logo
هل تملك إسرائيل القدرة فعلاً على القضاء على البرنامج النووي الإيراني؟

هل تملك إسرائيل القدرة فعلاً على القضاء على البرنامج النووي الإيراني؟

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن قواته "ضربت قلب برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني"، متوعدًا بمواصلة الضربات "لأيام عديدة، بقدر ما يلزم لإزالة هذا التهديد".
بهذا التصريح، كشفت إسرائيل عن أكبر عملية عسكرية تنفذها داخل إيران في مغامرة هي الأكثر جرأة في سجل مواجهتها مع ما تعتبره "تهديدًا وجوديًا" تمثّله الجمهورية الإسلامية. جاءت العملية، التي تبدو أقرب إلى بداية حملة شاملة، استنادًا إلى فرضية أمنية طالما تبنتها تل أبيب: أن طهران تقترب من العتبة النووية، وأن الوقت المتاح لمنع ذلك يوشك على النفاد.
استهدف الهجوم الإسرائيلي سلسلة من المواقع النووية والعسكرية الحساسة في إيران، شملت منشآت نطنز في محافظة أصفهان، وخنداب حيث موقع مفاعل آراك لإنتاج الماء الثقيل، إضافة إلى مواقع في خرم آباد ومحيط العاصمة طهران. كما قام الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد، بقصف منشأة نووية في أصفهان بحسب ما ورد في منشور على منصة إكس للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي.
لم تقتصر الضربات على البنية التحتية النووية والصاروخية الإيرانية، بل شملت أيضًا اغتيالات لقيادات رفيعة المستوى، في مقدمتها قائد الحرس الثوري حسين سلامي، ورئيس الأركان محمد باقري، فضلًا عن شخصيات علمية نووية مؤثرة، مثل العالمان فريدون عباسي دوائي ومحمد مهدي طهرانجي.
بهذا الهجوم، تدشن إسرائيل حقبة جديدة عنوانها المواجهة العسكرية المفتوحة مع إيران بعد سنوات طويلة من الاعتماد على العمليات السرية المغلفة بالإنكار السياسي بعد أن رأت أن هناك فرصة سانحة ما تراه تهديدًا استراتيجيًا متصاعدًا، لكنها في الوقت نفسه، تفتح أبوابًا واسعة أمام تصعيد متبادل وردود إيرانية قد تعيد رسم قواعد الاشتباك في المنطقة.
فهل تحقق هذه الضربات هدفها المعلن في إجهاض البرنامج النووي الإيراني أم أن ذلك الهدف يظل بعيد المنال؟ وهل ستجبر الضربة طهران على التراجع أم تشخذ إرادتها لتخطي العتبة النووية؟ وهل ستكون ضربة عسكرية ناجزة تتبعها تهدئة أم أنها ستدخل المنطقة في طور الجديد من التوترات الجيوسياسية والصراعات العسكرية؟
شبكة نووية تحت الأرض
يتوزع البرنامج النووي الإيراني على شبكة واسعة من المنشآت؛ تمتد من قلب البلاد إلى أطرافها، وقد صُمّم العديد منها داخل تحصينات هندسية شديدة مختارة ومشيدة بعناية، وبعضها أنشئ تحت الأرض أو داخل الجبال، بما يجعل استهدافها تحديًا كبيرًا أمام أي عملية عسكرية، خاصة إذا كانت قائمة على الضربات الجوية وحدها.
أولى هذه المواقع هي منشأة نطنز في محافظة أصفهان، التي استهدفتها الغارات الإسرائيلية الأخيرة بصورة رئيسية نظرًا لمكانتها كمركز رئيسي لتخصيب اليورانيوم في إيران. تضم المنشأة قاعات تحت الأرض على عمق يُقدّر بنحو 8 أمتار، محاطة بطبقات من الخرسانة المسلحة والصخور، مما يجعل تدميرها تماما بالذخائر التقليدية مهمة بالغة الصعوبة.
وعلى مدار السنوات الماضية، تعرضت منشآت نطنز لمجموعات من التفجيرات الغامضة، وُصفت بأنها "عمليات تخريبية" استهدفت البنية التحتية النووية الإيرانية، بما دفع طهران إلى اعتماد استراتيجية جديدة تقوم على تعزيز العمق الجغرافي والتحصين الهندسي، من خلال بناء مجمع جديد تحت قمة جبال زاغروس بجوار منشآت نطنز.
وبحسب صور أقمار صناعية التقطت في عام 2022، يقع المجمع الجديد داخل أحد الجبال العالية في المنطقة، على ارتفاع يبلغ نحو 1600 متر فوق مستوى سطح البحر. وتشير التقديرات إلى أن القاعات الرئيسية تُحفر على أعماق تتراوح بين 78 – 145 مترًا تحت القمة، تبعًا لميل الأنفاق واتجاه الحفر، بما يمنح المنشأة طبقة حماية طبيعية كثيفة تُصعّب استهدافها حتى بأعتى الذخائر الخارقة للتحصينات.
أما المنشأة الثانية، في فوردو، الواقعة على بُعد نحو 90 كيلومتر جنوب غربي طهران، فتضم معظم أجهزة الطرد المركزي. ورغم أنها أصغر من نطنز من حيث الحجم، فإنها أشد تحصينًا، إذ تقع، وفق ما يتوفر من معلومات، داخل نفق محفور في جبل على عمق يُقدّر بين 80 – 90 مترًا، وهو عمق يفوق قدرة الذخائر التقليدية على الوصول إليها، ولا يمكن تدميرها إلا باستخدام قنابل خارقة ثقيلة لا تتوفر لدى إسرائيل.
وفي آراك، جنوب غرب طهران، يقع مفاعل الماء الثقيل، وهو أحد المسارات البديلة لصناعة السلاح النووي من خلال إنتاج البلوتونيوم وليس تخصيب اليورانيوم، إلى جانب وظيفته التقنية في تبريد المفاعلات النووية. وقد أكدت وسائل إعلام رسمية إيرانية أن الموقع كان ضمن الأهداف التي طالها الهجوم الإسرائيلي الأخير، دون توفّر معلومات دقيقة حتى الآن حول حجم الأضرار.
أما منشأة أصفهان، (التي استهدفتها موجة تالية من الهجمات الجوية الإسرائيلية بعد ظهر الجمعة)، فتمثل حلقة حاسمة في دورة الوقود النووي، حيث يُحوّل فيها اليورانيوم الخام إلى غاز (سادس فلوريد اليورانيوم) يستخدم في التخصيب. وبحكم موقعها فوق الأرض، تُعد منشأة أصفهان هدفًا مكشوفًا وسهل الاستهداف نسبيًا، بما قد يتسبب في تعطيل إمدادات الغاز المغذّي لأجهزة الطرد المركزي، حتى وإن حاولت إيران تعويض الخسارة من خلال منشآت بديلة صغيرة وسرية.
إلى جانب هذه المنشآت، تضم الخارطة النووية الإيرانية مواقع أخرى، مثل مجمع بارشين العسكري، الذي يُعتقد أنه شهد تجارب تفجيرية تتصل بتصميم الرؤوس النووية، ومفاعل طهران البحثي المستخدم في إنتاج النظائر المشعة لأغراض طبية. أما مناجم اليورانيوم ومنشآت المعالجة، فرغم دورها في بداية سلسلة التوريد، إلا أن أثر استهدافها يبقى محدودًا على المدى القريب، في ما يتعلق بقدرة إيران على إنتاج سلاح نووي.
في الوقت ذاته، تمتلك إيران مخزونًا كبيرًا من المواد الأولية لليورانيوم، التي يمكن تخصيبها إلى درجة الاستخدام العسكري. وبينما تعتقد إسرائيل والولايات المتحدة أنهما على دراية بجميع مواقع أجهزة الطرد المركزي العاملة، تشير تقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن إيران ربما تمتلك عددًا إضافيًا من أجهزة الطرد المركزي التي لا يُعرف مكانها. ورغم أنها قد لا تكون مدمجة حاليًا في منظومة تشغيلية، إلا أنه يمكن توظيفها بسرعة، إلى جانب قدرة طهران على إنتاج المزيد منها.
الضربات المنفردة لن تكفي
هذا التوزيع الأفقي والعمودي لمنشآت إيران النووية (عبر الانتشار الجغرافي والتحصين الهندسي العميق)، يفرض على أي خطة عسكرية تهدف إلى إلحاق ضرر مدمر بهذه المنظومة ضرورة تنفيذ ضربات متزامنة ودقيقة وعلى نطاق واسع. ومع ذلك، تظل منشآت مثل فوردو والمجمع الجبلي الجديد قرب نطنز خارج نطاق التدمير الفعّال بالذخائر التقليدية مما يضع قيودًا استراتيجية صارمة على أي خيار عسكري منفرد.
وتتزايد هذه الصعوبة بفعل طبيعة المواد التي تغلف المنشآت المستهدفة. فالقنابل التي تخترق بسهولة عشرات الأمتار من التربة أو الرمل المضغوط، قد تعجز عن تجاوز بضعة أمتار من الخرسانة العادية، وتقل فاعليتها أكثر أمام الخرسانة المسلحة عالية الكثافة أو المدعّمة بالفولاذ. وتشير التقديرات إلى أن معظم المنشآت الإيرانية محمية بطبقات متراكبة من الخرسانة، والصخور الصلبة، والتربة المضغوطة، وربما مواد مُصممة خصيصًا لإعاقة الأسلحة الخارقة.
على سبيل المثال، تحتاج منشأة نطنز، رغم عمقها المتوسط نسبيًا (نحو 8 أمتار)، إلى ضربات دقيقة ومتكررة في نفس النقطة لاختراق الغطاء الدفاعي وتفجير الرأس الحربي داخل المنشأة، وذلك باستخدام ذخائر مثل "جي بي يو-28" (GBU-28)، التي لا تتجاوز قدرتها على الاختراق 6 أمتار، وهي الأقوى ضمن ترسانة سلاح الجو الإسرائيلي، ولا يضمن ذلك إصابة المنشأة بأضرار كاملة. أما الذخائر الأعلى فاعلية، مثل "جي بي يو 57" (GBU-57) الأميركية، فهي غير متوفرة لإسرائيل وتتطلب إطلاقها من قاذفات بي-2 الشبحية، التي لا تمتلكها أيضًا.
يتسق هذا القيد التقني مع ما أشار إليه الخبراء حول محدودية تأثير الضربة الإسرائيلية الأخيرة على منشآت إيران النووية. إذ يؤكد ديفيد أولبرايت، الخبير النووي في معهد العلوم والأمن الدولي، على أن الضرر الذي لحق منشأة نطنز سطحي، وأنه لا يوجد دليل على تدمير الموقع تحت الأرض.
وحتى في حالة تعطل منشأة نطنز، يظل لدى إيران خيار نقل الوقود إلى منشأة التخصيب الأصغر في فوردو، حيث يتطلب الأمر لاختراقها تدخلا أميركيا مباشرا عبر قنابل "جي بي يو 57" الخارقة للتحصينات، مع تنفيذ ضربات متتالية على نقطة واحدة بدقة عالية. ومع ذلك، يظل اختراق هذه المنشآت غير مضمون، بسبب تعقيد تصميمها الداخلي والتحصينات الطبقية العميقة التي تحيط بها.
ورغم أن الذخائر الأقل قدرة على الاختراق قد تُستخدم لتعطيل مداخل الأنفاق أو شلّ مسارات الإمداد، فإن غياب حملة جوية طويلة الأمد تضمن ضربات متابعة، يمنح إيران فرصة لإصلاح الأضرار واستعادة تشغيل المنشآت بسرعة. فضلا عن ذلك، راكمت إيران معرفة تقنية وعلمية واسعة في مجالات تخصيب اليورانيوم وتطوير تقنيات البرنامج النووي. وحتى في حال تدمير المنشآت المادية، فإن الخبرة البشرية والمعرفة المتخصصة لا يمكن
القضاء عليها بالقصف الجوي. وهذا ما يجعل البرنامج الإيراني قابلًا لإعادة البناء، سواء في مواقع جديدة أو عبر أساليب مختلفة، اعتمادًا على البنية المعرفية المتراكمة (رغم أن استهداف إسرائيل للعلماء النووين البارزين ريما يعطل نسبيا هذه الجهود).
المعرفة لا يمكن تدميرها بالقنابل
تفسر هذه العوامل الجدل القائم حول إمكانية "تدمير البرنامج النووي الإيراني"، فالمسألة لا تقتصر على تنفيذ ضربات جوية لمواقع محددة، بل تتعلق بقدرة أي هجوم على إنهاء البنية التحتية النووية، والكوادر العلمية، فضلا عن النية والإرادة السياسية التي تحرك البرنامج.
ورغم أن إسرائيل نجحت تاريخيا في تطبيق ما يُعرف باسم "مبدأ بيغن"، القائم على منع أي خصم إقليمي من امتلاك سلاح نووي، كما في قصفها مفاعل تموز 1 العراقي عام 1981، ثم موقع الكبر النووي السوري عام 2007، فإن الحال مع إيران يظل مغايرا تماما.
فبينما كانت الأهداف في العراق وسوريا فردية، مكشوفة نسبيًا، وفي مراحل مبكرة من البناء، يتميز البرنامج الإيراني باتساع جغرافي، واعتماد محلّي كامل، وتحصينات هندسية معقّدة. كما أن طهران قطعت شوطًا بعيدًا في تطوير قدراتها، بما ينعكس على تراكم المعرفة والخبرة البشرية. وكل ذلك يجعل تكرار السيناريوهات السابقة أمرًا غير واقعي، ولا يمكن تحقيقه بالمنطق العسكري ذاته.
لذلك، فإن الضربات الجوية، مهما بلغت قوتها، لن تحقق "التدمير الكامل"، الذي يعني إزالة المنشآت النووية نهائيا وإنهاء القدرات التقنية والمعرفية، وحرمان إيران من إمكانية إعادة البناء. فطالما بقيت الكوادر العلمية والإرادة السياسية في طهران، تبقى إمكانية استئناف البرنامج قائمة، لأن المعرفة لا يمكن تدميرها بالقنابل.
يدفع ذلك إسرائيل إلى الرهان على عرقلة الجهود عبر قتل علماء إيرانيين بارزين، مثلما فعلت في بداية الهجوم الحالي، لكن هذا المسار لن يتمكن بمفرده من إنهاء تراكم المعرفة الذي حققته طهران عبر عقود طويلة خاصة في ظل مأسسة المشاريع النووية التي قامت بها إيران، وعدم اعتمادها على فرد أو 2 أو ثلاثة. ووفق ذلك، يرجح محللون أن أقصى ما تطمح إليه إسرائيل، هو توجيه ضربة تعطيلية تؤخر مسار البرنامج لعدة سنوات، على أمل أن تتيح هذه المهلة ظهور فرص سياسية أو دبلوماسية تمنع استئنافه.
ومع إدراك صانع القرار الإسرائيلي لهذه الحدود، يبدو أن السقف الواقعي للعمل العسكري هو "الإعاقة المؤقتة"، وليس التدمير الكامل. وحتى هذا الهدف المحدود يتطلب جهدًا عسكريًا كثيفًا ودعمًا أميركيًا مباشرًا، خاصة في مواجهة منشآت شديدة التحصين مثل فوردو والمجمعات الجبلية الجديدة.
وما لم تتدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر، وهو ما يبدو أن إسرائيل تعوّل عليه إذا ما تصاعدت وتيرة القصف المتبادل، سوف يظل هدف الضربة الأساسي هو توقيع أكبر قدر ممكن من الضغط السياسي لدفع طهران للقبول بالشروط الأميركية (والإسرائيلية) جنبا إلى جنب مع زيادة الضغوط الداخلية على النظام الإيراني، على أمل أن تحولا داخليا في بنية النظام يمكن أن يحقق ما لا تستطيع تحقيقه الطائرات والقنابل.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فايننشال تايمز: هذا هو "الجبل النووي" الذي يؤرق إسرائيل
فايننشال تايمز: هذا هو "الجبل النووي" الذي يؤرق إسرائيل

ليبانون ديبايت

timeمنذ 44 دقائق

  • ليبانون ديبايت

فايننشال تايمز: هذا هو "الجبل النووي" الذي يؤرق إسرائيل

وصفت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية منشأة "فوردو" النووية الإيرانية بأنها تمثل كابوسًا يؤرق المخططين العسكريين في إسرائيل، مشيرة إلى أنها منشأة مدفونة بعمق نصف كيلومتر داخل جبل جنوب مدينة قم، وتتمتع بتحصينات هائلة تشمل حراسة مشددة ومنظومات دفاع جوي متقدمة. تعتبر "فوردو" نموذجًا بارزًا لسعي إيران إلى حماية برنامجها النووي من أي هجوم محتمل، إذ صُممت لتقاوم الضربات المباشرة وتحافظ على سلامة أجهزة الطرد المركزي واليورانيوم عالي التخصيب، وهما من المكونات الأساسية لتصنيع الأسلحة النووية. ووفقًا لبهنام بن طالبلو، الباحث في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" الأميركية، فإن فوردو تُعد الركيزة الأهم في البرنامج النووي الإيراني، إذ قال: "هي مبتدأ كل شيء ومنتهاه في العملية النووية الإيرانية". وكانت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية قد أعلنت أن المنشأة تعرّضت لهجوم مؤخرًا، لكن الأضرار التي لحقت بها وُصفت بالمحدودة. في المقابل، نقلت الصحيفة عن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، تأكيده أن إسرائيل نجحت في تدمير منشأة نطنز فوق الأرض، وهي الأكبر من حيث القدرة التجريبية على تخصيب اليورانيوم. وأشارت تحليلات صور الأقمار الصناعية إلى أن نطنز فقدت فعاليتها بعد تدمير مصادر الطاقة التي تغذي قاعات الطرد المركزي فيها. الخبير في الشأن الإيراني بمعهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، داني سيترينوفيتش، أكد أن فوردو "شديدة التحصين وتقبع في عمق الجبل"، مشيرًا إلى أن إسرائيل لن تتمكن من تدميرها من دون مساعدة أميركية. واعتبر أنها قد تكون "الهدف الأصعب وربما الأخير" في الحملة العسكرية الإسرائيلية، لكونها القاعدة النووية الوحيدة تحت الأرض التي استُهدفت مباشرة حتى الآن. ورغم أن إيران تنفي سعيها لامتلاك سلاح نووي، فإن الصحيفة تشير إلى تقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تفيد بأن طهران تمتلك حوالي 408 كيلوغرامات من اليورانيوم عالي التخصيب، وهي كمية تكفي لصناعة تسع قنابل نووية خلال ثلاثة أسابيع فقط. تتفوق فوردو على منشأة نطنز من حيث التحصين الجيولوجي، ما يجعلها منيعة ضد أي هجوم جوي تقليدي، وقد تكون حتى محصنة ضد القنبلة الأميركية الخارقة للتحصينات من طراز GBU-57، القادرة على اختراق 60 مترًا من الخرسانة. وتحذر الصحيفة من أن عجز إسرائيل عن تدمير فوردو قد يدفع إيران إلى الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، الأمر الذي من شأنه أن يُنهي التعاون مع الوكالة الذرية ويمهّد للانتقال إلى مرحلة تصنيع القنبلة. وتكشف الصحيفة أيضًا عن منشأة إيرانية أكثر تحصينًا تُعرف باسم "بيكآكس"، تقع جنوب نطنز، وتضم أربعة أنفاق ومدخلًا يصعب تدميره بالقصف، فضلًا عن قاعات واسعة تحت الأرض يُعتقد أنها صُممت لتجميع سلاح نووي أثناء هجوم محتمل. وتختم الصحيفة بالإشارة إلى أن إيران تمنع حاليًا مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من دخول موقع "بيكآكس"، ما يزيد من الشكوك بشأن نواياها النووية.

شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – إسرائيل أولى ضحايا الشرق الأوسط الجديد؟
شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – إسرائيل أولى ضحايا الشرق الأوسط الجديد؟

الشرق الجزائرية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الجزائرية

شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – إسرائيل أولى ضحايا الشرق الأوسط الجديد؟

منذ نحو ثلاث سنوات لم يتوقف بنيامين نتنياهو عن الكلام على أنه يعمل لإسقاط النظام الإقليمي الحالي ليُقام على أنقاضه الشرق الأوسط الجديد. وليس جديداً أن الكيان الصهيوني هو الوليد (غير الشرعي) لهذا الشرق الذي يريد استبداله. وبالتالي فإن منطق التطور وحتمية التاريخ يفرضان أن تكون الدولة العبرية أولى الضحايا… في أي حال الأمور مرهونة بأوقاتها، وربما يدفع غرور نتنياهو وعنجهيته الى تسريع حركة التاريخ. ومن السابق لأوانه البناء الحاسم على الأيام الثلاثة الماضية على الحرب العدوانية التي تشنها إسرائيل على إيران، وأي تقويم واستقراء النتائج، منذ اليوم، قد لا يخلوان من التسرع. والواقع أن هذه الحرب لا تزال محصورة بين طرفَين، بالرغم من الدعم الأميركي (المعلوم والمفهوم) للإسرائيلي، وإن كان بعض المراقبين يذهب الى حد الزعم أن الرئيس دونالد ترامب ضاق ذرعاً بنتنياهو ويريد التخلص منه بأي ثمن، وأن هذا الأخير يدرك هذه الحقيقة لذلك يريد أن يورط الأميركي فيستجره الى الإنخراط العملاني في المواجهة، وليس فقط بتبادل المعلومات وتصحيح الإحداثيات العسكرية ناهيك بالسلاح على أنواعه من أصغر قذيفة الى القنبلة الذكية… إنما كذلك بمشاركة جنود وضباط أميركيين في القتال(…). وفي تقديرٍ آخر أن تكرار واشنطن نفيها المشاركة في الحرب هو مؤشر على أن البيت الأبيض لا يرغب بنصر إسرائيلي لا سيما أنه لا يستسيغ أن يرى نتنياهو يتزعم الشرق الأوسط الجديد. وليس من باب المصادفة أن البلدان العربية كافة، بما فيها تلك التي لا ودّ بينها وبين طهران، بادرت بالإجماع الى التنديد بالحرب التي شنها نتنياهو على إيران وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أول من أسماها بالعدوان، وأول المتصلين بالقيادة الإيرانية مستنكراً المغامرة النتنياهية. والملاحظ أن روسيا والصين وتركيا والكثير من الدول الأخرى اتخذت مواقفَ تشبه الإجماع العربي، إلّا أن الباكستان راحت أبعد مدىً في الاستنكار، بقوة الموقف الذي اتخذته. وأما على الصعيد الميداني فقد أثبت الإيراني أنه قادر على مواجهة كبيرة، وأن مزاعم نتنياهو، قبل أشهرٍ، أنه قضى على قدرات طهران الصاروخية كانت كذباً فاقعاً، بدليل وقائع ليل السبت – الأحد، الذي شهد مواجهة حوّل فيها الإيراني أجواء وأراضي الاحتلال، كلها، الى جحيم… ويبقى السؤال المركزي: هل ينجح نتنياهو في توريط ترامب في هذه الحرب بشكل أكبر؟ وفي حال حدث الاستدراج يقول الصحافي الشهير جايمس رونديل مراسل رويترز للشؤون الديبلوماسية: «اذا أصبحت واشنطن طرفاً نشطاً في القتال فسيُعدّ ذلك تصعيداً هائلاً قد تكون له تبعات طويلة الأمد ومدمّرة»!.

ترامب لخامنئي: بيبي مجنون.. بانتظار مكالمتكم؟
ترامب لخامنئي: بيبي مجنون.. بانتظار مكالمتكم؟

الشرق الجزائرية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الجزائرية

ترامب لخامنئي: بيبي مجنون.. بانتظار مكالمتكم؟

«أساس ميديا» يرجّح الكاتب والمحلّل السياسي الأميركي توماس فريدمان أن يغيّر الهجوم الإسرائيلي الشامل على البنية التحتيّة النووية الإيرانية قواعد اللعبة، على غرار الحروب المحوريّة التي أعادت تشكيل الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الثانية، والمعروفة بتواريخها فقط: 1956، 1967، 1973، 1982، 2023، والآن 2025. يدرك فريدمان أنّ من المبكر التنبّؤ بكيفية تغيير نظام الدول في الشرق الأوسط بفعل الصراع الإسرائيلي الإيراني عام 2025، وأنّ النتائج المحتملة متعدّدة، ومنها 3 احتمالات: الاحتمال المتطرّف الأكثر ملاءمة: أن يؤدّي الأمر إلى سلسلة من تأثيرات الدومينو التي تؤدّي إلى الإطاحة بالنظام الإيراني واستبداله بنظام أقرب إلى النظام العلماني والتوافقي. الاحتمال المتطرّف الأكثر سلبيّة: أي أن يشعل النار في المنطقة بأكملها ويجرّ الولايات المتّحدة إلى الصراع. الاحتمال الوسطيّ بين هذين النقيضين، وهو حلّ تفاوضيّ، لكن ليس لفترة طويلة، إذ قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب للإيرانيين: 'ما زلت مستعدّاً للتفاوض على نهاية سلميّة لبرنامجكم النووي، وقد ترغبون في الذهاب إلى هناك بسرعة لأنّ صديقي 'بيبي' مجنون. أنا في انتظار مكالمتكم'. القتال سيتواصل وفقاً لفريدمان ستحدّد متغيّرات رئيسية النتيجة الأكثر ترجيحاً: إنّ ما يجعل هذا الصراع الإيراني – الإسرائيلي عميقاً إلى هذا الحدّ هو تعهّد إسرائيل بمواصلة القتال هذه المرّة حتّى تقضي على قدرة إيران على صنع الأسلحة النووية بطريقة أو بأخرى. وقد تسبّبت إيران بهذا الوضع من خلال تسريع تخصيب اليورانيوم وإخفاء هذه الجهود بقوّة. استهدفت إسرائيل البرنامج النووي الإيراني مرات عدّة على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، لكن في كلّ مرّة كانت تنسحب في اللحظة الأخيرة تحت ضغط من الولايات المتّحدة. ولهذا السبب من المستحيل المبالغة في ما يحدث اليوم. السؤال التقني الكبير اليوم هو هل قصف إسرائيل لمنشآت التخصيب النووي الإيرانية، مثل نطنز، المدفونة في أعماق الأرض، قد أحدث صدمة ارتجاجية كافية لأجهزة الطرد المركزي المستخدمة في تخصيب اليورانيوم، وتجاوزت ممتصّات الصدمات لتعطيلها مؤقّتاً على الأقلّ؟ إذا نجحت إسرائيل في إلحاق ضرر كافٍ بمشروع إيران النووي لإجبارها على وقف التخصيب مؤقّتاً على الأقلّ، فسيكون ذلك بالتأكيد مكسباً عسكريّاً كبيراً لإسرائيل، وهو ما يبرّر العمليّة. التّأثير على نفوذ إيران الإقليميّ التأثير الذي قد يُحدثه هذا الصراع على المنطقة، وخاصّةً على نفوذ إيران الخبيث الطويل الأمد في العراق ولبنان وسوريا واليمن، حيث رعت طهران وسلّحت ميليشيات محلّية للسيطرة غير المباشرة على تلك البلدان وضمان عدم توجّهها نحو حكومات توافقية موالية للغرب. إنّ تحرير هذه الأنظمة من قبضة إيران، الذي بدأ بقرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قطع رأس ميليشيا 'الحزب' الإيرانية وشلّ حركتها، قد أتى ثماره بالفعل في لبنان وسوريا، حيث تولّى قادة جدد، تعدّديّون، السلطة. ولكن من المؤسف أنّ هذين البلدين ما يزالان هشّين، إلّا أنّ لديهما الآن أملاً لم يكن موجوداً من قبل. نتنياهو بارع استراتيجيّاً حين يكون لاعباً إقليمياً، وليس كذلك وهو لاعب محلّي تجاه الفلسطينيين. ذلك لأنّه وهو لاعب إقليمي يكون عقله في الغالب متحرّراً من القيود الأيديولوجيّة والسياسية. لكن حين يكون لاعباً محلّياً في غزّة لا تهيمن على قراراته احتياجاته السياسية للبقاء فقط، بل أيضاً التزامه الأيديولوجي لمنع قيام دولة فلسطينية تحت أيّ ظرف من الظروف، واعتماده على اليمين المتطرّف في إسرائيل للبقاء في السلطة. ولذلك أغرق الجيش الإسرائيلي في رمال غزّة المتحرّكة، وهي كارثة أخلاقية واقتصادية واستراتيجية، من دون خطّة للخروج منها. مصير سعر النّفط الأمر الذي يجب مراقبته عن كثب هو إمكان محاولة إيران زعزعة استقرار إدارة ترامب من خلال اتّخاذ إجراءات لرفع أسعار النفط عمداً إلى مستويات قياسية، وإحداث تضخّم في الغرب. على سبيل المثال، قد تُغرق إيران ناقلتَي نفط أو غاز في مضيق هرمز أو تملأه بالألغام البحريّة فتُعيق فعليّاً صادرات النفط والغاز. وهذا الاحتمال بحدّ ذاته يدفع أسعار النفط إلى الارتفاع. خامنئي الهدف المقبل تُعدّ الاستخبارات الإسرائيلية جيّدةً في الاستخبار عن إيران لدرجة أنّها حدّدت مواقع اثنين من كبار قادتها العسكريين وقتلتهما، علاوة على عدد من كبار الضبّاط الآخرين. الموساد ووحدة القيادة السيبرانية 8200 التابعة لوكالة الأمن القومي الإسرائيلية، بارعان جدّاً في عملهما. والعديد من المسؤولين الإيرانيين على استعداد للعمل لإسرائيل نظراً لمدى كرههم لحكومتهم. وهذا يُسهّل على إسرائيل تجنيد عملاء في الحكومة والجيش الإيرانيَّين على أعلى المستويات. بالتأكيد يُدرك المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الذي شهد للتوّ اغتيال اثنين من كبار جنرالاته، رئيس أركان القوّات المسلّحة والقائد العامّ للحرس الثوري، أنّ إسرائيل قادرة على القضاء عليه. لذا يُفترض أنّه يختبئ في مخبأ عميق في مكان ما، وهذا ما يُبطئ صنع القرار. متى تتدخل واشنطن؟ إذا فشلت إسرائيل في مسعاها، أي أصبح النظام الإيراني ضعيفاً لكن بقي قادراً على إعادة بناء قدراته وتطوير سلاح نووي ومحاولة السيطرة على العواصم العربية، فإنّ هذا قد يعني حرب استنزاف بين أقوى جيشين في المنطقة. وهذا سيجعل المنطقة أكثر اضطراباً من أيّ وقت مضى، ويتسبّب في أزمات نفطيّة، وربّما يدفع إيران إلى الانتقام ومهاجمة الأنظمة العربية الموالية لأميركا والقوّات الأميركية في المنطقة، فلا يعود أمام إدارة ترامب أيّ خيار سوى التدخّل، ربّما ليس بهدف إنهاء هذه الحرب فحسب، بل أيضاً للإطاحة بالنظام الإيراني. ومن يدري ماذا سيحدث. أخيراً، وعلى عكس غزّة، بذلت إسرائيل قصارى جهدها لتجنّب قتل أعداد كبيرة من المواطنين الإيرانيين، لأنّها في نهاية المطاف تريد منهم أن يصبّوا غضبهم على نظامهم لإهداره الكثير من الموارد في بناء سلاح نووي، وليس على إسرائيل. ولا شكّ أنّ هذا النظام غير شعبي، ولا يمكن التنبّؤ بما قد يحدث الآن بعدما أذلّته إسرائيل عسكريّاً. يخلص فريدمان إلى القول: بالنظر إلى المستقبل، فإنّ أهمّ درسين يمكن استخلاصهما من التاريخ هما: أنظمة مثل إيران تبدو قويّة حتّى تفقد قوّتها، ولذا يمكنها الانهيار بسرعة. وفي الشرق الأوسط، ليس نقيض الاستبداد بالضرورة الديمقراطية. بل يمكن أن يكون أيضاً اضطراباً طويل الأمد. لذا حذارِ من سقوط الركائز.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store