
'ساعة الحائط' في رمضان.. أداة للوقت أم مرآة للنفس؟
لشهر رمضان المبارك خصوصيته 'النفسية' والاجتماعية، التي تُخرج الصائمين من روتين عام كامل تتشابهُ أيامه، إلى جوٍّ من الطقوس والشعائر التي تفرض حالةً من الإيمان والورع لا تخلو من التحدي، في سعيٍ حثيث لنيل ثمار الشهر الكريم من رحمةٍ ومغفرة وعتق من النار..
ورغم جهاد الصائمين في 'ضبط النفس'، فإن الطبيعة الإنسانية تغلب كثيرين منهم في لحظات.. إلا من رحم ربّي..
فماذا لو انقلبت الأدوار خلاله، وخرجت الجمادات عن صمتها الرمزي لتصبح جزءاً من وعينا الجمعي..؟
كلسان حال 'ساعة الحائط' مثلاً.. تلك القطعة التي تبقى معلقة على الجدار طيلة العام دون أن تكون لافتة للنظر إلا كقطعة 'ديكور'، لا بل ربما يعمد البعض إلى اجتثاث عقرب الثواني منها، في محاولةٍ لسلبها أبسط أدواتها للفت الانتباه، وفجأة تتحوّل في الشهر الفضيل إلى رمز فلسفي حيّ، وإلى مرآة صادقة تعكس علاقتنا بالزمن والانتظار.
وبالذات في اللحظات التي تسبق أذان المغرب.. إذ تصمت الأحاديث وتتوجَّه الأنظار إلى عقارب الساعة، بانتظار لحظة تختزل معاني الصبر واليقين.
هي دقائق معدودة فقط، يدرك الإنسان خلالها حجم عجزه أمام الزمن، لكنه يوقن أيضاً أن 'الانتظار' ليس فراغاً، بل مساحة يتعلّم فيها 'الرضا' بشجاعة، وكما وصفه الفيلسوف الفرنسي ألبير كامو: 'الانتظار هو أن تتحلى بالشجاعة أمام الزمن'.
لأن 'الزمن' هو أمر لا يمكننا الإمساك به، إذ يقول الفيلسوف المعروف بتأملاته فيه 'سانت أوغسطين': 'نحن نعرف ما هو الوقت، لكن إن سأَلَنا أحدٌ أن نشرَحهُ، عجِزنا'.
وربما هنا تكمن حكمة الساعة في رمضان، إنها تعلمنا أن الزمن ليس أداة بيدنا، لكنه معلّم صامت يرشدنا دون كلمات.
وفي كل يوم عند الدقائق التي تسبق الإفطار، يدخل كل فرد في حالة مواجهة مع ذاته. وليس الجوع فقط هو ما يوضع تحت الاختبار، بل القدرة على الانتظار، والسيطرة على الشعور بالقلق أو الغضب، والإيمان بأن الفرج حتمي.
وغالبُ الظن أن يُستثنى هنا من يقضي نهاره صائماً 'نائماً' خارج التحديات.. في تجسيدٍ للحكمة الصينية القديمة التي تقول: 'من يعرف كيف ينتظر، يجني ثمرة كل شيء'.
حتى الأطفال الصغار، الذين يتعلمون عبر عقارب الساعة معنى الدقائق الطويلة، يدركون للمرة الأولى أن الترقّب جزءٌ من الحياة.. وخلف الصبر تختبئ الأشياء الجميلة.. يقول الشاعر والمتصوف جلال الدين الرومي الذي تحدّث عن الصبر والانتظار كجزء من 'رحلة الروح': 'كن صبوراً، فالأشياء الجميلة تحتاج إلى وقت'.
وفي اللحظة التي يصدح فيها الأذان، تنفرج الأسارير وينقلب التوتر إلى راحة جماعية، ويعود الجميع ليتحلّقوا حول المائدة، تاركين الساعة معلقةً على الجدار، لتنعم بشيء من الخصوصية بعد نهار طويل من أنظار شاخصةٍ إليها تترقب كل ثانية تخطوها، فتنتهز الفرصة لتلتقط أنفاسها وقد أدّت دورها كحارسة خفية لأدق لحظات الإنسان.
لتثبت 'ساعة رمضان' في النهاية أنها ليست أداة لقياس الزمن فحسب، بل جزءاً من فلسفةٍ عميقة، تؤكد أن الانتظار يصنع فينا قوة داخلية لا نراها، وأن الزمن لا يُعطي إلا لمن يُحسن الترقب. وكما يقول 'طاغور' المفكر الهندي الحائز على نوبل: 'الإيمان هو الطائر الذي يشعر بالنور، ويرى الفجر قبل أن تشرق الشمس'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المدى
منذ 22 دقائق
- المدى
عارض صحي يصيب رئيس قلم داخل المرحاض يوقف عملية الاقتراع في صيدا
توقفت عملية الاقتراع في مركز مرجان – صيدا ، بعد تعرّض رئيس القلم لعارض صحي ادى الى سقوطه ارضا داخل الحمام، ما استدعى تعليق التصويت بانتظار تأمين بديل منه، في ظل رفض السماح لمساعديه بمتابعة العملية الانتخابية بشكل موقت. وفي وقت لاحق افادت مندوبة 'الوكالة الوطنية للإعلام' انه تم تأمين رئيس قلم جديد للمركز.


المدى
منذ 22 دقائق
- المدى
جماهير نابولي تشعل المدينة احتفالاً باللقب
احتشد مئات الآلاف من مشجعي نابولي الفرحين في المدينة للاحتفال بتتويج فريقهم بلقب دوري الدرجة الأولى الإيطالي لكرة القدم أمس الجمعة للمرة الرابعة في تاريخه. سجل سكوت مكتوميناي وروميلو لوكاكو هدفين ليحققا فوزاً مريحاً لفريقهما 2-صفر على كالياري ويتوج بلقبه الثاني في ثلاث سنوات بفارق نقطة واحدة عن إنتر ميلان. وطغت الألوان فجأة على مدينة نابولي مع حلول الليل. وأضاءت الألعاب النارية سماء المدينة وغطت سحب الدخان الأخضر والأبيض والأحمر الممزوجة باللون الأزرق التقليدي للفريق الشوارع بينما كانت نتيجة المباراة تسير لصالح نابولي. حاول أكثر من 450 ألف مشجع الحصول على تذاكر لكن معظمهم احتفلوا بالمباراة أمام ملعب دييجو أرماندو مارادونا أو في ساحة بلبشيتو حيث حولت الشاشات العملاقة مركز المدينة إلى ما يشبه بحرا أزرق مبهجاً. قال مشجع لنابولي يدعى سلفاتوري رومانو لرويترز: 'كان الفوز جميلاً ومقنعاً. عانينا كثيراً لكننا الآن نستمتع به حقاً. لقب البطولة هذا هو الأجمل'. طافت سيارات مطلية باللون الأزرق الشوارع رافعة بفخر العلم الإيطالي بألوانه الثلاثة وملوحة بالرقم أربعة الذي يُشير إلى عدد ألقاب الدوري التي فاز بها نابولي. قال مشجع آخر يدعى باسكوالي كوبولا مع بدء الاحتفالات في المدينة الواقعة جنوب إيطاليا: 'كان الأمر رائعاً بطريقة لا تصدق. سجل مكتوميناي ولوكاكو هدفين جميلين. نحن سعداء للغاية ونشعر بالأسف إزاء إنتر لكننا الأفضل في إيطاليا ونحتفل الآن'.


أخبار مصر
منذ 22 دقائق
- أخبار مصر
لو هتنقلها على الكمبيوتر.. طريقة حفظ الصور بصيغة JPG على iPhone بالخطوات
لو هتنقلها على الكمبيوتر.. طريقة حفظ الصور بصيغة JPG على iPhone بالخطوات غيّرت Apple تنسيقات الكاميرا الافتراضية للصور والفيديوهات من JPG إلى HEIC (تنسيق الصور عالي الكفاءة) على نظام iOS 11، لتوفير مساحة على الهاتف، وقد يكون تغييرًا قديمًا، لكن بمجرد مشاركة صور وفيديوهات iPhone على الكمبيوتر، بتلك الصيغة لن تستطيع فتحها، لأنها غير مدعومة على نطاق واسع، لذلك التحويل بصيغةJPG يكون الأفضل.كيفية حفظ الصور بصيغة JPG على iPhone وفقا لموقع «gadgets360» التكنولوجي، فرغم أن تنسيق HEIC يحفظ صورًا عالية الجودة بأحجام أصغر، مقارنةً بتنسيق JPG، فإن تحويل صور HEIC إلى JPG قد يكون صعبا، بالإضافة إلى أن أبل لا تتيح خيار تغيير الإعداد الافتراضي في تطبيق الكاميرا، لذلك سيتعين عليك الانتقال إلى الإعدادات…..لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر 'إقرأ على الموقع الرسمي' أدناه