
ليلة القدر خيـر من ألف شهر
الحمد لله الذي خصّنا بليلة القدر، وجعلها خيراً من ألف شهر، فقد قال الله عز وجل: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ)، «سورة القدر: الآيات 1 - 5).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه».
وليلة القدر نعمة من الله تعالى على أهل الأرض، وجائزة خص بها عباده، فقد جعلها بألف شهر، وأكرمها بالبركة ونزول القرآن الكريم، وجعل فيها تواصلاً بين أهل السماء من الملائكة، وأهل الأرض من القائمين العابدين، قال تعالى: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا...)، «سورة القدر: الآية 4».
ولفضلها بيّن لنا النبي ﷺ موقعها من الشهر، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله ﷺ يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان»، (الموطأ، 693). قولها: يجاور: أي يعتكف في العشر الأواخر يتحرى ليلة القدر فيها.
وعن أهم ما يطلبه المرء في الدعاء، سألت عائشة رضي الله عنها النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله، أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أدعو؟ قال: «تقولين: اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعفُ عني»، (سنن الترمذي، 3523).
وقد ذكر النبي ﷺ جانباً من وقتها وأماراتها فقال: «ليلة القدر في العشر البواقي، من قامهن ابتغاء حسبتهن فإن الله تبارك وتعالى يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهي ليلة وتر تسع أو سبع أو خامسة أو ثالثة أو آخر ليلة»، (مسند الشاميين، 1119).
وليلة القدر، ليلة التصالح وترك التخاصم، كي لا يضيع الفضل فيها، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ خرج يخبر بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: «إني خرجت لأخبركم بليلة القدر، وإنه تلاحى فلان وفلان فرُفعت، وعسى أن يكون خيراً لكم، التمسوها في السبع والتسع والخمس»، (صحيح البخاري، 49).
فلنحرص على إحيائها، واغتنامها، والدعاء فيها، والذكر والقيام وتلاوة القرآن، وغير ذلك من الطاعات، وإحياء الليالي الأخيرة من رمضان والجد فيها بالطاعات طلباً لثواب ليلة القدر، وعدم الاتكال على ليلة بعينها، والابتعاد عن الجدل والتخاصم لأنها تؤثر على الطاعات من حيث الرفع والقبول.
فلا ينبغي للمسلم أن يفوّت هذه الفرصة الثمينة على نفسه وأهله، فما هي إلا ليالٍ معدودة ربما يُدرك الإنسان فيها نفحة من نفحات الله تعالى، فتكون سبباً في سعادته في الدنيا والآخرة. وإذا كان شهر رمضان على عمومه قد فضّله الله تعالى على بقية الشهور، فإنّ أفضل أيام هذا الشهر هي أيام العشر الأواخر من رمضان، وكان رسول الله ﷺ يخصُّ العشر الأواخر من رمضان بمزيد من العبادة، ويضاعف فيها الأعمال الصالحة، ويجتهد فيها بأنواع من القرب والطاعات، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِها»، وكان ﷺ، يحيي فيها الليل، ويوقظ أهله للصلاة والذكر، حرصاً على اغتنامها بما هي جديرة به من العبادة، فعن أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، قالت: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ».
قراءة القرآن
وأهم ما يُطلب من المسلم في هذه الأيام التماساً لليلة القدر: إحياء هذه الليالي المباركة بالصلاة والذكر وقراءة القرآن الكريم وسائر القرُبات والطاعات، وجرت السُّنة أن يلتمس المؤمنون ليلة القدر في هذه العشر، وقد أخبر النبي ﷺ أنها في الأوتار من العشر الأواخر من رمضان، فعن أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها: أنَّ رسول الله ﷺ قال: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي الوِتْرِ، مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ». وقد بلغ من عظيم شأن ليلة القدر أن ثواب العبادة فيها خير من ألف شهر.
إن الله أخفى رضاه في طاعته؛ ليستزيد أصحاب الطاعات في أعمالهم، وأخفى غضبه في معصيته؛ لينزجر أصحاب السيئات عن أعمالهم، ولذلك اقتضت حكمة الله تعالى أن يُخفي أعمار الناس وآجالهم فلم يحددها؛ ليجد الإنسان في طاعة ربه، فينال رضاه، قال تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ «سورة الأعراف: الآية 34». كما أخفى الله ليلة القدر في رمضان لِيَجِدَّ الصائم في طلبها، وخاصة في العشر الأواخر منه، فيشمر عن ساعد الجد، ويشد مئزره، ويوقظ أهله كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ أملًا في أن توافقه ليلة القدر التي قال الله تعالى فيها: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ. سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾، «سورة القدر: الآيات 3 - 5»، فتكون حظه من الدنيا وينال رضا الله في دنياه وفي آخرته؛ لذلك أخفى الله ليلة القدر في أيام شهر رمضان حثًّا للصائمين على مضاعفة العمل في رمضان ويتبيّن مما سبق أن العشر الأواخر من رمضان من أفضل الأيام عند الله تعالى، وكان النبي ﷺ يحرص على اغتنامها بالقيام وذكر الله... فحري بالمسلم أن يجتهد في طلب ليلة القدر وتلمس فضلها، فاللهم اجعلنا ممن يقوم ليلة القدر إيماناً واحتساباً، وممن تقبلت دعاءهم وجميع أعمالهم فيها وسائر المسلمين.
قطوف رمضانية
سُئل الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه: «ما يُفسد أمر القوم يا أمير المؤمنين؟ قال: ثلاثة وثلاثة.. وضع الصّغير مكان الكبير، ووضع الجّاهل مكان العالم، ووضع التّابع في القيادة.. فويل لأمّة مالها بيد بخلائها، وسيوفها بيد جبنائها، وصغارها ولاتها».
فتوى
ورد إلى مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي السؤال التالي: أعلم أن العشر الأواخر من رمضان يطلب فيها الاجتهاد في العبادة أكثر من غيرها، فما هي الأعمال التي ينبغي فعلها في هذه العشر؟
فبين المجلس أنه: ينبغي الاجتهاد في العبادة بمختلف أنواعها في العشر الأواخر من رمضان، كالحرص على مداومة القيام فيها، والإكثار من تلاوة القرآن، والصدقة وفعل الخيرات، كما كان النبي ﷺ يفعل، ففي حديث عائشة رضي الله عنها: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ»، (رواه مسلم).
ومما ينبغي في هذه العشر إيقاظ الأهل للصلاة بالليل، والذكر، والدعاء، وتحري ليلة القدر، قالت عائشة رضي الله عنها: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إذا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أهْلَهُ»، (رواه البخاري).
حديث
عَنْ أَبي ذرٍّ الغِفَارْي رضي الله عنه عَن النبي ﷺ فيمَا يَرْويه عَنْ رَبِِّهِ عزَّ وجل أَنَّهُ قَالَ: (يَا عِبَادِيْ إِنِّيْ حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِيْ وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمَاً فَلا تَظَالَمُوْا، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُوْنِي أَهْدِكُمْ، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فاَسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُوْنِيْ أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ تُخْطِئُوْنَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوْبَ جَمِيْعَاً فَاسْتَغْفِرُوْنِيْ أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوْا ضَرِّيْ فَتَضُرُّوْنِيْ وَلَنْ تَبْلُغُوْا نَفْعِيْ فَتَنْفَعُوْنِيْ، يَا عِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فَيْ مُلْكِيْ شَيْئَاً. يَا عِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِيْ شَيْئَاً، يَا عِبَادِيْ لَوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوْا فِيْ صَعِيْدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُوْنِيْ فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِيْ إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إَذَا أُدْخِلَ البَحْرَ، يَا عِبَادِيْ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيْهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيْكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُوْمَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ) رواه مسلم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى مصر
منذ 11 ساعات
- صدى مصر
مبروووك النجاح بالتفوق بالمركز السابع
ألف مبروك لنجاح ابنتنا! بالمركز السابع بمدرسة منارة طاهر ابو زيد نتمنى لكى دوام التوفيق والنجاح في مستقبلك . . أسأل الله أن يرزقك المزيد من التقدم والنجاح في حياتك.' 'ابنتي الحبيبة، فرحتنا بنجاحك لا توصف. أنت مثال للإصرار والعزيمة، ونتمنى لك مستقبلاً مشرقاً.' 'تهانينا يا نور عيني على هذا الإنجاز، لقد أثلجت صدورنا بنجاحك. أنت فخر لنا.' 'الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، رئيس مجلس الإدارة د. بكرى دردير


صدى مصر
منذ 17 ساعات
- صدى مصر
قصة قصيرة 'شبح' بقلم نشوة أبوالوفا
بقلم نشوة أبوالوفا قصة قصيرة 'شبح' بعد فترة طويلة نال فيها منى الإرهاق والتعب مراده في تحويلي لثور أعمى يدور في طاحونة لا تتوقف لكي أجابه متطلبات ومقتضيات تأسيس عملي الخاص؛ لكيلا أكون تحت رحمة هذا أو سطوة ذاك. الحق يقال كان يجب أن أفعل ذلك منذ فترة طويلة، لكن كنت بحاجة لتنمية مهاراتي واكتساب الخبرة، لذلك عملت لفترة طويلة في إحدى الشركات المتخصصة في مجالي وتحملت الكثير، من بين مناوشات هنا ومضايقات هناك، وحين أيقنت أني قد أصبحت لدي الخبرة اللازمة بدأت في تأسيس شركتي الخاصة بالمقاولات، كنت أشرف على كل كبيرة وصغيرة فيها، لم أدع مجالًا على الإطلاق للحظ أو الظروف بأن أحمل غيري مسؤولية الإشراف على المعدات أو متطلبات البناء، كنت أحضرها بنفسي، مشرفًا على العمال؛ خشية أن يسرق أحد من المؤن فيؤدي ذلك لكارثة حين يسقط البناء مثلًا بسبب النقص في المؤن، فأنا أقدر قيمة الأرواح جدًا ولا أستطيع تحمل أن تزهق روح بسببي إن تهدم البناء مثلًا نتيجة للغش. ربما للبعض قد يكون الموت أو فقد شخص عزيز أمرًا عابرًا قد يمضي بعد معاناة الصدمة الأولى بسلاسة وتستمر الحياة. لكن معي أنا كان للفقد قصة خاصة لم أتجاوزها للآن لقد فقدت أمي، لم تمت كما تعتقدون، لقد اختفت! نعم، لا تتعجبوا اختفت منذ ما يقارب الثلاثين عامًا الآن، فلقد فقدتها حين بلغت الخامسة بالتحديد يوم ميلادي ولذلك لا أحتفل به أبدًا وكل من يعرفونني يعلمون أني أمقت ذلك اليوم مقتًا شديدًا، كنت صغيرًا لكني أذكر تفاصيل ذلك اليوم كأنها حدثت الآن وليس البارحة بدأ اليوم جميًلا مبهجًا حين استيقظت وهرعت إلى خارج غرفتي، لأجد والدتي تحتضنني قائلة: -عيد ميلاد سعيد يا صغيري، اليوم أيها الشاب الصغير ستبلغ الخامسة، ليهبني الله طول العمر حتى أراك شابًا كبيرًا تكون عوني وسندي في الحياة يا أسدي. ضحكت وقلت: بالطبع أسدك يا أمي أنا قوي وسأحميكِ بجوار أبي. تجهم وجهها وقالت: هيا لتتناول طعام إفطارك لكي أتفقد ما يجب عمله. بعد أن تناولنا الإفطار بالحديقة ذهبت أنا كي ألعب، وانشغلت أمي بالإشراف على الحفل. نادت عليّ وأخذتني لحمام غرفتي وجهزت ملابسي واستحممت بينما تنتظرني هي خارج الحمام، وساعدتني في ارتداء الملابس التي سأرتديها كنت قد اخترت حُلة رسمية للشرطة بلون أبيض، وارتديت القبعة الخاصة بها ووقفت أمامها أؤدي التحية الخاصة بالشرطة بينما هي تضحك وتحتضنني، كنت أرفع راسي أنظر لوجهها البشوش الضاحك، الذي وجدته فجأة قد تغيرت ملامحه ليغمره حزن وضيق حين نظرت للخارج من نافذة غرفتي المطلة على إسطبل الخيل، وقالت لي: – هيا يا طارق، انزل للحديقة إلى أن يصل باقي أصدقائك لنطفئ الشموع الخمسة الخاصة بك. وتركتني في الغرفة ونزلت مسرعة الخطى، نظرت من النافذة لأرى ما الذي جعل وجهها يتبدل من الفرح والسعادة للحزن فلم أجد ما يدل على حدوث أمر سيء كان المشهد خاليًا كالعادة لا جديد به، إنه المشهد العادي الذي دومًا أراه من نافذة غرفتي أمام بوابة الاسطبل الكبيرة، لم ألق بالًا للأمر وركضت لأنزل لكي ألعب مع أقراني، وكانت تلك آخر مرة شاهدت فيها والدتي، بعد لعبي في الحديقة وحضور الجميع الذين كنت أسمعهم يسألون المضيفين لهم عن والدتي، وكانت الإجابة الدبلوماسية: ستأتي حالًا. سألتني المشرفة على التقديم: صغيري طارق ألم تشاهد والدتك؟ – لا. أخذت تجول ببصرها يمينًا ويسارًا وزفرت وتركتني. بعد قليل بدأت أشعر بارتباك غير طبيعي في محيط من حولي من الكبار، ثم نادى أبي بصوت مرتفع: يا أصدقاء هل شاهد أحد منكم إيمان؟ أو يعرف أين هي. كانت الإجابات كلها بالنفي. تحولت الفيلا لخلية نحل للبحث عن أمي، في كامل أنحاء الفيلا والحديقة والإسطبل، لم نجد لها أثرًا. بدأت في البكاء ثم النحيب المتواصل لقد كنت ابنهما الوحيد والمدلل بالطبع، وأمي لم تكن تفارقني على الإطلاق، شعرت بالخواء وكأنني حلقة مفرغة، ظللت أبكي وأبي يحاول تهدئتي وكذلك المحيطون بي، إلى أن سقطت في النوم بفعل إرهاقي من كثرة بكائي. استيقظت في الصباح، نظرت بجواري لم أجد أمي؛ فهي تنام بجواري كل يوم. ناديت بصوتي المبحوح الذي تضرر من بكاء البارحة: – أمي أين أنتِ؟ جاءني صوت صباح المربية متهدجًا: لا تخف صغيري سنجدها. نظرت لها مرتعبًا: ألم تعثروا عليها بعد؟! بكت، احتضنتني وقالت: إنهم يبحثون. ومنذ ذلك اليوم وانتهى وجود أمي في حياتي، لم يمر عليَّ الأمر مرور الكرام أبدًا، لقد بدأت معاناتي بالصراخ والانهيار وصراخ أبي في وجهي بماذا سيفعل؟ وأنه بذل كل ما يستطيع لكي يجدها، كان اختفاؤها مريبًا، لم تأخذ أي شيء من متعلقاتها، ملابسها بأكملها ما زالت موجودة، ذهبها ومجوهراتها، لم ينقص أي شيء منها، وكأنما الأرض قد انشقت وابتلعتها كما قال عم جابر عامل الاعتناء بالحديقة قال لي: يا طارق أمك جميلة، الجني خطفها من أجل جمالها. عشت عمري كله ناقمًا على ذاك الجني الذي طمع بجمال أمي وخطفها، وصارت تلك حكاية إيمان الجميلة التي خطفها الجني وتناقلتها ألسنة أهل القرية. لم تكن تلك الشائعات هي فقط ما أصابني، لقد ابتليت بالكوابيس، كل ليلة استيقظ فزعًا، صارخًا، غارقًا في عرقي، لاهث الأنفاس؛ بسبب تلك السيدة التي تظهر في أحلامي وتنادي عليّ طارق، طارق وتحاول أن تمسك بيدي. منذ اختفاء أمي لم تخطو قدماي ناحية غرفتها، ولم يفعل أبي ذلك أيضًا، لقد هجر الغرفة وأصبح ينام بغرفة أخرى أما أنا فقرر أبي أن يعهد بمهمة العناية بي لعمتي في القاهرة، بعد ذلك الكم الهائل من الكوابيس الذي لم يدع لي مجالًا للنوم إلى أن وصل بي الأمر بأن أخذوني لطبيب نفسي وأوصى بعلاج خاص لمن في مثل سني وبعد فترة تناقصت وتيرة الكوابيس حتى اختفت بعد أن غادرت القرية ولم تطأها قدمي مرة أخري، كان أبي يزورني بين الفنية والأخرى عند عمتي وأصبحت علاقتي به كالغرباء. حاول المحطين بأبي حثه على الزواج مرة أخرى بما أنني لا أقيم معه ولا يحمل همي، لكنه رفض، وظل كما هو بالفيلا يعتني بخيله. شاءت الظروف أن يعهد إليّ بإقامة بناء ضخم لمول تجاري سوف يتم افتتاحه في القرية، لم يكن بإمكاني الرفض، إقامة منشأة كتلك بالتصميم الموجود في تصوري سيكون إضافة لشركتي الوليدة، لكن للأسف لا يوجد فنادق بالقرية وكان الحل الأوفر ماليًا بالطبع أن أقيم بفيلتنا ويقيم العمال المرافقون لي بملحق الفيلا، هاتفت والدي وشرحت له الموقف ولم يبد اعتراضًا. وصلنا القرية ليلًا، ما أن مرت عجلات السيارة من الطريق المؤدي للقرية إلا وأصابت قلبي انقباضة قوية، لكني عزيت ذلك للإرهاق الذي أنا أغوص فيه منذ مدة، وصلنا الفيلا والانقباض يزداد، وكأن ثقلًا جثم على قلبي واحتل روحي. دللت العمال على مكان إقامتهم ودخلت للفيلا سلمت على والدي الذي فاجئني بقوله: -للأسف طارق، حمام غرفتك وحمامات القسم المجاور لها كلها أصابها عطل غريب اليوم وستضطر للإقامة في غرفة والدتك. نظرت له معترضًا فقال: لن أقيم أنا فيها، أنا لي غرفتي وروتيني ولن أبدله، إلا إذا فضلت أن تنزل لتقيم مع عمالك في الملحق. كان الخيار الأخير غير متاح بالنسبة لي؛ أنا أفضل النوم في هدوء تام بلا أي صوت بجواري، والعمال مهما بلغت درجة هدوءهم لن يخلو الأمر من صوت تحركهم هنا وهناك، وأنا أريد لهم الراحة أيضًا فربما شعروا بحرج من وجودي ونومي عندهم. استسلمت لذلك الأمر الواقع الذي فرض عليّ، كنت مرهقًا جدًا وغططت في النوم لأستيقظ فزعًا على ذلك الكابوس الذي عاودني فجأة، امرأة أحس بألفة بيني وبينها أشعر أنني أعرفها لكني خائف من شكلها المرعب، تحاول أن تمسك بقدمي. قمت بتشغيل سورة البقرة فهكذا أفعل دائمًا عند اضطراب نومي، وأكملت نومي حتى الصباح في هدوء. بدأت مع العمال التجهيز لما سنقوم به ومر اليوم خاليًا من أي أحداث أو مشاكل، انتهى اليوم وإرهاقي قد بلغ مداه، تمددت في السرير ورحت في سبات عميق إلى أن استيقظت فزعًا، لكني هذه المرة لم أصرخ، جلست على سريري لأتذكر ما رأيته لقد كانت نفس المرأة، تناديني بصوت مفعم بالحب هذه المرة، وأشارت لي نحو المرآة الموجودة بالغرفة، اعتدلت في جلستي وأخذت أنظر للمرآة، ثم قمت مقتربًا منها، أخذت أتأملها وتأمل تلك الزخارف المحفورة بإطارها، لم أجد شيئًا غريبًا أو يثير الانتباه، يبدو أن أحلامي تلك ستؤثر على عقلي، هممت بالدخول لدورة المياه الخاصة بالغرفة، الواقعة بجوار المرآة، لكن لفت انتباهي ضوء لامع يأتي من المسافة ما بين المرآة والجدار من خلفها، ومضة فضية، نظرت بتمعن هناك شيء ما، مددت يدي لأمسك بذلك الشيء، إنها قلادة كانت معلقة على مسمار خلف إطار المرآة، تأملتها، إنها قلادة نسائية فضية، قلب القلادة مزخرف باسم إيمان، يبدو أنها من النوع الذي يحوي صورة ما بداخله، حاولت ان أفتحها لكنها استعصت عليّ في البداية ثم استطعت فتحها لكن جرح إصبعي أثناء ذلك، لم أهتم ما جذب انتباهي هو تلك الصورة لأمي ورجل بجوارها، ذلك الرجل ليس أبي، إنه رجل لم أره قبل الآن أبدًا، لكن ذلك الرجل يشبهني إلى حد كبير، أو بالأحرى بما أن الصورة قديمة، فأنا أشبه ذلك الرجل، كانت وقفة الرجل بجوار أمي وقفة حميمية، أي أنه ليس برجل غريب عنها، وكان معلق بسلسلة القلادة مفتاح صغير، لا أدري ماذا يفتح، لكن بالنظر لحجم المفتاح أخمن أنه صندوق صغير مثلًا. احتلني الفضول تجاه ذلك الرجل الواقف بجوار أمي، وذلك المفتاح، خبأت المفتاح ووضعت القلادة بجواري، وأكملت نومي، لتظهر لي المرأة هذه المرة في الإسطبل ثم تأخذني لسرداب أسفل الإسطبل. في الصباح توجهت لغرفة أبي طرقت الباب، لم أجد ردًا، فتوقعت وجوده بالإسطبل، ذهبت له كان يداعب مهرة حالكة السواد، فألقيت عليه التحية وبلا أي مقدمات سألته وأنا أمد له يدي بالقلادة: هل تعرف هذا الرجل؟ نظر أبي جيدًا للصورة وتغيرت ملامح وجهه، واحتلها الغضب وسألني بحدة: – أين وجدت هذه القلادة؟ أجبته بلامبالاة: في غرفة أمي. فرد وهو يحاول كبح جماح ذلك الغضب الذي يسيطر عليه ويبدو جليًا: لا أعرفه. ثم تندر ساخرًا: بإمكانك أن تسأل أمك. وتركني وغادر الإسطبل. شعور غريب يكتنفني أن هناك علاقة بين اختفاء أمي وبين الرجل بالصورة. أخرجني من تفكيري صوت عامل الإسطبل وهو يقول لي: هناك فتاة تريدك بالخارج مهندس طارق. رافقته حتى الفتاة لأجد صبية جميلة ما أن رأتني حتى قالت: – أنرت القرية مهندس طارق، انتظرناك طويلًا. نظرت لها بغير فهم لتقول: أقصد أمي انتظرتك طويًلا. – أمك انتظرتني! من تكون؟ ابتسمت وقالت: أمي صباح مربيتك في صغرك. انفرجت أساريري وابتسمت وغمرني السرور وقلت: أما زالت على قيد الحياة؟! نظرت لي الفتاة مستنكرة سؤالي وأجابت: أطال الله في عمرها، هل لديك وقت لترافقني فهي تريد رؤيتك بشدة. – بالطبع. رافقت الفتاة وفي الطريق علمت منها أن اسمها إيمان على اسم أمي، وأن والدتها دائمًا ما كانت تبحث عني وتستقصي أخباري وتعلم أن هذه أول مرة أنزل بها للقرية ولولا أنها لا تستطيع السفر لكانت سافرت لي لتقابلني. تعجبت بشدة، فما الذي يجعل صباح مستميتة هكذا لمقابلتي. دخلنا المنزل وطالبتني الفتاة بالجلوس في غرفة الضيوف، ثم اختفت لتخرج بعد قليل وهي تدفع سيدة أمامها على كرسي متحرك، تضايقت لمرآها هكذا ربما لا أتذكر حقًا شكلها لكني أتذكر أنها كانت حنونة عليّ كثيرًا وكانت تحبني جدًا، هللت ورحبت بي وقمت واقتربت منها لأسلم عليها فأخذت تربت على كتفي وتقول: ما شاء الله، لقد أصبحت رجلًا يا صغيري. جلست لتعطيني صندوقًا وتقول: هذا الصندوق أمانة عندي من والدتك، أمنتني أن اسلمه لك حين تصير رجلًا، وألا يطلع أحد على ما فيه سواك، وقالت لي أنك ستجد مفتاح الصندوق في قلادة معلقة خلف المرآة في غرفتها. نظرت لها متعجبًا مما تقول وقلت لها: فعلًا لقد وجدت المفتاح وها هو معي. وأخرجت المفتاح من جيبي، وفتحت الصندوق لأجد به بعض مجوهرات ثمينة، وظرفا مغلقًا بالشمع الأحمر مكتوب عليه (افتحه وأنت وحدك) وظرفًا آخر مفتوح أخرجت ما فيه لأجد مكتوب (صغيري طارق، لا بد من أنك اصبحت شابًا كبيرًا الآن، المجوهرات بهذا الصندوق سلم نصفها يا صغيري لصباح فهي رفيقتي وتستحق كل الخير، والباقي لك يا صغيري، لا تخبر ربيع بما تركته لك، فهذه المجوهرات هي إرثي من والدي، بم أنك تقرأ هذا الخطاب فلا بد من أنني قد توفيت، اقرأ ما يحتويه الظرف المختوم بالشمع الأحمر بعناية، وحدك يا صغيري، ستكتشف كل الحقيقة) نفذت ما طلبته أمي وسط رفض من صباح وابنتها إيمان فقد كانتا تريان أن كل ما في الصندوق من حقي أنا، ولكن أصررت عليهما وانتهى الأمر أن قررنا أني سأتصرف في المجوهرات بمعرفتي، وأعطي المال لهما، فهما لن تستطيعا التصرف فيها أو الاحتفاظ بها. طلبت منهما أن يظل الصندوق معهما إلى أن أفكر لمن سنبيع تلك المقتنيات الثمينة. عدت للفيلا لأجد والدي يسألني ماذا كنت أفعل عند صباح وابنتها، فأجبته كانت تريد رؤيتي فهي مشتاقة لي. نظر لي بشك ولم يعقب. كنت في غاية اللهفة لمعرفة ما يحتويه الظرف المغلق دخلت غرفتي وأغلقت الباب من الداخل، وجلست على السرير وفضضت الشمع وأخرجت الأوراق كانت تلك الأوراق عبارة عن تقارير طبية تثبت أن والدي ربيع رجل عقيم. نظرت للأوراق في غير تصديق لعلي أستوعب، لكن لم أصدق، أيعقل هذا! إذا كان والدي لا ينجب فابن من أنا؟ هل أنا لقيط لا أهل لي؟ أم أنني ابن سِفاح ناتج عن علاقة غير شرعية ارتكبتها أمي وتستر عليها والدي. أكملت تفقدي للأوراق لأجد صورة من قسيمة زواج باسم أمي من شخص يدعى نادر محسن السيد. ازدادت حيرتي، قررت قطع الشك باليقين، ذهبت لغرفة أبي لكنه لم يجب، فخمنت مكانه، بالتأكيد هو في الإسطبل، ذهبت له سألته بلا أي مقدمات: هل حقًا أنت عقيم؟ نظر لي ببرود: هذا القول سبة في حق أمك. – صارحني ابن من أنا؟ – لا أعلم. – من هو نادر محسن؟ – لا أعلم. – ألا تعلم بمن كانت أمي متزوجة؟ – لقد مات قبل زواجي منها. – وابن من أنا؟ – قلت لا أعلم. – حسنا سأنشر هذه الأوراق للعلن، قسيمة زواج أمي والأوراق التي تثبت أنك عقيم. هز رأسه يمينًا ويسارًا: حقًا إنك متهور مثلها، وهل ستفضح نفسك، وتعرض سيرتك وسيرتها لتلوكها الألسن؟ – لا يهم أريد أن أعرف ابن من أنا؟ – إذا كانت لا تهمك سيرتك وسيرتها أتريد أن يعرف الناس أني عقيم وأنت تعرف أن هذه ستكون سبة في جبيني وفضيحة لي أمام الكل، ألا ترد لي الجميل بأني نسبتك لنفسي، وتكفلت بمصاريفك. – اليوم زلزل كياني وكل ما كنت أؤمن بقدسيته قد تحطم. ما أن نطقت بتلك الكلمة حتى رأيت شبح المرأة التي رأيتها في منامي، يقف خلف ربيع. قال ربيع: حسنًا طارق، سأخبرك بكل شيء، ولكن هل ستحتمل الحقيقة؟ – ماذا تقصد أكانت أمي خاطئة وأنا ابن حرام؟ ابتسم ربيع: لا لم تكن إيمان هكذا أبدًا، لكن ما سأخبرك به يجب ألا يخرج من هذا الإسطبل، وإن خرج صدقني فلن تعجبك النهاية، أنت أيها الشاب لا تعرفني جيدًا، ولا تعرف ما أستطيع فعله، مسألة أني لا أنجب تلك مسالة وجودية، أنا أنحدر من عائلة صعيدية الجذور، معنى أني لا أنجب أني لست برجل، وأنا رجل بل وسيد الرجال، لو اضطرني الأمر سأقتل ثانية في سبيل ألا تكشف علتي. نظرت له غير مصدق لما أسمعه منه: ما الذي تهذي به؟ صرخ في وجهي: أنا لا أهذي، نعم أنت لست ولدي لكنك لست ابن حرام، انت ابن نادر محسن. وشرد في الفراغ كانت إيمان زوجة لنادر وكانا في غاية السعادة، رأيتها وسرقت لبي، سحرتني بجمالها ورقتها، واشتعلت نيران الغيرة في قلبي بسبب حبها لنادر، حاولت أن أجعلها تميل لي، لكني لم أفلح، دبرت مكيدة لوالدك وجعلتها تمسك به مع من ظنت أنها عشيقته، غضبت والدتك غضبًا شديدًا ولم تعطه فرصة للشرح، وكان الفخ المنصوب له محكمًا بحق، وتركته وغادرت مسكنهما، واختفى والدك، لتعرف والدتك بحملها بك، عرضت عليها أن تكون لي، لكنها رفضت فكيف تكون لي وهي زوجة لرجل آخر، لتظهر جثة والدك، لم تكن أمك أخبرت أحدًا بحملها، سوى صباح، مرت شهور العدة، وجعلت الأخبار تصل إليها بأن أهل نادر يبحثون عن زوجته ليحملوها وزر مقتله فلقد مات مقتولًا، وأخبرتها أنهم لو علموا بحملها فسيأخذون الوليد منها، هربت معي وتزوجتني، ونسبتك لي، كانت تعشقك، وتتعامل معي بجمود، حتى حقي الشرعي لم أكن أناله منها إلا نادرًا، لكني كنت أريدها بجواري، أشعر معها بالأمان فهي تذكرني بأمي فملامحها بها شبه كبير منها، كل ما كنت أريده أن تصبح لي وملكي، إلى أن جاء يوم ذكرى ميلادك وشاهدت معي تلك الفتاة التي كانت أمسكتها مع والدك، كانت قد أتت لي تريد نقودًا، وسمعت أمك ما دار بيننا وعلمت أني قتلت والدك، وصممت على فضحي، كما تريد أنت الآن. نظرت له في غير تصديق ورأيت الشبح الذي كان يظهر لي في أحلامي وقد وضحت ملامحه ليظهر لي أنه شبح أمي وهي تدور في الإسطبل بغضب. وربيع يكمل قائلًا: نعم أعشقها لكن ما كنت لأدعها تحطم سمعتي ورجولتي أو أسمح لها أن تبتعد عني لتكون في المستقبل مع رجل آخر مثلًا، لذا كان الأسلم هو قتلها، ودفنتها هنا في الإسطبل في تلك البقعة. وأشار لبقعة بعيدة وقال: تحت تلك البقعة يقع سرداب صغير دفنتها به، وسأدفنك بجوارها. في تلك اللحظة رأيت شبح أمي وكأنه يقتحم جسد المهرة لتصهل تلك صهيلًا عجيبًا لم أسمعه من مهرة من قبل وتخرج من مكانها تقف على قائمتيها الخلفيتين وتضرب ربيع ضربة قاتلة في صدره. حدث هذا في ثوان معدودة لأجد ربيع ممدًا على الأرض وما زالت المهرة تضربه، ثم استكانت بفقده للروح، وخرج منها الشبح واقترب مني مبتسمًا ثم اختفى. لقد أنقذتني أمي. قمت بإبلاغ الشرطة والبوح لهم بكل ما اعترف به ربيع، ودللتهم على مكان جثة أمي، لم أخبرهم بالطبع عن الشبح، وقدمت لهم ما لدي من أوراق، وبتفتيش الفيلا وغرفة ربيع عثر على مذكرات بخطه يعترف فيها بم فعله، ووجدت أهل والدي وصححت نسبي لهم، وتزوجت من إيمان ابنة صباح. تمت بحمد الله


البوابة
منذ يوم واحد
- البوابة
ما حكم سماع القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب
أجاب الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال حول حكم سماع القرآن أثناء النوم؟. وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامية زينب سعد الدين، ببرنامج "فتاوى الناس"، اليوم الأربعاء: "لا حرج إطلاقًا في أن يترك الإنسان القرآن الكريم يعمل وهو نائم، فذلك لا شيء فيه شرعًا، بل قد يكون فيه خير وبركة وطمأنينة، لأن سماع القرآن فيه سكينة ورحمة". الإنصات عند الاستماع وأوضح أن قوله تعالى: {فإذا قُرِئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم تُرحمون}، فسّره بعض العلماء بأنه خاص بخطبة الجمعة، والبعض الآخر قال إنه يشمل كل مواضع قراءة القرآن، ولكن المقصود هو الإنصات عند الاستماع إذا كان الإنسان حاضرًا واعيًا متفرغًا، أما إذا نام أو انشغل بغير عمد، فلا إثم عليه. وأكد أن: "تشغيل القرآن أثناء النوم لا حرج فيه، بل كثير من الناس لا يستطيعون النوم إلا على صوت القرآن الكريم لما فيه من راحة نفسية وسكينة، وهو أمر لا يمنعه الشرع ولا يُؤاخذ عليه الإنسان".