logo
عينات المريخ.. سباق عالمي على أسرار الكوكب الأحمر

عينات المريخ.. سباق عالمي على أسرار الكوكب الأحمر

الاتحاد٢٤-٠٧-٢٠٢٥
عينات المريخ.. سباق عالمي على أسرار الكوكب الأحمر
الأسئلة الثلاثة الكبرى حول الحياة – ما هي الحياة؟ كيف نشأت؟ وهل هناك حياة خارج الأرض؟ (هل نحن وحدنا؟) – هي السبب الرئيسي وراء استكشاف الفضاء. فالحياة هي دافعنا للاستكشاف. ومع ذلك، وعلى الرغم من الاستكشاف المستمر طوال التاريخ البشري، لم نعثر سوى على مثال واحد للحياة (على الأرض)، ولا نعرف كيف نشأت. لا يزال الغموض يكتنف الطريقة التي تحولت بها الكيمياء إلى علم الأحياء– أي كيف اجتمعت جزيئات الكون لتُكون الحياة. ولا نعرف حتى ما إذا كانت الحياة نتيجة حتمية للعمليات الكيميائية والفيزيائية في كوننا، أم مجرد مصادفة رياضية نادرة من الطبيعة، نادرة الحدوث – إنْ تكررت أصلاً.
ربما يكمن الجواب في أحد أنابيب الاختبار الموجودة حالياً على سطح المريخ، التي جمعتها وكالة ناسا وتنتظر التحليل (وهو انتظار أبدي بلا جدوى). وكأن هذه العينات المريخية التي جمعتها «ناسا»، كحال شخصيات مسرحية صموئيل بيكيت «في انتظار جودو»، محكوم عليها بالانتظار الأبدي بلا جدوى، وذلك بسبب قرار إدارة ترامب بعدم استعادتها إلى الأرض.
تم جمع هذه العينات بوساطة مركبة «بيرسيفيرانس» (Perseverance)، والتي تقوم باستكشاف مواقع يُحتمل أنها كانت صالحة للحياة على المريخ منذ أكثر من أربع سنوات. وكان المخطط أن تقوم بعثة أميركية-أوروبية بجمع هذه العينات في أوائل ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين، وإعادتها إلى الأرض لتحليلها بشكل مفصل. لكن إدارة ترامب تقترح إلغاء هذه المهمة التي تهدف إلى استرجاع العينات- وفي الوقت نفسه، تخصيص مليار دولار إضافي لخطة إرسال بشر إلى المريخ.
أي خطة من هذا النوع لا تزال بعيدة عقوداً عن التنفيذ. وستتطلب وضع مفاعل نووي على المريخ، إضافة إلى منشآت دفع، واستخراج للمياه، وإنتاج للأوكسجين. كما سيتوجب أيضاً حل مسألة كيفية بقاء البشر على قيد الحياة خلال الرحلة التي تستغرق ثلاث سنوات ذهاباً وإياباً، في بيئة مليئة بالإشعاعات والمواد السامة. أما استرجاع العينات، فيُعد أقل تكلفة بما لا يقل عن عشر مرات من أي بعثة بشرية محتملة إلى المريخ.
وبالطبع، لا نعرف ما إذا كانت أي من العينات التي يزيد عددها على عشرين، والتي جمعتها بيرسيفيرانس، ستُظهر أدلة على وجود حياة. فالأمر سيتطلب استخدام مجاهر إلكترونية، ومسرّعات جسيمات، ومطيافات متعددة الأطوال الموجية، ومئات من التجارب الكيميائية. لكن هذه العينات قد تم اختيارها بعناية من مناطق يُعتقد أنها كانت صالحة للحياة. واحدة منها على الأقل – تُعرف باسم «شيافا فولز» (Cheyava Falls) – تُظهر مؤشرات قوية على وجود حياة ميكروبية في الماضي، بما في ذلك مادة عضوية، و«بقع النمر» التي تحتوي على الحديد والفوسفات، وكبريتات الكالسيوم، والتي قد تكون دليلاً على وجود الماء. ومع ذلك، تبقى هذه مؤشرات، لا أدلة قاطعة.
لكن التحليل في مختبرات الأرض، باستخدام أدوات عالية الدقة، هو ما يمكنه أن يحسم هذه المؤشرات. وبقدر ما سيكون اكتشاف حياة خارج الأرض على كوكب مجارر لكوكبنا أمراً مذهلاً، فإن ما سنربحه من فهمنا لكيفية نشوء الحياة على الأرض قد يكون أكثر أهمية.
نعلم أن الحياة ظهرت على الأرض بعد فترة وجيزة من تشكّلها – لكننا لا نعرف كيف. قد تكون لها أصل مشترك مع حياة على عوالم أخرى، أو قد تكون فريدة من نوعها على الأرض. هذه العينات يمكن أن تساعدنا في اكتشاف ذلك. وقد تؤدي الإجابات إلى تطورات هائلة في مجالات مثل الروبوتات، والذكاء الاصطناعي، والاتصالات، وتصنيع المواد، والبيولوجيا التركيبية، والكيمياء، وغيرها الكثير.
ولهذا السبب بالذات تسعى الصين والهند واليابان وأوروبا إلى تحقيق الأهداف نفسها. فالصين تخطّط لإرسال بعثة لاسترجاع عينات من المريخ في عام 2028، والهند في ثلاثينيات هذا القرن، واليابان تستعد لإرسال بعثة إلى قمر المريخ «فوبوس». بعثة ناسا تعمل بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية. ولا يُعرف بعد كيف ستكون ردة فعل الأوروبيين على انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقيات التعاون المريخي – أو ما إذا كان بإمكان الأوروبيين، أو بإمكان أي دولة أخرى، أن تفعل شيئاً بشأن العينات التي تم جمعها. وإذا انسحبنا، فإننا لا نترك المجال لغيرنا فحسب، بل نهدر سنوات من الجهد وتكاليف الاستثمار في بعثات المريخ. ونُهمل بذلك ريادة أميركا العلمية في استكشاف العوالم الأخرى.
«هل نحن وحدنا في الكون؟» هو السؤال الذي نطرحه بشأن الحياة. أما على الأرض، فقد نطرح السؤال بصيغة أخرى: هل نحن وحدنا بين الدول الفضائية في التراجع عن مشروع واعد في اللحظة الحاسمة؟ ماذا سيقول التاريخ عنّا إذا كنّا قد جمعنا دليلاً محتملاً على وجود حياة خارج كوكب الأرض، ثم تركناه ليتلاشى وسط غبار المريخ؟
لويس فريدمان*
المؤسس المشارك والمدير التنفيذي السابق لجمعية الكواكب (Planetary Society).
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشين»
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مظلات أسرع من الصوت إلى المريخ
مظلات أسرع من الصوت إلى المريخ

صحيفة الخليج

timeمنذ 5 ساعات

  • صحيفة الخليج

مظلات أسرع من الصوت إلى المريخ

أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» إحراز تقدم في تطوير مظلات أسرع من الصوت، مصممة لنقل الحمولات والأدوات العلمية إلى كوكب المريخ بموثوقية أكبر. وتأتي هذه الخطوة في إطار مشروع يهدف إلى تحسين أداء المظلات في البيئات عالية السرعة عبر تزويدها بأجهزة استشعار مرنة ومتطورة. وأجريت اختبارات الطيران مؤخراً في مركز «أرمسترونغ» لأبحاث الطيران في كاليفورنيا، حيث تم إسقاط كبسولة جوية من طائرة بدون طيار رباعية المراوح، لتفتح مظلة مجهزة بجهاز استشعار لقياس الانفعالات. وأظهرت النتائج أن المستشعر لم يؤثر في مادة المظلة، ونجح في توفير بيانات قيمة ستسهم في تخطيط التجارب المستقبلية. وقال مات كيرنز، مدير المشروع في ناسا: «تساعد مراجعة بيانات هذه الرحلات في تحديد خطواتنا التالية، ونحن نعمل مع شركاء محتملين لتطوير إطار عمل يلبي متطلباتهم من البيانات». كما أوضح أن الفريق يختبر درجات حرارة المستشعرات ويطور أساليب تحليلها تحضيراً للمرحلة المقبلة. ويُذكر أن هذه التكنولوجيا بُنيت على تجارب سابقة، منها مظلة مركبة «بيرسيفيرانس» التي أُطلقت إلى المريخ عام 2021 بسرعة تقارب 12.500 كيلومتر في الساعة، ونجحت في الانتشار خلال أقل من نصف ثانية رغم تعرّضها لقوى تفوق 30 ألف رطل. وتحمل هذه المظلات في تصميمها تحديات فيزيائية معقدة، تتضمن التفاعل مع موجات الصدمة، والتدفق الأسرع من الصوت، والتشوهات التي تطرأ على جسم المظلة ذاته أثناء الفتح. ومن المتوقع أن تسهم هذه الابتكارات في تعزيز قدرات ناسا على تنفيذ مهام دقيقة وأكثر أماناً إلى الكواكب الأخرى، مع فتح آفاق تعاون مع قطاعات الطيران وسباقات السيارات لاحقاً.

تحذير عالمي بشأن الزلازل والتسونامي: التهديد يتصاعد
تحذير عالمي بشأن الزلازل والتسونامي: التهديد يتصاعد

العين الإخبارية

timeمنذ 7 ساعات

  • العين الإخبارية

تحذير عالمي بشأن الزلازل والتسونامي: التهديد يتصاعد

دعا رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية لتعزيز الجهود الدولية في مجالات الإنذار المبكر من الكوارث الطبيعية جراء الزلازل وتسونامي. وأكد الدكتور عبدالله أحمد المندوس، رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أن الزلازل وموجات التسونامي لا تزال من بين أكثر الكوارث الطبيعية فتكًا، مشيرًا إلى أن هذه الظواهر تُمثل تهديدًا متصاعدًا لسلامة الإنسان والاقتصاد العالمي. وأشار إلى أن الكوارث الزلزالية عبر العقود الماضية، مثل زلزال تشيلي عام 1960، وزلزال سومطرة عام 2004 الذي خلّف أكثر من 200 ألف ضحية، وزلزال فوكوشيما عام 2011، تؤكد أن موجات التسونامي الناتجة عن الزلازل البحرية تمثل خطرًا وجوديًا على المجتمعات الساحلية. 140 زلزالا فوق 8 درجات خلال 50 عاما ولفت إلى أن العالم شهد أكثر من 140 زلزالًا بقوة تفوق 8 درجات خلال الخمسين عامًا الماضية، تسببت أغلبها في موجات تسونامي، وخلفت أكثر من 250 ألف وفاة وخسائر تفوق 100 مليار دولار. وأشار إلى أن الزلزال الأخير في شبه جزيرة كامتشاتكا بروسيا، بقوة 8.8 درجة، أعاد تسليط الضوء على أهمية أنظمة الإنذار المبكر، حيث أسهمت التحذيرات السريعة في تقليل آثار موجات تسونامي التي بلغ ارتفاعها عدة أمتار مشددا على أن "التحذير لا يُنقذ الأرواح إن لم يصل في وقته، ويقابله استعداد فعّال على الأرض". وأكد أن أنظمة الإنذار المبكر تعتمد على شبكات دولية من محطات الرصد الزلزالي والعوامات البحرية الذكية، لكن فعاليتها تتوقف على سرعة تحليل البيانات، وجاهزية البنية التحتية، واستجابة المجتمع. مبادرة الإنذار المبكر للجميع وفي هذا السياق، نوّه الدكتور المندوس إلى أن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تضع مبادرة "الإنذار المبكر للجميع" في قلب أولوياتها، وهي مبادرة دولية أطلقتها الأمم المتحدة بهدف ضمان حصول جميع الناس على تحذيرات مبكرة من الكوارث بحلول عام 2027. وقال: "نعمل مع الحكومات والشركاء الدوليين لضمان ألا تُفاجَأ أي منطقة بكارثة دون تحذير مُسبق "، معتبرا أن الإنذار المبكر "حق إنساني، وليس رفاهية". ريادة إماراتية وتُعد دولة الإمارات من الدول الرائدة في دعم جهود التنبؤ والإنذار المبكر، حيث تستضيف العديد من المبادرات والمراكز البحثية المتقدمة في هذا المجال، بما يعزز جاهزية المجتمعات الإقليمية والدولية. وفي إطار دورها العالمي، تقود المنظمة العالمية للأرصاد الجوية شراكات مع وكالات أممية وهيئات بحثية لتسريع تنفيذ أنظمة إنذار مبكر في الدول الجزرية والدول النامية، التي تُعد من بين الأكثر تعرضًا لخطر الزلازل وموجات تسونامي. وأضاف: 'نحن بحاجة إلى التزام جماعي على الحكومات تسريع الاستثمار في بنية تحتية مرنة، وتعزيز التشريعات، وتوسيع التعاون في تبادل البيانات كما ندعو المؤسسات إلى دعم البحث والتكنولوجيا، والأفراد إلى التعرف على إجراءات السلامة ونشر الوعي فكل ثانية فاصلة بين الزلزال والإنذار، تُبنى فيها القدرة على الصمود أو تُفقد وكل خطوة استباقية اليوم، تعني فرصة أكبر للنجاة غدًا'. aXA6IDE1NC4yOS4yMzQuMTk2IA== جزيرة ام اند امز US

لغز حيّر العلماء لسنوات.. اكتشاف «أصل البطاطا»
لغز حيّر العلماء لسنوات.. اكتشاف «أصل البطاطا»

العين الإخبارية

timeمنذ 7 ساعات

  • العين الإخبارية

لغز حيّر العلماء لسنوات.. اكتشاف «أصل البطاطا»

أدى التهجين بين الطماطم وأنواع من البطاطا إلى ظهور البطاطا الحديثة، على ما بيّنت دراسة جديدة نُشرت الخميس في مجلة 'سِل' العلمية. وشكّل منشأ البطاطا، أحد أهم المحاصيل الزراعية في العالم، موضوعا حيّر العلماء طويلا. ولكن يبدو أن فريقا من الباحثين المتعددي الجنسية تمكّن من اكتشاف السرّ من خلال تحليل 450 جينوما من البطاطا المزروعة و56 نوعا من البطاطا البرية. وأوضح المُعِدّ الرئيسي للدراسة تشيانغ تشانغ من معهد "أغريكالتشر جينوميكس إنستيتيوت" في شنتشن الصينية أن "من الصعب جدا جمع عينات من البطاطا البرية، مما يجعل هذه البيانات أشمل مجموعة بيانات جينومية للبطاطا البرية جرى تحليلها على الإطلاق". وتوصل العلماء بفضل أبحاثهم إلى أن التركيب الجيني للبطاطا الحديثة يأتي من نوعين قديمين. فمن جهة، ثمة نسبة 60% منها متأتية من الإيتوبيروسوم، وهي مجموعة تضمّ ثلاثة أنواع من تشيلي تشبه نباتات البطاطا الحديثة ولكنها تفتقر إلى الدرنة، وهي الجزء الصالح للأكل من البطاطا. ومن جهة أخرى، تُمثل الطماطم 40%، وهي النسبة التي تنطبق على كل أنواع البطاطا، سواء أكانت برية أو مزروعة. وقالت عالِمة النبات في متحف التاريخ الطبيعي البريطاني ساندرا ناب إن هذه الخلاصة "تُظهر بوضوح إلى أنه تهجين قديم، وليس تبادلات جينية لاحقة متعددة". "تغيير جذري" أما الباحث المشارك في الدراسة والأستاذ في جامعة كولومبيا البريطانية لورِن ريسبيرغ فأفاد بأن الدراسة أشارت إلى "تغيير جذري" في علم الأحياء التطوري. وبينما كان يُعتقد سابقا أن التحوّرات العشوائية هي المصدر الرئيسي لظهور أنواع جديدة، "نتفق الآن على أن أهمية دور التهجين قُلِّلَت". ويُرجَّح أن الافتراق بين الإيتيوبيروسوم والطماطم بدأ قبل 14 مليون سنة وانتهى قبل تسعة ملايين سنة. وفي حالة البطاطا الحديثة، يأتي الجين المرتبط بالدرنة من الطماطم، ولكن لا يمكن إلاّ أن يكون اقترن مع جين من نبات الإيتيوبيروسوم مسؤول عن نمو النبات تحت الأرض. ومن العناصر الأساسية الأخرى للبطاطا الحديثة قدرتها على التكاثر اللاجنسي، دون الحاجة إلى بذور أو تلقيح. وقد أتاحت هذه الخاصية لها النمو بسرعة في أمريكا الجنوبية، ثم نقلها البشر إلى مختلف أنحاء العالم. وقال الباحث المشارك في الدراسة والأستاذ في معهد "أغريكالتشر جينوميكس إنستيتيوت" في شنتشن سانوين هوانغ إن مختبره يعمل راهنا على بطاطا هجينة قادرة على التكاثر باستخدام البذور لتسريع زراعتها. aXA6IDgyLjI1LjIyMS4yMzMg جزيرة ام اند امز CA

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store