logo
الهدنة ... مرة أخرى درس الموازين ...!

الهدنة ... مرة أخرى درس الموازين ...!

جريدة الاياممنذ 2 أيام

حتى ساعة نشر هذا المقال يفترض أن تكون حركة حماس قد سلّمت ردها على مقترح الوسيط الأميركي ستيف ويتكوف الأخير، والذي وصفته بعض الأوصاف المقربة من حماس في اللحظة الأولى لتسلمه بالاستسلام قبل أن تدرك فداحةَ رفض المقترح وما تتحضر له إسرائيل والظروف المحيطة وحالة أهل غزة التي أصبحت تثير شفقة الكافر كما يقولون.
لم يكن المقترح يخرج بهذا الشكل الذي يعكس المصالح الإسرائيلية لو كان الميدان يعطي نتائج مختلفة، فعبر التاريخ كانت الاتفاقيات وشروطها مجرد انعكاس لموازين القوى على الأرض، وما المفاوض سوى ممثل لتلك القوة، هذا ما حدث بين الجنرال ماك آرثر وإمبراطور اليابان الذي وقع على ورقة بيضاء واستسلام كامل بعد أن ضُربت بلاده بقنبلتين نوويتين حتى لا تكمل واشنطن حربها على كل مدن اليابان، وحصل هذا أيضاً عندما وقع الجنرال الفرنسي فيليب بيتان المنتصر في الحرب العالمية الأولى والمنهزم في الثانية، على وثيقة الاستسلام عندما كانت القوات الالمانية تطوي الأراضي الفرنسية بما فيها العاصمة.
هذا هو التاريخ لا يسمح للنوايا أن تحدد مساره ولا الخطابات، لأن لديه حساباته الخاصة ومعادلاته الرياضية وأعداداً وخططاً وجيوشاً. فقد جاء مقترح ويتكوف بعد رفض إسرائيل لورقة كانت قد اعترضت عليها تل أبيب التي تشعر بفائض القوة التي تعكسها خطابات المسؤولين فيها، وأبرزهم خطابات نتنياهو المتبجحة وهو يستعرض كيف تمكنت قواته من تحطيم الإقليم، بدءاً من غزة ولبنان وانتهاء بسورية وتهديد ايران. وكان لا بد لهذه القوة أن تترجم نفسها كما كل نتائج حروب التاريخ.
طار رون ديرمر وزير الشؤون الإستراتيجية وخازن أسرار نتنياهو إلى واشنطن لصياغة الاتفاق الذي يمكن أن تقبله اسرائيل، وهنا حدث ما يشبه نموذجاً مصغراً لصفقة القرن، أن تقوم اسرائيل بالصياغة وتتكفل واشنطن بالإخراج على هيئة وساطة. فموازين القوى بالنسبة لديرمر لا تسمح لأن تعطي لحماس متسعاً للتنفس، وأن القوة الإسرائيلية لا بد وأن تكون محشوةً في كل بند من بنود المقترح، وتلك طبيعة السياسة.
وفي استخدام إسرائيل للغذاء كسلاح وما خلقته من مجاعة قاسية، وتهديدها بعملية كبيرة تم تجنيد 60 ألف جندي للقيام بها تقوم على إقامة معازل وفلترة سكان غزة، من خلال ممرات يمكن أن تفرز عناصر حركة حماس بما أسمتها بعربات جدعون. كل هذا وأكثر كان يصنع مناخات ضاغطة على حماس، وهي المناخات التي تشير لها اسرائيل باعتبارها تقف خلف مرونة الحركة التي لم تسارع برفض مقترح تم اعتبارُه في لحظة ما «استسلاماً»، لكن لموازين القوة كلمتها في علم الصراعات، وهو ما تترجمه اسرائيل المدججة وما لم تفهمه حركة حماس بعد. فالتاريخ لا يحمي من لا يجيدون قراءته، بل يعاقبهم بزيادة الخسارة، لأن هناك لحظة ما يجب التوقف فيها لوقف النزيف وتدارك ما يمكن تداركه، وإلا لكان الامر أشبه بانتحار لا نتيجة تُرجى منه سوى الرغبة في الموت، هروباً من مواجهة الحقائق.
لن تقف الحرب بسبب ما تبقى من أسرى. فالظروف هي التي تحدد قيمة الأسرى كسلعة سياسية، أحياناً تصاب اسرائيل بالفزع والشلل لمجرد أسير واحد، وأحياناً ألف أسير لا يساوون شيئاً، هذا يتعلق بحجم تصور المجموعة عن نفسها، وفي هذه الحرب بلغ حجم القلق على إسرائيل حداً لم تبلغه منذ إقامتها، لتعتبر أنها تخوض حرباً وجودية. وفي هكذا حروب تهبط كثيراً أسهم الأسرى، ولو أدركت حماس ذلك مبكراً ربما لكانت الخسارات أقل، لكن التعاطي كان فادحاً مع السياسة بمنطق الرياضيات «الحفظ وليس الفهم» وبمعادلات جاهزة سقطت جميعاً في هذه الحرب.
في هذه الحرب سقطت المقولات القديمة عن أن اسرائيل ضعيفة أمام الأسرى، أو أن اسرائيل لا تستطيع خوض حروب طويلة، أو أن اقتصاد اسرائيل لا يحتمل تجنيد الاحتياط من المعامل والمصانع لأشهر أو حتى لأسابيع. فكل حرب تختلف عن غيرها، لأن كل واحدة يحددها شعور الأطراف التي تخوضها بحجم خسارتها وكيف يمكن لها استعادة توازنها النفسي والسياسي. وفي هذه الحرب فقدت اسرائيل واحداً من أبرز مقومات الأمان لديها، وكان واضحاً أنها ستذهب بعيداً في استعادته، وأن الأسرى مجرد عارض على هامش الحدث الكبير وهذا ما حدث.
لم تقدر حركة حماس بعد أن الحرب لن تتوقف إلا بإنهاء حكمها وقوتها في غزة، هذا قرار اسرائيلي أميركي وأوروبي وربما عربي أيضاً، يشعر أن الحركة جزء من الإخوان المسلمين بخطابها الذي يعادي النظم ولم يبخل بتوزيع اتهامات الخيانة والتشهير بالنظم العربية بهدف اسقاطها والحلول مكانها، بالإضافة الى أن ما قامت به الحركة أدخل الجميع في أزمة، ومن تدخل بها متضامناً دفع ثمناً كبيراً مثل حزب الله واليمن وحتى ايران البعيدة.
تحاول الحركة تعديل المقترح المنحاز، لكن اسرائيل التي تشعر بفائض القوة وتدرك جيداً وضع حماس ستكون في وضع مريح، إما ان ترفض محملةً حماس المسؤولية، وإما أن تقبل باقتراح جزئي بالنهاية يعيد الأسرى ولا يوقف الحرب على كل الجهات. هي تكرار لحدث سابق لا يضع حداً للمجاعة والموت فإلى متى؟ هذا سؤال المليوني مواطن في غزة، يلقونه في وجه حماس التي لم تقرأ معادلات الصراع وتاريخ المعارك، وكما قال أحد قادتها السابقين: من لا يقرأ التاريخ لا يصلح للسياسة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حماس: اقتحامات المستوطنين للأقصى مخطط تهويدي ممنهج يتطلب تصعيد المقاومة
حماس: اقتحامات المستوطنين للأقصى مخطط تهويدي ممنهج يتطلب تصعيد المقاومة

فلسطين أون لاين

timeمنذ 40 دقائق

  • فلسطين أون لاين

حماس: اقتحامات المستوطنين للأقصى مخطط تهويدي ممنهج يتطلب تصعيد المقاومة

متابعة/ فلسطين أون لاين اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية حماس، اقتحام المستوطنين الواسع للمسجد الأقصى، اليوم الإثنين، وأداؤهم طقوسًا تلمودية استفزازية؛ جريمة متجددة وانتهاك سافر لقدسية الأقصى. وأوضحت الحركة، في بيانٍ صحافي، اليوم الإثنين، أن هذه الاقتحامات المتصاعدة تأتي كجزءٍ من مخطط التهويد الممنهج الذي تقوده حكومة الاحتلال الفاشي في القدس، في إطار محاولاتها المستمرة لطمس هويتها العربية وإحكام السيطرة على المسجد الأقصى المبارك. ولمواجهة ذلك، دعت الحركة، شعبنا في الضفة والقدس والداخل المحتل، إلى تصعيد المقاومة في وجه المخططات الفاشية التي تستهدف أرضنا ومقدّساتنا. كما وأكدت ضرورة الحشد والرباط وشد الرحال إلى المسجد الأقصى، وإفشال محاولات المستوطنين فرض تقسيم زماني أو مكان في الأقصى. وطالبت الحركة، الدول العربية والإسلامية، ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، بالتحرك الفوري والجاد، للجم عربدة الاحتلال في القدس والمسجد الأقصى، ووقف حرب الإبادة الشاملة التي يشنها على شعبنا. وكان قد اقتحم أكثر من ' 12,378 ' مستوطناً وسائحاً المسجد الأقصى المبارك، خلال شهر مايو/ آيار المنصرم، فيما يواصل المستوطنون اقتحام المسجد الأقصى المبارك، منذ أمس الأحد، تزامناً مع احتفالات المستوطنين بما يسمى بـ"عيد الأسابيع" العبري، أو ما يسمونه ذكرى "نزول التوراة". ويُتوقع أن تشهد باحات الأقصى خلال هذا الاحتفال المشؤوم تصعيداً في الاقتحامات، حيث تسعى الجماعات المتطرفة إلى استغلال هذه المناسبة، لتعزيز حضورها داخل الحرم، وفرض وقائع تهويدية من خلال الطقوس التلمودية، وتقديم قرابين نباتية، والرقص والغناء والانبطاح على الأرض. وتُعد هذه التحركات جزءاً من مخطط ممنهج لتكريس السيطرة الدينية والسياسية على الأقصى، في ظل تواطؤ وحماية من قوات الاحتلال، وتأتي وسط مخاوف من تكرار مشاهد العربدة والانتهاكات، التي رافقت إحياء ذكرى احتلال شرقي القدس المحتلة الأسبوع الماضي. وتواصلت الدعوات للحشد والرباط في المسجد الأقصى، للتصدي لمخططات الاحتلال وجماعات المستوطنين في المسجد، مشددة على ضرورة عدم ترك الأقصى وحيدا، في مواجهة هذه المخططات الرامية لهدمه وإقامة الهيكل المزعوم. المصدر / فلسطين أون لاين

اليمن تحذر الشركات الأجنبية من الاستثمار في 'إسرائيل'
اليمن تحذر الشركات الأجنبية من الاستثمار في 'إسرائيل'

شبكة أنباء شفا

timeمنذ 4 ساعات

  • شبكة أنباء شفا

اليمن تحذر الشركات الأجنبية من الاستثمار في 'إسرائيل'

شفا – هدّد رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع لأنصار الله باليمن مهدي المشاط، الشركات الأجنبية في حال الاستثمار في 'إسرائيل'. ودعا المشاط، جميع الشركات المستثمرة في 'إسرائيل' لأخذ التحذير اليمني على محمل الجد. وأضاف: 'تلقينا استعداد شركات لنقل استثماراتها استجابة لتحذيرنا وتجنبا لما هو أخطر وننصح البقية بالمغادرة'. وأمس الأحد، أعلنت القوات المسلحة اليمنية، تنفيذ 4 عمليات ضد أهداف إسرائيلية، من بينها قصف مطار اللد. كما أعلنت القوات 'تنفيذ 3 عمليات بالطيران المسيّر ضد 3 أهداف حيوية للاحتلال في يافا واسدود وأم الرشراش إيلات جنوب فلسطين المحتلة'. شاهد أيضاً شفا – طالب المتحدث باسم حركة فتح ماهر النمورة، حركة 'حماس' بالاستماع إلى أصوات أبناء …

بسبب حرب "الإبادة المتواصلة".. رئيس تشيلي يتعهَّد بزيادة الضغط على "إسرائيل"
بسبب حرب "الإبادة المتواصلة".. رئيس تشيلي يتعهَّد بزيادة الضغط على "إسرائيل"

فلسطين أون لاين

timeمنذ 5 ساعات

  • فلسطين أون لاين

بسبب حرب "الإبادة المتواصلة".. رئيس تشيلي يتعهَّد بزيادة الضغط على "إسرائيل"

تعهَّد رئيس تشيلي، جابرييل بوريتش، بأنه سيعمل على تكثيف الضغوط على الاحتلال الإسرائيلي، بسبب حربه العدوانية المستمرة في قطاع غزة. وقال "بوريتش" في خطاب أمام الكونغرس بمدينة فالباريسو الساحلية، إنه سيقدّم مشروع قانون لحظر الواردات من الأراضي المحتلة بشكل غير قانوني. كما أعلن عزمه دعم الجهود التي تبذلها إسبانيا لفرض حظر على تصدير الأسلحة إلى "إسرائيل". وشدد بوريتش على أن هذه الخطوات موجهة ضد الحكومة الإسرائيلية وليس ضد المواطنين الإسرائيليين، ودان في الوقت نفسه حركة حماس ودعا إلى إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. Chilean President @GabrielBoric announced a draft bill to ban imports from illegal Israeli settlements in the occupied West Bank, instructs the defense ministry to find ways to reduce its dependence on the Israeli military industry and back calls for an arms embargo. — Benjamin Alvarez (@BenjAlvarez1) June 1, 2025 وفي تصريحات سابقة، اتهم رئيس تشيلي الحكومة "الإسرائيلية" بالقيام بتطهير عرقي في قطاع غزة. وفي منشور على "إكس"، قال بوريك: "الحكومة الإسرائيلية تقوم بتطهير عرقي في غزة، ووصل الأمر إلى حد أن آلاف الأطفال قد يموتون في الساعات القادمة لأن إسرائيل لا تسمح بدخول المساعدات الإنسانية". وأضاف: "الذين يقومون بهذا ومن يغضون الطرف عنه، مجرمو حرب وستحاسبهم الإنسانية بطريقة أو بأخرى، وتمارس تشيلي الضغوط اللازمة على جميع المنابر لوضع حد لهذه الوحشية". من جانبه، أدان وزير الخارجية التشيلي ألبيرتو فان كلافرين، في منشور على "إكس"، هجمات الجيش الإسرائيلي على غزة. وتوجه كلافرين، بالنداء إلى المجتمع الدولي، قائلًا: "ندين الهجمات العشوائية الخطيرة والمتكررة التي تشنها القوات الإسرائيلية ضد المدنيين في غزة واستمرار عرقلة المساعدات الإنسانية، ويجب على المجتمع الدولي أن يتحرك فورًا لوقف هذه الوحشية". وعبر سياسة متعمدة تمهد لتهجير قسري، تمارس إسرائيل تجويعا بحق 2.4 مليون فلسطيني في غزة، عبر إغلاق المعابر منذ 2 مارس/ آذار الماضي بوجه المساعدات الإنسانية ولا سيما الغذاء، حسب المكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع. وبدعم أمريكي مطلق، ترتكب "إسرائيل" منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 178 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين. المصدر / فلسطين أون لاين+ وكالات

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store