logo
إيران تحذر الخليج: القواعد الأميركية أهداف مشروعة إذا اندلعت الحرب

إيران تحذر الخليج: القواعد الأميركية أهداف مشروعة إذا اندلعت الحرب

الوطن الخليجيةمنذ 13 ساعات

في خضم التصعيد المتزايد بين إسرائيل وإيران، وجهت طهران تحذيرًا صارخًا لجيرانها الخليجيين، محذرةً من أن القواعد العسكرية الأميركية المنتشرة في أراضيهم قد تصبح أهدافًا مشروعة في حال أقدمت واشنطن على تنفيذ أي ضربة عسكرية ضد إيران.
ويعكس التحذير الإيراني، الذي نقل إلى المسؤولين القطريين مؤخرًا، تحوّلًا استراتيجيًا واضحًا في خطاب طهران، ويكشف عن تنامي احتمالات توسع رقعة الحرب لتشمل منطقة الخليج، رغم الجهود الحثيثة التي تبذلها دولها لتجنّب الانجرار إلى أتون الصراع.
سياسة الردع تعود إلى الواجهة
بحسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست، فإن التحذير الإيراني جاء في إطار محاولات طهران لاستعادة سياسة الردع التي اهتزت بفعل الضربات الإسرائيلية المركزة على مواقعها في سوريا، والعراق، وأخيرًا، في عمق الأراضي الإيرانية.
ووفقًا لمسؤول أوروبي مطلع على تفاصيل الاتصالات، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، فإن إيران أرادت إيصال رسالة واضحة: أي دعم أميركي لإسرائيل سيُقابل برد مباشر على القواعد الأميركية في الخليج، لا سيما في قطر والبحرين والإمارات.
وأضاف المصدر أن التحذير نُقل هذا الأسبوع إلى المسؤولين القطريين، وسط مؤشرات متزايدة على احتمال تدخل الولايات المتحدة عسكريًا لمساندة إسرائيل، سواء في توجيه ضربات إلى منشآت نووية إيرانية أو في اعتراض الصواريخ الباليستية.
مزاج خليجي مضطرب ومخاوف من التورط
وصف المسؤول الأوروبي المزاج العام لدى حكومات الخليج بأنه 'مضطرب للغاية'، مع تصاعد المخاوف من أن يؤدي أي تطور مفاجئ إلى انزلاق المنطقة في مواجهة مباشرة.
وبينما تحاول دول الخليج، منذ سنوات، النأي بنفسها عن الصراعات الإقليمية، فإن وجود القواعد الأميركية العسكرية في أراضيها، مثل قاعدة العديد الجوية في قطر والأسطول الخامس في البحرين، يجعلها جزءًا لا يتجزأ من الحسابات العسكرية في أي حرب مقبلة.
وتزامن التحذير الإيراني مع تلميحات من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب—الذي يواصل التأثير على الخطاب السياسي الأميركي—بأن إدارته تدرس احتمال دعم إسرائيل في حال تطورت المواجهة مع إيران.
هذا الموقف أعاد للأذهان مخاطر الانزلاق الأميركي إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط، وهو سيناريو تحاول إدارة بايدن تحاشيه، رغم دعمها السياسي والعسكري المستمر لإسرائيل.
قطر في قلب المحادثات
وسط هذا التوتر، أفادت مصادر الصحيفة بأن المسؤولين الأميركيين أجروا محادثات أمنية مع نظرائهم القطريين تناولت سيناريوهات متعددة، من بينها احتمال إغلاق المجال الجوي القطري مؤقتًا، لمنح الجيش الأميركي حرية الحركة لاعتراض الصواريخ الإيرانية، أو لضمان تنفيذ عمليات دفاعية وهجومية من دون تعطيل جوي.
ورغم أن الدوحة تحافظ على علاقات متوازنة مع إيران وتستضيف قاعدة العديد الأميركية، فإن هذا المزيج المعقد يجعلها في موقع بالغ الحساسية. وأي تحرك عسكري من الأراضي القطرية قد يفسره الإيرانيون كجزء من العدوان، ما يهدد أمن الدولة الخليجية الصغيرة.
تحركات جوية وتعليق للرحلات
المخاوف الأمنية لم تظل حكرًا على السياسيين والعسكريين، بل انعكست مباشرة على قطاع الطيران المدني. فقد أعلنت شركتا 'إير فرانس' و'KLM' تعليق رحلاتهما من وإلى مطار دبي الدولي، مساء الأربعاء، بسبب 'الوضع الأمني في المنطقة'، دون تحديد فترة زمنية لهذا القرار.
وهو ما يشير إلى إدراك متزايد في الأوساط الغربية بأن التصعيد الحالي يتجاوز مجرد حرب بالوكالة، وقد ينتقل إلى استهداف البنية التحتية المدنية في الخليج.
الرسالة الإيرانية: لا حياد في الحرب
تحذير إيران لدول الخليج يعكس تغيرًا استراتيجيًا في كيفية قراءتها لمواقف الجيران.
فبعد سنوات من ضبط النفس النسبي، وخصوصًا بعد المصالحة مع السعودية برعاية صينية، يبدو أن طهران لم تعد ترى دول الخليج بمنأى عن أي هجوم إذا ما تورطت الولايات المتحدة. هذا التحول يحمل رسالة سياسية وعسكرية: 'لا حياد في الحرب'.
وقد أشار محللون إلى أن طهران تريد أن تفرض معادلة ردع جديدة تقوم على التهديد برد موسع، لإجبار واشنطن وحلفائها على إعادة تقييم كلفة أي عمل عسكري محتمل.
وفي ظل هذه الرسائل، تبقى دول الخليج أمام خيارات صعبة: إما الحفاظ على التحالف مع الولايات المتحدة على حساب أمنها الداخلي، أو انتهاج سياسة حياد صارمة قد تغضب واشنطن وتقلل من مظلة الحماية الغربية.
نحو تصعيد إقليمي شامل؟
في ظل هذا المشهد الملبد، تبدو احتمالات اندلاع مواجهة أوسع في الخليج مرهونة بعدة عوامل: قرار واشنطن بشأن التدخل المباشر، رد فعل إسرائيل على القدرات النووية الإيرانية، ومدى تجاوب طهران مع جهود الوساطة الخلفية التي لا تزال تبذلها أطراف أوروبية وعربية.
لكن المؤكد أن الخليج بات مجددًا في عين العاصفة، وأن أي انفجار في الجبهة الإيرانية-الإسرائيلية سيضعه في مرمى النيران، سواء أرادت حكوماته ذلك أم لا.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«عملية كوماندوس»... خيار إسرائيلي آخر لضرب فوردو
«عملية كوماندوس»... خيار إسرائيلي آخر لضرب فوردو

الرأي

timeمنذ 24 دقائق

  • الرأي

«عملية كوماندوس»... خيار إسرائيلي آخر لضرب فوردو

يبقى مفاعل فوردو في إيران، هو الهدف الأصعب بالنسبة لإسرائيل، في ظل بنائه في منطقة وعرة وعلى عمق كبير من الأرض... وفي انتظار حسم الرئيس دونالد ترامب، خياره، في شأن دخول الحرب، واستخدام الأسلحة الأميركية الخارقة للتحصينات لتدمير المنشأة، تزداد احتمالات إرسال تل أبيب، قوة كوماندوس لتحقيق هذا الغرض. وبحسب صحيفة «واشنطن بوست»، يُعتقد على نطاق واسع، أن سلاح الجو الأميركي، بقاذفات «بي - 2» وقنابله الخاصة التي تخترق الأرض بوزن 30 ألف رطل، قادر على إلحاق ضرر أكبر بكثير بمنشأة فوردو على بعد نحو 95 كيلومتراً جنوب غربي طهران. وذكرت أن النقاش لايزال مطروحاً، بين متشددين يرون في تدخل واشنطن، فرصة لتحييد خصم للولايات المتحدة، وتعزيز الردع، في مقابل فريق يرى في الانخراط بالحرب، إهدارا للذخائر الثمينة وتوريطا في أزمات الشرق الأوسط. ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال»، عن ثلاثة أشخاص مطلعين، أن ترامب أبلغ كبار مساعديه ليل الثلاثاء، بأنه وافق على خطط الهجوم، لكنه أحجم عن إصدار أمر نهائي لمعرفة ما إذا كانت طهران ستتخلى عن برنامجها النووي. في المقابل، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول إيراني رفيع المستوى، أن طهران ستقبل عرض ترامب لعقد اجتماع قريباً. وأضاف أن وزير الخارجية عباس عراقجي سيقبل بمثل هذا الاجتماع لمناقشة وقف إطلاق النار مع إسرائيل. ووفق «واشنطن بوست»، لا يشرح الإسرائيليون كيف سيتعاملون مع فوردو، لكن من بين الأفكار المطروحة، تنفيذ عملية كوماندوس على المنشأة النووية، بهدف تدميرها. وبحسب خبير الأسلحة النووية الإيرانية ديفيد أولبرايت، فإن «لدى إسرائيل طرقا أخرى لتعطيل عمل فوردو: يمكنهم قطع الكهرباء؛ تدمير نظام التهوية؛ بسهولة تدمير المدخل المخصص للمشاة؛ وتدمير المداخل الرئيسية». وتابع «حتى من دون القنابل الأميركية الخارقة للتحصينات، يمكن جعل فوردو غير صالح للعمل لفترة طويلة». لكن «واشنطن بوست»، تعتبر أن إرسال قوات على الأرض قد يكون محفوفاً بالمخاطر، وقد تكون نتائج القصف ضعيفة، لدرجة أن إسرائيل لن تحقق أهدافها من دون المساعدة الأميركية.

من طهران إلى تل أبيب... رد إيران الصاروخي وخطر الإشعاع في الشرق الأوسط
من طهران إلى تل أبيب... رد إيران الصاروخي وخطر الإشعاع في الشرق الأوسط

الرأي

timeمنذ 24 دقائق

  • الرأي

من طهران إلى تل أبيب... رد إيران الصاروخي وخطر الإشعاع في الشرق الأوسط

- مصادر لـ «الراي»: طهران تفادت بصعوبة ضربة لخامنئي بعد مغادرته مقر إقامته مع تصاعد المواجهة الإسرائيلية - الإيرانية إلى صراع إقليمي أوسع، برزت طهران ليس فقط كخصمٍ صامد، بل كقوةٍ قادرةٍ على تحمل الضغط وإلحاق خسائر إستراتيجية واقتصادية جسيمة. من خلال نشر تكنولوجيا الصواريخ المتطورة واستئصال شبكات التجسس، تُعيد تشكيل ساحة المعركة وفقاً لشروطها الخاصة، بينما تواجه إسرائيل ضغوطاً داخليةً متزايدةً - عسكرياً واقتصادياً ودبلوماسياً - مع امتداد حربها عبر قطاع غزة ولبنان واليمن. لقد أثبتت إيران قدرتها على إلحاق أضرار جسيمة بإسرائيل بضربها في الوسط والجنوب والشمال، لتقول إن «لا هناك مكان آمن»، من دون الحاجة إلى نصرٍ عسكريٍّ مباشر عليها أو على حلفائها. إستراتيجيتها واضحة: المقاومة، الصمود، وإطالة أمد الصراع، مع رفض أي شروطٍ للاستسلام. تشن طهران حملة قصف يومي متواصلة ومدروسة باستخدام بعضٍ من أكثر الصواريخ محلية الصنع تطوراً في المنطقة - وهي أنظمة لا مثيل لها لدى إسرائيل أو أي جيش شرق أوسطي. يهدف هذا الضغط المستمر إلى استنزاف المجتمع الإسرائيلي، الذي لايزال، حتى الآن، متمسكاً برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. لأكثر من 15 عاماً، رسخ نتنياهو فكرة أن إيران تُشكل تهديداً وجودياً. ويبدو أن طموحه على المدى الطويل يتجاوز تحييد القدرة العسكرية الإيرانية: فهو يتصور تغييراً في النظام من شأنه أن يُؤدي إلى انهيار شبكة طهران الإقليمية، ما يُمهد الطريق لبلاده لتوسيع حدودها بحرية - وهي رؤية أيدها الرئيس دونالد ترامب ضمنياً، عندما قال «إسرائيل صغيرة جداً»، مقترحاً توسيعها. وتتناسب الفكرة تماماً مع إطار عقيدة «إسرائيل الكبرى»، خصوصاً إذا لم يبقَ أي تهديد لها في المنطقة. ورداً على ذلك، صعّدت طهران من استخدام أسلحة متطورة - مستهدفةً المراكز السكانية والمواقع العسكرية والاستخباراتية عالية القيمة. الصواريخ الإيرانية من بين الصواريخ، «سجيل-2» البالستي الذي يعمل بالوقود الصلب ولم يستخدم من قبل... يراوح مداه بين 2000 و2500 كيلومتر، وتصل سرعته في منتصف مساره إلى 12 - 13 ماخ. وتحمل الأنواع الأكثر تطوراً، رؤوساً حربية من نوع مركبات إعادة الدخول المتعددة (MRV)، والتي تنقسم بعد وصولها إلى الفضاء وتعود إلى الغلاف الجوي معاً لضرب منطقة هدف مشتركة. ورغم عدم توجيه مركبات إعادة الدخول المتعددة بشكل مستقل، إلا أنها تزيد من قدرتها التدميرية وقدرتها على سحق الدفاعات. ويتميز الصاروخ بثبات ودقة أكبر بكثير من سابقاته، وهو مصمم لتجاوز الدفاعات الصاروخية متعددة الطبقات - بما في ذلك أنظمة «القبة الحديدية»، «مقلاع داوود» و«حيتس». هذه الضربات الصاروخية المتطورة تُضعف القدرات الدفاعية وقدرتها على التحمل النفسي، مع استنزاف أنظمة اعتراضها. وقد كشف هذا الضعف الإستراتيجي عن اعتماد إسرائيل على الدعم الخارجي، ودفعها إلى الضغط على دونالد ترامب للتدخل العلني. ومع ذلك، لاتزال واشنطن مترددة، مُدركةً أن المشاركة العلنية قد تغرقها في الوحل الايراني وتُعرّض قواعدها في المنطقة والطرق البحرية للانتقام- وهو خطر لم تُقرر واشنطن، قبوله بعد. مكافحة التجسس في الوقت نفسه، كثّفت إيران عمليات مكافحة التجسس، ونجحت في تفكيك شبكات واسعة النطاق مُتغلغلة على أراضيها. ارتبطت هذه الخلايا بموجة من محاولات اغتيال مسؤولين، بما في ذلك ضربة فاشلة على المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، والتي تفادتها بصعوبة بعد ساعة واحدة فقط من مغادرته مقر إقامته، كما علمت «الراي» من مصادر مطلعة. كما كشفت قوات الأمن عن عمليات تصنيع مسيّرات على أراضيها، مسؤولة عن تخريب الدفاع الجوي بطائرات من دون طيار انتحارية وهجمات متعددة أخرى ضد أهداف متنوعة. ... لكن في صراعٍ بلا نهاية واضحة، يبدو أن إسرائيل مستعدةٌ بشكل متزايد لشنّ هجومٍ مباشر، وإيران لا تُبدي أيَّ نيةٍ للتراجع. فقد أعلن الجيش الإسرائيلي مهاجمو موقع بوشهر النووي، بعد ساعاتٍ فقط من تأكيد تل أبيب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنها لن تستهدف المنشأة. وفي تحوّلٍ غريب، تراجع المسؤولون الإسرائيليون، قائلين «كان من الخطأ هذا الخرق للضمانات الدبلوماسية» الذي لا يحمل تداعيات جيوسياسية عميقة فحسب، بل يفتح الباب أيضاً أمام كارثة قد تجتاح منطقة الخليج بأكملها وتتردد صداها في أنحاء العالم كافة. تقع منشأة بوشهر على طول ساحل الخليج العربي. وقد تدفع الرياح السائدة أي تسرب إشعاعي ناتج عن أي هجوم باتجاه دوله مباشرة. ويلوح في الأفق تهديد أكبر يتعلق بالأمن المائي... دول الخليج تعتمد بشكل كبير على محطات تحلية المياه للحصول على مياه الشرب. وسيؤدي تسرب المواد المشعة إلى تلويث مياه البحر، ما قد يؤدي إلى توقف هذه المحطات عن العمل، وحال طوارئ إنسانية واسعة النطاق. كما تعد منطقة الخليج شريان الحياة للطاقة في العالم، حيث يمر ما يقرب من ثلث النفط العالمي عبر مضيق هرمز. وسيؤدي وقوع حادث نووي إلى إغلاق هذا الممر البحري، وسترتفع أسعار النفط العالمية بشكل خيالي. ولن تقتصر الصدمة الاقتصادية على منطقة محددة، بل قد تمتد إلى الأسواق العالمية، ما يؤدي إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار القائمة. فالقانون الدولي واضح: المادة 56 من البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف تحظر الهجمات على المنشآت النووية. وتُشكل ضربة إسرائيل على بوشهر «جريمة حرب» في هذا الإطار. تكلفة حروب إسرائيل انها حرب مكلفة على الجميع خصوصاً إسرائيل التي دخلت حروبها يومها الـ 620، على جبهات متعددة، بما في ذلك لبنان واليمن وإيران. ما بدأ كمواجهة في غزة توسع ليتحول إلى صراع إقليمي بتكاليف متراكمة. وفي حين تستهلك العمليات العسكرية موارد هائلة، تواجه إسرائيل أيضاً سيلاً من التحديات الداخلية والخارجية. في مواجهتها مع إيران، دخلت مرحلة من الضغط المالي المتسارع. على مدى أيام فقط من التصعيد، تكبدت إسرائيل نفقات عسكرية مباشرة تجاوزت 13.5 مليار شيكل (نحو 4 مليارات دولار). وهذا يشمل الغارات الجوية الهجومية، وأنظمة الاعتراض، وتعبئة الاحتياط. وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن تكلفة الحرب قد تبلغ نحو 24 ملياراً. وفقاً لمصادر إسرائيلية، يبلغ متوسط التكلفة اليومية للحرب الآن 2.75 مليار شيكل (نحو 730 مليون دولار)، وقد استُنفدت بالفعل معظم ميزانية الطوارئ في وقت سابق من هذا العام خلال عمليات غزة. وكانت وزارة المالية حددت سقفاً للعجز لعام 2025 بنسبة 4.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل نحو 105 مليارات شيكل (نحو 28 مليار دولار). ويتعرض هذا الحد الآن لضغوط شديدة، مع الحاجة إلى تمويل إضافي لتغطية الخسائر المتزايدة. علاوة على ذلك، من المتوقع أن يخسر الاقتصاد 0.7 في المئة من نموه المتوقع لعام 2025، بانخفاض عن توقعات تتراوح بين 4.3 و3.6 في المئة. وقد خلقت الحرب حالة من عدم اليقين على نطاق واسع، ما تسبب في اضطرابات اقتصادية ليس فقط من خلال الإنفاق العسكري المباشر ولكن أيضاً من خلال التغيرات في سلوك المستهلك ونقص العمالة الناتج عن استدعاءات الاحتياط العسكرية على نطاق واسع. وإلى جانب النفقات العسكرية، تواجه إسرائيل تكاليف مدنية متزايدة. فقد قدمت أكثر من 20 ألف أسرة دعاوى قانونية ضد الحكومة، مطالبة بتعويضات خلال الحرب الحالية. تزداد الصورة الاقتصادية قتامة؛ تتراجع قيم العقارات في المناطق المتضررة بشكل حاد، ما يُهدد بانهيار سوق العقارات وزيادة عدم الاستقرار الاقتصادي. وفقاً لخبراء قطاع الإسكان، إذا لم تُعالج الأضرار بشكل عاجل، فقد يؤثر النزوح الجماعي وفقدان قيمة العقارات سلباً على الاقتصاد. ينسحب المشترون من أحياء بأكملها، وتُعيد البنوك تقييم محافظ الرهن العقاري، ما قد يُسبب كساداً في سوق الإسكان ويُقلل الإيرادات العامة لسنوات. كما بدأت الهجمات من اليمن تُلقي بثقلها. فقد أدت الضربات المُسيّرة التي شنّها «أنصارالله» الحوثيون على البنية التحتية في جنوب إسرائيل - خصوصاً الموانئ ومواقع الطاقة - إلى تعطيل طرق الشحن والتجارة. ارتفعت أقساط التأمين على البضائع بشكل كبير، ما ردع شركات الخدمات اللوجستية الدولية عن الرسو في الموانئ الإسرائيلية، ولاسيما في إيلات وأشدود. في لبنان، أدى القصف المتواصل منخفض الكثافة لـ «حزب الله» والغارات الدورية عبر الحدود إلى إنشاء جبهة ثانية مكلفة لإسرائيل، ما زاد من استنزاف كل من جاهزيتها العسكرية ومرونتها الاقتصادية. وبحسب البنك الدولي، تسبب الصراع في أضرار اقتصادية تقدر بنحو 8.5 مليار دولار، بما في ذلك 1.1 مليار لكل من الخسائر الزراعية والسياحية خلال العام الماضي. وقد أجبر هذا الضغط المستمر، وكالات الائتمان على خفض تصنيف إسرائيل، ما يُشير إلى مخاوف طويلة الأمد بشأن المالية العامة والاستقرار. مع عدم وجود نهاية في الأفق، تستمر التكلفة التراكمية للحرب في التصاعد. تواجه إسرائيل احتمال حدوث أضرار اقتصادية هيكلية، واستياءً شعبياً، وعدم استقرار جيوسياسي طويل الأمد - ليس فقط بسبب «صواريخ العدو»، لكن أيضاً بسبب الثمن الباهظ لحرب مطولة على جبهات متعددة. ولايزال أفق الحل بعيدا مع احتمال تطور الحرب للأسوأ.

عبدالله الثاني ورفض الاستسلام للقوّة
عبدالله الثاني ورفض الاستسلام للقوّة

الرأي

timeمنذ 37 دقائق

  • الرأي

عبدالله الثاني ورفض الاستسلام للقوّة

ليس من وصف دقيق لما يشهده العالم والمنطقة أكثر من الوصف الذي قدّمه الملك عبدالله الثاني، في خطابه الأخير أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ. وضع العاهل الأردني، الذي اثبتت الأحداث والتطورات العالميّة قدرته على استشفاف المستقبل، النقاط على الحروف. قام عملياً بمحاولة متواضعة لوضع العالم أمام مسؤولياته مركّزاً على الدور الأوروبي والدولي في العمل من أجل السلام والعدل. لا يعود التوجه إلى أوروبا إلى قرب القارة العجوز جغرافياً من المنطقة فحسب، بل إلى وجود تجربة أوروبية لا يمكن تجاهلها أيضاً. إنّها تجربة ما بعد الحرب العالميّة الثانية. قال عبدالله الثاني، موجهاً كلامه إلى الّنواب الأوروبيين: «بعد الحرب العالمية الثانية، اختارت أوروبا إعادة البناء. ليس لمدنها فقط، بل للركائز التي تأسست عليها، إذ صممت شعوب أوروبا على ترك الماضي خلفها وبناء عصر جديد من السلام. اختار الأوروبيون الكرامة الإنسانيّة عوضاً عن الهيمنة والقيم عوضا عن الانتقام، والقانون عوضاً عن القوة والتعاون عوضاً عن الصراع». كانت هناك حاجة لدى العاهل الأردني لتقديم وصف دقيق لحال العالم، لكنّ المهمّ، بالنسبة إليه، عدم الاكتفاء بالوصف... مهما بلغت دقته. أصرّ على تأكيد وجود «قيم تجمعنا». أشار إلى أن العديد من هذه القيم «متجذّرة في أدياننا: الإسلام والمسيحية واليهودية». هذه القيم موجودة «لتقيم الرحمة والعدل والمساواة». كان الخطاب دعوة إلى العودة إلى القيم، كما كان صرخة رجل يتألم في ضوء المأساة التي تشهدها غزّة حيث «إذا فشل المجتمع الدولي بالتصرف بشكل حاسم، فإننا نصبح متواطئين في تعريف معنى أن تكون إنساناً». خلاصة الخطاب الذي القاه عبدالله الثاني، أن الحاجة إلى البحث عن مخرج بدل الاستسلام للعنف ومنطق القوة. لذلك يؤكد العاهل الأردني المرة تلو الأخرى أنّ القوة ليست حلاً وأنّ الحاجة إلى حلول سياسية قبل أي شيء آخر، خصوصاً في وقت تزداد الحرب الإيرانيّة- الإسرائيلية ضراوة. هناك إدراك أردني واضح لخطورة المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة. عانت المملكة الأردنية الهاشمية دائماً من السعي الإيراني إلى التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة وإيجاد حال من عدم الاستقرار فيها. ثمة محاولة أردنية متواضعة قام بها عبدالله الثاني، عن طريق خطابه أمام البرلمان الأوروبي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والخروج من الوضع الكارثي القائم. قال بكل بساطة: «الآن نحن على مفترق طرق آخر حاسم في تاريخنا، مفترق طرق يتطلب الاختيار بين السلطة والمبدأ بين حكم القانون وحكم القوة». أوضح أن «الأمر لا ينطبق على غزّة فقط، فهذه ليست مجرّد لحظة سياسية أخرى لتسجيل المواقف، بل إنّه صراع في شأن هويتنا كمجتمع عالمي في الحاضر والمستقبل. من المرجح أن يكون هذا العام هو عام القرارات المحوريّة لعالمنا بأسره. سيكون للقيادة الأوروبيّة دور حيوي في اختيار الطريق الصحيح ويمكنكم الاعتماد على الأردن كشريك قويّ لكم». نعم الأردن شريك قوي. تكمن أهمية عبدالله الثاني، في أنّه لم يفقد يوماً البوصلة السياسية التي تقود إلى الأمن والاستقرار مستقبلاً. في صيف 2002، حذر عبدالله الثاني، الرئيس الأميركي (وقتذاك) جورج بوش الابن، من مغامرة العملية العسكرية في العراق. لم يستمع بوش الابن إلى النصيحة. ما لبث العاهل الأردني أن حذر من النتائج المترتبة على تسليم العراق على صحن من فضّة إلى إيران. كان ذلك في حديث إلى صحيفة «واشنطن بوست» في أكتوبر 2004. تحدّث وقتذاك عن سيطرة «الجمهوريّة الإسلاميّة» على بغداد ودمشق وبيروت. تبيّن أنّه كان على حق في كلّ كلمة قالها. قبل ما يزيد على 21 عاماً، لم يكن هناك من يريد الاستماع إلى عبدالله الثاني، الذي ينادي منذ سنوات طويلة، قبل حرب غزّة الأخيرة، بضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة. يعرف العاهل الأردني أن لا استقرار في المنطقة من دون هذه الدولة، بموجب شروط معيّنة واضحة في طبيعة الحال تضمن أن تكون دولة مسالمة. هل من يريد الاستماع الآن؟ الكلام موجه حتماً إلى الجانب الإسرائيلي، إلى بنيامين نتنياهو بالذات، أي إلى رجل لن يذهب بعيداً في السياسة في حال أصرّ على أن الحروب المستمرة تخدم الاحتلال وتكرّسه على حساب شعب موجود على أرض فلسطين التاريخية ولا يمكن إزاحته منها... بغض النظر عمّا ستؤدي إليه الحرب الإيرانيّة – الإسرائيلية من نتائج!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store