logo
مثلث التحولات في كوالالمبور

مثلث التحولات في كوالالمبور

تطل العاصمة الماليزية كوالالمبور اليوم على خريطة العالم كمنصة صاعدة لإعادة هندسة العلاقات الآسيوية الخليجية، وسط مشهد دولي يمور بالتحولات والتقلبات. تتقاطع فيها ثلاثة خطوط استراتيجية: تنامي النفوذ الصيني، وتطلع دول الخليج إلى تنويع شراكاتها خارج الغرب، وصعود رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) ككتلة ديناميكية متعددة الثقافات. عند نقطة التماس بين هذه المحاور، تشكّلت قمة الخليج وآسيان – ومعها الصين – لا كمجرد تظاهرة دبلوماسية، بل كصورة مكثّفة لتحول مركب في الجغرافيا السياسية والاقتصادية والثقافية... تحول يتخذ من كوالالمبور رأسًا لمثلث يتوسع بثبات.
البيانات التجارية لعام 2024 ترسم خطوط هذا التحول بدقة: بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين وآسيان 963 مليار دولار أميركي، بينما سجل بين دول الخليج وآسيان 130.7 مليار دولار أميركي، ولامس حجم التجارة بين الصين والخليج 298 مليار دولار أميركي. هذه ليست مجرد أرقام، بل إشارات إلى تشكُّل فضاء اقتصادي مشترك يتجاوز حدود الجغرافيا التقليدية، ويقوم على المصالح المتقاطعة والفرص المتبادلة، خصوصًا في مجالات الرقمنة، وأمن الطاقة، والبنية التحتية.
آسيان، ببنيتها التوافقية ونموذجها التنموي، باتت وجهة استراتيجية للخليج الساعي لتجاوز الاعتماد على عائدات النفط والغاز، نحو مسارات أكثر استدامة. مع توقيع معاهدة الصداقة والتعاون مع آسيان، باتت العواصم الخليجية ترى في كوالالمبور بوابة إلى جنوب جديد يعجّ بالإمكانات والتوازنات.
على المستوى الثقافي، يتيح التفاعل بين الإسلام الملايوي وروح الخليج المنفتحة بناء خطاب حضاري مشترك يراهن على التعليم، والسياحة، والابتكار الثقافي. ليس الأمر تلاقحًا عابرًا، بل بناء لهوية آسيوية إسلامية مرنة، تتجاوز الانقسامات وتعزز الدبلوماسية الشعبية.
أما من حيث العمق السياسي، فإن القمة تمثل تحررًا من نماذج الاستقطاب القديمة. كما أشار المفكر الروسي ألكسندر دوغين، فإن العالم المتعدد الأقطاب يتشكل من مراكز توازن لا من مركز هيمنة. وها هي ماليزيا، بعقلانيتها البراغماتية وروحها التوفيقية، تطرح نموذجًا ثالثًا لا يقع في فخ الانحياز بل يحتضن التعدد.
الخليج، إذ يشارك بفاعلية في هذا المشهد، لا يملك ترف التردد. لم يعد الغرب هو النجم القطبي الوحيد، ولم تعد معادلات الأمس صالحة لغدٍ يتشكل على إيقاع جديد.
اللحظة تفرض الانتقال من شعار التنويع إلى ممارسة التكامل، ومن الهامش إلى القلب.
وهنا، تتجلى كوالالمبور لا كمجرد مدينة مستضيفة، بل كنقطة التقاء استثنائية لثلاث قوى تصوغ معًا ملامح عالم جديد. في هذا المثلث، حيث تتقاطع طرق التجارة، ومفاهيم التنمية، وتيارات الفهم الحضاري، بدأت تحولات القرن تُرسم بهدوء. تحولات لا تُقاس فقط بما سيجرى في القمة، بل بما ستنقله كوالالمبور من معانٍ ورسائل، في طريق لا ينتهي عند البيان الختامي... بل يمتد نحو المستقبل.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ارتفاع صادرات مصر 27.4% خلال الربع الأول من 2025
ارتفاع صادرات مصر 27.4% خلال الربع الأول من 2025

البلاد البحرينية

timeمنذ ساعة واحدة

  • البلاد البحرينية

ارتفاع صادرات مصر 27.4% خلال الربع الأول من 2025

شهدت مصر خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري انفراجة ملحوظة في ملف الميزان التجاري غير النفطي، حيث تراجع العجز التجاري بنسبة 28.3%، ووصل إلى 8.345 مليار دولار، مدعومًا بارتفاع قوي في الصادرات. ووفقًا لوثيقة حكومية نشرتها الشرق، فإن الصادرات السلعية غير النفطية في مصر حققت قفزة كبيرة بنسبة 27.4% خلال الفترة من يناير وحتى أبريل عام 2025، ووصلت إلى 16.753 مليار دولار، مقارنة بنحو 13.146 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي. وتتطلع الحكومة المصرية إلى زيادة إجمالي الصادرات إلى نحو 145 مليار دولار بحلول عام 2030، مع التركيز على الصادرات الصناعية التي تستهدف الوصول بها إلى حوالي 118 مليار دولار، ضمن خطة لتنمية الاقتصاد الوطني. ارتفاع طفيف في الواردات وفي المقابل، سجلت الواردات المصرية ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 1.2% خلال الفترة نفسها، ووصلت إلى 25.098 مليار دولار، مقارنة ب24.792 مليار دولار خلال الفترة نفسها من عام 2024، وهو ما يشير إلى توازن نسبي في حركة التجارة الخارجية. وقد أظهرت البيانات أن إجمالي قيمة تجارة مصر غير البترولية ارتفع بنسبة 10.3%، ووصل إلى 41.851 مليار دولار، خلال الفترة من يناير وحتى أبريل 2025، مقارنة ب37.938 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. التأثيرات الإقليمية وتحديات قناة السويس في سياق متصل، لا تزال تدفقات النقد الأجنبي تواجه ضغوطاً، خاصة مع تراجع إيرادات قناة السويس نتيجة الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة، وتحديداً هجمات الحوثيين على الملاحة في البحر الأحمر. وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد صرح في ديسمبر الماضي أن القناة خسرت ما لا يقل عن 7 مليارات دولار من إيراداتها خلال 2024، في حين كشف الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، خلال احتفالية "يوم التفوق" في أبريل، عن انخفاض إيرادات القناة بنسبة 61% خلال العام الماضي، لتبلغ 3.991 مليار دولار فقط، مقارنة بـ10.25 مليار دولار في 2023. ورغم النمو الملحوظ في الصادرات، لا تزال مساهمتها في الاقتصاد المصري محدودة نسبياً، إذ أشار وزير الاستثمار والتجارة الخارجية حسن الخطيب، خلال مؤتمر صحفي في يناير الماضي، إلى أن الصادرات تمثل حوالي 10% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، وهي من أدنى النسب على مستوى العالم، في حين تشكل الواردات حوالي 20% من الناتج المحلي، وهي نسبة وصفها بأنها "ليست مرتفعة بشكل مقلق". وأكد الخطيب أن الحكومة تستهدف رفع مساهمة الصادرات إلى ما بين 20% و30% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات المقبلة، ضمن خطة متكاملة لتحسين تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق العالمية. دعم القطاع التصديري في مصر وقد كشفت الحكومة المصرية عن توجهها نحو ربط برامج دعم الصادرات بتحقيق زيادة تدريجية سنوية بنسبة 5% في المكون المحلي ضمن النظام الجديد لدعم الصادرات، مع الحفاظ على الحد الأدنى الحالي للمكون المحلي عند 35%. كما تخصص الدولة نحو 45 مليار جنيه لبرنامج رد أعباء الصادرات، بواقع 38 مليار جنيه موجهة بشكل مباشر للقطاعات المستهدفة، و7 مليارات جنيه تخصص بشكل مرن وفقاً لأولويات استراتيجية محددة، بحسب ما أعلنه وزير الاستثمار والتجارة الخارجية خلال اجتماع مجلس الوزراء. تم نشر هذا المقال على موقع

ترامب يهدد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم 50% على كل السلع
ترامب يهدد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم 50% على كل السلع

البلاد البحرينية

timeمنذ ساعة واحدة

  • البلاد البحرينية

ترامب يهدد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم 50% على كل السلع

في خطوة تصعيدية قد تهز الأسواق العالمية مرة أخرى، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة تصل إلى 50% على السلع الأوروبية اعتبارًا من يونيو المقبل إذا لم تتوصل واشنطن والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق حول الرسوم. واتهم ترامب في منشوراته على منصته "تروث سوشيال" أمس الجمعة، الاتحاد الأوروبي باتباع سياسات تجارية مجحفة تجاه الولايات المتحدة، وقال: "الاتحاد الأوروبي تأسس للاستفادة من الولايات المتحدة في التجارة، والتعامل معه صعب للغاية". وأضاف أن الاتحاد الأوروبي يفرض حواجز تجارية قوية، وضرائب قيمة مضافة وعقوبات غير عادلة على الشركات الأمريكية، إلى جانب القيود غير النقدية، والتلاعبات النقدية والدعاوى القضائية الظالمة ضد الشركات الأمريكية. تأثير فوري لقرارات ترامب على الأسواق وقد أشعلت تهديدات ترامب حالة القلق في الأسواق العالمية، حيث تراجعت العقود الآجلة لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 1.1%، وهبطت العقود الآجلة لمؤشر "ناسداك 100" بنسبة 1.3% صباح الجمعة، بعد دقائق فقط من إعلان ترمب عزمه فرض رسوم إضافية لا تقل عن 25% على شركة "أبل" إذا لم تقم بتصنيع هواتف "آيفون" داخل الولايات المتحدة. وجاء تصعيد ترامب في وقت حساس، حيث عرض الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع مقترحًا تجاريًا جديدًا على الولايات المتحدة لاستئناف المحادثات، وتضمن العرض بنودًا تأخذ في الحسبان المصالح الأمريكي، مثل الأمن الاقتصادي، والمعايير البيئية، وخفض الرسوم تدريجيًا إلى الصفر على المنتجات الزراعية والسلع الصناعية. وقد شمل العرض الأوروبي مجالات تعاون استراتيجية منها المشتريات المشتركة في قطاعات الطاقة والذكاء الاصطناعي، والتقنيات الرقمية وغيرها، إلا أن واشنطن لم تبد حماسًا لعرض الأوروبي، ووصف وزير التجارة الأمريكية هاوارد لوتنيك المفاوضات مع أوروبا بأنها "صعبة للغاية". رسوم انتقامية محتملة ولم يقف الاتحاد الأوروبي مكتوف الأيدي أمام هذه الرسوم الأمريكية، بل بدأ التحضير لإجراءات انتقامية محتملة، حيث أعدت بروكسل خطة لفرض رسوم جمركية إضافية على الصادرات الأمريكية تصل قيمتها إلى 95 مليار يورو، أي ما يعادل 107 مليارات دولار، وذلك في حال تنفيذ ترامب تهديداته بفرض رسوم بنسبة 50% على السلع الأوروبية. وفي خضم هذه الأجواء المتوترة، أكد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت في تصريحات لشبكة "فوكس نيوز" أن ترامب يعتبر مقترحات الاتحاد الأوروبي التجارية "ليست جيدة بما يكفي مقارنة بعروض دول أخرى"، مشيراً إلى أن العديد من دول آسيا قدمت عروضاً تجارية "جيدة للغاية". عودة الأزمة بعد هدنة قصيرة وجاءت هذه التوترات الاقتصادية بعد هدنة مؤقتة بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، حيث وافق الاتحاد الأوروبي في مايو على تأجيل تطبيق مجموعة من الرسوم الانتقامية ضد واشنطن لمدة 90 يومًا، وذلك ردًا على رسوم بنسبة 25% فرضها ترامب على صادرات الصلب والألمونيوم الأوروبية. وسبق أن خفض ترامب الرسوم التبادلية المفروضة على صادرات الاتحاد الأوروبي من 20% إلى 10% لفترة مؤقتة. تم نشر هذا المقال على موقع

ترامب يلوح بفرض رسوم جمركية 25% على شركات الهواتف الذكية
ترامب يلوح بفرض رسوم جمركية 25% على شركات الهواتف الذكية

البلاد البحرينية

timeمنذ ساعة واحدة

  • البلاد البحرينية

ترامب يلوح بفرض رسوم جمركية 25% على شركات الهواتف الذكية

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن تهديده بفرض رسوم جمركية 25% على الهواتف الذكية المصنعة خارج الولايات المتحدة لن تكون حكرًا على شركة آبل فحسب، بل ستطال تلك اجلماكر جميع الشركات المنتجة لهذا النوع من الأجهزة، بما في ذلك العملاق الكوري الجنوبي سامسونغ. وقال ترامب أمام الصحفيين في العاصمة واشنطن أن قرار الرسوم بنسبة 25% ستطال الجميع، وأكد أنه لا يمكن استهداف شركة واحدة دون البقية، وإلا سيكون ذلك غير عادل، وأوضح أن التعريفات الجديدة ستدخل حيز التنفيذ بداية من نهاية يونيو القادم. تصعيد متجدد للرسوم الجمركية ولم يقتصر إعلان ترامب على رسوم الهواتف الذكية فحسب، بل ذهب أبعد من ذلك، ودعى إلى فرض المزيد من الرسوم الجمركية على سلع الاتحاد الأوروبي بنسبة 50% اعتبارًا من الأول من يونيو. وجاء هذا الموقف العدائي ضد الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد غضبه من مسار المفاوضات مع أوروبا، واصفًا إياها بالبطيئة وغير المجدية، وقال: "الاتحاد الأوروبي لا يعاملنا بعدالة، ونحن غير قادرين على بيع سياراتنا لهم. لقد حان الوقت لنلعب اللعبة على طريقتي". وأضاف ترامب في تصريحات لاحقة أنه لا يتوقع التوصل إلى أي اتفاق مع الأوروبيين قبل حلول يونيو القادم، وأكد أن الرسوم الجمركية ستفرض إذا لم تقم الشركات الأوروبية ببناء مصانعها داخل الولايات المتحدة، وقال: "الاتفاق محدد سلفًا.. رسوم 50%. وإذا لم يبنوا مصانعهم هنا فسيدفعون الثمن". وفي المقابل، التزمت المفوضية الأوروبية الصمت إزاء التهديدات التي قالها ترامب، واكتفت بالإشارة إلى انتظار نتائج الاتصال الهاتفي المرتقب بين المفوض التجاري الأوروبي مارسو سيفكوفيتش ونظيره الأمريكي جيميسيون غرير، المقرر إجراؤه يوم الجمعة. التصعيد الأمريكي أثار مخاوف الأسواق العالمية، حيث حذر العديد من الخبراء من أن فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على السلع الأوروبية سيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار المستهلكين الأمريكيين، وسيطال هذا الارتفاع مختلف المنتجات، بدءًا من السيارات الألمانية إلى زيت الزيتون الإيطالي، وحتى الأجهزة المنزلية الأوروبية. أرقام التبادل التجاري تُظهر بيانات الاتحاد الأوروبي أن حجم صادراته إلى الولايات المتحدة بلغ العام الماضي نحو 500 مليار يورو، أي ما يعادل 566 مليار دولار، وتصدرت ألمانيا القائمة بإجمالي صادرات بلغ 161 مليار يورو، تليها أيرلندا بـ72 مليار يورو، وإيطاليا بـ65 مليار يورو. وتشمل قائمة الصادرات الأوروبية إلى السوق الأميركية أدوية، سيارات، قطع غيار سيارات، مواد كيميائية، طائرات، وغيرها من المنتجات الصناعية والزراعية التي تشكل عصب العلاقة التجارية بين الطرفين. تم نشر هذا المقال على موقع

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store