
رغم النجاح التجاري الكبير لـ"ليلو وستيتش".. هل قتلت "ديزني" سحر الرسوم المتحركة؟
يرتبط اسم "ديزني" في أذهان ملايين من مشاهدي السينما بأفلام الرسوم المتحركة، غير أن الكيان الاقتصادي العملاق لم يجعل هذه الأفلام حدوده. فقد توسعت "ديزني" مؤخرا لتستحوذ على حقوق سلاسل سينمائية متنوعة، وتعيد استغلال أفلامها المتحركة السابقة في الوقت ذاته، لتقدمها في شكل أفلام حية أو (Live Action)، وهي الأعمال التي تُصور باستخدام ممثلين حقيقيين ومواقع أو ديكورات حقيقية، بدلا من الرسوم المتحركة مع استخدام الصور المولدة بالحاسوب (CGI) كذلك.
وحاليا يُعرض في دور السينما فيلم "ليلو وستيتش" (Lilo & Stitch)، وهو النسخة الحية من فيلم الرسوم المتحركة بنفس الاسم الذي عُرض في عام 2002. يقدم الفيلم مزيجا من المؤثرات البصرية والممثلين، وحقق سريعا إيرادات عالية جدا بلغت 421 مليون دولار، مع انتقادات متعددة.
استجداء الشعور بالحنين
لم تحظ الكثير من الأفلام الحية التي قدمتها "ديزني" بإشادات من النقاد، بل هُوجم بعضها بضراوة، مثل "بينوكيو" (Pinocchio)، و"دامبو" (Dumbo)، و"الأسد الملك" (The Lion King)، وغيرها، ولأسباب مختلفة، بل وحتى متباينة.
فتمثلت أزمة فيلم "الأسد الملك"، على سبيل المثال، في التزامه شبه التام بقصة فيلم الرسوم المتحركة، وضعف قدرة المؤثرات البصرية على تقديم عواطف ومشاعر الحيوانات، فتحول إلى فيلم ذي حبكة تشبه أفلام "ناشيونال جيوغرافيك"، بينما تغيرت قصة "دامبو" بشكل أبعدها عن الفيلم الأصلي، مع إضفاء طابع من الحزن والكآبة على الأحداث، مما نفر الكثير من النقاد والمتفرجين وأبعده عن الفيلم الأصلي.
هناك 3 خيارات أمام صناع أي فيلم "لايف أكشن": الأول، قصة جديدة باستخدام عين الشخصيات القديمة؛ والثاني، إعادة تخيل العمل السابق بشكل جديد، ومثال على ذلك فيلم "كرويلا" (Cruella)، أما الخيار الثالث فهو تقديم فيلم لطيف وممتع بطريقة مبهجة، يكرم محبي العمل الأصلي مع بعض الإضافات المدروسة، وهذا بالضبط ما يحاول فيلم "ليلو وسيتيتش" القيام به.
يبدأ "ليلو وسيتيتش" بافتتاحية متطابقة مع فيلم الرسوم المتحركة، نتعرف خلالها على ليلو (مايا كيلوها)، الفتاة التي تعيش على جزيرة في المحيط مع أختها الكبرى بعد وفاة والديهما. تتجول ليلو بحرية وأمان، غير أنها تتعرض للتنمر من زميلاتها في الرقص، وتوقع نفسها في مشاكل متتالية طوال الوقت، ولا تستطيع التواصل مع أي شخص حقيقي سوى أختها ناني (سيدني أغودونغ)، التي تعاني بدورها لتحمل مسؤولية طفلة في السادسة من عمرها، بدون دعم عائلي أو مادي، وبالتالي عليها التخلي عن حلمها بالدراسة الجامعية، وإقناع السلطات الأميركية بأنها تستحق الوصاية على الطفلة ليلو.
يبدأ الجانب الخيالي في الفيلم عندما ننتقل إلى عالم الفضاء، فنرى على كوكب خيالي الكائن 606، وهو مخلوق فضائي عنيف للغاية اخترعه العالم جومبا (زاك غاليفينكس). يهرب 606 إلى كوكب الأرض، وتُسند مهمة تتبعه إلى كل من جومبا والفضائي بليكلي (بيلي ماغنوسن)، المتخصص في سكان الأرض وسكانها، بملاحقته واستعادته. وتواجه الخطة العديد من العقبات؛ من أبرزها أن 606 يغير مظهره قليلا ويصبح أقرب إلى دب كوالا أزرق اللون، والأهم أن ليلو تأخذه وتسميه ستيتش، وتعتبره حيوانها الأليف.
تُعيد النسخة الحية بشكل كبير تقديم تفاصيل فيلم الرسوم المتحركة، مع إحيائها باستخدام التصوير أو المؤثرات البصرية، وهو الأمر الذي أصبح أسهل مع التقدم التكنولوجي. يركز الفيلم، خصوصا في نصفه الأول، على استجداء شعور الحنين إلى الماضي لدى المتفرجين قدر الإمكان.
تغييرات أغضبت المشاهدين
أحدث الفيلم بضعة تغييرات عن الرسوم المتحركة، أهمها على الإطلاق التركيز بشكل أكبر على شخصية ناني، الأخت المراهقة لليلو، التي تتعرض لضغط شديد طوال الوقت، سواء لحمايتها من الكوارث التي تقوم بها، أو للحفاظ على وصايتها.
في الفيلم الأصلي، كانت رعاية ناني لأختها الصغرى أمرا مفروغا منه، بينما تُظهر النسخة الأحدث مدى التضحية التي تقوم بها، سواء على المستوى الشخصي أو العملي. وينتهي الفيلم باتخاذ ناني وليلو قرارا بترك الصغيرة في رعاية توتو (إيمي هيل)، مما يتيح لناني فرصة استكمال دراستها الجامعية.
أثارت هذه النهاية غضب الكثير من المتفرجين، حيث ظنوا أن استسلام ناني ليس إلا خيانة لمسؤوليتها، وخيانة من صناع الفيلم لفكرة "أوهانا" أو مفهوم العائلة في ثقافة هاواي، والتي تهتم بالتكافل بين أفراد الأسرة الواحدة. وكانت الدافع لدى ليلو وناني لحماية سيتيش من جومبا والفضائيين عندما حاولوا استرجاعه.
وفي الحقيقة، يحاول "ليلو وستيتش" إحداث توازن بين مصلحة كل من شخصيتي ناني وليلو، وتوضيح أن رعاية طفل لا يمكن أن تكون مسؤولية مراهقة لا تملك الإمكانيات الاقتصادية أو العقلية التي تؤهلها لهذه المهمة. من جهة أخرى، لا يخرج الفيلم من إطار احترام الأوهانا أو مفهوم العائلة، حيث يوضح أن توتو يمثل جزءا من عائلة ليلو الممتدة، وليس مجرد جارة أو شخص عابر.
غير أن التغيير الأهم، والذي أضرّ بالفيلم وجعله أكثر سذاجة، تمثل في تحويل شخصية جومبا إلى شرير تقليدي بعدما كانت في الفيلم الأصلي وفي المسلسل أيضا، شخصية رمادية لها عيوبها ومزاياها. فقد صنع ستيتش وغيره من المخلوقات العنيفة، لكن حياته مع ليلو على الأرض هذّبته، وجعلته جزءا آخر من الأوهانا أو عائلة ليلو الجديدة الممتدة.
"ليلو وستيتش" ليس إلا استثمارا جديدا من "ديزني" لفيلم قديم ناجح، مثلما فعلت "ديزني" من قبل عند تحويل أشهر أفلامها إلى مسلسلات رسوم متحركة طويلة، أو تقديم أجزاء جديدة منها أقل نجاحا. وستظل صيحة تحويل الرسوم المتحركة إلى أفلام حية مستمرة طالما تحقق هذه الأفلام إيرادات عالية، حتى يمل المشاهدون من شعور الحنين للماضي ويرغبوا في محتوى جديد وطازج.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
رفع العقوبات عن سوريا.. هل يطلق نظامًا إقليميًا جديدًا؟
شكّل إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب المفاجئ في الرياض يوم 13 مايو/ أيار الماضي، عن نيّته رفع العقوبات المفروضة على سوريا، إحدى أكثر اللحظات لفتًا للانتباه خلال زيارته للخليج. وفي اليوم التالي، التقى الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، وصافحه، وذلك على الرغم من أن الأخير كان قد حارب القوات الأميركية في العراق. أوضح ترامب أن قراره جاء استجابة لطلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. دعمت قطر هذا التوجّه بشدة، بحكم أنها ساندت "الحكم الجديد" من اليوم الأول، وترى في نفسها شريكًا اقتصاديًا واستثماريًا قويًا له. تسببت هذه الخطوة في صدمة لدى إسرائيل، التي توصف بأنها الحليف الأقرب تقليديًا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، والتي تدفع باتجاه تقسيم سوريا إلى "دويلات مذهبية وإثنية متناحرة". بيدَ أن ترامب اختار الانحياز إلى رؤية الدول الثلاث التي تؤمن بأن إعادة إعمار سوريا ضرورة لاستقرار الشرق الأوسط، وأنها ستفتح آفاقًا واسعة للتجارة والاستثمار. حث ترامب الرئيس السوري على الانضمام إلى الاتفاقيات الأبراهامية التي ترسي علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وتطهير سوريا من "الإرهابيين الأجانب"، وترحيل "المقاتلين الفلسطينيين". ولم يتطرق إلى حماية الأقليات أو بناء المؤسسات الديمقراطية السورية. من جانبه، أعلن الشرع قبوله اتفاقية فك الارتباط لعام 1974 التي أقامت منطقة عازلة بين إسرائيل وسوريا، ودعا الشركات الأميركية إلى الاستثمار في النفط والغاز السوريين. مجمل هذا المشهد قد يطلق ديناميات إقليمية جديدة لن تقتصر فحسب على "إعادة تأهيل سوريا كدولة موحدة ومستقرة، ضمن توازنات ترعاها قوى إقليمية وازنة" – كما ذكر محمد سرميني في مقاله "اللحظة التي غيرت ترامب تجاه سوريا" على الجزيرة نت. غير أن ما تجدر الإشارة إليه هو أن هذه الاتجاهات قد لا تأخذ في الغالب مسارًا متبلورًا يسير في اتجاه محدد؛ إذ ربما تأخذ مسارًا حلزونيًا متعرجًا بحكم كثرة الفاعلين، وتداخل العوامل، وتعقيد الدوافع والأهداف والمصالح، وهو ما أطلق عليه التحليل الشبكي في مقابل التحليل النظمي. ما يحسن التأكيد عليه -إذن- هو أننا لسنا على الأقل حتى الآن بصدد نظام إقليمي في المنطقة برزت اتجاهاتُه الأساسية وفاعلوه الرئيسيون، وتبلورت خصائصه وسماته. توجهات ثمانية رئيسية وعلى الرغم من ذلك، يمكن رصد بعض هذه التوجهات استنادًا إلى الحالة السورية التي تظل مفتوحة على احتمالات متعددة. واكتفي في هذا المقال بالرصد دون تقييم المعضلات التي تواجه هذه الديناميات الثماني، والذي أرجو أن أصرف فيه جهدًا آخر. وفقًا لهذه الرؤية، يُنظر إلى التدابير الاقتصادية، وعلى رأسها تخفيف العقوبات والاستثمار والمساعدات وجهود إعادة الإعمار، من قبل مختلف الأطراف الفاعلة (قادة الخليج والإدارة الأميركية) باعتبارها أدوات قادرة على تعزيز الاستقرار في المناطق الخارجة من الصراعات، مثل سوريا، وربما تساهم في التخفيف من حدة الأزمات في غزة واليمن، فضلًا عن خدمة المصالح الإستراتيجية الأوسع للولايات المتحدة ودول الخليج. وفق هذه الرؤية، يُعد التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار ضروريين لتحقيق الاستقرار في سوريا بعد سنوات الحرب الأهلية. وتُشكل العقوبات عائقًا رئيسيًا أمام جهود إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية والتعافي الاقتصادي، إذ إنها تضر بالدرجة الأولى بالمدنيين السوريين. ومن المتوقع أن يمهد رفع العقوبات الطريق أمام تدفق المساعدات والاستثمارات والخبرات الإقليمية والدولية لدعم "الحكومة الجديدة" في جهودها لإعادة بناء البلاد ومنع عدم الاستقرار السياسي. ويُعتبر وجود اقتصاد قوي أمرًا حيويًا لنجاح "الحكومة السورية الجديدة" في تحقيق الاستقرار. وبحسب التقديرات، سيظل الاقتصاد السوري في حالة تدهور مستمر ما لم يتم تخفيف العقوبات، الأمر الذي سيزيد من الاعتماد على روسيا والصين وإيران. كما أن ازدهار سوريا سيساهم في الحد من تدفقات اللاجئين. تتبنى السعودية وقطر بالشراكة مع تركيا بشكل خاص فكرة تخفيف العقوبات، لا سيما تلك المفروضة على البنية التحتية والقطاعات العامة، انطلاقًا من اعتقاد بأن ذلك سيعزز مكانة القيادة الجديدة، ويواجه النفوذ الإيراني، ويحول دون تحول سوريا إلى "دولة فاشلة". ويُنظر إلى تخفيف العقوبات باعتباره خطوة أولى حاسمة نحو تحقيق الاستقرار في القطاعات الأساسية، وتهيئة المناخ للاستثمار الدولي. ويمكن لجهود التعافي المبكرة، المدعومة بتخفيف العقوبات، أن تتيح عودة آمنة للنازحين السوريين، وتساهم في تحقيق الاستقرار الإقليمي على نطاق أوسع. ترى هذه الدول أن الاستقرار الجيوسياسي يكتسب أهمية بالغة لرفاهية اقتصاداتها، التي قد تتضرر من جراء حالة عدم اليقين الاقتصادي أو التصعيد مع إيران. وهناك تفاؤل بأن تحقيق السلام في الشرق الأوسط من شأنه أن يدعم الأجندات الاقتصادية لدول الخليج الساعية لتنويع اقتصادها وبناء اقتصاد ما بعد النفط. تشير الحالة السورية إلى تقارب محدد في المصالح بين الفواعل الإقليمية فيما يتعلق باستقرار سوريا وإعادة إعمارها، وخاصة في جهودهم للتأثير على السياسة الأميركية بشأن العقوبات، وأدوارهم في الاستثمار بعد الصراع. ومع ذلك، فإن هذا لا يمثل بالضرورة إجماعًا إقليميًا أوسع بشأن مجمل القضايا والأزمات في الإقليم، كما يتضح من ديناميكيات التوازن المحتملة، والتنافسات القائمة. تظل أولوية الدول لمصالحها القُطرية، ولم يحدث حتى الآن حوار جاد بين "الفواعل الرئيسية" في الإقليم حول ملامح نظام إقليمي جديد. ومصالحها في سوريا متعددة الأوجه، ورغم تقاربها حول نقاط محددة، فإنها لا تعكس بالضرورة إجماعًا إقليميًا شاملًا. بل إنها مدفوعة إلى حد كبير بتقارب مصالح محددة بين هذه الدول فيما يتعلق بمستقبل سوريا واستقرارها، لا سيما بعد تغيير الحكومة فيها. لم تعد أولوية ترامب هي ضم مزيد من الدول العربية الكبرى إلى اتفاقيات أبراهام، وقد تراجعت محاولاته لإقناع بقية دول الخليج للانضمام لتلك الاتفاقيات التي أقرت اعترافًا متبادلًا وعلاقات اقتصادية بين بعض الدول العربية الموقعة عليها وإسرائيل. وفي مقابل ذلك، فقد أكدت الدول غير الموقعة بوضوح موقفًا من هذه القضية يتماشى مع الخطة العربية التي تحدد إستراتيجيات إعادة إعمار غزة وتنميتها، وتدعم قيام دولة فلسطينية ذات سيادة على أساس خطوط الرابع من يونيو/ حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتشترط التطبيع مع إسرائيل فقط بعد أن يوقع القادة الإسرائيليون والفلسطينيون اتفاقية سلام تحل جميع قضايا الوضع النهائي، وتنهي الاحتلال العسكري الإسرائيلي، وترسخ السيادة الفلسطينية على غزة والضفة الغربية (بما في ذلك القدس الشرقية). تأمين اتفاق نووي مع إيران يمثل حاليًا أولوية أكثر أهمية بالنسبة لترامب، وهو كذلك شديد الأهمية للمملكة العربية السعودية ولبقية دول الخليج. فالمملكة، التي عارضت الاتفاق النووي الإيراني في عام 2015، تشجع الولايات المتحدة الآن على المضي قدمًا في المفاوضات لمنع الحرب. وفي حين توصف اتفاقيات التطبيع بأنها لا تزال "حية وبصحة جيدة" على الرغم من العدوان الإسرائيلي"، إلا أن المستقبل القريب للتطبيع واسع النطاق، خاصة مع لاعبين رئيسيين في المنطقة، يبدو أنه يتأثر بالسياق الإقليمي الحالي، بما في ذلك الإبادة الجماعية في غزة وإعطاء الأولوية لقضايا أخرى مثل الاتفاق النووي الإيراني. إن نهج ترامب القائم على المعاملات وتركيزه على الصفقات الاقتصادية خلال الزيارة قد أدى أيضًا إلى تهميش القضية الفلسطينية مقارنة بالجهود الدبلوماسية التي بذلتها الإدارات السابقة. رابعًا: مراعاة المصالح الأميركية تشارك الدول الراعية لسوريا بفاعلية في ضمان الاستقرار والسلام الإقليميين، وهو ما يوصف بأنه ضروري لتحقيق الرخاء الاقتصادي وتحويل المنطقة إلى مركز للفرص -كما اشار ترامب في زيارته الأخيرة للخليج. تسعى هذه الدول لإخراج المقاتلين الأجانب وتطالب بإخراج إيران من سوريا، ولبنان بتقليل نفوذ حزب الله على السياسة اللبنانية، وهو ما يتماشى مع الأهداف الإستراتيجية للولايات المتحدة. وتفضل الحل الدبلوماسي فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني لتجنب الصراع العسكري وحماية بنيتها التحتية الاقتصادية. وهذا يتماشى مع تفضيل إدارة ترامب للتوصل إلى اتفاق تفاوضي. تُعتبر هذه الدول وسيطًا محتملًا في الصراعات الإقليمية وحتى العالمية، حيث استضافت السعودية محادثات بشأن أوكرانيا وعرضت التوسط في المفاوضات النووية الإيرانية الأميركية المستقبلية. وتستضيف قطر المفاوضات بين حماس وإسرائيل، كما تلعب هذه الدول جميعًا دورًا في عدم عودة تنظيم الدولة، وهو ما يتماشى أيضًا مع أهداف مكافحة الإرهاب الأميركية. تصبّ مساعي هذه الدول في المصالح الأميركية من خلال تعزيز الرخاء الاقتصادي، والدعوة إلى جهود الاستقرار الإقليمي وتسهيلها (خاصة في سوريا)، والسعي إلى حلول دبلوماسية مع منافسين مثل إيران، واستضافة أصول عسكرية أميركية حيوية، والانخراط في مناقشات حول إعادة الإعمار بعد الصراع (كما هو الحال في غزة)، وغالبًا ما تتماشى الأولويات الإستراتيجية فيها مع الأهداف الأميركية المتصورة في المنطقة. ويظهر من مواقف الدول مثل السعودية وتركيا وقطر بشأن سوريا، وتفضيل دول الخليج للدبلوماسية مع إيران وشروط التطبيع مع إسرائيل، أن تأثيرها متزايد على السياسة الأميركية نفسها. شهد عام 2024، وما مضى من هذا العام، استخدام إستراتيجيات متنوعة لمواجهة "الجماعات المسلحة غير الحكومية" في الشرق الأوسط. واجهت بعض الجماعات، مثل "محور المقاومة"، إجراءات تهدف إلى إضعاف قدراتها -خاصة العسكرية. في المقابل، كانت هناك حالات دمج حكومي محتمل لبعض الجماعات المسلحة، كما هو الحال في سوريا بعد الأسد، وجهود لدمج جماعات أخرى في هياكل الدولة -كما يجري مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وجهود للمصالحة مع الدولة عن طريق حل جناحها العسكري مع قبول لاندماجها في العملية السياسية كحزب شرعي -كما يجري مع حزب العمال الكردستاني (PKK) في تركيا. "محور المقاومة" الذي يضم جماعات مثل حزب الله والحوثيين وجماعات المقاومة الفلسطينية شهد "انتكاسات كبيرة" في عام 2024 أدت إلى "إضعاف موقفهم العام". أما حماس، فمن المرجح أن تخرج من الصراع الدائر منذ أواخر 2023 حتى الآن "بقدرات عسكرية ضعيفة إلى حد كبير"؛ بسبب "العدوان العسكري الإسرائيلي". كان أحد أهداف الضربات الأميركية تجاه الحوثيين الانتقال من الضربات المستهدفة إلى حملة أوسع وأكثر عدوانية؛ تهدف إلى تعطيل قدراتهم بشكل نشط، بما في ذلك استهداف قيادتهم السياسية إلى جانب الأصول العسكرية، وهذا يشير إلى وجود محاولة لإضعاف الحوثيين إلى ما هو أبعد من مجرد احتوائهم. وافقت الولايات المتحدة على تمويل القوات المسلحة اللبنانية لتعزيز قدرتها على مواجهة التهديدات من حزب الله. ورغم أن تعزيز القوات المسلحة اللبنانية لا يشكل مواجهة مباشرة مع حزب الله، فإنه يمثل وسيلة غير مباشرة لإدارة نفوذ "جهة فاعلة غير حكومية قوية" داخل لبنان من خلال تعزيز قدرة الدولة. في سوريا، يسلط الوضع الضوء على مشهد معقد، حيث لعب "المسلحون الموالون للحكومة" دورًا في إسقاط نظام الأسد، وبات مطلوبًا أن يحلوا أنفسهم ليتم دمجهم في مؤسستي الأمن والدفاع في سوريا الجديدة. علاوة على ذلك، كان الهدف من الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في مارس/ آذار 2025 هو دمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في الجيش السوري الجديد. هذه الخطوة، وإن كانت تهدف إلى استقرار سوريا، ومنع إعادة ترسيخ النفوذ الإيراني، فإنها تُشير أيضًا إلى شكل من أشكال التكامل بين الدولة مع جماعة مسلحة، ومع ذلك، ظلت تفاصيل هذا التكامل ومدى الحكم الذاتي الكردي موضع تفاوض. وفي 27 فبراير/ شباط 2025، أعلن عبدالله أوجلان – زعيم حزب العمال الكردستاني (PKK) المسجون – دعوته لحل الحزب. وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذه الدعوة، بأنها "فرصة لاتخاذ خطوة تاريخية نحو هدم جدار الإرهاب". وفي 3 مارس/ آذار، أعلن الحزب عن وقف إطلاق النار استجابة لدعوة زعيمه، وأتبع ذلك في 12 مايو/ أيار الماضي عن حل نفسه. هذه التطورات، التي يمكن أن نضم إليها التعامل مع الجماعات المسلحة الشيعية في العراق، تعكس تطلع الولايات المتحدة وشركائها في الاتحاد الأوروبي والمنطقة نحو شرق أوسط بلا جماعات مسلحة، أو على أقل تقدير يختفي فيه أكثرها. يبدو أن الولايات المتحدة وشركاءها يهدفون على الأرجح إلى شرق أوسط، يتقلص فيه نفوذ بعض "الجماعات المسلحة غير الحكومية" وأفعالها المزعزعة للاستقرار بشكل كبير. الهدف الإستراتيجي من ذلك هو تهيئة الشرق الأوسط ليكون معبرًا وممرًا لخطوط التجارة العالمية، بما يتطلبه ذلك من تطبيع العلاقات السياسية بين دوله المختلفة. إسرائيل متورطة في حرب على "سبع جبهات" -على حد قول قادتها- ولا تريد للمنطقة أن تهدأ أبدًا. يتجلى ذلك في تورط إسرائيل المباشر في الإبادة الجماعية في غزة، واعتداءات المستوطنين في الضفة، وعدوانها العسكري المستمر في سوريا، وموقفها الرافض لإقامة الدولة الفلسطينية، والرغبة في حل عسكري للبرنامج النووي الإيراني، وتداعيات التهجير للفلسطينيين على الاستقرار في مصر والأردن.. باعتبارها عوامل مهمة تؤثر على الديناميكيات الإقليمية المعقدة وغير المستقرة في كثير من الأحيان. تتجلى أهمية الوضع الحالي لمشروع ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC) في جوانب متعددة. ويكشف عن عدة جوانب مهمة حول المنطقة والتجارة العالمية. لم يُصوَّر مشروع (IMEC) كطريق تجاري فحسب، بل كوسيلة لتعزيز الاستقرار الإقليمي وتطبيع العلاقات السياسية، لا سيما من خلال ربط الهند بأوروبا وأميركا عبر الخليج العربي والأردن وإسرائيل. ويُعد وضعه الحالي، المتأثر بشكل كبير بالحرب على غزة والصراعات الإقليمية المرتبطة بها، مؤشرًا واضحًا على "حالة عدم الاستقرار العميقة" التي لا تزال تعوق مشاريع التكامل الطموحة هذه. في ظل حقيقة أن بناء البنية التحتية اللازمة، وخاصة بين إسرائيل والأردن، يُعتبر الآن أمرًا "غير محتمل"، هل يمكن لسوريا الجديدة أن تكون إحدى محطات هذا الممر؟ بات واضحًا التأثير الضار للصراعات المنخرطة فيها إسرائيل على التعاون الإقليمي الأوسع. يرتبط مستقبل طرق التجارة المقترحة وممرات الطاقة في الشرق الأوسط ارتباطًا وثيقًا بمستقبل حكومة نتنياهو وتحالفه اليميني المتطرف. يُشكل عدم الاستقرار الذي تُسببه حكومة اليمين المتطرف في الكيان الصهيوني حاليًا تهديدًا كبيرًا لتحقيق هذه المشاريع وأمنها. لذلك، من المرجح أن تتطلب الجهود المبذولة لإنشاء هذه الطرق التجارية والحفاظ عليها معالجة وضع "المتطرفين" على جميع الجبهات. ويمكن للديناميكيات المحيطة بهذه الطرق، بدورها، أن تُشكل المسار المستقبلي للاستقرار الإقليمي -هكذا يتصور البعض. هذا الهدف الإستراتيجي لـ"الرأسمالية الأميركية"، يعني أيضًا بعدين متكاملين: مواجهة ممر الحزام والطريق الذي تدعمه الصين، والتفرغ لمواجهة الصين بالانسحاب من الشرق الأوسط المستقر. دول الخليج الرئيسية (السعودية، الإمارات، قطر) وتركيا تتبنى مقاربات مختلفة للتعامل مع إيران، ولكنّ هناك اتجاهًا مشتركًا نحو تفضيل الحلول الدبلوماسية والتفاوضية على المواجهة العسكرية، وتقليص النفوذ الإيراني في المنطقة -كما يظهر في سوريا ولبنان. تتأثر هذه المقاربات بشكل كبير بالرغبة في حماية المصالح الاقتصادية الحيوية (مثل البنية التحتية النفطية)، والحاجة إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي الذي يُنظر إليه على أنه أساس للرخاء والتنمية. وقد دفعت هذا المصالح إلى التعامل المباشر مع إيران، حتى لو كان ذلك يعني تجاوز الحلفاء التقليديين مثل الولايات المتحدة في إدارة بعض ديناميكيات الأمن الإقليمي. تركز الرواية السائدة في الإقليم على الدولة التي توفر التقدم الاقتصادي والاجتماعي تحت قيادة قوية. من الواضح أن الديمقراطية السياسية غائبة عن مجمل مناقشة التحول في دول المنطقة، وما تبقى هو حديث عن الحريات الشخصية فقط. يقتصر الاهتمام بحقوق الإنسان في المقام الأول على الاعتراف بـ"الأزمة الإنسانية في غزة"، والتي أخشى أن تجعل من القضية الفلسطينية مجرد قضية إنسانية لشعب بلا حقوق. إن مناهج السياسة الخارجية لترامب، هي مناهج "معاملاتية" وتعطي الأولوية للصفقات الاقتصادية والاستقرار، وتتجاهل تمامًا قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان. إن تركيز الجمهور العربي على ضرورة تحسين الظروف المعيشية اليومية لا يعني أنهم غير مهتمين بتحسين الحكم أو أنهم يرفضون الديمقراطية. لا يعتقد العرب -كما أشار الباروميتر العربي في استطلاعاته- أن الديمقراطية سيئة بطبيعتها، وبدلًا من ذلك، فقد تبنوا نهجًا قائمًا على النتائج تجاه الديمقراطية، نهجًا لا يوفر الشرعية وحكم القانون فحسب؛ بل أيضًا الظروف الاجتماعية والاقتصادية المزدهرة. في الختام؛ كيف سيبدو الشرق الأوسط إذا تفاعلت هذه الاتجاهات الثمانية وغيرها مع بعضها البعض؟ وكيف ستبدو ملامحه إذا انبعثت المعضلات داخل كل اتجاه وبين الاتجاهات جميعًا؟ -أسئلة تستحق المتابعة.


الجزيرة
منذ 9 ساعات
- الجزيرة
الذكاء الاصطناعي يساعد على تحديد مدى استفادة مريضات سرطان الثدي من أدوية البروتين هير2
خلص باحثون في دراسة إلى أن الذكاء الاصطناعي يحسّن قدرة الأطباء على تحديد مريضات سرطان الثدي اللائي يمكن أن يستفدن من العلاج بالأدوية التي تستهدف البروتين هير2 في الخلايا السرطانية. ومن هذه الأدوية (إينهيرتو) الذي تنتجه شركة أسترازينيكا، وتستفيد المريضة منه حتى عندما تكون مستويات البروتين المستهدف منخفضة للغاية في الخلايا السرطانية لديها. ومع ذلك فمن الممكن، أن يكون من الصعب اكتشاف المستويات المنخفضة أو المنخفضة للغاية من البروتين، مما يؤدي إلى تشخيص بعض الحالات على أنها سلبية البروتين. وترجح بيانات المعهد الوطني الأميركي للسرطان، أن بين 50 إلى 60 بالمئة من مريضات سرطان الثدي تحتوي الخلايا السرطانية لديهن على مستويات منخفضة من البروتين هير2. وقال الباحثون في الدراسة التي ستُعرض في اجتماع الجمعية الأميركية لعلم الأورام السريري، إن الرغبة في استخدام عقار إينهيرتو لعلاج سرطان الثدي، قد تجاوزت بكثير القدرة على تحديد المريضات اللائي ستستفدن منه على وجه اليقين. وبتمويل من شركة أسترازينيكا، عمل الباحثون مع شركة مايندبيك لتطوير برنامج تدريبي لمساعدة مختصي علم الأمراض على تقييم مستويات البروتين هير2 في خلايا سرطان الثدي. وقالت الدكتورة مارينا دي بروت، من مركز إيه.سي كامارجو للسرطان في ساو باولو بالبرازيل، والتي ترأست فريق الباحثين المعد للدراسة "تقدم دراستنا أول دليل يشمل جنسيات متعددة على أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد على تعزيز الدقة" في تحديد مستويات البروتين هير2 (إيجابية، سلبية، ومنخفضة)، مضيفة أن ذلك "قد يسد ثغرات تشخيصية بالغة الأهمية ويتيح مزيدا من المريضات الحصول على علاجات جديدة. وأشارت إلى أنه "حتى وقت قريب، لم تكن هذه الخيارات متاحة لمعظم هؤلاء المرضى". و(هير 2) أو (مستقبل عامل نمو البشرة لدى البشر 2) هو جزء من عائلة من المستقبلات التي تساعد الخلايا على الاستجابة للإشارات التي تأمرها بالنمو والانقسام. ويشارك في العمليات الخلوية الطبيعية، ولكن عندما يصبح غير طبيعي (متحور)، يمكن أن يؤدي إلى نمو الخلايا نموا غير منضبط، مما يساهم في تطور السرطان.


الجزيرة
منذ 13 ساعات
- الجزيرة
"ليلو أند ستيتش" يواصل صدارة شباك التذاكر وتوم كروز بالمركز الثاني
واصل فيلم "ليلو أند ستيتش" -النسخة الحية من فيلم الرسوم المتحركة الكلاسيكي الذي طرحته "ديزني" عام 2002- تصدُّره شباك التذاكر في أميركا الشمالية للأسبوع الثاني على التوالي، محققاً 63 مليون دولار خلال عطلة نهاية الأسبوع، وفق تقديرات شركة "إكزبيتر ريليشنز" المتخصصة. وبذلك ترتفع العائدات العالمية لهذا الفيلم إلى 610 ملايين دولار منذ بدء عرضه في 23 مايو/أيار، في أداء يُعزز مكانة "ديزني" ضمن أنجح أستوديوهات أفلام الحركة الحية المستوحاة من كلاسيكيات الرسوم المتحركة. ويروي الفيلم قصة الطفلة اليتيمة "ليلو"التي تعيش في هاواي وتؤدي دورها الطفلة مايا كيالوها، وتلتقي بـ"ستيتش" وهو كائن فضائي مدمّر متخف في هيئة كلب أزرق كثيف الوبر، وقد تولّي تصميمه بتقنية الرسوم ثلاثية الأبعاد. وجاء في المرتبة الثانية الجزء الأخير من سلسلة أفلام "مهمة: مستحيلة – الحساب النهائي" من بطولة توم كروز، مع إيرادات بلغت 27 مليون دولار بالولايات المتحدة وكندا. وحقق الفيلم، الذي أنتجته أستوديوهات "باراماونت"، 231 مليون دولار بالأسواق الخارجية، مما يُعد دعماً ضرورياً لتعويض ميزانيته الضخمة المقدّرة بنحو 400 مليون دولار. أما المرتبة الثالثة فكانت من نصيب "كاراتيه كيد: ليدجندز" من إنتاج "سوني"، وبطولة جاكي شان، مع عائدات وصلت إلى 21 مليون دولار، في عودة بارزة لسلسلة أفلام فنون القتال المحبوبة. إعلان وتراجع فيلم الرعب "فاينل ديستينيشن: بلودلاينز" إلى المركز الرابع بإيرادات قدرها 10.8 ملايين دولار، في حين حقق "برينغ هير باك" المركز الخامس مع 7.1 ملايين دولار، وسط إشادة من المحللين بأدائه، خصوصاً أن ميزانية إنتاجه لم تتجاوز 4.5 ملايين دولار. وفيما يلي ترتيب الأفلام العشرة الأولى في أميركا الشمالية: "ليلو أند ستيتش" (Lilo & Stitch) – 63 مليون دولار. "مهمة: مستحيلة – الحساب النهائي" (Mission: Impossible – The Final Reckoning) – 27 مليون دولار. "كاراتيه كيد: ليدجندز" (Karate Kid: Legends) – 21 مليون دولار. "فاينل ديستينيشن: بلودلاينز" (Final Destination: Bloodlines) – 10.8 ملايين دولار. "برينغ هير باك" (Bring Her Back) – 7.1 ملايين دولار. "سينرز" (Sinners) – 5.2 ملايين دولار. "ثاندربولتس" (Thunderbolts) – 4.8 ملايين دولار. "فرندشيب" (Friendship) – 2.6 مليون دولار. "ذي لاست روديو" (The Last Rodeo) – 2.1 مليون دولار. "جاي هوب: هوب أون ذي ستايدج" (J-Hope: Hope on the Stage) – 940 ألف دولار.