logo
من الترند إلى التطرف: كيف تسهم منصات التواصل في تشكيل الفكر المتطرف؟

من الترند إلى التطرف: كيف تسهم منصات التواصل في تشكيل الفكر المتطرف؟

أصبحت منصات التواصل الاجتماعي في عصر الانفجار الرقمي، أكثر من مجرد فضاءات للتسلية أو تبادل الآراء العابرة. لقد تحولت إلى أدوات قوية لتشكيل الوعي الجمعي، بل وأصبحت أحد أبرز المؤثرين في صناعة الرأي العام، خصوصًا لدى فئة الشباب. فالمحتوى الذي يُستهلك بشكل يومي عبر هذه المنصات لا يمر عبر قنوات تدقيق أو مراجعة، ما يجعلها ساحة مفتوحة أمام كل خطاب، سواء كان توعويًا أم تحريضيًا.
هذا التحوّل الهائل ترافق مع غياب شبه كامل للرقابة الفعالة على المحتوى، لا سيما في السياقات التي تتطلب حساسية عالية، كالدين والسياسة والهوية. كثير من المنصات الكبرى تعتمد خوارزميات ترتّب المحتوى بناءً على التفاعل، لا على القيمة أو السلامة الفكرية. وهكذا، تجد الخطابات المتطرفة فرصتها للانتشار السريع، لأن محتواها غالبًا ما يثير الغضب أو الفضول، وهو ما يزيد من معدل التفاعل والمشاركة.
ومع هذا الانتشار السهل، بات من السهل إعادة إنتاج سرديات الكراهية والعنف بشكل ناعم ومقنّع. لا يُقدَّم المتطرف اليوم كعدوّ واضح، بل كضحية "مظلومة"، أو بطل يقاوم "الاضطهاد"، أو ناصح غيور على الدين والأخلاق. هذه السرديات تُبث عبر فيديوهات قصيرة، جمل مشحونة عاطفيًا، وصور مُنتقاة بدقة، تزرع في المتلقي شعورًا بالانتماء لقضية، حتى ولو كانت قضية زائفة أو مغلوطة.
والأخطر أن هذا الخطاب المتطرف لم يعد يُستهلك فقط من قبل فئة محدودة، بل أصبح جزءًا من المحتوى اليومي الذي يتعرض له المستخدم العادي. ونتيجة لسطحية التفاعل الرقمي، حيث لا وقت للتأمل أو التفنيد، يسهل أن تنزلق العقول، خاصة غير المُحصنة معرفيًا، إلى قبول هذه الأفكار تدريجيًا، حتى لو لم تدرك منذ البداية أنها تسير في طريق التطرف.
التطرف يخرج من "الترند"
لم يعد الطريق إلى التطرف يمرّ عبر الدروب التقليدية المعروفة، كالجماعات السرّية أو الخلايا المغلقة في المساجد الهامشية. في زمن "الترند"، باتت منصات مثل "تيك توك" و"يوتيوب" قادرة على لعب دور المحرّض الأول، من خلال محتوى قصير، مشوّق، عالي الجودة، يجمع بين الإبهار البصري والرسالة الأيديولوجية المبطنة. فمشاهد فضولي قد يصادف مقطعًا واحدًا يثير فيه الغضب أو الحماسة، وسرعان ما يجد نفسه وسط سلسلة متوالية من المقاطع التي تغذّي هذا الشعور وتوجهه نحو مسار معين.
تعتمد هذه الحسابات على ما يمكن تسميته بـ"هندسة المظلومية"، حيث يُصوّر الفرد أو الجماعة المستهدفة بوصفها ضحية دائمة لظلم ممنهج من "الآخر" – سواء كان هذا الآخر دولة، أو ثقافة، أو طائفة، أو منظومة عالمية. هذا الخطاب لا يصرخ مباشرة: "اكره"، بل يهمس أولًا: "انظر كم نحن مظلومون". ومن هنا تبدأ أولى خطوات التأثر، ليس من منطلق قناعة فكرية، بل من استثارة وجدانية عميقة.
ومع التكرار، يتحول هذا الخطاب من التلويح بالعاطفة إلى خطاب تعبوي كامل. تبدأ اللغة تأخذ منحى حادًا: "هم أعداؤنا"، "لا مجال للمهادنة"، "الحق لا يُنتزع إلا بالقوة". هذه الرسائل يتم تمريرها ضمن سرديات تبدو في ظاهرها نبيلة: الدفاع عن الدين، عن الكرامة، عن الهوية، لكنها تُحمّل ضمنيًا برموز التحريض والعنف والعداء للآخر. وبهذا، يُعاد تدوير خطاب الكراهية في هيئة فيديو قصير لا يتجاوز دقيقة، لكنه يحمل بذور تحوّل فكري خطير.
النتيجة أن التطرف لم يعد ظاهرة هامشية تتطلب مجهودًا للوصول إليها، بل أصبح مدموجًا في المحتوى الرقمي السائد، مغلفًا بلغة حديثة، وصور جذابة، وأساليب سردية مشوقة. وكلما زادت مشاهدات هذه الفيديوهات، عزّزت الخوارزميات من انتشارها، ليصبح التطرف نفسه "ترندًا" يجتذب عقولًا جديدة كل يوم، لا لشيء سوى أنه يوفّر إجابات سهلة، وعدوًا واضحًا، وشعورًا زائفًا بالقوة والانتماء.
حالة "أنور العولقي" و"القاعدة على يوتيوب":
كان الداعية اليمني الأمريكي أنور العولقي من أوائل من استغلوا يوتيوب لنشر خطب باللغة الإنجليزية تستهدف المسلمين في الغرب. استُخدمت مقاطع فيديوه القصيرة في تجنيد شباب من بريطانيا وكندا والولايات المتحدة، ومن بينهم "عمر الفاروق عبد المطلب" الذي حاول تفجير طائرة فوق ديترويت في 2009. بعد مقتله، استمرت فيديوهاته في الانتشار، وأدرجت على قوائم المراقبة، لكن بعد أن كانت قد خلّفت تأثيرًا واسعًا.
"داعش" وفيديوهات الإنتاج السينمائي على تيليجرام ويوتيوب:
نظّم تنظيم "داعش" حملات إعلامية محترفة عبر وحدته المعروفة باسم "الفرقان" و"الحياة"، حيث قدموا محتوى فائق الجودة يجمع بين العنف والإبهار البصري. فيديوهات قطع الرؤوس، أو المعارك المصورة كأفلام الأكشن، استخدمت لإثارة الإعجاب والصدمة في آنٍ واحد، واستهدفت خصوصًا المراهقين عبر قنوات تيليجرام ومقاطع موزعة على يوتيوب وفيسبوك قبل حظرها.
"اليوتيوبرز الدينيون الجدد":
في عدد من الدول العربية، برزت حسابات على تيك توك ويوتيوب تقدم محتوى دينيًا ظاهريًا، لكنه يروج بشكل ناعم لأفكار سلفية أو إخوانية، مستخدمًا لغة شبابية، ومؤثرات صوتية، وسيناريوهات تمثيلية. هؤلاء لا يصرّحون بانتماءاتهم، لكن تحليل محتواهم يكشف تمريرهم لأفكار مثل "وجوب إقامة الخلافة"، "العداء للغرب"، "المرأة فتنة"، وغيرها من الرسائل التي تُمهّد ذهنيًا لمناخ متطرف.
تجربة "داعشيات أوروبا":
قُمن فتيات في فرنسا وألمانيا، لم يسبق لهن الاحتكاك بجماعات إسلامية، باعتناق فكر داعش بعد متابعتهن لحسابات على إنستغرام وتيليجرام تصور الحياة في "دولة الخلافة" كيوتوبيا مثالية: مجتمع نقي، عفة، وضوح هوية، انتماء. هذه الصورة الرومانسية دفعت بعضهن للسفر إلى سوريا، ليتحولن لاحقًا إلى أدوات دعائية أخرى داخل التنظيم.
هذه النماذج توضح كيف انتقل التطرف من هامش الواقع إلى قلب المنصات الرقمية، مستفيدًا من خوارزميات الانتشار، وضعف الرقابة، وسهولة التأثير العاطفي.
أبطال الشاشة... مجرمون في الواقع
لم يعد الإرهابي في زمن الإعلام الرقمي يظهر كخارج عن القانون أو مهدد للسلم، بل تحوّل في بعض الأوساط الرقمية إلى "نجم شاشة" يُقدَّم بصفته بطلًا ملحميًا. فبمساعدة تقنيات المونتاج الحديثة، يتم إنتاج مقاطع مصورة فائقة الجودة تروي ما يشبه "قصة بطولة" مزعومة، حيث يَظهر منفذ التفجير أو المقاتل في مشاهد بطيئة الحركة، محاطة بالموسيقى الملحمية، والعبارات الدينية المؤثرة، وكأننا أمام مشهد سينمائي من فيلم أكشن لا من مسرح جريمة.
هذا النوع من المحتوى لا يُنتج عشوائيًا، بل يخضع لتخطيط بصري وسردي هدفه الأساسي إبهار المتلقي وإثارة وجدانه، خاصة لدى الفئات الأصغر سنًا. إذ تُعاد صياغة مشاهد العنف ضمن إطار "الانتصار" أو "الدفاع عن الكرامة"، لتضليل العقول وإقناعها بأن هذا السلوك العدواني هو "مشروع" أو حتى "مطلوب". تتلاشى في هذه المقاطع حدود الخير والشر، وتُستبدل بالانبهار البصري الذي يخدر الحس النقدي للمشاهد.
اللافت في هذا المشهد أن منصات رقمية كبرى مثل "يوتيوب" و"تيك توك" كثيرًا ما تتأخر في رصد هذا النوع من المحتوى أو حجبه، لا سيما حين يحقق نسب مشاهدة مرتفعة. فتقنيات الذكاء الاصطناعي التي تتحكم في خوارزميات الترويج لا تميز غالبًا بين المحتوى التحريضي والمحتوى الترفيهي، بل تحكمها معايير الجذب والتفاعل، ما يجعل هذه المواد تنتشر كالنار في الهشيم قبل أن تتدخل الرقابة – إذا تدخلت أصلاً.
هكذا نجد أنفسنا أمام خلل أخلاقي عميق في بنية الفضاء الرقمي المعاصر، حيث يُكافأ المحتوى المتطرف لا بسبب قيمته، بل بفعل قابليته للانتشار. وبينما تنشغل المنصات بزيادة الأرباح والمشاهدات، يغيب الوعي بخطورة ما يُبث، ويُعاد تشكيل الوعي الجمعي، لا على أسس نقدية أو معرفية، بل على وقع مؤثرات صوتية وصُور مبهرة تُسوّق للعنف باسم البطولة.
رقمنة التجنيد: من الدردشة إلى الجهاد
أصبحت التنظيمات المتطرفة أكثر احترافًا في استغلال أدوات الاتصال الرقمي لتجنيد الأفراد، حيث لم يعد التجنيد يتم فقط عبر اللقاءات المباشرة أو الخطب الحماسية في الزوايا المعزولة، بل عبر منصات الدردشة الحديثة التي تُخفي خلفها جيوشًا من المروّجين. يبدأ المسار عادة برسائل ودية ومحتوى ديني أو فكري مصمم بعناية ليخاطب المشاعر الدينية والاحتياجات النفسية، خاصة لدى من يشعرون بالعزلة أو الاغتراب أو الإحباط.
مع الوقت، يُنقل "المهتم" إلى مجموعات مغلقة على تطبيقات مشفّرة مثل "تليغرام"، أو غرف صوتية ودردشات على "ديسكورد"، حيث تبدأ عملية منظمة لغسل الدماغ. في هذه البيئات الرقمية المغلقة، يُعاد بناء وعي الشخص من الصفر: يُعاد تفسير النصوص الدينية، يُغذّى الإحساس بالمظلومية، وتُقدّم نماذج العنف باعتبارها ممارسات مشروعة أو حتى بطولية.
الخطير في هذه الشبكات أنها تعمل ضمن فضاءات يصعب اختراقها قانونيًا أو أمنيًا، مستفيدة من تقنيات التشفير والخصوصية العالية التي تتيحها هذه المنصات. فبينما تجهد السلطات لملاحقة خطاب الكراهية على المنصات المفتوحة، تنشط غرف التجنيد الحقيقي في الظل، بعيدًا عن أي رقابة مؤسسية أو مجتمعية، ما يمنح المتطرفين هامشًا واسعًا لإعداد أتباعهم وتنظيم تحركاتهم.
هذا النمط من الرقمنة لا يمثل فقط تطورًا في أدوات التجنيد، بل نقلة نوعية في تكتيكات التأثير والتعبئة. فقد أصبح "الجهاد الرقمي" يبدأ من دردشة بسيطة، ويتطور إلى عملية استقطاب ممنهجة ومُحكمة تقود الفرد من العزلة إلى حمل السلاح، وكل ذلك دون أن يخطو خارج غرفته أو يترك أثرًا يمكن تتبعه بسهولة. إنها بيئة خصبة لنمو التطرف، تُدار بذكاء، وتستغل الثغرات القانونية والتكنولوجية في آنٍ واحد.
اليوتيوبر والداعية: الحد الفاصل يتلاشى
في عصر الإعلام الرقمي، بدأ يظهر نوع جديد من "الدعاة" أو "المؤثرين الإسلاميين" الذين لا يقتصرون على منابر المساجد التقليدية أو الفضائيات الإسلامية. هؤلاء المؤثرون يستخدمون أدوات الميديا الحديثة التي توفرها منصات مثل "يوتيوب" و"إنستغرام" و"تيك توك" لإنتاج محتوى ديني بلغة معاصرة، يعتمد على أساليب احترافية في الإضاءة والمونتاج والخلفيات الجذابة. لكن رغم هذه التقنيات الحديثة، فإنهم لا يتوانون عن إعادة إنتاج خطاب تقليدي قديم، يعزز أفكارًا رجعية أو يقدس العنف، ويكرس مفاهيم مغلوطة تتعارض مع قيم التعايش والاعتدال.
اللافت في هذه الظاهرة أن هؤلاء الدعاة الجدد يعتمدون على الأساليب البصرية المثيرة واللغة العصرية، لكنهم يمررون من خلالها رسائل تحرض على الكراهية والتعصب. في كثير من الأحيان، يتجنبون استخدام كلمات صريحة قد تعرضهم للمساءلة القانونية أو الرقابة، لكنهم يمررون رسائل مشفرة يمكن أن تُفهم كدعوة للتفوق الطائفي أو التحريض ضد الفئات المختلفة. بهذه الطريقة، ينجحون في تقديم خطابهم دون أن يثيروا الانتباه أو يتعرضوا للمسائلة المباشرة.
من خلال استخدام "الترند" أو الأحداث الرائجة على منصات التواصل الاجتماعي، يتمكن هؤلاء المؤثرون من جذب جمهور أكبر وتوسيع دائرة تأثيرهم. فالتفاعل مع المواضيع الرائجة والمحتوى الشعبي يتيح لهم الوصول إلى فئات واسعة، بما في ذلك الشباب الذين قد لا يكون لديهم وعي كافٍ بمخاطر الأفكار المتطرفة التي يُروج لها. ومن خلال هذا الأسلوب، يتمكنون من تحويل القضايا الاجتماعية والسياسية إلى قضايا دينية، ويشوهون الواقع في سبيل جذب المتابعين.
في النهاية، يصبح التحدي الأكبر هو كيفية التعامل مع هذا "الخلط" بين الدعوة والإعلام، حيث تتلاشى الحدود بين الداعية التقليدي واليوتيوبر الذي يتخذ من وسائل التواصل الاجتماعي منبرًا لنشر أفكار قد تكون متطرفة أو تحريضية. الأمر يتطلب جهودًا مضاعفة من الجهات المعنية لضبط هذه الظاهرة، والتمييز بين ما هو خطابي ديني معتدل وبين ما هو خطاب تحريضي أو مغلوط يتم ترويجه عبر منصات وسائل التواصل الحديثة.
المسؤولية المشتركة: من المنصة إلى المجتمع
المسؤولية في مواجهة ظاهرة التطرف الرقمي لا تقع فقط على عاتق منصات التواصل الاجتماعي، بل هي مسؤولية مشتركة تتوزع بين عدة أطراف. أولًا، هناك سياسات الدول التي يجب أن تكون أكثر فاعلية في مراقبة ومكافحة المحتوى المتطرف على الإنترنت، ولكن من دون التعدي على حرية التعبير أو فرض رقابة مفرطة. تلك السياسات يجب أن تشمل قوانين وأدوات رقابية أكثر دقة ومرونة، لمواكبة التطورات السريعة في تقنيات التواصل الرقمي، وضمان حماية الأفراد من الدعاية المتطرفة. ومع ذلك، فإن الغياب الفعلي للتنظيم الرقمي على مستوى عالمي يعزز من انتشار هذا النوع من المحتوى.
ثانيًا، تُعد التربية الرقمية عاملاً حاسمًا في التصدي لهذه الظاهرة. هناك حاجة ملحة لتعزيز الوعي الرقمي لدى الأجيال الجديدة، بحيث يتعلمون كيفية التعامل مع المحتوى على الإنترنت بطريقة نقدية وواعية. ومع الأسف، فإن الأنظمة التعليمية في العديد من الدول لا تركز بما فيه الكفاية على تعليم الطلاب كيف يميزون بين المعلومات الصحيحة والمضللة، وكيف يمكنهم فهم الرسائل المشفرة التي تُستخدم في استقطاب المتطرفين. إن غياب هذا الوعي يجعل الشباب أكثر عرضة للوقوع في فخ المحتوى المضلل والمتطرف.
علاوة على ذلك، يظهر دور الإعلام النقدي كعامل حاسم في تصحيح المفاهيم المغلوطة. فالإعلام، بدلاً من أن يكون أداة توعية وتنبيه، غالبًا ما يكون في بعض الأحيان غائبًا عن مواكبة التطورات الرقمية، أو غير قادر على تقديم خطاب نقدي وموضوعي يكشف جذور التطرف في المحتوى الرقمي. الإعلام التقليدي لا يزال يعتمد على أساليب قديمة في التعامل مع هذه القضايا، وهو ما يُساهم في عزلة المشاهد عن النقاشات الضرورية، خصوصًا في ظل ثورة المعلومات التي جعلت منصات التواصل الاجتماعي بديلاً سريعًا للفضائيات ووسائل الإعلام التقليدية.
وأخيرًا، تظل المؤسسات الدينية والتعليمية في بعض الأحيان متأخرة في مواجهة الخطاب الرقمي المتطرف. فالكثير من هذه المؤسسات لا تواكب التحولات في وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تقدم بديلاً عقلانيًا مقنعًا يستطيع جذب الأجيال الجديدة. إن الخطاب الديني التقليدي يعاني من أزمة كبيرة في تحديث محتواه وتقديم رسائل دينية تلامس اهتمامات الشباب، ما يجعل منصات مثل "تيك توك" و"يوتيوب" بديلًا أكثر جذبًا. الحل يكمن في أن تقوم هذه المؤسسات بتحديث أساليبها، وتنظيم دورات تعليمية وندوات رقمية تشارك فيها مع الخبراء للتفاعل مع الشباب في الفضاء الرقمي، وتقديم حلول فكرية دينية تساهم في تحصينهم ضد الأفكار المتطرفة.
خاتمة:
وسائل التواصل الاجتماعي ليست شريرة بطبعها، بل هي أدوات ذات إمكانات هائلة يمكن أن تكون منبعًا للمعرفة، والتواصل الإنساني، والإبداع. لكن مع تحولها إلى ساحة مفتوحة بلا حراس، أصبحت البيئة المثالية لنشر الأفكار المتطرفة والمضللة. ففي غياب الرقابة الفعالة والتوجيه الصحيح، تساهم هذه المنصات في نشر الخطابات المسمومة التي تروج للعنف والكراهية، مما يجعل من السهل على الأفراد الانزلاق إلى دوامة من التطرف. ما كان يمكن أن يكون مكانًا للتعلم والتواصل، أصبح الآن أحد أكبر مراكز تجنيد المتطرفين في العالم.
إن خطورة هذه المنصات تكمن في قدرتها على الوصول إلى الجمهور الواسع بشكل غير مسبوق. إذ يمكن لأي محتوى متطرف أن ينتشر بسرعة عبر الشبكات الاجتماعية، ويصل إلى ملايين المستخدمين حول العالم. ومع تصميم هذه المنصات لتشجيع المشاركة والتفاعل، يصبح الأمر أكثر صعوبة في السيطرة على الرسائل السلبية التي تُروج للعنف. المشكلة ليست فقط في نشر المحتوى، بل في كيفية استهلاكه، حيث تتيح التكنولوجيا الحديثة للأفراد استهلاك هذا المحتوى بشكل سريع وسهل، مما يجعلهم عرضة للمؤثرات الخارجية دون أن يلاحظوا تأثيرها التدريجي على أفكارهم وسلوكهم.
إذا لم نُدرك خطورة هذه الظاهرة ونتعامل معها كأداة تتطلب توجيهًا ورقابة دقيقة، فإننا نُقرب أنفسنا من كارثة معرفية وأمنية. فكما أن وسائل التواصل لا تخلو من فوائد كبيرة في مجالات التعليم والتواصل، إلا أنها تحتاج إلى مواجهة معرفية حقيقية لتفكيك خطاب الكراهية والعنف الذي يتسلل إليها. يجب أن يتم تبني حلول شاملة، تشمل رقابة قانونية، وتوجيه إعلامي، وتربية رقمية، لمواجهة تأثير هذه المنصات على عقول الأفراد.
وفي النهاية، إذا استمرت المنصات في السماح بنشر الخطابات المتطرفة دون تدخل حاسم، فسيبقى الطريق من "بوست" إلى بندقية أقصر مما نتصور. إذ قد يصبح من السهل على أي شخص، سواء كان مبتدئًا في عالم الإنترنت أو شخصًا غارقًا في أيديولوجيات متطرفة، أن يتحول إلى فاعل في عالم العنف. لذلك، لا بد من تضافر الجهود بين الحكومات، والمنظمات المدنية، والمؤسسات الدينية والتعليمية لوضع حلول فعّالة تضمن استخدام هذه الأدوات الرقمية بشكل آمن وبناء.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دراسة صادمة تكشف ما قد يفعله الهاتف الذكي بعقول الأطفال!
دراسة صادمة تكشف ما قد يفعله الهاتف الذكي بعقول الأطفال!

اليمن الآن

timeمنذ 2 ساعات

  • اليمن الآن

دراسة صادمة تكشف ما قد يفعله الهاتف الذكي بعقول الأطفال!

تظهر دراسة جديدة أن استخدام الأطفال لمواقع التواصل الاجتماعي قد يزيد من خطر إصابتهم بالاكتئاب خلال سنوات المراهقة. فبعد سنوات من الجدل حول العلاقة بين الصحة النفسية واستخدام منصات مثل "تيك توك" و"إنستغرام"، وجدت الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، أن كثرة استخدام الأطفال لهذه المنصات قد تساهم فعلا في تفاقم أعراض الاكتئاب لديهم. وفي الدراسة، تابع الباحثون بيانات 11876 طفلا أمريكيا تتراوح أعمارهم بين 9 و12 عاما تقريبا، على مدى 3 سنوات، لمعرفة ما إذا كان الأطفال المصابون بالاكتئاب هم أكثر ميلا لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لاحقا، أو العكس. وقد أظهرت النتائج أن الأطفال الذين عانوا من أعراض اكتئاب في سن 9 أو 10 لم يكونوا أكثر استخداما لمواقع التواصل عند بلوغهم 13 عاما مقارنة بغيرهم، ما يضعف الفرضية السابقة القائلة إن الأطفال "غير السعداء" ينجذبون أكثر إلى هذه المنصات. لكن المفاجأة كانت أن الأطفال الذين استخدموا مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مكثف في سن 12 و13 عاما، هم من أظهروا أعلى معدلات الاكتئاب لاحقا، ما يشير إلى احتمال وجود علاقة سببية بين الاستخدام الكثيف وظهور أعراض الاكتئاب. ووفقا للدراسة، ارتفع متوسط الوقت اليومي الذي يقضيه الأطفال على مواقع التواصل من 7 دقائق فقط في سن التاسعة إلى أكثر من ساعة مع بلوغهم سن المراهقة المبكرة. ورجّح فريق البحث أن تكون أسباب هذا التأثير السلبي مرتبطة بعوامل مثل التنمر الإلكتروني وقلة النوم، واللذان ارتبطا سابقا بزيادة معدلات الاكتئاب بين المراهقين.

يارا تامر زوجة مسلم ترد على شائعة انفصالهما
يارا تامر زوجة مسلم ترد على شائعة انفصالهما

الدولة الاخبارية

timeمنذ 2 ساعات

  • الدولة الاخبارية

يارا تامر زوجة مسلم ترد على شائعة انفصالهما

الجمعة، 23 مايو 2025 11:28 صـ بتوقيت القاهرة تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعى أخبارا تفيد بانفصال المطرب مسلم عن زوجته يارا تامر بعد زواجهما بأيام، على خلفية تقارب إحدى البلوجرات من زوجها، وهو الأمر الذى أزعجها، وخرجت وقتها يارا عبر فيديو على "تيك توك" هاجمت البلوجر خلالها بسبب تصرفاتها. وشاركت يارا تامر فيديو من حفل زفافها عبر حسابها على "إنستجرام" لترد على شائعة الانفصال التى تم تداولها وعلقت عليه قائلة: "ربنا ما يحرمنى منك يا نور عينى أنت كل حاجة ليا في الدنيا أبويا وضهري وسندي في الدنيا وماعنديش أغلى منك أبدا ربنا يسعدنا ويبعد عننا العين والناس الحقودة". واحتفل المطرب مسلم بزواجه يوم الثلاثاء الماضي، بحضور الأصدقاء المقربين من العروسين، وأعرب المطرب مسلم عن سعادته الكبيرة، وقال مسلم في تصريحات صحفية: "دايمًا بحب أكون مختلف وجديد سواء في لبسي أو في الأغاني اللي بقدمها.. وفرحي كان أهم ليلة في حياتي"، وأضاف: "بشكر كل الناس اللي شاركتني الفرحة وحضرت، وبتمنى الخير والسعادة للجميع". يُذكر أن آخر أعمال مسلم كانت أغنية "السكة اللي تودي"، وديتو أنا بابا مع المطربة بوسى، أغنية "شافوني غلط" التي طرحت عبر موقع "يوتيوب"، من كلمات وألحان حسن جمال، وتوزيع وميكس وماستر رامي المصري. وقد لاقت الأغنية رواجًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي منذ إطلاقها. كما سبق وتعاون مسلم مع الفنان أحمد الفيشاوي في أغنية مهرجانات بعنوان "إمبابة أجمل من باريس"، والتي قدّماها كأغنية دعائية لفيلم "رهبة"، الفيلم من تأليف محمد علام، وإخراج رضا عبد الخالق، ويشارك في بطولته نخبة من النجوم من بينهم: أحمد الفيشاوي، نسرين أمين، ثراء جبيل، محمود البزاوي، مصطفى غريب، بيومي فؤاد، وسما إبراهيم، وتدور أحداثه في قالب كوميدي شعبي.

زواج الشهرة.. كيف صعدت زوجات شاكوش ومسلم وصاصا إلى واجهة السوشيال ميديا؟
زواج الشهرة.. كيف صعدت زوجات شاكوش ومسلم وصاصا إلى واجهة السوشيال ميديا؟

النبأ

timeمنذ 2 ساعات

  • النبأ

زواج الشهرة.. كيف صعدت زوجات شاكوش ومسلم وصاصا إلى واجهة السوشيال ميديا؟

تحظى زوجات نجوم الفن، ولا سيما مطربي المهرجانات بشهرة واسعة بمجرد زواجهن، فتصعد كل منهن سلم الشهرة بخطوات واسعة، ويتعرف عليها مجتمع السوشيال ميديا بسرعة البرق، بمجرد زواجها من مؤدي مهرجانات، وهو ما تكرر كثيرا خلال السنوات الماضية ونرصده في السطور التالية: بداية الظاهرة.. حسن شاكوش وريم طارق قبل زواجه من ريم طارق، لم تكن معروفة في الأوساط الإعلامية، لكن بعد زواجها من مطرب المهرجانات حسن شاكوش، أصبحت "ريم" محط أنظار الجمهور ووسائل الإعلام، خاصة بعد ظهورها في حفل الزفاف وهي ترتدي فستان الزفاف الأبيض وتؤدي السجود شكرًا لله، هذا الظهور أثار جدلًا واسعًا، وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي الفيديو بشكل مكثف، ومع مرور الوقت، ظهرت ريم في عدة مناسبات إعلامية، ما زاد من شهرتها. ومع تصاعد الخلافات بينهما، أعلنت ريم طارق انفصالها عن شاكوش في عام 2024، مؤكدةً أنها حصلت على جميع حقوقها الشرعية، ومن جانبه، عبر شاكوش عن ندمه على الزواج، مؤكدًا أنه تعرض للظلم. حسن شاكوش وريم طارق مسلم وزوجته يارا تامر.. تريند من أول يوم نفس السيناريو تقريبًا يتكرر هذه الأيام مع مغني المهرجانات مسلم، الذي تصدّر اسمه محركات البحث بعد حفل زفافه مباشرة، ليس بسبب الحفل فقط، ولكن بسبب مشادة علنية بين زوجته يارا تامر وبلوجر شهيرة حضرت حفل الزفاف. يارا التي لم يكن أحد يعرفها قبل الزواج، أصبحت وجهًا معروفًا في اليوم التالي من زواجها، وتصدر اسمها التريند بعد بث مباشر على "تيك توك" هاجمت فيه البلوجر، وردّت الأخيرة، وتحوّل الخلاف إلى قضية رأي عام إلكترونية!. مسلم ويارا تامر عصام صاصا وزوجته جهاد.. تصعيد بالحب والتريند أما "جهاد" زوجة عصام صاصا، فقد بدأت تظهر بالتدريج في الفيديوهات معه على "تيك توك" و"ريلز" إنستجرام، حتى أصبحت جزءًا من "العلامة التجارية" لصاصا نفسه، وبدأت تتلقى تفاعلًا واسعًا، خصوصًا بعد مشاركتها في التحديات والمواقف اليومية التي يعرضها صاصا على حساباته. عصام صاصا وجهاد تأثير الشهرة المفاجئة على الزوجات الظهور المفاجئ للزوجات في وسائل الإعلام بعد الزواج أثار تساؤلات حول تأثير ذلك على حياتهن الشخصية، بعضهن قد يواجهن تحديات في التوازن بين حياتهن الخاصة والضغط الإعلامي، بينما قد يجدن في ذلك فرصة لتعزيز وجودهن في المجتمع الفني والإعلامي. هل الأمر مصادفة؟ أم سعي مقصود للشهرة؟ رغم أن كثيرين يرون في شهرة هؤلاء الزوجات شيئًا طبيعيًا نتيجة التواجد بجانب شخصية عامة، يرى آخرون أن بعضهن يستثمرن العلاقة للوصول إلى دائرة الضوء، خاصة مع تكرار ظهورهن في فيديوهات أو تصريحات مثيرة للجدل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store