
العالم يترقب اجتماع كونكلاف 2025 لاختيار خليفة لبابا الفاتيكان الراحل
بدءاً من بعد ظهر يوم السابع من مايو، تدخل الكنيسة الكاثوليكية مرحلة حسّاسة وحاسمة من تاريخها الحديث، إذ ينطلق كونكلاف 2025 لاختيار خليفة للبابا فرنسيس، في لحظة تتشابك فيها التقاليد الروحية القديمة مع تحوّلات العالم المعاصر وتحدياته.
فراغٌ ثقيل وتطلعات متناقضة
ليس هذا الكونكلاف وانتخاب البابا الجديد ترجمةً حرفيّة للشعار الروماني اللاأبالي:
"مات البابا، فلنصنع بابا آخر!…"، بل هو بالضبط ما وثقه فيلم "Conclave" للمخرج إدوارد بيرغِر:
"مات البابا، فالعرش شاغرٌ!"
وبصرف النظر عن توجّهات القادم الجديد، فإنّ ذلك العرش بحاجة إلى من يُملأ فراغ الشغور فيه بذات المستوى والثِقَلْ، وبالذات اليوم، لإنّ ما تركه البابا فرانسيس، الذي رحل بعد عقدٍ ونيف من البابوية، فراغٌ كبير داخل الكنيسة الكاثوليكية. فقد كان أول بابا من الأميركيتين، وأول يسوعي يتبوأ هذا المنصب، وقد تميّزت حبريته بخطاب رعوي واجتماعي غير مسبوق، داعم للفقراء والمهمّشين، وناقد للمنظومة الرأسمالية والسلطوية داخل الكنيسة.
لكن هذا النهج أثار أيضاً موجات من الجدل، لاسيّما بين صفوف الكرادلة المحافظين، وأعاد إلى الواجهة أسئلة قديمة حول توازن السلطة بين العقيدة والانفتاح، وبين المركزية الرومانية والكنائس المحلية.
الغرفة المغلقة في زمن الذكاء الاصطناعي
قبل دخول الكرادلة قاعة السيستين، تُتلى الصيغة اللاتينية التقليدية: "Cum clave, extra omnis"، أي "بالمزلاج، الغرباء إلى الخارج". يُغلق الباب الكبير، ويبدأ الطقس السرّي لانتخاب البابا الجديد.
لكن في عصر الرقمنة والذكاء الاصطناعي، لم تعد السرّية الكنسية أمراً بديهياً. لهذا، اتّخذ الفاتيكان سلسلة إجراءات غير مسبوقة لضمان العزلة التامة: أجهزة تشويش إلكترونية، حظر تام على الهواتف والساعات الذكية، رقابة مشدّدة على جناح الضيافة، وقَسَمٌ خاص يؤدّيه كل من يشارك في الخدمات اللوجستية للكرادلة.
بين المحافظين والإصلاحيين.. ومراكز القوى
أظهرت الجلسات العامة التي سبقت الكونكلاف انقساماً عميقاً بين تيارين داخل الكنيسة: تيار يسعى إلى مواصلة نهج البابا فرانسيس في الانفتاح الاجتماعي واللاهوتي، وآخر يدعو إلى استعادة الانضباط العقائدي وهيبة المؤسسة الكنسية.
كما سُجّلت تدخلات غير مباشرة من أطراف سياسية، لا سيّما في الولايات المتحدة، حيث ضغطت أسقفيات محافظة لدعم مرشحين يميلون إلى إعادة الكنيسة إلى "الثوابت التقليدية". وبرز في هذا السياق الدور المتصاعد لجماعات من اليمين المسيحي الأميركي، ترى في الكنيسة معقلاً أخلاقياً ينبغي استعادته.
الاسم..أول الإشارات
هل سيحمل البابا القادم اسم بولص، يوحنّا، بينيديكتوس أم فرانسيس،؟
أسماءٌ رمزية ومسارات استراتيجية. أربعة أسماء قد لاتعني، في حدّ ذاتها، اكثر من كونها أسماءَ عَلَمْ، لكنها تعني الكثير لأنّها اسماء حواريّ المسيح او قدّيسي الكنيسة الكاثوليكية، وهي، اضافةً إلى ذلك كلّه، اختزالٌ لأربعة اتّجاهات حكمت الكنيسة منذ الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية
ولطالما كان الاسم الذي يختاره البابا الجديد رسالة سياسية وروحية. فـ"بولص" يذكّر بالانفتاح الدبلوماسي بعد المجمع الفاتيكاني الثاني ( 1962- 1965) وخلال حبرية البابا يوحنا الثالث والعشرون؛ و"يوحنّا بولص" يُعيد إلى الأذهان المواجهة مع الشيوعية. أما "بندكتوس"، فهو رمز الصرامة اللاهوتية، في حين أن "فرانسيس" جسّد روح الفقراء والبيئة.
فهل يعود الكرسي الرسولي إلى اسم مألوف، أو يكسر التقاليد باسم غير مسبوق يفتح عهداً جديداً؟ الاسم، هذه المرة، ليس مجرّد رمز… بل إعلان مبكر عن الاتجاه المقبل للكنيسة.
المرشحون الأوفر حظاً
في ظل غياب إجماع تام، تُتداول أسماء 5 كرادلة بارزين: بييترو بارولين (إيطاليا): أمين سر الدولة، شخصية دبلوماسية بارعة، يجمع بين التوازن والواقعية، ويمثل خياراً مؤسساتياً للتيار الوسطي.
أمين سر الدولة، شخصية دبلوماسية بارعة، يجمع بين التوازن والواقعية، ويمثل خياراً مؤسساتياً للتيار الوسطي. ماتيو تزوبي (إيطاليا): رئيس أساقفة بولونيا، عضو في جماعة سانت إيجيديو، معروف بانخراطه في قضايا السلام، ويُعتبر امتداداً معتدلاً لخط فرنسيس.
رئيس أساقفة بولونيا، عضو في جماعة سانت إيجيديو، معروف بانخراطه في قضايا السلام، ويُعتبر امتداداً معتدلاً لخط فرنسيس. لويس أنطونيو تاغلي (الفلبين): لاهوتي ذو حضور عالمي، يوصف بـ"فرانسيس الآسيوي"، ويُمكن أن يكون أول بابا من القارة الآسيوية.
لاهوتي ذو حضور عالمي، يوصف بـ"فرانسيس الآسيوي"، ويُمكن أن يكون أول بابا من القارة الآسيوية. فريدولين أمبونغو (الكونغو): رئيس أساقفة كينشاسا، مدافع عن العدالة البيئية والاجتماعية، يُمثّل وجه إفريقيا الصاعدة داخل الكنيسة.
رئيس أساقفة كينشاسا، مدافع عن العدالة البيئية والاجتماعية، يُمثّل وجه إفريقيا الصاعدة داخل الكنيسة. بيتر إردو (المجر): كاردينال بودابست، محافظ متزن، يحظى بدعم من يسعون إلى تشديد الانضباط اللاهوتي وإعادة الهيبة للمؤسسة.
من شرفة بطرس إلى قلب العالم
حين يُطلّ عميد المجمع الكردينال من شرفة كاتدرائية القديس بطرس ليعلن: "Habemus Papam – لدينا بابا"، سيبدأ فصل جديد من التاريخ الكاثوليكي. فخيارات الاسم والانتماء الجغرافي والنبرة اللاهوتية، ستُفسّر فوراً كرسائل ضمنية فـ:
"فرنسيس الثاني" سيعني الاستمرار لمسار الانفتاح والرعاية الاجتماعية.
"بندكتوس السابع عشر"؟ يعني عودة إلى صرامة الفكر والتقليد.
اسم جديد كلياً؟ وهو ما سيفتح باب الاحتمالات والتحوّلات.، وسيكون العالم والكنيسة في انتظار ما سيضعه البابا الجديد من استراتيجيّات.
قائد في مرحلة مفصلية
أياً يكن، فإن البابا الجديد لن يكون فقط قائداً روحياً، بل أيضاً إدارياً، وسياسياً بنحو غير مباشر. عليه أن يواجه تحديات كبرى: تراجع الثقة في الكنيسة في الغرب، تنامي الحضور الكاثوليكي في إفريقيا وآسيا، مطالب الشفافية بعد قضايا الاعتداءات الجنسية المقترفة من قبل رجال دين في مستويات رفيعة، الفساد المالي داخل الفاتيكان، وصدامات ثقافية حول الأخلاق والدور الاجتماعي للدين.
وعليه أيضاً أن يتفاعل مع ملفات كبرى مثل الذكاء الاصطناعي، والتغير المناخي، والهجرة، وأن يُجدّد أدوات الحوار مع الأديان الأخرى وسط تصاعد الخطابات المتطرفة.
الكونكلاف.. تاريخ من الغرائب
على مدى قرون، عرف الكونكلاف لحظات نادرة وغريبة:
عام 1268، امتد انتخاب البابا لأكثر من عامين في مدينة فيتربو، حتى اضطر السكان إلى خلع سقف القاعة لتسريع التصويت!
في 1513، انتُخب ليو العاشر وهو لم يتجاوز الـ45، في زمن كانت فيه الكنيسة مركز الثروة والسلطة.
عام 1978، توفي يوحنّا بولص الأول بعد 33 يوماً فقط من انتخابه، وهو ما فجّر تكهنات واسعة وأدخل الكنيسة في سنة الـ "الباباوات الثلاثة".
واليوم، رغم كل التكنولوجيا، يبقى المشهد كما هو: غرفة مغلقة، دخان أبيض أو أسود، وقلوب المؤمنين تترقّب.
الكلمة الفصل
الكونكلاف ليس مجرد انتخاب ديني، بل لحظة استفتاء عالمي على مستقبل الكنيسة الكاثوليكية. فكل بابا جديد هو، في الجوهر، مشروع جديد. وقد يأتي التغيير من حيث لا يتوقعه أحد.
هل سيكون مفاجأة جغرافية؟ أم لاهوتية؟ أم رمزية؟
الأكيد أن الملايين سينتظرون العبارة ذاتها، التي تُعلن في كل مرة فتح فصل جديد من الإيمان والتاريخ: Habemus Papam "لدينا بابا".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 5 ساعات
- الشرق الأوسط
موريتانيا: الحكم على الرئيس السابق بالسجن 15 عاماً نافذة
قررت محكمة الاستئناف المختصة بالفساد في العاصمة الموريتانية نواكشوط، اليوم الأربعاء، سجن الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز خمسة عشر عاماً نافذة، وإدانته بتهم استغلال النفوذ، وسوء استخدام الوظيفة، وإخفاء العائدات الإجرامية، وفق ما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية». ونطق رئيس المحكمة بالحكم بعد أشهر من جلسات محاكمة أثارت جدلاً واسعاً واهتماماً كبيراً من الشارع الموريتاني. وفور النطق بالحكم احتج أنصار الرئيس السابق داخل قاعة المحكمة، وتدخلت قوات الأمن لإخراجهم من القاعة أثناء استكمال رئيس المحكمة النطق بالحكم. وقضت المحكمة بتغريم الرئيس السابق بمليار أوقية، أي نحو أربعة ملايين دولار أميركي. كما قررت المحكمة سجن صهر الرئيس السابق والمدير العام لشركة الكهرباء عامين نافذين لكل منهما، بتهم استغلال النفوذ. وحكمت محكمة الاستئناف كذلك بحل «هيئة الرحمة» الخيرية، التي كان يديرها نجل الرئيس السابق، ومصادرة أملاكها بتهمة غسل الأموال. وحكم ولد عبد العزيز موريتانيا من 2009 إلى 2019، وغادر السلطة وسلمها للرئيس المنتخب محمد ولد الشيخ الغزواني، لكن سرعان ما ساءت العلاقة بين الرجلين إثر محاولة الرئيس السابق السيطرة على الحزب الحاكم.


مجلة سيدتي
منذ 5 ساعات
- مجلة سيدتي
بالتزامن مع أول أيام عرضه.. كريم عبد العزيز يكشف عن أصعب المشاهد في المشروع X
بالتزامن مع تصدر فيلم "المشروع X"، بطولة الفنان كريم عبد العزيز ، شباك التذاكر في مصر، ومع الأيام الأولى لطرحه في دور السينما؛ إذ افتتح مُبكراً موسم أفلام عيد الأضحى 2025؛ حيث حظي بإقبالٍ جماهيري كبير. هذه أصعب مشاهد فيلم المشروع X! كشف الفنان كريم عبد العزيز عن الصعوبات التي واجهها فريق عمل فيلم "المشروع X"؛ للخروج بالفيلم بهذا الشكل من الاحترافية والتقنية؛ حيث قال عبدالعزيز: "صوّرنا في إيطاليا، وصوّرنا في الفاتيكان، وهي من الأماكن التي من الصعب التصوير فيها". وأكمل كريم عبدالعزيز: "الفاتيكان مليئة بملايين السياح، وفكرة وجود سيارات وموتوسيكلات ومطاردات وسط هذا الزحام، من أصعب المشاهد التي قمنا بتصويرها". View this post on Instagram A post shared by Go Media (@gomediatv) فيلم "المشروع x" وأحدث التقنيات يُعاني كريم عبدالعزيز خلال أحداث فيلم "المشروع X" من اضطرابات نفسية، والذي يُجسّد شخصية عالم آثار يُدعى "يوسف الجمال"، فيما يكتشف أسراراً قديمة مرتبطة بالحضارة، قد تُغيّر مصادر الطاقة في العالم كله، الأمر الذي يُغيّر حياته رأساً على عقب، ويُصبح هدفاً لإحدى المنظمات الدولية الغامضة، التي تسعى لاستهدافه؛ حتى لا يُضر بمصالحها. وتسعى تلك المنظمة الغامضة لاستهداف كريم عبدالعزيز، خلال أحداث الفيلم لقتله، قبل أن يُزيح الستار عن الأسرار التي اكتشفها، وأن تظل سراً مدفوناً؛ ليعيش حالة من المطاردات الكثيرة؛ فمن ينتصر على الآخر؟. اطلعي على بعد العرض الخاص للمشروع x: كريم عبدالعزيز وبيتر ميمي ثنائي نجاح في السينما والدراما عرض "المشروع X" بـ4 تقنيات فيلم "المشروع X" يُعَد أحد أضخم الإنتاجات في تاريخ السينما المصرية والعربية؛ حيث تم تصويره في خمس دول، هي: مصر، الفاتيكان، إيطاليا، تركيا، والسلفادور، إضافة إلى مدينة الجونة الساحلية المصرية. ويتميز باستخدامه لأحدث تقنيات العرض السينمائي العالمية، مثل IMAX ،4DX Dolby Atmos، وScreenX؛ ليمنح الجمهور تجرِبة بصرية وصوتية غير مسبوقة في العالم العربي. قصة وأبطال فيلم "المشروع X" فيلم "المشروع X" يأتي من بطولة: كريم عبدالعزيز، ياسمين صبري ، إياد نصار، أحمد غزي، مريم الجندي، عصام السقا. إلى جانب مشاركة عدد من الفنانين كضيوف شرف خلال مشهد أو مشهدين، أبرزهم: هنا الزاهد ، ماجد الكدواني، كريم محمود عبدالعزيز، مصطفى غريب، فدوى عابد. والفيلم قصة وإخراج بيتر ميمي. وشارك في التأليف أحمد حسني. وإنتاج تامر مرسي. View this post on Instagram A post shared by Tamer Mursi (@tamermursi) تدور أحداث الفيلم في إطار من الإثارة والتشويق، الذي يتخلله بعض مشاكل الأكشن، حول يوسف الجمال عالم المصريات الذي يخوض رحلة موت بصحبة فريقه من مصر للفاتيكان لأمريكا اللاتينية للبحر المفتوح، بهدف إثبات نظرية غريبة! تتمثل في اكتشاف سر بناء الهرم الأكبر؛ فهل يستطيع الوصول إلى هذا السر والتغلُّب على العقبات التى سيواجهها في رحلته؟ 8 ملايين جنيه إيرادات اليوم الأول لـ"المشروع X" وقد حقق فيلم كريم عبد العزيز الجديد إيرادات بلغت 8 ملايين جنيه في أول يومي عرض؛ ليأتي في المركز الأول وبفارقٍ كبير عن أقرب منافسيه؛ حيث يُعرض معه 3 أفلام مصرية أخرى، وهي: "سيكو سيكو"، و"نجوم الساحل"، و"الصفا الثانوية بنات". View this post on Instagram A post shared by ArabWood (@arabwoodtv) يمكنكِ قراءة لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا « إنستغرام سيدتي ». وللاطلاع على فيديوغراف المشاهير زوروا « تيك توك سيدتي ». ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» « سيدتي فن ».


مجلة هي
منذ 6 ساعات
- مجلة هي
حين يهمس القماش بالحلم.. "ستيفان رولاند" يكشف لـ"هي" أسرار فساتين الزفاف الجاهزة
حوار: lynda ayyach في عالم تنسج فيه الخيوط حكايات، وتصبح الأقمشة لغة تنطق بالمشاعر والأحاسيس، يطل علينا المصمم العالمي "ستيفان رولاند" بمجموعة فساتين زفاف جاهزة، تنبض بالإلهام، وتضيف فصلا جديداً إلى سيرته الإبداعية. إنها مجموعة تستحضر الأناقة في أنقى صورها، وتترجم أسلوبه المميز الذي يمزج بين البساطة الناعمة والتفاصيل الفنية الدقيقة التي أصبحت بصمته الخاصة في عالم الأزياء. في هذا اللقاء، يأخذنا "رولاند" في رحلة بين الخيال والواقع، فيتحدث عن لحظة الإلهام الأولى، وكيف يريد لكل عروس أن ترى نفسها متألقة وذكية، وأن تكتب رسالتها الخاصة في يومها الكبير باختيارها لفستان لا يشبه سواها. فيرى "رولاند" أن الأناقة الحقيقية تكمن في هذا التوازن الدقيق بين الجمال والعملية وبين الحلم والواقع. ولا يغيب عن حديثه سحر الجذور، فالقفطان التقليدي بتاريخه الغني وتفاصيله الآسرة، يطل كظل مهيب خلف كل تصميم، شاهداً على تأثير الملابس التراثية في تشكيل ملامح هذه المجموعة التي تحمل بين طياتها عراقة الماضي وأناقة الحاضر. المصمم العالمي "ستيفان رولاند" ما الذي ألهمك لخوض غمار تصميم فساتين الزفاف الجاهزة، نظراً لخبرتك الواسعة في عالم الأزياء الراقية؟ تلقــيــت الكثيـــر من الطلـبــــات من سيدات يحلمن بارتداء فساتين زفاف من الدار وعلى مدى سنين طويلة، لكن لم تكن لديهن الميزانية الكافية لشراء فساتين راقية. لذلك، قـررت قبل عامين إطلاق مجموعة كاملة من فساتين الزفاف، المصنوعة بالكامل في إيطاليا في ورش عمل استثنائية تكرّم الحرف اليدوية التقليدية، وتقدم منتجات عالية الجودة باستمرار. كيف تعكس هذه المجموعة الجديدة أسلوبك المميز في حين تلبي احتياجات جمهور أوسع؟ تعــكس هذه المجموعة التي تضم أيضا مجموعة من فساتين السهرة، اللمسات المميزة من أزيائي الراقية. ستجد العروس فيها فساتين أنيقة بتصميم الكاب، وأخرى بتأثيرات ثلاثية الأبعاد، وقطعا تتميز بالكشكشة المنحوتة، إضافة إلى فساتين "إنفانتا" التي لا تزال تحلم بها الفتيات الصغيرات. هل أثرت تجارب العرائس أو قصصهن في تصاميمك؟ ليس تماما، لأني أركز أكثر على الحفاظ على هوية العلامة التجارية لضمان الحفاظ على صورتها العامة. فانطلاقا من خبرة 30 عاما في مجال تصميم الأزياء، لدي ما يكفي من المراجع لأستلهم منها في مجموعاتي المستقبلية! وكل عروس أقابلها خلال عروض الأزياء الراقية تؤثر في إبداعاتي، لذلك أصمم فستانا فريدا يعكس شخصية كل عروس. وهذا ما يدفعني غالبا إلى الخروج من منطقة راحتي، لأن هذه الطاقات الإبداعية تساعدني كثيرا عند تصميم فساتيني الجاهزة. هل يمكنك شرح العملية الإبداعية وراء هذه المجموعة من الفكرة إلى الغرزة النهائية؟ أبدأ دائـما برسومـــات مستوحاة من مجموعة واسعة من المراجع، لأقدم لزبوناتي أكبر عدد ممكن من الخيارات. ثم أختار مع فريقي المتخصص الأقمشة المناسبة للتصاميم، ونختبر فيما بعد تقنيات التطريز، ونحرص بعدها على تجنب التكرار مع تقديم اللمسات الجديدة والمبتكرة. والأهم بالنسبة لي هو عنصر المفاجأة، فالكثير من العرائس والنساء اللواتي صممت لهن ملابسهن يرددن علي لي دائما: "لا تحاول إرضاءنا بتصميمك، كن على سجيتك. لأننا نريد أن نشعر بإبداعك، وما إن نشعر بلمساتك الإبداعية حتى نتبعك مباشرة". وهذا أعظم دليل على الثقة، وقد أصبح شعاري الخاص. كيف توازن بين الأناقة والعملية في فساتين الزفاف الجاهزة؟ في الأزياء الجاهزة، يُعدّ القياس أمرا بالغ الأهمية، إذ يجب أن يكون الفستان سهل الارتداء على الفور، ويتميز بخياطة مثالية، وأن يكون قابلا لبعض التعديلات البسيطة. وهذا هو التحدي الأكبر في الأزياء الجاهزة. ما الأقمشة والتصاميم التي جذبتك في هذه المجموعة؟ ولماذا؟ تضم المجـمــوعـــــة الكثير من التصاميم المتنوعة، جذبتني الفـساتين الضيقة والمنسدلة مثل فساتين الأميرات، وقدمت الكثير من الأقمشة مثل الكريب المنسدل، والأورجانزا، والساتان الــــدوقي. فـــمن المهم جدا توفــيـــــر التــنـــــوع، فكثيرا ما تكون الشابات المقبلات على الزواج غير متأكدات من خياراتهن، ويحتجن إلى خيارات متنوعة. كيف تصف المرأة التي ترتدي فستان زفاف من تصميم "ستيفان رولان"؟ يصعب وصفها، فأنا أقدم تصاميمي لجميع النساء باختلاف أذواقــهــــن. لكن يجمـــعــهــــن قــــاســـــم واحــــد: حبـــهــــن لأسلوبي والروح التي أضيفها لكل قطعة. أعتقد أن جوهر التألق في كل تصميم يكمن في الروح والتفاصيل التي أضعها فيه، وفي التقدير الثقافي للفنون الذي ينعكس في تفاصيلها أيضا. ما التجربة التي ترغب في أن تخوضها العروس عند ارتداء إحدى قطعك؟ أول ما أرغب في رؤيته هو لمعان عينيها عند ارتداء الفستان. ثم أبحث عن اللمعة ذاتها في عيني الوالدة ثم نظرة العريس لها. فأحرص على إثارة المشاعر وعلى عنصر المفاجأة فيما أقدمه للعروس. هل لديك قطعة مفضلة من هذه المجموعة؟ ليس لدي أي قطع مفضلة، فكل قطعة أبدعها تشبه طفلتي. وبطبعي أحب الفساتين الضيقة الفاتنة كما فساتين السهرة الضخمة، وأستمتع بالتنقل بينهما. مع ذلك، لا أنجذب لفساتين الدانتيل، مع أن الأمر يعتمد على العروس وذوقها؛ وبالإجمال ليس هناك أي قواعد ثابتة عندما يتعلق الأمر بالذوق. لو كان بإمكانك تصميم فستان زفاف لشخصية تاريخية أو معاصرة، فمن ستكون؟ ولماذا؟ هناك الكثير من النساء اللواتي ألهمنني وما زلن يلهمنني حتى اليوم، وكنت أتمنى لو يرتدين من تصاميمي. صممت الكثير من فساتين الزفاف الملكية، وفساتين أخرى لحفلات زفاف أميرية، ومجموعة كبيرة لفعاليات المجتمع الراقي، وكثيرا ما ألتقي بنساء رائعات يتميزن بجمال وأناقة وحضور استثنائي أقدم لهن أجمل التصاميم، وهذا ما يشعرني بامتياز كبير. ما الرسالة أو الشعور الذي تأمل أن تكتسبه كل عروس من ارتداء أحد تصاميمك؟ ربما يكون إضفاء المشاعر هو الأهم. لكنني شخصيا، ليس لديّ رسالة؛ فالعروس هي من تكتب رسالتها باختياراتها الخاصة وتقديم نفسها للرجل الذي سيرافقها طوال حياتها. ما الـــذي يمكن أن نتــوقـعـــه من "ستيفان رولان" في عالم فساتين الزفاف وما بعده؟ سننظم قريبا عرض أزياء زفاف ضخما ومذهلا بالشراكة مع أسبوع برشلونة لأزياء الزفاف، وأعتقد أنه سيكون حدثا مميزا، حيث سنسلط الضوء أيضا على مصممين شباب سيغتنمون هذه الفرصة لعرض أول فساتين زفافهم. فأعتقد أنه سيكون حدثا مميزا في مكان استثنائي. غالبا ما تبحث العرائس العربيات عن إطلالة تكون مزيجا بين التقاليد والأناقة العصرية، ما نصيحتك لهن لاختيار فستان الزفاف المثالي؟ نصيحتي الوحيدة هي أن تحافظ العروس على ثقتها بنفسها وعدم التأثر بغيرها من العرائس على الإطلاق. فأنا شخصيا أعشق الفستان التقليدي. ولقد صممت فساتين زفاف راقية مستوحاة من التقاليد الشرقية، ولا بد لي من الاعتراف بأن هذه بعض فساتيني المفضلة. كيف ترى تأثير الثقافة في تشكيل مستقبل أزياء الزفاف؟ وكيف يُلهم ذلك تصاميمك؟ لطالما أثّر العالم العربي وثقافته على تصاميمي. ولذلك، أعشق الأشكال الرصينة والجرافيكية والمعمارية التي تُضفي لمسة ملكية راقية. كما أن جذور الموضة التقليدية تبين مدى تأثير القفطان والأثواب في صناعة الأزياء الحالية. فثراء الثقافة العربية هو مصدر إلهام لا ينضب.