
لماذا غادرت "شيفرون" كاليفورنيا بعد 140 عاما من العمل؟
بعد أكثر من 140 عاماً من وجودها في كاليفورنيا، أعلنت شركة "شيفرون" نقل مقرها الرئيس من سان رامون إلى هيوستن، تكساس، في خطوة أنهت علاقتها الطويلة مع الولاية التي كانت موطنها التقليدي.
القرار لم يكن مجرد خطوة إدارية، بل جاء في سياق توتر متزايد بين الشركة وسلطات كاليفورنيا، وسط خلافات تنظيمية حول سياسات المناخ والطاقة.
وحاول الرئيس التنفيذي مايك ويرث التواصل مع حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم لإبلاغه بالقرار، لكنه لم يلقَ استجابة تذكر، مما دفعه إلى إرسال رسالة نصية قال فيها "نحن على وشك الإعلان عن خطوة مهمة. أود إبلاغك بها قبل أن تقرأ عنها في الأخبار"، إلا أن نيوسوم رد باقتضاب، "لست في حاجة إلى الحديث عن الأمر، أنا بخير".
على الجانب الآخر، حرص ويرث على إبلاغ حاكم تكساس الجمهوري غريغ أبوت شخصياً، الذي استقبل الخبر بحفاوة وسأل عما إذا كانت الشركة في حاجة إلى أي دعم خاص لعملية الانتقال، لكن ويرث رفض أي مساعدة، مشيراً إلى أن الانتقال إلى تكساس بحد ذاته مكافأة كافية.
وفي الثاني من أغسطس (آب) 2024، أعلنت "شيفرون" رسمياً عن قرارها، بينما رد نيوسوم بمقطع فيديو اتهم فيه شركات النفط الكبرى بالتلاعب بأسعار الوقود واستغلال المستهلكين.
تصاعد الخلافات بين "شيفرون" وإدارة كاليفورنيا
وتأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد الخلافات بين "شيفرون" وإدارة كاليفورنيا، إذ دفعت الولاية بتشريعات بيئية صارمة تهدف إلى الحد من انبعاثات الكربون وتسريع الانتقال إلى السيارات الكهربائية، وهو ما رأته شركات النفط تهديداً مباشراً لمصالحها. في حين يعكس قرار "شيفرون" الانقسام المتزايد بين الولايات ذات التشريعات البيئية الصارمة مثل كاليفورنيا، وتلك التي تواصل دعم الصناعات التقليدية مثل تكساس، مما يؤكد استمرار بحث شركات النفط الكبرى عن بيئة تنظيمية أكثر مرونة ودعماً لاستثماراتها في الطاقة الأحفورية بعيداً من الضغوط المتزايدة للحد من الانبعاثات الكربونية.
وفي مكالمة هاتفية مع المستثمرين في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، انتقد الرئيس التنفيذي لشركة "شيفرون"، مايك ويرث، السياسات التنظيمية الصارمة في كاليفورنيا، قائلاً "إن وضع البيروقراطيين في مسؤولية التخطيط المركزي لقطاعات رئيسة من الاقتصاد لم ينجح في ولايات اجتماعية أخرى، لذا أشك في أن الأمر سيكون مختلفاً في كاليفورنيا".
وتأتي تصريحاته في ظل تصاعد التوترات بين قطاع النفط وإدارة الحاكم غافين نيوسوم، التي اتخذت خطوات أكثر عدوانية من أي ولاية أخرى لدفع المستهلكين بعيداً من الوقود الأحفوري. وتشمل هذه السياسات حظر بيع السيارات العاملة بالبنزين بحلول عام 2035، إلى جانب قوانين تلقي اللوم على شركات النفط في ارتفاع أسعار الوقود داخل الولاية، ونتيجة لذلك أصبحت السيارات الكهربائية تمثل أكثر من ربع مبيعات السيارات الجديدة في كاليفورنيا.
ورداً على تصريحات ويرث، قال المتحدث باسم مكتب الحاكم، دانييل فيلاسينور، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إن "شيفرون" لديها "مستقبل في مجال الطاقة النظيفة في كاليفورنيا"، مضيفاً "يمكنهم الانضمام إلينا في انتقالنا الثابت والطويل الأجل نحو ولاية تعتمد على الطاقة النظيفة". وأشار مكتب الحاكم إلى أن نيوسوم يتذكر تبادلاته النصية مع ويرث الصيف الماضي بأنها كانت ودية، على رغم الانقسام الواضح بين الطرفين حول سياسات الطاقة والمناخ.
وتصاعد الخلاف حول السياسات إلى مواجهة شخصية في سبتمبر (أيلول) 2023، عندما بدا أن الحاكم غافين نيوسوم يتهم الرئيس التنفيذي لشركة "شيفرون" مايك ويرث، بالتورط في واحدة من أسوأ الكوارث التي شهدتها كاليفورنيا.
وفي إشارة إلى حريق الغابات عام 2018 الذي أودى بحياة 85 شخصاً في بلدة بارادايس، اتهم نيوسوم ويرث بالتركيز على مكافآت المساهمين أكثر من الاستثمار في تطوير الطاقة المنخفضة الكربون، وهو ما رآه تناقضاً مع وعود "شيفرون" بخفض الانبعاثات الكربونية.
وأضاف الحاكم أن العواقب المترتبة على ما وصفه بـ"خداع الشركة" كانت "لا تقدر بثمن، سواء من جهة الخسائر المالية أو الأرواح التي فقدت أو الجنازات أو الجثث التي امتلأت بها بارادايس."
وأدلى غافين نيوسوم بهذه التصريحات اللاذعة خلال إعلانه عن دعوى قضائية ضد "شيفرون" وشركات نفط كبرى أخرى، متهماً إياها بخداع الجمهور في شأن تغير المناخ، وأوضح المتحدث باسم مكتب الحاكم، دانييل فيلاسينور، أن نيوسوم لم يكن يتهم "شيفرون" أو مسؤوليها التنفيذيين "بأي شيء أكثر من الفشل في مواجهة واقع أزمة المناخ،" ولم ترد شركة "شيفرون" على تصريحات نيوسوم.
وقبل انتخابات الخامس من نوفمبر 2024 لم تكن علاقة الحاكم المتوترة مع قطاع النفط تشكل تهديداً سياسياً كبيراً له، لكن بعد فوز دونالد ترمب بدأ بعض المشرعين الديمقراطيين في إدراك أن كلفة الطاقة المرتفعة في كاليفورنيا أصبحت عبئاً سياسياً، وفقاً لاستشاريين سياسيين من كلا الحزبين.
وعند اندلاع حرائق الغابات في منطقة لوس أنجليس الشهر الماضي، ربط غافين نيوسوم بصورة مقتضبة بين شركات النفط والكوارث البيئية، في إشارة إلى الحريق الذي أودى بحياة 29 شخصاً. وشكر حاكم تكساس، غريغ أبوت، عبر منصة "إكس" على تقديم الدعم عبر إرسال فرق إطفاء ومعدات، قائلاً "في مثل هذه اللحظات، نحن نتوحد بغض النظر عن الانتماءات الحزبية."
ويقول مستشارون سياسيون إن نيوسوم يبدو كأنه مستعد لتولي دور قيادي داخل الحزب الديمقراطي، إذ أجرى اتصالاً مع حلفائه الديمقراطيين في اليوم التالي للانتخابات الرئاسية، وبدأ في تعزيز صورته كخصم سياسي لترمب.
أما الآن، حول نيوسوم تركيزه من المواجهة السياسية مع ترمب إلى إدارة جهود التعافي من الحرائق، وفي الأربعاء الماضي التقى الرئيس الأميركي في المكتب البيضاوي لمناقشة الإغاثة الفيدرالية للكوارث.
طلاق مكلف
كما هي الحال مع الانفصالات الكبرى يبدو أن الانقسام بين كاليفورنيا و"شيفرون" سيكون مكلفاً للطرفين، ففي حال قررت "شيفرون" بيع منشآتها القديمة لإنتاج الوقود، سيكون من الصعب إيجاد مشترٍ لهذه الممتلكات التي تمتد على نحو 4 آلاف فدان في شمال وجنوب كاليفورنيا.
وكان الطلب على البنزين في كاليفورنيا العام الماضي أقل بنسبة 10 في المئة مقارنة بعام 2019، ويرجع ذلك بصورة كبيرة إلى زيادة عدد المركبات الكهربائية على الطرق وارتفاع عدد الأشخاص الذين يعملون من المنزل، وفقاً للجنة الطاقة في الولاية.
وقال محللو صناعة الطاقة إن التنظيمات، إضافة إلى تراجع الطلب، أسهمت في خفض استكشاف النفط في كاليفورنيا، ففي عام 2023 كان أكثر من 75 في المئة من نفط الولاية مستورداً من ألاسكا ودول أخرى مثل العراق والسعودية والبرازيل والإكوادور.
تأسيس "شيفرون" في كاليفورنيا
عام 1876 حفرت أول بئر نفط ناجحة في جبال سانتا سوسانا شمال لوس أنجليس، وأدت هذه الاكتشافات إلى تأسيس "شيفرون" وأطلقت طفرة نفطية ساعدت في دعم اقتصاد الولاية لأكثر من قرن وحافظت على أسعار الغاز منخفضة عقوداً، وتتمتع كاليفورنيا بأسعار البنزين الأعلى مقارنة بكل الولايات الأميركية باستثناء هاواي.
ويلقي نيوسوم والمسؤولون الآخرون في الولاية اللوم على صناعة النفط، ووضعت "شيفرون" بوضع لافتات في محطات البنزين تقول "المشرعون في كاليفورنيا هم من يرفعون أسعار الغاز"، وفي رسالة مرتبطة برموز الاستجابة السريعة (QR Codes) دعت السائقين للتقدم بشكاوى مباشرة إلى المشرعين.
وعارضت "شيفرون" وشركات النفط الأخرى قانوناً جديداً في كاليفورنيا يمنح الجهات التنظيمية سلطة إلزام المصافي بالحفاظ على مستويات معينة من المخزونات في خزانات التخزين، وهو ما يأمل المشرعون في أن يساعد في الحد من زيادات الأسعار في محطات الوقود بسبب نقص الإمدادات، وعلى مستوى الولاية تراجع عدد المصافي العاملة إلى 14 مصفاة العام الماضي من 40 مصفاة عام 1983، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2024 بعد يومين من توقيع نيوسوم على القانون، أغلقت شركة "فيليبس" 66 مصفاة لها في جنوب كاليفورنيا، وقال الرئيس التنفيذي للشركة مارك لاشيير، في ذلك الوقت، إن القرار كان مبنياً بصورة عامة على تراجع الطلب وسياسات الولاية التي تهدف إلى تقليص استخدام الوقود الأحفوري، وأضاف لاشيير "كنا نتوقع أن يكون سوق التكرير في كاليفورنيا صعباً للغاية في المستقبل".
وبلغ إنتاج النفط في الولاية ذروته في أوائل عام 1986 بأكثر من مليون برميل يومياً، وفي نوفمبر 2024، وكان الرقم نحو 279 ألف برميل يومياً، وهو أدنى مستوى منذ عام 1981، ويعزى ذلك إلى شيخوخة حقول النفط، وتقتصر عمليات البحث عن اكتشافات جديدة على عدد قليل من فرق الحفر.
وقال رئيس شركة "ليبو" للنفط في هيوستن آندي ليبو "لماذا التعامل مع كاليفورنيا بينما يمكنك الذهاب إلى تكساس أو نيو مكسيكو؟ لديك كمية محدودة من رأس المال ووقت محدود في اليوم".
وفي الأعوام الأخيرة خسر كثير من المرشحين المدعومين من شركة "شيفرون" وشركات النفط الأخرى في انتخابات الولاية، مما أضعف النفوذ السياسي الكبير الذي كانت تتمتع به الشركة، للمرة الأولى، رفضت غالبية الديمقراطيين الذين ترشحوا في انتخابات الولاية عام 2023 قبول أموال الحملة من شركات النفط، وفقاً لمنظمة الناخبين البيئيين في كاليفورنيا غير الربحية.
ترمب حليف قوي لصناعة النفط
ومن المتوقع أن تكون إدارة ترمب حليفاً قوياً للصناعة، فبعد أربعة أيام من عودة ترمب إلى المكتب البيضاوي، قالت إدارته في ملفات قانونية إن وكالة حماية البيئة (EPA) ستراجع قرارها بمنح كاليفورنيا إعفاءً يسمح لها فعلياً بحظر بيع السيارات التي تعمل بالبنزين بحلول عام 2035، وتحديد معايير أكثر صرامة لانبعاثات المركبات.
وأقر عضو الجمعية في كاليفورنيا، غريغ هارت، الذي قدم مشروع القانون العام الماضي، بأن شركات النفط تكره القانون، وقال هارت إن كاليفورنيا تحاول زيادة عدد الأشخاص الذين يشترون السيارات الكهربائية، مع توفير الغاز بأسعار معقولة للسيارات التقليدية، وهي أهداف تبدو متناقضة.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي حفل أداء اليمين في الجمعية التشريعية في كاليفورنيا في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) 2024، قال رئيس الجمعية روبرت ريفاس، إن ولاية كاليفورنيا ستستمر في قيادة الأمة في مجال تغير المناخ "لكن ليس على حساب الفقراء والعاملين، وليس من خلال الضرائب أو الرسوم لبرامج لا تعمل، وليس من خلال حظر مشاريع الإسكان والبنية التحتية الحيوية".
وفي الأعوام الأخيرة تجنب نيوسوم لوبي شركات النفط ونادراً ما استقبل كبار التنفيذيين في شركات النفط، وتقول شركات النفط إن اتهامات نيوسوم حول خداع الصناعة والاستغلال في الأسعار قد أصابت الموظفين بالإحباط وجعلت من الصعب جذب موظفين جدد.
وقالت كاثرين ريهايس-بوييد، التي كانت تشغل منصب رئيسة جمعية نفط غرب الولايات المتحدة لفترة طويلة، إنها لم تواجه أي صعوبة في إقامة علاقات مع حكام سابقين، وخلال زيارة نيوسوم إلى فلوريدا عام 2022، في سياق احتمال ترشحه للرئاسة، أنفقت جمعيتها ما يقارب مليون دولار على إعلانات في الصحف والإذاعة والتلفزيون تنتقد الحاكم بسبب ارتفاع أسعار الطاقة في كاليفورنيا، وكان نيوسوم غاضباً من ذلك، وفقاً لما قاله أشخاص مطلعون على الأمر للصحيفة.
وتقول وكالات الطاقة في الولاية والتنفيذيون في شركات النفط، بما في ذلك "شيفرون"، إنهم يحاولون العمل معاً للحفاظ على استقرار وتوافر إمدادات الطاقة في كاليفورنيا بأسعار معقولة، على رغم اختلافاتهم السياسية.
لكن يبدو أن الوقت قد فات لإصلاح العلاقات مع عملاق النفط الذي غادر، إذ كان لديه نحو 2000 موظف في مقر الشركة في كاليفورنيا الصيف الماضي، وتتبع "شيفرون" بذلك خطوات شركات مثل "تيسلا" و"سبيس إكس" و"أوراكل" و"هيوليت باكارد" التي انتقلت من كاليفورنيا إلى تكساس.
وفي الـ27 من يناير (كانون الثاني) الماضي، قدم السيناتور الديمقراطي في الولاية سكوت وينر ونائب آخر مشروع قانون يسمح لأصحاب المنازل وشركات التأمين بمقاضاة شركات النفط والغاز عن الأضرار الناتجة من الكوارث المرتبطة بتغير المناخ، مثل الحرائق.
وقال وينر "من خلال إجبار شركات الوقود الأحفوري التي تسبب أزمة المناخ على دفع حصتها العادلة، يمكننا المساعدة في استقرار سوق التأمين لدينا وجعل ضحايا الكوارث المناخية يعوضون عن خسائرهم".
في حين قال مكتب نيوسوم إن الحاكم لا يعلق عادة على التشريعات المقترحة أو التي هي قيد النظر.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوطن
منذ 6 ساعات
- الوطن
تحول سعودي بنظام طاقة جديد ونمو الموارد المتجددة للضعف
تُرسم ملامح فصل جديد بقطاع الطاقة في المملكة العربية السعودية، التي زارها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قبل أيام، بينما لم يعد النفط والغاز العنصرَين المهيمنَين الوحيدَين في مشهد الطاقة، وفقا لما ذكره تحليل صادر عن معهد «واشنطن». ومع إعطاء الإدارة الأمريكية الجديدة الأولوية للوقود الأحفوري وإلغاء المنح والإعفاءات الضريبية المخصصة للطاقة المنخفضة الكربون، وجدت السعودية سبيلا للجمع بينهما. ومن خلال الاستفادة من الفرص الاقتصادية والسوقية لمصادر الطاقة المتجددة والتقنيات المنخفضة الكربون، أصبحتا الآن جزءا من نظام طاقة جديد يتشكل بتداعيات جيوسياسية كبيرة. إن تجاهل هذا النموذج الجديد يعني التخلف عن الركب. أما خصوم الولايات المتحدة، مثل الصين، فهم ليسوا جزءا من هذا النظام الجديد فحسب، بل يتمتعون بمكانة مهيمنة فيه. لا تزال الهيدروكربونات المصدر الرئيسي لإيرادات دول الخليج العربي. كما أن إجمالي إمدادات المنطقة من النفط (الخام ومنتجاته) والغاز الطبيعي المسال إلى الأسواق العالمية لا يزال بالغ الأهمية، إذ يُصدَّر نحو %30 من صادرات النفط العالمية المنقولة بحرًا، ونحو %20 من الغاز الطبيعي المسال من الخليج. في الوقت نفسه، تخضع قرارات إنتاج النفط التي تتخذها منظمة أوبك، بقيادة السعودية وحلفائها في السوق، لمراقبة دقيقة في جميع الأسواق نظرًا لتأثيرها على أسعار النفط العالمية والاستثمار. استثمار سعودي قوي مع ذلك، استثمرت السعودية بقوة في مصادر الطاقة المتجددة، وأنظمة تخزين طاقة البطاريات، واحتجاز الكربون وتخزينه، بالإضافة إلى الطاقة النووية والهيدروجين الأخضر (المنتج بالتحليل الكهربائي باستخدام مصادر الطاقة المتجددة)، وغيرها من التقنيات. وستواصل هذه التقنيات لعب دور رئيسي بجهود تنويع مصادر الطاقة العالمية، في ظل النمو المتوقع في الطلب العالمي على الكهرباء، الذي «سينمو بنسبة تقارب 4% سنويًا حتى عام 2027»، مدفوعًا بشكل رئيسي بمراكز البيانات والكهرباء وعوامل أخرى، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية. باختصار، تواصل المملكة الترويج للوقود الأحفوري مع اغتنام الفرص الاقتصادية المتاحة في التقنيات منخفضة الكربون. تستثمر السعودية أيضًا في الأسواق العالمية وتُقيم شراكات استثمارية مع شركات رائدة، بما في ذلك في الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، تستثمر المملكة أيضًا في المعادن الحيوية التي تُعدّ أساسية لتقنيات الطاقة النظيفة، بما في ذلك المركبات الكهربائية، في عالم تُسيطر فيه الصين على سلسلة التوريد. تاريخ التحول السعودي بالنسبة للسعودية، بدأ هذا التحول يقطاع الطاقة في سبعينيات القرن الماضي بتطوير شبكة الغاز الرئيسية. وصرح وزير النفط السعودي الأسبق علي النعيمي، في مذكراته الصادرة عام 2016 بعنوان «خارج الصحراء»، بأن «حجر الزاوية» في الخطة الخمسية الثانية للمملكة العربية السعودية، التي أُعلن عنها عام 1975، كان خطة الغاز الرئيسية الضخمة. وكان الهدف الرئيسي من هذا المشروع تنويع اقتصاد يعتمد على النفط من خلال تجميع الغاز القيّم المرتبط بإنتاج النفط، الذي يُحرق في حقول النفط واستخدامه لتغذية التصنيع في البلاد. وتواصل المملكة تطوير شبكة الغاز الرئيسية هذه مع إعادة ابتكار قطاع الطاقة لديها. في العام الماضي، شدد وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان على هذا التحول، الذي يرتكز اليوم على ما أسماه في عرضه التقديمي «ركائز أساسية»: تعزيز كفاءة الطاقة، وتحويل مزيج الطاقة، وإدارة الانبعاثات. تسعى هذه العملية إلى تحقيق التوازن بين أمن الطاقة، والحصول عليها وتوافرها، والاستدامة والعمل المناخي. لذا، بدلا من الاقتصار على تصدير النفط، تسعى المملكة العربية السعودية إلى أن تصبح مصدرًا لـ«جميع أشكال الطاقة»، بما في ذلك المنتجات المنخفضة الكربون. من المتوقع أن يشهد قطاع الطاقة المتجددة في المملكة نموًا ملحوظًا. ووفقًا للبيانات التي نشرتها نشرة «مسح الشرق الأوسط الاقتصادي» (MEES) في فبراير، من المتوقع أن ترتفع قدرة المملكة على توليد الطاقة المتجددة إلى 12.7 جيجاواط بنهاية هذا العام، من نحو 6.5 جيجاواط حاليًا. وتشمل مشاريع الطاقة المتجددة محطة ليلى للطاقة الشمسية الكهروضوئية (91 ميجاواط)، التي تُطورها شركات سعودية وصينية، وفقًا لـ«MEES». وسيصاحب هذا النمو في قطاع الطاقة المتجددة أيضًا نشر أنظمة تخزين الطاقة بالبطاريات، لمعالجة مشكلة انقطاع التيار الكهربائي المرتبط بمصادر طاقة متغيرة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وتتميز السعودية بأسعار منخفضة في كلٍّ من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، حيث بلغ سعر أحد مشاريع الطاقة الشمسية 0.0129 دولار أمريكي/كيلوواط ساعة. ويمكن أن تُمكّن التكلفة المنخفضة المُستوية للكهرباء المُستمدة من مصادر الطاقة المتجددة المملكة من تصدير الهيدروجين الأخضر مستقبلًا. وتُشيد المملكة مشروعًا ضخمًا للهيدروجين الأخضر في نيوم. وتُعزى تطورات الطاقة في السعودية إلى الدعم والتمويل الحكومي الكبير، والاستثمارات الخاصة، والابتكار المستدام الذي يُحفّزه البحث والتطوير. ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، من المتوقع أن تُعيد هذه التحولات في قطاع الطاقة تشكيل الخريطة الجيوسياسية - كما فعل الوقود الأحفوري في الماضي - ولا يُمكن تجاهلها. الطاقة المتجددة بالمملكة - 12.7 جيجاواط ارتفاع قدرة المملكة على توليد الطاقة المتجددة بنهاية 2025. - 6.5 جيجاواط هذه القدرة الحالية. - 91 ميجاواط مشاريع الطاقة المتجددة في محطة ليلى للطاقة الشمسية الكهروضوئية. - 0.0129 دولار أمريكي / كيلوواط ساعة سعر طاقة الرياح والطاقة الشمسية. - 14 مشروعا للطاقة الشمسية وطاقة الرياح في مختلف المناطق.


Independent عربية
منذ 16 ساعات
- Independent عربية
هل شركات النفط الكبرى مستعدة لتراجع أطول في السوق؟
تستعد أكبر شركات النفط في العالم لمواجهة تراجع طويل الأمد في أسعار الخام هو الثالث خلال ما يزيد قليلاً على عقد في وقت تسعى فيه إلى طمأنة المستثمرين بأنها مستعدة لأسوأ السيناريوهات. واستغل مسؤولو "إكسون موبيل" و"شيفرون" و"شل" و"توتال إنرجي" و"بريتش بيتروليوم" تقارير أرباحهم الفصلية لتأكيد قوة موازناتهم العمومية، ولتأكيد أنهم لن يندفعوا إلى خفض الإنفاق أو العوائد على المساهمين بصورة غير مبررة. وقال الرئيس التنفيذي لشركة "إكسون موبيل" دارن وودز للمحللين هذا الشهر، وفقاً لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، "نشهد ضغوطاً هبوطية كبيرة على الأسعار وهوامش الأرباح"، مضيفاً أن الشركة التي تبلغ قيمتها السوقية 472 مليار دولار استعدت لهذا التراجع من خلال خفض ما يقارب 13 مليار دولار من الكلف على مدى خمس سنوات. وأضاف وودز، "مؤسستنا خططت لهذا الأمر. نحن نختبر خططنا ونتائجها المالية باستخدام سيناريوهات أكثر قسوة من تجربة (كوفيد)" في إشارة إلى الانهيار الكبير في الأسعار خلال عام 2020 بسبب الجائحة. وتابع قائلاً، "لا توجد أي شركة نفط دولية أخرى تقترب حتى من هذا المستوى من الاستعداد". تراجع سعر النفط وهبطت أسعار النفط إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل في أبريل (نيسان) الماضي، ويتوقع أن يبلغ متوسط السعر نحو 65 دولاراً لبقية العام، في وقت تواصل فيه مجموعة "أوبك+" التي تضم السعودية وروسيا زيادة الإمدادات. وكان خام "برنت" المعيار الدولي يتداول دون 65 دولاراً للبرميل الجمعة الماضي. شركة "شيفرون" التي تقلص قوتها العاملة بنسبة 20 في المئة طمأنت المستثمرين بأنها ستحقق 9 مليارات دولار من التدفق النقدي الحر حتى في حال بلغ سعر النفط 60 دولاراً، بينما "شل"، فقالت إنها قادرة على دفع توزيعات الأرباح حتى لو تراجع سعر النفط إلى 40 دولاراً، وأن عمليات إعادة شراء الأسهم ستستمر وإن كانت بنصف الوتيرة الحالية عند سعر 50 دولاراً للبرميل. وأضافت "شل" أنها لم تجر أي تغييرات حتى الآن على خطط الإنفاق، وقالت المديرة المالية للشركة سينيد غورمان في مكالمة الأرباح "لم نطلب من أعمالنا التوقف عن المشاريع". وقال الرئيس التنفيذي لشركة "توتال إنرجي" باتريك بويانيه إن رد الفعل هذه المرة كان مماثلاً لما حدث خلال أزمة فيروس كورونا، إذ اتسم بـ"عدم الذعر"، مشيراً إلى أن شركته امتنعت عن خفض توزيعات الأرباح حتى في أسوأ مراحل الجائحة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وشهدت التراجعات السابقة في أسواق النفط، بما في ذلك تلك الناجمة عن حروب الأسعار بين السعودية والولايات المتحدة وروسيا بين عامي 2014 و2016، خفوض حادة في الإنفاق داخل القطاع، إضافة إلى تأجيل مشاريع كبرى، وارتفعت مستويات الديون، إذ لجأت شركات النفط الكبرى إلى الاقتراض للحفاظ على عملياتها وعوائد المساهمين. خطط الإنفاق الرأسمالي واستغلت بعض الشركات الكبرى أيضاً الفرص المتاحة خلال فترات التراجع، مثل استحواذ "شل" على مجموعة BGعام 2015، واستحواذ "شيفرون" على "نوبل إنرجي" عام 2020. وقال الرئيس التنفيذي لشركة "إكسون موبيل" دارين وودز "نحن في موقع أفضل من غيرنا للاستجابة لتحديات السوق، بل والاستفادة من الفرص التي تقدمها". الإنفاق الرأسمالي لشركات النفط الخمس الكبرى، وبحسب محللة بنك "أتش أس بي سي" كيم فوستييه، خفضت شركات النفط الكبرى مجتمعة خطط الإنفاق الرأسمالي بنسبة اثنين في المئة خلال موسم الأرباح الأخير، وتوقعت خفضاً إضافياً إذا استقرت أسعار النفط عند مستوياتها الحالية وقدرت شركة "وود ماكنزي" للاستشارات في مجال الطاقة أن يصل الإنفاق الرأسمالي هذا العام بين الشركات الخمس الكبرى إلى نحو 98 مليار دولار، بخفض يقارب 5 في المئة عن عام 2023. وقالت فوستييه للصحيفة، "إنهم في وضع أشبه بالانتظار والترقب، ومن الواضح أنهم لا يريدون اتخاذ قرارات لا يمكن التراجع عنها". وأضافت أن الخفض الأخير في أسعار النفط جاء بعد أسابيع فقط من إعلان عديد من شركات النفط الكبرى عن خطط طويلة الأجل تستند إلى سعر نفط يفوق 70 دولاراً للبرميل هذا العام، مما يجعل من الصعب تعديل التوقعات بسرعة. وأردفت "أعتقد أن الشركات كان يجب أن تقدم خطة توازن بين التدفقات النقدية الداخلة والخارجة عند سعر 65 دولاراً للبرميل، لكن لم يفعل أي منها ذلك". من جانبهم، خفض محللو بنك "أتش أس بي سي" توقعاتهم لأرباح السهم لعام 2025 لشركات النفط الكبرى المدرجة، بما في ذلك خفض بنسبة 35 في المئة لشركة "بريتيش بيتروليوم" و18 في المئة لشركة "شيفرون"، في ظل تكيف السوق مع خفض الأسعار. أما المحلل في "بنك أوف أميركا" كريستوفر كوبلنت فقال إن سعر 65 دولاراً للبرميل قد لا يسبب اضطراباً كبيراً للشركات الكبرى، لكن أي تراجع إضافي قد يحمل تأثيرات أوسع. وأضاف "ما يقلقني هو ألا نبقى عند 65 دولاراً. توقعاتنا تشير إلى أن متوسط سعر خام برنت خلال الربعين الثاني والثالث سيكون أقل من 60 دولاراً، وهذا السيناريو سيكشف عن مواطن الضعف". وأشار كوبلنت أيضاً إلى أنه لا يتفق مع مزاعم الشركات الكبرى بأنها مستعدة للركود، موضحاً أن عقداً من تقليص الكلف جعل عديداً منها أكثر هشاشة ويحد من قدرتها على إجراء مزيد من الخفوض دون تعريض الإنتاج للخطر. وقال "بعد 10 سنوات من السعي لتحقيق الكفاءة، أصبحت هذه الشركات أنحف بكثير، والهامش المتاح للمناورة بات محدوداً للغاية".


أرقام
منذ 18 ساعات
- أرقام
إدارة ترامب تخطط لمنح شيفرون ترخيصاً محدوداً لصيانة عملياتها في فنزويلا
تستعد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإصدار ترخيص لشركة شيفرون يسمح لها بتنفيذ صيانة فقط لعملياتها في فنزويلا. وأوضح مصدر مطلع أن وزارة الخزانة الأميركية تعتزم منح هذا الإعفاء الذي يقتصر على المهام الحرجة المتعلقة بالصيانة والسلامة لضمان استمرار العمل الأساسي. تمديد التراخيص لشركاء شركة النفط الفنزويلية ينتهي ترخيص شركة شيفرون للعمل في فنزويلا الأسبوع المقبل، فيما قدم معظم شركاء شركة بتروليوس دي فنزويلا طلبات لتمديد تراخيصهم. وتحتاج هذه الطلبات إلى موافقة من وزارتي الخزانة والخارجية الأميركيتين، إذ تقدم وزارة الخارجية التوجيهات اللازمة لوزارة الخزانة لاتخاذ القرارات المتعلقة بتعديل أنظمة العقوبات. رغم امتلاك فنزويلا لواحد من أكبر احتياطات النفط في العالم، فإن إنتاجها النفطي الحالي يشكل جزءاً ضئيلاً مما كان عليه قبل عقد من الزمن، نتيجة لنقص الاستثمارات وسوء الإدارة في شركة PDVSA، إلى جانب العقوبات الأميركية المفروضة منذ 2019 على قطاع الطاقة في البلاد. وحتى الآن، لم تصدر شركة شيفرون أو وزارتي الخارجية والخزانة الأميركيتين أي تصريحات رسمية بشأن الموضوع، في حين يترقب المتابعون تأثير هذا الترخيص المحدود على مستقبل عمليات الشركة في فنزويلا.