logo
ليس دفاعًا عن دونالد ترمب

ليس دفاعًا عن دونالد ترمب

المدينة٢١-٠٤-٢٠٢٥

من الصَّعب أنْ توصف محاولات دونالد ترمب، رئيس الولايات المتَّحدة، لتغيير النظام العالميِّ بالنَّجاح أو الفشل في هذه المرحلة، حتى وبعد مرور مئة يوم منذُ توليه الرئاسة الأمريكيَّة. لكنَّنا نتَّفق على أنَّه لم يحدث هزَّة ضخمة في الاقتصاد العالميِّ فحسب، بل إنَّه تسبَّب في انهيار النظام العالميِّ القائم (النظام الليبراليِّ). يتَّهم ترمب الليبراليِّين بأنَّهم تسبَّبُوا في ضعف أمريكا، وتعاظم قوى دول أُخْرى، خاصَّةً الصِّين، عبر قراراتهم الاقتصاديَّة على حساب أمريكا.وهو على حقٍّ -إلى حدٍّ ما-؛ لأنَّ أمريكا تولَّت تكوين النظام الليبراليِّ الحاليِّ بعد الحرب العالميَّة الثَّانية، وما كان لها أنْ تنشئ هذا النظام بمختلف كياناته، دون أنْ تتخلَّى عن بعض أهدافها؛ لتحقيق ذلك، وتكون سبَّاقةً في بناء أوروبا واليابان وغيرها، بعد أنْ دمَّرتها الحربُ العالميَّة، وإنشاء هيئة الأمم المتحدة بمجالسها المتعدِّدة، ومنظمة التجارة العالميَّة، وصندوق النقد الدوليِّ، وغير ذلك. ومقابل أنْ تكون القطب الأكبر بين دول العالم، وكذلك مقابل قبول العالم (الدولار) كعملةٍ عالميَّةٍ تحلُّ محلَّ الجنيه الإسترلينيِّ الذي كان مهيمنًا -إلى حدٍّ كبيرٍ- حتَّى لحظة إعلان أمريكا زعامتها للعالم.وليس صحيحًا أنَّها فضَّلت بقية العالم على نفسها، بل إنَّها استفادت كثيرًا من سخائها، وهيمنتها العالميَّة؛ ممَّا حقَّق لها رخاءً كبيرًا، استفادت منه في جعل جامعاتها من أفضل الجامعات في العالم، وولاياتها ملتقى الاقتصاد العالميِّ، وأنْ تصبحَ الأُولَى في اختراعِ الجديد، وأصبح اقتصادُها أقوى اقتصادٍ في العالم، وقواتها العسكريَّة أقوى قوَّةٍ في العالم. وحوَّلها لتكون منبرًا للرأي والفكر والتَّرفيه على مستوى العالم. وحقَّق لدونالد ترمب نفسه أنْ يكون قطبًا عالميًّا جذَّابًا يبني مراكز (بنايات) تسجَّل باسمه، في العديد من دول العالم، إلى جانب داخل أمريكا.المرحلة التي تعيشها اقتصاديَّات العالم اليوم، هي مرحلة إعادة بناء، تتطلَّب هدم القديم، أو تعديل بعض بنيانه، حتَّى يمكن اكتمال البناء حسب المواصفات الجديدة. ومن الطبيعي أنْ تكره دول العالم التغيير الذي يطالب به دونالد ترمب، فالتغيير -بحدِّ ذاتِهِ- لا يقبل في أحسن الأحوال، وتكون ردود الأفعال تجاهه، سلبيَّةً ومشكِّكةً، ولا أعتقدُ أنَّ حججَ الرَّافضين للتغيير سليمة، بالنسبة لأمريكا، ولن تتَّضح الصورة النهائيَّة لما يحصل اليوم من حرب اقتصاديَّة، إلَّا بعد وقت قد لا يكون قصيرًا، وفي حرب مثل هذه تكون هناك معارك صغيرة أو جانبيَّة، ويتراكم النَّجاح في المعارك إلى أنْ يصل انتصارًا، أو هزيمةً، كما أنَّه يحدث تقبُّل حلول وسط، تُوقِع الأضرار بجانبٍ أكثر من الآخر، أو استسلام من الطَّرفين. وعلينا انتظار التطوُّرات، ومواصلة مراقبة الأحداث (الجانبيَّة) التي سوف تؤثِّر -أيضًا- على نتائج الحرب الاقتصاديَّة. مثل تطوُّر حرب أوكرانيا وروسيا، والحرب الأهليَّة في السودان، وتطوُّر الصراع في ليبيا وغيرها.قوة الخطاب الليبرالي كبيرة، ويقوم بتشويش ما يحدث، ومن الأفضل أن تكون أحكامنا على ما يجري اليوم معتمدة على تقديراتنا، وتحليلاتنا الخاصة. لا مواصلة الاستسلام لما تروج له وسائل الإعلام الليبرالية. ويجب أن تعلم أن الفكر الليبرالي، وهو أحد نتائج هيمنة العولمة والنظام الليبرالي، أصاب مجتمعاتنا بأضرار علينا الحذر منها، وهو يؤثر على أحكامنا على الأمور.في حرب ترمب ضد الليبرالية الحالية، كان من أول قراراته -بعد أنْ تولى الرئاسة- إعلان اعتبار الرجل والمرأة كما خلقهما الخالق، لا كما تسميهم قانونيًّا الجماعات الليبرالية. ومؤخَّرًا صدر حكم المحكمة العُليا في أدنبرة بالمملكة المتحدة، يُعيد تأكيد أنَّ المرأة هي من تولد كامرأة، وليس المتحوِّلات جنسيًّا، أو حسب القانون. حيث يحق -قانونًا- أنْ يعلن شخص تغيير نفسه من ذكر إلى أنثى، ويحقُّ له دخول دورات المياه المخصَّصة للنِّساء، واعتباره امرأةً إذا ارتكب جُرمًا، وسجنه مع النِّساء. وغير ذلك.هذه الأمور نتجت عن (الثَّقافة) التي يبشِّر بها الليبراليُّون، ويدرسُونَها في الجامعات الأمريكيَّة والبريطانيَّة، ودول أُخْرى. وللدِّلالة على نجاح الليبراليَّة عالميًّا، فإنَّ التَّشجيع على التحوُّل جنسيًّا انتشرَ في كثيرٍ من دول العالم. ومن الأمثلة في الأرجنتين، ومالطا، وإيرلندا، والدنمارك، وإسبانيا، وكولومبيا، يسمحُون بتغيير الجنس بمجرَّد تقديم وثائق دون عمليَّات جراحيَّة. وفي فرنسا يكفي تقديم تقريرٍ نفسيٍّ لإثبات ذلك، وفي ولايات بأمريكا تتنوَّع الإجراءات. (حسمت اليابان أمرَهَا، واشترطت استئصال الأعضاء التناسليَّة؛ لاعتماد تحوُّل الرجل إلى امرأةٍ).ليس كلُّ ما يعمله دونالد ترمب وصحبه جيِّدًا، إلَّا أنَّه حان إيقاف الليبراليِّين عن لعبهم بالمجتمعات، وسيتم ذلك عبر تغيير «النظام العالميِّ» إلى نظامٍ أفضلَ، فالحربُ الاقتصاديَّة ليست اقتصاديَّةً فحسب.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

من كان يخوّفنا بسوريا وليبيا... صار أضحوكة لهما!
من كان يخوّفنا بسوريا وليبيا... صار أضحوكة لهما!

سودارس

timeمنذ ساعة واحدة

  • سودارس

من كان يخوّفنا بسوريا وليبيا... صار أضحوكة لهما!

وأنا أطالع منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، صادفتُ تغريدة لوزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، جاء فيها: (بناءً على توجيهات فخامة الرئيس أحمد الشرع، سنُرسل فريقًا خاصّاً إلى السودان للوقوف على أوضاع السوريين في ظلّ الظروف الراهنة. وسيُقدِّم الفريق الدعم اللازم، ويعمل على إجلائهم وتوفير سُبل الأمان لهم). توقفتُ أمام تغريدة الشيباني، وعادت بي الذاكرة إلى الوراء، وفتحت جُرحًا عميقًا في دواخلي، إذ استحضرتُ تلك الحقبة المشؤومة من الشراكة مع عبد الفتاح البرهان وجيشه – لا أعادها الله- تلك المرحلة التي لم يُدَّخر فيها الرجل جهدًا للانقضاض على السلطة، وتحطيم أحلام الشعب، وإعادة الكيزان إلى سدّة الحكم من جديد. لم يترك مناسبةً، رسميةً كانت أو غير رسمية، بل ولا حتى مناسبة اجتماعية عابرة: أفراحًا أو مآتمَ أو خِتانًا أو عقيقة، إلا وانبرى فيها – وهو الخائن المتآمر على الشعب وحكومته، بل وعلى بلاده أيضًا- محذّرًا، وهو الكذّاب فطرةً وخُلقًا، من مغبّة إدخال السودان في نفق سوريا أو ليبيا. وهاتان الدولتان كانتا النموذج المفضَّل لديه لتجسيد الفشل، لا يكفّ عن ترديدهما أمام كل حشد وجمع، وعند كل حوار أو لقاء، يهاتي بهما كذبًا في الصباح وفي الغلس. وقد بلغ الرجل مبلغًا بائسًا في العمالة لصالح كيزانه، والارتهان للخارج ضد مصالح بلاده وشعبه، خدمةً لدول لا يزعجها ولا يُقعدها شيء أكثر من السودان القوي. ولهذا، تستخدمه وتستخدم جيشه أداةً لحماية مصالحها على حساب وطنه، دون أدنى ذرة من حياء أو خجل – دعك من وطنية-. ولهذا السبب، ظلت تسعى ولا تزال تعمل جاهدةً لإعادة الكيزان إلى السلطة بأي حيلة من حيلها، إذ لا يوجد نظام يعمل ضد بلاده وسيادتها كما يفعل نظامهم. لم يكن الرجل يعي ما يقول، بل كان يردّد ما يُملى عليه لتخويف شعبه وترويعه. وها هي ليبيا اليوم تحتضن مئات الآلاف من السودانيين الفارين من جحيمه وجحيم كيزانه، تؤمِّن لهم الأمن والسكينة وسبل العيش الكريم، وتُخرجهم من الخوف والفقر والمسغبة والمرض. وفي المقابل، تمضي سوريا قُدمًا نحو استعادة الاستقرار، إلى الحد الذي باتت فيه تستعد لاستقبال رعاياها من الدول الفاشلة. ولا توجد دولة على هذا الكوكب أكثر فشلًا وبؤسًا من دولة الكيزان، التي يسعى البرهان إلى إقامتها من بورتسودان. هكذا صارت ليبيا وسوريا ، فأين وصل من كان يتخذهما فزّاعةً ضد شعبه؟ ذاك الذي لا يزال يركل ويتخبّط هنا وهناك كالحصان المجنون، يمضي من فشل إلى آخر، ويعيش وحيدًا، معزولًا، منبوذًا، بعد أن أشعل الحرب ضد شعبه، ودمّر بلاده، وشرّد أكثر من 12 مليونًا من شعبه إلى الخارج، ومثلهم إلى معسكرات التشرد والنزوح الداخلي – وهو رقم لم تبلغه لا سوريا ، ولا ليبيا، ولا أي دولة أخرى – ولم يفعله أي عسكري أخرق سواه في هذا العالم، بشهادة الأمم المتحدة ، التي صنّفت الأوضاع في بلادنا كإحدى أكبر الكوارث الإنسانية في العصر الحديث. ولهذا، صار الجميع يفرّون منه فرار السليم من الأجرب، حتى بعض كيزانه، مثل ذلك السفير الذي عيّنه قبل نحو أسبوعين رئيسًا لوزراء سلطته غير الشرعية، فرفض الرجل المنصب، وفضّل البقاء سفيرًا في المملكة العربية السعودية. وها هو الرجل يبدأ من جديد رحلة البحث عن بديل، من المرجّح أن تنتهي إلى كامل إدريس، ذلك الفاسد والمزوِّر المعروف، ربيب الكيزان، الباحث الدائم عن منصبٍ في أي حكومة منبوذة، والذي تتخذه الحكومات الكيزانية خرقةً تمسح بها قاذوراتها إلى حين، وهو راضٍ بهذا الدور المكرور، وكأنما خُلق من أجله. إن عبد الفتاح البرهان لا يريد دولة محترمة، ولا حكومة قوية، لأنه لا يعمل لمصلحة بلاده أو شعبه، بل لمصالح دول أخرى، نصيبه منها أن يظلّ حارسًا لمصالحها على رأس السلطة، مقدّمًا أنموذجًا باهرًا من العمالة: وهي (عمالة البوّاب)، ذاك الذي يخون جميع سكان العمارة مقابل أن تسمح له أجهزة الأمن بالعمل عند بابها .. بوّابًا عليها! إنه دور يليق برجل باع نفسه ووطنه!

السعودية الثانية على دول G20 في مؤشر تطور تنظيمات قطاع الاتصالات والتقنية
السعودية الثانية على دول G20 في مؤشر تطور تنظيمات قطاع الاتصالات والتقنية

سعورس

timeمنذ 2 ساعات

  • سعورس

السعودية الثانية على دول G20 في مؤشر تطور تنظيمات قطاع الاتصالات والتقنية

ويأتي هذا الإنجاز تأكيدًا على مدى تقدم تنظيمات قطاع الاتصالات والتقنية في المملكة وتعزيز الابتكار التنظيمي، وإرساء بنية تحتية رقمية متطورة، وتطبيق أدوات تنظيمية فعالة لسوق الاتصالات والتقنية, بالإضافة إلى التزامها بتوفير بيئة تنظيمية جاذبة ومحفزة للاستثمار ونمو الاقتصاد الرقمي مما يعزز من مكانة المملكة قوة تنظيمية رائدة على المستوى الدولي. وأوضحت هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية أن المؤشر يهدف إلى دعم صناع القرار والهيئات التنظيمية في مواكبة تطورات هذا القطاع الحيوي، ويقيس تطور البيئة التنظيمية لقطاع الاتصالات والتقنية في (194) دولة حول العالم ويرتكز على (50) معيارًا موزعة على أربعة محاور رئيسية هي استقلالية الجهة التنظيمية والصلاحيات التنظيمية والإطار التنظيمي وإطار المنافسة في القطاع. ويُعد هذا الإنجاز امتدادًا لعدد من النجاحات الدولية التي حققتها المملكة في قطاع الاتصالات والتقنية، وواصلت تعزيز مكانتها العالمية من خلال تحقيقها أعلى التصنيفات والمراكز المتقدمة، وحافظت على المركز الثاني بين دول مجموعة العشرين في مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية للعام 2024 لعاميين متتاليين, إضافة لتحقيقها المركز الثاني ضمن مجموعة العشرين في مؤشر البنية التحتية للاتصالات (TII) الصادر عن الأمم المتحدة.

المملكة ثانيًا عالميًّا في تنظيم قطاع الاتصالات والتقنية بين دول G20
المملكة ثانيًا عالميًّا في تنظيم قطاع الاتصالات والتقنية بين دول G20

سعورس

timeمنذ 2 ساعات

  • سعورس

المملكة ثانيًا عالميًّا في تنظيم قطاع الاتصالات والتقنية بين دول G20

ويأتي هذا الإنجاز تأكيدًا على مدى تقدم تنظيمات قطاع الاتصالات والتقنية في المملكة وتعزيز الابتكار التنظيمي، وإرساء بنية تحتية رقمية متطورة، وتطبيق أدوات تنظيمية فعالة لسوق الاتصالات والتقنية, بالإضافة إلى التزامها بتوفير بيئة تنظيمية جاذبة ومحفزة للاستثمار ونمو الاقتصاد الرقمي مما يعزز من مكانة المملكة قوة تنظيمية رائدة على المستوى الدولي. وأوضحت هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية أن المؤشر يهدف إلى دعم صناع القرار والهيئات التنظيمية في مواكبة تطورات هذا القطاع الحيوي، ويقيس تطور البيئة التنظيمية لقطاع الاتصالات والتقنية في (194) دولة حول العالم ويرتكز على (50) معيارًا موزعة على أربعة محاور رئيسية هي استقلالية الجهة التنظيمية والصلاحيات التنظيمية والإطار التنظيمي وإطار المنافسة في القطاع. ويُعد هذا الإنجاز امتدادًا لعدد من النجاحات الدولية التي حققتها المملكة في قطاع الاتصالات والتقنية، وواصلت تعزيز مكانتها العالمية من خلال تحقيقها أعلى التصنيفات والمراكز المتقدمة، وحافظت على المركز الثاني بين دول مجموعة العشرين في مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية للعام 2024 لعاميين متتاليين, إضافة لتحقيقها المركز الثاني ضمن مجموعة العشرين في مؤشر البنية التحتية للاتصالات (TII) الصادر عن الأمم المتحدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store