
الأخلاق نجاح التعامل
129
A+ A-
كأني أرى دهشة أحد المسؤولين عندما بينت له احتياج المجتمع لحسن الخلق، عند سؤاله في مقابلة لأحد البرامج التي سوف تظهر في إحدى القنوات! حيث استغربت من ردة الفعل وهذه الحاجة الحاصلة في كل مكان في العالم لمكارم الأخلاق، خصوصاً والانحطاط الأخلاقي في زيادة مطردة في الآفاق المختلفة كمنصات التواصل الاجتماعي وفي المجتمعات قاطبةً. قال صلى الله عليه وسلم (إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق) رواه الشيخان. ولكن الأمر الحاصل هو عادة الناس على سوء الأخلاق بل اعتبارها من قوة الشخصية وحسنها هو ضعفها!
فإن حسن الخلق مطلب في التعاملات الدبلوماسية عند المراسيم والبروتوكول، وفي التعاملات الإدارية عند إجرائها بين الجمهور، فهي التي تعطي القيمة، وحتى في التعاملات التجارية بين التجار الدوليين والمحليين والمستهلكين. والتعاملات القانونية في القضاء بين المحامين والوكلاء والقضاة، وحتى في التعاملات الاجتماعية بين الأزواج والأرحام والأبناء. بل هي من أسرار كسب القلوب وبالتالي نجاح الغيات وصلابة المجتمع وهو جزء رصين من سمات حسن الخلق.
إن المسؤول ذا حسن الخلق يعكس قيادته على مرؤوسيه في أماكن العمل بحسن خلقه وحتى على أهل بيته مع زوجته وأبنائه، والعكس صحيح لتجد المسؤول المتجهم العابس صعب التعامل، لا يمكن التفاوض معه، يعكس سوء خلقه على مرؤوسيه وأهله لتجد انعكاس ذلك على جمهوره وأرحامه في التعاملات اليومية، فهو منغلق العقل ومنغلق القلب. عملت مع أحد مدراء الإدارات ذي الوجه المتبسم كل يوم، فكان يعكس جواً من الإيجابية في الإدارة والمنعكسة على كل أنحاء المؤسسة. بل إنها تتجاوز ذلك ليضرب به المثل في المؤسسات الأخرى لخصلته بالتبسم ولين الجانب في التعامل. بل إن الأعجب أن ذكره يبقى حتى بعد تقاعده ووفاته لما تركه من صيتٍ طيب لحسن الخلق.
ومن الناس من تراه فظاً في التعامل وغليظ القلب ولا يرحم وسمته الانتقام والحقد والحسد، أنانياً لا يرى إلا مصلحته، تجده مع مرور الوقت انعزل ولا يُريد الناس ولا الناس تُريد زيارته مصداقاً للآية { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} آل عمران ١٥٩ ولكن من أخطر أنواع البشر هو الذي يتودد ويظهر لك حسن التعامل ومن ثم يخونك لغايات في قلبه مبنية على سوء النية. فالنوايا لا تنقسم إلى قسمين، فمن كانت غايته الإصلاح فإن غايته الإصلاح وإن اختلطت فسدت ولن تتوفق.
خلاصة القول إن سر نجاح التعامل بين البشر مبني على حسن الأخلاق على جميع الأصعدة، بين الأفراد والمؤسسات والدول. لن ينجح أي تفاوض دولي بين دول صديقة ودول عدوة إلا بحسن خلق التعامل بين أطراف التفاوض، ولن تتم عملية بيع وشراء بجميع المستويات إلا بحسن الخلق، ولن يتم قبول أي دعوة لأفكار مهما كانت مقنعة إلا بحسن الخلق. وما سواها من تعاملات لا تكون التعاملات فيها ذات أخلاق، فهي مدعاة للشقاق والنفاق وللإشكالات الحالية والمستقبلية. فحتى أشقى أنواع الخلافات تكون حلولها ومقاربتها من خلال الحوار البناء المبني على حسن الخلق، فاختلاف الآراء لا يفسد للود قضية بين أصحاب الأخلاق الرفيعة.
مساحة إعلانية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الشرق
منذ 17 ساعات
- صحيفة الشرق
وقد صار القلب أخف!
102 في اللحظة التي يصدح فيها الأذان للفجر، لا يستيقظ الجسد فقط، بل تصحو معه ذاكرة غائرة في الأعماق، أصوات من رحلوا، ملامحهم، ضحكاتهم، وحتى حكاياهم التي كنا نعتقد أنّها ذابت مع الزمن، تتسلّل فجأة من حيث لا أدري. هم لا يطرقون الباب، لا يستأذنون، بل يأتون في صمت، في خفة، كأنّ الفجر موعدهم، وكأنّ صلاة الفجر فسحتهم المخبأة للعودة إليّ، ولو قليلاً. أجلس على سجادتي بعد الصلاة، أبقى حتى أشعر بيدٍ خفية توضع على كتفي. لا ألتفت. أعرف هذا الشعور لكنني لا أتحرك لأنني لا أريد أن أربك تلك الطمأنينة التي يصنعها الفجر في روحي. حين نصلي الفجر، لا نصلي وحدنا. هناك مَن يطمئن علينا، من حيث لا نراهم. لا صوت لهم، فقط أرواحهم تحيط بنا كوشاح من دفء، تهمس في القلب: 'نحن هنا.. نراكم، نحبكم، لم نغادركم حقًا.' والمفارقة الجميلة أن تلك الأرواح تعرف الوقت جيدًا. تأتي قبل الصلاة بقليل، وتختفي قبل أن نرفع أيدينا إلى السماء. لا تمنحنا وقتًا كافيًا لنبكي أمامها، كأنها تأبى أن ترى الدموع، أو كأنها تقول إن اللقاء لا يجب أن يُثقل بالحزن. صلاة الفجر هي الموعد الذي لا يكذب، هي اللحظة التي تخلع فيها الحياة أقنعتها، وتتجلى كما هي. لا شيء يُخفي الروح عن حقيقتها وقت الفجر. حتى الدعاء يكون نقيًا، فوريًا، بلا زخارف. تقول ما تريد دون ترتيب: 'يا رب، خذ قلبي إليك، وخفف عني فَقْد من أحب.' تقولها وأنت تعلم أن من تحب قد غاب، لكنه يعود، في هذا الموعد تحديدًا، ليأخذ من حزنك ما يستطيع، ويترك لك من الطمأنينة ما يكفي ليوم آخر. كل الذين فقدناهم، مهما كانت طريقة الرحيل، يعودون فجراً. لا يتكلّمون، لا يبتسمون، حضورهم يكفي. تفتح عينيك في الضوء الخافت فتشعر بهم، كأن الهواء صار أثقل قليلاً، كأنك لست وحدك. ولأن الفجر زمن النقاء، فإن حضورهم لا يخيفك، بل يربّت على قلبك، لأن أرواحهم تعرف أن الوقت محدود، وأن الطمأنينة التي يزرعونها فيك لا بد أن تكون سريعة وخفيفة. ما أغرب هذه العلاقة بين الموت والفجر. الفقد والضوء الأول. في لحظة طلوع النهار نافذة صغيرة نطل بها على من تركونا. لا لنسألهم عن شيء، بل لنخبرهم أننا ما زلنا هنا، نحاول، نتذكّر، نصلي وندعو لأجلهم. في كل ركعة وعد خفي أن لا ننسى، ونظل نذكرهم من دون ضجيج ولا وجع فاضح. إنها لحظة الصدق النادر، لحظة يكون فيها الحنين طاهراً لا يشوبه غضب ولا احتجاج. مجرّد أمنية أن يكونوا بخير، وأن يكون الله قد لطف بهم كما نرجوه كل يوم. وكل فجر نمرّ به هو رسالة غير مكتوبة، نبعث بها إليهم: 'أنتم في القلب، في الدعاء، في تفاصيل الحياة.' وربما كانت الصلاة نفسها هي لغتنا المشتركة معهم الآن، حيث لا رسائل ولا مكالمات، فقط هذا الصمت المقدس الذي نمارسه أمام الله، ويصل صداه إليهم، حيث هم. ثم، ما أن تنتهي الصلاة، ويبدأ الضوء يتسلل من خلف النوافذ، حتى يبهت كل شيء. كأن الراحلين لا يريدون أن يراهم النهار. يعودون إلى غيابهم الأكيد، بهدوء، كما جاؤوا. يتركون وراءهم قلبًا أكثر اتزانًا، وعينًا رطبة دون أن تفيض. وتبقى الرائحة، رائحة الفجر الذي مرّ عليهم وعليك، وصوت الأذان الذي جمعكم للحظة، ثم مضى. في كل فجر، لا نصلي فقط، بل يعاد ترميمنا من الداخل. في كل ركعة شيء يشبه اللقاء، وشيء يشبه الفقد، وشيء يشبه الرضا. الفجر موعد الأرواح الخفيفة، الوجوه التي لم تنسها قلوبنا، ولم تغب عن ذاكرة الدعاء. هؤلاء الراحلون لا يغيبون فعلًا، بل يختارون أجمل الأوقات ليعودوا. وها هو الفجر مرة أخرى، يفتح لنا بابه، لنلتقيهم في صمت، ونكمل الصلاة، وقد صار القلب أخف. مساحة إعلانية


صحيفة الشرق
منذ 2 أيام
- صحيفة الشرق
الأخلاق نجاح التعامل
129 A+ A- كأني أرى دهشة أحد المسؤولين عندما بينت له احتياج المجتمع لحسن الخلق، عند سؤاله في مقابلة لأحد البرامج التي سوف تظهر في إحدى القنوات! حيث استغربت من ردة الفعل وهذه الحاجة الحاصلة في كل مكان في العالم لمكارم الأخلاق، خصوصاً والانحطاط الأخلاقي في زيادة مطردة في الآفاق المختلفة كمنصات التواصل الاجتماعي وفي المجتمعات قاطبةً. قال صلى الله عليه وسلم (إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق) رواه الشيخان. ولكن الأمر الحاصل هو عادة الناس على سوء الأخلاق بل اعتبارها من قوة الشخصية وحسنها هو ضعفها! فإن حسن الخلق مطلب في التعاملات الدبلوماسية عند المراسيم والبروتوكول، وفي التعاملات الإدارية عند إجرائها بين الجمهور، فهي التي تعطي القيمة، وحتى في التعاملات التجارية بين التجار الدوليين والمحليين والمستهلكين. والتعاملات القانونية في القضاء بين المحامين والوكلاء والقضاة، وحتى في التعاملات الاجتماعية بين الأزواج والأرحام والأبناء. بل هي من أسرار كسب القلوب وبالتالي نجاح الغيات وصلابة المجتمع وهو جزء رصين من سمات حسن الخلق. إن المسؤول ذا حسن الخلق يعكس قيادته على مرؤوسيه في أماكن العمل بحسن خلقه وحتى على أهل بيته مع زوجته وأبنائه، والعكس صحيح لتجد المسؤول المتجهم العابس صعب التعامل، لا يمكن التفاوض معه، يعكس سوء خلقه على مرؤوسيه وأهله لتجد انعكاس ذلك على جمهوره وأرحامه في التعاملات اليومية، فهو منغلق العقل ومنغلق القلب. عملت مع أحد مدراء الإدارات ذي الوجه المتبسم كل يوم، فكان يعكس جواً من الإيجابية في الإدارة والمنعكسة على كل أنحاء المؤسسة. بل إنها تتجاوز ذلك ليضرب به المثل في المؤسسات الأخرى لخصلته بالتبسم ولين الجانب في التعامل. بل إن الأعجب أن ذكره يبقى حتى بعد تقاعده ووفاته لما تركه من صيتٍ طيب لحسن الخلق. ومن الناس من تراه فظاً في التعامل وغليظ القلب ولا يرحم وسمته الانتقام والحقد والحسد، أنانياً لا يرى إلا مصلحته، تجده مع مرور الوقت انعزل ولا يُريد الناس ولا الناس تُريد زيارته مصداقاً للآية { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} آل عمران ١٥٩ ولكن من أخطر أنواع البشر هو الذي يتودد ويظهر لك حسن التعامل ومن ثم يخونك لغايات في قلبه مبنية على سوء النية. فالنوايا لا تنقسم إلى قسمين، فمن كانت غايته الإصلاح فإن غايته الإصلاح وإن اختلطت فسدت ولن تتوفق. خلاصة القول إن سر نجاح التعامل بين البشر مبني على حسن الأخلاق على جميع الأصعدة، بين الأفراد والمؤسسات والدول. لن ينجح أي تفاوض دولي بين دول صديقة ودول عدوة إلا بحسن خلق التعامل بين أطراف التفاوض، ولن تتم عملية بيع وشراء بجميع المستويات إلا بحسن الخلق، ولن يتم قبول أي دعوة لأفكار مهما كانت مقنعة إلا بحسن الخلق. وما سواها من تعاملات لا تكون التعاملات فيها ذات أخلاق، فهي مدعاة للشقاق والنفاق وللإشكالات الحالية والمستقبلية. فحتى أشقى أنواع الخلافات تكون حلولها ومقاربتها من خلال الحوار البناء المبني على حسن الخلق، فاختلاف الآراء لا يفسد للود قضية بين أصحاب الأخلاق الرفيعة. مساحة إعلانية


صحيفة الشرق
منذ 3 أيام
- صحيفة الشرق
إني أنا أخوك
42 من الناس من يُولد لك، ومنهم من يُولد معك؛ والأخ كلاهما! هو النبتة التي خرجت من أصلك، ثم نمت على كتف قلبك، فامتزجت بك كأنها لا تفارقك إلا لتعود إليك. الأخ ليس علاقة من لحم ودم فحسب، بل هو معنى يسكن الروح، وركن في القلب، إذا انكسر: اهتزت أركانك جميعاً. كم من نفسٍ تاهت، فما ردّها إلا أخ! وكم من دمعٍ جرى، فما مسحه إلا أخ! وكم من وجعٍ لا يُحتمل، صار يسيرًا بوجوده، وكم من فرح كان ناقصًا، فاكتمل بحضوره! وكم من موقف كاد أن يكسر صاحبه، فإذا بظل الأخ يُعيد إليه قامته. هو ظِلك، وإن أخطر ما يصيب الظل أن ينكسر! وما كسرُه إلا التخاصم؛ فإنه متى ما وقع؛ مزّق الثقة، وقطع خيط المودة. آه، ثم آه! ألا ما أتعس بيتًا يسكنه الخصام بين الإخوة! أي خصومة هذه التي تورث الكره؟ وأي هجر هذا الذي يُذبح به عهد الإخاء؟ إن القلوب إذا ابتعدت، لم تُسعفها المسافات، وإذا تراكمت الجراح، فسد الحديث مهما لُيِّن، وضاعت الأعمار في انتظارٍ لا يأتي، لأن شر الخصام ما طالت أيّامه، وأُخّرت كلماته إن المماطلة في الوصل تزيد القلب قسوة، وتجعل من الهجر عادة، ومن الجفاء حيلةً للتغلّب، كأنما الإخوة يتبارون: مَن يصبر على الصمت، لا مَن يسارع إلى العفو! فيا أيها المبتلى بفُرقة أخيه، لا تنتظر يومًا يُصالحك فيه الوقت، بل ابحث عنه ولو في ظلمة الزمان، فإن السبق إلى الود نُبلٌ لا يعرفه إلا مَن زكّى الله قلبه. أصلِحوا ذات بينكم، فإن الموت لا يُنذر، وإن العُمر لا يَطول، وإن القلوب إذا عادت صافية، عادت الحياة معها جنةً صغيرة، لا يُفسدها إلا التأخير. يوما وقع خلافٌ بين أخوين من بيت النبوة:محمد بن الحنفية والحسن بن علي وكان الحسن أمير المؤمنين وسيد أهل زمانه، فأرسل إليه محمد برسالة كتب فيها: 'إن لك سابقةً وفضلاً، ولا أحب أن أسبقك إلى الخير، فإن أتيتني، فهو أحب إليّ، وإن لم تأتِ، أتيتُك'. فلما قرأ الحسن الرسالة، نهض إلى أخيه مسرعًا، وضمه إلى صدره، وقال: 'ما كنتَ لتسبقني إلى صلة رحم'. أي نفوسٍ تلك التي تذيب الكِبر في لحظة، وتقدّم الرحم على الموقف، وتنتصر لله لا للنفس؟ أي نفوس تلك التي لا تزن الأخوّة بميزان المصلحة، ولا تتعامل مع القرب ببطاقة حساب، بل تسير إلى أخيها طاهرةً من الغيظ، نقيّةً من الريبة، تقتل في صدرها وسوسة الشيطان المتربص، وتطفئ الغضب المتأجج، ثم تمضي إليه لا لتكسب لحظةً من رضا الناس، بل لتنال وجه الله؛ فإن أعظم الانتصار أن تغلب شيطانك، لا أن تهزم أخاك. فيا أيها الإخوة: - لا تورّثوا بخصامكم الأحقاد لأبنائكم، فإنها إن نبتت فيهم، اقتلعت المودة من جذورها؛ فلن تأمنوا عليهم غدًا من غوائلها، ولن ينفعكم معها ندم، ولا يُقبل منكم ساعتها نصيحة. -لا تجعلوا من خصومتكم ميراثًا، ولا من عنادكم سنّةً تُتّبع؛ فإن قلوب الصغار لا تعرف سبب خلافكم، لكنها تعرف أن البيت قد انكسر، وأن الجدران لم تعد تستر كما كانت. -لا تكسروا قلوب آبائكم بخصومة بينكم، فإن دمعتهم وإن خفيت تزلزل أفئدتهم زلزلة موجعة،وتحرق آمالهم كما تحرق النارُ الحطب اليابس في ليلة ريح باردة. -لا تُغضبوا ربّ الأرض والسماء من أجل ساعةِ غلّ، أو لحظةِ كبرياء، أو كلمةٍ خرجت ثم طارت، فكيف ترضى أن تغضب الله لتُرضي نفسك؟ -لا تقطعوا أرحامكم، فإنها من الإفساد في الأرض 'فهل عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ'. فهل بعد هذا تحسبون الخصام أمرًا هينًا؟ وهل بعد نداء الربّ عذرٌ لمتخاصم مع أخيه؟ لا والله، ما بقي عذرٌ لمن عرف هذا، ثم ظل يختار الخصومة على الصلة. امضِ إلى أخيك، وافتح له قلبك، ولا تقل: 'هو المخطئ'، فالعاقل لا ينتظر عذرًا ليفتح بابًا أُغلق، بل يكفيه أن يعلم أن الله يحب الواصلين، وأن الرحم إذا شُدّت، شدّ الله بها في السماء رزقًا، وأجلاً، وذكرًا طيبًا لا يزول. مساحة إعلانية