
«أوديسة لغزّة»... سياقات ثقافية وتاريخيّة
صدرت عن «الآن ناشرون وموزّعون» في الأردن (2025)، مجموعة شِعرية جديدة للشاعر الفلسطيني المتوكل طه، ضمّت إحدى عشرة قصيدة عن غزّة، وجاءت في مائة وخمسين صفحة من القطع المتوسط. وهي الإصدار رقم ستّين للكاتب. وفي تناوله لهذه المجموعة كتب الدكتور الشاعر راشد عيسى قائلاً: «نحن أمام ملحمة شعرية أو فيلم سينمائي طويل أو مسرحية كونية في صورة مرايا تاريخية وواقعية وأسطورية ودينية مرعبة الرؤى كيوم القيامة. قصيدة من نوع الكثافة المشهدية في الأوديسة الهوميروسية. فإذا كان أوديسيوس البطل الاستثنائي يعرض مغامراته بعظمة العجائب والمستحيلات بعد حرب طروادة، فإن المتوكل هنا يقوم بدور البطولة الشعرية الخارقة بعد حرب غزة. فالقصيدة شجاعة في استدعاء الشواهد الإغريقية والرموز الخاصة بالمعتدي السارق مثل يوشع كنوع من تحدي الضحية للجلاد، والسنبلة للمنجل، وحبّة الرمل للجبل، وصرخة الطفل في القاتل وفي الجدار المهدوم عليه. هذا نصٌّ يتفوّق على التاريخ الأسود للحقد الاستعماري والديني واستلاب تاريخ الشعوب بالمزاعم الكاذبة المخادعة وبجرائم الإبادة الجماعية لكل معنى من معاني الحياة. هنا غزة بطلة كونية جديدة تثبت تفوّقها على إرادة السارق القاتل المجنون الواهم بقدرته على محو التاريخ الكنعاني الخالد. في القصيدة دسم هائل من لقطات العبثية المجنونة التي تقابلها قوى غزية أعظم صبراً ومقاومة وعزيمة لا يمكن أن تنال منها نوايا المراحل السوداء عند العابرين الطغاة. الشاعر هنا يحترم طبيعة الشعر فينأى عن المباشرة والخطابية، ويتلاحم ببلاغة الإيماء والتلميح وذكاء الكناية والتورية وعبقرية الإيحاء الاستعاري الساخن في مراميه الدلالية شديدة الإيلام، حتى لكأن القصيدة تتحدى وقائع الحرب ومقاصدها بانتصار الحلم المقدس عند الضحايا. فالانتصار المكاني مؤقت في حين أن انتصار الفكرة والحلم ديمومة كونية لا تقبل الهزيمة. في القصيدة مسرات كثيرة، أولها أن مثل هذا الشعر هو وثيقة إنسانية جمالية تؤكد تفوق الحضارة الثقافية الغزية تحديداً على مزاعم المحتل الخائف أمام جبروت الحق العادل. وثانية المسرات هي غنى الملحمة بفن استدعاء التاريخ لإدانة الواقع المعيش. في مثل هذه القصائد ينحني فؤاد العالم احتراماً لجماليات الألم الفلسطيني الذي يوثّق مسار وجوده بأهم الفنون الإنسانية جميعاً وهو الشِعر».
أما الدكتورة الشاعرة دعاء وصفي بياتنة، فقد أشارت إلى أن «فلسفة الشّكل التّعبيري في القصيدة جعلت تجسيد الواقع المضطرب الذي شهدته غزّة يتجلّى في جماليات التفكك باللوحات والمشاهد والتضاد والمفارقة؛ إذ يسير المتوكل طه في قلب الحدث الشعري سارداً ومؤرخاً ومثقفاً وموظفاً التقنيات السردية التي تصور دواخل الشخصيات؛ الأمر الذي منح القصيدة بُعداً جماليّاً ينسجم مع حركة الواقع. وتنفتح القصيدة على سياقات ثقافية وتاريخيّة تشكّل مقاربة معرفيّة في الرؤية الشعرية.
(أدويسة لغزة) لا بطل فيها بالصورة النمطية، إنّها بطولة الحياة رغم الموت، وارتفاع الرفض رغم الصمت، وانتصار التجذّر رغم أنف الآخر».
وكان المتوكل قد أصدر قبل شهور، كتابين آخرين عن غزة ما بعد السابع من أكتوبر؛الأول«توقيعات على جدران غزة» وقد صدر عن اتحاد الكُتّاب الفلسطينيين، كما صدرت طبعة ثانية منه في القاهرة عن «سلسلة الإبداع العربي». أما الكتاب الثاني، فكان رواية «أخبار نصف جيدة» التي صدرت عن «دار طباق» في فلسطين، وهي بانوراما عن أحداث العدوان على القطاع الصابر الصامد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
كوميديان يبكي وجمهور يضحك
النجم كذَّب «البوست» المنسوب إليه، الذي كان يشكو فيه البطالة ويستجدي العمل، وتدخلت نقابة الممثلين، وقررت إجراء التحقيق لمعرفة من الذي أطلق الشائعة. الغريب أن أغلب من قرأها صدقها، فهي حكاية متكررة، تابعناها طوال تاريخ الفن، كما أن النجم نفسه بطل الحكاية، تنطبق عليه المواصفات، بعد أن صار في السنوات الأخيرة خارج الخريطة. بين الحين والآخر، تعيد شركات الإنتاج «تفنيط كوتشينة النجوم»، عندما يصعد اسم جديد ويدخل الحلبة، تأكد أن الوجه الآخر للصورة، استبعاد نجم آخر عن الصدارة. تستطيع أن ترصد ذلك بوضوح في الكوميديا، مثلاً اقتراب أسهم فؤاد المهندس من الجمهور، في الستينات، أدى إلى ترا جع مكانة إسماعيل ياسين، وودَّع الحياة وهو يتجرع مرارة الهزيمة، وتكرر الأمر بعد عشر سنوات مع جيل عادل إمام عندما صعدوا مع «مدرسة المشاغبين» فصاروا هم عنوان الضحك في العالم العربي، واحتل عادل إمام مقعد الزعيم، وتوارى الآخرون. في السنوات الأخيرة زادت شكوى الفنانين، وكثيراً ما شاهدنا مسؤولاً كبيراً، في لقطة تجمعه بفنان، وهو يوقّع معه عقداً لعمل فني قادم، كان في الماضي نجماً له «شنة ورنة» وجمهور ينتظره، ثم وكالعادة دارت الأيام عليه، وصار يستجدي، هل من الممكن أن نتحدى قانون الزمن؟ أسلحة البقاء داخل الإنسان، تصل للذروة في لحظات الخطر، وأفول النجومية مثل أي مرض تسبقه أعراض، كلما تمكن النجم من التقاطها مبكراً نجح في التعافي السريع، بينما لو غض الطرف، أو لجأ لسلاح الإنكار، تفاقمت مع الأيام الأزمة، وصارت المواجهة مستحيلة. ذكاء النجم يمنحه قدرة على التخلص السريع من تلك الإرهاصات، وإحالتها من سلاح قاتل إلى بلسم شاف. عادل إمام مثلاً في عام 1997 تعرَّض لضربة رقمية مباغتة، عندما حقق فيلم «إسماعيلية رايح جاي» في دور العرض، ضعف ما كانت تحققه أفلام عادل إمام، وشركات الإنتاج وقتها توجهت صوب محمد هنيدي، رغم أن ترتيبه حل رابعاً على «أفيش» و«تترات» الفيلم بعد محمد فؤاد وحنان ترك وخالد النبوي، الكل تأكد أن هنيدي هو نجم الكوميديا القادم بقوة، وأن أرقام الشباك تحسب له، بعد نحو عام، تأكد الأمر عندما حقق هنيدي بفيلم «صعيدي في الجامعة الأميركية»، أربعة أضعاف ما كان يحققه عادل. أدرك عادل أن «شفرة» الضحك تغيرت، وأن هناك جمهوراً جديداً في العشرينات من عمرهم، اندفعوا لشباك التذاكر، على الفور بدأ في تغيير البوصلة، وتوجه للعمل مع عدد من الشباب الموهوب، وبالفعل عاد عادل إمام مجدداً لصدارة المشهد. يحمي عقل الفنان اليقظ موهبته، عليه دائماً إدراك التغييرات الاجتماعية، والتقاطها ليحيلها مادةً درامية يتكئ عليها. ما اعتدنا أن نطلق عليهم جيل «الروشنة»، جاءوا للدنيا بمواصفات أخرى، ومفردات جديدة على مستوى التخاطب، لهم قاموسهم المختلف، لا تستطيع أن تطلب منهم الالتزام بقاموسك القديم، الفنان إذا أراد الاستمرار، عليه أن يهضم التعبير الجديد، لغة الجسد تتغير من حقبة إلى أخرى، والفنان الذكي قادر على التقاط كل تلك المؤشرات. وعلى رغم إنكار كل الأطراف واقعة شكوى نجم الكوميديا، فإنني أرى أنها تحمل درساً ينبغي استيعابه، تستطيع تلخيصه في متابعة «أبجدية» التخاطب الاجتماعي، بمجرد أن تتغير عليك أن تتغير أنت أيضاً، وإلا سوف تعيش مشاعر الإحساس بالغربة عن الجمهور.


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
من مكتبة الأدب الشعبيديوان «غلطة عُمُر» للخريجي
ديوان: «غلطة عُمُر» للشاعر الغنائي سعد الخريجي، الذي يُعد من أشهر الشعراء في مجال كتابة الكلمة الغنائية، فقد تغنى الكثير من الفنانين بقصائده الجميلة، وقد صدر هذا الديوان عام 1985م. احتوى الإصدار على عدد كثير من القصائد المتنوعة ما بين الغزلية والوجدانية التي تلامس شغاف القلوب، وكانت عميقة المشاعر، ومؤثرة لما تميزت به من حنين وشوق ووجد ووداع ورحيل. وقد قدّم لهذا الديوان الشاعر الراحل بندر الدوخي ومنها نقتطف قوله: «الخريجي.. هذا الشاب.. المرح.. النقي عرفته زمالة سنوات إذاعية. إنه الوجه المبتسم دائماً بين دفاتر التنسيق القديمة يتنفس الفن.. ويعشق الرحيل وراء الكلمة. تفتح له باب الشِّعر.. فيبحر في جزره الحالمة يلقي عليك أحدث قصائده متداخلة بضحكته المميزة لا يزور مشاعره.. كاليابانيين يحتفظ بخوصيته تحت الجلد والحيوان يبدأ بعنوان غريب (غلطة عُمُر) الإدانة من الغلاف. وما بعد الغلاف تأكيد لهذه الإدانة، الحبّ الساذج هو الحبّ العظيم.. والحبّ العظيم نادر كالعبقرية وقناعة العاشق البري، أن يقطف زهرته من بستان الدنيا حتى لو كانت سامة.. حتى لو كانت مرّة أليس اختياراً؟». ومن قصائد الديوان نختار قصيدة «غلطة عُمُر» التي حملت اسم الديوان، تجلى فيها الإبداع، وحضر الجمال: ابتعد خل الشقا لي والسهر وافرح بدنياك يالغصن الرطيب خلني ابكي على غلطة عُمُر غلطةٍ خلّت شعر راسي يشيب لك سواةٍ ما يسويها بشر ما يسويها حبيبٍ مع حبيب الكوي لا بد يبقى له أثر وكل جرحٍ بالزمن يمكن يطيب لا تجيب اعذار يكفي ما ظهر يكفي اللي شفت من وقتٍ قريب في الهوى صابر ومليت القهر الليالي علّمت قلبٍ عطيب شايلٍ جرحي على طول الدهر صار معشوقي ولا غير صحيب يضحكون الناس يا كود الخبر من يلوم الناس في شيٍ غريب يعلم الله شوق نفسي لك بحر وصورتك في خاطري عيّت تغيب رح بامان الله لا ترد النظر كل شيٍ يالغضي قسمة ونصيب واعذابي من تصاريف القدر صايبٍ حظك وحظي ما يصيب عايشٍ لاجلك على حلمٍ خضر ما حسبت ليوم ظني بك يخيب


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
بطاقة معايدةجمهور الذهب استثنائي والأعلى حضوراً
لم يكن موسم نادي الاتحاد هذا العام عادياً ليس فقط من حيث البطولات التي حصدها الفريق، بل من حيث الحضور الجماهيري الذي رسم لوحةً من العشق والولاء أثبت فيها جمهور الاتحاد أنه الرقم الصعب واللاعب رقم 12 الحقيقي بل الأهم في مشوار ثنائية الموسم الدوري والكأس، وحقق الجمهور الاتحادي هذا الموسم المركز الأول بـ 594326 مشجعا في صدارة قائمة أعلى حضور جماهيري في دوري روشن السعودي بأرقام قياسية سواء في ملعب الإنماء أو حتى في ملاعب الخصوم، ومنذ انطلاق الموسم كان واضحاً أن جماهير العميد عازمة على أن تكون حاضرة في كل لحظة مع الفريق، وداعمة له ومؤمنة بقدرة فريقها على العودة للمنصات، وقد فعلت أكثر من ذلك، ما ميّز هذا الجمهور هذا العام ليس فقط العدد بل الروح والحماس والانتماء الحقيقي فالجماهير لم تكن فقط تملأ المدرجات بل كانت تُشعل الحماس بالأهازيج والتيفوهات المميزة التي كانت حديث العالم، وتبعث في اللاعبين العزيمة طوال التسعين دقيقة وفي كل مباراة كان صوت الجمهور يسبق صوت المعلّق بأهزوجة «يا اتي ما شاء الله» حتى أصبح ملعب الجوهرة معقلا للنمور لا يُهزم فيه بسهولة، وقد برز الدور الكبير للجمهور في أصعب لحظات الموسم حين احتاج اللاعبون للدعم النفسي والمعنوي فوجدوا خلفهم جماهير لا تستسلم ولا تتخلى عنهم، ولم تكن الانتصارات وحدها التي جمعت الجمهور، بل حتى في لحظات التعادل أو الخسار ظلّت الجماهير واثقة من فريقها أنه سيعود لمنصات التتويج وهذا ما حدث فعلًا بتحقيق ثنائية الموسم بطولتي الدوري والكأس، وكان للجمهور الاتحادي بصمة واضحة في مواقع التواصل الاجتماعي بترندات داعمة للفريق، ويخلقون أجواء من التفاعل والتحدي مع المنافسين خارج الملعب، الاتحاد هذا العام لم يكن فريقًا فقط بل كان حالة جماهيرية متكاملة يقودها جمهور يعرف معنى الانتماء والولاء ويؤمن أن الكيان فوق الجميع. وأخيرا.. لا يمكن الحديث عن بطولات الاتحاد هذا الموسم دون ذكر جماهيره التي كانت القلب النابض خلف كل هدف وكل انتصار، لقد أثبت جمهور الاتحاد هذا العام أنه ليس فقط الأعلى حضوراً بل الأعظم تأثيراً.