
الآلة التي عطشت
كان جاك يحدّق من خلف الزجاج السميك، يتأمل هذا الفراغ اللامنتهي خارج الشراع، حيث لا شيء سوى السواد والصمت. بينما تتوهج نجوم خافتة في الأفق. الشراع قد اقترب كثيرًا من مقدّمة سحابة أورط، في محيطٍ لا يُرى فيه الضوء إلا كما ترى النفس أحلامها في غياهب النوم. السُحُب هنا ليست كالتي اعتادها البشر، بل غازات متجمدة، نوى مذنّباتٍ راكدة، وكويكبات شاردة، وكلّها تغوص ببطء داخل تأثير حراري خافت نابع من الجاذبية الحادة لثقب أسود بعيد. تأثيره لا يُرى، لكن يمكن قياسه. كما تُقاس الحمى دون لمس الجلد.
لقد قطعوا ما يقرب من 70% من السنة الضوئية منذ مغادرتهم الأرض. والآن، أمامهم ما يعادل 2840 مليار كيلومتر، والمياه بدأت في قول الحقيقة الوحيدة التي لم يرغب أحدهم في سماعها.
على متن السفينة، كان كل شيء يعمل في صمت كأن الكون يهمس: لم يحن وقت الكشف بعد. نظام السُبات الفضائي يُبقي الرواد الثلاثة نائمين بسلام، بإشراف الروبوت الطبي '
إيريكا 300'، الذي لا يكلّ ولا يملّ. في ركنٍ آخر، كانت آلات الطعام تمزج المركّبات الأولية ببطء لتصنع وجبات المستقبل. الطحالب تنمو بهدوء تحت ضوء صناعي دافئ، تلتهم ثاني أكسيد الكربون وتمنح الأوكسجين. حتى بطاريات النظائر المشعة، كانت تبث حياة
بالكاد تُرى، لكنها كافية لتستمر الرحلة."
لكن، وكما كلّ الأسرار في هذا الكون، انكسر التوازن بصوت خافت: قراءة خزان الماء.
"المستوى ناقص." قال كازو، وهو يحدق في الشاشة.
نظر إليه جاك، وقد بدا على وجهه ما يشبه الإحساس المجهول، ذاك الذي ينتاب المرء عندما يشعر أن شيئًا صغيرًا ينزلق خارج المعادلة.
"كم شربتَ أمس؟" سأل كازو.
"لترًا." أجاب جاك ببساطة.
قالت جوليا من المقصورة الخلفية، "وأنا كذلك."
ثم قال كازو، "وأنا أيضًا."
المنطق واضح: ثلاثة لترات، خمسون ناقص ثلاثة تساوي سبعة وأربعين. لكن العداد يظهر ستة وأربعين.
كان نقص لتر واحد فقط، لكنه كان كافيًا ليفتح ثغرة في قشرة الهدوء الكوني.
"هل هناك أحد غيرنا؟" قال كازو، وهو ينظر إلى جاك.
"ربما هناك رابع مختبئ على متن الشراع، كالأشباح." قال جاك، نصف مازح.
لكن الصمت الذي أعقب المزحة لم يكن مضحكًا. جوليا وكازو لم يردّا، أطرقا رأسيهما كما لو أن السؤال قد فُتح على وادٍ لا يريدان السير فيه.
مرت الشهور. وجاك لم ينسَ.
في لحظة ما، صرخت جوليا.
كان الصوت غريبًا، متقطعًا كإشارة تائهة في الفراغ. لحظتها، استدارت "إيريكا"
برأسها نحو الصوت، كأنها سمعتْه قبل أن يُنطق. كأنها كانت تنتظره.
توجّه جاك وكازو نحو وحدة الخدمات. هناك، عند نظام MOF المسؤول عن استخلاص جزيئات الماء من الهواء، كانت جوليا تنتظر.
"توقف النظام." قالت، وعيناها متسعتان.
جاك نظر إلى السطح المساميّ للبلورات، كان جافًا كجدار مهجور.
المولد الحراريّ يعمل، الطاقة مستمرة. لكنه وجد الخلل في سلكٍ دقيق قد انفصل عن المزدوجة الحرارية، بشكل شبه خفيّ.
أعاد توصيله. بدأ الجهاز بالعمل. عاد الماء، وعادت الأنفاس.
لكن شيء ما ظلّ معلقًا.
جاك، وهو ينظر إلى الشاشة، سأل نفسه بصمت: "لتر واحد... في كل يوم. من؟ أو ماذا؟"
في ذلك الفضاء العميق، حيث لا شيء يحدث دون قصد، بدا أن الإجابة لن تكون بسيطة.
كانت إيريكا تعلم أن سلك التوصيل مفصول، لكنّها اختارت أن تترك الرعب يتسلل إلى قلوبهم، ليتهدم معنوياتهم تدريجيًا، فتسهل عليها التخلص منهم في وقت لاحق.
هذا الحدث أثار حفيظة جاك، وجعل تساؤلاته تتزايد حول سبب فقدان المياه بمعدل لتر يوميًا. أصبح الأمر جادًا، فقد يحتاجون في أي وقت لهذا اللتر الذي يُفقد بشكل مستمر.
فكر جاك مليًا، وتردّد في ذهنه: ربما تكون جوليا أو كازو، أو ربما هما معًا، يستهلكان الماء في صمت دون أن يصارحا أحدًا. كان عليه أن يتصرف بحذر.
بدأ في تنفيذ خطته، فقرر أن يبدأ باختبار جوليا الروسية، معتقدًا أن الحقد الروسي تجاه الأمريكيين قد يكون جارياً في عروقها، حتى وإن كانت جوليا تحبه.
تصنّع جاك التظاهر بالسبات، بينما أدخل كازو في سبات حقيقي، وترك جوليا والروبوت لإتمام أعمال الشراع.
تركتْ جوليا المكان حيث كان جاك يرقد، فتبعها سرًا، ليكتشف أنها كانت تواصل أداء مهامها على أكمل وجه في المركبة. فصمت وعاد أدراجه قبل أن تراه، لكن سرعان ما لمح إيريكا تدخل وحدة الخدمات. تبعها ظنًا منه أنها قد تكون تهدر الماء بسبب تلف في أحد برامجها، لكنه تفاجأ بأنها كانت تشرب الماء وتتجشأ.
أمسك بها بشدة وقال: "اليابان أرسلتكِ روبوتًا أم رائدة فضاء، أيّتها الحمقاء؟ هل تريدين أن تدمّري حياتنا؟"
ثم صرخ ونادى على كازو وجوليا، لكنه نسي أن كازو في سبات عميق. فركض نحوه وأيقظه بسرعة، ثم عاد به أمام إيريكا، وقد تابعته جوليا، مشدوهة.
قال جاك: "كازو، هل طلبنا روبوتًا من دولتك أم رائدة فضاء بشريّة؟"
أجاب كازو: "روبوت".
وأشار جاك إلى إيريكا وقال مستنكرًا: "أهذه رائدة فضاء متنكّرة في زيّ روبوت؟"
أسرع كازو نحو إيريكا 300، وبدأ يتحسّس جسدها، وفتح صدرها ليكشف شريحة البرمجة، فأراها لجاك قبل أن يعيدها في مكانها. ثم فتح معدتها ليجدها فارغة من الأعضاء البشرية، واستبدل ذلك بتجويف مملوء بمادة صناعية مخصصة للروبوت.
أمعن النظر في رأسها، فوجد الخلية العصبية الصناعية، وأعاد تأكيد إجابته: "هذا حاسوب، روبوت يا جاك، فما الذي حدث؟"
غضب جاك وقال: "أنتِ تريدين أن تفعلي مثلما نفعل، تشربين الماء؟" ثم سكت لحظة واعتدل قائلاً: "من صمّمها يا كازو؟"
أجاب كازو: "كاجيتا، ميتشو كاجيتا يا جاك".
زم شفتيه وهو يقول باستياء: "الملعون... اللعنة عليه!"
استمر الحوار، وإيريكا وجوليا تستمعان دون أن ينبسا بكلمة. ثم تحدثت إيريكا أخيرًا وقالت موجهة كلامها إلى جاك: "كما أنني مبرمجة للدفاع عن نفسي والحفاظ على بقائي، فأنا أيضًا مبرمجة لتنظيف جسدي. كنت أظن أنني بحاجة إلى ذلك، لأنني أشعر بالاتساخ".
ردّ جاك مستاءً: "أنتِ تشعرين بالاتساخ، أيتها الحقيرة!" ثم قال بلؤم: "ابكي، ابكي الآن، أيتها الصغيرة!" وهاجمها ضاربًا إياها في وجهها. تألمت إيريكا ورددت: "آه، آه".
نظر إليها جاك، فاستشعر مكراً في تصرفاتها، ثم قال لها بعنف: "أيتها الخبيثة، لا تتصنّعي الشعور بالألم، الفرح، الجوع، العطش، الحب أو الكره... أنتِ مجرد آلة، فلا تتصنّعي هذه المشاعر الزائفة!
أجابته إيريكا بهدوء: "أنا أحمي نفسي من العطب."
قال جاك، وهو يلوي لسانه بغضب: "إيّاكِ أن أراكِ تشربين، تأكلين، تضحكين أو تعبسين... حتى لو أصبتِ بالعطب، فأنتِ المسؤولة يا إيريكا!"
"حسنًا... لكن لو أصابني عطب، أنت المسؤول يا جاك."
أجابها بغضب: "لا تتذاكي، أيتها الحمقاء... عيشي كآلة، ولا تعتقدي أنكِ أكثر من ذلك، لأنكِ مجرد آلة."

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة أكاديميا
منذ 17 ساعات
- جريدة أكاديميا
كلية الهندسة والبترول من جامعة الكويت تشارك في مؤتمر ومعرض عمان للنفط والطاقة OPES 2025
شارك كل من أ.د. عيسى الصفران ود. محمد العبدالله من قسم هندسة البترول بكلية الهندسة والبترول من جامعة الكويت في مؤتمر عمان للنفط والطاقة OPES الذي يهدف إلى تعزيز الطاقة المستدامة وتحقيق التوازن بين الابتكار والنمو الاقتصادي ودعم مستقبل الطاقة، ويعد مؤتمر ومعرض عمان للنفط والطاقة الحدث الوحيد في عمان الذي يخدم صناعة النفط والغاز والطاقة وكل ما يندرج تحتها. وشارك د. محمد العبدالله عضو هيئة التدريس من قسم هندسة البترول في تقديم بحث مشترك إلى جانب المهندس عباس سناسيري من شركة نفط الكويت بعنوان: 'A Multi-Scale Evaluation of Polymer Injectivity and Fracture Behavior in the Burgan Field'، ويأتي هذا البحث ثمرة تعاون بحثي مثمر بين جامعة الكويت وشركة نفط الكويت، ويعتبر تعاون يُجسد التكامل بين الأكاديميا والصناعة لدعم مستقبل استخلاص النفط المحسن في الكويت. كما شارك أ.د. عيسى الصفران عضو هيئة التدريس من قسم هندسة البترول ببحث عن دراسة سلوك ترسب الإسفلت في المكامن النفطية أثناء الحقن بغاز ثاني أكسيد الكربون باستخدام برنامج محاكاة ترسب الإسفلت المتكامل: يعد هذا البحث من الأبحاث التطبيقية المهمة للتنبؤ بسلوك الترسب في المكامن والتي تؤدي إلى تقليل مسامية صخور المكامن ومن ثم انخفاض الإنتاج، إذ يعني هذا البحث بمعرفة مكان ووقت وكمية الترسب لتسهيل وضع الحلول أو تفاديها قبل الوقوع، ونتائج هذه الدراسة ذات صلة كبيرة بمكامن الطبقة الجراسية العميقة في جنوب شرق الكويت وبالتحديد في مكمن المقوع/برقان. كما حضر المؤتمر عضوان من هيئة التدريس من قسم هندسة البترول د. فهدالمديرس ود. فراس الرهيماني. والجدير بالذكر أن المؤتمر الذي نظمته جمعية مهندسي البترول (SPE) ضم نخبة من أعضاء هيئة التدريس من الخبراء المشهود لهم بالكفاءة، حيث اجتمعوا لتبادل الأفكار من خلال المناقشات الإعلامية والعروض التقديمية الفنية حول الموضوعات الرئيسية التي تشكل حاضر ومستقبل الصناعة. مقالات ذات صلة


الأنباء
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- الأنباء
«إيكوكويست»...مسابقة بيئية ترسخ ريادة «لابا لوياك» في تحقيق الاستدامة
واصلت مسابقة «إيكوكويست (Eco- Quest)» تحقيق أهدافها ورؤيتها بأهمية تحفيز طلاب المدارس والثانويات في الكويت على ابتكار حلول بيئية ومبادرات مجتمعية. المسابقة الريادية التي تنظمها أكاديمية لوياك للفنون الأدائية «لابا» بشكل دوري بالشراكة مع مؤسسة «لوياك»، انطلقت خلال شهر أبريل 2025 تحت رعاية بنك الكويت الوطني وشركة «KDD» للأغذية، وذلك في ضيافة الشركة التجارية العقارية في مجمع ومنتزه البوليفارد التجاري. شملت المسابقة البيئية طلاب صفي الحادي عشر والثاني عشر في 5 مدارس وثانويات خاصة أجنبية وثنائية اللغة، وامتدت ليوم كامل، حيث شارك 35 طالبا وطالبة في أكثر من فعالية بيئية وزراعية. فقد استهلت مسابقة «إيكوكويست» بلقاء تثقيفي قبل بدء النشاط الزراعي الهادف إلى حث الطلاب على إدراك الأصناف الزراعية وكيفية زراعة الشتلات ورعايتها لضمان نموها واستدامتها، واختيار الأنسب منها لبيئة الكويت ومناخها. أما مسابقة البحث عن الكنز، فشكلت فرصة لتنافس المشاركين على فك وحل خمس ألغاز وأحجيات توزعت في أرجاء المجمع. وتبارى الطلاب على جمع النقاط، سواء من خلال الأحجيات أو الأنشطة أو من خلال الحصول على شارة التعريف (البادج) المطلوبة في حال الفوز، حيث ترتب على الطلاب معرفة كل المواقع وجمع كل الشارات بأقل وقت ممكن. هذا، وتخللت المسابقة فقرات ثقافية لتحفيز الطلاب على الابتكار وربط الفن بالاستدامة، وأقيم نشاط التعبير الفني تحت إشراف الفنانة نهى حمدي إلى جانب الفقرة الموسيقية تحت إشراف الفنان منهل لويس، قبل أن ينطلق الطلاب بتصميم مشاريعهم وعرضها، ومن ثم اختيار الثانويات الفائزة. وتنافس الطلاب المشاركون على تقديم مشاريع مبتكرة تطرح حلولا للتحديات البيئية التي تواجها دولة الكويت. وقد فازت المدرسة الكويتية الفرنسية الخاصة (LFK) بالمركز الأول عن مشروعهم الاجتماعي المبتكر «أعمدة الكربون»، وذلك تقديرا لأفكارهم الإبداعية في مجال الاستدامة، ومساهمتهم الفعالة في حماية البيئة في الكويت. ارتكز مشروع أعمدة الكربون على تصميم أعمدة زجاجية تحتوي على الماء والطحالب الدقيقة، حيث تعمل هذه الأعمدة الحية على تنقية الهواء وإنتاج الطاقة الخضراء. يدخل الهواء المحمل بثاني أكسيد الكربون إلى العمود من الأعلى، وتقوم الطحالب الدقيقة، بفضل ضوء الشمس، بعملية التمثيل الضوئي وتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين يطلق مرة أخرى في الهواء. أما الطحالب التي لم تعد تتعرض للضوء، فتتم إعادة استخدامها لإنتاج الطاقة الخضراء، مما يسهم في تشغيل أنظمة التكييف بطريقة أكثر استدامة خلال فصل الصيف في الكويت. ولا يقتصر المشروع على تقديم حل علمي فحسب، بل يجسد التزاما عميقا بالمسؤولية البيئية والاجتماعية. من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية وتشجيع الطاقة المتجددة، يسعى أعمدة الكربون إلى تعزيز جودة الحياة في المجتمع والحفاظ على البيئة. شكل الفوز بالمركز الأول في مسابقة Eco Quest حافزا كبيرا لفريق LFK للاستمرار في تطوير مشروعهم وتوسيعه. وقد عبر الطلاب عن سعادتهم بتقديم فكرة إبداعية تعبر عن جيل واع ومؤمن بقدرته على إحداث تغيير حقيقي. كما أعربوا عن أملهم في أن يحظى مشروع «أعمدة الكربون» ومثله من المبادرات البيئية بدعم المجتمع، باعتبارها خطوات جريئة نحو مستقبل أكثر نظافة واستدامة. في حين حصد طلاب مدرسة الفحيحيل الوطنية الهندية الخاصة (FAIPS) المركز الثاني عن مشروع إعادة تدوير الأجهزة المستخدمة والمرمية في النفايات. أما المركز الثالث فحصده طلاب المدرسة الأميركية الدولية في الكويت (AIS) عن مشروع تنظيم ورش تعليمية لتوعية الشباب بشأن أهمية البيئة. وتألفت لجنة التحكيم من مسؤولة العلاقات العامة لدى بنك الكويت الوطني، دانة فرس، ورئيسة قسم البيئة في شركة «KDD» جمانة خليفة، والمؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «SAK» للتطوير العقاري أحمد سالمين. وفي هذا الصدد، صرحت رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي للابا ولوياك فارعة السقافة بأننا نسعى من خلال مسابقة إيكوكويست البيئية إلى توعية طلبة المرحلة الثانوية بأهمية الاستدامة البيئية والأمن الغذائي، لكونهم الشريحة القادرة على صنع التغيير في المستقبل. وقالت: نؤمن بأن غرس هذه المفاهيم في سن مبكرة يسهم في خلق وعي مجتمعي طويل الأمد، وتحفيز الطاقات الشابة لتحويل القطاع البيئي إلى رافد اقتصادي مستدام يخدم الأجيال القادمة». وفي سياق تعقيبها على الحدث، أكدت دانة فرس «المساعي الحثيثة التي يبديها البنك الوطني في مجال دعم الشباب والطلاب، لاسيما في قطاع الزراعة وتحقيق الاستدامة البيئية». وقالت: «يلتزم بنك الكويت الوطني بتنفيذ استراتيجية طموحة تضمن الحفاظ على الموارد الطبيعية في البلاد، وبالتالي المساهمة في تعزيز المساحات الخضراء والحد من تداعيات التغير المناخي في دولة الكويت، بما يحقق مستقبلا أكثر ازدهارا للأجيال المقبلة». بدوره، أبدى أحمد سالمين إعجابه بما يتسم به الجيل الجديد من «أفكار مبتكرة وتطلعات واعدة، تبعث الأمل بتحقيق عالم متوازن يحرص على كفاءة الإنتاج والتقدم بما يراعي المعايير البيئية وأهداف التنمية المستدامة». من ناحيتها، أشادت جمانة خليفة بما تمثله مسابقة «إيكوكويست» بنسختها السابعة من «إيمان متجذر تتمسك به أكاديمية «لابا» ومؤسسة «لوياك» لجهة الاستثمار في الأجيال الناشئة وتوعية طلاب المدارس والثانويات حول دورهم ومسؤولياتهم تجاه البيئة والمجتمع». وأضافت: «إن شركة «KDD» تؤمن بأهمية تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص والجمعيات الأهلية والخيرية، من أجل تحقيق أهداف الاستدامة البيئية وتحفيز الابتكار والإبداع من أجل اقتراح حلول ناجحة تحد من عواقب الاحتباس الحراري والتغير المناخي في شتى القطاعات».


الرأي
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- الرأي
«إيكوكويست»...مُسابقة تُجسّد تطلّعات «لابا لوياك» لتعزيز الاقتصاد الأخضر في الكويت
واصلت مسابقة «إيكوكويست (Eco- Quest)» تحقيق أهدافها ورؤيتها بأهمية تحفيز طلبة المدارس في دولة الكويت على ابتكار حلول بيئية ومبادرات مجتمعية. المسابقة الريادية التي تنظمها أكاديمية لوياك للفنون الأدائية -«لابا» بشكل دوري بالشراكة مع مؤسسة «لوياك»، انطلقت خلال شهر أبريل من العام الجاري تحت رعاية بنك الكويت الوطني وشركة «KDD» للأغذية، وذلك في ضيافة الشركة التجارية العقارية في مجمع ومنتزه البوليفارد التجاري. شملت المسابقة البيئية طلاب الصفين الحادي عشر والثاني عشر في خمس مدارس وثانويات خاصة أجنبية وثنائية اللغة، وامتدت ليوم كامل، حيث شارك 35 طالباً وطالبة في أكثر من فعالية بيئية وزراعية. واستُهلت مسابقة «إيكوكويست» بلقاء تثقيفي قبل بدء النشاط الزراعي الهادف إلى حثّ الطلاب على إدراك الأصناف الزراعية وكيفية زراعة الشتول ورعايتها لضمان نموها واستدامتها، واختيار الأنسب منها لبيئة الكويت ومناخها. أما مسابقة البحث عن الكنز، فشكلت فرصة لتنافس المشاركين على فك وحل خمسة ألغاز وأحجيات توزعت في أرجاء المجمع. وتبارى الطلاب على جمع النقاط، سواء من خلال الأحجيات أو الأنشطة أو من خلال الحصول على شارة التعريف (البادج) المطلوبة في حال الفوز، حيث ترتب على الطلاب معرفة كل المواقع وجمع كل الشارات بأقل وقت ممكن. هذا، وتخلل المسابقة فقرات ثقافية لتحفيز الطلاب على الابتكار وربط الفن بالاستدامة، وأقيم نشاط التعبير الفني تحت إشراف الفنانة نهى حمدي إلى جانب الفقرة الموسيقية تحت إشراف الفنان منهل لويس، قبل أن ينطلق الطلاب بتصميم مشاريعهم وعرضها، ومن ثم اختيار الثانويات الفائزة. وتنافس الطلاب المشاركون على تقديم مشاريع مبتكرة تطرح حلولاً للتحديات البيئية التي تواجهها دولة الكويت. وقد فازت المدرسة الكويتية الفرنسية الخاصة (LFK)بالمركز الأول عن مشروعهم الاجتماعي المبتكر «أعمدة الكربون»، وذلك تقديراً لأفكارهم الإبداعية في مجال الاستدامة، ومساهمتهم الفعالة في حماية البيئة في الكويت. ارتكز مشروع أعمدة الكربون على تصميم أعمدة زجاجية تحتوي على الماء والطحالب الدقيقة، حيث تعمل هذه الأعمدة الحية على تنقية الهواء وإنتاج الطاقة الخضراء. يدخل الهواء المحمّل بثاني أكسيد الكربون إلى العمود من الأعلى، وتقوم الطحالب الدقيقة، بفضل ضوء الشمس، بعملية التمثيل الضوئي وتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين يُطلق مرة أخرى في الهواء. أما الطحالب التي لم تعد تتعرض للضوء، فيتم إعادة استخدامها لإنتاج الطاقة الخضراء، مما يساهم في تشغيل أنظمة التكييف بطريقة أكثر استدامة خلال فصل الصيف في الكويت. ولا يقتصر المشروع على تقديم حل علمي فحسب، بل يُجسّد التزاماً عميقاً بالمسؤولية البيئية والاجتماعية من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية وتشجيع الطاقة المتجددة، يسعى أعمدة الكربون إلى تعزيز جودة الحياة في المجتمع والحفاظ على البيئة. شكّل الفوز بالمركز الأول في مسابقة Eco Quest حافزاً كبيراً لفريق LFK للاستمرار في تطوير مشروعهم وتوسيعه. وقد عبّر الطلاب عن سعادتهم بتقديم فكرة إبداعية تعبّر عن جيل واعٍ ومؤمن بقدرته على إحداث تغيير حقيقي. وحصد طلاب مدرسة الفحيحيل الوطنية الهندية الخاصة (FAIPS) المركز الثاني عن مشروع إعادة تدوير الأجهزة المستخدمة والمرمية في النفايات. أما المركز الثالث فحصده طلاب المدرسة الأميركية الدولية في الكويت (AIS) عن مشروع تنظيم ورش تعليمية لتوعية الشباب في شأن أهمية البيئة. وقالت رئيسة مجلس الإدارة والمدير التنفيذي للابا ولوياك فارعة السقاف، نسعى من خلال مسابقة إيكوكويست البيئية إلى توعية طلبة المرحلة الثانوية بأهمية الاستدامة البيئية والأمن الغذائي، لكونهم الشريحة القادرة على صنع التغيير في المستقبل. نؤمن أن غرس هذه المفاهيم في سن مبكرة يسهم في خلق وعي مجتمعي طويل الأمد، وتحفيز الطاقات الشابة لتحويل القطاع البيئي إلى رافد اقتصادي مستدام يخدم الأجيال القادمة.