logo
ترامب يرفع العقوبات عن سوريا، ويمد غصن الزيتون إلى إيران

ترامب يرفع العقوبات عن سوريا، ويمد غصن الزيتون إلى إيران

BBC عربيةمنذ 7 أيام

أثارت التطورات المتلاحقة في الشرق الأوسط أثناء زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدول خليجية وعقد قمة أمريكية خليجية، اهتمام المحللين والخبراء والصحف العالمية، ليس فقط لطبيعة الوفد الأمريكي الذي يضم غالبية من رجال الأعمال، ولا حجم الاستثمارات الخليجية التي سيحصل عليها ترامب، ولكن أيضا لتأثير القرارات التي يتخذها ترامب على المنطقة بأسرها.
ونشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تقريراً مطولاً لمجموعة من المراسلين حول الزيارة ونتائجها، خاصة على سوريا وإيران، بعنوان "ترامب يرفع العقوبات عن سوريا، ويمد غصن الزيتون لإيران".
وجاء في التقرير أن ترامب أعلن من السعودية، يوم الثلاثاء، عن خطط لرفع العقوبات المفروضة على الحكومة السورية، وشدد على استعداده للتفاوض مع إيران، مما يُشير إلى إعادة ترتيب للسياسة الخارجية الأمريكية، وأنه لا يوجد فيها "أعداء دائمين".
وأضاف التقرير أن خطاب ترامب في الرياض قدم "رؤية شاملة وإن كانت متناقضة" في بعض الأحيان، لدور القوة العسكرية الأمريكية في العالم. فقد أعلن معارضته للتدخلات الأمريكية السابقة في الشرق الأوسط، ولكنه أعرب أيضاً عن استعداده لاستخدام القوة للدفاع عن الولايات المتحدة وحلفائها.
وأعلن ترامب هذه التصريحات في إطار سعيه "للحصول على أموال من هذه المنطقة الغنية بالنفط للاقتصاد الأمريكي"، وهو ما ظهر من اللحظة الأولى لنزوله من طائرة الرئاسة الأمريكية وهو يلوح بقبضته، ويحيي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بحرارة، وبدا أنه "يركز" على تأمين مجموعة من الصفقات لعمالقة التكنولوجيا ورجال الأعمال الذين اصطحبهم معه.
وعلقت الصحيفة على حديث ترامب عن التحديات الأمنية التي تُعاني منها منطقة الشرق الأوسط، ورغبته في أن يكون للولايات المتحدة دورٌ في معالجتها، وإعلانه أنه لن يسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي. لكنه كان قد صرح من قبل باستعداده التوصل إلى اتفاق، وحثّ طهران على قبول عرضه.
وعن أسباب رفع العقوبات عن سوريا، أوضحت الصحيفة أن ثمة منتقدين داخل الولايات المتحدة وخارجها قالوا إن الإبقاء على العقوبات لفترة طويلة جداً قد يؤدي إلى نفور القادة الجدد الذين قد يكونون منفتحين على التعاون مع واشنطن، وقد يزيد من اعتماد سوريا على داعمين آخرين، بما في ذلك تركيا.
ومن التناقض أيضا، كما تقول الصحيفة، أن ترامب طالما قال إن حلفاء الولايات المتحدة يستغلون مظلتها العسكرية دون أن يقدموا الكثير في المقابل، ولكنه في السعودية تعهد بأنه لن يتردد أبداً "في استخدام القوة الأمريكية إذا كان ذلك ضرورياً للدفاع عن الولايات المتحدة، أو للمساعدة في الدفاع عن حلفائنا، و لن نرحم أي عدو يحاول إيذاءنا أو إيذاءهم".
واعتبرت الصحيفة أن تصريحات ترامب، ورفع العقوبات عن سوريا والانفتاح على إيران، كانت تمثل "صفعة" لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كان "يشعر بالألم" بالفعل من قرار ترامب عدم زيارة إسرائيل، رغم وجوده في المنطقة.
وقالت الصحيفة إن الزيارة تمثل "عرضاً رائعاً للوحدة بين القادة السعوديين والأمريكيين"، وقد مرت ثماني سنوات منذ أن زار ترامب المملكة لأول مرة كرئيس للولايات المتحدة، وخلال تلك الفترة، صمدت علاقته الشخصية بولي العهد السعودي أمام تحديات كبيرة.
"المصالح الخاصة الهائلة"
وأبرزت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية زيارة ترامب ونتائجها والمكاسب التي سيحققها شخصيا من هذه الزيارة، في مقال بعنوان "المصالح الخاصة الهائلة لدونالد ترامب"، للكاتب إدوارد لوس.
وقال الكاتب إن قطر لم تجد أفضل من طائرة جامبو بقيمة 400 مليون دولار لتهديها لترامب، بعد أن كان قد أعرب عن "حنين" لهذه الطائرة، وتفقدها في مطار بالم بيتش بعد أسابيع من عودته للرئاسة.
لكن الكاتب يرى أن امتنان ترامب "لن يستمر طويلاً"، وضرب مثلاً بما حدث مع مارك زوكربيرغ، مؤسس شركة ميتا مالكة فيسبوك، والذي دفع مليون دولار لحفل تنصيب ترامب و25 مليون دولار لتسوية دعوى تشهير ضده، لكن هذه الأموال لم تنقذه من دفع غرامات مالية كبيرة.
ومع هذا، يشير الكاتب إلى أنه لا يمكن لأحد أن يقول "لا" لترامب.
وتحدث عن القوانين الأمريكية المتعلقة بالأخلاقيات الخاصة بتضارب المصالح، وقال: "أصبحت قواعد الأخلاقيات الفيدرالية الآن مجرد قواعد شكلية"، وستكون مفاجأة للمسؤولين السابقين الذين طُلب منهم الإفصاح عن هدايا بمئات من الدولارات، عندما يعلمون أن المحامين الذين يعملون لصالح ترامب اعتبروا أن هدية بقيمة 400 مليون دولار لا تُخالف بند المكافآت في الدستور الأمريكي.
وينطبق الأمر نفسه على عملة "ميمكوين" ($Trump) التي أصدرها ترامب قبل أيام قليلة من أدائه اليمين الدستورية، حيث سيحضر أكبر 220 مستثمراً في عملة ترامب عشاءً خاصاً معه الأسبوع المقبل.
وقال الكاتب ساخراً "يبدو أن هذا أيضاً مُطابق للمواصفات القانونية".
وأشار الكاتب إلى الأموال التي دفعها صندوق استثماري في أبوظبي، وبلغت ملياري دولار عبر شركة العملات المشفرة "وورلد ليبرتي فاينانشال" المملوكة لعائلة ترامب بأغلبية أسهمها، وفي المقابل رفع ترامب قيود بايدن على صادرات أشباه الموصلات إلى مجموعة من الدول، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة. كما وعدت الإمارات باستثمار 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة على مدى العقد المقبل.
وختم الكاتب المقال بالقول إنه من الصعب "التوفيق بين هذه الصفقات، وبين وعد ترامب بأن تكون أمريكا أولاً". فطائرة قطر المجانية ستؤثر على شركة بوينغ، المتعاقدة على إعادة إمداد أسطول طائرات الرئاسة الأمريكية، وهناك شكوك حول أن أجندة الرئيس الأمريكي الحقيقية هي "ترامب أولاً"، كما تقول الصحيفة.
"ترامب المسكين" وطائرة قطر
أما صحيفة الغارديان البريطانية فنشرت مقالاً عن الهدايا التي تلقاها ترامب، وجاء بعنوان ساخر: "ترامب المسكين: لا يمكنك حتى قبول طائرة فاخرة من قطر دون أن تُتهم بالفساد هذه الأيام"، للكاتبة مارينا هايد.
ووصفت الكاتبة ترامب بأنه "الإمبراطور" الذي سيكون "أحمقاً" لو لم يقبل هذه الطائرة، وبعد انتهاء "إمبراطورية ترامب الثانية"، ستُنقل الطائرة إلى مكتبة ترامب الرئاسية وتصبح ملكاً خاصاً له.
ومع هذا يصف ترامب هذه الصفقة مع حكومة أجنبية بأنها "شفافة للغاية"، وقالت الكاتبة ساخرةً إنها تعتقد أنه "ربما نتفق" حول ذلك، لكن أكثر ما يُثير الغموض في الأمر هو فكرة أن ترامب يخطط أصلاً لإنشاء مكتبة رئاسية.
وأضافت أن الطائرة الجامبو الفاخرة ليست أجمل هدية لترامب خلال الشهر الماضي، فهناك في المركز الأول اللوحة التي أرسلها فلاديمير بوتين إلى الرئيس ترامب، والتي كشف فنانها الروسي مؤخراً أن بوتين أخبره شخصياً أنها خطوة حيوية في إصلاح علاقة روسيا بالولايات المتحدة، وكان هناك "قلق" من قبول ترامب لوحة فنية ثمينة من بوتين.
وأشارت الكاتبة إلى أنه يصعب عدم الاعتقاد بأن ترامب "لا يُستغل" من جانب من يمنحونه الهدايا. وأضافت الكاتبة أن ذلك يزيد الغضب من سلوك ترامب، لأن أكبر هدية حصل عليها كانت الفوز برئاسة "أعظم قوة في القرن الحادي والعشرين"، مضيفة أن ذلك يأتي في ظل "انعدام الشعور بالخجل تماماً"، كما تقول الكاتبة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بروكسل ترصد مساعدة مالية لإذاعة أوروبا الحرة بعدما جمدت واشنطن تمويلها
بروكسل ترصد مساعدة مالية لإذاعة أوروبا الحرة بعدما جمدت واشنطن تمويلها

العربي الجديد

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربي الجديد

بروكسل ترصد مساعدة مالية لإذاعة أوروبا الحرة بعدما جمدت واشنطن تمويلها

أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، يوم الثلاثاء، أنّ بروكسل ستمنح إذاعة "أوروبا الحرة/راديو الحرية" Radio Free Europe/Radio Liberty مساعدة مالية قدرها 5.5 ملايين يورو، لتمكينها من مواصلة عملها بعد أن جمّدت الولايات المتحدة تمويلها. وقالت كالاس للصحافيين، عقب اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل: "هذا المبلغ سيدعم العمل الحيوي الذي تقوم به إذاعة أوروبا الحرة". وأضافت: "هذا تمويل طارئ قصير الأمد، مصمّم ليكون بمثابة شبكة أمان للصحافة المستقلة". وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد جمّد في مارس/آذار تمويل إذاعة "أوروبا الحرة/راديو الحرية" وهيئات بث أميركية أخرى، من بينها "صوت أميركا"، ضمن مساعيه لخفض الإنفاق الحكومي. لكن إذاعة "أوروبا الحرة/راديو الحرية"، التي توظف أكثر من 1700 شخص، طعنت بقرار ترامب أمام القضاء، وقد حصلت الأسبوع الماضي على أمر قضائي يتيح لها مؤقتًا مواصلة الحصول على التمويل. غير أن "الوكالة الأميركية للإعلام العالمي"، التي تشرف على عمليات الإذاعة، لم تفرج حتى الآن عن الأموال المخصّصة لها. إعلام وحريات التحديثات الحية حكم قضائي يلزم إدارة ترامب بإعادة تمويل إذاعة أوروبا الحرة وفي تصريحها، شدّدت كالاس على أن المساعدة المالية التي رصدها الاتحاد الأوروبي لن تكون كافية لتغطية عمل الإذاعة في جميع أنحاء العالم، بل ستركّز على بلدان في مناطق مثل القوقاز وآسيا الوسطى. وأقرّت المسؤولة الأوروبية بأنّ "من الواضح أن أوروبا لا تستطيع توفير كل التمويل اللازم" لعمل الإذاعة. تجدر الإشارة إلى أنّ إذاعة أوروبا الحرة دشنت خلال الحرب الباردة، وتبث برامجها حالياً بـ27 لغة في 23 دولة في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى والشرق الأوسط. ويقع مقرها الرئيسي في واشنطن، بينما يتمركز مكتبها الصحافي في جمهورية التشيك. وسبق أن حاولت إدارة ترامب تقليص التمويل المخصّص ل وسائل إعلام حكومية أميركية أخرى مؤيدة للديمقراطية، بما في ذلك إذاعة صوت أميركا. وفي 22 إبريل/ نيسان، صدر حكم يمنع الإدارة من تفكيك إذاعة صوت أميركا، معتبراً أنّها أجبرتها على وقف عملياتها بشكل غير قانوني، للمرة الأولى منذ تأسيسها في حقبة الحرب العالمية الثانية. (فرانس برس، العربي الجديد)

هل هناك صراع خفي بين تركيا وإسرائيل في سوريا؟
هل هناك صراع خفي بين تركيا وإسرائيل في سوريا؟

BBC عربية

timeمنذ 7 ساعات

  • BBC عربية

هل هناك صراع خفي بين تركيا وإسرائيل في سوريا؟

مع تولي أحمد الشرع منصب الرئيس المؤقت في سوريا، لا يقتصر التغيير على الداخل السوري فحسب، بل يمتد ليعيد تحريك قطع الشطرنج الإقليمية من جديد. فشخصية الشرع وخلفيته السياسية والإيديولوجية، إضافة إلى الدعم التركي الواضح له، فرضت واقعا جديدا يتطلب من القوى الإقليمية إعادة تقييم مواقفها وتحالفاتها تجاه سوريا. وبدأت تتبلور ملامح منافسة جديدة بين قوتين نافذتين في المنطقة هما تركيا وإسرائيل. لم تخض هاتان القوتان مواجهة مباشرة على الأرض السورية أو أي أرض أخرى، إلا أن مصالحهما المتضاربة، تعني على الأرجح دخولهما في تنافس إقليمي محتدم خلف الكواليس يعيد رسم التوازنات داخل سوريا بالتحديد. الشرع بين طموحات أنقرة ومخاوف إسرائيل تحوّل الشرع، الشخصية التي برزت في المشهد السوري منذ سقوط نظام البعث، إلى عنصر مهم في المعادلة ما بعد الأسد. ولكونه سُنّياً ذا خلفية أيديولوجية وسياسية إسلامية، فقد شكّل خياراً مقبولاً لدى أنقرة، التي لطالما دعمت المعارضة السورية خلال سنوات الحرب الأهلية منذ عام 2011. ومنذ وصوله إلى رأس السلطة في دمشق، دعمته أنقرة بقوة، "بوصفه فرصة لترجمة نفوذها المحصور في شمال غربي سوريا إلى مكاسب سياسية في العاصمة دمشق، من خلال أدوات ناعمة مثل مشاريع إعادة الإعمار والتعليم وما إلى ذلك"، بحسب تصريحات فرانسيسكو بيلكاسترو، رئيس برنامج العلاقات الدولية في جامعة داربي في بريطانيا، لبي بي سي نيوز عربي. أما إسرائيل، فتبدي قلقها من صعود الشرع إلى رأس السلطة، معتبرةً إياه تهديداً أمنياً نظراً لخلفيته الجهادية وتحالفاته الإقليمية. البروفسور كوبي مايكل، وهو باحث أول في معهد دراسات الأمن القومي ومعهد مسغاف في إسرائيل، يقول لبي بي سي نيوز عربي: " تنظر إسرائيل إلى تسلم الشرع السلطة في دمشق، كتحدٍّ مثير للريبة والشك، لكن مع إمكانية التوصل إلى ترتيبات أمنية معقولة، وربما حتى إلى تعاون أوسع يتجاوز الأمن، مع توخي الحذر الشديد وخاصة بعد تجربة السابع من أكتوبر/تشرين الأول الدموية نظراً إلى سيرة وتاريخ الشرع. كما أن المشكلة الأكبر تكمن في الأتراك، نظراً لطموحاتهم الإقليمية من جهة، ودعمهم للفلسطينيين وخاصة حركة حماس؛ وقد نجد أنفسنا في صدام معها على المصالح الأمنية العليا في سوريا". ماذا تريد تركيا من سوريا؟ في 15 مايو/أيار، في مؤتمر صحفي خلال اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مقاطعة أنطاليا جنوب تركيا، قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن أنقرة تتوقع من وحدات حماية الشعب الكردية السورية، التي تعتبرها امتداداً لحزب العمال الكردستاني (بي كي كي) - الوفاء باتفاق أبرمته مع الحكومة السورية، ولا سيما أن الحزب الكردي أعلن عن حل نفسه ونزع سلاحه، وفقاً لوكالة رويترز. يقول فرانسيسكو بيلكاسترو لبي بي سي: "صحيح أن تركيا تحثّ حلفاءها في المنطقة وخارجها على تحسين علاقاتهم مع النظام السوري الحالي، ولا سيما أولئك القادرين على الإسهام مالياً في جهود إعادة إعمار البلاد، لكن يجب ألا ننسى أن ذلك يصبّ في نهاية المطاف في مصلحة أنقرة التي تسعى إلى الحفاظ على نفوذها هناك بما يضمن لها دوراً في رسم مستقبل البلاد، ومنع أي تطورات سلبية بالنسبة لها، ولا سيما فيما يتعلق بالقضية الكردية". وفي تصريحات لبي بي سي نيوز عربي، يقول نيل كويليام، الخبير البارز في الجغرافيا السياسية والشؤون الخارجية، والباحث المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد تشاتام هاوس في لندن: "تنبع الدوافع الرئيسية لأنقرة في دعم الشرع ، عدا حرصها على منع الأكراد السوريين من السعي إلى الاستقلال عن دمشق، إلى توسيع روابطها التجارية مع الأردن ودول الخليج، وإعادة تأكيد نفوذها الإقليمي في بلاد الشام". ويضيف: "تستخدم تركيا قوتها الناعمة إلى جانب أدوات القوة الصلبة في شمال غربي سوريا منذ عام 2018. ومثلما استخدمت هيئة تحرير الشام إدلب نموذجاً لحكمها في سوريا، فعلت تركيا الشيء نفسه. لذا، نتوقّع أن نرى نفوذها يمتدّ إلى مناطق أبعد، ما دامت تحافظ على خطٍّ محايد مع الشرع". لكن الباحث والكاتب السياسي السوري، بسام سليمان، ينفي مثل هذا النوع من التأثير، ويقول لبي بي سي نيوزعربي: "تركيا حليف استراتيجي، ونحن نتحرّك ضمن إطار متوازن يخدم المصالح المتبادلة. صحيح أن تركيا دعمت ولا تزال تدعم فصائل الجيش الوطني في الشمال السوري، وحافظت على وجودها هناك لفترة طويلة، إلا أنني أؤكد أن معركة "ردّ العدوان"، التي انطلقت في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024، لم تكن مدعومة من تركيا، بل على العكس، كانت لديها مخاوف من فشل تلك العملية، وانعكاس ذلك سلباً على الاستقرار النسبي في المنطقة." ويُضيف سليمان: "بعد التحرير، استمرت العلاقة مع أنقرة، لكنها لا تمارس نفوذاً كبيراً في الشأن السياسي الداخلي، بل إن تدخلاتها محدودة، وتتركّز في إطار التحالفات الإيجابي". ويعطي سليمان مثالا بما يصفه بالـ "تفاهم الواضح" بين دمشق وأنقرة بشأن قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، لكن بمقاربات مختلفة؛ "إذ تفضّل الأولى المسار السلمي، بينما تميل أنقرة إلى خيارات أكثر حسماً. ومع ذلك، استجابت أنقرة في نهاية المطاف لمسار تسليم الجيش الوطني، المدعوم تركياً وقطرياً، إلى الإدارة السورية الجديدة، وهو ما يُبرز مستوى التنسيق القائم من دون فرض نفوذ سياسي مباشر". تنسيق أمني أم صراع نفوذ؟ شكّلت التحولات المتسارعة في المشهد السوري، بما في ذلك لقاء الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالرئيس السوري، أحمد الشرع، في الرياض، بوساطة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، منعطفاً مهماً في مسار سوريا التي لا تزال تُعاني من آثار حرب استمرت أربعة عشر عاماً. وتسعى إسرائيل لضمان أمنها القومي عبر بناء توازنات جديدة، ولو تطلب الأمر تقبّل قيادة أحمد الشرع، ما دام لا يهدد مصالحها. ويرى البروفيسور كوبي مايكل "أن إسرائيل تحاول التوصل إلى تفاهمات أساسية مع تركيا، تتجاوز ما تحقق مع روسيا، بهدف تقاسم المسؤولية الأمنية في سوريا، خصوصاً في ظل التخوف من أن يؤدي الانتشار العسكري التركي وخاصة الجوي، إلى تقييد حرية العمليات الإسرائيلية، لا سيما ضد النفوذ الإيراني". لكن الباحث بيلكاسترو يشير إلى أن "الموقف الإسرائيلي تجاه تركيا متذبذب بين لهجة تصالحية وأخرى عدائية، ما يعكس التردد في فهم مدى تقاطع أو تضارب المصالح بين الجانبين". يرى مايكل أن "أنقرة لا تسعى إلى نموذج إسلامي ديمقراطي في سوريا، بل إلى إسلام بروح تركية، قريب من جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما قد يشكل تهديداً استراتيجياً لإسرائيل". ويطرح بيلكاسترو مقاربة مختلفة، مفادها "أن تركيا وإسرائيل حافظتا على علاقات وظيفية رغم التوترات، بل قد تكون هناك أرضية مشتركة إقليمية، خاصة مع زوال التهديد الإيراني المباشر في سوريا، ودور تركيا في دعم النظام الجديد". وفي المحصلة، تجد إسرائيل نفسها أمام مشهد سوري يتغير جذرياً، تتقاطع فيه الأجندات التركية والإسرائيلية، بين تنسيق ضروري ومخاوف متبادلة، وسط إعادة رسم لخريطة النفوذ في الشرق الأوسط. تنافس "مباشر" يرى نيل كويليام أن التنافس بين تركيا وإسرائيل أصبح الآن تنافساً مباشراً، مع أن أياً من الجانبين لم يُطلق عليه اسماً. ويقول لبي بي سي: "يتجلى هذا التنافس بشكل أوضح في مواقفهما الدبلوماسية، وقد رأينا كيف تستغل تركيا علاقاتها مع السعودية وقطر والآن مع الولايات المتحدة، لاستبعاد إسرائيل من الجهود الدبلوماسية الإقليمية". ويشرح نيل كويليام قائلاً: "من الواضح أن إسرائيل ترغب في الاستفادة من علاقاتها الجيدة مع الأكراد وخاصة بعد تفاقم التوترات بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية، كما استغلت الدروز في الجنوب أيضاً". ويرى كوبي مايكل أن إسرائيل تلزم نفسها بسلامة وأمن المكونين الدرزي والكردي "نظراً لوجود علاقات تاريخية لهما مع إسرائيل، إضافة إلى وجود قسم من المجتمع الدرزي في إسرائيل أيضاً، فضلاً عن أن كليهما يقاتلان الإسلام المتشدد الذي يهدد أمن إسرائيل، ومن خلال الحفاظ على علاقات جيدة مع هذين المكونين، تحتفظ إسرائيل بالخيارالعملي لتحسين قدراتها على مواجهة الإرهاب والنظام السوري المُعادي في حال أصبح هذا النظام كذلك". ما الشكل الأمثل لسوريا من منظوري تركيا وإسرائيل؟ تختلف رؤية تركيا لسوريا ما بعد الأسد، عن إسرائيل، إذ تسعى الأخيرة إلى "ضم سوريا إلى الاتفاقات الإبراهيمية وتطبيع العلاقات معها، بما يخدم مصالحها الأمنية والسياسية"، بحسب مايكل. أما بالنسبة لتركيا، فيرى نيل كويليام أنها "ترغب في دولة موحدة ذات سيادة وطابع إسلامي وتحالف أيديولوجي مع أنقرة. وبالطبع، تُثير هذه الرؤية استياء إسرائيل، التي لا ترغب في حكومة إسلامية موالية لأنقرة على حدودها. لذا، ستبذل قصارى جهدها لتقويض رؤية تركيا وتعزيز هيمنتها الإقليمية على السياسة السورية، داعمةً الأقليات ليس فقط في نيل حقوقها من خلال تعزيز لا مركزية الحكومة، بل وفي تحقيق الحكم الذاتي أيضاً". تحديات بين تركيا وإسرائيل، تجد سوريا نفسها محاصرة بين قوتين لا يُستهان بهما. فكيف ستوازن الإدارة السورية الجديدة علاقاتها مع في ظل محيط إقليمي معقد؟ يقول الكاتب السياسي السوري، بسام سليمان: "لدى سوريا رؤية واضحة وهي النأي بنفسها عن أي توتر مع أي دولة جارة، بل التفرغ تماماً لإعادة إعمار وبناء سوريا جديدة". أما عن دعم تركيا للحركات الإسلامية مثل حماس وغيرها في سوريا، فيقول إن "هذا شأن تركي، وإذا كانت هناك قنوات بين تركيا وتلك الجماعات السياسية في سوريا، فبالتأكيد ستعمل الدولة السورية مستقبلاً على إنهائها". ويقول كويليام: "يعطي اجتماع أردوغان مع ترامب ومحمد بن سلمان وأحمد الشرع، مؤشرا واضحا على كيفية تشكيل تركيا لمواقف الولايات المتحدة ودول الخليج. وقد عزا ترامب قراره برفع العقوبات عن سوريا إلى النصيحة التي تلقاها من أردوغان وبن سلمان، وهو ما يتعارض مع رغبات إسرائيل. لكن حتى أنقرة، يمكن أن تواجه تحديات في اكتساب اعتراف أوسع بدورها القيادي في الوقت الحالي، لكن بمرور الوقت، ستنشأ تنافسات مع السعودية والإمارات اللتين ستكون لكل منهما رؤى مختلفة لمستقبل سوريا الجديدة".

وزير الخارجية الأمريكي يحذر من "حرب أهلية شاملة" وشيكة في سوريا
وزير الخارجية الأمريكي يحذر من "حرب أهلية شاملة" وشيكة في سوريا

BBC عربية

timeمنذ 8 ساعات

  • BBC عربية

وزير الخارجية الأمريكي يحذر من "حرب أهلية شاملة" وشيكة في سوريا

دعا وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، إلى دعم السلطات الانتقالية في سوريا، محذراً من أن البلاد قد تكون على بُعد أسابيع فقط من "انهيار محتمل وحرب أهلية شاملة ذات أبعاد ملحمية". وفي جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، دافع روبيو عن قرار الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي برفع العقوبات عن سوريا قبل لقائه بالرئيس أحمد الشرع - رئيس الفترة الانتقالية في سوريا-، والقائد السابق في تنظيم القاعدة الذي قاد هجوماً أطاح ببشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول. وأوضح روبيو أن مبرر ترامب هو أن دولاً أخرى أرادت مساعدة إدارة الشرع وإرسال المساعدات، لكنها كانت متخوفة من العقوبات. ولم يصدر أي تعليق فوري من دمشق على تصريحات الخارجية الأمريكية. وكانت الولايات المتحدة فرضت عقوبات على سوريا رداً على الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها القوات الموالية للأسد خلال الحرب الأهلية المدمرة التي شهدتها البلاد على مدى 13 عاماً، وقُتل فيها أكثر من 600 ألف شخص وأُجبر 12 مليوناً آخرين على النزوح من ديارهم. كما أن وزارة الخارجية الأمريكية كانت قد أصرت سابقاً على استيفاء دمشق لعدة شروط قبل رفع العقوبات عنها، بما في ذلك حماية الأقليات الدينية والعرقية. ورغم وعد الشرع بذلك، إلا أن البلاد شهدت موجتين من العنف الطائفي المميت في الأشهر الأخيرة. ففي مارس/ آذار، قُتل ما يقرب من 900 مدني، معظمهم من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، على يد القوات الموالية للحكومة في جميع أنحاء المنطقة الساحلية الغربية خلال معارك بين قوات الأمن والموالين للنظام السابق، وفقاً لإحدى مجموعات الرصد. وأفادت التقارير بأن الموالين للنظلم السابق قتلوا ما يقرب من 450 مدنياً و170 من أفراد الأمن. وفي مطلع مايو/ أيار، أفادت التقارير بمقتل أكثر من 100 شخص في اشتباكات بين مسلحين من الأقلية الدرزية وقوات الأمن الجديدة ومقاتلين من الجماعات الإسلامية المتحالفة معها في ضاحيتين في العاصمة دمشق ومحافظة السويداء الجنوبية. وحتى قبل اندلاع أعمال العنف، كان العديد من أبناء الأقليات قلقين بشأن السلطات الانتقالية الجديدة، التي تهيمن عليها هيئة تحرير الشام، التي يقودها الشرع. وهي جماعة كانت تتبع في السابق لتنظيم القاعدة، وتصنفها الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة كمنظمة إرهابية. كما لا يزال الشرع نفسه مُدرجاً في قائمة الولايات المتحدة "للإرهابيين العالميين المُصنفين بشكل خاص"، على الرغم من أن إدارة بايدن أعلنت في ديسمبر/ كانون الأول أن الولايات المتحدة ستلغي مكافأة العشرة ملايين دولار، التي خصصتها لمن يساعد في اعتقاله. وعلى الرغم من ماضي الشرع، انتهز ترامب الفرصة لمقابلته أثناء حضوره قمة قادة الخليج في المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي. وبعد اللقاء، وصفه الرئيس الأمريكي في تصريح للصحفيين بأنه "شاب جذاب"، مضيفاً أنه"رجلٌ قوي. له ماضٍ قوي. ماض قويّ جداً. ومقاتل". وقال "لديه فرصة حقيقية لتوحيد سوريا"، مضيفاً "أنها دولة مُمزّقة". في غضون ذلك، قال الشرع إن قرار ترامب برفع العقوبات عن سوريا "كان قراراً تاريخياً وشجاعاً، يُخفف معاناة الشعب، ويُساهم في نهضته، ويُرسي أسس الاستقرار في المنطقة". وفي حديثه أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في العاصمة الأمريكية واشنطن، الثلاثاء، قال روبيو مازحاً "الخبر السيء هو أن شخصيات السلطة الانتقالية. لم يجتازوا فحص خلفياتهم، الذي عادة ما يجريه مكتب التحقيقات الفيدرالي". وأضاف "لكن من ناحية أخرى، إذا تواصلنا معهم، فقد ينجح الأمر، وقد لا ينجح. في حين إذا لم نتواصل معهم، فمن المؤكد أن الأمر لن ينجح". وقال روبيو: في الواقع، نعتقد، وبصراحة، أن السلطة الانتقالية، بالنظر إلى التحديات التي تواجهها، على بُعد أسابيع، وليس أشهر، من انهيار محتمل وحرب أهلية شاملة ذات أبعاد ملحمية، أي تقسيم البلاد. ولم يُفصّل الوزير، لكنه قال إن أقليات سوريا "تعاني من انعدام ثقة داخلي عميق. لأن الأسد حرّض هذه الجماعات عمداً على بعضها البعض". وأضاف أن ترامب قرر رفع العقوبات بسرعة لأن "دول المنطقة ترغب في إيصال المساعدات، وتريد البدء بمساعدتها. لكنها لا تستطيع ذلك خوفاً من عقوباتنا". وفي سياق متصل، اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا أيضاً. وكتبت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على منصة إكس "نريد مساعدة الشعب السوري في إعادة بناء سوريا جديدة، شاملة، وسلمية". وأضافت "لطالما وقف الاتحاد الأوروبي إلى جانب السوريين على مدار السنوات الأربع عشرة الماضية، وسيواصل ذلك". وقالت وزارة الخارجية السورية إن القرار يمثل "بداية فصل جديد في العلاقات السورية الأوروبية المبنية على الرخاء المشترك والاحترام المتبادل".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store