logo
رحيل أيقونة الجاز والسينما نيكول كرواسي عن 88 عاماً

رحيل أيقونة الجاز والسينما نيكول كرواسي عن 88 عاماً

عكاظمنذ 4 أيام

/*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/
.articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;}
.articleImage .ratio div{ position:relative;}
.articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;}
.articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;}
غيّب الموت اليوم (الأربعاء) الفنانة الفرنسية نيكول كرواسي، المطربة والممثلة وراقصة الباليه، عن عمر 88 عاماً، حسب صحيفة لوموند الفرنسية.
اشتهرت كرواسي بأدائها الأيقوني لأغنية «دا با دا با دا» في الفيلم الشهير «رجل وامرأة»، والتي أصبحت علامة موسيقية خالدة في ذاكرة عشاق السينما.
وُلدت نيكول كرواسي في 9 أكتوبر 1936 في نويي-سور-سين، ونشأت في بيئة موسيقية بفضل والدتها، عازفة البيانو الهاوية.
منذ طفولتها، أظهرت شغفا بالفنون، حيث درست الرقص الكلاسيكي وحلمت بالوقوف على المسرح رغم معارضة والدها، وقالت ذات مرة: كنت أعلم دائماً أن مكاني على خشبة المسرح، هناك أشعر بالحرية.
في سن المراهقة، اكتشفت موسيقى الجاز مع سدني بيشيه، مما شكّل نقطة تحول في مسيرتها.
درست كرواسي، فن التمثيل الصامت مع مارسيل مارسو، وسافرت مع فرقته إلى أمريكا الجنوبية عام 1957، ثم إلى الولايات المتحدة عام 1960، وهناك أثبتت موهبتها في عروض المسرح الموسيقي، حيث قادت عروضاً في رينو ونيويورك وشيكاغو، مكتسبة لقب Soul Sister بفضل صوتها الدافئ وأسلوبها المتألق.
وفي عام 1966 تعاونت مع المخرج كلود لولوش والملحن فرانسيس لاي لتؤدي أغنية فيلم «رجل وامرأة» مع بيير باروه، لتصبح الأغنية رمزاً عالمياً.
أخبار ذات صلة
واصلت التعاون مع لولوش في أفلام مثل «عش لتعيش» 1967، «الآخرون» 1981، و«مسار طفل مدلل» 1988.
وفي السبعينات، حققت نجاحاً كبيراً بأغانٍ مثل «تحدث إليّ عنه» و«امرأة معك»، معبرة عن صورة المرأة الحرة، وفي عامي 1976 و1978، أذهلت الجمهور بأدائها في مسرح الأولمبيا بباريس.
تنوعت موهبتها بين الجاز والموسيقى الشعبية والمسرح الموسيقي، حيث تألقت في «هيلو دوللي» عام 1992، و «فوليز» 2013، و «كاباريهز» 2014.
كما شاركت في السينما والتلفزيون، حيث لعبت دوراً بارزاً في مسلسل «دولمن» عام 2005، الذي جذب 12 مليون مشاهد.
في عام 2006، روت كرواسي قصتها في سيرتها الذاتية «لم أرَ الزمن يمر»، التي لخصت 60 عاماً من العطاء الفني، وعُرفت بحياتها الخاصة الهادئة، لكنها كانت دائماً صريحة بشغفها بالغناء والرقص والتمثيل، وقالت: «الغناء والرقص والتمثيل هو الحياة التي أردت عيشها».

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مهرجان «ترايبيكا» يصرُّ على عروض مستقلّة ومتنوّعة
مهرجان «ترايبيكا» يصرُّ على عروض مستقلّة ومتنوّعة

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

مهرجان «ترايبيكا» يصرُّ على عروض مستقلّة ومتنوّعة

بُعيد كارثة 11 سبتمبر (أيلول) 2001، قرَّر 3 أشخاص يعيشون بنيويورك ويعملون فيها، إقامة مهرجان تأكيداً على أنّ مدينة الفنّ والمجتمع والاقتصاد لن تقع تحت وطأة ذلك الهجوم الإرهابي. بعد عام، انطلقت الدورة الأولى من مهرجان «ترايبيكا». الثلاثة هم: روبرت دنيرو، وجين روسينثال، وكريغ هاكوف. ووفق أرشيف المهرجان، أكّدت الخطوة الأولى من النجاح فوراً استمراره. 150 ألف مُشاهد دعموا تلك الخطوة في العام الأول، وارتفع الرقم إلى 300 ألف في العام التالي. لعب اسم روبرت دنيرو دوراً في ذلك النجاح. هو ابن نيويورك، ومثَّل في أفلام دارت فيها، إلى جانب أنه نجم سطع على الشاشة منذ مطلع السبعينات (بعد بداية تعود إلى أواخر الستينات)، بالإضافة إلى أنه موقع ثقة في الوسطَيْن الثقافي والفنّي. نجاح المهرجان دفعه إلى شراء الصالة في العام التالي، وما تلا ذلك كان نجاحاً مطرداً إلى هذا العام، باستثناء إلغاء واحد عام 2020 بسبب وباء «كورونا». مقارنات «ترايبيكا» (والاسم لمنطقة مثلَّثة تقع في مانهاتن وتضمّ 3 شوارع رئيسية) ليس المهرجان السينمائي الوحيد في نيويورك. هناك 21 مهرجاناً آخر في أرجاء المدينة، من بينها اثنان يُحسب لهما حساب مُستحَق: «مهرجان نيويورك الدولي» و«مخرجون جدد/ أفلام جديدة»؛ وكلاهما سبق «ترايبيكا» بعقود. أسألُ الناقدة النيويوركية لوفيا غياركي عمّا إذا كانت تعتقد أنّ مهرجان «ترايبيكا» سحب بساط الشهرة من المهرجانَيْن المنافسَيْن إلى الأبد، فتردّ: «لا شك في أنه أصبح الأكبر شهرة وحجماً، لكنّ الفارق ليس كبيراً كما قد تعتقد. هناك جمهور كبير يؤمّ المهرجانَيْن الآخرَيْن». تضيف: «ثمة مزايا للمهرجانَيْن الآخرَيْن يمكن وضعها في الميزان، أهمها أنّ صغر حجمهما نسبياً يعمل لمصلحتهما. هناك جمهور غفير لـ(مهرجان نيويورك) أيضاً، لكن يؤمّ صالات محدّدة. (ترايبيكا) أقرب مهرجاناتنا شبهاً بمهرجان (كان)». سبق لي حضور «مهرجان نيويورك» في مطلع الثمانينات، ثم عدت إليه قبل 12 عاماً. أمّا «مخرجون جدد/ أفلام جديدة»، فلم يُتح لي حضوره سوى مرّة، عام 2006. وما تقوله الناقدة هو ما استشففته من قبل، ويبدو أنهما لا يزالان في الموقع عينه، باستثناء أنّ «مهرجان نيويورك» باتت له صلة أقوى من «ترايبيكا» بجوائز «الأوسكار»؛ إذ يعرض بعض ما يتوجَّه لاحقاً لدخول الترشيحات. ستيف زان وابنته أودري في «هي ترقص»... (ترايبيكا) اهتمام «ترايبيكا» موجَّه نحو الأفلام المستقلّة، وهو بذلك ينضمّ إلى مهرجان «صندانس» في جبال ولاية يوتا (سينتقل إلى جبال ولاية كولورادو عام 2027) الذي نفض عنه غبار التأسيس الممثل روبرت ردفورد. بالمقارنة، يُمثّل «صندانس» (انطلق عام 1978) السينما المستقلّة على نحو رسمي فعّال، بانياً شهرته على أنه الملجأ الأميركي لها. سابقاً، كان يتخصّص بالأفلام المصنوعة في أميركا، لكنه، ومنذ أكثر من 10 سنوات، وسَّع دائرة عروضه وجوائزه ليشمل أفلاماً من كل الدول. موسيقى وغناء فيلم الافتتاح لدورة مهرجان «ترايبيكا» هذا العام (تمتد من 6 حتى 14 يونيو/ حزيران الحالي) هو «بيلي جويل: وهكذا تمضي». هو ليس فيلماً نموذجياً للسينما المستقلّة؛ إذ إنه من إنتاج «إتش بي أو»، لكنه يفي بغرض بداية عروض المهرجان بفيلم عن فنان غنائي مشهور (بيلي جويل) جاذب لجمهور غفير مؤلَّف بنسبته الكبيرة من الذين عاصروه ونسبة مماثلة مِمَّن رغبوا في التعرُّف إليه. الفيلم تسجيلي طويل (أكثر من ساعتين ونصف ساعة)، وهو جزء أول من فيلمَيْن، ينطلق من مطلع السبعينات ويتوقّف عند نهاية الثمانينات؛ وهي مرحلة نشطة وغزيرة لفنانين منفردين (كما لِفِرَقٍ أميركية عدّة في المرحلة عينها)، على أن يأتي الجزء الثاني ليغطّي التسعينات وما بعدها. هو عن تلك البدايات، وتلك العلاقات، واللقاءات، والنجاحات الأولى. مغنّي «روك آند رول» حديث، غرف من نهر الغناء الأميركي الجارف في تلك المرحلة، ونجح بفضل حُسن اختياراته وأغنياته. يمنحنا الفيلم صورة بانورامية خلال تلك المدة، وبعض ما يعرضه من مَشاهد غنائية (بالأبيض والأسود والألوان، وفق الوثائقيات المتوفّرة) لم يُشاهَد من قبل في أي فيلم سابق عليه. تلاه عرض عمل آخر عن شخصية غنائية سطعت في الثمانينات وبعض السنوات اللاحقة. إنه «بوي جورج والنادي الثقافي» لأليسون وود. يتناول الفيلم التسجيلي أيضاً تلك الرحلة التي خاضها المغنّي بين فنّه الغنائي والمظاهر الاجتماعية والاستعراضية التي اشتهر بها. على عكس الفيلم السابق، «بوي جورج والنادي الثقافي» يخدم الرغبة في توظيف الشخصية لنجاح جديد، قد لا يُتوَّج بنجاح من الوزن نفسه. درامياً، عرض المهرجان في يومه الثاني فيلماً ثالثاً ينتمي إلى الموسيقى، ولو من صنف بعيد عن السيرة الشخصية. إنه «هي ترقص» لريك غوميز. المنتج والممثل الأول فيه، ستيف زان، شارك المخرج في كتابة السيناريو، وأسند بطولته النسائية إلى ابنته الفعلية أودري زان. دراما رقيقة، ولديها قدر كافٍ من القدرة على إثارة الإعجاب من خلال صدق معالجة شخصياتها. التباعُد بين الأب وابنته يخلق مشكلة بينهما، لكن المشكلة اللاحقة هي أننا سنجدهما يعملان معاً لتفوز ابنته (اسمها «جوستين» في الفيلم) باستعراضها الراقص.

حضور مصري لافت في «موازين»: شيرين وحماقي وروبي على المسرح المغربي
حضور مصري لافت في «موازين»: شيرين وحماقي وروبي على المسرح المغربي

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

حضور مصري لافت في «موازين»: شيرين وحماقي وروبي على المسرح المغربي

تشهد الدورة الـ20 من مهرجان «موازين»، التي تقام في العاصمة المغربية، الرباط، من 20 وحتى 28 يونيو (حزيران) الحالي، حضوراً مصرياً لافتاً. وأُعلن عن أسماء الفنانين المصريين المشاركين في الحدث الذي تنظّمه «جمعية مغرب الثقافات»، وهم: شيرين، وتامر عاشور، ومحمد حماقي، وروبي، وكارمن سليمان. الملصق الترويجي لحفل حماقي في «موازين» (حساب المهرجان في «فيسبوك») وتُعدّ الدورة الـ20 من المهرجان، الثانية بعد توقّف فعالياته منذ عام 2019، بالتزامن مع انتشار وباء «كورونا» آنذاك، وعودته العام الماضي في دورته الـ19، التي شارك فيها من مصر: محمد رمضان، وأنغام، وأحمد سعد، بالإضافة إلى إقامة حفلين بتقنية «الهولوغرام» لـ«كوكب الشرق» أم كلثوم. ومن المتوقَّع إقامة حفل بالتقنية نفسها لأحد فناني «الزمن الجميل» خلال دورة هذا العام أيضاً، وفق حسابات المهرجان في مواقع التواصل الاجتماعي. ورغم التحفّظ على اسم نجم الحفل «الهولوغرامي» المُنتظر، فإنّ حسابات المهرجان كتبت تعليقاً جاء فيه: «حين يمتزج الفنّ بالتكنولوجيا، يعود أحد عمالقة الطرب ليحيي الزمن الجميل، بصيغة لا تشبه إلا المستقبل»، تاركةً للجمهور التكهُّن بالاسم. الملصق الترويجي لحفل تامر عاشور في «موازين» (حساب المهرجان في «فيسبوك») في هذا السياق، يصف الناقد الفنّي المصري عماد يسري المشاركة المصرية في «موازين» هذا العام بأنها «رائعة»، لكنه يطمح لوجودٍ أكبر لمطربين من أجيال عدّة، لا لأسماء النجوم فحسب؛ خصوصاً أنّ «موازين» وغيره من المهرجانات الغنائية العربية العريقة، هي فعاليات فنّية تتمتّع بقدر كبير من الانتشار والحضور الجماهيري، يقول لـ«الشرق الأوسط». ونشرت حسابات المهرجان الملصقات الترويجية لحفلات النجوم المُشاركين من جميع أنحاء العالم، ومن بينهم: ويل سميث، وكيد كودي، وأفروجاك، وبيكي جي، وفيفتي سنت، والفرقة الكورية إيسبا، وغيرهم. ومن لبنان: ماجدة الرومي، وراغب علامة، ووائل جسار، وديانا حداد، ونانسي عجرم، وميريام فارس، وزياد برجي. من جانبه، قال الناقد الموسيقي المصري أحمد أبو اليزيد إنّ «موازين» مهرجان غنائي كبير وعريق يُقام منذ سنوات طويلة، وشهد على حضور كثير من النجوم المصريين خلال دوراته السابقة. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنّ «الحضور المصري القوي كل عام يُقابله ترحيب كبير من الجمهور المغربي، الذي يحبّ نجوم مصر والغناء المصري كثيراً». الملصق الترويجي لحفل روبي في «موازين» (حساب المهرجان في «فيسبوك») وأكّد أبو اليزيد أنّ «المهرجان يعتمد كل عام برنامج حفلات منوَّعة بهدف إرضاء جميع الأذواق، فنرى مُشاركات بارزة من الدول العربية، وأفريقيا، وأوروبا، وأميركا، ليجد كل شخص ما يرغب به ويروق له»، معدّاً «عودة المهرجان بعد فترة توقُّف، أمراً رائعاً لجماهيريته وانتشاره وحضوره العالمي القوي، نظراً إلى أنّ طبيعته ليست محلّية فقط، وإنما عالمية». الملصق الترويجي لحفل ويل سميث في «موازين» (حساب المهرجان في «فيسبوك») وتشهد دورة هذا العام من المهرجان عودة الفنانة شيرين عبد الوهاب لإحياء الحفلات بعد غياب، إذ من المقرَّر أن تُحيي حفل ختام الدورة الـ20، ويصاحبها المايسترو المصري مدحت خميس وفرقته الموسيقية. ويتوقّع أبو اليزيد أن يحقق حفلها نجاحاً كبيراً، خصوصاً أنّ آخر حفلاتها في «موازين» كانت عام 2016، لافتاً إلى أنها «تتمتّع بجماهيرية كبيرة في المغرب، والجمهور ينتظرها دائماً بشوق وشغف».

«الضوء – إرث شتوكهاوزن»: مواجهة إنسانية مع الاضطراب والعبقرية
«الضوء – إرث شتوكهاوزن»: مواجهة إنسانية مع الاضطراب والعبقرية

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

«الضوء – إرث شتوكهاوزن»: مواجهة إنسانية مع الاضطراب والعبقرية

الجانب الشخصي من حياة المؤلّف الموسيقي الألماني كارلهاينز شتوكهاوزن، هو ما يتوهّج بوضوح في فيلم «الضوء – إرث شتوكهاوزن» للمخرجة الهولندية أويكي هوجندايك، والذي يُقدَّم تحية لذكرى المخرج اللبناني الراحل بيار عودة. أمام جمهور دبلوماسي وعاشق للسينما، ومفتون بسيرة موسيقي بلغت عبقريته آفاقاً لا تُقاس، عُرض الفيلم على خشبة مسرح «بيريت» في الجامعة اليسوعية، ضمن «مهرجان بيروت للأفلام الفنّية». ينساب العمل في تصاعده نحو الذروة، حيث تتقاطع الصور والضوء والموسيقى. تنعكس ظلال الأضواء على عصا المايسترو، وهو يقود أوركسترا ضخمة تُترجِم اضطراباته النفسية وتعقيدات رؤيته للعالم. في عينيه، تلمع شرارة كائن يلتهم الحياة بلا شبع، كأنَّ الجوع هو دافعه إلى مزيد من التهامها، فيما مقرَّبون يسردون حكاياته في الأبوة والمهنة والإنسان. كلّما تعمَّق المرء في «ليخت» زادت أسئلته واتّسعت هوّة الفهم (الشرق الأوسط) الفيلم نقطة التقاء بين الذات والمهنة، بين المُعلَن والخفي، بين ما نراه من الخارج وما يتصارع في الداخل. وحين يُطرح السؤال: ما هي «أوبرا ليخت» (الضوء)؟، يتردّد كثيرون في الإجابة لصعوبة تأطيرها في مفردات جاهزة. يُخبرنا الفيلم أنها دورة من 7 أوبرات ألَّفها شتوكهاوزن بين عامَي 1977 و2003، واصفاً إياها بأنها «دوّامة أبدية»، لأن «الأسبوع لا بداية له ولا نهاية». على 29 ساعة موسيقية؛ تمتدّ «ليخت». يُبدي بيار عودة (1957–2025) ولعاً خاصاً بهذه الأسطورة الأوبرالية، خلال مروره ضمن شهادات تُضيء على جوهرها الإنساني وتكشف ما يتجاوز العقل والمخيّلة. في الجزء الأول من الفيلم، نُصغي إلى مَن عايشوا شتوكهاوزن، يرون في «الضوء» عملاً لا مثيل له؛ كلّما تعمَّق فيه المرء، زادت أسئلته واتّسعت هوّة الفهم. يُقال بين الشهادات: «(الضوء) هي الإنسان»، إذ تُجسِّد جوهر الحياة والموت، والحروب والإغواء. لذا، هي ليست عملاً فنياً بقدر ما هي تركيب «بازلي» كثيف يُلخِّص سنوات من الاضطراب الداخلي، والروح المنهكة، والقسوة وردّ الفعل. يُبدي بيار عودة ولعاً خاصاً بهذه الأسطورة الأوبرالية (الشرق الأوسط) يتنقل الفيلم بين صور بالأبيض والأسود، وشهادات حيّة، حتى يطلّ بيار عودة بنفسه، معلناً انشداده إلى عبقرية شتوكهاوزن. عودة، المخرج المسرحي اللبناني الفرنسي الذي «جدَّد لغة الأوبرا على نحو عميق»، وفق وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي، أمضى أكثر من 30 عاماً في هولندا حيث تولّى منصب المدير الفنّي للأوبرا الوطنية في أمستردام، وقدَّم معظم أعماله هناك. يقول السفير الهولندي في بيروت، فرانك مولن، إنَّ عودة كان معروفاً بشغفه بإنتاج الأوبرا في الهواء الطلق، وقد تجلَّى هذا الشغف في اختياره من بين شخصيات قريبة من الدائرة الصغرى لشتوكهاوزن ليظهروا في الفيلم، مما يمنح العمل مسحة حميمة رافقته حتى في ذروات القسوة. يحكي أولاد شتوكهاوزن عن وجهه الآخر؛ ذاك الذي يفيض وجعاً روحياً أكثر منه وحشية بشرية. وهنا، تُصاغ رواية عن العباقرة -رواية من الظلّ- ترويهم كما هم. النساء في حياته يُخبرن عن رجل خرج عن السرب، بحساسيته، بتطرّفه، وبهفواته. يُعرّي الفيلم «الهالة الذهبية» التي يُحيط بها العالم عباقرته، ويكسر وَهْم «المثالية». ورغم انبهارها الواضح بإرث شتوكهاوزن، لا تتردَّد أويكي هوجندايك أمام ممارسة النقد، ولا تسمح لإعجابه بأن يحجبها عن رؤية الحقيقة أو تسويغها. على 29 ساعة موسيقية... تمتدّ «ليخت» (الشرق الأوسط) يُسمعنا الفيلم أبناءه وهم يقولون إنه عاملهم بقسوة حين تعلَّق الأمر بموسيقاه، إذ أرادهم أن يصبحوا امتداداً له؛ أوركسترا تُتابع من بعده، تُخلّد اسمه، وتُكمل ارتقاءه الفنّي. لكنّ النتيجة كانت أنهم تخلّوا عنه، رفضاً لفكرته عنهم كـ«موسيقيين» قبل أن يكونوا «أبناء». مثاليته ارتدّت عليه وخذلته في ما حسبه امتداداً لذاته. يُصرِّح أحد أبنائه أن والده لم يُحبّ نفسه، ما فسّر بحثه الدائم عن النساء، كأنه يُحاول ملء فراغ لا قعر له. نلمح في الفيلم الثقب العميق في شخصية المايسترو، رغم إدراكه لذاته، ورغم قوله إنّ كل موسيقى يؤلّفها، حتى «الضوء»، قد تكون مجرّد ضوضاء لن تُبهج أحداً. ومع ذلك، رفض أن يُعجَب أولاده بأي مؤلّف غير مؤلّفاته، وعاقبهم على ذلك. أرادهم نُسخاً عنه، ناسفاً فرديتهم، ومُصادراً حريّتهم. من هذا الاضطراب، من فقدان الأمان، ألَّف شتوكهاوزن موسيقى آسرة، طافحة بالجمال، نافذة إلى الروح. مشهد والدته، وهي تحاول الانتحار برمي نفسها من الشباك، لم يُفارقه. تلك الأم التي خسرت كل شيء: عقلها، وأولادها، وزوجها، وحرّيتها؛ والتي واجهت في زمنها النبذ والإقصاء بسبب معاناتها النفسية. من مرارة تاريخه الإنساني، استولد موسيقى تخترق الحواس وتخطف النَفَس. شتوكهاوزن هو من أولئك القلائل الذين تجرّأوا على تصديق أنّ المستحيل ممكن؛ فحلم، وابتكر، وأضاء. لقد كان الفيلم تحيّة من أويكي هوجندايك إلى كارلهاينز شتوكهاوزن، لكنه أيضاً تحيّة إلى بيار عودة نفسه وإلى بصيرته الفنّية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store