
أمريكا ترفض تمويل بيانات وعلوم المناخ
أنجانا أهوجا
تحولت الرياح الباردة التي بدأت تهب على علوم المناخ منذ عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض بسرعة إلى صقيع قطبي.
ففي وقت سابق من الشهر، كسرت الإدارة الأمريكية التقاليد بتجاهلها نشر معلومات حول مقياس مناخي حيوي، ألا وهو تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ودون أي تعقيب منها، رغم الارتفاع الكبير الذي شهده هذا المقياس.
وهناك أيضاً سباق نحو إنقاذ بيانات مناخية مهمة، بعدما أشارت الإدارة إلى أنها ستتوقف عن سداد الأموال اللازمة لاستضافة هذه البيانات على الإنترنت، وربما تختفي هذه المواقع خلال شهر مايو.
واستجابت المعاهد البحثية الأوروبية لنداءات استغاثة عابرة للأطلسي، عن طريق توحيد الجهود لتجهيز نسخ احتياطية من هذه المعلومات قبل اختفائها، أو محوها. لذا، فحينما يتعلق الأمر بالعلوم المناخية، تبدي الولايات المتحدة علامات على أنها صارت دولة مارقة.
تعمل الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، منذ عام 1958، على جمع قياسات تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وتنشر الوكالة الأمريكية بياناً صحافياً سنوياً، بجانب تعليق منها.
أما هذا العام، فقد احتوى البيان الكبير على تحديثات ضئيلة، نُشرت على منصتي «فيسبوك» و«إكس»، ولم تعقد مؤتمراً صحافياً، ولم تُصدر تعليقات مصاحبة للبيان.
وحسب إشارة مجلة العلوم الأمريكية «ساينتفيك أمريكان»، فقد «أخفقت منشورات الوكالة في تسليط الضوء على أبرز ما في البيانات، وهو أن تركيزات ثاني أكسيد الكربون في العام الماضي، قفزت بشكل غير مسبوق».
والقفزة التي شهدتها هذه التركيزات جديرة بالملاحظة، لأنها تتخطى 3.7 أجزاء في المليون، وهي زيادة تجاوزت أكبر ارتفاع سابق عند 2.9 جزء في المليون، والتي تم تسجيلها عام 2015.
وبالنسبة لتركيزات ثاني أكسيد الكربون ذاتها، فقد بلغ المتوسط العالمي للتركيز السطحي من الغاز 422.7 جزءاً في المليون بالعام الماضي، وذلك حسب تحليل الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، وكان المستوى المرجعي قبل الصناعة يبلغ 280 جزءاً في المليون.
وبذلك، يبدو أن المقياس يواصل اتجاهاً صاعداً بلا هوادة، ما يشي بازدياد الاحترار، ويجعل كبح ارتفاع درجات الحرارة العالمية عند 1.5 درجة مئوية أو أقل، وفق اتفاقية باريس المناخية، أمراً يزداد صعوبة. إن رسالة «الفشل المناخي» لا تلقى صدى جيداً لدى إدارة دأبت باستمرار على التقليل من تهديد الاحتباس الحراري، أو الاستخفاف به، ورفضت اتفاق باريس للمناخ.
والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، التي تختص بالعلوم المناخية والجوية الأمريكية، هي الرسول الذي تحاول الإدارة الإجهاز عليه، إذ توقفت الإحاطات الإعلامية الشهرية التي تنشرها الوكالة، وهناك خطط ترمي إلى تفكيك ذراعها للبحث العلمي، وهي مكتب أبحاث المحيطات والغلاف الجوي.
وبالنظر إلى التسريحات الجماعية، مثل التي شوهدت في وكالات حكومية أخرى، فقد تجد الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأقل حجماً نفسها تواجه صعوبة في إدارة أنظمة الإنذار المبكر، التي تشير إلى الظواهر الجوية الشديدة، مثل الأعاصير القمعية والأعاصير المدارية.
أما الآن، فقد صارت بياناتها معلقة في الميزان. وحسب مجلة «نيتشر» في الأسبوع الماضي، فقد سارعت كثير من المؤسسات في ألمانيا، إلى نسخ بيانات الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (بما أنه يمكن تنزيل البيانات مجاناً واستخدامها)، بعدما تكشف أن الإدارة الأمريكية تخطط لإلغاء وجودها على الإنترنت.
ورغم تجميد مسألة الإلغاء حالياً، إلا أن جهود النسخ ما زالت قائمة على قدم وساق، وبمساهمة من جمعية هيلمهولتز لمراكز البحث العلمي الألمانية، بما في ذلك مستودع بيانات بانجيا البيئية. ويشير تقرير «نيتشر» إلى أن الشبكة الألمانية تعمل أيضاً على حفظ قواعد بيانات السموم التي تحتفظ بها وكالة حماية البيئة الأمريكية.
وينضم باحثون في دول أخرى، بما في ذلك كندا، إلى جهود الإنقاذ أيضاً.
ومن الصعب تجاهل الشعور بأن الولايات المتحدة في حلتها الجديدة، أصبحت تعادي بيانات المناخ.
ويعد كل قياس جديد لتركيزات الغازات الدفيئة، تأكيداً مقبضاً لحقيقة غير سارة، وهي أن التغير المناخي حقيقي، وأن مواصلة ضخ الكربون في الغلاف الجوي تقربنا من المنطقة الخطرة.
ولن يؤدي تجاهل هذه الحقائق إلى تبريد الجو، أو تخفيف الأوضاع، أو إضعاف الأعاصير. وتعني مواصلة تجاهل هذه الحقائق ضعفاً في إدراك ما هو لا محالة آتٍ.
في الأوقات العادية، يعتبر جمع البيانات تجسيداً للقوة والمسؤولية: قوة رؤية الأشياء على حقيقتها، ومسؤولية تغييرها نحو الأفضل. هذا ما حدث قبل 40 عاماً، عندما رصد باحثون في المسح البريطاني للقارة القطبية الجنوبية ثقباً في طبقة الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية.
وطبقة الأوزون، الموجودة في طبقة الستراتوسفير بالغلاف الجوي، ويُرمز إليها برمز O3، هو غاز تتألف جزيئاته من ثلاث ذرات من الأكسجين، وتعمل مرشحاً للأشعة فوق البنفسجية الضارة.
وتتعرض هذه الطبقة الواقية لتقلبات بمرور المواسم، إلا أن البيانات تظهر انكماشاً مستمراً لطبقة الأوزون أعلى القطب الجنوبي، ما دفع إلى التوصل لبروتوكول مونتريال عام 1987. ويعترف البروتوكول بأن النشاط البشري مضر بالبيئة، وأن التدخل البشري بإمكانه استعادة ما فقدته الطبقة، عن طريق التقليل التدريجي من استخدام مركبات الكلوروفلوروكربون المدمرة لطبقة الأوزون.
وتشير تقديرات الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء «ناسا»، إلى أن الأرض ستستعيد كامل طبقة الأوزون بحلول عام 2066، وهو درس في كيف يمكن للبيانات البيئية، والدبلوماسية، والعزيمة، هزيمة الإنكار.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى مصر
منذ 10 ساعات
- صدى مصر
تقنية CRISPR في مواجهة التحديات البيئية بمعهد التقنية الحيوية بجامعة القناة
تقنية CRISPR في مواجهة التحديات البيئية في ورشة علمية متميزة بمعهد التقنية الحيوية بجامعة قناة السويس السويس …إبراهيم أبوزيد في إطار فعاليات الأسبوع البيئي بمعهد التقنية الحيوية بجامعة قناة السويس، عُقدت ورشة عمل علمية بعنوان 'تقنية CRISPR وتعديل الجينات لمواجهة التحديات البيئية في المجالات المختلفة'، والتي شهدت تفاعلاً واسعاً من المشاركين، وتضمنت عروضاً ترفيهية ومشاهدة أفلام تناولت تطبيقات هذه التقنية الثورية في مجالات علمية متعددة. أُقيمت الورشة تحت رعاية الدكتور ناصر مندور، رئيس جامعة قناة السويس، وبإشراف عام من الدكتورة دينا أبو المعاطي، نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتور محمد سعد زغلول، نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، وبإشراف مباشر من الدكتورة نهى مصطفى مصباح، عميد المعهد، وبإشراف تنفيذي من الدكتور أحمد محمد ريان، وكيل المعهد لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتور محمد عبد الرحمن، وكيل المعهد لشئون الدراسات العليا والبحوث، فيما قدمت الورشة الدكتورة مي علاء الدين عبد الموجود، الباحث ومدير إدارة التدريب بالمعهد، وسفير المناخ وعضو رابطة الابتكار العالمي بدولة الإمارات العربية المتحدة. تعد تقنية CRISPR ثورة علمية غير مسبوقة في مجال الهندسة الوراثية، إذ توفر أداة دقيقة للتعديل الجيني بالاعتماد على نظام المناعة المكتسبة في البكتيريا، ما يجعلها وسيلة واعدة لمواجهة عدد من التحديات البيئية المعقدة. وخلال الورشة، تم استعراض الأدوار المتعددة التي يمكن أن تقوم بها التقنية في مجالات حيوية، من بينها معالجة التلوث البلاستيكي من خلال تصميم بكتيريا قادرة على تفكيك المواد البلاستيكية إلى مكونات قابلة للتحلل الحيوي، وتنظيف التربة الملوثة بالمعادن الثقيلة عبر تطوير كائنات دقيقة تمتص هذه الملوثات أو تحوّلها إلى أشكال أقل ضرراً. وفي السياق ذاته، تناولت الورشة دور CRISPR في الحفاظ على التنوع الحيوي عبر حماية الأنواع المهددة بالانقراض وزيادة مقاومتها للتغيرات المناخية والأمراض، بالإضافة إلى قدرتها على ضبط التوازن البيئي من خلال التحكم في الأنواع الدخيلة باستخدام تقنية الجين الدافع. كما تم التطرق إلى مساهمتها الفعالة في مواجهة تغير المناخ، عبر تطوير محاصيل زراعية مقاومة للجفاف وأكثر كفاءة في استخدام المياه، وزيادة قدرة النباتات والطحالب على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. وفي المجال الزراعي، أظهرت الورشة كيف يمكن استخدام التقنية في تطوير محاصيل مقاومة للآفات والأمراض دون الحاجة للمبيدات الكيميائية، بما يسهم في تحقيق زراعة مستدامة تحافظ على البيئة، وتحسن من الإنتاجية وجودة المحاصيل باستخدام موارد أقل، بما يتماشى مع مفاهيم الاقتصاد الدائري. كما تم استعراض تطبيقات مبتكرة في مجال مراقبة البيئة من خلال مستشعرات حيوية تعتمد على CRISPR لرصد الملوثات في التربة والماء والهواء بدقة وسرعة، ما يعزز من قدرة المؤسسات المعنية على اتخاذ قرارات سريعة لحماية البيئة. واختتمت الورشة بالتأكيد على أن هذه التقنية المبتكرة، بما تمتلكه من دقة عالية وكفاءة وتكلفة منخفضة، تُعد أحد أبرز أدوات المستقبل لمواجهة التحديات البيئية، حيث يمكن تطبيقها على نطاق واسع يشمل الكائنات الدقيقة والنباتات والحيوانات، ما يفتح آفاقاً غير محدودة للبحث والتطوير العلمي في هذا المجال الحيوي.


العين الإخبارية
منذ 10 ساعات
- العين الإخبارية
تتويج الطالب الإماراتي سيف كرم بجائزة الجمعية الكيميائية الأمريكية
تُوّج سيف كرم الطالب في مدرسة الثانوية النموذجية الحكومية أحد منتسبي مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين بالمركز الأول عالمياً في فئة الجوائز الخاصة بمجال الكيمياء. جاء ذلك خلال مشاركة الطالب مع الوفد الوطني، الذي ترعاه مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم في المعرض الدولي للعلوم والهندسة (آيسف 2025)، الذي استضافته ولاية أوهايو الأمريكية. وحصد سيف كرم الجائزة المُقدمة من الجمعية الكيميائية الأمريكية ACS، إحدى أكبر الجمعيات العلمية التي تدعم البحث العلمي في مجال الكيمياء عالمياً عن مشروعه "ابتكار تصنيف لمواد جديدة تستخدم في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى مُركّبات متعددة الكربون ذات قيمة تفتح آفاقاً واسعة للتطبيق والاستخدام في مجالي الصناعة والطاقة المستدامة". رؤية لبناء أجيال تبدع في جميع المجالات ويعكس هذا الإنجاز رؤية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وقرينته الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين في أهمية بناء أجيال تبدع في كافة المجالات لتحافظ على ثراء الإنتاج الإنساني وتنوعه كما يجسد الدور الريادي البارز لمؤسسة ربع قرن في تمكين أجيال الغد من قيادة المستقبل. كما يأتي تتويجاً لتضافر الجهود والتعاون البنّاء والشراكة الفعّالة التي جمعت بين مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين ووزارة التربية والتعليم التي تحرص على التعاون مع كافة شركائها لإبراز مواهبهم وقدراتهم العلمية في المحافل العالمية .و أنجز سيف مشروعه بدعم أكاديمي من جامعة الشارقة في حين تم تعريفه على إجراء الحسابات النظرية على أنظمة الحوسبة عالية الأداء (HPC) . دور محوري لجامعة خليفة ولعبت جامعة خليفة دوراً محورياً أسهم في تمكين سيف كرم من إنجاز مشروعه وتجاربه حيث عمل تحت إشراف مباشر من الدكتور شارماركى محمد أستاذ مشارك في الكيمياء ورئيس مختبر البلوريات الكيميائية (CCL) في جامعة خليفة إلى جانب فريقه في قسم الكيمياء بالجامعة الذين قدّموا إشرافاً أكاديمياً شاملًا خلال فترة إعداد الورقة العلمية. وشمل ذلك تنفيذ جوانب بحثية حاسوبية وتجريبية أُنجزت في مختبرات الجامعة من ضمنها إجراء الحسابات النظرية باستخدام نظرية دالة الكثافة (DFT) على أنظمة الحوسبة عالية الأداء (HPC). و استقبل جاسم البلوشي عضو مجلس أمناء مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين ومحمد عبدالقادر الوكيل المساعد لقطاع الاستراتيجية بالإنابة في وزارة التربية والتعليم سيف كرم والوفد الوطني المُشارك في فعاليات معرض آيسف 2025 تقديراً لهم. aXA6IDgyLjIyLjIzNy4xNDAg جزيرة ام اند امز GB


الشارقة 24
منذ 16 ساعات
- الشارقة 24
تدمير الغابات الاستوائية يبلغ أعلى مستوياته منذ 20 عاماً
الشارقة 24 – أ. ف. ب: وصل تدمير الغابات الاستوائية الأولية العام الماضي إلى أعلى مستوى منذ 20 عاماً على الأقل، بسبب الحرائق التي يؤججها تغير المناخ وتدهور الوضع مجدداً في البرازيل. فقدت المناطق الاستوائية 6,7 ملايين هكتار من الغابات الأولية العام الماضي، وهي مساحة تعادل تقريباً مساحة بنما، في أعلى مستوى منذ بدأ جمع البيانات في عام 2002 بواسطة المرصد المرجعي "غلوبال فورست ووتش" Global Forest Watch الذي يديره معهد الموارد العالمية (WRI)، وهي مؤسسة بحثية أميركية، بالتعاون مع جامعة ميريلاند. وذكرت المديرة المشاركة للمرصد إليزابيث غولدمان، أن هذا الرقم الذي يعكس زيادة بنسبة 80% عن عام 2023، "يوازي خسارة مساحة 18 ملعب كرة قدم في الدقيقة". وتتسبب الحرائق فيما يقرب من نصف هذه الخسائر، متقدمةً لأول مرة على الزراعة. وتمثل هذه المساحات المدمرة ما يعادل 3,1 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون المنبعثة إلى الغلاف الجوي، ما يزيد قليلاً عن انبعاثات الهند في مجال الطاقة. وقالت غولدمان "هذا المستوى من تدمير الغابات غير مسبوق على الإطلاق منذ أكثر من 20 عاماً من البيانات"، مضيفةً "هذا إنذار عالمي".