logo
الوحدة الوطنية والردع العسكري.. السلاح الحقيقي لردع نتنياهو

الوحدة الوطنية والردع العسكري.. السلاح الحقيقي لردع نتنياهو

جو 24منذ 18 ساعات
د. ابراهيم النقرش
جو 24 :
لم تكن تهديدات بنيامين نتنياهو باحتلال الأردن وضمّه لمشروع "إسرائيل الكبرى' سوى حلقة جديدة من مسلسل الغطرسة الصهيونية التي لا تعترف بمعاهدة، ولا تحترم اتفاقية، ولا تلتزم بعهد. منذ عهد النبي ﷺ، والتاريخ يسجل لنا أن اليهود أهل غدر، ينقضون المواثيق بلا تردد، ولا يراعون في أحد إلاًّ ولا ذمة. اتفاقية وادي عربة التي وقعها الأردن مع إسرائيل قبل ثلاثة عقود لم تمنع هذا العدو من التآمر، ولم توقف أطماعه، بل تحولت في نظره إلى ورقة مؤقتة يتجاوزها حين يشاء.
تأتي هذه التهديدات في ظل واقع عربي بائس، ممزق بين مشاريع متناقضة، غائب عنه أي مشروع قومي أو إسلامي يجمع الصفوف. التاريخ وحده يذكرنا أن العرب لم يستعيدوا قوتهم ومكانتهم إلا تحت راية الإسلام، حين كان الدين هو المشروع الجامع والحضاري للأمة. اليوم، أمتنا في حالة ضياع وهوان، كالغنم الشاردة بين أمم متوحشة، بينما يستفرد بنا أعداؤنا واحداً تلو الآخر.
غزة شاهدة حيّة على أن النداءات والبيانات العربية لا ترد عدواً ولا تحمي أرضاً. لهذا، على الأردن أن يضع في حساباته حقيقة مرّة: لا عون يُرتجى من عرب مشتتين" نحن نعرف جيداً أن من يتخلى عن غزة اليوم سيتخلى عن عمّان غداً، لذلك خيارنا واضح: نعتمد على أنفسنا، ونبني قوتنا بعرقنا ودمنا، لا بوعود الآخرين "، لكل دولة أجندتها الضيقة، ولا من دول كبرى تُمسك العصا من الوسط بينما تدعم إسرائيل في الخفاء والعلن. قوتنا يجب أن تنبع من داخلنا، من قدرتنا على بناء" منظومة دفاع ""سياسية عسكريه اقتصاديه واجتماعيه صلبة"، محصلتها" جيش قادر على الردع".
"جبهتنا الداخلية" هي الحصن الأول للدولة فقبل أن نرفع السلاح في وجه عدونا، علينا أن نرص الصفوف في الداخل. الوحدة الوطنية بين كل مكونات المجتمع الأردني خط أحمر، ولا مكان لخطاب التفرقة بين مكونات الوطن.
قطع الطريق على كل قلم مأجور أو صوت فتنة يحاول تمزيق وحدتنا أمر ضروري. الحريات المنضبطة حق للشعب، والكرامة خط أحمر، والمشاركة السياسية الصادقة هي الضمانة لاستقرار الدولة. ومن يعتقد أن القبضة الأمنية وحدها تحمي الوطن فهو واهم؛ الذي يحمي الوطن هو الشعب حين يشعر أن الدولة تحترمه وتثق به.
التحرك الدبلوماسي الأردني يجب أن يتجاوز الإطار التقليدي العربي، بالبحث عن تحالفات سياسية وعسكرية واقتصادية مع قوى دولية موازنة للنفوذ الأمريكي. إسرائيل تستفيد من صمت المجتمع الدولي، وعلى الأردن أن يفضح جرائمها في كل محفل، وأن يوظف القانون الدولي لصالحه. المعركة الإعلامية والدبلوماسية لا تقل شراسة عن المعركة العسكرية.
الأردن يمتلك أوراق ضغط يمكن أن تغيّر قواعد اللعبة مع إسرائيل، لكن لم يُستخدم منها أخطرها: التلويح بالمقاربة مع قوى المقاومة ووضع الاتفاقيات على الطاوله ، وهو ما تدرك إسرائيل أنه أكبر تهديد لأمنها. فلا شيء يربك الكيان الصهيوني مثل مقاومة منظمة تمتلك الإرادة والسلاح ... واتفاقيات تذروها الرياح.
جيشنا العربي الشجاع يزيد من قوته التسليح الحديث، ويحترف بالتدريب النوعي، وعقيدته القتالية الواضحة المشحوذة , التي تضع حماية الأرض والمقدسات في المقدمة. تنويع مصادر السلاح ضرورة، فاعتمادنا على الولايات المتحدة وحدها يعني تسليم قرارنا العسكري ليد تدعم عدونا. إعادة تفعيل قانون خدمة العلم، وإنشاء جيش شعبي رديف، سيشكلان خط الدفاع الثاني إلى جانب الجيش النظامي.
أن "غياب التفكير" في إنشاء قوى مقاومة محلية، تستفيد من تجربة الأنفاق وحرب العصابات، يحرم الأردن من سلاح فعّال في مواجهة التفوق الجوي والإلكتروني للعدو. إعادة النظر في الخطط العسكرية لتضمين تكتيكات حرب غير تقليدية قد تكون الردع الحقيقي لأي عدوان محتمل.
لا يُعقل أن نأخذ الماء والغاز والكهرباء من العدو الذي يهدد باحتلالنا؟ هذا جنون وخيانة للعقل والضمير ... لا ماء، ولا غاز، ولا كهرباء من إسرائيل. هذه تبعية خطيرة تمس حياة الناس وأمنهم القومي. لابد أن نتحرر من هذه التبعية، ونبني بدائلنا مهما كانت التكلفة، فالأمن المائي والطاقوي هو الأمن القومي للبلد...
الهبات الشعبية والعشائرية للدفاع عن الوطن أمر نبيل، لكنها وحدها لا تردع جيشاً منظماً مدججاً بالسلاح. يجب أن تتحول هذه الطاقات إلى قوة منظمة ومدربة توجهها وتتولاها الدوله، عقيدتها القتال لا الخطابة، والعمل لا الشعارات. لقد شبعنا من التغني بالماضي ,والهوسات, وأمجاد الأجداد، وحان وقت الإعداد الجاد ليوم المواجهة.
ليعلم نتنياهو ومن يقف خلفه أن الأردن ليس ساحة فارغة ولا أرضاً سائبة. أي محاولة للمساس بأرضه أو سيادته ستكون شرارة مواجهة شاملة، يختلط فيها صوت الدبلوماسية بصوت المدفع، وتتحرك فيها الدولة والشعب معاً للدفاع عن الكرامة والسيادة.
تابعو الأردن 24 على
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تقرير عبري: انتهى عصر نتنياهو في قيادة حزب الليكود.. من يخلفه؟
تقرير عبري: انتهى عصر نتنياهو في قيادة حزب الليكود.. من يخلفه؟

سواليف احمد الزعبي

timeمنذ 24 دقائق

  • سواليف احمد الزعبي

تقرير عبري: انتهى عصر نتنياهو في قيادة حزب الليكود.. من يخلفه؟

#سواليف يحاول وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل #كاتس بكل قوته، على حساب رئيس الأركان، أن يضع نفسه بمنصب 'سيد الأمن الجديد' على حساب رئيس الوزراء بنيامين #نتنياهو، حسب تقرير لصحيفة 'معاريف'. ووفقا لتقرير المراسل العسكري لصحيفة 'معاريف' #آفي_أشكنازي، انتهت حقبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على رأس #حزب_الليكود، فأمس (السبت)، أعلن وزير الدفاع يسرائيل كاتس ذلك، حيث نشر بيانا مطولا هاجم فيه وسائل الإعلام والمحللين الأمنيين والضباط 'السابقين' الذين انتقدوا بشدة الأسبوع الماضي النزاع العلني الذي قاده ضد رئيس الأركان إيال زمير. حسب التقرير، كان الأسبوع الماضي دراماتيكيا لحزب 'الليكود'، حيث عاد الوزير 'المنبوذ' جدعون ساعر إلى الليكود واستُقبل عند المدخل الرئيسي 'بسجادة حمراء'، واعتبره بعض أعضاء الوسط السياسي وريثا لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ورأى أشكنازي أن 'وزير الدفاع يسرائيل كاتس، وهو سياسي مخضرم كان في السنوات الأخيرة رجل الجهاز التنظيمي لليكود والرجل القوي في مركز الحزب، أدرك ما يحدث بسرعة وهرع لشن هجوم'، معتبرا أن 'الهدف الأول كان هو رئيس الأركان وهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي'، حيث مُنع رئيس الأركان من الدخول إلى مكتب الوزير، وتم توبيخه علنا، وأُعلن عن عدم الموافقة على قائمة الضباط المرشحين للترقية إلى مناصب قادة فرق ورؤساء أقسام برتبة عقيد وعميد. وورد في التقرير: 'مع اقتراب نهاية الأسبوع، أظهرت استطلاعات الرأي دعما شبه كامل لرئيس الأركان، وقبل لحظات من الاحتجاج الضخم ضد الحكومة التي فشلت في إدارة المفاوضات لإعادة الرهائن – وهو فشل مرتبط علنيا برئيس الوزراء ومساعده المقرب 'السائح الأمريكي' رون درمر، أدرك الوزير كاتس أن هذا هو الوقت المناسب لاستهداف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وإدارة معركة نسب الفضل في النجاحات التي حققها الجيش الإسرائيلي، والشاباك، والموساد'. وجاء في التقرير: 'وفقا لكاتس، للنجاحات أب واحد فقط، وهو ليس نتنياهو ولا إيال زمير، وبالتأكيد ليس جدعون ساعر. من هو إذن؟ هو 'سيد الأمن' لإسرائيل، يسرائيل كاتس، هو الذي وجه، وأمر، وقاد، وانتصر'. وسلط التقرير الضوء على بيان كاتس حول 'إنجازاته'، الذي أشار فيه إلى أنه 'لعب دورا مركزيا في صياغة أهداف وقدرات الجيش الإسرائيلي استعدادا للهجوم' على إيران، وعن 'اتخاذ القرارات إلى جانب رئيس الوزراء'. وتطرق التقرير إلى سرد كاتس لـ'إنجازاته' كـ 'قائد إسرائيل الأعلى' وتطبيق 'سياسة الإنفاذ الأقصى ضد حزب الله في لبنان'، ودفعه 'بإنشاء الشريط الأمني في النقاط الخمس المسيطرة في لبنان، التي أدرك ضرورتها من خلال زياراته إلى الأراضي اللبنانية على الرغم من أنها لم تكن مدرجة على الإطلاق في الاتفاقية الموقعة'. وأشار أشكنازي في تقريره إلى ما جاء في بيان كاتس عن 'توجيهاته، التي بناء عليها صاغ الجيش الإسرائيلي خطة لدخول سوريا قدمها للحكومة بناء على طلب رئيس الوزراء'، وعن 'كفاحه من أجل الموافقة عليها ضد العديد من الاعتراضات، وتوجيهاته لبناء مواقع دائمة وثبت سيطرته للإقامة الدائمة في المنطقة'. ورأى أن كاتس واصل 'نسب المزيد والمزيد من الفضل لنفسه' بخصوص ما قاله عن 'تغيير النهج' في الضفة الغربية و'احتلال مخيمات اللاجئين مع إجلاء السكان والبقاء داخل المخيمات بشكل دائم، وهو ما غيّر الواقع الأمني في الضفة الغربية تماما'. ووفقا للمراسل العسكري في 'معاريف'، قرر الوزير كاتس في بيانه أنه 'هو من يقود السياسة في غزة'، حيث قال الأخير: 'في غزة أيضا، قمت مع الجيش الإسرائيلي بصياغة مبادئ عمليتي 'عوز وخيرف' و 'مركافوت جدعون' بنهج مختلف عن الماضي، سواء في نطاق الدفاع القوي للقوة المناورة قبل وأثناء دخولها، أو في تدمير البنية التحتية للإرهاب، فوق وتحت الأرض، على نطاق غير مسبوق. وعلى عكس الماضي، يبقى الجيش الإسرائيلي في المناطق التي تم تطهيرها ويسيطر على 75% من المنطقة، وهو ما يمنع عودة المقاتلين.. الآن نحن في مرحلة المناقشات لصياغة خطة هزيمة حماس في غزة وإعادة الرهائن، وفي نهايتها ستكون هناك خطة متكاملة وقوية لتنفيذ المهمة بكل جوانبها'. واعتبر أشكنازي أن 'يسرائيل كاتس هو بالفعل وزير مهيمن وفعال، لكنه لا ينجح في اكتساب صورة 'الخبير الأمني'، ذلك الذي يضع الخوذة بشكل صحيح ويشعر بالراحة داخل السترة الواقية للوحدة الخاصة لحماية الشخصيات في الشاباك 730'. وبرأيه، 'حاول كاتس أمس سرقة الفضل ولقب 'سيد الأمن' من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وجعل نتنياهو عاملا ثانويا في تشكيل المفهوم الأمني لإسرائيل في الأشهر الأخيرة. لقد انطلق إلى الأمام انطلاقا من فهمه أن حقبة نتنياهو في الليكود تنتهي'، معتبرا أن 'السؤال المركزي الآن ليس سياسيًا بل أمني، وإذا كان الوزير يعلن أنه هو الذي سيقود سياسة القتال في غزة، فإننا الآن في مرحلة المناقشات لصياغة الخطة لهزيمة حماس في غزة وإعادة الرهائن، وفي نهايتها ستكون هناك خطة متكاملة وقوية لتنفيذ المهمة بكل جوانبها'. كما استحضر آفي أشكنازي ما قاله كاتس: 'بصفتي وزير الدفاع المسؤول عن الجيش الإسرائيلي، فإن مهمتي هي قيادة المؤسسة الأمنية والجيش الإسرائيلي في بناء القوة وتفعيلها لمواجهة الأهداف التي نواجهها. هكذا فعلت – وهكذا سأستمر في المستقبل'، خاتما التقرير بالقول: 'السؤال هو إلى أي مدى ستؤثر التحركات في مركز الليكود بشكل مباشر على روح وأفعال هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي. من قال إنهم لا يحاولون تحويل الجيش الإسرائيلي إلى فرع لمركز الليكود؟'

ربع مليون متظاهر في تل أبيب يطالبون بوقف الحرب على غزة والإفراج عن المحتجزين / فيديو
ربع مليون متظاهر في تل أبيب يطالبون بوقف الحرب على غزة والإفراج عن المحتجزين / فيديو

سواليف احمد الزعبي

timeمنذ 5 ساعات

  • سواليف احمد الزعبي

ربع مليون متظاهر في تل أبيب يطالبون بوقف الحرب على غزة والإفراج عن المحتجزين / فيديو

#سواليف شهدت #إسرائيل مساء الأحد، #مظاهرات غير مسبوقة خرج فيها نحو ربع مليون إسرائيلي إلى شوارع #تل_أبيب، مطالبين بوقف #الحرب الدائرة في قطاع #غزة والإفراج الفوري عن #المحتجزين لدى حركة 'حماس'. مظاهرة ضخمة للمستوطنين في "تل أبيب"؛ للمطالبة بإنهاء الحرب وإبرام صفقة تبادل أسرى شاملة. — fadia miqdadai (@fadiamiqdadi) August 17, 2025 وأغلق ما يقارب الربع مليون متظاهر الطرق في مناطق مختلفة من إسرائيل، بما في ذلك طريق سريع رئيسي في تل أبيب، رافعين الأعلام الإسرائيلية الزرقاء والبيضاء وأعلاما صفراء ترمز إلى التضامن مع الأسرى. وطالبوا بإنهاء الحرب الدائرة في قطاع غزة والإفراج الفوري عن الرهائن المحتجزين لدى حركة 'حماس'. وانتقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير المالية اليميني المتطرف بيتسائيل سموتريتش التظاهرات. وقال نتنياهو أمام اجتماع لمجلس الوزراء الأمني: 'الدعوات لإنهاء الحرب بدون هزيمة حماس ستقوي موقفها التفاوضي، وستؤخر إطلاق سراح الرهائن، كما ستضمن تكرار أهوال 7 أكتوبر 2023، وستضطر إسرائيل لخوض حرب بلا نهاية'. من جانبه، وصف سموتريتش التظاهرات، في منشور على منصة 'إكس'، بأنها 'حملة سيئة وضارة تخدم مصالح حماس'. وأفادت الشرطة الإسرائيلية باعتقال أكثر من 30 شخصا. وزار الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ميدان المخطوفين في وسط تل أبيب، داعيا قادة العالم لممارسة الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن، وقال: 'أريد أن أقول للعالم: كفى نفاقًا.' وفي القدس، استخدمت الشرطة خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين. وكان منتدى عائلات الرهائن قد دعا إلى إضراب عام اليوم الأحد، مع بداية أسبوع العمل في إسرائيل. وأصدر المنتدى بيانا أكد فيه أن الهدف هو الضغط على الحكومة لإبرام صفقة تبادل مع حركة حماس، مؤكدين أن المجتمع موحد خلف الأسرى وأن العائلات تكافح من أجلهم.

د. سلطان المعاني : الأردن ليس ساحة لأحلام نتنياهو
د. سلطان المعاني : الأردن ليس ساحة لأحلام نتنياهو

أخبارنا

timeمنذ 7 ساعات

  • أخبارنا

د. سلطان المعاني : الأردن ليس ساحة لأحلام نتنياهو

أخبارنا : حين يتحدث بنيامين نتنياهو عن «اتصاله العميق» برؤية «إسرائيل الكبرى»، فهو يكشف عن جوهرٍ متأصل في بنيته الفكرية: عنفٌ مغلّف بأدلجة توراتية، وغطرسةٌ تعتقد أن الأرض والبشر مجرّد مسرح مفتوح لتمدّد مشروعه. لكن ما لا يدركه أن هذه اللغة، بدل أن تخيف، تشحذ عزيمة الأردنيين، وتُوحّد صفوفهم، وتُعيد رسم خطوطهم الحمراء بأقلام السيادة والكرامة. في مقابلة على قناة i24 بتاريخ 12 آب/أغسطس 2025، أعلن بلا مواربة أنه يشعر بارتباط شديد» بفكرة الأرض الموعودة، رابطًا نفسه بمهمة تاريخية وروحانية. هذه دعوة مكشوفة لتوسيع حدود الدم على حساب الجغرافيا والسيادة. فجاء الرد الأردني حاسمًا: «تصعيد استفزازي خطير، وتهديد لسيادة الدول، ومخالفة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة». كلمات ليست ديبلوماسية ناعمة، فهي إنذار واضح بأن السيادة الأردنية ليست على طاولة التفاوض ولا ضمن أوراق المساومة. هذا التلويح لا ينفصل عن سياق داخلي إسرائيلي يندفع نحو ضمّ الضفة الغربية، وهو ما أقرّه الكنيست في 23 تموز/يوليو بمذكرة رمزية أيّدها 71 نائبًا. نتنياهو يختبر الأعصاب، يحاول الضغط على الأردن بحكم ثقلنا الحدودي ووصايتنا على المقدسات، ويغطي فشله الداخلي بضجيج أيديولوجي، لكنه يصطدم بوقائع أقوى: حدود مُقرة، التزامات دولية قائمة، ومعاهدة سلام تنص بوضوح على احترام وحدة أراضي الأردن. إن الأردن لا يقف متفرجًا على هذا المشهد. فمشروع E1 الذي يسعى لقطع أوصال القدس، وخطاب «الهجرة الطوعية» من غزة المصحوب بالمجازر، هما تحركات يعرف الأردن جيدًا كيف يتعامل مع تداعياتها. ويملك الأردن أوراق قوة قانونية ودبلوماسية: رأي محكمة العدل الدولية في تموز 2024 الذي جرّم الاحتلال، الوصاية الهاشمية المؤكدة، ومعاهدة وادي عربة التي تتيح توصيف أي إخلال إسرائيلي بالتزاماتها كخرق لركائز السلام. والمسارات الأردنية واضحة: تدويل هجومي للملف، تحصين الجبهات، مراجعة هادئة للارتباطات التي تمنح الأردن هامش ضغط، وتغذية خطاب وطني موحّد يحوّل التهديد الخارجي إلى قوة داخلية. ولْيفهم نتنياهو ومن على شاكلته: الأردن ليس ضلعًا ضعيفًا في معادلة المنطقة، فهو عقدة صلبة، وأي وهم بالتمدد إليه سيبقى مجرّد خط على ورق، أمام دولة محروسة بالعهد، مدعومة بالجيش والشعب والقيادة. ليخسأ من يظن أن بإمكانه أن يطال شبرا من ترابه. ليسمعها نتنياهو جيّدًا: هذه الأرض ليست ورقة في كتاب أحلامه التوراتية، ولا ساحة يمدّ عليها خيوط أوهامه، ولا مساحة بيضاء يرسم عليها خرائطه المزعومة. هنا الأردن أرض العهد والدم، أرض الجيش الذي يحرسها بعينه، وشعبٌ يعرف معنى الكرامة إذا هُدِّد، وقيادة لا تساوم على شبر واحد من ترابها. في الثاني عشر من آب، أطلق نتنياهو كلماته من على شاشة i24، يحدّث عن «ارتباط شديد» برؤية إسرائيل الكبرى، وعن «مهمة تاريخية وروحانية» كأنه نبيٌّ مُرسل بكتاب مفتوح على حساب الجغرافيا والحقوق. لكن صوته، مهما علا، لن يخترق جدار الحقيقة: هذه البلاد لها سيادة، ولها حدود، ولها وصاية على مقدسات لن تسقط بالتقادم ولا بالتطاول. ويجيء الردّ الأردني طلقة تحذير واضحة: «تصعيد استفزازي خطير تهديد لسيادة الدول مخالفة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة». لم نقلها للخطابة، وإنما لتثبيت القاعدة: من يمدّ يده على الأردن سيجدها مكسورة قبل أن تلامس التراب. نحن نعرف ما وراء الكلمات؛ ضغط على الأردن، وجسّ نبض للوصاية الهاشمية، ومحاولة لخلط أوراق غزة والضفة على حسابنا. لكنهم لا يعرفون أننا نقرأ اللعبة من بعيد، ونملك من الأوراق ما يجعلنا نقلب الطاولة إن لزم الأمر: من رأي محكمة العدل الدولية الذي جرّم الاحتلال، إلى نصوص معاهدة وادي عربة، إلى شبكة الحلفاء التي تعرف وزن الأردن حين يتحدث. هذا الوطن أصلب من الصخر حين تتداعى الأخطار. جنودنا على الحدود، عيوننا على القدس، وأصواتنا في المنابر الدولية تقول: لا مساس لا تنازل لا تراجع. والأردني حين تُستفز كرامته، يصبح هو وجيشه وقيادته جبهة واحدة لا تُكسر. فليحتفظ نتنياهو بأحلامه على الورق، وليعلم أن أي وهم بالتمدد إلى هنا سيبقى وهمًا، وأن الأردن الذي حمى نفسه عبر التاريخ، لن يكون ساحةً لأطماع أحد. هنا الأردن وهنا الكرامة التي لا تُمس.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store