهم أو مِن غيرهم سَقَط عن الباقين. وأضافت الإفتاء فى فتوى لها، أن المأثور في كيفية دَفن الميت أنه بعد دخوله القبرَ يُوضَع على شِقِّهِ الأيمن استِحبابًا، ويجب أن يُوَجَّه وَجهُهُ إلى القِبلة، وهذا باتِّفاق الأئمة الأربعة، ويَحرُمُ تَوجيهُ الوَجهِ لغير القِبلة؛ كما هو حاصلٌ مِن بعض مَن يدفن في هذا الزمان. وتابعت: «ويُدخَل بالميت مِن فتحة القبر؛ بحيث يُدفَن تِجاه القِبلة مُباشَرةً مِن غير حاجَةٍ إلى الدَّوَران به داخل القبر، وذلك حسب فتحة القبر؛ إذ المطلوب شرعًا هو وضعُ الميت في قبره على شِقِّه الأيمن وتوجيهُ وَجهِهِ لِلقِبلة كما سَبَق، ولا يَضُرُّ أن يكون الدَّفن على الرَّمل أو التُّراب، فكُلُّ ذلك جائز». خطأ شائع أثناء غسل الميت كشف الشيخ محمد أبو بكر، الداعية الإسلامي، عن خطأ شائع منتشر بين الناس أثناء غسل الميت، قائلًا: «إن بعض الغرباء هم من يتولون أمر الغُسل، وهذا مُخالف للأصل، فلابد أن يعلم الأب أبناءه الغسل لأنه هم الأحق بذلك. وأفاد «أبوبكر» بأن أولى الناس بغسل الميت الرجل: الأب، ثم الجد، ثم الابن، ثم ابن الابن، ثم الأخ، ثم ابن الأخ، ثم العم، ثم ابن العم؛ لأنهم أولى الناس بالصلاة عليه. حكم غسل لزوجته لزوجها المتوفى ألمح إلى أنه يجوز للزوجة أن تغسل زوجها؛ لما روت عائشة رضي الله عنها: «أن أبا بكر رضي الله عنه أوصى أسماء بنت عميسٍ زوجته أن تغسله». حكم غسل الميت وشدد على أن غُسل الميت فرض على الكفاية -إذا فعله البعض سقط عن الباقين؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحاج الذي سقط من بعيره ومات: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيًا» رواه مسلم. كيفية غسل الميت وذكر أنه يغسل الميت أولًا بماء مطلق، فيعمم جميع جسده بالماء بعد عصر بطنه لإخراج ما فيها، وإزالة ما علق بجسمه من نجاسات، ينوي المغسل عند غسله غسل الميت، ويستحب أن يوضع الميت على مكان مرتفع ليسهل غسله، وأن تستر عورته إن لم يكن صبيًّا صغيرًا، وينبغي أن يغسله أمينٌ كاتمٌ للسر حتى لا يفضح أمره إن رأى فيه ما يعاب؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ليغسل موتاكم المأمونون» رواه ابن ماجه. وواصل: ثم يغسله ثلاثًا بالماء والصابون، أو بالماء المطيب، مبتدئًا باليمين، وله أن يغسله أكثر من الثلاثة، بحيث تكون الغسلات وترًا: خمسًا أو سبعًا، وذلك إن رأى ما يدعو إلى الزيادة؛ ففي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال للنسوة اللاتي جئن يغسلن زينب ابنته رضي الله عنها: «اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن» رواه البخاري، وبعد الغسل يُطَيِّبُ جسمه بشيء من الطيب مثل الكافور أو ما يقوم مقامه. كيفية صلاة الجنازة قال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن صلاة الجنازة فرض كفاية إذا فعلها البعض سقطت عن الباقين الذين لم يصلوها على الميت، وتكون عبارة عن أربع تكبيرات. وأوضح «شلبي»، في إجابته عن سؤال: «م ا كيفية الصلاة على الجنازة» ، أن يكبر المصلي التكبيرة الأولى ويستفتح ويقرأ الفاتحة، ثم يكبر الثانية ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الإبراهيمية التي نقرؤها في الصلاة التشهد، ثم يكبر الثالثة ويجتهد في الدعاء للميت بالمغفرة ورفع الدرجات وأن يبدله الله خيرًا من أهله وأن يخلفه في أهله بخير، ثم يكبر الرابعة ويدعو لجميع المسلمين أحياء وأمواتًا.