
عن إنكار العمران الفلسطيني
وأعلن، على إثر زيارة ميدانية قام بها إلى فلسطين عام 1891، بأن «هذه البلاد وطن قومي لسكانها الموجودين فيها لأجيال كثيرة، ولذا فإن الساعين إلى استيطانها، يمكنهم في الحد الأقصى تحويلها إلى كيان ثنائي القومية».
وأشاع من خلالهما فكرة أن فلسطين مساحة خالية جرداء، تتحرق لتحويلها بسواعد اليهود إلى أرض للبن والعسل، منكراً وجود عمرانها الفلسطيني الأصيل..
وكذلك فعل خليفته ماكس نورداو، حتى أنه لم يأبه بتقرير مندوبين أرسلهما لاستطلاع أوضاع فلسطين على الطبيعة، وكانت خلاصته بالرمز «العروس مستوفية لكل الشروط، لكنها متزوجة فعلاً»!..
فبعد خمسين عاماً من زمن هرتزل ونورداو وبطانتيهما، ذهبت جولدا مئير رئيسة وزراء إسرائيل في يونيو 1969 إلى أنه «ليس هناك شيء اسمه الشعب الفلسطيني».
واليوم، وبعد أكثر من خمسين سنة أخرى، واعتراف 138 دولة وأعلى رموز التنظيم والقانون الدوليين، بحق الفلسطينيين في تقرير المصير والدولة، وما تعنيه موادعات أوسلو وتوابعها من تمهيد للاعتراف بهذا الحق، من جانب قطاعات إسرائيلية جرى إسكاتها سريعاً، نجد خلفاء مئير، من شاكلة نتانياهو وبن غفير وسموتريتش وسواهم كثيرين، يرددون المقولة ذاتها.. أمأ بنصها كما هو وإما باعتماد محتواها ودلالاتها عملياً.
ففي تصريحه الشهير حول فلسطين عام 1917، أنكر بلفور وزير خارجية بريطانيا، العظمى وقتذاك، أي استحقاقات قومية سياسية للفلسطينيين، واكتفى بالإشارة إليهم بحسبهم «طوائف مدنية ودينية غير يهودية مقيمة في البلاد».
وكسياسي متمرس مخضرم، كان الرجل يعرف مؤدى كل كلمة في تصريحه، مدركاً للفارق بين تنسيب مفهوم القومية لليهود، وتعريف غيرهم بأنهم مجرد طوائف أخرى «مقيمة». وبالمناسبة ما زالت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، تتوسل بهذا المصطلح في وصف فلسطينيي القدس بخاصة، فهم عندها «مقيمون لا مواطنون»!
بينما يتنكر ترامب لأحقية الفلسطينيين في التحرر والاستقلال والدولة، متجاوزاً لفرضية زوال تراث تلك الحقبة السوداء عموماً من جهة، ومتخطياً للتراكم والتبلور الساطع الذي يخرق العين لأطر الاجتماع السياسي للفلسطينيين من جهة أخرى.
وإذا كان وعد بلفور قد اعتبر الفلسطينيين مقيمين يجب «مراعاة حقوقهم المدنية والدينية»، فإن ترامب لا يراهم فيما يبدو سوى صفقة عقارية، يمكن تهجيرهم ونقلهم كرهاً أو طوعاً إلى كيانات إقليمية أو دولية أخرى.
وإذا كان عهد بلفور الاستعماري، قد أفضى إلى تدمير حياة هذا الشعب وتهجير غالبيته جراء جولتي الصراع الشهيرتين عامي 1948 /1949 و1967، وتحويل قضيته إلى كرة نار، حار الخلق أجمعين في إطفاء لهيبها داخل فلسطين ومحيطها الإقليمي..
فإن عهد ترامب ومداخلات دولته، ونفوذها، الطليق تقريباً، في التعامل مع جولة الصراع المتفاعلة حالياً، ينذر بأيام صعبة.

Try Our AI Features
Explore what Daily8 AI can do for you:
Comments
No comments yet...
Related Articles


Al Khaleej
15 minutes ago
- Al Khaleej
آلاف الجائعين يقتحمون مركزاً لتوزيع المساعدات جنوبي غزة.. والجيش الإسرائيلي يرد بالرصاص
رفح - أ ف ب اندفع آلاف الفلسطينيين عصر الثلاثاء، باتجاه مركز جديد لتوزيع المساعدات تديره منظمة مدعومة أمريكياً في منطقة غرب رفح في جنوب قطاع غزة، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق «طلقات تحذيرية» في المنطقة. وتأتي الحادثة، بعد أيام من بدء تخفيف الحصار المطبق الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة منذ الثاني من مارس/ آذار الماضي، والذي تسبب بنقص حاد بالغذاء والدواء والماء والوقود، وغيرها من مستلزمات الحياة الأساسية. وقالت «مؤسسة غزة الإنسانية» في بيان،: إنه في وقت ما «بلغ عدد الأشخاص في مركز التوزيع حداً دفع فريق المؤسسة إلى التراجع للسماح لعدد قليل من سكان غزة بتلقي المساعدات». واندفع سكان من فئات عمرية مختلفة من المناطق الغربية في خان يونس ورفح، ومن بينهم نساء وأطفال باتجاه المركز في منطقة تل السلطان غرب رفح. وشوهد عدد منهم يحمل صناديق فيها مواد غذائية. وبحسب شهود عيان، اجتاز مئات الفلسطينيين حاجزاً عسكرياً للجيش الإسرائيلي قرب المركز، حيث تمكن العديد منهم من الوصول إلى داخل مركز المساعدات، حيث وجدوا مئات من صناديق المساعدات المعدة للتوزيع، وأخذوها قبل أن يندفع آلاف آخرون. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان،: إن قواته أطلقت «طلقات تحذيرية في المنطقة خارج مقر التوزيع»، مؤكداً أنه «لم يطلق أي نيران جوية تجاه مركز توزيع المساعدات». وأضاف البيان: «تمت السيطرة على الوضع، ومن المتوقع أن تستمر عمليات توزيع الأغذية كما هو مخطط». وعلق المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحماس في غزة على الحادثة أن «الاحتلال الإسرائيلي فشل فشلاً ذريعاً في مشروع توزيع المساعدات بمناطق العزل العنصرية». وأشار إلى اندفاع «آلاف الجائعين، الذين حاصرهم الاحتلال وقطع عنهم الغذاء والدواء منذ نحو 90 يوماً، نحو تلك المناطق في مشهد مأساوي ومؤلم، انتهى باقتحام مراكز التوزيع والاستيلاء على الطعام تحت وطأة الجوع القاتل». ودان في بيان استخدام المساعدات «كسلاح حرب وأداة للابتزاز السياسي». وروى عدد من الفلسطينيين، أنهم تسلموا صناديق مساعدات من المؤسسة، قبل أن يندفع آلاف الناس إلى مركز توزيع المساعدات. وأكد أيمن أبو زيد (35 عاماً) وهو نازح من رفح، ويقيم في مخيم للنازحين في خان يونس أنه كان يقف في طابور عند نقطة تسليم للمساعدات برفح مع المئات من المواطنين، و«فجأة بدأ عدد كبير من الأشخاص بالتدافع، والدخول بشكل عشوائي للمركز». وأضاف: «بعد دقائق بدأت القوات الإسرائيلية بإطلاق النار، وكان الصوت مخيفاً جداً، والناس بدأوا بالتفرق، لكن البعض بقي يحاول أخذ المساعدات رغم الخطر». وقال محمد أبو يوسف (29 عاماً) وهو من سكان خان يونس، إنه استلم «سلة غذائية من نقطة التسليم في رفح».وتابع: «الناس محتاجة جداً للطعام».


Sky News Arabia
16 minutes ago
- Sky News Arabia
بسبب الضربة المحتملة ضد إيران.. تحذير واضح من ترامب لنتنياهو
ونقل الموقع عن مسؤول في البيت الأبيض، أن " ترامب أبلغ نتنياهو أنه يريد التوصل لحل دبلوماسي مع إيران، ولا يريد أن يقف أي شيء في طريقه إلى ذلك". وأضاف المسؤول أن "ترامب ومسؤولين آخرين أعربوا عن قلقهم من أن يأمر نتنياهو بضرب المنشآت النووية الإيرانية أو يتخذ خطوات تفشل الجهود الدبلوماسية". وتابع المسؤول: "ترامب أكد لنتنياهو أن -الخيار الثاني لا يزال مطروحا على الطاولة-، لكنه يفضل أولا رؤية إن كان من الممكن التوصل لحل دبلوماسي". كما أكد أن "ترامب حذر نتنياهو الأسبوع الماضي من اتخاذ خطوات قد تضر بالمفاوضات النووية مع إيران". وكان موقع "أكسيوس" كشف، نقلا عن مصدرين إسرائيليين، أن تل أبيب تجري استعدادات لتوجيه ضربة سريعة لمنشآت إيران النووية إذا انهارت المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران. وقال المصدران إن الاستخبارات الإسرائيلية بدلت اعتقادها بأن التوصل لاتفاق نووي بات وشيكا إلى الاعتقاد بأن المحادثات على وشك الانهيار. وأشار أحد المصدرين إلى أن الجيش الإسرائيلي يعتقد أن "نافذة الفرصة" لتنفيذ ضربة ناجحة قد تُغلق قريبا، لذا إذا فشلت المفاوضات، سيتعيّن على إسرائيل التحرك بسرعة، فيما رفض المصدر الإفصاح عن سبب اعتقاد الجيش بأن فعالية الضربة ستقل لاحقا. وأكد المصدران تقريرا سابقا لشبكة "سي إن إن" الأميركية مفاده بأن الجيش الإسرائيلي يُجري تدريبات واستعدادات لشن ضربة محتملة في إيران.


Sky News Arabia
33 minutes ago
- Sky News Arabia
مصر.. أول تعليق من زاهي حواس بعد هجوم جو روغان عليه
وكان مذيع البودكاست الشهير، الأميركي جو روغان، قد استضاف زاهي حواس ، عبر برنامج "The Joe Rogan Experience" في حلقة ناقشت تاريخ الأهرامات ، لكن المذيع خرج بعد الحلقة معلنا أنها كانت أسوأ حلقة بودكاست قدمها على الإطلاق. الحلقة أثارت حالة من الجدل خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر، حيث احتفى بها كثيرون، فيما وجه البعض سهام انتقاداتهم لحواس، متهمينه باحتكار الحديث عن الحضارة المصرية ، وعدم الأخذ بأسباب التكنولوجيا الحديثة في التعاطي مع التاريخ المصري القديم. وقال حواس في تصريح خاص لـ"سكاي نيوز عربية"، إن "حلقة جو روغان، كان تهدف للترويج لأجندة تفيد بأن المصريين ليسو بناة الأهرام وهو ما تصديت له". وأضاف حواس: "لم يكن يتوقع جو روغان أني سأظهر للعالم الأدلة سواء الأثرية أو المكتوبة، التي تثبت أن المصريين هم بناة الأهرامات". كما أوضح أن "من لديهم فهم للأمر يقدرون ما جرى، لأن لديهم الأدلة العلمية التي رأوها، لكن جو روغان لم يعجبه الكلام، وفي النهاية الحق ينتصر بالأدلة والمذيع لا يملك أدلة". كما شدد عالم الآثار المصرية على أن "من انتقدوا ظهوري ليسوا مصريين، لأني كنت أدافع عن الحضارة المصرية". وأكد حواس أنه كان يدافع عن الحضارة المصرية القديمة وتاريخها، متابعا: "كانت هناك محاولة لدس معلومات لكني تصديت لها". وبين زاهي حواس، أنه يستخدم التكنولوجيا الحديثة والبرامج المعتمدة في الاكتشافات والبحوث الأثرية، ولا يحاول الاستئثار بالحديث عن الحضارة المصرية أو السيطرة على الاكتشافات، فهو يتقدم بطلب لوزارة السياحة لعمل اكتشافات، وهو ما ينطبق على الآخرين في نفس المجال.