logo
المشروع الإبراهيمي واللعبة السياسية

المشروع الإبراهيمي واللعبة السياسية

الوطن٢٠-٠٤-٢٠٢٥

لم يكن ما يعرف بـ(المشروع الإبراهيمي) أو (الديانة الإبراهيمية)، وليد اتفاق إبراهام عام 2020، بل سبق هذا الاتفاق بسنوات طويلة، حيث تعود جذوره في التاريخ البعيد إلى فلسفة (وحدة الوجود)، وفي التاريخ القريب إلى معهد حوار الحضارات، وهو معهد فلسفي أكاديمي تأسس في باريس عام 1974 تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، والذي رأسه الفيلسوف الفرنسي المسلم (رجاء جارودي)، أحد دعاة حوار الأديان البارزين. يضم المعهد في عضويته أصحاب الديانات السماوية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية، ويقوم - كما يقول أستاذ مقارنة الأديان بالمعهد الأوربي للعلوم الإنسانية في باريس الدكتور محمد اللافي - على مشروع فلسفي يؤسس لتحالف ديني على أساس الأصول الإبراهيمية، والذي هو موضوع دراسات وأطروحات الدكتور جارودي قبل وبعد إسلامه، والتي تقوم على التقريب ما بين الأديان السماوية. ويتبع لهذا المعهد متحف للتراث الأندلسي بقرطبة، يؤصل تجربة التعايش بين أتباع الديانات السماوية الثلاثة أيام الحكم الإسلامي في الأندلس، وجاء التركيز على معهد حوار الحضارات في باريس، بعدما فشلت فكرة جامعة البحر الأبيض المتوسط.
استهل المعهد مشاريعه الحوارية حول الأديان، بندوة (حوار الوحدة الإبراهيمية بين اليهود والنصارى والمسلمين) لتحديد القواسم المشتركة بين معتنقي الديانات الإبراهيمية.
أعقبها (مؤتمر الحوار الدولي للوحدة الإبراهيمية) الذي عقد في قرطبة عام 1987، وحضرته جموع كبيرة من أتباع الديانات الثلاثة.
ويُعتبر جارودي، رائد حوار الأديان، ولم يكن أول ممثل لهذه النزعة الحوارية فحسب، بل كان نموذجًا كاملًا لها، ومن أبرز دعاة ما يعرف بالفكرة الإبراهيمية أو الجذع الإبراهيمي، بل يُنظر إليه على أنه المؤسس الحقيقي لهذا التوجه، وأن المدرسة الفكرية (معهد حوار الحضارات) الذي رأسه، والمؤلفات التي نشرها قبل وبعد إسلامه، تُلخّص نظريته حول ما يعرف بالجذع الإبراهيمي.
ولهذا جعل نصب عينيه، المشروع الإبراهيمي هدفًا يسعى إلى تحقيقه طول حياته، مبتدأ هدفه بمحاولة إزالة الحواجز الشرعية بين أتباع الديانات الثلاثة.
ففي ندوة اليونسكو التي عُقدت في باريس عام 1982، شارك جارودي بورقة طرح فيها فكرة إمكانية قراءة التاريخ من وجهة نظر وحدوية، على أساس أن إبراهيم والمسيح عليهما السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم يُكمل بعضهم بعضًا.
وحظيت دعوته باستجابة كبيرة من المفكرين الغربيين، في حين واجهت انتقادات حادة من المفكرين الإسلاميين الرافضين للمشروع الإبراهيمي، باعتبار أن هذه الدعوة لا تحقق أهدافًا شرعية، وإنما تحقق أهدافًا مسيحية ويهودية، أقلها مساواة أديانهم المحرّفة بالإسلام وإقرار المسلم بها. وفي المقابل، نجد عدم اعترافهم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم الصحيحة. لذلك لا تعدو الدعوة أن تكون محاولة للحصول على اعترافات صريحة بالمسيحية وبعقيدتهم في المسيح عليه السلام، وفي الوقت نفسه تُقدّم للمسيحيين والغربيين مبررًا لإثنائهم عن الدخول في الإسلام، بدعوى أنه لا توجد بين الإسلام والمسيحية فوارق أساسية، وهذه دعوى شديدة الخطورة، تصادم العقيدة الإسلامية والتوحيد الإسلامي، باعتبار أن المسيحية واليهودية دينان محرفان.
تتابعت حلقات ما يعرف بالمشروع الإبراهيمي، ففي عام 1980، نُشر في بيروت كتاب بعنوان (محنة العقل في الإسلام) لمؤلف مجهول، أطلق عليه (مصطفى جحا)، يدعو للحكومة العالمية، ووحدة الأديان.
وفي عام 1993، عُقد في مدينة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية مؤتمر عالمي تحت مسمى (برلمان 1993 لأديان العالم) يدعو إلى توحيد الأديان، حضرته حشود كبيرة من ممثلي الديانات العالمية.
وكانت في فترات متفاوتة جرت محاولات لإنشاء جمعيات دينية سياسية سرّية للتقريب بين الأديان السماوية الثلاثة.
وفي عام 2013 تبنت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية في حكومة أوباما، ما يُعرف بالدبلوماسية الروحانية، حيث جنّدت ما يُطلق عليهم القادة الروحانيين من الديانات الثلاثة: الإسلام والمسيحية واليهودية، للدفع باتجاه المسار الإبراهيمي.
وفي عام 2013 صدرت وثيقة من جامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية، سُمّيت (مسار إبراهيم).
وفي عام 2015 صدرت وثيقة من جامعة فلوريدا بالولايات المتحدة تتحدث عن الاتحاد الفيدرالي الإبراهيمي.
واليوم تحتل قضية المشروع الإبراهيمي مكان الصدارة في الإستراتيجيات العالمية، ومراكز الدراسات، ومؤسسات البحث العلمي، والدراسات المتعلقة باستشراف المستقبل، والإعلام الغربي والنخب السياسية في الغرب، في محاولة لتذويب الدين عن طريق ما يسمى بالمشروع الإبراهيمي.
فالاختراق الصهيوني لمراكز التخطيط والتشريع في الغرب، وتحكمه في آليات التوجيه، ومراكز التشريع، عن طريق اللوبيات وأساليب الضغط الممنهجة له تأثيره الكبير في صُنّاع القرار في الغرب.
لقد تعددت الهيئات الراعية للمشروع الإبراهيمي، تنظيمًا ومشاركة ودعوة لاعتبارات سياسية وإستراتيجية، والتي باتت تهدد وجود الدين.
وقد أعلنت مؤسسات وهيئات وشخصيات إسلامية رفضها التام للمشروع الإبراهيمي، شكلًا ومضمونًا، لتداعياته الخطيرة على المعتقدات والثوابت الشرعية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الأمير محمد بن عبدالرحمن يستقبل مدير عام التعليم بمنطقة الرياض
الأمير محمد بن عبدالرحمن يستقبل مدير عام التعليم بمنطقة الرياض

المناطق السعودية

timeمنذ 12 دقائق

  • المناطق السعودية

الأمير محمد بن عبدالرحمن يستقبل مدير عام التعليم بمنطقة الرياض

استقبل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الرياض في مكتبه بقصر الحكم اليوم، مدير عام التعليم بالمنطقة الدكتور نايف بن عابد الزارع، ومنسوبي إدارة التعليم بالمنطقة، الذين قدموا التهنئة لسموه بمناسبة عيد الأضحى. وشكرهم سموه على تهنئتهم، سائلًا الله أن يتقبل من الجميع صالح الأعمال.

أمير الباحة يستقبل المهنئين بعيد الأضحى
أمير الباحة يستقبل المهنئين بعيد الأضحى

المدينة

timeمنذ 18 دقائق

  • المدينة

أمير الباحة يستقبل المهنئين بعيد الأضحى

استقبل صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور حسام بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة الباحة, بمقر الإمارة اليوم، جموع المهنئين من أصحاب المعالي، والسعادة، والفضيلة، ومشايخ القبائل، ومديري الإدارات الحكومية من مدنيين وعسكريين، ووكلاء ومديري عموم الإمارة، الذين قدموا لسموه التهنئة بمناسبة عيد الأضحى. وبادلهم سموه التهنئة بهذه المناسبة، داعيًا الله العلي القدير أن يعيدها على الوطن والأمتين العربية والإسلامية باليمن والخير والبركات، وأن يديم على المملكة نعمة الأمن والأمان في ظل قيادتها الرشيدة. ونوّه بما توليه القيادة الرشيدة -أيدها الله- من عناية واهتمام بتعظيم الشعائر الإسلامية، وفي مقدمتها مناسك الحج، مشيدًا بما تحقق من نجاح كبير لموسم حج هذا العام، وما قُدم من جهود مباركة لخدمة ضيوف الرحمن. وفي ختام اللقاء، عبّر المهنئون عن شكرهم وتقديرهم لسمو أمير المنطقة على كرم الاستقبال، ومشاركته لهم فرحة العيد، سائلين الله تعالى أن يحفظ الوطن ويديم عليه نعمة الاستقرار والرخاء.

أمير تبوك يستقبل وكلاء ومنسوبي الإمارة بمناسبة عيد الأضحى
أمير تبوك يستقبل وكلاء ومنسوبي الإمارة بمناسبة عيد الأضحى

المدينة

timeمنذ 18 دقائق

  • المدينة

أمير تبوك يستقبل وكلاء ومنسوبي الإمارة بمناسبة عيد الأضحى

استقبل صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة تبوك, بمقر الإمارة اليوم، وكيل إمارة منطقة تبوك محمد بن عبدالله الحقباني، ووكلاء الإمارة المساعدين ومديري العموم ورؤساء الأقسام ومنسوبي الإمارة، الذين قدموا التهنئة لسموه بمناسبة عيد الأضحى. وبادل سمو أمير المنطقة الجميع التهنئة بهذه المناسبة السعيدة, منوهًا بالنجاح الكبير غير المسبوق لموسم حج هذا العام، الذي تحقق بفضل الله تعالى ثم بالتوجيهات الكريمة والمتابعة والإشراف من خادم الحرمين الشريفين, وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله-، مشيدًا بالجهود التي تقوم بها المملكة في خدمة ضيوف الرحمن، وما قدم لهم من خدمات وتسهيلات ليؤدوا مناسكهم بكل يسر وسهولة. وثمن جهود العاملين والعاملات بمدينة الحجاج بمنفذ حالة عمار، من مختلف القطاعات وكذلك المتطوعين والمتطوعات، معربًا عن فخره واعتزازه بما يقدمونه من أعمال جليلة في خدمة ضيوف الرحمن القادمين عبر منفذ حالة عمار‏، منوهًا بالجهود المبذولة من منسوبي الإمارة، والحرص على ‏إنجاز المعاملات، حاثًا على مضاعفة الجهود لخدمة المنطقة وأهلها والعمل الجاد وإنجاز معاملات المواطنين والمقيمين بأسرع وقت وفق تطلعات ولاة الأمر حفظهم الله.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store