logo
آلاف الحريديم يغلقون طرقاً رئيسية وسط وشمال إسرائيل بسبب أزمة التجنيد

آلاف الحريديم يغلقون طرقاً رئيسية وسط وشمال إسرائيل بسبب أزمة التجنيد

العربي الجديدمنذ 6 ساعات
تظاهر آلاف الأشخاص من اليهود المتدينين "الحريديم"، مساء الأربعاء، وأغلقوا بشكل متزامن طرقاً رئيسية وسط وشمال
إسرائيل
، احتجاجاً على اعتقال متخلفين عن التجنيد من أبناء الطائفة، وفق إعلام عبري. يأتي ذلك بينما يعاني الجيش الإسرائيلي نقصاً حاداً في الجنود ويواجه معظم أفراد الاحتياط فيه صعوبات نفسية واكتئاباً، جراء ظروف الحرب في قطاع غزة. ويواصل "الحريديم" احتجاجاتهم ضد الخدمة بالجيش، عقب قرار المحكمة العليا الإسرائيلية في 25 يونيو/ حزيران 2024، إلزامهم بالتجنيد، ومنع تقديم مساعدات مالية للمؤسسات الدينية التي يرفض طلابها الخدمة العسكرية.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، إن الحريديم قاموا في خطوة غير مألوفة بإغلاق منسق للطريق السريع "2" عند مفترق نتانيا، والطريق السريع "4" عند مفترق هشارون، والطريق السريع "6" عند مفترق مستوطنة نيتساني عوز"، وجميعها وسط.
فيما أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت بإغلاق الحريديم مفترق "باقة جت" في الشمال. وأضافت أنهم نظموا مظاهرة أيضاً قرب قاعدة "بيت ليد" العسكرية جنوبي إسرائيل، وأغلقوا شارع جابوتنسكي بالكامل في مدينة بني براك قرب تل أبيب (وسط). وجاءت مظاهرات الحريديم احتجاجاً على اعتقال متخلفين عن التجنيد من أبناء الطائفة، وفق المصدر ذاته.
رصد
التحديثات الحية
حواجز وتدقيق في المطار لاعتقال الحريديم المتهرّبين من التجنيد
من جانبها، قالت الشرطة الإسرائيلية في بيان إن عناصرها "موجودون على الطرق السريعة 2 و4 و6 من أجل توجيه حركة المرور إلى طرق بديلة وتفريق الحشود". وخلال الأيام الأخيرة الماضية، اعتقلت أجهزة الأمن الإسرائيلية عدداً من طلاب المدارس الدينية المتخلفين من التجنيد، وهم من الحريديم، من دون ذكر أرقام رسمية. وبحسب "يديعوت أحرونوت"، أعلنت الصحف الحريدية أن غداً الخميس سيكون يوماً للاحتجاج و"تعطيل العمل"، احتجاجاً على ما سمته "اضطهاد عالم التوراة"، في إشارة إلى الحريديم.
وأمس الثلاثاء، تظاهر مئات من "الحريديم" ضد التجنيد الإجباري في الجيش الإسرائيلي، وأغلقوا طريقاً رئيسياً في مدينة شرق تل أبيب. والاثنين، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن "النقص في الجنود الذي يقدّر بنحو 10 - 12 ألفاً، وعدم التحاق الحريديم يدفع الجيش إلى محاولة استنفاد كل الخيارات الأخرى لإعادة ملء صفوفه".
ويشكل الحريديم نحو 13 بالمائة من سكان إسرائيل البالغ عددهم 10 ملايين نسمة، ويرفض هؤلاء الخدمة العسكرية بدعوى تكريس حياتهم لدراسة التوراة، وأن الاندماج في المجتمع العلماني يهدد هويتهم الدينية. وعلى مدى عقود، تفادى "الحريديم" التجنيد عند بلوغهم سن 18 عاماً، عبر الحصول على تأجيلات متكررة بحجة الدراسة في المعاهد الدينية، حتى بلوغهم سن الإعفاء من الخدمة، البالغ حاليا 26 عاماً. وتعارض أحزاب في الائتلاف الحاكم والمعارضة وقطاعات شعبية توجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، نحو سن قانون لإعفاء هذه الفئة من الخدمة العسكرية، معتبرين أنها سياسة تمييزية.
وبوتيرة شبه يومية، تعلن فصائل فلسطينية في غزة أبرزها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، عمليات موثقة بالصورة والصوت قتلت وأصابت خلالها عسكريين إسرائيليين خلال المعارك البرية المندلعة في القطاع منذ 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
(الأناضول)

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مصر وتركيا وخطّة احتلال غزّة... الإدانات والمناشدات لا تكفي
مصر وتركيا وخطّة احتلال غزّة... الإدانات والمناشدات لا تكفي

العربي الجديد

timeمنذ 25 دقائق

  • العربي الجديد

مصر وتركيا وخطّة احتلال غزّة... الإدانات والمناشدات لا تكفي

خلال العامَين الماضيَين، وطوال حرب الإبادة التي شنّتها إسرائيل على غزّة، وطاولت رحاها لبنان واليمن وسورية وإيران بشكل مباشر، وتجاوزت تبعاتها ذلك بكثير، برز تفاعلان عالمي واسع، وإقليمي كثيف الحركة، كانا قليلي الإنجاز، ضجيجاً بلا طحين. وتكثّف تواصل كلٍّ من مصر وتركيا، ثنائياً وجماعياً، كالقمم العربية الإسلامية والمجموعة المصغّرة التي انبثقت منها، وضمّت وزراء خارجية خمس دول من بينها مصر وتركيا بالإضافة إلى قطر والأردن وإندونيسيا والسعودية. ولطالما جدّد الرؤساء والوزراء من ممثّلي المجموعة، عبر عشرات الاجتماعات، مطالبتهم بأهمية اتخاذ المجتمع الدولي الإجراءات الفاعلة كافّة لضمان تأمين الممرّات الإغاثية لإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى قطاع غزّة، مؤكّدين رفضهم القاطع لكلّ أشكال الاستيطان السافر والتهجير القسري للشعب الفلسطيني، وذلك منذ اجتماعاتهم الأولى ولقاءاتهم ممثّلي المجتمع الدولي في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وحتى قادة أميركا، والدول الكبرى التي زاروها ضمن مهامّهم، لكن ماذا كانت النتيجة ونحن أمام خطّة عملية لاحتلال غزّة تضرب بعرض الحائط كلّ المساعي الدبلوماسية العربية والإسلامية؟ مع اختلافاتٍ ليست هينة في التفاصيل، تقدّر بعض الأجهزة السيادية في كلٍّ من مصر وتركيا بأن إسرائيل عدوّ حالي ومحتمل. ومع ذلك، أيّ إجراءات واقعية لمجابهة هذا العدو والتقليل من خطورته لم تتّخذ بالفعل، صحيحٌ أن النظام التركي بكلّ مستوياته يتّخذ موقفاً أكثر حدّية (وإنْ على المستوى اللفظي) من الكيان الصهيوني، ويصف حركة حماس والفصائل الفلسطينية بأنها حركة تحرّر وطني، ويرفض تسميتها بالحركات الإرهابية، لكنّ الأمر لا يتجاوز هذا كثيراً، وهذا تقصير في الرؤية الاستراتيجية، إذا كنت تتّخذ إسرائيل عدوّاً أو تراها عدوّاً محتملاً، خصوصاً بعد تدميرها القدرات الدفاعية السورية بالكامل عشيّة هروب نظام بشّار وانهياره. الأمر نفسه في مصر، ولكن على استحياء، إذ تذكّرت بعض القيادات الأمنية والعسكرية والسياسية أن إسرائيل عدوّ، وأن الهدف التالي بعد غزّة ودمشق وطهران هو القاهرة، لكن من دون جدّية في التعامل مع تقديرٍ كهذا، ومن دون أن يبدو أن هناك توجّهاً رسمياً حقيقياً ومؤسّسياً يعطي هذه الرؤية مصداقية. تتيح اللحظة الراهنة بناء تحالف عالمي واسع ضدّ السياسات الإسرائيلية في لقائه وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أخيراً، خرج الرئيس المصري، عبد الفتّاح السيسي، بتأكيد رفضه إعادة الاحتلال العسكري لقطاع غزّة، وبالتشديد على رفض تهجير الفلسطينيين، باعتبارهما ضمن موقف مشترك للدولتَين. وتأكيد (والتشديد على) هذا موقف شفوي جيّد، لكن المواقف الشفوية المُعلَنة تتطلّب أن يصدقها ما بعدها، وربّما ما قبلها. وإذا نظرنا إلى ما قبل هذا الموقف الشفوي، والكلام الذي يلوكه الدبلوماسيون، فإننا إزاء قوَّتَين إقليميتَين شديدتي الأهمية في العلاقات الدولية تاريخياً، وشعبَين يرفضان في غالبيتهما الساحقة الاحتلال، بل وجود إسرائيل نفسه، لكنّ السياسات لا تترجم هذا واقعاً، فواحدة من الدولتَين (تركيا) لا تزال رغم إعلان قطع العلاقات التجارية تصدّر بترول أذربيجان عبر أراضيها لإسرائيل، وتشتري الثانية (مصر) غاز إسرائيل المسروق فعلياً من حقول مصرية أو فلسطينية في صفقات تاريخية، وصفعات متتالية للشعوب العربية والإسلامية والقضية الفلسطينية، وما خفي كان أعظم مع شديد الأسف! قد يقول قائل وماذا تمتلك تركيا عضوة حلف شمالي الأطلسي (ناتو)، المنكوبة اقتصادياً بعيد كورونا والزلزال وغيرهما، ومصر المرتهنة للغرب الأميركي، والمثقلة بالديون، لتفعلاه لتنفيذ مطالبهما وتأكيداتهما الشفوية؟... تعالوا بنا نستكشف ما الذي يمكن أن تفعلاه عملياً، حتى يأخذهما العالم على محمل الجدّية. كان يمكن للدولتين أن تتوقّفا فوراً عن أيّ تعاون اقتصادي وتجاري مع الكيان، بل أن تفرضا حصاراً اقتصادياً كبيراً على إسرائيل، فقد فعل الحوثيون ما لم تفعلاه، ولا يقلّلن أحد من هذا الحصار الاقتصادي، فقد كان سبباً مباشراً في انهيار نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وإذا كانت تركيا قد وعدت بقطع العلاقات التجارية مع إسرائيل فلتفعل هي ومصر ذلك الآن وليس غداً، ولديهما الحقّ كلّه في ذلك، باعتبار إسرائيل كياناً معادياً لجميع محيطه وللعالم والإنسانية. فإذا لم تفعلا فنحن ببساطة شديدة أمام أنظمة تقدّم مصلحتها الذاتية في الاستقرار والبقاء، واعتمادها شبه المطلق على القوى الخارجية، وترى هزيمةً للأمّة تصبّ في صالح سردية الاستسلام وإخضاع الشعوب، أهون عليها، وأخفّ ضرراً لها، من أيّ انتصار للأمّة، وبالتالي فلا يجب أن تصدعنا بضجيج بلا طحين، وعليها أن تفسح الطريق لقوى أخرى ترى الأمور بموازينها الصحيحة. كان يمكن لمصر وتركيا أن تتوقّفا فوراً عن أيّ تعاون اقتصادي وتجاري مع الكيان، بل أن تفرضا حصاراً اقتصادياً كبيراً على إسرائيل يمكن للدولتين فرض إدخال المساعدات أمراً واقعاً بدلاً من استجداء إسرائيل والمجتمع الدولي لتحمّل مسؤولياتهما وإدخال المساعدات، وما لا يمكن إدخاله فوق الأرض كان يدخل من تحتها في فترات سابقة، كما أن أفكاراً خارج الصناديق يمكن أن تفعّل إذا أخلصت النيّات، فمصر الدولة الوحيدة التي تمتلك حدوداً برّية مع قطاع غزّة، وانتهكت إسرائيل الاتفاقات والبروتوكولات المنظّمة للحدود والمعابر بين غزّة ومصر، وكانت تعدّ حدوداً مصرية فلسطينية خالصة حتى وقت قريب، عندما فرضت إسرائيل احتلالها محور فيلادلفي أمراً واقعاً من دون أن تعترض مصر رسميا لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، باعتبار أن هذا تهديد حقيقي للاتفاقات والترتيبات القائمة، وهو تهديد خطير للأمن والسلم الدوليَّين والإقليميَّين بطبيعة الحال، وبالطبع فأيّ حديث عن وقف التهجير من دون فرض إدخال المساعدات هو عبث محض. تستطيع الدولتان الانضمام لدعوى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، وقد أعلنتا استعدادهما للانضمام إليها أكثر من مرّة ولم تفعلا، بل تستطيعان رفع دعاوىً جديدة، والسعي إلى انضمام الدول العربية والإسلامية، وغير الإسلامية، كافّة، إلى هذه الدعوى، ما يشكّل ضغطاً شديداً على الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرّفاً في تاريخ الكيان، وبالاستناد إلى الزخم العالمي الشعبي والرسمي يمكن لهذا أن يشكّل ضغطاً هائلاً على الحكومات لكي تتّخذ موقفاً أكثر تشدّداً من إسرائيل، لا يقف عند حدود الابتزاز التاريخي القائم على تخلّي المقاومة عن سلاحها مقابل الاعتراف بدولة فلسطينية منزوعة السلاح، أو سيطرة عربية مزعومة على غزّة لتحويلها ضفّةً جديدة تعمل فيها قوات عربية لحماية الاحتلال من المقاومة الشرعية له. تستطيعان كذلك الانضمام إلى مجموعة لاهاي، وتستطيعان خلق تحالف دولي واسع يجمع كلّ المناهضين للسياسات الإسرائيلية عبر العالم، وأن تستخدما سفاراتهما حول العالم لتجميع كلّ جهد ممكن في مواجهة هذا الكيان وادّعاءاته، ودعم كلّ مناهضيه وهم كثر، ويزدادون من شوارع سيدني وبلجيكا وبرلمانات أيرلندا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي، وهذا كلّه يحتاج جهداً تشبيكياً صادقاً لإحداث أثر هائل يحجّم الادّعاءات بمعاداة السامية التي تستند إلى شبكات مصالح قوية عبر العالم بُنيت عبر قرنين، وليست هناك لحظة تاريخية أفضل من هذه لمناهضتها وفرض الدولة الفلسطينية، بل وتقويض كلّ ادعاءات إسرائيل، وذلك كلّه يعزّز سيادة واستقلال واستقرار النظامين في الوقت نفسه.

الجهل عدوّ الكرامة
الجهل عدوّ الكرامة

العربي الجديد

timeمنذ 25 دقائق

  • العربي الجديد

الجهل عدوّ الكرامة

يلحّ على كُثرٍ، ومنهم صاحب هذه السطور، سؤال الانكفاء العربيّ عن مأساة غزّة، شعوباً ونظماً وحكومات وهيئات اجتماعية ونقابات وغالبية مفكّرين ومثقّفين، باستثناء قلّة من هؤلاء قياساً بحجم أمّة عربية وإسلامية هائلة تعداداً. ولتهدئة نفوسنا حيال هذا المشهد المهين والمملوء خذلاناً وانعدام إحساس بالكرامة العربية والإسلامية والمسيحية والإنسانية المنتهكة، نحاول أن نجد أعذاراً ومبرّرات للانكفاء والخمول والتهاون، لدى الشعوب أولاً وبخاصّة، فنظنّ بحسن نيّة أنّ القمع والعَوز وهمّ تحصيل العيش هي أسباب مخفِّفة ربّما، إلّا أنّنا لا نقتنع تماماً بمبرّرات كهذه، ولا نراها كافيةً للإقفال على السؤال. وأيّ من تلك الافتراضات لا يوفّر إجابةً مقنعةً، فالقمع يمكن تجاوزه والتصدّي له بحجم الاحتجاج الشعبي الضخم الذي يُحرج السلطات وأجهزتها العسكرية والأمنية، ويشلّ فعلها. تستحقّ مأساة غزّة (وفلسطين) تظاهرات مليونية في مصر (في أول القائمة) وسورية (رغم انهماكها بصراعاتها ومجازرها الطائفية) والعراق (رغم تناقضاته الكثيرة وانقساماته الطائفية والإثنية) والأردن (رغم موقعه الصعب وواقعه الحرج) ولبنان (الغارق أيضاً في تناقضاته وانقساماته)، ولو هبّت هذه الشعوب هبّة رجل واحد لزلزلت الأرض تحت أقدام كيان الإبادة، ولشعر نتنياهو وعصابته المتوحّشة وجمهوره الدموي بتردّدات الزلزال تحت أقدامهم، ولأُرغم على وقف مقتلته الفريدة بوحشيتها في التاريخ. هذا عذرٌ أوّل يسقط. أمّا عذر الجوع ولقمة العيش، فلا أحد يُحمّل نفساً وِزراً أثقل من طاقتها على الاحتمال، إذ يكفي الفقراء في مجتمعاتنا العربية (وهم الأكثرية الساحقة) أن يخرجوا بعد صلاة الجمعة من مساجدهم إلى الشارع ويشكّلوا لساعات قليلة جمهوراً مليونياً يُطلق عالياً صراخ الاحتجاج من أجل غزّة. هل هذا كثير؟ وهل يسلب تحصيل لقمة العيش وقتاً طويلاً؟ بالتأكيد لا، فالمشكلة على ما يبدو هي في مكان آخر عنوانه الجهل. أقصد بالجهل (سبباً للانكفاء) عدم المعرفة الكافية والضرورية بالعدوّ، وقد سبق لزميلنا رئيس تحرير "العربي الجديد"، معن البياري، أن أفاض في مقالته " في تذكُّر اعرف عدوّك " (2/6/2025) في شرح المعرفة والضرورة، مكرّراً الدعوة إلى معرفة العدوّ، وإلى اكتشاف "إسرائيل" التي لا نعرفها، واكتشاف "جهلنا الطويل بها"، وفق تعبيره، وإلى التعريف بتاريخ القضية الفلسطينية ومساراتها ضمن مناهج التدريس العربية. والدعوة هذه فيها كثير من الحقيقة والنباهة، ووضع الإصبع على جرح الجهل الذي تشكو منه مجتمعاتنا، وعدم معرفة الخطر الذي تمثّله الصهيونية في أرض فلسطين وأرضنا العربية وفي العالم كلّه. أليس جهلاً عدم التنبّه إلى أن الخطر الصهيونيّ مقبل نحو الشعوب والأوطان العربية كافّةً بعد فلسطين؟ أليس جهلاً الاستخفاف بخطر الكيان الإسرائيليّ المحتلّ لأرض عربية على المسلمين والمسيحيين تحت راية اليهودية، المعادية بعمقها اللاهوتي والعَقَدي لباقي الأديان؟ أليس جهلاً الدخول مع عدوّ مجرم وطامع في شراكات اقتصادية أو تطبيعية أو إبراهيمية، وهو طرفٌ خبيثٌ لعينٌ غير مأمون الجانب الآن ومستقبلاً؟ أليس جهلاً ترك غزّة المنكوبة والمتألمة والمذبوحة لمصيرها، وعدم التحرّك لنصرتها التي هي نصرة للذات وللدين وللانتماء إلى الأمّة ذات المصير والإيمان المشتركَين؟... إن لم يكن هذا جهلاً من النظم والحكومات العربية والإسلامية، وفئات شعبية واسعة، فهو تواطؤ وخيانة واستسلام أحمق لعدو فاجر سيجتاح في يوم قريب العروش والكراسي وثروات الأرض، ولأمّة الإسلام بعد ذلك بئس المصير! إن بقيت على خذلانها وتفرّجها على المأساة وانعدام شعورها بالكرامة. تكونُ أمّة جاهلة في هذه الحال، والجهل عدوّ الكرامة.

قضاء غير مؤهّل يتصدّر مشهد العدالة في سورية
قضاء غير مؤهّل يتصدّر مشهد العدالة في سورية

العربي الجديد

timeمنذ 25 دقائق

  • العربي الجديد

قضاء غير مؤهّل يتصدّر مشهد العدالة في سورية

في خطوةٍ أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية والسياسية، وبين المتّهمين بمسار العدالة الانتقالية في سورية، أصدرا، وزارة العدل السورية والنائب العام للجمهورية، بيانَين منفصلَين يعلنان فيهما بدء دراسة ملفّات الموقوفين المتّهمين بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في سورية، وبدء محاكمة عدة موقوفين، منهم عاطف نجيب، وأحمد بدر حسّون، ومحمّد الشّعار، وإبراهيم الحويجة. ورغم ما يحمله هذا الإعلان من دلالة على وجود إرادة (وإنْ متأخّرة) لمحاسبة بعض المسؤولين عن الجرائم الجسيمة، إلا أن هذه الخطوة تثير جملةً من الإشكالات القانونية والسياسية التي لا يمكن إغفالها، أبرزها خرق واضح للإعلان الدستوري المؤقّت، وتعدٍّ خطير على صلاحيات الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية. في 13 مارس/ آذار 2025، صدر الإعلان الدستوري المؤقّت ليكون الإطار القانوني الناظم للمرحلة الانتقالية في سورية، ونصّت المادة 49 منه على أن اختصاص العدالة الانتقالية هو اختصاص حصري للهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية. هذه الهيئة التي شُكِّلت بموجب مرسوم جمهوري في 17 مايو/ أيار 2025، بوصفها هيئةً مستقلّةً عن جميع السلطات، بما فيها السلطة القضائية. وقد مُنحت صلاحياتٍ واضحة تشمل النظر في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتحديد آليات المحاسبة والمصالحة الوطنية، وكشف الحقيقة، وإصلاح مؤسّسات الدولة، وفي مقدّمها الجهاز القضائي. غير أن إعلان وزارة العدل والنائب العام البدء بدراسة ملفّات المتّهمين من دون إشراف مباشر أو تنسيق مسبق مع الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية يشكّل مخالفةً دستوريةً صريحة. ويمثّل هذا التجاوز تقويضاً لروح الإعلان الدستوري، وتحويلاً للمسار الانتقالي من مشروع قانوني إلى مسرح سياسي يخضع لتوازنات لحظية وأجندات آنية. المفارقة المحزنة أنّ المحاكمات المشار إليها ستُجرى في إطار القضاء السوري القائم حالياً، وهو قضاء يُعاني من ترهّل بنيوي وفساد مزمن، وعدم استقلالية، بل إن مكوّناتٍ كثيرة منه متورّطة إمّا بصمت أو مشاركة في انتهاكات سابقة. توكيل هذا القضاء لمحاسبة شخصيات ذات نفوذ سابق، من دون إصلاح شامل للجهاز القضائي، يُعدّ بمثابة إضفاء شرعية شكلية على منظومة فاقدة للثقة. فالعدالة الانتقالية لا تُبنى إلا من خلال مؤسّسات جديدة تمتلك الأهلية القانونية والأخلاقية لتفعيل مبادئها. أمّا تكليف المؤسّسات القديمة، التي كانت جزءاً من المشكلة، بأدوار المحاسبة، فهو كمن يعهد للجلّاد بالتحقيق في سجلّه الإجرامي. لا يمكن للمحاسبة أن تتحقّق ما لم تتوافر شروط بنيوية، منها تعديل قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية معلومٌ أن القانون السوري الحالي لا يشمل نصوصاً قانونيةً تُعرِّف الجرائم الدولية الخطيرة وتجرّمها، مثل جرائم الحرب، والجرائم ضدّ الإنسانية، أو الإبادة الجماعية، كما وردت في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، بل لا يتضمّن قانون العقوبات السوري أيّ صياغة دقيقة لهذه الجرائم، ولا يوفّر عقوبات متناسبة معها، ولا يُراعي طبيعتها المنهجية أو الجماعية. وبالتالي، فإن إجراء أيّ محاكمة لمرتكبي هذه الجرائم من دون إجراء تعديل تشريعي شامل، يُدخل هذه الجرائم في المنظومة القانونية السورية، يعني أننا أمام محاكمات فارغة المضمون قانونياً. هذا الخلل لا يُعرّض نتائج المحاكمات للبطلان فحسب، بل يُكرّس ثقافة الإفلات من العقاب، ويضع الضحايا مجدّداً أمام واقع قانوني لا يعترف بحقوقهم، ولا يمنحهم أدوات إنصاف فعّالة. ما يجعل العدالة الانتقالية ممكنةً وفعّالةً استقلاليتها ومصداقيتها، لا سيّما لدى الضحايا والمجتمع المدني. والهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية يفترض أنها تجسيد قانوني لهذه الاستقلالية، وهي الجهة التي وُجِدت لتقود العملية بما يضمن الحياد والموضوعية وعدم التوظيف السياسي أو الانتقائي للمحاسبة. أمّا أن تتجاوز السلطة هذه الهيئة، وتباشر الإجراءات الحسّاسة بشكل منفرد، فذلك يُرسّخ رسالة سلبية مؤدّاها أن العدالة ليست هدفاً، بل أداةً. هذه الرسالة لا تهدّد شرعية الهيئة فحسب، بل تُجهض مشروع العدالة من أساسه، وتُساهم في تعميق الفجوة بين المجتمع والسلطة، وخصوصاً الضحايا الذين يحتاجون إلى مسار شفّاف يُنصفهم، لا يُهمّشهم. من دون مؤسّسات جديدة ونصوص قانونية واضحة أيُّ محاسبة في سورية ستكون مبتورة وحتى في حال توافرت النيات الصادقة، لا يمكن للمحاسبة أن تتحقّق ما لم تتوافر شروط بنيوية، منها تعديل قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية لإدراج نصوص خاصّة بالجرائم الدولية؛ إنشاء غرف قضائية ونيابات تتبع للهيئة الوطنية؛ تدريب وتأهيل الكوادر القضائية على المعايير الدولية للمحاكمات؛ إشراك منظّمات حقوق الإنسان، وجمعيات الضحايا، والمبادرات المدنية لضمان الشفافية والتكامل. من دون هذه الشروط، فإن أيّ محاسبة ستكون مبتورةً، غير مؤهّلة لتحقيق النتائج المرجوة، بل قد تُستخدم لتصفية حسابات سياسية أو لإنتاج براءة مصطنعة لمرتكبي الجرائم. قد تبدو تصريحات وزارة العدل والنائب العام، من حيث الشكل، بداية تحريك للملفّ، لكنّها من حيث المضمون تشكّل تحدّياً حقيقياً لجوهر العدالة الانتقالية. هذه العدالة لا تقوم على مؤسّسات فاقدة للمصداقية، ولا تُحقَّق عبر إجراءات مفاجئة تُقصي الهيئة المختصّة بالعدالة الانتقالية، بل تحتاج إلى مسار طويل الأمد يقوم على القانون، والثقة، والمساءلة الشفافة. وإن استمرّت التدخّلات غير الدستورية، وتهميش الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، وتوظيف مؤسّسات غير مُؤهَّلة، فإن العدالة ستكون عنواناً بلا أيّ مضمون، وسيُنسى الضحايا، وسيدور البلد في الحلقة نفسها من العنف والإفلات من العقاب... تتطلّب المرحلة الانتقالية محاكم جديدةً وقضاةً مؤهّلين، ونصوصاً قانونيةً مستحدثةً، وإرادةً سياسيةً صادقة. العدالة ليست ترفاً، بل حجر أساس في بناء وطن جديد يستند إلى قيم الكرامة والمساءلة والمصالحة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store