
لكن الوصية لم تمت!
الصحفي أنس الشريف استشهد يوم 10 أغسطس/آب 2025 إثر غارة لطائرات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت خيمة للصحفيين بغزة (وسائل التواصل)
"إن وصلتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي"… هذا ما كتبه في صدر السطور!
أما وقد هدأت الأنفاس، وتوقفت نبضات القلب، وجمدت الدماء في العروق، وغابت عنا تلك الإطلالة المشرقة.. فإن ذلك لا يعني النهاية، بل طي صفحة من الحياة، لتُفتح صفحة أخرى.
رحل أنس عن دنيانا، ورحيله كان إيذانا بأن تخرج وصيته إلى النور، وتبقى حية بيننا، تخبرنا عن صاحبها الذي رحل ولم ترحل آثاره ومآثره.
في ثنايا الوصية مشاعر ألم، زرعها في النفوس ما لقيه أبناء غزة من إعراض وخذلان، ومع ذلك كان لا بد للحقيقة أن يتواصل بثها، ولكن شتان بين من يعايش آلام الناس فينتفض لها، ويسارع لمداواتها، وبين من تمر عليه فلا تحرك فيه ساكنا
أمل وتسليم
كما هم أصحاب الهمم العالية، حمل أنس أمانة الرسالة، وعبء المسؤولية.
أما الرسالة فهي نقل الحقيقة، فكان صوتا لأبناء شعبه، تبثه قناة "الجزيرة" أملا بأن يسمعه أحرار العالم، فيلبوا نداء الجرح، وصرخة المفجوع. وأما المسؤولية، فهي أن يكون سندا لأهله من أبناء غزة الجريحة، يقدم لهم من العون ما يستطيع، ويؤازرهم ويواسيهم.
لكنه مع ذلك كله كان يعيش الأمل في الوصول إلى غد يتجاوز آلام اليوم، إلا أنه أمل يتقدم عليه التسليم بإرادة الله الذي لا رادّ لقضائه.. فكانت كلماته: "كان أملي أن يمد الله في عمري حتى أعود مع أهلي وأحبتي إلى بلدتنا الأصلية عسقلان المحتلة "المجدل" لكن مشيئة الله كانت أسبق، وحكمه نافذ".
إبراء للذمة
في ثنايا الوصية مشاعر ألم، زرعها في النفوس ما لقيه أبناء غزة من إعراض وخذلان، ومع ذلك كان لا بد للحقيقة أن يتواصل بثها، ولكن شتان بين من يعايش آلام الناس فينتفض لها، ويسارع لمداواتها، وبين من تمر عليه فلا تحرك فيه ساكنا، شتان من تكون تلك الوقائع شاهدا له، وبين من تكون شاهدا عليه.
ذاك ما وعاه أنس إذ يقول: "عشت الألم بكل تفاصيله، وذقت الوجع والفقد مرارا، ورغم ذلك لم أتوانَ يوما عن نقل الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تحريف، عسى أن يكون الله شاهدا على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا، ومن حاصروا أنفاسنا ولم تحرك أشلاء أطفالنا ونسائنا في قلوبهم ساكنا، ولم يوقفوا المذبحة التي يتعرض لها شعبنا منذ أكثر من عام ونصف".
يعي أنس أن رحلة الوصول إلى الخلاص طويلة، تتطلب صبرا ومصابرة، فيوصينا بألا نكلّ أو نملّ، وأن نتابع السير بجد حثيث: أوصيكم ألا تُسكتكم القيود، ولا تُقعدكم الحدود، وكونوا جسورا نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمس الكرامة والحرية على بلادنا السليبة
درة التاج ونبض القلب
هكذا كانت فلسطين في عيني أنس الشريف، وهكذا هي في ضمير كل حر شريف.. وفلسطين، التي لها هذه المكانة والمنزلة، تفدي قداستها الأنفس، وترخص لبقاء طهرها الأرواح، وذلك عهد ينقله الأحرار للأحرار، ووصية الأمناء على الرسالة، وهي -بالتالي- الحاضرة في وصية أنس: "أوصيكم بفلسطين، درة تاج المسلمين، ونبض قلب كل حر في هذا العالم..
أوصيكم بأهلها، وبأطفالها المظلومين الصغار، الذين لم يُمهلهم العمر ليحلموا ويعيشوا في أمان وسلام، فقد سُحقت أجسادهم الطاهرة بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، فتمزقت، وتبعثرت أشلاؤهم على الجدران".
ويعي أنس أن رحلة الوصول إلى الخلاص طويلة، تتطلب صبرا ومصابرة، فيوصينا بألا نكلّ أو نملّ، وأن نتابع السير بجد حثيث: "أوصيكم ألا تُسكتكم القيود، ولا تُقعدكم الحدود، وكونوا جسورا نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمس الكرامة والحرية على بلادنا السليبة".
هَمٌّ في الحياة وبعد الممات
الوفاء الحقيقي كل لا يتجزأ؛ وعليه فإن من أوصى بفلسطين لا يمكن أن ينسى أن يوصي بأهله الأقربين خيرا.. لقد اجتهد في حياته ما استطاع لأن يبعد عن أهله الأذى، وإنه ليسوءَه أن يصيبهم شيء من ذلك بعد مماته.
طبيعي أن يوصي بقُرّة عينه وابنته الحبيبة "شام"، وكذلك بابنه الغالي صلاح، كيف لا وهو الذي كان يتمنى أن يكون له عونا ورفيق درب حتى يشتد عوده، فيحمل عنه الهم، ويكمل الرسالة.
ولا شك أن الوالدة في الوصية حاضرة، فهي التي وجد أنه ببركة دعائها وصل إلى ما وصل إليه، وكانت دعواتها حصنه. ولم ينسَ أنس زوجته ورفيقة عمره، التي- رغم ظروف الحرب التي فرقت بينهما- "بقيت على العهد، ثابتة كجذع زيتونة لا ينحني، صابرة محتسبة، حملت الأمانة في غيابي بكل قوة وإيمان".
أيعزي الإنسان نفسه بنفسه؟ لقد فعلها أنس! وأي عزاء أعظم من أن يستذكر ما هو قادم به على ربه
إلى ما هو خير وأبقى
أيعزي الإنسان نفسه بنفسه؟ لقد فعلها أنس! وأي عزاء أعظم من أن يستذكر ما هو قادم به على ربه، وقد قال: "إن مت، فإنني أموت ثابتا على المبدأ، وأُشهد الله أني راضٍ بقضائه، مؤمن بلقائه، ومتيقن أن ما عند الله خير وأبقى".
هو ذاك العزاء.. وبقي أن ندعو لأنس بدعائه في الوصية لنفسه..
اللهم تقبله في الشهداء، واغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، واجعل دمه نورا يضيء درب الحرية لشعبه وأهله.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة الأنباء اليمنية
منذ 2 ساعات
- وكالة الأنباء اليمنية
أمسيتان بمديرية شعوب في أمانة العاصمة احتفاءً بذكرى مولد الرسول الأعظم
صنعاء - سبأ : نظم أبناء حارات اليرموك والمدينة الحضرية بحي سعوان ومدرسة النصر في مديرية شعوب بأمانة العاصمة اليوم أمسيتين ثقافيتين احتفاءً بذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم. شارك في الأمسيتين عضو مجلس الشورى أحمد الشرعبي، ووكيل أول أمانة العاصمة خالد المداني، ورئيس لجنة الشؤون الاجتماعية حمود النقيب، ومسؤول التعبئة بالمديرية عبدالله الكول، ومدير شؤون الأحياء محمد الوشاح، ومسؤول اللجان المجتمعية ماجد الشريف، وعدد من القيادات التنفيذية والمحلية والمشايخ والعقال والشخصيات الاجتماعية، إلى جانب حشد من أبناء الحارات. وأكد الوكيل المداني أهمية الاحتفاء بميلاد خير البرية، وأعظم قائد وشخصية عرفتها البشرية جمعاء، الذي أضاء الله به جنبات الأرض وأخرج الناس من الظلمات إلى النور، النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم. وأشار إلى ارتباط أهل اليمن وتمسكهم برسول الله سيدًا وقائدًا وقدوة ومعلّمًا وهادياً، وتجسيد الهوية الإيمانية والثقافة القرآنية، حاثًا على إظهار الفرح والابتهاج بميلاده الشريف صلى الله عليه وسلم وعلى آله، بما يغيظ الكفار والمنافقين، وتقربًا إلى الله عز وجل. من جانبه، اعتبر مدير فرع الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء بأمانة العاصمة محمد العفيفي، هذه المناسبة محطة تعبوية للتزود من سيرة الرسول الكريم وتعزيز الارتباط به، وترسيخ قيم التراحم والتكافل والإخاء في أوساط المجتمع، والتقرب إلى الله تعالى والسير على النهج القويم. وأوضح أن أهل الحكمة والإيمان يحتفون بمولد المصطفى في الوقت الذي تحتفل فيه دول محسوبة على المسلمين بمناسبات لا تمتّ للإسلام بصلة، مؤكدًا أن إحياء ذكرى المولد النبوي يعبر عن الهوية الإيمانية والعلاقة الوثيقة بالرسول الكريم ومحبته الصادقة. وأكدت كلمات أبناء الحارات ضرورة تعزيز الوعي بأهمية الاحتفال بذكرى مولد الرسول الكريم، واستلهام الدروس والعبر من السيرة النبوية النيرة، وتجسيد القيم والأخلاق والمبادئ المحمدية التي يسعى الأعداء إلى تجريد الأمة الإسلامية منها. تخلل الأمسيتين، بحضور قيادات تربوية، تقديم أوبريت إنشادي بعنوان "يا رسول الله" لطلاب مدرسة حليف القرآن، إلى جانب فقرات إنشادية ورقصات برع شعبية عبرت عن الابتهاج والاحتفال بمولد الرسول الأعظم.


وكالة الأنباء اليمنية
منذ 2 ساعات
- وكالة الأنباء اليمنية
أمانة العاصمة.. أمسيات بمديرية معين ابتهاجاً بالمولد النبوي
صنعاء- سبأ : نظمت في مديرية معين بأمانة العاصمة اليوم، أمسيات ثقافية وخطابية ابتهاجاً بالمولد النبوي الشريف . حيث أقيمت الأمسيات في حارات السلام بحي شملان وآزال بمنطقة مذبح وعصر السفلى وأبو عمار بالسنينة، وشارك فيها عضو رابطة علماء اليمن العلامة صالح الخولاني ومديرا مكتب المالية بأمانة العاصمة الدكتور محمد الجنيد وشؤون الاحياء شرف الوريث وقيادات محلية وتنفيذية ومشايخ وعقال وشخصيات اجتماعية وجموع من أبناء الحارات. وتطرقت كلمات الأمسيات للمعاني الكبيرة والدلالات العظيمة التي تجسدها ذكرى المولد النبوي الشريف، في تعزيز التمسك بالقرآن الكريم وتجديد العهد والولاء لرسول الله وسيد البشرية والتأسي بقيمه وصفاته وأخلاقه ومبادئه السامية قولا وعملا. وأوضحت بأن إحياء ذكرى المولد النيوي هذا العام تأتي في ظل ظروف استثنائية ومصيرية تمر بها الأمة، معتبرة اياها محطة مهمة لتعزيز الوحدة الإسلامية لمواجهة الأعداء ومؤامراتهم الإجرامية ونصرة المقدسات والشعب الفلسطيني في غزة. ودعت الكلمات إلى ضرورة الحشد والمشاركة الواسعة في الفعاليات التحضيرية والأنشطة المختلفة لإحياء المولد النبوي الشريف. تخللت الأمسيات قصيدة للشاعر صقر اللاحجي وفقرات ثقافية وخطابية وأناشيد ورقصات شعبية عبرت عن الابتهاج والاحتفال بمولد الرسول الأعظم.


اليمن الآن
منذ 4 ساعات
- اليمن الآن
عدن .. مشايخ العقارب يحكّمون يافع بقضية التشهير والإساءة بحق الشهيد الرضامي و المشوشي
كريتر سكاي/خاص: أنهى صلح قبلي مساء اليوم الثلاثاء، قاده الشيخ "طلال بن غازي" قضية الإساءة والتشهير بين قبيلة العقارب وآل المشوشي خاصة ويافع عامة. وأعلن الشيخ محمد صالح المشوشي نيابة عن القائدين نبيل المشوشي ونصر المشوشي العفو والصفح لقبيلة العقارب بقضية الإساءة والتشهير ، تقديراً لمجيئهم ومعهم مشايخ وقادة عسكريين من مختلف المناطق. نص التحكيم: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين. وبعد،،، الموضوع/ موصل ووصول وصفاء وفاء وتحكيم إشارة إلى الموضوع أعلاه، نحن مشايخ وأعيان ووجهاء قبيلة العقارب، وفدنا إليكم قبائل أهل يافع بموصـل ووصول وصفاء وفاء وحكم واحتكام معدلين بين أيديكم عشر سيارات وعشر قطع سلاح آلي، محكمين لكم ومحتكمين في دياركم بما جرى من إساءة وتشهير من قبل إخواننا وأبنائنا العقارب سواء كانوا رجالاً أو نساءً فيما يذكر أدناه: أولاً: الإساءة والتشهير بالفقيد عبدالعليم ناصر محمد الرضامي بالتهمة المنسوبة إليه بالاختطاف والاغتصاب ، ونحن نقر ونؤكد ببراءة عبدالعليم ناصر محمد الرضامي من هذه التهم براءة الذئب من دم يوسف بن يعقوب. ثانياً: الإساءة والتشهير بالقائد المناضل نبيل المشوشي والقائد المناضل نصر عاطف المشوشي ، ونؤكد بأن القائدين أبرياء فيما نسب إليهما ولا يصح منه شيء. ثالثاً: الإساءة والتشهير بيافع عامة، ولذلك نؤكد أن يافع بريئة من ذلك، ولهذا فنحن محكمين لكم بما ذكر أعلاه وبما ترونه مناسب ، وما حكمتوه على العين والراس والرحب والسعة، فمنكم القول بالحكم ومنا الإجابة والقبول ، وما أقررنا به يعتبر براءة للذمة وطاعة لله و تصديقاً لقوله عز وجل: ((يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين)) . وأيضاً ننبه عن أي إساءة أو تشهير للشخصيات المذكورة أعلاه من خارج أبناء العقارب فنحن نبرأ إلى الله من ذلك ، وكلامهم مردود عليهم ولا يمثلون إلا أنفسهم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. صادر عن: مشايخ وأعيان ووجهاء قبيلة العقارب. حضر التحكيم من طرف قبيلة العقارب، الشيخ مهدي العقربي، والشيخ عبدالبار عبده، والشيخ علي بن علي الحاج، والقائد حمدي شكري، والقائد مختار النوبي، ورئيس انتقالي لحج وضاح الحالمي، والشيخ جعفر الكعلولي، والشيخ ياسر العزيبي، والشيخ ملهم الجبراني. وجمع غفير من المواطنين. وكان في استقبالهم بجانب بيت العميد نصر المشوشي، الأمير محمد غالب العفيفي، والشيخ محمد صالح المشوشي، وواللواء صالح علي حسن، والقائد محسن الوالي، والقائد جلال الربيعي، والقائد نبيل المشوشي، والقائد نصر المشوشي، والقائد ناصر الشوحطي، والقائد فهد المرفدي، والقائد ديان الشبحي، والشيخ صابر النقيب، والشيخ رشيد العمودي، والشيخ خالد بن سبعة، والشيخ صالح البكري، والشيخ ياسر البكري، وعدد من المشايخ والوجهاء والقيادات العسكرية والأمنية.