logo
الإمارات وأنشودة العطاء في ليل غزة

الإمارات وأنشودة العطاء في ليل غزة

منذ بدأت الحرب في غزة، ودولة الإمارات تسطر ملحمة إنسانية يلهج بذكرها سكان القطاع الذي أنهكته الحروب المتواصلة. لم تقف الإمارات مكتوفة اليدين، وهي ترى المأساة تتفاقم، لم تنتظر نهاية الحرب وهي تراها تستمر يوماً بعد يوم، بل تقدمت الصفوف، لتساعد في وقف الحرب عبر مساعيها الدبلوماسية من جهة، ومن جهة أخرى تساعد الفلسطينيين عبر مساعدات طبية وإغاثية إلى القطاع عبرت كل السبل المتاحة برا وبحرا وجوًا.
أدركت الإمارات منذ اليوم الأول أن غزة ليست بحاجة إلى خُطَب رنّانة، بل إلى ماءٍ صالح للشرب، ودواءٍ لا ينتظرُ الإذن بالدخول، ويدٍ تمسحُ عن جبين الأطفال آثار الفزع، وهذه اليد كانت -وستظلّ- يدَ الإمارات، التي لم تتأخّر يوماً عن أداء دورها الأصيل، فعلاً لا قولاً.
أكثر من مليار ونصف دولار قدّمتها الإمارات لغزّة خلال الشهور الأخيرة، توزعت بين الغذاء والدواء، والمستشفيات الميدانية، والمخابز، ومحطات التحلية، والخيام، والإمدادات اللوجستية، في مشهد يعكس تصميماً راسخاً على أن تظلّ الإمارات صوتاً للعَوْن وسط ضجيج العالم.
لم يكن التضامن مع غزة مجرد تفاعل طارئ، بل رؤيةً متكاملة تنبع من إيمانٍ راسخ بأن الوقوف إلى جانبها واجب إنساني وأخلاقي قبل أن يكون التزاماً سياسيّاً. فبتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- ، تحرّكَت الطائرات، وأنشئت الجسور الجوية، وأُطلِقَت مبادرات كبرى مثل 'الفارس الشهم 3' و'طيور الخير'، لتصل المساعدات إلى منازل النازحين، ومستشفيات الإنقاذ، وأماكن اللجوء المؤقت.
فمنذ بدأت عملية 'الفارس الشهم 3' في 5 نوفمبر 2023، بتوجيهات رئيس الدولة، لدعم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، تصدرت الإمارات المشهد الإنساني العالمي، كونها أكبر الدول المانحة للمساعدات في القطاع في خطوة تجسد النهج الإنساني الراسخ للدولة، وواصلت ـ رغم المعوقات ـ تقديم المساعدات براً وبحراً وجواً، تضمنت إرسال أكثر من 66 ألف طن من المساعدات الإنسانية، وإنشاء مستشفى ميداني داخل قطاع غزة، وآخر عائم في مدينة العريش بسعة 200 سرير، واستقبال 1149 مريضاً للعلاج في مستشفيات الدولة، وإطلاق مبادرة الأطراف الصناعية للمصابين، وإنشاء مخابز آلية، وتشغيل 50 مطبخا ميدانيا لتوفير الوجبات، وتوزيع وجبات الطعام في مراكز الإيواء ومخيمات النازحين، وبناء 6 محطات لتحلية المياه في العريش لإنتاج 2 مليون جالون من المياه يومياً، وإصلاح شبكات المياه المتضررة من مختلف مناطق القطاع، وتنفيذ 58 عملية إسقاط جوي للمساعدات في المناطق المعزولة.
وما بين السماء والأرض، كانت الطائرات الإماراتية تُسقِط الأمل كما تُسقِط المؤن، وتبعث برسائل غير مكتوبة للعالم بأن غزة لا تقف وحدها. مئات الأطنان من المواد الغذائية والطبية تمّ إنزالها جوّاً، وفرق طبية إماراتية توزّعَت في المستشفيات الميدانية داخل القطاع، تُجري العمليات الجراحية، وتستقبل الجرحى، وتؤدي واجبها بحرفية وإخلاص.
على الجانب السياسي والدبلوماسي، لعبت الإمارات دوراً جوهريّاً، حيث حرصت على تحريك المجتمع الدولي تجاه مأساة غزة، ودفعت باتجاه فتح الممرات الآمنة لإيصال المساعدات، واستقبلت على أراضيها مئات الجرحى من المدنيين لعلاجهم في أرقى المستشفيات، في تجسيدٍ حقيقيّ لمعنى الشراكة الإنسانية.
وفي لحظة فارقة، لم تتردّد الإمارات في إعلان تأييدها للمواقف الدولية الداعية للاعتراف بدولة فلسطين، باعتباره حقّاً مشروعاً، وخطوة ضرورية لإحياء الأمل في حلّ الدولتين، وهو الموقف الذي انسجم تماماً مع التزام الإمارات الثابت بدعم الاستقرار في المنطقة، وتكريس مبادئ العدالة والسلام.
لقد أثبتت الإمارات، في هذا السياق، أن المواقف تُقاس بالفعل لا بالشعارات، وأن السيادة الأخلاقية لا تُنال بالكلام بل بالمبادرة. وعلى مدى أشهر، لم تنقطع قوافل الخير عن الوصول إلى غزة، ولم تغلق أبواب الإمارات في وجه الجرحى والمصابين، بل كانت الأرض مفتوحة، والقلوب ممدودة، والسياسات منسجمة مع المبادئ.
لا يمكننا أن نغفل المعاناة العميقة التي يعيشها أهالي غزة. أحياء سُوّيت بالأرض، مستشفيات خرجت من الخدمة، أطفال بلا مأوى، وأمهات يبحثن عن حليب الرضع وسط الرماد. كل ذلك يُضاعف من قيمة الموقف الإماراتي، ويجعل من هذا العطاء طوقَ نجاةٍ حقيقي، يتجاوز حدود المساعدات المادية ليصل إلى جوهر التضامن الإنساني.
إن ما تقوم به الإمارات ليس مجرّد دعمٍ ظرفي، بل هو تجسيد لثقافة راسخة تنظر إلى فلسطين بوصفها لا تُنسى، وشعباً لا يُترك وحيداً، وأرضاً تستحق الحياة. وفي كل مرة تتعثر فيها الطرق، تعيد الإمارات تعبيدها بالإنسانية، وتثبت أن الخير لا يُقاس بالحجم فقط، بل بالثبات عليه، والإصرار على استمراره.
هي الإمارات، بوجهها المضيء، تطفئ حرائق الوجع، وهي بذلك تُؤكّد أن الكلمة الفصل ليست للرصاص، بل للفعل النبيل، وأن اليد الممدودة خيرٌ من لسانٍ مُصطخب، وأن العطاء إذا نبع من الصدق، فإنه يفيض حياة، ويمنح المكلومين فسحةً من الأمل.
إن الدور الإماراتي في غزة لا يستمدّ قيمته من حجم المساعدات فحسب، بل من استمراريته في ظل التحديات وتعقيدات المشهد. إنه التزامٌ لا يُقاس بحدود الطوارئ، بل بنظرة استراتيجية ونهج إنسانيّ تتوارثه القيادة، ويَتجذّر في ضمير المجتمع الإماراتي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الإمارات تنفذ الإنزال الجوي الـ62 وتدخل 40 شاحنة غذائية لغزة
الإمارات تنفذ الإنزال الجوي الـ62 وتدخل 40 شاحنة غذائية لغزة

البلاد البحرينية

timeمنذ ساعة واحدة

  • البلاد البحرينية

الإمارات تنفذ الإنزال الجوي الـ62 وتدخل 40 شاحنة غذائية لغزة

تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة جهودها الإنسانية المخصصة لدعم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث نفّذت الإثنين عملية الإنزال الجوي للمساعدات رقم 62 ضمن عملية "طيور الخير"، التابعة لعملية "الفارس الشهم 3"، وذلك بالتعاون مع المملكة الأردنية الهاشمية، وبمشاركة كل من فرنسا، ألمانيا، بلجيكا، كندا. وتهدف هذه العمليات إلى إيصال المساعدات الإغاثية إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها براً نتيجة الأوضاع الميدانية الراهنة، وتضم حمولات متنوعة من المواد الغذائية والإمدادات الإنسانية العاجلة. وبهذا، ارتفع إجمالي المساعدات التي تم إنزالها جوا حتى اليوم إلى أكثر من 3829 طنا من المواد الغذائية والإغاثية المختلفة، وُجهت لدعم الأشقاء الفلسطينيين في المناطق الأكثر تضرراً واحتياجاً داخل القطاع، حسب ما كشفت وكالة الأنباء الإماراتية. كما أدخلت دولة الإمارات اليوم 40 شاحنة مساعدات غذائية إلى قطاع غزة، في إطار جهودها المتواصلة لتعزيز الدعم الإنساني وتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان. وتؤكد هذه الجهود التزام دولة الإمارات الثابت بالمبادئ الإنسانية، ونهجها الراسخ في الوقوف إلى جانب الشعوب الشقيقة في أوقات الأزمات والظروف الطارئة.

تحقيق البلاد: على وقع استيراد 73 ألف شيشة الكترونية.. الحظر يتربص بـ"الفيب"
تحقيق البلاد: على وقع استيراد 73 ألف شيشة الكترونية.. الحظر يتربص بـ"الفيب"

البلاد البحرينية

timeمنذ 2 ساعات

  • البلاد البحرينية

تحقيق البلاد: على وقع استيراد 73 ألف شيشة الكترونية.. الحظر يتربص بـ"الفيب"

البلاد - سيدعلي المحافظة: 44 مليون دولاراً عوائد رسوم جمركية للتبغ والبدائل الاكترونية في 2019 الشيشة الالكترونية تواجه الحظر في 34 دولة.. وعمان وقطر خليجياً دول فرضت قيوداً على تداولها.. واستراليا تصرفها بوصفة طبية على وقع استيراد تجاوز الـ 73 ألف شيشة الكترونية وبقيمة بلغت 182 ألفاً و485 ديناراً في النصف الأول من العام الجاري، يستعد مجلس النواب لوضع بيع وتداول الشيشة والسجائر الالكترونية "الفيب" على قائمة "المحظورات"، عبر مشروع قانون سيدخل حيز المداولة بالدور التشريعي القادم. وزير الصناعة والتجارة عادل فخرو استبق المداولات بقرارين، الأول كان القرار رقم 54 لسنة 2025 بشأن اعتماد اللائحة الفنية الوطنية الخاصة بمنتجات أكياس النيكوتين، الذي نص على "حظر بيع أو تقديم منتجات أكياس النيكوتين مجانًا لمن هم دون سن الثامنة عشرة، وتفويض وزارة الصحة بمراقبة تطبيق أحكام هذه اللائحة لمدة سنة تبدأ من تاريخ العمل بالقرار". ونص القرار الثاني لوزير الصناعة والتجارة عادل فخرو الذي حمل الرقم 55 لسنة 2025 بتفويض وزارة الصحة بمراقبة تطبيق أحكام اللائحة الفنية الخاصة بمنتجات التبغ الإلكترونية (نظائر منتجات التبغ التقليدية)، وذلك لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ العمل بالقرار. وتبرز مملكة البحرين كواحدة من أوائل الدول التي بدأت في تجارة السجائر والشيشة الإلكترونية في المنطقة، وأصبحت محطة مهمة لها، وتدر أموالاً طائلة على الدولة وأصحاب المحلات. ويقدر أصحاب محلات في تصريحات سابقة لـ"البلاد" عوائدها بنحو 3 آلاف إلى 15 ألف دينار للمحل الواحد، فيما يزيد عن ذلك لتجار الجملة. البحرين وفقاً لوزارة الصحة في مرئياتها على مشروع قانون "صناعة التبغ"، صنفت الشيشة الالكترونية وسوائلها "على أنها جهاز كهربائي ومستلزماته"، كما أنها "لا تعدو أن تكون جهازاً يقوم بتبخير السائل المستخدم عن طريق تسخينه". وبناء على ذلك، تتيح وزارة الصناعة والتجارة لكافة سجلات التجارة العامة إمكانية إدراج نشاط بيع الشيشة الالكترونية ونكهاتها. 717 سجلاً نشطاً وبالرغم من عدم توفر إحصائية رسمية دقيقة لعدد السجلات التي تمارس نشاط بيع وتداول الشيشة الالكترونية ونكهاتها، إلا أن منصة السجلات بوزارة الصناعة والتجارة تحصي 717 سجلاً نشطاً لديه نشاط تداول الشيشة الالكترونية. وفي حين تم رصد 101 سجلاً نشطاً متخصصاً في ممارسة نشاط بيع وتداول الشيشة الالكترونية، تم إحصاء 93 سجلاً متخصصاً مشطوباً. وشكل إدراج الشيشة الالكترونية ضمن السلع الخاضعة لضريبة السلع الانتقائية بنسبة 100% في العام 2018، مع تشديد قيود الاستيراد والتصدير، منعطفاً بالنسبة لمئات الباعة؛ انعكس من - وجهة نظرهم – سلباً على المبيعات وهجرة المستهلكين نحو بدائل خارج المملكة. وكشفت وزارة "الصناعة" عن تحصيل 44.1 مليون دولار أميركي رسوماً جمركية عن التبغ والسجائر الالكترونية والشيشة الالكترونية في العام 2019. وأعلنت في حينه عن تقدم مجموعة من المستثمرين لتشييد اول مصنع في البحرين لتصنيع تلك المنتجات بميزانية استثمارية تقدر بمبلغ 200 مليون دولار أميركي، مع خلق 400 فرصة عمل يكون نصيب البحرينيين منها 98%. 34 دولة تحظرها وفي تقرير لمنظمة الصحة العالمية في العام 2024 فإن 34 دولة تحظر بيع السجائر الالكترونية بشكل كامل، تشمل البرازيل والهند وإيران وتايلاند. خليجياً، دول كالإمارات والسعودية والبحرين والكويت، سمحت ببيعها مع فرض ضوابط على المحتوى والعبوات والإعلانات، فيما تفرض كل من عمان وقطر حظراً كاملاً على التداول. عالمياً، هناك من فضل الحظر الكامل وفرض قيود على النكهات والإعلانات، وهناك من اختار قصر بيعها في الصيدليات تحت إشراف طبي كأستراليا، أخرى مثل اليابان اعتبرت السجائر الإلكترونية المستندة إلى النيكوتين منتجات طبية لا يمكن تداولها بدون موافقة.

الرئيس اللبناني: العدالة لن تموت الحساب آت لا محالة
الرئيس اللبناني: العدالة لن تموت الحساب آت لا محالة

البلاد البحرينية

timeمنذ 9 ساعات

  • البلاد البحرينية

الرئيس اللبناني: العدالة لن تموت الحساب آت لا محالة

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون، في الذكرى الخامسة لتفجير مرفأ بيروت التي تصادف اليوم "أن الدولة اللبنانية، بكل مؤسساتها، ملتزمة بكشف الحقيقة كاملة، مهما كانت المعوقات ومهما علت المناصب"، مشيرا إلى أن "العدالة لا تعرف الاستثناءات، والقانون يطال الجميع من دون تمييز". وشدد الرئيس اللبناني على أن "العدالة لن تموت، وأن الحساب آت لا محالة". وقال عون "في هذا اليوم الأليم، الرابع من آب (أغسطس)، نستذكر معاً الذكرى الخامسة لانفجار مرفأ بيروت، تلك الجريمة الكبرى التي هزت ضمير الأمة والعالم وأودت بحياة أكثر من مئتي شهيد، وجرحت آلاف الأبرياء، ودمرت أحياءً كاملة من عاصمتنا الحبيبة". وأضاف "إننا اليوم، وبعد مرور 5 سنوات على هذه الفاجعة، نقف أمام أرواح الشهداء وأمام الجرحى وعائلاتهم، وأمام كل اللبنانيين، لنؤكد أن العدالة لن تموت، وأن الحساب آت لا محالة". وأشار عون إلى أنه عاهد الشعب اللبناني منذ تولى مسؤولياته الدستورية على أن تكون محاسبة المسؤولين عن "جريمة مرفأ بيروت" أولوية قصوى، وألا يفلت من العقاب كل من تسبب بإهماله أو تقصيره أو فساده في هذه الكارثة الإنسانية. وشدد على إن الدولة اللبنانية، بكل مؤسساتها، ملتزمة بكشف الحقيقة كاملة، مهما كانت المعوقات ومهما علت المناصب. مؤكدا أن "العدالة لا تعرف الاستثناءات، والقانون يطال الجميع دون تمييز". وأعاد الرئيس اللبناني التأكيد لعائلات قتلى وجرحى انفجار ميناء بيروت، أن دماء أحبائهم لن تذهب سدى، وأن آلامهم لن تبقى بلا جواب. وقال "العدالة قادمة، والحساب آت، وهذا وعد قطعته على نفسي أمام الله والوطن".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store