
هل يخطط ترامب لترحيل مهاجرين وسجناء خطرين من الولايات المتحدة نحو ليبيا؟
ذكر ثلاثة مسؤولين أمريكيين بأن إدارة الرئيس دونالد ترامب سعت قبل أيام إلى ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ضمن حملته الشعواء ضد الهجرة. وأكد اثنان منهما الثلاثاء الماضي أن الجيش الأمريكي قد ينقل المهاجرين جوا إلى ليبيا، مضيفان بأن الخطط قد تتغير. وأضافت نفس المصادر بأنه وعقب عدة ساعات نُقل المهاجرون بحافلات إلى مركز الاحتجاز وقت الظهر.
وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية: "لا نناقش تفاصيل اتصالاتنا الدبلوماسية مع الحكومات الأخرى".
كما تحدثت وسائل إعلام أمريكية، من بينها شبكة "سي إن إن"، عن ترحيل وشيك لمهاجرين من الولايات المتحدة إلى دول بينها ليبيا. وفي أوائل شهر مايو/أيار، ذكرت القناة الأمريكية بأن "إدارة ترامب تناقش مع ليبيا وراوندا إمكانية إرسال مهاجرين لديهم سجلات إجرامية في الولايات المتحدة إلى هذين البلدين، وفقا لأشخاص مطلعين على المناقشات".
نفي ليبي قاطع لأي صفقة مع الجانب الأمريكي
في المقابل، قالت حكومة الوحدة الوطنية التي تتخذ من طرابلس مقرا لها الأربعاء الماضي إنها ترفض استخدام الأراضي الليبية "كمقصد لترحيل المهاجرين دون علمها أو موافقتها وتتمسك بحقها في حماية السيادة الوطنية". مضيفة أنه لا يوجد تنسيق مع الولايات المتحدة بشأن استقبال مهاجرين.
وأكد رئيسها عبد الحميد الدبيبة في حسابه على منصة إكس أن بلاده "ترفض أن تكون وجهة للمهاجرين المطرودين مهما كانت الحجة"، وبأن "أي اتفاق يبرم بين أطراف غير شرعية لا يمثل الدولة الليبية ولا يلزمها سياسيا أو أخلاقيا". مضيفا: "الكرامة الإنسانية والسيادة الوطنية غير قابلة للتفاوض".
في هذا السياق، قال معاذ الشيخ مراسل قناة فرانس24 في ليبيا إن حكومة الوحدة "أعلنت رفضها القاطع لاستخدام الأراضي الليبية كوجهة لترحيل المهاجرين من الولايات المتحدة أو غيرها، نافية بشكل قاطع وجود أي تنسيق أو اتفاق بهذا الخصوص مع السلطات الأمريكية".
وأضاف مراسلنا بأن حكومة الوحدة قالت في بيان إنها "تابعت ما ورد في تقارير إعلامية دولية حول نية واشنطن ترحيل عدد من المهاجرين إلى ليبيا، وأكدت أنها لم تبرم أي تفاهم أو ترتيبات بهذا الشأن، مشيرة إلى أن أي أطراف غير شرعية قد تكون متورطة في تفاهمات من هذا النوع لا تمثل الدولة الليبية، ولا تلزمها قانونيا أو سياسيا، في إشارة إلى القوات في شرق البلاد".
بدوره، رفض الجيش الوطني الليبي الذي يقوده خليفة حفتر ويتخذ من شرق البلاد مقرا له، في بيان، فكرة استقبال ليبيا لمهاجرين مرحلين من الولايات المتحدة، وقال إن ذلك "يمس سيادة الوطن التي لا يمكن المساومة فيها أو قبول المساس بها".
يضيف معاذ أن الحكومة المكلفة من مجلس النواب في الشرق الليبي أكدت "رفضها هي الأخرى استقبال أي مهاجرين مرحلين، مشددة على أن ليبيا تعاني أساسا من تحديات داخلية كبيرة تجعلها غير قادرة على تحمل مزيد من الأعباء المرتبطة بالهجرة غير النظامية".
"من الذي وقع على الصفقة؟"
وسط تضارب للأنباء ونفي ليبي، تساءل ساشا أبرامسكي مراسل " ذا نايشن The Nation" وهي من أقدم المجلات الأسبوعية الأمريكية ومقرها نيويورك وكانت سباقة إلى تداول هذه الأنباء: "من الذي وقع على الصفقة؟" وعلق على هذه القضية بقوله: "هناك حكومتان متنافستان في ليبيا وميليشيات لها أيضا مطالب سياسية وهي تسيطر على نسبة معينة من أراضي البلاد. لكن سرعان ما أصبح واضحا أن أي سلطة ليبية شرعية لم توافق على خطة الترحيل".
وكان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قد قال إن بلاده غير راضية بالاكتفاء بإرسال المهاجرين إلى السلفادور. وأضاف في اجتماع للحكومة بالبيت الأبيض الأربعاء الماضي: "نعمل مع دول أخرى لنقول: نريد أن نرسل إليكم بعضا من أخس البشر، فهل ستفعلون ذلك المعروف لنا (باستقبالهم)؟". وتابع: "كلما ابتعدنا عن أمريكا، كان ذلك أفضل".
من جهة أخرى، قال محامي مهاجرٍ بولاية تكساس كان ضمن مجموعة مهاجرين أبلغتهم السلطات بأنهم سيرحلون إلى ليبيا، إن المهاجرين جلسوا على مدرج مطار عسكري لساعات الأربعاء الماضي. وقال المحامي تين ثانه نجوين إن موكله، وهو عامل بناء فيتنامي من لوس أنجلس، كان من بين مهاجرين نُقلوا باكرا من مركز احتجاز المهاجرين في بيرسال بولاية تكساس إلى مطار حيث كانت تنتظرهم طائرة عسكرية.
يرى الخبير الأمريكي في سياسات الشرق الأوسط فرانك مسمار، في تصريحات لفرانس24، بأن ليبيا هي من الدول المطروحة كخيار لاستقبال المهاجرين غير الشرعيين الذين تسعى الرئاسة الأمريكية الحالية إلى ترحيلهم. وهو يتساءل على غرار مجلة ذا نايشن: كيف تم التفاوض مع السلطات الليبية ومع أي حكومة في ظل الانقسام الحالي للدولة؟ وكذا عن مدى وجود حوار بين السلطات الأمريكية المختصة وما بين الحكومتين؟ يجيب مسمار: "أنا أرجح نعم، خصوصا في ظل وجود سجون قد تكون نزلا لهؤلاء، في منطقتي نفوذ الحكومتين المتنازعيتن".
وأضاف مسمار وهو عضو الحزب الجمهوري من ولاية تكساس: "الإنكار وعدم الاعتراف بوجود تواصل مع الولايات المتحدة هو مجرد خطاب موجه للداخل الليبي، لكن التواصل موجود بالتأكيد، فقد كانت هناك طائرة على وشك الإقلاع نحو ليبيا وبدون تنسيق لم تكن لتنتقل".
أمر قضائي.. للتأخير أو المنع؟
على الرغم من الغموض وتضارب الأنباء حيال هذه الأنباء، فقد أصدر قاض فدرالي أمريكي الأربعاء قرارا منع بموجبه مؤقتا ترحيل مهاجرين آسيويين إلى ليبيا، ما يسلط الضوء أخيرا على حقيقة وجود مثل هذه الخطة.
وقال القاضي براين مورفي إن عمليات الطرد هذه تحرم المهاجرين المهددين بالترحيل إلى أي مكان آخر غير بلدانهم من فرصة "مجدية" للدفاع عن أنفسهم في المحكمة. وصدر الحكم بناء على التماس عاجل قدمه محامون عن مهاجرين من لاوس والفلبين وفيتنام قالوا إن موكليهم معرضون لخطر الترحيل "الوشيك" إلى ليبيا، محذرين من أنها "دولة معروفة بانتهاكاتها لحقوق الإنسان"، وبخاصة ضد المهاجرين غير النظاميين.
تعقيبا، قال فوزي الحداد الكاتب والباحث ليبي من طبرق في تصريحات لفرانس24، إن كل ما يتابعه الليبيون اليوم حول هذه المسألة من معلومات صادر عن الجانب الأمريكي. في هذا الشأن، يستشهد رئيس المؤسسة الأكاديمية للدراسات والنشر بصدور "أحكام قضائية في الولايات المتحدة بمنع تسفير المهاجرين أو السجناء إلى ليبيا، وبالتالي فهذا الملف يعتبر حاليا موقوفا بقوة القضاء الأمريكي".
لكن مسمار يرى بأن مسألة الحكم الذي صدر من قبل القضاء الفدرالي هدفه فقط "تأخير العملية ليس لأنها ليست متوافقة مع القوانين الأمريكية، إذ إن هؤلاء ارتكبوا جريمة الدخول إلى الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية. لكن القضاء يريد فقط إعطاء مهلة زمنية لكل شخص ينوى ترحيله وهو حوالي 15 يوما، بالإضافة إلى إعلامه بالمكان الذي سيتم نقله إليه". وأضاف: "عملية الترحيل نحو ليبيا سوف تتم".
"مهاجرون غير شرعيين أم سجناء خطرون؟"
واعتبر فوزي الحداد بأن هذا الموضوع يكتنفه الغموض من كل الجوانب. وتساءل عن هوية الأشخاص الذين تريد الإدارة الأمريكية الحالية ترحيلهم نحو ليبيا، قائلا: "هل هم مهاجرون غير شرعيين فقط؟ أم هم سجناء جنائيون خطرون تريد أمريكا إرسالهم ليقضوا بقية عقوبتهم في السجون الليبية؟"
في هذه الحالة، يتابع الحداد بأن الدولة الليبية مجبرة في حال وافقت بمثل هذه الاتفاقية، على أن تعتبر هؤلاء الأشخاص "كجزء من مواطنيها وتشرف عليهم بالتعاون مع المنظمات الدولية كمنظمة الهجرة وغيرها. كما أنهم سيحظون بوضع قانوني رسمي داخل الدولة، وهذه طبعا إشكالية كبرى حاليا في ليبيا، فلا المواطن العادي يمكن أن يقبل بمثل هذا الطرح، ولا حتى الأوساط الرسمية يمكنها أن تعترف به".
إدارة ترامب تشجع المهاجرين على المغادرة طوعا
يستغرب فوزي الحداد في هذا الإطار لجوء الولايات المتحدة إلى مثل هذه الخطوة على الرغم من أنها على علم "بالوضع المتردي الذي تعيشه ليبيا حاليا، في ظل وجود أكثر من حكومة، ووجود سجون كثيرة جدا خارج سيطرة الدولة" إضافة إلى "مجموعات مسلحة تسيطر على نفسها وتدير نفسها بنفسها في البلاد، ومشاكل في الهجرة والمهاجرين" وعقبات أخرى كثيرة.
وتحاول إدارة ترامب جاهدة تشجيع المهاجرين على المغادرة طوعا من خلال التهديد بفرض غرامات باهظة عليهم، ومحاولة تجريدهم من الوضع القانوني، وترحيل المهاجرين إلى السجون سيئة السمعة في خليج غوانتانامو والسلفادور.
يشرح فرانك مسمار عملية اختيار الدول المرشحة لترحيل المهاجرين أو السجناء إليها، على الرغم من كونها من الدول غير المستقرة مثل ليبيا، من باب "العامل النفسي الذي تلجأ إليه الولايات المتحدة لثني المهاجر الذي يفكر في القدوم إليها عن ذلك المشروع، مخافة أن ينتهي به المطاف كهؤهلاء سواء في غوانتانامو أو سجون في دول غير مستقرة كليبيا. يضيف محدثنا: "تلعب الولايات المتحدة على العامل النفسي مع هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين. وأصلا، تم اختيار ليبيا لأنها دولة معروفة على مدار فترة طويلة من الزمن بوجود مراكز اعتقال تستخدم لمنع تدفق المهاجرين نحو أوروبا".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يورو نيوز
منذ 8 ساعات
- يورو نيوز
الانهيار يلوح في الأفق.. الاقتصاد الإيراني يترنّح والمفاوضات النووية قد تُحدّد مصيره
يتفاقم الوضع الاقتصادي في إيران تحت وطأة ضغوط متجددة، إذ بات مصير البلاد الاقتصادي مرتبطًا أكثر فأكثر بالتطورات السياسية القادمة من واشنطن. ففي ظل استمرار سياسة "الضغط الأقصى" التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومع استمرار المفاوضات النووية، تشهد الأسواق المالية تقلبات حادة، فيما تنهار البنية التحتية للطاقة ويزداد الضغط على شبكة الكهرباء الوطنية. الريال الإيراني، والإنتاج الصناعي، والطاقة، جميعها تخضع لضغط هائل، إذ أصبحت أسعار صرف العملات الأجنبية تتقلب بسرعة مع كل تصريح يخرج من البيت الأبيض. وعلى الرغم من الآمال المعلقة على حل دبلوماسي، إلا أن المشاكل البنيوية للاقتصاد الإيراني لا تزال قائمة في قطاعات عدة، من البنوك إلى الخدمات العامة. ويرى مراقبون أن الاعتماد المفرط على رفع العقوبات كاستراتيجية، قد فشل في معالجة جذور الأزمة الداخلية. قال كمال سيد علي، نائب محافظ البنك المركزي الإيراني السابق: "الواقع هو أن اقتصادنا يتفاعل بشكل حاد مع التطورات السياسية. وإذا عاد شبح الحرب الشاملة، فإن سعر الدولار سيسجل أرقامًا قياسية جديدة". وقد هبط الريال إلى 1.05 مليون مقابل الدولار في آذار/ مارس، بعد أن لوّح ترامب باحتمال تدخل عسكري إذا رفضت طهران العودة إلى طاولة التفاوض. ثم تعافى قليلًا مع بدء المحادثات في عُمان، قبل أن يعاود الهبوط مع تعثر المفاوضات. وفي نيسان/ أبريل، اعترف وزير الطاقة عباس علي آبادي بأن محطات الطاقة في البلاد تنتج فقط 65 ألف ميغاواط سنويًا، في حين أن البلاد بحاجة إلى 85 ألف ميغاواط لتلبية الطلب، مما أدى إلى انقطاعات متكررة للكهرباء، أثّرت على توزيع المياه، والاتصالات، وخدمات الإنترنت. في المدن الكبرى، أصبحت الانقطاعات أمرًا روتينيًا. وتحدث متصلون بوسائل إعلام فارسية مثل "إيران إنترناشونال" عن فشل متسلسل في الخدمات، حيث تؤدي انقطاعات الكهرباء إلى انقطاع الهاتف، وحرمان المواطنين من المياه النظيفة. وتعمقت الأزمة مع دخول البلاد في حلقة مفرغة: انخفاض مستويات المياه يُعيق إنتاج الكهرباء، بينما يؤدي غياب الكهرباء إلى انهيار أنظمة ضخ المياه. في خضم التوترات مع واشنطن، تتصاعد الانتقادات في الداخل الإيراني بسبب غياب خطة إنقاذ اقتصادي حقيقية. صحيفة "كيهان" المقربة من التيار المتشدد تساءلت مؤخرًا: "ما الذي تفعله الحكومة غير التفاوض مع الولايات المتحدة؟"، محذرة من أن الدبلوماسية يجب أن تكون وسيلة لتحسين الاقتصاد، لا بديلًا عن الإصلاح الداخلي الضروري. وقال أفشين مولوي، الباحث في معهد السياسة الخارجية بجامعة جونز هوبكنز: "سنوات من سوء الإدارة والفساد والسياسات الرديئة أدت إلى ضعف أداء اقتصاد من المفترض أن يكون قوة إقليمية كبرى. بدلًا من ذلك، أصبح الاقتصاد الإيراني متأخرًا عن الركب، ولا يمكن تحميل العقوبات وحدها مسؤولية ذلك".


فرانس 24
منذ 10 ساعات
- فرانس 24
اجتماع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بروكسل: دعوات لتحرك أميركي "حازم" إذا رفضت روسيا الهدنة
08:09 بعد اتصال هاتفي استمر ساعتين بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، لم يتمكن ترامب من تحقيق اختراق دبلوماسي لافت، كالإعلان عن استجابة روسيا لمطلبه بوقف فوري لإطلاق النار في أوكرانيا. ورغم وصفه للمحادثة بـ"الممتازة"، اكتفى الرئيس الأميركي بالإشارة إلى أن الجانبين سيسارعان إلى إطلاق مفاوضات تهدف إلى التوصل لوقف لإطلاق النار، وفق ما نشره على منصة "تروث سوشيال"، مختتماً تصريحه بعبارة: "فلينطلق المسار!". من جانبه، أعرب بوتين عن استعداد بلاده للعمل مع أوكرانيا على "مذكرة تفاهم" تمهيداً لـ"اتفاقية سلام محتملة"، مؤكداً على ضرورة إيجاد تسويات من قبل الطرفين. فهل يُعد هذا التطور فشلاً لمبادرة ترامب؟ ضيف الحلقة أستاذ العلوم السياسية في جامعة رتغرز بنيوجرسي عبد الحميد صيام.


يورو نيوز
منذ 11 ساعات
- يورو نيوز
وزير الخارجية الأمريكي: لا حدود لخبث النظام الكوبي وجبنه
نشر وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، تغريدة على منصة "إكس" بمناسبة عيد الاستقلال في كوبا، قال فيها إن: "خبث النظام الكوبي وجبنه لا يعرفان حدودًا"، مضيفًا أنه "يُكرم تضحية وشجاعة وصمود كل من وقفوا في وجه هذا النظام الوحشي". وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد نشرت رسالة إلى الشعب الكوبي بمناسبة استقلال بلاده، أعربت فيها عن "دعمها الثابت له، وتشجيعها لأولئك الذين جابهوا لأكثر من ستة عقود القمع الوحشي والرقابة وانتهاكات حقوق الإنسان على يد النظام الكوبي غير الشرعي. "