
هل أدت الهواتف الذكية مهمتها وباتت نهايتها قريبة؟
في عالم يسير بخطى متسارعة نحو الغد تبدو الهواتف الذكية وقد بدأت تفقد بعضاً من بريقها. وقد تراجعت مبيعاتها عالمياً، وسجل عام 2023 أدنى مستوى، في هذا الخصوص، خلال عقد كامل، وكأن الأسواق شبعت من الأجهزة التي كانت يوماً جواز سفر الإنسان إلى العالم الرقمي. لم يعد الابتكار يجدد العهد بين المستخدم وجهازه، ولم تعد القدرة الشرائية تسمح بتبديل سريع لهذه الأجهزة وسط موجات تضخم وانكماش تطل برأسها من كل زاوية.
في وقت تتباطأ فيه دورة الحياة التقليدية للهواتف، يخرج من رحم التطور جيل جديد من الإنجازات الرقمية: دبابيس ذكية وخواتم تتحدث بلغة المستقبل وساعات وأجهزة تلتف حول الجسد بذكاء صامت. وتسعى شركات ناشئة إلى تقديم بدائل تلبي حاجات الإنسان من دون أن تشغل حيزاً من انتباهه، بينما يمدد عمالقة التكنولوجيا إمبراطورياتهم لتشمل أدوات لا تستأذن قبل أن تصير جزءاً من تفاصيل حياتنا اليومية.
ويتساءل الحالمون بالمستقبل: هل تختفي الهواتف الذكية كما اختفى، قبلها، المجد القديم لأجهزة الكمبيوتر؟ يرى بعضهم أن الغد ملك لأجهزة تتغلغل في حياتنا بخفة الظل، تخمن حاجاتنا قبل أن نبوح بها. وفي المقابل، لا تزال هناك أصوات تدافع عن الهاتف الذكي باعتباره مركز قيادة لمنظومة رقمية آخذة بالاتساع حيث يلتقي الذكاء الاصطناعي مع الحوسبة المحمولة تحت راية واحدة.
التاريخ يعلمنا أن الأدوات لا تموت، بل تتبدل أدوارها. ولعل الهواتف الذكية تمضي نحو موقع أقل سطوعاً، ولكن أكثر حيوية ضمن فسيفساء تكنولوجية تتشكل على مهل، إذ يتراجع الهاتف خطوة إلى الوراء، ليفسح المجال أمام المستقبل.
الهواتف الذكية: تراجع تدريجي لا اختفاء وشيكاً
في السياق اعتبر المتخصص في الأمن السيبراني رولان أبي نجم أن 'العالم يتجه تدريجياً نحو مرحلة تتغير فيها أدوات الاتصال'، لكنه شدد على أن 'الهواتف الذكية لن تختفي قريباً'. وقال أبي نجم 'لو استعرضنا تطور التكنولوجيا، لوجدنا أن البداية كانت مع أجهزة كمبيوتر ضخمة، ثم انتقلنا إلى الحاسوب المحمول، فالهواتف الذكية، ومن بعدها الأجهزة اللوحية كالآيباد. اليوم، نحن في عصر إنترنت الأشياء IOT، إذ أصبح كل شيء متصلاً بالإنترنت: من النظارات إلى السيارات إلى الأجهزة المنزلية'، مشيراً إلى أن 'الهدف الدائم للتكنولوجيا تبسيط الحياة اليومية'. وأضاف 'اليوم أستطيع مثلاً أن أجيب على مكالمة هاتفية عبر ساعتي الذكية، من دون الحاجة إلى استخدام الهاتف. هذه الأجهزة باتت مزودة بشرائح اتصال مستقلة، مما يجعلها بديلاً عملياً في بعض الحالات'.
تقنيات العرض الثلاثي الأبعاد والتجارب الغامرة
وتحدث أبي نجم عن الاتجاه الجديد المتمثل في تقنيات العرض 'الثلاثي الأبعاد' قائلاً 'بات بإمكانك عبر جهاز صغير مثل الساعة أو النظارات أن تسقط لوحة مفاتيح افتراضية على الطاولة أمامك، أو تعرض شاشة عمل على الحائط. هذه البدائل قد تغني مستقبلاً عن الحاجة إلى حمل هاتف في اليد'.
وعن جهاز Apple Vision Pro تحديداً، أوضح أن 'ما نشهده حالياً لا يعني أن الهواتف ستختفي خلال سنة أو سنتين. التطور سيأخذ وقتاً، خصوصاً مع تسارع الذكاء الاصطناعي الذي ما زال يتطلب أجهزة ذات إمكانات قوية من حيث الحجم والطاقة. ربما يكون البديل مستقبلاً عبر الخواتم الذكية أو النظارات الذكية، أو ما يسمى الـ Augmented Glasses'. وأكد أبي نجم أن تبني التكنولوجيا الجديدة ليس سهلاً بطبيعته، مستشهداً بتحول المستخدمين من هواتف BlackBerry إلى أجهزة iPhone 'عندما أطلقت (أبل) أول (آيفون) من دون لوحة مفاتيح فعلية، واجه المستخدمون صعوبة كبيرة في التعود على الكتابة على الشاشة. المقاومة دائماً موجودة مع كل قفزة تقنية جديدة، خصوصاً لدى الفئات العمرية الأكبر سناً'.
وفي سياق متصل، اعتبر أبي نجم أن 'كثيرين من الأشخاص ما زالوا يستخدمون هواتف نوكيا القديمة حتى اليوم، مما يعني أن مرحلة الانتقال الكامل إلى بدائل الهواتف الذكية ستتفاوت من شخص لآخر'.
وعن ظاهرة استخدام نظارات الواقع الافتراضي، قال 'بات مشهداً عادياً أن ترى شخصاً يضع نظارات الواقع الافتراضي في المترو، وكأنه يتحدث إلى الهواء أو يضغط على أزرار وهمية. المشهد قد يبدو غريباً، لكنه يعكس تحولاً حقيقياً في طريقة تفاعلنا مع التكنولوجيا'. ورأى أن هذه التقنيات 'قد تجعل الترفيه والعمل أكثر سهولة من خلال نظارات VR مثلاً، يمكنني حضور حفل موسيقي في نيويورك وأنا جالس في منزلي. يمكنني زيارة متحف اللوفر افتراضياً وكأنني هناك، مما يفتح آفاقاً جديدة للتجربة الإنسانية'.
الهواتف الذكية: مرحلة انتقالية طويلة لا قفزة مفاجئة
من جهته أكد مستشار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عامر الطبش أن 'الهواتف الذكية لن تختفي فجأة، بل ستظل قائمة لفترة تراوح ما بين 10 و15 سنة قبل أن يشهد العالم تحولاً جذرياً في طريقة الاتصال والتواصل'. ورأى الطبش أن 'استخدام الهواتف الذكية سيتغير تدريجياً مع تطور التكنولوجيا، إذ لن تبقى الأجهزة المحمولة أداة الاتصال الأساسية، بل ستصبح واحداً من بين خيارات عدة أكثر تقدماً واندماجاً في حياة الإنسان'.
وبحسب الطبش أيضاً، وصلت تكنولوجيا الهواتف الذكية إلى 'أقصى حدود تطورها الممكنة، إذ لم تعد الابتكارات الحالية تحمل تغييرات جوهرية في بنية الجهاز أو آلية عمله. التعديلات التي تطرأ تقتصر على تحسين جودة المواد المستخدمة، مثل إدخال التيتانيوم، أو تطوير البرمجيات بإضافة ميزات الذكاء الاصطناعي، إلى جانب تحسينات طفيفة في التصميم أو الألوان. هذه التحديثات، على أهميتها، لا تغير حقيقة أن صناعة الهواتف الذكية دخلت مرحلة النضج، ولم تعد تقدم ابتكارات ثورية كالتي شهدناها عند نشأتها'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


التحري
منذ 8 ساعات
- التحري
آبل… توجه لتحسين دعم الكتابة بالخطوط العربية في iPadOS 19
كشفت تقارير صحفية عن نية شركة آبل تحسين دعم الخطوط العربية في نظام iPadOS 19 المُخصص لأجهزة آيباد، وذلك من أجل تمكين مستخدمي 'قلم آبل Apple Pencil' من الكتابة الرقمية باللغة العربية بأسلوب يحاكي الخط اليدوي التقليدي، في خطوة تعكس اهتمام الشركة المتزايد بالأسواق العربية. ووفقًا لما ذكرته وكالة بلومبرغ الإخبارية، فإن آبل تعمل أيضًا على تطوير لوحة مفاتيح ثنائية أكثر تطورًا تتيح التنقل السلس بين اللغتين العربية والإنكليزية في أجهزة آيفون وآيباد، بالإضافة إلى أداة كتابة مُخصصة للخط العربي في أجهزة آيباد. وتأتي هذه الخطوات في إطار إستراتيجية آبل لتعزيز حضورها في الأسواق العربية، حيث تواصل توسيع شبكة متاجرها الرسمية في السعودية والإمارات بنحو خاص. ومع ذلك، فإن اللغة العربية ما زالت غير مدعومة في مزايا الذكاء الاصطناعي الخاصة بآبل 'Apple Intelligence'. وأشارت بلومبرغ إلى أن نظام iOS 19 سيحمل مجموعة من التحسينات الأخرى، مثل مزايا تحسين عمر البطارية باستخدام الذكاء الاصطناعي، ومزامنة تفاصيل شبكات الواي فاي العامة بين الأجهزة لإلغاء الحاجة إلى إدخالها بنحو متكرر. وستشهد واجهة النظام تحديثًا بصريًا واسع النطاق يشمل الأيقونات والقوائم والنوافذ وأزرار النظام، في ما يوصف بأنه 'أكبر تحديث لتصميم iOS منذ إصدار iOS 7'. ومن المنتظر أن تكشف آبل عن هذه المزايا الجديدة خلال مؤتمرها السنوي للمطورين WWDC 2025 الذي سيُعقد في المدة الممتدة بين 9 و 13 حزيران


التحري
منذ 8 ساعات
- التحري
عطل يواجه مستخدمي 'واتساب' في لبنان… ما القصة؟
يشكو عدد من مستخدمي 'واتساب' في لبنان، لا سيّما من يملكون هواتف آيفون، من خلل تقني في التطبيق. تتمثل المشكلة في اختفاء إشعار الاستماع للرسائل الصوتية. فعند إرسال رسالة صوتية، لم يعد يظهر للمُرسل ما إذا كان الطرف الآخر قد استمع إليها، إذ اختفت العلامة الزرقاء التي كانت تدل على ذلك. وللوقوف على تفاصيل هذه المشكلة، تواصل 'لبنان 24' مع الخبير في التحوّل الرقمي وأمن المعلومات، رولان أبي نجم، الذي أوضح أن التطبيقات تُجري تحديثات دورية تتضمن مزايا جديدة، لكن في بعض الأحيان، كما يحدث حالياً مع مستخدمي واتساب على هواتف آيفون، تظهر بعض الثغرات البرمجية نتيجة هذه التحديثات، ما يؤدي إلى مشاكل تقنية مؤقتة. أبي نجم طمأن المستخدمين، مشيراً إلى أن معالجة هذه الثغرة متوقعة في وقت قريب ضمن تحديث قادم للتطبيق


الديار
منذ 9 ساعات
- الديار
عطل واجه مستخدمي ' واتساب' في لبنان
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب شكى عدد من مستخدمي 'واتساب' في لبنان، لا سيّما من يملكون هواتف آيفون، من خلل تقني في التطبيق. تتمثل المشكلة في اختفاء إشعار الاستماع للرسائل الصوتية، فعند إرسال رسالة صوتية، لم يعد يظهر للمُرسل ما إذا كان الطرف الآخر قد استمع إليها، إذ اختفت العلامة الزرقاء التي كانت تدل على ذلك. وأوضح الخبير في التحوّل الرقمي وأمن المعلومات، رولان أبي نجم، أن التطبيقات تُجري تحديثات دورية تتضمن مزايا جديدة، لكن في بعض الأحيان، كما يحدث حالياً مع مستخدمي واتساب على هواتف آيفون، تظهر بعض الثغرات البرمجية نتيجة هذه التحديثات، ما يؤدي إلى مشاكل تقنية مؤقتة.