logo
تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد

تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد

يمرس٠٥-٠٥-٢٠٢٥

فبحسب إفادة باحميش حضر الشاب إسلام إلى منزله صباحاً لإبلاغه برسالة من والد إسلام تفيد بأن جماعة تابعة لأحد المساجد قامت بالنزول إلى أرض متنازع عليها لتنفيذ أعمال بناء رغم أن القضية لا تزال منظورة أمام النيابة العامة في البريقة ومن ثم نيابة الأموال العامة ..
وتابع باحميش .. توجهت إلى الموقع بنيّة التهدئة والوقوف على ما إذا كانت الأعمال قانونية أو اعتداءً صريحاً .. وعند نزولي من السيارة قرب الأرض بدأت زخات من الرصاص تنهمر بشكل جنوني مصدرها المسجد ذاته دون سابق إنذار.. رأيت المرحوم إسلام ينسحب باتجاه الشارع وهو يصرخ تصوّبت، تصوّبت .. لكنه سرعان ما انهار بين يديّ ..
ووصف باحميش الحادثة بأنها كمين غدر وتصفية موجهاً أصابع الاتهام إلى جماعة دينية متطرفة اتخذت من المسجد ستاراً لتبرير أعمال البلطجة والعنف ضد الخصوم ..
وأضاف: جلسنا معهم مراراً في جلسات ودية .. وأكدنا أن غايتنا حفظ حرمة بيوت الله .. لكنهم لم يريدوا حلاً بل مواجهة .. أخبرني القائم على المسجد منذ سنة أنه يريد جرّ مالك الأرض إلى الصدام مع الأمن .. واليوم نفذ وعيده بدم بارد ..
هذه الحادثة تأتي في ظل انهيار متصاعد تشهده عدن لم يعد مقتصراً على الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه واتصالات وصحة بل امتد إلى القيم الدينية حيث بات البعض يتخذ من الدين سلاحاً لتصفية حسابات شخصية أو السيطرة على الأراضي ..

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سنوات السجن.. وولادة الكاتب من رماد القيد الذي أنضج الرواية
سنوات السجن.. وولادة الكاتب من رماد القيد الذي أنضج الرواية

مصرس

timeمنذ ساعة واحدة

  • مصرس

سنوات السجن.. وولادة الكاتب من رماد القيد الذي أنضج الرواية

تجربة السجن في حياة الكاتب صنع الله إبراهيم لم تكن مجرد فصل عابر من فصول سيرته الذاتية، بل كانت الحدث الفاصل الذي أعاد تشكيل رؤيته للعالم وللإنسان، وللأدب بوصفه فعلًا تحرريًا لا مجرد صنعة سردية. لقد انقلبت الحياة لديه رأسًا على عقب حين دوّت الأبواب الحديدية خلفه في العام 1959، ووجد نفسه فجأة بين جدران صمّاء، اعتُقل مع المئات في حملة أمنية طالت الشيوعيين وكل من حلم بمجتمع أكثر عدلًا. هناك، في الزنزانة، بدأ صنع الله يعي أن الحبر قد يكون أشد وقعًا من الرصاص. ولد صنع الله في القاهرة عام 1937، ودرس القانون في جامعة القاهرة قبل أن تشده السياسة إلى معتركها. انخرط في صفوف اليسار، مؤمنًا بأن الكلمة يمكن أن تكون طليعة التغيير. لكن في دولة تتوجس من الأفكار الحرة، كان الانتماء إلى الفكر الماركسي تهمة تستحق السجن، فوجد نفسه يُقتاد إلى المعتقل وهو في مطلع العشرين من عمره، شاب لم يبدأ حياته بعد، لكنه كان يحمل في داخله وعيًا مبكرًا بأن الواقع لا يتغير بالكلمات وحدها، بل بالمواجهة، ولو على حساب الحرية الشخصية.خمس سنوات ونصف قضاها في المعتقل، لم يكن فيها مجرد سجين سياسي، بل كان مراقبًا دقيقًا للحياة خلف الأسوار. تعرف على عشرات الشخصيات، من عمال إلى مثقفين، من متشددين إلى ساخرين من كل شيء، فصارت الزنزانة معملًا بشريًا تغلي فيه التناقضات، وتتكشف فيه الطبائع على حقيقتها. في هذا المكان الضيق، عرف صنع الله الإنسان بكل ضعفه وقوته، وتعلم أن الحكاية تبدأ حين يُسلب الإنسان صوته، ويُترك في العراء.قراءة الأدب العالميكان السجن أيضًا وقتًا للتأمل القاسي، وللتأمل الخلاق. بعيدًا عن صخب الحياة، كان لديه الوقت لقراءة أعمال الأدب العالمي، من دستويفسكي إلى كافكا، ومن سارتر إلى ماركيز. وكأن القدر أهداه، رغم القيد، تلك العزلة التي تمنح الكاتب شفافية الرؤية وقوة الإدراك. لم يكن السجن مدرسة ألم فقط، بل مدرسة معرفة، فتح فيها أبواب الوعي على مصراعيها، ليدرك أن معركته لم تكن فقط مع السلطة، بل مع الزيف، مع الانخداع، مع الاستسلام.بعد خروجه، لم يكن صنع الله إبراهيم هو ذاته الشاب الذي دخل السجن. خرج أكثر صلابة، أكثر وعيًا، لكنه أيضًا أكثر حذرًا. لم يكتب عن السجن فورًا، لكنه ترك تلك التجربة تختمر في أعماقه، حتى خرجت إلى السطح على هيئة أعمال روائية تُبنى على الصمت بقدر ما تُبنى على الكلام. روايته الأولى "تلك الرائحة"، كانت بمثابة الصرخة المكتومة، سردية الغربة واللاجدوى، والاحتكاك الأول الصادم مع واقع فقد ملامحه.سنوات السجن إذًا، لم تكن عارًا سياسيًا يُمحى، بل كانت التأسيس الحقيقي لكاتب آمن أن الرواية ليست ملهاة، بل أداة لكشف القبح والفضح والتعرية. في عتمة الزنازين، بدأ صنع الله إبراهيم مشروعه الأدبي الطويل، الذي سيصير لاحقًا أحد أهم المشاريع السردية في العالم العربي، حيث امتزج الألم بالمعرفة، والقيد بالكتابة، ليولد أدبٌ لا يهادن ولا يجمّل. لقد كانت الزنزانة الضيقة، paradoxically، هي التي فتحت أمامه أبوابًا لا نهائية من الرؤية والحرية.السجن كمدرسة للكاتبحين أُغلق باب الزنزانة على صنع الله إبراهيم، لم يكن يعرف أنه لم يُودَع مجرد معتقل، بل دُفع إلى فضاء تعليمي من نوع نادر، فضاء لا تُدرّس فيه المناهج، بل تتقاطع فيه الحيوات والتجارب والتناقضات البشرية. السجن، في حالة صنع الله، لم يكن انقطاعًا عن العالم، بل كان انغماسًا عميقًا في طبقاته السفلى، في بواطن الناس، في التاريخ الذي لا يُدوَّن، وفي اللغة التي تُقال على استحياء أو لا تُقال.بين جدران المعتقل، تحوّلت العزلة إلى ورشة مستمرة للفهم، حيث اختلطت أصوات القلوب بأزيز القضبان. لم يكن السجناء متشابهين، بل تنوعوا بين عمال يحملون حكايات الشقاء، وصحفيين يسردون ما طوته الصحف، وفنانين يرسمون الحلم على الجدران، ومثقفين كبار مثل محمود أمين العالم وشهدي عطية، ممن يمكن اعتبارهم موسوعات فكرية تمشي على قدمين. هذا الخليط البشري تحوّل إلى نسيج حيّ ينهل منه الشاب الكاتب دون أن يشعر، كما لو أنه انخرط في ورشة عمل لا تنام.كان السجن مجالًا مفتوحًا لتجريب الرؤية، لا فقط لتعلم المواقف. هناك، تعرّف صنع الله على تناقضات النفس البشرية في أدق حالاتها: كيف ينهار الأبطال تحت وطأة الخوف، وكيف تخرج من أعماق البسطاء حكم لا تحملها كتب الفلاسفة. تعلم أن الفكرة قد تتحوّل إلى عبء، وأن الالتزام قد يصبح وحشة إن لم يُغذَّ بروح النقد والصدق. لقد اختبر الإنسان خارج صوره النظرية، وتعلم أن المثقف ليس بالضرورة من قرأ كثيرًا، بل من عاش كثيرًا وتأمل عميقًا.داخل هذا المعتقل، لم تكن الكتب ممنوعة دومًا، بل كانت تصل أحيانًا كأكسجين خفيّ. قرأ صنع الله في السياسة، في الفلسفة، في التاريخ، وتذوق الأدب العالمي بنهم حقيقي. لم يكن يقرأ ليستعرض، بل ليفهم، ليعيد بناء وعيه على أسس أقل سذاجة وأكثر صرامة. كان كل كتاب يُقرأ أشبه بفتح نافذة صغيرة على العالم، نافذة تضيء عتمة الزنزانة وتمنحها أفقًا فكريًا لا يمكن للقيود أن تُطوِّقه.وكان لهذا الانغماس تأثيره الواضح على أدواته السردية. لم يخرج من السجن بذاكرة حكايات فقط، بل خرج وهو يحمل جهازًا حساسًا لالتقاط التفاصيل، لتمييز نبرة الصوت التي تخفي ضعفًا، أو الإشارة التي تكشف عن قهرٍ مكتوم. تحوّل صنع الله إلى راوٍ دقيق، لا يتورط في العاطفة إلا بقدر ما تكشفه المفارقة، ولا يركن إلى البطولة إلا إذا انكسرت. كانت التجربة قد شحذت أدواته ومنحته حساسية أدبية لا تُصنع في الصالونات الثقافية، بل في صلابة الحياة وخشونتها.هكذا أصبح السجن مدرسة لا تنسى. لم تُخرّج كاتبًا ثوريًا فقط، بل خرج منها فنان يحترف الإصغاء، ويفهم أنّ الأدب لا يُكتب من الخارج بل من الداخل، من العيش في قلب المحنة، من مصادقة الألم، ومن القناعة بأن أعظم ما يمكن أن يفعله الكاتب هو أن يقول الحقيقة، ولو كلّفته عمرًا.الكتابة كفعل مقاومة في أعماق الزنزانة، حيث تنعدم المسافة بين الجدران والنَفَس، وحيث تتآكل الأيام في رتابة قاسية، لم يكن لدى صنع الله إبراهيم ما يتمسّك به سوى الكتابة. لم تكن الكتابة ترفًا أو هواية، بل صارت فعل نجاة. بين الصمت الإجباري وأصوات الخطى المعدنية للحراس، شرع في تدوين ملاحظات وقصص قصيرة، على قصاصات ورق، وأحيانًا على أوراق سجائر، كما لو أن كل سطر يُكتب كان انتزاعًا صغيرًا من براثن العدم.لم يكن يكتب من أجل النشر أو المجد الأدبي، بل ليُبقِي ذاكرته حيّة، وليقاوم التفكك الداخلي الذي يصيب السجين إذا لم يُمسك بما يعيد له ملامحه. صارت الكتابة وسيلته الوحيدة لإثبات أنه ما زال يرى ويسمع ويفكر، وأنه لم يتحوّل بعد إلى رقم في دفاتر إدارة السجن. ومن بين الشظايا المتناثرة التي كتبها هناك، بدأت تتشكّل البذرة الأولى لروايته الأهم والأكثر جرأة آنذاك: تلك الرائحة.عندما خرج من المعتقل، لم يكن قد نسي شيئًا من تلك التجربة. بل إن الذاكرة ظلت تتوهّج داخله كجمرة لا تنطفئ. قرر أن يبدأ من تلك النقطة الصفر: من عودة السجين السابق إلى عالم لا يعرفه، ومن شعوره بالاغتراب في مدينته، وسط أهله، في جسده حتى. فكتب تلك الرائحة لا بوصفها حكاية بطل، بل كمرآة لما تفعله السلطة بعقل الإنسان، وكيف تقتل الروح دون أن تسفك دمًا.الرواية جاءت بأسلوب جديد كليًا على الذائقة السائدة. لم تكن مشحونة بالعاطفة أو الانفعال، بل مكتوبة ببرود جراحي، بلغة مقتضبة، حيادية، أقرب إلى تقرير بوليسي مجرد من الانحيازات. ومن هنا كان الصدم. النقاد المحافظون رأوا فيها انعدامًا للحس الوطني، والسلطة رأت فيها خيانة صامتة، لأنها لم ترفع الشعارات، بل كشفت الخراب بالصمت.عند صدورها عام 1966، سُحبت الرواية من الأسواق بعد أيام قليلة، وصودرت باعتبارها "منحطة" و"هدّامة". كان ذلك دليلًا إضافيًا لصنع الله أن السلطة تخشى ما لا يمكن تصنيفه، وأن أخطر الأدب ليس ما يهتف، بل ما يصمت أمام القبح ويترك القارئ يراه دون مؤثرات. لم تُنشر الرواية كاملة إلا بعد أكثر من عشرين عامًا، لكن صداها ظل يتردد منذ اللحظة الأولى، كأنها كانت تسبق زمنها.تلك الرائحة لم تكن فقط رواية أولى، بل كانت إعلان ولادة كاتب اختار أن تكون الكتابة عنده فعل مقاومة، لا بمعناها الصاخب، بل بدقتها الموجعة، بفضحها الهادئ، بإصرارها على رؤية ما يُراد لها أن لا تراه. لقد تحوّل القيد إلى ورق، والسجن إلى سرد، والصمت إلى لغة. ومنذ ذلك الحين، لم يكفّ صنع الله إبراهيم عن الكتابة، لأنه أدرك أن من كتب لئلا يُمحى، لا يمكن أن يصمت بعدها.السجن في المتن الروائي لم يكن السجن لدى صنع الله إبراهيم مجرد تجربة طارئة مرّ بها الكاتب الشاب ثم تجاوزها، بل ظلّ حيًّا في ضميره السردي، ينهض مرة بعد مرة في نصوصه، لا كاستدعاء نوستالجي، بل كحقيقة كاشفة عن القمع والبنية العميقة للسلطة. في أعماله، لا يظهر السجن كخلفية بعيدة أو استعارة، بل يتحوّل إلى بطل صامت، له روحه، وأسواره، وعنفه، وعزلته، ومشهده الداخلي المتكرر في كوابيس المجتمع كله.أبرز تجليات هذا التوظيف كانت في رواية "شرف"، التي نُشرت عام 1997، حيث لا يحكي إبراهيم عن سجن رمزي، بل يفتح أبواب السجن الحقيقي بكل ما فيه من عنف وتناقض، كأنه ينقل القارئ من مقعده إلى قلب الزنزانة. لا مجال في هذه الرواية للتهويم أو المجاز، بل يقدّم الكاتب سردًا واقعيًا لليومي المقموع، لما يعيشه السجين بين الجدران: دخول الزنازين، قوانينها، تفاصيل الطعام الرديء، رائحة العرق والدم، صدى الأنين ليلًا.شخصية "شرف" نفسها، الشاب الذي يدخل السجن بسبب قتله أجنبيًا حاول الاعتداء عليه جنسيًا، ليست إلا مرآة لمجتمع مأزوم، تضعه الدولة في القفص وتنسحب، بينما تُترك مصائر البشر لتُعاد صياغتها داخل مؤسسات العقاب. في السجن، يتعلّم "شرف" أن القانون ليس سوى ديكور، وأن السلطة الحقيقية يملكها السجانون والسجناء الكبار، في توازن قوى يشبه خارج الأسوار تمامًا.وبينما يتنقّل شرف من الزنزانة إلى عنابر المساجين الجنائيين ثم السياسيين، يستعرض إبراهيم خرائط السجن كما لو كان يرسم خارطة مجتمع مصغّر. كل عنبر يحمل نظامه الخاص، هرميته، لغته، آلياته للعقاب والمكافأة، تمامًا كما في الحياة المدنية، لكن بلا أقنعة. يتعرّى كل شيء في السجن: السلطة، الجريمة، الدين، العلاقات الإنسانية، ويتحوّل النص إلى تشريح كامل لجسد الدولة القمعية.وفي هذا العالم السفلي، لا ينسى إبراهيم أن يسجّل شهادته الخاصة، المبطّنة، من خلال حوارات دقيقة وتفاصيل دقيقة لا تُبتكر في الخيال. صوت صنع الله يبدو من خلف الستار، لا يصرخ لكنه يُصيب، لا يتدخل لكنه يُعرّي. لا شك أن هذه الدقة في وصف الحياة اليومية خلف الأسوار لم تكن ممكنة لولا تلك السنوات التي قضاها هو نفسه بين الجدران، يراقب ويتأمل ويسجل، لا بقلم بل بذاكرة لا تنام.رواية "شرف" إذن ليست فقط عن البطل الفرد، بل عن الجماعة المحبوسة، عن المجتمع حين يُختصر في زنزانة، وعن البلاد التي تُحكم كما يُدار السجن: بالخوف، بالهرم السلطوي، وبمنطق القهر. ولهذا، فإن السجن في أعمال صنع الله إبراهيم ليس مجرد مسرح، بل هو نص قائم بذاته، مرآة قاتمة للواقع، وأداة سردية لفهم جوهر السلطة في عالم لا يثق بالحرية.من الأيديولوجيا إلى الإنسانحين خرج صنع الله إبراهيم من السجن، لم يكن الرجل ذاته الذي دخله قبل خمس سنوات ونصف. لقد عبر الزنزانة لا كمعبر طارئ، بل كمختبر قاسٍ للحياة والأفكار. وبين جدرانها، انكسرت صورة الإيديولوجيا بوصفها طوق نجاة مطلقًا، وتفتحت أمامه أسئلة الإنسان، الفرد، الكائن المعقّد، الخارج من التاريخ والداخل إليه في الوقت ذاته. ترك التنظيمات السياسية خلفه، لا كنوع من النكوص، بل كقفزة وعي: لقد أدرك أن الحقيقة لا تملكها الأحزاب، وأن الأدب، وحده، يمكن أن يحفر في الطبقات العميقة للواقع أكثر مما تفعل الشعارات.من هنا، بدأ مشروعه الحقيقي: الكتابة كمجهر لفحص البنية الداخلية للمجتمع، والإنسان كمدخل لفهم السلطة. في روايته "اللجنة" (1981)، لا يقدم صنع الله بطلًا شيوعيًا أو ناطقًا باسم تيار سياسي، بل يضع القارئ في قلب متاهة بيروقراطية خانقة، حيث يُستدعى بطل الرواية إلى لجنة مجهولة، تُخضعه لتحقيق عبثي بلا بداية أو نهاية. الرواية تبدو في ظاهرها غرائبية، لكنها في عمقها تشريح فني لنظام القمع المتخفي، حيث يُستبدل السجن بالجهاز، والحاكم بالمؤسسة، والخوف بالصمت.ثم تأتي رواية "ذات" (1992) لتُكمل هذا التحوّل؛ هنا لا يكتب صنع الله عن السلطة كجهاز خارجي فحسب، بل يرصد تغلغلها في الحياة اليومية، في الجسد، في تفاصيل العيش الصغير. البطلة "ذات"، الموظفة البسيطة التي تعيش في القاهرة، تصبح مرآة لتحولات مصر من الستينيات إلى الثمانينيات، عبر سرد خالٍ من التجميل، لكنه مشبع بالمفارقات. لا قفزات درامية، لا أبطال خارقين، فقط حياة عادية يُنهكها الزمن والسياسة.في "ذات"، يتحوّل الوطن إلى شقة، والسلطة إلى جهاز تلفزيون، والحياة إلى طابور. إنها الرواية التي تخلّى فيها صنع الله عن منبر الأيديولوجيا، ليجلس في الصفوف الخلفية ويراقب: كيف يُصنع الإنسان ويُكسر في ماكينة اجتماعية لا تهدأ. لم يعد هناك مكان للحلول الكبرى، بل للأسئلة الصغيرة التي تشبهنا، والأسى اليومي الذي لا تكتبه الصحف.هذا التحوّل لم يكن انسحابًا من المعركة، بل إعادة تعريف لها. فبدلًا من مواجهة النظام بالبيان السياسي، صار يواجهه بجملة سردية حادة، بشخصية مسحوقة، بلحظة صمت مملوءة بالمعنى. لقد آمن أن الأدب، حين يتخلص من اليافطات، يصير أكثر خطرًا، لأنه ينفذ إلى المساحات التي تظن السلطة أنها محصّنة.وهكذا، صار صنع الله إبراهيم كاتب الإنسان لا كاتب الحزب. كاتب المتاهة الداخلية لا الخندق العقائدي. كاتب الهامش الذي يقول ما لا تستطيع النخبة أن تصرخ به. لقد تحرّر من الأيديولوجيا ليكتب عن الإنسان الذي سحقته، وبهذا، أصبح أكثر وفاءً للعدالة التي حلم بها ذات يوم، حين كان يوزّع المنشورات، قبل أن يعرف أن الحبر وحده، في النهاية، هو الذي يبقى.القيد الذي حرر الكتابةلم تكن الزنزانة آخر المطاف في حياة صنع الله إبراهيم، بل كانت نقطة البدء الحقيقية. هناك، في العزلة القسرية، انبثق وعي جديد، وتشكّلت علاقة مختلفة مع الكلمة، علاقة نحتت في جدار الصمت سردًا مقاومًا. لم يكن السجن مجرد محنة جسدية أو سياسية، بل كان معملًا خفيًّا صهر فيه الكاتب ذاته القديمة، وخرج منه أكثر حدّة وصدقًا، وأكثر قدرة على أن يرى الواقع من ثقب إبرة، أو من شرخ في الجدار.كان يمكن لتجربة السجن أن تهشّم روحه، أن تدفعه إلى الصمت أو الجنون أو الانكفاء، لكنها بدلًا من ذلك شحذت أدواته، ومنحته سلطة أخلاقية نادرة: سلطة من عانى ثم كتب، لا من راقب عن بعد. القيد الذي التفّ حول معصمه، تحوّل في كتاباته إلى استعارة كاشفة عن القمع، لا تغادر مخيلة القارئ بسهولة، بل تظل تلاحقه، كما يلاحق شبح السلطة أبطاله.الكتابة عند صنع الله لم تكن ترفًا، ولا محاولة للنجاة فقط، بل كانت فعلًا واعيًا للقبض على لحظة الحقيقة. هو لم يكتب ليعبّر عن ذاته فحسب، بل كتب كي يدوّن ما لا يجب أن يُنسى، ما حاول النظام دفنه في تقارير مغلقة أو في زنازين منسية. لذا، جاء أدبه حادًّا، مقتصدًا، متقشّفًا كما هي حياة السجين، لكنه في الآن ذاته ممتلئ بما يزلزل القارئ من الداخل.لقد علّمته الزنزانة أن الكلمات القليلة الصادقة، أكثر وقعًا من المجلدات المحشوة بالشعارات. صار يكتب وهو يعلم أن لكل جملة ثمنًا، ولكل سطر تاريخًا شخصيًا وسياسيًا، ولهذا بدا صوته فريدًا في المشهد الثقافي: صوت لا يساوم، لا يتلوّن، لا يهادن. صوته ظل منحازًا لأولئك الذين لا صوت لهم، الذين عاشوا في الظل، تمامًا كما عاش هو في المعتقل.وهكذا، يمكن القول إن تجربة القمع لم تُخرس صوته، بل صقلته، وإن القيود التي أُغلقت عليه في الزنزانة، فُتحت في نصوصه على آفاق لا حصر لها من المعنى. لقد خرج من السجن وهو يحمل بذور رواياته الكبرى، لا على كتفه، بل في أعماقه، ينبتها مع كل كتابة جديدة.في النهاية، يثبت صنع الله إبراهيم أن الحرية الحقيقية لا تُمنح، بل تُنتزع عبر الكلمة. وأن الأدب حين يُولد من المعاناة، يصبح وثيقة وصرخة ومرايا، بل يصبح فعل مقاومة حقيقي. وهكذا، من بين الحديد والبرد والجدران، خرج صوته حرًّا، يكتب ما لا يُقال، ويروي ما يُراد له أن يُنسى.

غرق شابين من قرية كفور الرمل في ترعة ميت برة بمحافظة المنوفية
غرق شابين من قرية كفور الرمل في ترعة ميت برة بمحافظة المنوفية

الجمهورية

timeمنذ 4 ساعات

  • الجمهورية

غرق شابين من قرية كفور الرمل في ترعة ميت برة بمحافظة المنوفية

الحزن يخيم على أهالي كفور الرمل بعد وداع مأساوي لجثماني الشابين ودعت قرية كفور الرمل التابعة لمركز قويسنا بمحافظة المنوفية ، في مشهد مؤثر يغمره الحزن والأسى، جثماني شابين من أبنائها بعد وفاتهما غرقًا أثناء الاستحمام في ترعة الساحل بقرية ميت برة. كان اللواء محمود الكموني ، مدير أمن المنوفية، قد تلقى إخطارًا من العميد نبيل مسلم ، مأمور مركز شرطة قويسنا ، يفيد بورود بلاغ بغرق شابين في ترعة ميت برة التابعة لدائرة المركز. على الفور، تم الدفع بوحدة من قوات الإنقاذ النهري بالتنسيق مع الحماية المدنية ، في محاولة للعثور على الجثمانين. ورغم محاولات الإنقاذ التي قام بها الأهالي، فقد تمكنت فرق الإنقاذ النهري بمديرية أمن المنوفية من انتشال الجثمانين بعد جهود مكثفة. وبالفحص، تبين أن الشابين هما: ماهر حسام عبدالله ويُقيمان بقرية كفور الرمل ، وكانا يستحمان بالترعة قبل أن تجرفهما المياه ، مما أدى إلى غرقهما في مشهد مأساوي. تم نقل الجثمانين إلى المستشفى العام بقويسنا لاستكمال الإجراءات القانونية اللازمة. إجراءات النيابة والتصريح بالدفن تحرر محضر رسمي بالواقعة، وأخطرت النيابة العامة التي باشرت التحقيقات، حيث أمرت بانتداب مفتش الصحة لتوقيع الكشف الطبي الشرعي، كما صرحت بالدفن عقب الانتهاء من المعاينة وسماع أقوال الشهود. عبّر أهالي كفور الرمل عن حزنهم الشديد عبر صفحات التواصل الاجتماعي ، حيث نعى المئات من الأهل والأصدقاء الشابين، داعين لهما بالرحمة والمغفرة، وأن يتقبلهما الله في الشهداء ويسكنهما الفردوس الأعلى من الجنة. شروط ومستندات ترخيص سيارة سرفيس داخل مدينة قويسنا.المنوفية الجمعة 23 مايو 2025 7:08:20 م المزيد السكرتير العام المساعد بالمنوفية يتابع ملف التصالح بشبين الكوم الجمعة 23 مايو 2025 7:00:24 م المزيد محافظ المنوفية : ضبط 11 طن أسمدة ومخصبات زراعية مغشوشة بالباجور الجمعة 23 مايو 2025 10:34:51 ص المزيد 6 توجيهات من محافظ المنوفية لإنهاء "حياة كريمة" بأشمون والشهداء الخميس 22 مايو 2025 12:58:09 م المزيد رئيس مدينة أشمون :إستعدادات مكثفة لبدء إمتحانات نهاية العام الخميس 22 مايو 2025 4:32:09 ص المزيد

قصص 8 ضحايا دمرها الإهمال في انفجار خط غاز الواحات
قصص 8 ضحايا دمرها الإهمال في انفجار خط غاز الواحات

الاقباط اليوم

timeمنذ 5 ساعات

  • الاقباط اليوم

قصص 8 ضحايا دمرها الإهمال في انفجار خط غاز الواحات

في مشهد مأساوي تتوقف عنده القلوب، حصد انفجار خط الغاز بطريق الواحات في 30 أبريل الماضي أرواح 8 مواطنين، بينهم طلاب جامعيون، أطفال، وسيدات وخلف الحادث فاجعة إنسانية تهز الضمير، وتسبب في إصابة 16 آخرين، واحتراق 11 مركبة. منة الله أيمن محمد طالبة جامعية طالبة بالفرقة الثالثة بكلية طب الأسنان، أصيبت بحروق من الدرجة الثالثة غطّت نحو 60% من جسدها، إلى جانب تلفيات خطيرة في الرئة بسبب استنشاق الدخان الكثيف الناتج عن الحريق. وتم نقلها إلى مستشفى أهل مصر للحروق، حيث مكثت على أجهزة التنفس الصناعي لمدة أسبوعين في محاولة لإنقاذها، لكنها فارقت الحياة متأثرة بجراحها. كانت برفقة جدتها، ناهد أحمد عبد اللطيف، التي توفيت في الحادث نفسه. ناهد أحمد عبد اللطيف سيدة مسنة (65 عامًا) كانت تستقل السيارة مع حفيدتها منة الله في طريقهما لزيارة أحد الأقارب، حين انفجرت النيران. لم تتمكن ناهد من النجاة، وتوفيت متفحمة داخل السيارة. حادث مأساوي أودى بحياتها وحياة حفيدتها لاحقا. سما عادل أمين طالبة جامعية طالبة بالسنة النهائية في كلية طب الأسنان، أُصيبت بحروق التهمت 45% من جسدها. مكثت 13 يومًا في العناية المركزة، فاقدة للوعي، موصولة بأجهزة التنفس الصناعي، قبل أن تفارق الحياة. والدها، الطبيب عادل أمين، جلس في صمت أمام المستشفى قائلا: "ذهبت رفيقة عمري.. لا بمرض ولا سهو، بل بالإهمال". إسراء أحمد محروس مهندسة شابة (29 عامًا) كانت في طريقها من مدينة 6 أكتوبر إلى قريتها بدار السلام بمحافظة الفيوم، برفقة طفلها الصغير. عند مرورها بجوار موقع الانفجار، اشتعلت النيران في السيارة. حاولت إسراء إنقاذ طفلها واحتضنته، لكن النيران التهمتهما معا. كانت برفقة نجلها، تميم عمر أبو الجود، الذي توفي معها داخل السيارة. تميم عمر أبو الجود طفل (3 سنوات) توفي في حضن والدته إسراء، بعدما التهمتهما النيران معًا. جثتهما عُثر عليها متفحمة، في مشهد أبكى الأهالي، ورسّخ في الذاكرة صورة مأساوية للكارثة. حذيفة أحمد عبد المولى شاب ثلاثيني (30 عامًا) فني صيانة هواتف محمولة معروف في منطقة الحصري، كان في طريقه إلى عمله، عندما انفجرت النيران في السيارة التي كان يستقلها. أصيب بحروق بالغة وظل يصارع الألم 6 أيام داخل المستشفى، قبل أن يفارق الحياة. كان برفقة زميله محمود صلاح الدين محمد، الذي توفي أيضًا متأثرًا بإصاباته. محمود صلاح الدين محمد رجل أربعيني (40 عامًا) كان يستقل السيارة مع زميله حذيفة أحمد عبد المولى، في طريقهما لمركز الصيانة. الحريق حاصرهما داخل السيارة، ولم تفلح محاولات إنقاذهما. لفظ أنفاسه الأخيرة بعد عدة أيام من الحادث. محمد عصام الدين عبد الرازق موظف تسويق (30 عامًا) كان متوجها لحضور اجتماع عمل بصحبة زميليه مصطفى وأحمد، عند وقوع الانفجار، أصيب بحروق مروعة وظل أياما داخل المستشفى يصارع الألم، قبل أن تسلم روحه إلى بارئها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store