
إصلاح قدرات الناتو ضرورة لمواكبة التهديدات المتسارعة
في ظل بيئة أمنية تتغير بسرعة، يجد حلف شمال الأطلسي (الناتو) نفسه أمام اختبار حاسم: هل سيتمكن من مواكبة التطورات التكنولوجية والاستجابة للتهديدات المتزايدة أم سيظل عالقًا في متاهة البيروقراطية؟ حيث يواجه الحلف تحديات معقدة، نظرا لأن الخصوم يسرعون من تطوير قدراتهم العسكرية، بينما تعاني آلياته بطء في توفير الأسلحة والأنظمة الحديثة.
وفي مقابلة مع «بوليتيكو»، دعا الأدميرال بيير فاندييه، القائد الأعلى لقوات «الناتو»، إلى اتخاذ خطوات جريئة، محذرًا من أنه «على الناتو المخاطرة أكثر، والإنفاق أكثر، وتسريع قراراته، وتقليص البيروقراطية»، فالتأخير في توفير المعدات، مثل الفرقاطات وناقلات الجند المدرعة والذخائر، يُضعف الجاهزية القتالية للحلف، مما قد يُعرض مصداقيته للخطر.
إصلاح عاجل
لا يزال تطوير قدرات «الناتو» يعاني بطئا وتعقيدا شديدين، على الرغم من المحاولات السابقة للإصلاح. فبدلًا من إعطاء الأولوية للجاهزية القتالية، تُركز عمليات الحلف على الامتثال الإجرائي واتخاذ القرارات بالإجماع، مما يؤدي إلى تأخيرات تُعيق تلبية الاحتياجات العسكرية العاجلة.
ولتجنب فقدان تفوقه، يحتاج «الناتو» إلى نهج جديد يُسرّع تطوير قدراته، ويُحسن تنسيق استثماراته الدفاعية، ويعزز مرونة أنظمة المشتريات. وفي هذا الإطار، تُطرح أربع ركائز أساسية للإصلاح:
1. إعطاء الأولوية للسرعة والنتائج
ثقافة الحلف الحالية، التي تتجنب المخاطرة وتعتمد على عمليات معقدة، تؤدي إلى تأخير طويل في توفير القدرات. لا تكمن المشكلة في العقبات التقنية، بل في الموافقات البيروقراطية المتعددة والمراجعات المطولة. فحتى التقنيات الحيوية، مثل الذكاء الاصطناعي والدفاع السيبراني والاستخبارات الفضائية، تُواجه عراقيل تجعل بعض الاستثمارات قديمة قبل أن يتم نشرها.
وللتغلب على هذه التحديات، يحتاج «الناتو» إلى بيئة تُكافئ السرعة والفعالية، مع اعتماد جداول زمنية واضحة للموافقة على القدرات، وتبني آليات مرنة تُشبه تلك المستخدمة في القطاع الخاص، مثل النمذجة السريعة والتنفيذ التدريجي.
2. إنشاء سلطة موحدة لتطوير القدرات
حاليًا، تُوزع مسؤولية تطوير القدرات بين منظمات عدة داخل الحلف، مما يؤدي إلى انعدام المساءلة والتنسيق. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتعزيز الإدارة، لا تزال القرارات تُتخذ بالإجماع، مما يعطل تنفيذ الأولويات.
ولحل هذه الإشكالية، يُقترح تعيين مسؤول رفيع، مثل مساعد الأمين العام لشؤون الاستحواذ والقدرات (ASG ACD)، للإشراف على تنفيذ برنامج تطوير القدرات بتمويل مشترك (CFCD). ستتيح هذه الخطوة تحديد الأولويات، وتطبيق الجداول الزمنية، وتسريع الإنجاز من خلال سلطة مركزية مسؤولة.
3. مواءمة تطوير القدرات مع تخطيط الدفاع الوطني
يعتمد «الناتو» على عمليتين منفصلتين لتطوير قدراته: التخطيط الدفاعي المشترك (NDPP) الذي يحدد احتياجات الدول الأعضاء، وبرنامج تطوير القدرات بتمويل مشترك (CFCD) لتمويل الأنظمة المشتركة. لكن عدم التنسيق بين هذين المسارين يؤدي إلى فجوات في القدرات، وتأخيرات في القرارات الحاسمة.
ولتجنب هذه المشكلة، يجب على الحلف إنشاء آلية رسمية، لتنسيق التخطيط الدفاعي المشترك مع الاستثمارات الوطنية، مما يضمن انسجام أنظمة «الناتو» مع قدرات الدول الأعضاء. وقد بدأت خطوات في هذا الاتجاه، لكن هناك حاجة إلى تعزيز التنسيق، وتسريع وتيرة الإصلاح.
4. تحديث أنظمة المشتريات وتعزيز التعاون مع القطاع الصناعي
تعاني عمليات شراء المعدات الدفاعية تعقيدات بيروقراطية تمنع «الناتو» من دمج أحدث التقنيات بسرعة، بينما يستغل الخصوم قدراتهم الناشئة بكفاءة. لذلك، ينبغي على الحلف تبني آليات جديدة تُسرّع عملية الاستحواذ، مثل برامج المشتريات السريعة المعتمدة في بعض الدول الأعضاء، وتمكين آليات تمويل أكثر مرونة تدعم الاستثمارات الدفاعية المستعجلة.
حتمية التغيير
أصبح إصلاح آليات تطوير القدرات داخل «الناتو» ضرورة إستراتيجية، فالتحديات الأمنية الراهنة تتطلب قرارات سريعة واستثمارات فعالة، وليس مزيدًا من المداولات الطويلة. إن الحفاظ على مصداقية الحلف يتطلب القدرة على نشر القدرات بسرعة وكفاءة، وهو أمر لا يمكن تحقيقه دون إعادة هيكلة جوهرية لعمليات صنع القرار والمشتريات.
إن مستقبل «الناتو» يعتمد على مدى استجابته لهذه التحديات: إما أن يتحرك سريعًا لتعزيز جاهزيته، أو يخاطر بفقدان تفوقه أمام خصومه. وفي عالم تتزايد فيه المخاطر، لم يعد التغيير التدريجي خيارًا.
خصوم «الناتو»
يواجه حلف شمال الأطلسي خصوما إستراتيجيين عدة يهددون أمنه ومصالحه، أبرزهم روسيا، التي تُعد التهديد العسكري الأكبر للحلف، خاصة بعد تدخلها في أوكرانيا، وسعيها لإعادة تشكيل النظام الأمني الأوروبي. كما تشكل الصين تحديًا متزايدًا، إذ تعمل على تعزيز نفوذها العسكري والتكنولوجي، خصوصًا في المجالات السيبرانية والذكاء الاصطناعي، مما يثير مخاوف «الناتو» بشأن الاستقرار العالمي. إلى جانب ذلك، يمثل التهديد السيبراني والجماعات الإرهابية تحديات خطيرة، حيث تستغل هذه الأطراف التكنولوجيا الحديثة في تنفيذ هجمات إلكترونية وتقويض الأمن بدول الحلف.
1. التحدي الرئيسي:
• «الناتو» يواجه بيئة أمنية متغيرة بسرعة، لكنه يعاني البطء في تطوير وتوفير القدرات العسكرية بسبب البيروقراطية.
• الخصوم يتقدمون بسرعة في تطوير تقنيات عسكرية حديثة، مما يضع الحلف في موقف دفاعي.
2. أهمية الإصلاح:
• الإصلاح ضروري، للحفاظ على مصداقية «الناتو» وقدرته على الردع والاستجابة للتهديدات المتزايدة.
• عمليات الموافقة الحالية تعيق سرعة توفير الأسلحة والتقنيات الحديثة.
3. الركائز الأربع للإصلاح:
• إعطاء الأولوية للسرعة والنتائج: استبدال بالثقافة البيروقراطية الحالية آليات تُسرّع اتخاذ القرارات وتنفيذ المشاريع العسكرية.
• إنشاء سلطة موحدة لتطوير القدرات: تعيين مسؤول رفيع للإشراف على عمليات التطوير، مما يُحسّن التنسيق ويُسرّع الإنجاز.
• مواءمة تطوير القدرات مع التخطيط الدفاعي الوطني: ضمان تنسيق استثمارات «الناتو» مع إستراتيجيات الدفاع الوطني للدول الأعضاء.
• إصلاح أنظمة المشتريات وتعزيز التعاون مع الصناعة: تبسيط عمليات شراء المعدات الدفاعية، وتبني آليات تمويل مرنة تُسرّع تبني التقنيات الحديثة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأمناء
منذ 5 ساعات
- الأمناء
حاملة الطائرات الأمريكية "هاري إس ترومان" تغادر البحر الأحمر
غادرت حاملة الطائرات الأمريكية "هاري إس ترومان" (CVN-75) البحر الأحمر متجهة إلى الولايات المتحدة، بعد مهمة امتدت قرابة ثمانية أشهر وشملت تدريبات مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) وعمليات قتالية ضد ميليشيا الحوثي في اليمن ضمن عملية "الفارس الخشن". وذكرت مجلة ذا ناشيونال إنترست أن حاملة الطائرات النووية من فئة نيميتز شاركت خلال فترة انتشارها في مناورات "نبتون سترايك" في البحر الأبيض المتوسط، كما عملت ضمن منطقة مسؤولية الأسطول السادس الأمريكي، قبل أن تُمدد مهمتها مرتين من قبل وزير الدفاع بيت هيجسيث. وتزامن انتهاء المهمة مع موافقة الحوثيين المدعومين من إيران على وقف هجماتهم على السفن التجارية والقطع البحرية الأمريكية في البحر الأحمر مطلع الشهر الجاري. ورافقت "هاري إس ترومان" خلال مهمتها سفن حربية عدة، من بينها المدمرة "يو إس إس جيسون دونهام" والطراد "يو إس إس جيتيسبيرغ"، بالإضافة إلى المدمرة "يو إس إس ستاوت"، ضمن مجموعة حاملات الطائرات الضاربة العاملة في البحر الأحمر منذ نوفمبر الماضي. وعلى الرغم من عودة الحاملة وسفنها المرافقة بطواقمها بسلام، إلا أن المهمة لم تخلُ من الخسائر، إذ فقدت ثلاث طائرات من طراز F/A-18 "سوبر هورنت" خلال العمليات. إحدى الطائرات أُسقطت بنيران صديقة من الطراد "جيتيسبيرغ"، فيما سقطت الثانية أثناء سحبها داخل الحظيرة نتيجة مناورة اضطرارية، أما الثالثة فقد تحطمت إثر هبوط فاشل اضطر خلاله الطيار وضابط التسليح إلى القفز بالمظلات. وشهدت المهمة كذلك حادث تصادم لحاملة الطائرات في فبراير الماضي أثناء مرورها قرب بورسعيد، حين اصطدمت بسفينة شحن بنمية، ما استدعى توقفها لإصلاحات عاجلة في اليونان. ومن المقرر أن تعود "هاري إس ترومان" إلى قاعدة نورفولك البحرية تحت قيادة جديدة، بعد إعفاء الكابتن ديفيد سنودن من منصبه وتعيين الكابتن كريستوفر "تشوداه" هيل خلفًا له. وسبق لهيل أن قاد حاملة الطائرات "دوايت دي. أيزنهاور" خلال مهمتها القتالية المطولة في الشرق الأوسط، والتي تُعد الأعنف للبحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية. يُذكر أن حاملة الطائرات "كارل فينسون" وصلت إلى المنطقة في أبريل، لتنضم إلى سلسلة من حاملات الطائرات التي نشرتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط منذ خريف 2023، في ظل التصعيد المستمر في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.


حضرموت نت
منذ 8 ساعات
- حضرموت نت
حاملة الطائرات الأمريكية "هاري إس ترومان" تغادر البحر الأحمر
غادرت حاملة الطائرات الأمريكية 'هاري إس ترومان' (CVN-75) البحر الأحمر متجهة إلى الولايات المتحدة، بعد مهمة امتدت قرابة ثمانية أشهر وشملت تدريبات مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) وعمليات قتالية ضد ميليشيا الحوثي في اليمن ضمن عملية 'الفارس الخشن'. وذكرت مجلة ذا ناشيونال إنترست أن حاملة الطائرات النووية من فئة نيميتز شاركت خلال فترة انتشارها في مناورات 'نبتون سترايك' في البحر الأبيض المتوسط، كما عملت ضمن منطقة مسؤولية الأسطول السادس الأمريكي، قبل أن تُمدد مهمتها مرتين من قبل وزير الدفاع بيت هيجسيث. وتزامن انتهاء المهمة مع موافقة الحوثيين المدعومين من إيران على وقف هجماتهم على السفن التجارية والقطع البحرية الأمريكية في البحر الأحمر مطلع الشهر الجاري. ورافقت 'هاري إس ترومان' خلال مهمتها سفن حربية عدة، من بينها المدمرة 'يو إس إس جيسون دونهام' والطراد 'يو إس إس جيتيسبيرغ'، بالإضافة إلى المدمرة 'يو إس إس ستاوت'، ضمن مجموعة حاملات الطائرات الضاربة العاملة في البحر الأحمر منذ نوفمبر الماضي. وعلى الرغم من عودة الحاملة وسفنها المرافقة بطواقمها بسلام، إلا أن المهمة لم تخلُ من الخسائر، إذ فقدت ثلاث طائرات من طراز F/A-18 'سوبر هورنت' خلال العمليات. إحدى الطائرات أُسقطت بنيران صديقة من الطراد 'جيتيسبيرغ'، فيما سقطت الثانية أثناء سحبها داخل الحظيرة نتيجة مناورة اضطرارية، أما الثالثة فقد تحطمت إثر هبوط فاشل اضطر خلاله الطيار وضابط التسليح إلى القفز بالمظلات. وشهدت المهمة كذلك حادث تصادم لحاملة الطائرات في فبراير الماضي أثناء مرورها قرب بورسعيد، حين اصطدمت بسفينة شحن بنمية، ما استدعى توقفها لإصلاحات عاجلة في اليونان. ومن المقرر أن تعود 'هاري إس ترومان' إلى قاعدة نورفولك البحرية تحت قيادة جديدة، بعد إعفاء الكابتن ديفيد سنودن من منصبه وتعيين الكابتن كريستوفر 'تشوداه' هيل خلفًا له. وسبق لهيل أن قاد حاملة الطائرات 'دوايت دي. أيزنهاور' خلال مهمتها القتالية المطولة في الشرق الأوسط، والتي تُعد الأعنف للبحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية. يُذكر أن حاملة الطائرات 'كارل فينسون' وصلت إلى المنطقة في أبريل، لتنضم إلى سلسلة من حاملات الطائرات التي نشرتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط منذ خريف 2023، في ظل التصعيد المستمر في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.


Independent عربية
منذ يوم واحد
- Independent عربية
زيلينسكي قد يغيب عن الـ "ناتو" للمرة الأولى منذ عام 2022 خشية ترمب
بعد أن كان ضيفاً مميزاً تحوطه الكاميرات داخل قمم واجتماعات حلف شمال الأطلسي (ناتو) على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، يبدو أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيغيب دون رغبته عن القمة المقبلة المقررة أواخر يونيو (حزيران) المقبل بمدينة لاهاي في هولندا، فخلال اجتماع وزراء خارجية الـ "ناتو" في أنطاليا الأسبوع الماضي، وجه صحافيون أسئلة لوزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في شأن معارضة واشنطن دعوة الرئيس الأوكراني إلى "قمة 2025"، وهو ما سارع روبيو إلى نفيه قائلاً إن "عدداً من زملائنا أثاروا اليوم مسألة دعوة زيلينسكي ونحن لم نعارض ذلك"، مضيفاً أن "كثيراً من القادة الذين ليسوا أعضاء في الـ 'ناتو' ويدعون إلى مؤتمراته، وهم لا يحضرون اجتماع القادة لكنهم يدعون إلى المؤتمرات". تجنب التوترات مع ترمب لكن ربما يسعى بعض ممن داخل الحلف العسكري إلى استرضاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يرتبط بعلاقة متوترة مع نظيره الأوكراني، كما يبدو أن قادة الـ "ناتو" يخشون إغضابه أو وقوع توترات خلال القمة السنوية التي تجمع قادة الدول الأعضاء الـ 32 للحلف، وأفاد مصدر مطلع "اندبندنت عربية" بأنه لم يتضح بعد ما إذا كان الرئيس الأوكراني سيشارك بالفعل في قمة لاهاى يونيو المقبل، وبسؤال المصدر حول أجندة القمة فقد أوضح أنها لم تتضح بعد، لكن ثمة جلسة يشارك فيها ممثلو الدول الأعضاء في الـ "ناتو" فقط. ووفق الموقع الإلكتروني الخاص بالقمة فإن نحو 45 رئيس دولة وحكومة سيشاركون فيها، بما في ذلك القادة الـ 32 للدول الأعضاء وقادة الدول الشريكة، وبالولوج إلى الرابط الذي يشير إلى قادة الدول الشريكة فإنه يخلو من ذكر اسم أوكرانيا على رغم م تأسيس "مجلس الناتو - أوكرانيا" منذ يوليو (تموز) عام 2023، والذي جرى الإعلان عنه خلال قمة فيلنيوس في يوليو 2023 كآلية رسمية للتعاون والحوار بين حلف شمال الاطلسي وأوكرانيا، في إطار الدعم الغربي لكييف خلال الحرب مع روسيا، وقد شارك زيلينسكي في القمم الثلاث السنوية الماضية للـ "ناتو"، افتراضياً في مدريد عام 2022، ثم حضر شخصياً في كل من فيلنيوس عام 2023 وواشنطن عام 2024. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التشيكي بيتر بافيل في مقر الـ "ناتو" في بروكسل الأربعاء، قال الأمين العام لحلف شمال الاطلسي مارك روته إن الدول الأعضاء ستناقش الدعم العسكري لأوكرانيا خلال القمة المقبلة لضمان أن تكون في أقوى وضع ممكن لمواصلة القتال، وأن يكون أي اتفاق سلام بعد انتهاء الأعمال العدائية دائماً، ومع ذلك لم يتحدث روته عن مشاركة زيلينسكي في القمة، كما رفض التعليق على ما إذا كانت أوكرانيا ستدعى وقال للصحافيين خلال اجتماعات أنطاليا الخميس الماضي إن جدول الأعمال "لا يزال قيد المناقشة"، فيما قال وزير الخارجية الهولندي كاسبر فلدكامب الذي تستضيف بلاده القمة، إن روته هو المسؤول عن توجيه الدعوات. علاقة متوترة ومنذ وصول ترمب إلى منصبه يناير (كانون الثاني) الماضي ارتبط بعلاقة متوترة للغاية مع زيلينسكي، على رغم تعهده خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب في أوكرانيا، حيث شهد البيت الأبيض لقاء حاداً ساده الصخب بين الرئيسين أواخر فبراير (شباط) الماضي، فبينما كان الرئيس الأوكراني ضمن زيارة رسمية للقاء ترمب في مكتبه البيضاوي وتوقيع اتفاق تعاون في مجال المعادن النادرة، ضمن خطوة هدفت كييف من خلالها إلى استرضاء الرئيس الأميركي ونيل دعمه في مواجهة الغزو الروسي، فإن الزيارة تحولت إلى مواجهة دبلوماسية حادة ومشادة كلامية بين الرئيسين، وخلال اللقاء اتهم ترمب زيلينسكي بأنه "يقامر بحرب عالمية ثالثة ولا يقدّر الدعم الأميركي"، كما شارك نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس في الهجوم على الرئيس الأوكراني، ونتيجة لهذا التوتر غادر الأخير دون توقيع الاتفاق، وألغيت مأدبة الغداء والمؤتمر الصحافي المشترك، وتلى ذلك تصعيد أميركي موقت ضد كييف، فأعلنت واشنطن تعليق المساعدات العسكرية والاستخباراتية قبل أن تستأنف لاحقاً بعد موافقة زيلينسكي على اتفاق وقف إطلاق نار مدة 30 يوماً بوساطة أميركية. وعلى رغم سعي زيلينسكي إلى إصلاح العلاقة مع ترمب بدعم من الوسطاء الأوربيين وتوقيع اتفاق المعادن الذي طالما سعى إليه الرئيس الأميركي، لكن لا يبدو أن العلاقات تسير بهدوء، إذ يخشى حلفاء الـ "ناتو" من أن يؤدي إشراك زيلينسكي إلى خلق التوترات مجدداً مع ترمب الذي يعارض بشدة انضمام أوكرانيا إلى الـ "ناتو" خلال المستقبل القريب. وكعادته في ربط الشخصي بالسياسي، فإن كراهية ترمب للرئيس الأوكراني تعود لولايته الأولى في البيت الأبيض عندما سعى عام 2019 إلى الضغط على زيلينسكي لفتح تحقيق ضد جو بايدن وابنه هانتر بايدن اللذين كانا مرتبطين بشركة أوكرانية تدعى "بوريسما"، وهو الطلب الذي لم يستجب له زيلينسكي، وكان بايدن في ذلك الوقت مرشحاً ديمقراطياً بارزاً لانتخابات الرئاسة عام 2020، مما جعل الطلب يبدو وكأنه محاولة لاستخدام السياسة الخارجية لأغراض انتخابية شخصية، وكان محور قضية عزل طاردت ترمب. ويعتقد مراقبون أن أوكرانيا ربما تشارك بطريقة غير مباشرة تتجنب أية مواجهة بين ترمب وزيلينسكي، مثل أن يُدعى الوفد الأوكراني إلى المشاركة في الفعاليات الاجتماعية التي تقام على هامش القمة، على مستوى الشركاء الآخرين للحلف نفسه، بما في ذلك العشاء غير الرسمي للقادة والذي يعد تقليدياً خلال افتتاح القمة، ويستضيف عدداً من الضيوف غير الأعضاء.