
خلال فعاليات إطلاق مدينة 'جريان' بحضور رئيس الوزراء.. 'ياسين منصور': الدولة المصرية أصبحت اليوم واحدة من أكثر البيئات الاستثمارية الواعدة في المنطقة
خلال فعاليات إطلاق مدينة "جريان" الواقعة على محور الشيخ زايد، التي شهدها اليوم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بمقر مجلس الوزراء بالعاصمة الإدارية الجديدة، ألقى ياسين منصور، رئيس مجلس الإدارة والمجموعة التنفيذية لشركة "بالم هيلز"، رحب في مستهلها برئيس مجلس الوزراء، كما رحب بالسادة الحضور، ومعربا عن سعادته لمشاركته في هذا الحدث الاستثنائي لإطلاق واحد من أهم المشروعات التنموية الكبرى في تاريخ مصر.
كما وجه منصور الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والحكومة على الجهود المبذولة في تنفيذ مخطط التنمية العمرانية 2052، التي أتاحت فرصًا استثمارية متعددة، وعملت على تعزيز مشاركة القطاع الخاص، مضيفا أن الدولة تستكمل هذا التوجه بمشروعات كبرى لاستصلاح الأراضي، وفي مقدمتها مشروع الدلتا الجديدة، الذي يعد أحد أعمدة الأمن الغذاء القومي، والذي يضيف مساحة زراعية تعادل تقريبًا ربع مساحة الأراضي الزراعية الحالية في مصر، ويسهم في تحقيق الاكتفاء من السلع الاستراتيجية، من خلال استخدام أساليب الري الحديثة.
وفي هذا الإطار، أوضح ياسين منصور أن هذا التوجه من جانب الدولة لإنشاء مشروعات تنموية يأتي ضمن هذا المشروع القومي، كفكر حديث ومبتكر يهدف إلى تخفيض وتقليل تكلفة البنية التحتية التي استثمرت فيها الدولة جهودًا وموارد كبيرة لدعم هذا المشروع الضخم، مؤكدا أنه بهذه الإنجازات وغيرها من المشروعات القومية الضخمة، أصبحت الدولة المصرية اليوم واحدة من أكثر البيئات الاستثمارية الواعدة في المنطقة، وأصبحت التنمية العمرانية أداة فاعلة في تعزيز النمو الاقتصادي، وتحفيز الاستثمار المحلي والدولي، وتوفير فرص حقيقية للنمو المستدام.
وقال منصور: اليوم نعلن عن انطلاق مشروع من طراز خاص، "جريان"، الذي يُعبر عن تحول استراتيجي في الفكر العمراني المصري ونقلة في مسيرة التنمية العمرانية بغرب البلاد، وفرصةً استثنائية لإقامة وجهة سياحية متكاملة تدعم مكانة مصر كوجهة سياحية عالمية؛ لافتا إلى أن مشروع "جريان" يمثل التكامل بين العقار والسياحة والاستثمار، ويرفع من معدل النمو الاقتصادي.
وفي السياق نفسه أضاف ياسين منصور: شرُفنا باختيار "بالم هيلز"، إحدى شركات مجموعة "منصور"، التي تعمل في أكثر من 100 دولة حول العالم، كشريك ومطور رئيسي في هذا المشروع، مما يعكس ثقة الدولة والمستثمرين في قدراتنا وخبراتنا الممتدة عبر عقود في مجال التطوير العمراني بأكبر محفظة من المشروعات وصلت إلى 41 مشروعًا متكاملًا في شرق وغرب كل من القاهرة، والإسكندرية، والساحل الشمالي.
وخلال كلمته، أكد منصور أن ذلك جاء من خلال رؤية غير مسبوقة في التطوير العقاري، ورؤية شاملة تتضمن التطوير في قطاعات التعليم، والرياضة، والبنية التحتية الذكية، والاستدامة البيئية، حيث قمنا بالفعل بإنشاء أول مدينة مستدامة وذكية في الدولة، وهي "مدينة باديا"، التي تتوافق مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، كما أن لدينا سجلا حافلا من النجاحات في قطاع الضيافة والاستثمار السياحي، فضلا عن شراكات إقليمية ودولية تؤهلنا لأن نكون مساهمًا محوريًا في مشروع بحجم وقيمة "جريان".
وأضاف ياسين منصور: نحن كشركة توسعنا في نشاط الاستثمار السياحي من خلال إنشاء سبعة فنادق حتى الآن، وكان آخرها شراكتنا مع مجموعة "ماريوت إنترناشونال" لإقامة فندق "الريتز- كارلتون القاهرة بالم هيلز" في غرب القاهرة، كما نخطط لإضافة 4 آلاف غرفة فندقية جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة؛ بهدف تحقيق عوائد دولارية، حتى نصل إلى تغطية تكلفتنا من العملة الصعبة، من خلال موارد هذه الفنادق.
أما بالنسبة للتعليم، فقال : تعد شركة بالم هيلز أكبر شريك في شركة "تعليم"، المالكة لجامعتين: جامعة باديا، التي تم تأسيسها بالشراكة مع جامعة تكساس الطبية – إحدى أفضل الجامعات عالميًا – وجامعة النهضة، بالشراكة مع جامعة فيينا الطبية الدولية، كما نعمل على إنشاء جامعة ممفيس، التي من المقرر افتتاحها في سبتمبر المقبل، بخلاف شراكتنا مع King's School التابعة لمجموعة "INSPIRED".
وأضاف: "مع فخرنا الكبير بهذا النجاح وهذه الإنجازات، نعتز بأن "بالم هيلز" تحقق أعلى عائد استثماري في السوق المصرية، كما نفخر بالتزامنا الدائم بتسليم المشروعات قبل المواعيد المتفق عليها مع عملائنا الأعزاء، لذلك، تعتبر "بالم هيلز" الشركة الأكثر جدارة للمساهمة في هذا المشروع القومي".
وفيما يتعلق بمشروع "بالم هيلز جريان"، فأشار ياسين منصور إلى أنه يعد مشروعا جديدا ذا رؤية مستقبلية في "زايد الجديدة"؛ حيث نخطط لإنشاء مشروع عالميّ بمدينة جريان على مساحة 361 فدانا، ويتميز المشروع بواجهة نيلية تصل إلى أكثر من 9 كيلومترات، ويتميز المشروع بأن 100% من الوحدات تتمتع بإطلالات على النيل.
وأضاف: "ويتميز المشروع أيضا بوجود جزر منفصلة ذات إطلالات خاصة، مع تصميم معماري مبتكر سيكون الأول من نوعه والأحدث في مصر، كما يوفر 100 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة سنويا، ونعمل على أن يطبق المشروع ما يرتقي بمفهوم الاستدامة ويواكب أحدث التوجهات العالمية، من خلال تبني عناصر الاقتصاد الدائري وتصميم أنظمة مجتمعية مرنة، قادرة على التكيف مع تطورات المستقبل، حيث يحقق المشروع توازنًا بيئيًا واقتصاديًا في مختلف مراحل دورة الحياة لتحقيق الاستدامة، مع بناء بنية تحتية ذكية ومرنة تتطور مع متطلبات المستقبل".
ولتعزيز الجانب السياحي بالمشروع، لفت ياسين منصور إلى أن الشركة تتعاون مع أكبر الاستشاريين العالميين في مجالات الاستشفاء والرعاية الصحية؛ لتحقيق مبدأ حياة صحية أفضل "longevity"، كما نعمل على إنشاء فرع جديد لنادي "بالم هيلز" الرياضي يختص بالأنشطة المائية والبحرية، وبصفة عامة، يسعى النادي إلى الحصول على ما لا يقل عن أربع ميداليات في دورة الألعاب الأولمبية بـ "لوس أنجلوس 2028".
واختتم ياسين منصور كلمته خلال فعاليات إطلاق مدينة "جريان"، بالإشارة إلى أن ما قدمه يعد لمحة عما ستقدمه "بالم هيلز" في هذا المشروع، وقال: "سنسخر خبراتنا الطويلة لوضع أساس قوي يضمن نجاحا مبهرا للمشروع ويعكس رؤيتنا.. إن ما نشهده اليوم هو أكثر من مجرد مشروع عمراني أو سياحي جديد، بل هو نقطة انطلاق نحو نموذج جديد للتنمية الحضرية في مصر، وأن تُحوّل رؤيتها الطموحة إلى واقع يليق بتاريخها العريق ومكانتها الإقليمية والدولية، وهو ما يُحتذى به في كيفية تعاون الدولة والقطاع الخاص".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أهل مصر
منذ 8 ساعات
- أهل مصر
دبلوماسية روسية: أمريكا أكبر مدين للأمم المتحدة وعليها أكثر من 3 مليارات دولار
قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن الولايات المتحدة هي أكبر دولة عليها ديون للأمم المتحدة، حيث تجاوزت مستحقاتها المتأخرة الآن 3 مليارات دولار. جاءت تصريحاتها ردا على دعوة رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك لوقف تمويل الأمم المتحدة. ونقلت وكالة تاس الروسية عن زاخاروفا قولها: "إذا كان رجل أعمال أمريكي بارز، وهو شخص كان له دور مؤثر سابق داخل المؤسسة الأمريكية، وشخص يحظى رأيه بالاهتمام محليا وعالميا، يدعو إلى سحب التمويل من الأمم المتحدة، فلنذكر الجميع بأن الولايات المتحدة هي حالياً أكبر مدين للمنظمة. وفقاً للبيانات الرسمية، اعتباراً من يناير 2025، كانت الولايات المتحدة تدين للأمم المتحدة بأكثر من 2 مليار دولار، وهذا يخص الأمم المتحدة نفسها فقط". وأضافت: "لقد بحثت عن الأرقام الرسمية، ويمكنني أن أقول لكم إن الديون الحالية على الولايات المتحدة للأمم المتحدة قد تجاوز بالفعل 3 مليارات دولار".


بوابة الفجر
منذ 9 ساعات
- بوابة الفجر
وزيرة البيئة: الأمن الغذائي والبيئي في قلب اتفاقية التصحر
أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، أن مشاركة مصر الفعّالة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى جانب تنفيذ مشروعات بيئية مشتركة، تمثل خطوة استراتيجية تعكس أهمية دمج قضايا البيئة والغذاء ضمن منظومة الأمن القومي والتنمية المستدامة. وقالت الوزيرة، خلال لقائها مع الإعلامي نشأت الديهي في برنامج "المشهد"، المذاع عبر قناة TeN، مساء الأربعاء: "نجاح مصر في التواجد داخل اتفاقية التصحر وتنفيذ مشروعات مشتركة هو تأكيد على أن قضايا البيئة والغذاء ما زالت الشغل الشاغل للعالم، وأن الأمن الغذائي والبيئي يمثلان قلب الاتفاقية." ربط البيئة بالصناعة والاستقرار وشددت على أن البيئة لم تعد قضية رفاهية، بل أصبحت محورًا أساسيًا في معادلة الأمن والاستقرار، مؤكدة أن التوجه العالمي الآن يربط بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على الموارد البيئية، خاصة في ظل مشروعات صناعية جديدة يجب أن تخضع لمعايير عدم الإضرار بالبيئة. وأضافت: "الهدف من الاجتماعات الدولية هو ضمان عدم إلحاق أي ضرر بيئي بالمشروعات الجديدة، خصوصًا في وقت تسعى فيه الدولة للنهوض بالصناعة دون الإخلال بالتوازن البيئي." البيئة تحت مظلة الأمن القومي وأعربت وزيرة البيئة عن سعادتها بأن ملف البيئة أصبح جزءً من ملف الأمن القومي في مصر، وهو ما يعكس التوجه الرئاسي الواضح نحو دمج القضايا البيئية في عملية التنمية الشاملة. وتابعت: "فرحت جدًا يوم ما اتحط ملف البيئة تحت مظلة الأمن القومي... الرئيس السيسي يعتبر الملف البيئي في قلب عملية التنمية، وده كان محور لقائي معاه مؤخرًا."

مصرس
منذ 9 ساعات
- مصرس
الانعكاسات الإيجابية لسياسات الابتكار على الاقتصادات والمجتمعات العربية
شرفت وسعدت مؤخرا، باعتبارى توليت فى السابق ولما يقرب من عشر سنوات منصب مدير المكتب الإقليمى للدول العربية بالمنظمة العالمية للملكية الفكرية بجنيف، وهى إحدى المنظمات التابعة لمنظومة الأمم المتحدة، بتلبية دعوة كريمة من السيد الوزير محمد العرابى، وزير الخارجية المصرى الأسبق ورئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية ورئيس منظمة تضامن الشعوب الأفرو آسيوية، والسيد السفير الدكتور عزت سعد مساعد وزير الخارجية الأسبق وسفير مصر الأسبق لدى روسيا والمدير التنفيذى للمجلس، للتحدث فى لقاء مهم نظمه واستضافه المجلس، الذى أتشرف بعضويته، حول سياسات الابتكار وتأثيرها على آفاق التنمية فى الوطن العربى، وهو لقاء شهد حضورا متميزا من جانب نخبة من القامات الرفيعة من أعضاء المجلس وأصدقائه، ومنهم أساتذة كبار من السيدات والسادة السفراء المتقاعدين وأصدقاء أجلاء وزملاء أعزاء. وكانت تلك مبادرة رائعة ومحمودة من جانب المجلس، سواء فى موضوعها أو فى توقيتها، بسبب مواكبتها للأهمية المطردة لموضوع الابتكار بالنسبة لكافة دول العالم، وفى مقدمتها بلدان الجنوب العالمى التى تدخل ضمنها البلدان العربية من جهة، وبسبب إلقائها لضوء على الوعى والإدراك المتزايد لدى البلدان والحكومات العربية، خاصة على مدى العقدين الماضيين، بضرورة صياغة استراتيجيات وسياسات محددة وآليات لتنفيذها بغرض دعم وتشجيع الابتكار من خلال أطر مؤسسية وبشكل ممنهج ومنظم يربط نتائجه باحتياجات ومتطلبات اقتصادات ومجتمعات تلك البلدان من جهة، وبالمغيرات العالمية المتلاحقة والمتسارعة، خاصة فى مجالات البحث العلمى والتطوير التكنولوجى، من جهة أخرى.ويجب أن نعود هنا إلى عام 2007، عندما بدأت المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، وتحت قيادة مديرها العام السابق الدكتور/ فرانسيس جاري، فى إصدار تقرير سنوى باسم «المؤشر العالمى للابتكار»، وذلك بهدف وضع ترتيب سنوى لبلدان العالم، التى تقدم البيانات المطلوبة منها من جانب الويبو للدخول ضمن هذا الترتيب، على أن يركز التقرير أساسا على قياس قدرات ونجاحات الدول فى مجال الابتكار فى سياقه العام، وذلك بناء على أكثر من 80 مؤشرا فرعيا يمثلون مجتمعين المؤشر العام للابتكار، وينقسمون إلى فئتين رئيسيتين هما: «مدخلات الابتكار» و«مخرجات الابتكار»، واعتمدت المنظمة، بجانب البيانات والمعلومات التى تقدمها الحكومات، على بيانات ومعلومات تتلقاها من منظمات دولية أخرى ذات صلة مثل الاتحاد الدولى للاتصالات ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) وغيرهما مما تصدر تقارير سنوية أيضا بعض ما فيها يرتبط بالابتكار ويؤثر فيه ويتأثر به. وإن كانت الويبو قد أصدرت ذلك التقرير لسنوات عديدة بالشراكة مع مؤسسات أخرى، فإنها، وبدءًا من عام 2021، وتحت قيادة مديرها العام الحالى السيد/ دارن تانج، أصبحت تصدر التقرير بمفردها.ومما يلفت النظر أنه على مدار تلك السنوات التى تخطت العقد ونصف فإن عددا لا بأس به من البلدان العربية، وصل فى بعض الأحيان إلى نصفها، قد خرج من هذه التقارير السنوية بسبب الظروف الداخلية لبعض الدول أو عدم قدرة بعض الدول الأخرى على تقديم المعلومات والبيانات المطلوبة للويبو بحيث يمكن أن يشملها التقرير وتندرج فى إطاره. وبالمقابل، فإن عددا من الدول العربية نجحت فى السنوات القليلة الماضية فى أن تحقق تقدما، ملموسا أحيانا ومحدودا أحيانا أخرى، فى ترتيبها العالمى طبقاً للمؤشر العالمى للابتكار، وتسرى هذه الملاحظة بالذات على عدد من البلدان العربية الواقعة فى منطقة الخليج، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد نجحت دولة الإمارات فى التقدم لتحجز لنفسها مكانا على مدى أكثر من خمس سنوات ماضية ضمن الدول الأربعين الأكثر تقدما فى مجال الابتكار فى العالم، بل ووصلت فى سنة 2024 إلى المرتبة الثانية والثلاثين ضمن المؤشر العالمى للابتكار. كما حققت دول عربية أخرى تقدما ملفتا مثل السعودية ودولة قطر والمملكة المغربية و البحرين وتونس وسلطنة عمان و مصر.وقد أدركت البلدان العربية جميعها بشكل متزايد أهمية الابتكار والسياسات الداعمة له، من خلال أهمية إيجاد البيئة المواتية له وحمايته من خلال تشريعات وقوانين تحمى حقوق الملكية الفكرية وتوفير وسائل جدية لإنفاذ وفرض هذه الحقوق، فى بناء اقتصاديات ومجتمعات متقدمة وقادرة على الحياة وعلى الصمود وعلى المنافسة وعلى التكيف فى ظل أوضاع اقتصادية دولية أكثر تحديا وصعوبة نتيجة للعديد من المتغيرات العالمية، سواء الاقتصادية أو ما يترتب على اعتبارات جيو استرايجية أو جيو سياسية دولية وإقليمية.وبالتالى، بدأ عدد من البلدان العربية استخدام معطيات ونتائج المؤشر العالمى للابتكار فيما يخصها للعمل على تحسين الأداء الابتكارى لاقتصاداتها ومجتمعاتها وأيضا الاسترشاد بتلك المعطيات لصياغة استراتيجيات وسياسات وطنية للابتكار تكون مستندة إلى وقائع ملموسة تم التحقق منها بواسطة الويبو أو غيره من المنظمات الدولية التى يتم استخدام إحصاءاتها عند إعداد التقرير السنوى للمؤشر. وعلى الجانب المقابل، فإن عددا متزايدا من المنظمات متعددة الأطراف وبنوك التنمية الدولية والإقليمية أصبحت بشكل متعاظم تعتمد على ما يرد بشأن كل دولة فى التقرير السنوى للمؤشر العالمى للابتكار، ضمن تقارير ووثائق ومستندات أخرى، عند اتخاذ قرارها بشأن تمويل مشروعات أو برامج أو إعطاء الضوء الأخضر لاستثمارات عامة أو خاصة فى أى دولة تطلب منها القيام بهذا الإجراء تجاهها.وعندما نتحدث عن البيئة الوطنية الداعمة للابتكار فإننا فى واقع الأمر نعنى مكونات كثيرة ومتنوعة، فبالتأكيد، هناك التشريعات والقوانين واللوائح والقرارات ذات الصبغة الإدارية التى يتعين إصدارها لتوفير السياق التشريعى المستقر والثابت والداعم للابتكار من خلال حزمة من الإجراءات والحوافز الداعمة والحامية للابتكار والمبتكرين، ويرتبط بذلك الحرص على تنفيذ وفرض ما تستتعيه تلك القوانين والقرارات من إنفاذ لها من خلال سلطات الإنفاذ الوطنية من شرطة وجمارك ونيابات عامة وجهات قضائية على تعدد مستوياتها ودرجاتها، ويرتبط بذلك توفير التدريب اللازم للقائمين على تلك الجهات كلها لتعميق معرفتهم الكاملة والمتعددة الأبعاد بالابتكار وبحماية حقوق الملكية الفكرية المترتبة على ناتج الابتكار والتى يجب أن يتمتع بها المبتكرون والمخترعون حتى يشعروا بالأمان وبالقدرة على التمتع بعوائد اختراعاتهم وابتكاراتهم، سواء من الناحية المادية أو من الناحية المعنوية والأدبية.إلا أن الأمر لا يقف عند هذا الحد، فمن جانب آخر فإن تبنى سياسات داعمة للابتكار يتصل بشكل عضوى بصياغة خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل لمراجعة منظومة التعليم والبحث العلمى بشكل عام وشامل، يبدأ حتى مع الأطفال فى مرحلة دور الحضانة السابقة على المرحلة الابتدائية ويتواصل ويتصاعد على مدى كل مراحل التعليم الإعدادى والثانوى ثم الجامعى وصولاً إلى الدراسات العليا فى الجامعات والبحث العلمى والتطوير التكنولوجى سواء جرى داخل حرم الجامعات أو داخل مؤسسات ومراكز بحثية تابعة للجامعات أو مستقلة أو تابعة لمؤسسات اقتصادية عامة أو خاصة أو مشتركة بين القطاعين الحكومى والخاص.أما الجانب الثالث الذى يتعين إطلاق عنان المبادرات الداعمة للابتكار والمشجعة عليه من خلاله فهو ما يتصل بالمؤسسات التى تندرج ضمن ما جرى على تسميته بالمجتمع المدنى داخل كل دولة، ويشمل ذلك أنواعا كثيرة ومتعددة من المؤسسات بما فى ذلك الأندية الاجتماعية والرياضية والمراكز الشبابية والمنظمات النسائية وكذلك النقابات الفئوية والاتحادات الطلابية. ويندرج أيضاً فى هذا الإطار أهمية تشكيل منظمات غير حكومية لتشجيع الابتكار، سواء بشكل عام أو داخل فئات بعينها مثل الأطفال والنشء والشباب والنساء.أما الجانب الرابع، وهو الأخير الذى سوف نتعرض له هنا مع الإقرار بوجود عناصر وعوامل وجوانب أخرى لا يتسع المجال لذكرها هنا ولها دور هام فى تعزيز البيئة الداعمة للابتكار، فهو ما يتصل بالدور الحيوى الذى يمكن أن تلعبه وسائل الإعلام، سواء التقليدية منها أو المستجدة والتى تنتشر بمعدلات متسارعة مثل وسائل التواصل الاجتماعى، فى التشجيع على الابتكار والتعريف بالعوائد المادية والمعنوية المجزية له على المبتكر وبالحماية التى توفرها القوانين للمبتكر ولمنتجو ابتكاره، والسعى بشكل خاص إلى جذب فئات لا تزال مساهمتها فى الابتكار أقل من نسبتها فى المجتمع مثل النساء والنشء والشباب من طلاب المدارس والجامعات.وهكذا نرى أنه بالرغم من انتباه البلدان العربية خلال العقدين الماضيين، بشكل متزايد، لأهمية دور الابتكار فى تحقيق مكاسب وفوائد متعددة الأبعاد لاقتصاداتها ولمجتمعاتها إلا أنه ما زال أمامها الكثير مما يتعين عمله لتعظيم ما يمكن أن تجنيه من وراء الابتكار ونتائجه، سواء على الأصعدة المادية البحتة أو على صعيد التنمية البشرية والمستدامة بمفهوميها الشاملين، وهو ما تملك البلدان العربية، على الأصعدة الفردية وشبه الإقليمية والإقليمية، كل المقومات اللازمة للقدرة على النجاح فى مسيرتها للوصول إلى هذه الغايات النبيلة والضرورية والحتمية والمثرية لشعوبها.