
نتنياهو يرسم "حدود" (إسرائيل الكبرى) على انقاض الجغرافيا العربية
أعاد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إحياء مصطلح (إسرائيل الكبرى)، مشيرا في تصريحاته الأخيرة إلى ما وصفه بـ"مهمة روحية وتاريخية" تتجاوز "حدود" (إسرائيل) الحالية، وتطال أراضي دول عربية مجاورة.
و قال نتنياهو خلال مقابلة مع قناة "i24" العبرية: "أنا في مهمة تمتد عبر الأجيال.. أشعر أنني في مهمة تاريخية وروحانية، فأنا مرتبط جداً برؤية "إسرائيل الكبرى"، التي تشمل فلسطين والأردن وسوريا ولبنان وجزء مصر".
وفي السياق ذاته، جاءت تصريحات وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، لتؤكد هذا التوجه التوسعي. ففي مقابلة مع قناة تلفزيونية أوروبية مؤخرا، قال إن "(إسرائيل) يجب أن تمتد لتشمل الأردن وأجزاء من مصر ولبنان والسعودية والعراق"، مؤكدا أن "قدر القدس أن تمتد إلى دمشق"، مستندا إلى تفسيرات دينية اعتبرها موجهة لمسار إسرائيل المستقبلي.
البيئة مثالية لفرض المشروع
الخبير في الشؤون الإسرائيلية مراد السبع، يرى أن نتنياهو يسعى إلى استثمار البيئة الإقليمية والدولية عقب حرب 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، لتحقيق الحلم التوسعي الصهيوني، مدعوما بتواطؤ عربي وتخاذل واضح في المستويات كافة.
وأوضح السبع لـ "فلسطين أون لاين"، أن هشاشة الأنظمة العربية المحيطة، وانشغالها بصراعات داخلية، جعل من مشروع (إسرائيل الكبرى) أكثر قابلية للتحقق، لا سيما في ظل انعدام أدوات الردع العربية على الصعيد العسكري والدبلوماسي، ما يفتح الباب لمرحلة خطيرة من التمدد الإسرائيلي.
ويضيف، أن (إسرائيل) اليوم تجد فرصة تاريخية في الانقسام العربي والتفكك الحزبي والطائفي، الذي غذته على مدى سنوات، لتسويق مخططاتها القائمة على تفريغ الأرض من الفلسطينيين وتوسيع حدود الدولة العبرية دون مواجهة جدية.
تنفيذ أحلام قديمة
بدوره، يرى هاني الجمل رئيس وحدة الدراسات الدولية والاستراتيجية في المركز العربي بالقاهرة، أن تصريحات نتنياهو تنسجم تماما مع أفكاره القديمة التي ضمنها في كتابه "مكان بين الأمم" عام 1993، والتي يعكف اليوم على تنفيذها عمليا.
وقال الجمل لـ "فلسطين أون لاين"، إن مشروع (إسرائيل الكبرى) يستند إلى قراءة توراتية مغلوطة، ويستغل الفوضى العربية لإقامة دولة تمتد من الفرات إلى النيل، في ظل تطويع الخريطة الجيوسياسية بما يخدم مصالح (إسرائيل) وتحالفاتها الاستراتيجية، خصوصا مع واشنطن.
وأضاف أن (إسرائيل) تستهدف كسر أي ممانعة إقليمية، بدءا من نزع سلاح حزب الله، وصولا إلى استغلال الانهيار الأمني والسياسي في دول مثل اليمن وسوريا، وانتهاء بمحاولة الضغط على مصر لتسهيل مخطط التهجير القسري للفلسطينيين.
تصدع القرار العربي
أما الكاتب السياسي ماجد الخواجا، فيرى أن تصريحات نتنياهو ليست مفاجئة، بل تعكس نهجا متأصلا في فكر القيادة الإسرائيلية، موضحا أن ضعف الوضع العربي الحالي شكل البيئة المثلى لمثل هذه المشاريع التوسعية.
ويؤكد الخواجا في حديثه لـ "فلسطين أون لاين"، أن التوجه الإسرائيلي مدعوم بالكامل من مؤسسات الدولة العبرية، بما فيها الكنيست والمؤسسة العسكرية، وهو ما يجعل من تصريح نتنياهو الأخير تعبيرا رسميا عن مسار سياسي واضح، يستهدف إعادة رسم خريطة الإقليم.
ويحذر الكاتب الأردني من أن أدوات المقاومة التقليدية لم تعد قادرة على مجابهة هذه التحديات، في ظل الانتقال إلى حروب إلكترونية ومعلوماتية غير مسبوقة، فضلا عن حالة الشلل الكامل التي تضرب عمق القرار السياسي العربي.
مخططات لإعادة تشكيل المنطقة
من جانبها، تحذر الدكتورة نائلة الوعري، الباحثة في التاريخ الحديث والمعاصر، من أن تهديدات نتنياهو بتغيير خارطة الشرق الأوسط ليست مجرد تصريحات، بل هي امتداد لمخططات أمريكية إسرائيلية متكاملة لإعادة تشكيل المنطقة.
وتشير إلى أن مخطط تغيير خريطة سايكس-بيكو مدعوم بغطاء أمريكي واضح، يهدف لإحكام السيطرة الاقتصادية والسياسية على المنطقة، وإعادة توزيع النفوذ بما يخدم مشروع (إسرائيل الكبرى) وفق تصورات صفقة القرن والشرق الأوسط الجديد.
وتؤكد الوعري لـ "فلسطين أون لاين"، أن إمكانية تغيير الحدود والكيانات السياسية أمر واقعي في ظل التراخي العربي، مستشهدة بتجارب سابقة مثل تقسيم العراق، وطرح مشاريع فدرالية في سوريا، إلى جانب الضغط المتزايد على الأردن ومصر ضمن سياقات التطبيع والتهجير.
ويجمع الخبراء في الشأن السياسي والتاريخي، أن تصريحات نتنياهو وسموتريتش لم تعد تعبيرات هامشية أو مواقف متطرفة، بل باتت تشكل نواة لرؤية سياسية تسعى حكومة اليمين المتطرفة الحالية لترسيخها واقعا.
ويحذرون من أن مواصلة الانقسام العربي والجمود السياسي سيمنح إسرائيل الوقت والمساحة لفرض خرائط جديدة على الأرض، ما لم تواجه بخطط إقليمية مضادة، تبدأ بالموقف الشعبي وتنتهي بإعادة هيكلة أولويات النظام العربي تجاه القضية الفلسطينية.
المصدر / فلسطين أون لاين
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فلسطين أون لاين
منذ 24 دقائق
- فلسطين أون لاين
كتائب القسَّام تستهدف دبابة وجرافة للاحتلال في حي الزيتون بغزَّة
أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسَّام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، اليوم الخميس، أنَّها تمكنت من استهداف دبابة صهيونية وجرافة عسكرية في شارع 8 جنوب حي الزيتون بمدينة غزة. وقالت كتائب القسام في بلاغ عسكري، إنها استهدفت دبابة صهيونية من نوع "ميركفاه 4" وجرافة عسكرية من نوع "D9" بقذيفتي "الياسين 105" في شارع 8 جنوب حي الزيتون بمدينة غزة. ومنذ استئناف العدوان الإسرائيلي على غزة في 18 مارس/آذار الماضي، كثّفت المقاومة الفلسطينية من عملياتها النوعية، عبر تنفيذ سلسلة من الكمائن المحكمة التي أوقعت عشرات القتلى والجرحى في صفوف جيش الاحتلال، مستخدمة تكتيكات تعتمد على المفاجأة والتفجير المتسلسل وكمائن إطلاق النار داخل مناطق مدمّرة وصعبة الرصد. المصدر / فلسطين أون لاين


معا الاخبارية
منذ ساعة واحدة
- معا الاخبارية
الامن الوطني يوزيع مياه الشرب على المواطنين في ظل الأجواء الحارة
الخليل-معا-في بادرة إنسانية للتخفيف من آثار موجة الحر الشديدة التي تشهدها المنطقة، قامت قوات الأمن الوطني في محافظة الخليل، بتوزيع عبوات مياه الشرب الباردة على المواطنين في الطرقات وأماكن التجمعات العامة. واستهدفت المبادرة، عابري الطريق، وسائقي المركبات عند الإشارات المرورية، بالإضافة إلى عمال النظافة والبناء الذين يواصلون أعمالهم تحت أشعة الشمس. وقد لاقت الخطوة ترحيبًا واسعًا من المواطنين الذين أعربوا عن شكرهم وامتنانهم لهذه اللفتة الكريمة، مؤكدين أهميتها في مثل هذه الظروف المناخية الحارة .


فلسطين أون لاين
منذ ساعة واحدة
- فلسطين أون لاين
قنبلة "إسرائيل الكبرى" التي ألقاها نتنياهو
لم يكن مستغربا أن يعلن أقطاب تيار الصهيونية الدينية واليمين المتطرف في إسرائيل مرارا عن رغبتهم في تحقيق حلم "إسرائيل الكبرى" و"أرض الميعاد"، خاصة منذ بدء حرب الإبادة الجارية في قطاع غزة. وكان اقتصار هذه التصريحات على وزراء وأعضاء الكنيست التابعين لهذا التيار حجة لدى المدافعين عن إسرائيل، باعتبار أن هذه التصريحات لا تمثل الموقف الرسمي للحكومة الإسرائيلية ولا تمثل تحولا في الرؤية الإستراتيجية للمؤسسة الإسرائيلية الرسمية تجاه محيطها وتجاه الإقليم عموما. لكن تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الأخيرة لشبكة i24 الإسرائيلية عكست تحولا جذريا في السردية الإسرائيلية الرسمية التي يمثلها رئيس الحكومة شخصيا، وتبنيا رسميا لأول مرة طموحات تيار الصهيونية الدينية التي لا ترى لإسرائيل أفقا بين جيرانها العرب، وإنما ترى في الأفق دولة توراتية كبرى تبني أطروحاتها بناء على الأساطير الدينية التوراتية المتعلقة بأرض الميعاد، والمسيح المنتظر ونهاية العالم والألفية السعيدة. خلال مقابلته، قال نتنياهو إنه يشعر أنه في مهمة تاريخية وروحانية ترتبط بأجيال اليهود عبر العصور، حيث اعتبر أنه هنا "بتفويض من أجيال من اليهود". ولما سأله الصحفي ما إذا كان هذا يشمل رؤية إقامة "إسرائيل الكبرى" أجاب بالموافقة بكل ثقة. لتخرج علينا صحيفة (زمان يسرائيل) بعنوان مركزي: "نتنياهو يقول إنه في مهمة تاريخية وروحية ويُقر برؤية إسرائيل الكبرى". وجاء في الخبر أن نتنياهو قال في المقابلة إنه يشعر بالارتباط الشديد برؤية "إسرائيل الكبرى" التي تشمل ما كان يفترض أن يكون دولة فلسطينية مستقبلية- في اتفاقية أوسلو- إضافة إلى أجزاء من الأردن ومصر. لا يمكن فصل هذه التصريحات عن طبيعة الموقف الذي قيلت فيه، فالصحفي الذي أجرى المقابلة مع نتنياهو هو الإعلامي المعروف شارون غال، وهو عضو كنيست سابق عن حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني الذي يرأسه أفيغدور ليبرمان. وخلال المقابلة، قدم شارون غال لنتنياهو هدية تعبر حسب كلامه عن أحد الأمور التي حلم غال بها طوال حياته، وهي خريطة الأرض الموعودة، وكانت الهدية تميمة يحملها أتباع اليمين المتطرف تحمل خريطة إسرائيل الكبرى المعروفة باسم "أرض الميعاد" التي تشمل المساحة بين النيل والفرات، وسأله غال عند إهدائه هذه الهدية: (هل أنت تؤمن بهذه الرؤية؟) أي رؤية "أرض الميعاد" و"إسرائيل الكبرى"، فأجاب نتنياهو مرتين متتاليتين: "جدا". هناك واحد من احتمالين اثنين لما رأيناه في هذه المقابلة، الاحتمال الأول أن يكون نتنياهو وشارون غال متفقين تماما على سيناريو الحوار والمقابلة ليكشف نتنياهو توجهاته الجديدة على الملأ بهذا الأسلوب دون أن يبدو ذلك مقصودا. وهذا أمر لا أستغربه على شخص مثل نتنياهو بما هو معروف عنه من تلاعب وخبث، وبذلك فإن نتنياهو كان يريد أن يظهر في هذا الحوار بصورة الشخص الذي يكاشف الجمهور لأول مرة بمكنونات نفسه، وبما يعتبره "إخلاصا" عميقا للرؤية الدينية التوراتية للصراع، ولا يتورع عن كشف هذا الجانب في شخصيته عندما يوضع تحت السؤال، وفي هذه الحالة فإن نتنياهو يحاول الحصول على تعاطف جمهور الصهيونية الدينية بشكل أكبر من السابق، ربما في سياق حملته على قطاع غزة. الاحتمال الثاني أن نتنياهو بالفعل لم يكن يتوقع السؤال، وأنه وجد نفسه في موقف يحتم عليه أن ينحاز لأحد الطرفين: الصورة العلمانية القومية المعروفة لحزبه ودولته، أو الصورة الدينية التوراتية التي بات صوتها يعلو من قبل التيارات الدينية اليمينية وعلى رأسها الصهيونية الدينية. وفي هذه الحالة فإن شارون غال كان ذكيا بحيث وضع فخا لنتنياهو لكشف حقيقة نظرته السياسية والروحانية الشخصية فيما يتعلق بالرؤية الدينية التوراتية التي يستند إليها اليمين المتطرف في تعامله مع مجريات الصراع. ونتنياهو معروف بمهارته المعهودة بالتخلص من أي موقف لا يرغب فيه أو يورط نفسه بتصريح من هنا أو هناك، ولطالما نأى بنفسه عن تصريحات أعضاء حكومته من تيار الصهيونية الدينية، وعلى رأسهم سموتريتش وبن غفير المثيرة للجدل حول أحلام إسرائيل الكبرى، والسيطرة على المسجد الأقصى، وضم الضفة الغربية، والسيطرة على الأردن، ولبنان، ومصر، وسوريا وغير ذلك. لكنه في هذه المقابلة، وأمام "هدية" شارون غال المرتبطة برؤية إسرائيل الكبرى لم يكن أمامه إلا طريقان: إما أن يحاول التلون والالتفاف على الأمر، ويحافظ على صورة إسرائيل العلمانية التي طالما تفاخر بها الإسرائيليون منذ عهد بن غوريون، أو أن يستفيد من هذه الفرصة ويجعل هذه المقابلة حجر زاوية لإعلان انحيازه التام إلى رؤية الصهيونية الدينية، وإعلان تغيير السياسة الرسمية الإسرائيلية لتكون قائمة على الأسطورة التوراتية التي ينادي بها تيار الصهيونية الدينية. ويكون ذلك إعلانا لدولة جديدة ثيوقراطية بعيدة عن الصورة الأوروبية العلمانية التي لطالما حاول الإسرائيليون تسويقها أمام العالَم، سواء كان هذا في سياق بحث نتنياهو عن الشعبوية في أوساط اليمين في إسرائيل، أو في أوساط المؤيدين لإسرائيل من اليمين المسيحي المتطرف في العالم. ومن الواضح هنا أن نتنياهو اختار الطريق الثاني، فأعلن انحيازه للسردية الدينية التي يمثلها تيار الصهيونية الدينية، ليكون بذلك العضو الأحدث في هذا التيار داخل حزب الليكود. فالمعروف أن تيار الصهيونية الدينية بدأ مشواره السياسي من داخل حزب الليكود، حيث عمل الليكود على الاستفادة من هذا التيار بنفس القدر الذي عمل فيه التيار على الاستفادة من الليكود على مدى عشر سنوات تقريبا، فاستغل كل منهما قوة الآخر وقربه إلى حد ما من أطروحات الطرف الآخر، ودخل أعضاء كثر من تيار الصهيونية الدينية داخل حزب الليكود، وعملوا على نشر أفكاره بين أعضاء الحزب، وتحويل اتجاه الليكود إلى مسار الصهيونية الدينية. ثم شكل أقطاب هذا التيار حزبهم الخاص المتمثل في حزب "الصهيونية الدينية" بزعامة سموتريتش وحزب "القوة اليهودية" بزعامة بن غفير بعد شعورهم بأن قوة حضورهم في الشارع تسمح لهم بالاستقلال عن الليكود. بيد أن هذا لا يعني اختفاء هذا التيار من صفوف حزب الليكود، فهو لا يزال يتمتع بحضور قوي في حزب الليكود من خلال شخصيات مثل الوزير دودي أمسالم (وزير التعاون الإقليمي)، وأعضاء الكنيست عميت هاليفي (عرّاب مشروع قرار تقسيم المسجد الأقصى)، وماي جولان، ونسيم فيتوري، وأرييل كيلنر، وأفيخاي بوآرون. ويمكننا القول اليوم إن نتنياهو بتصريحاته الأخيرة يكشف انضمامه الكامل لهذا التيار ليعلن تقريبا أن حزبه أصبح جزءا من تيار الصهيونية الدينية ويحمل أفكاره ويروج لها. نتنياهو كان يعلم أبعاد كلامه، وكان يقصد كل كلمة قالها في هذه المقابلة، فهو يعلم أن عبارة "إسرائيل الكبرى" أو "أرض الميعاد" تشمل أراضي دول كان يتفاخر دائما بعلاقته الدبلوماسية معها، وعلى رأسها الأردن، ومصر الملتزمتان باتفاقيات سلام مع إسرائيل، إضافة إلى أجزاء من السعودية التي لطالما تبجح بسعيه لإقامة علاقات دبلوماسية معها، فضلا بالطبع عن لبنان، وسوريا، والعراق. وبذلك فإن نتنياهو إذ يعلن التزامه بهذه الرؤية فإنه يذهب إلى درجة إعلان تحلله من أي التزامات مسبقة لدولته سواء مع دول الإقليم أو العالم. لا يمكن لنتنياهو التظاهر بأنه – على سبيل المثال – لم يكن يقصد "إسرائيل الكبرى" بمفهومها التوراتي، حتى وإن حاول هو أو بعض حلفاء إسرائيل أو المدافعون عنها التخفيف من وطأة تصريحاته تلك، وذلك لأن تصريحاته جاءت في إطار التعليق على تميمة "إسرائيل الكبرى" التي أهداه إياها شارون غال خلال المقابلة، وهي تميمة تحمل خريطة إسرائيل الكبرى التي تشمل أجزاء من تلك الدول العربية. ورد نتنياهو على ذلك لم يكن مجرد تعبير دبلوماسي أو حتى إشارة عامة، وإنما كان تعبيرا عميقا عن قناعة مطلقة، وذلك ما تمثله كلمة "جدا" التي استعملها مرتين، إضافة إلى انطلاقه بعدها فورا لاستذكار والده والجيل المؤسس للدولة بشكل عاطفي يضفي صبغة أيديولوجية عميقة على هذا المفهوم. ولعل موقف الأردن الذي سارع بالاحتجاج على هذه التصريحات ورفضِها مؤشرٌ على شعور الأردن بالتهديد المباشر من هذه التصريحات، وهذا يعني أن رسالة نتنياهو وصلت بالفعل، وأنها فُهِمَت بالضبط كما كانت دون مواربات ولا تبريرات، وخاصة على الصعيد الرسمي. والواجب الآن على المحيط الإقليمي الرسمي أن يتعامل مع هذه التصريحات باعتبارها تشكل اتجاها سياسيا إسرائيليا رسميا جديدا لم يعد مقصورا على سموتريتش وبن غفير. هذا الاتجاه العدائي الواضح تجاه المحيط العربي يستلزم وقفة جادة في وجهه قبل أن يستفحل الأمر أكثر من ذلك، وهذه الوقفة ينبغي أن تتجاوز التنديدات والتصريحات السياسية والإعلامية إلى إجراءات حقيقية على الأرض، أولها وأهمها كشف ضعف الموقف الإسرائيلي في حال واجهَ محيطا عربيا وإسلاميا موحدا، والملف الوحيد الذي يمكن أن يقلب المعادلة هنا هو كسر الحصار على غزة دون أي اعتبار لموافقة أو رفض نتنياهو ومستوطني حكومته. أما إن بقي الموقف العربي الباهت الضعيف على ما هو عليه، فإن نتنياهو سيتمادى أكثر وأكثر، وما دام اليوم قد كسر الخطوط الحمراء بإعلان التزامه العميق برؤيته التوراتية لإسرائيل الكبرى على حساب الدول العربية المجاورة، فإن الصمت والخذلان سيغريانه بتجاوز خطوط أخرى، وتحويل الهوس الديني الذي يمثله اليوم بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وعميحاي إلياهو بأن يصبح الخط الرسمي لإسرائيل.