
لا تقل لى ماذا أشاهد.. ولكن أخبرنى مَن صنع الصورة؟
شاهدت هذا الأسبوع فيلم «المرأة الملك» «The Woman King»، وهو فيلم أمريكى من إنتاج عام ٢٠٢٢، بطولة فيولا ديفيس وإخراج جينا برينس- بيثوود.
تدور أحداث الفيلم فى مملكة داهومى فى غرب إفريقيا عام ١٨٢٣، وفيه نتعرف على الجنرال نانسكا، زعيمة مجموعة المحاربات التى تسمى «أغوجى» «Agojie»، وفى بداية الفيلم تقوم هذه الفرقة بتحرير نساء داهومى اللاتى تم اختطافهن من قبل تجار العبيد من إمبراطورية أويو.
بعد عودتها، تبدأ نانسكا بتدريب جيل جديد من المحاربات للانضمام إلى «أغوجى» من أجل حماية المملكة، ومن بين هؤلاء المحاربات «ناوى» وهى فتاة قوية الإرادة، لنكتشف بعد ذلك الصلات بينها وبين الجنرال، وكذلك الحرب التى يخوضها هذا الفيلق ضد تجارة العبيد التى تشارك فيها القبائل المختلفة. فكل قبيلة منتصرة تأخذ أسراها من الأخرى المهزومة وتبيعهم لتجار الرقيق.
طرحت مشاهدتى للفيلم مجموعة من التساؤلات حول المعرفة الحقيقية التى ندركها للعالم وحول تصوراتنا وكيف يتم تشكيل الوعى الإنسانى.
فتقديم فيلم عن مجموعة من المحاربات النظاميات هو تقديم صورة مغايرة للنمط التقليدى لوظائف المرأة المهنية، خاصة ما يتعلق بأفلام المعارك، ومشاهدة المجندات فى السينما غالبًا ما نجده محصورًا فى الأفلام الأمريكية وتقديم نماذج لضابطات أو مجندات أمريكيات معاصرات، ويتم تقديم أدوارهن فى إطار الإثارة والتشويق، داخل الإطار التقليدى والأنماط الثابتة التى تقدمها هوليوود بمنتجيها من الذكور البيض عن العالم.
ولكن مع وجود أسماء كبيرة من النساء ذوات البشرة السوداء فى صناعة الأفلام فى هوليوود، ودخول عدد منهن عالم الإنتاج من خلال الاستديوهات الكبرى أو منصات العرض العالمية، بدأت صور أخرى تظهر، وقصص ومرويات لم نكن نسمع عنها.. وتقود هذا الاتجاه منذ سنوات أوبرا وينفرى التى أنتجت فى العام الماضى فيلم «الكتيبة ٦٨٨٨» عن كتيبة فى الجيش الأمريكى مكونة من ٨٥٥ امرأة من ذوات البشرة السمراء أثناء الحرب العالمية الثانية سنة ١٩٤٣م، ومهمتهن فى إصلاح مشكلة تراكم بريد الجيش أثناء الحرب لمدة ٣ سنوات، وفرزهن أكثر من ١٧ مليون قطعة بريد خلال مدة قياسية، مع مواجهتهن العنصرية والمصاعب أثناء أداء مهمتهن.
ومن بين النساء ذوات البشرة السوداء المؤثرات فى هوليوود تبرز فيولا ديفيس «١٩٦٥» بطلة ومنتجة فيلم «المرأة الملك» التى أصبحت بعد حصولها على جائزة أوسكار «٢٠١٦»، وجائزة إيمى وجائزة تونى مرتين، أول ممثلة سوداء تحصل على التاج الثلاثى للتمثيل. وهى واحدة من المائة الأكثر تأثيرًا فى العالم فى عام ٢٠١٢ وعام ٢٠١٧ وفقًا لتصنيف مجلة «التايم» الأمريكية.
وقد نجحت فيولا وأوبرا، وغيرهما من النساء، فى تقديم مرويات وأصوات النساء، وبخاصة ذوات البشرة السوداء اللاتى تعرضن لاضطهاد مركّب.
ورغم أهمية هذه المرويات، فإن البعض منها يشوبه عدم الدقة التاريخية، ويصل فى بعض الأحيان إلى المغالطة أو التزييف للحقائق التاريخية، كما حدث عند تقديم سلسلة «ملكات إفريقيا» عندما تم تقديم الملكة كليوباترا البطلمية بممثلة سوداء.
وقد كان من السهل بالنسبة لنا كشف هذا التزييف، لكن مع فيلم تدور أحداثه فى القرن الثامن عشر فى غرب إفريقيا كان السؤال الذى بحثت عن إجابته: هل يعتمد الفيلم على أحداث حقيقية؟ هل كانت هناك فرقة محاربات فى إفريقيا؟
بالبحث وجدت أن فرقة «أغوجى» العسكرية المكونة من النساء كانت موجودة بالفعل، وتحمل اسم «مينو» أو «أمهاتنا»، وتمت الإشارة إليهن باسم «أمازونيات داهومى».
وظلت هذه الفرقة موجودة فى معظم فترة وجود مملكة داهومى أى بين ١٦٠٠- ١٩٠٤، وتشكلت خلال عهد الملك هويجبادجا «١٦٤٥- ١٦٨٥» فى أوائل القرن الـ١٨، ١٧٢٥، وظهرن لأول مرة فى التاريخ المكتوب عام ١٧٢٩.
وبالقراءة وجدت أن صانعى فيلم «المرأة الملك» وقعوا فى مغالطة تاريخية، فعلى عكس ما ظهر فى الفيلم من مناهضة البطلة «نانسكا» والملك للعبودية، فإن سكان «مملكة داهومى» غزوا المناطق الإفريقية المجاورة وأخذوا مواطنيهم عبيدًا، وباعوا كثيرًا منهم فى تجارة الرقيق فى المحيط الأطلسى، فى مقابل أشياء مثل البنادق والتبغ والكحول، انتهى المطاف بالعديد من العبيد الذين باعوهم فى أمريكا، كما احتفظوا ببعض العبيد لأنفسهم للعمل فى المزارع الملكية، وتجارة الرق جلبت لداهومى معظم ثروتها.
الحقيقة التاريخية وتزييفها من أجل خلق حالة أسطورية من البطولة والدمج بين الشجاعة والقيم المعاصرة مثل تحرير العبيد أدهشتنى، وجعلتنى أفكر: ونحن ماذا نفعل؟
ففى كتبنا المدرسية لا نعرف أى شىء تقريبًا عن القارة الإفريقية، ودراسة فترات التاريخ الوسيط من العالم مقتصرة على مصر والعالم الإسلامى، وكأنه لا يوجد بشر أو حضارات سوى فى منطقتنا. وظلت فكرة أن أوروبا كان ترزح فى ظلام العصور الوسطى هى التى تشكل صورة العالم فى أدهاننا عن هذه الفترة.
لكن مع التقدم فى العمر والقراءات والمشاهدة والسفر يتبين لى أن تلك الفترات كانت مليئة بشعوب وممالك وإمبراطوريات فى أوروبا وآسيا وإفريقيا.
وهذا يدعو للنظر فيما نقدمه لأبنائنا من خريطة تاريخية ضيقة الأفق، محصورة فى العالم العربى والإسلامى، تجعلهم يكرهون الآخر ولا يتقبلون وجوده. رغم أن هذا الآخر ربما كان له تأثير ووجود مماثل إن لم يكن أكثر تأثيرًا، خصوصًا مع عصر النهضة الأوروبية الذى بدأ مبكرًا فى القرن الخامس عشر.
وقد تكون الفكرة الأشمل فى ذهنى الآن: لا تقل لى ماذا أشاهد، ولكن أخبرنى من صنع الصورة؟.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


24 القاهرة
منذ 13 ساعات
- 24 القاهرة
محمد علاء يجسد شخصية ضابط بمسلسل للعدالة وجه آخر مع ياسر جلال
تعاقد الفنان محمد علاء على المشاركة في مسلسل للعدالة وجه آخر، الذي يجمعه مع النجم ياسر جلال، والمسلسل من تأليف عمرو الدالي وإخراج محمد يحيى مورو. محمد علاء ضابط ضمن أحداث مسلسل للعدالة وجه آخر مع ياسر جلال وعلم القاهرة 24 أن محمد علاء سيشارك في مسلسل للعدالة وجه آخر ويظهر بشخصية ضابط والعمل تدور أحداثه في إطار اجتماعي تشويقي. وغاب محمد علاء عن المشاركة في الموسم الرمضاني الماضي والاكتفاء بظهوره كضيف شرف في مسلسل العتاولة بطولة أحمد السقا، وكان آخر أعماله في الدراما مسلسل وتر حساس، تأليف أمين جمال وإخراج وائل فرج، وشارك في العمل كل من إنجي المقدم، صبا مبارك، هيدي كرم، أحمد جمال سعيد، محمد علي رزق، تميم عبده، لبنى ونس، ودارت الآحداث في إطار تشويقي اجتماعي. وفي السينما ينتظر عرض فيلم الغربان، بطولة عمرو سعد وتأليف وإخراج ياسين حسن، ويشارك في العمل كل من مي عمر، أسماء أبو اليزيد، ماجد المصري، عبد العزيز مخيون، صفاء الطوخي، ميرهان حسين، وجميل برسوم. يعرض على إحدى المنصات.. ياسر جلال يكشف مصير مسلسل للعدالة وجه آخر محمد علاء: انتهيت من تصوير فيلم الغربان والعمل سيكون مفاجأة وتدور الأحداث في إطار من الحركة والتشويق، تدور الأحداث في أربعينيات القرن الماضي، خلال الحرب العالمية الثانية بالصحراء الغربية عشية معركة العلمين حيث يدور صراع قوي بين أكثر من جهة. كما لم يحسم الفنان محمد علاء قراره من المشاركة في الموسم الرمضاني القادم 2026.


الدستور
منذ يوم واحد
- الدستور
لا تقل لى ماذا أشاهد.. ولكن أخبرنى مَن صنع الصورة؟
شاهدت هذا الأسبوع فيلم «المرأة الملك» «The Woman King»، وهو فيلم أمريكى من إنتاج عام ٢٠٢٢، بطولة فيولا ديفيس وإخراج جينا برينس- بيثوود. تدور أحداث الفيلم فى مملكة داهومى فى غرب إفريقيا عام ١٨٢٣، وفيه نتعرف على الجنرال نانسكا، زعيمة مجموعة المحاربات التى تسمى «أغوجى» «Agojie»، وفى بداية الفيلم تقوم هذه الفرقة بتحرير نساء داهومى اللاتى تم اختطافهن من قبل تجار العبيد من إمبراطورية أويو. بعد عودتها، تبدأ نانسكا بتدريب جيل جديد من المحاربات للانضمام إلى «أغوجى» من أجل حماية المملكة، ومن بين هؤلاء المحاربات «ناوى» وهى فتاة قوية الإرادة، لنكتشف بعد ذلك الصلات بينها وبين الجنرال، وكذلك الحرب التى يخوضها هذا الفيلق ضد تجارة العبيد التى تشارك فيها القبائل المختلفة. فكل قبيلة منتصرة تأخذ أسراها من الأخرى المهزومة وتبيعهم لتجار الرقيق. طرحت مشاهدتى للفيلم مجموعة من التساؤلات حول المعرفة الحقيقية التى ندركها للعالم وحول تصوراتنا وكيف يتم تشكيل الوعى الإنسانى. فتقديم فيلم عن مجموعة من المحاربات النظاميات هو تقديم صورة مغايرة للنمط التقليدى لوظائف المرأة المهنية، خاصة ما يتعلق بأفلام المعارك، ومشاهدة المجندات فى السينما غالبًا ما نجده محصورًا فى الأفلام الأمريكية وتقديم نماذج لضابطات أو مجندات أمريكيات معاصرات، ويتم تقديم أدوارهن فى إطار الإثارة والتشويق، داخل الإطار التقليدى والأنماط الثابتة التى تقدمها هوليوود بمنتجيها من الذكور البيض عن العالم. ولكن مع وجود أسماء كبيرة من النساء ذوات البشرة السوداء فى صناعة الأفلام فى هوليوود، ودخول عدد منهن عالم الإنتاج من خلال الاستديوهات الكبرى أو منصات العرض العالمية، بدأت صور أخرى تظهر، وقصص ومرويات لم نكن نسمع عنها.. وتقود هذا الاتجاه منذ سنوات أوبرا وينفرى التى أنتجت فى العام الماضى فيلم «الكتيبة ٦٨٨٨» عن كتيبة فى الجيش الأمريكى مكونة من ٨٥٥ امرأة من ذوات البشرة السمراء أثناء الحرب العالمية الثانية سنة ١٩٤٣م، ومهمتهن فى إصلاح مشكلة تراكم بريد الجيش أثناء الحرب لمدة ٣ سنوات، وفرزهن أكثر من ١٧ مليون قطعة بريد خلال مدة قياسية، مع مواجهتهن العنصرية والمصاعب أثناء أداء مهمتهن. ومن بين النساء ذوات البشرة السوداء المؤثرات فى هوليوود تبرز فيولا ديفيس «١٩٦٥» بطلة ومنتجة فيلم «المرأة الملك» التى أصبحت بعد حصولها على جائزة أوسكار «٢٠١٦»، وجائزة إيمى وجائزة تونى مرتين، أول ممثلة سوداء تحصل على التاج الثلاثى للتمثيل. وهى واحدة من المائة الأكثر تأثيرًا فى العالم فى عام ٢٠١٢ وعام ٢٠١٧ وفقًا لتصنيف مجلة «التايم» الأمريكية. وقد نجحت فيولا وأوبرا، وغيرهما من النساء، فى تقديم مرويات وأصوات النساء، وبخاصة ذوات البشرة السوداء اللاتى تعرضن لاضطهاد مركّب. ورغم أهمية هذه المرويات، فإن البعض منها يشوبه عدم الدقة التاريخية، ويصل فى بعض الأحيان إلى المغالطة أو التزييف للحقائق التاريخية، كما حدث عند تقديم سلسلة «ملكات إفريقيا» عندما تم تقديم الملكة كليوباترا البطلمية بممثلة سوداء. وقد كان من السهل بالنسبة لنا كشف هذا التزييف، لكن مع فيلم تدور أحداثه فى القرن الثامن عشر فى غرب إفريقيا كان السؤال الذى بحثت عن إجابته: هل يعتمد الفيلم على أحداث حقيقية؟ هل كانت هناك فرقة محاربات فى إفريقيا؟ بالبحث وجدت أن فرقة «أغوجى» العسكرية المكونة من النساء كانت موجودة بالفعل، وتحمل اسم «مينو» أو «أمهاتنا»، وتمت الإشارة إليهن باسم «أمازونيات داهومى». وظلت هذه الفرقة موجودة فى معظم فترة وجود مملكة داهومى أى بين ١٦٠٠- ١٩٠٤، وتشكلت خلال عهد الملك هويجبادجا «١٦٤٥- ١٦٨٥» فى أوائل القرن الـ١٨، ١٧٢٥، وظهرن لأول مرة فى التاريخ المكتوب عام ١٧٢٩. وبالقراءة وجدت أن صانعى فيلم «المرأة الملك» وقعوا فى مغالطة تاريخية، فعلى عكس ما ظهر فى الفيلم من مناهضة البطلة «نانسكا» والملك للعبودية، فإن سكان «مملكة داهومى» غزوا المناطق الإفريقية المجاورة وأخذوا مواطنيهم عبيدًا، وباعوا كثيرًا منهم فى تجارة الرقيق فى المحيط الأطلسى، فى مقابل أشياء مثل البنادق والتبغ والكحول، انتهى المطاف بالعديد من العبيد الذين باعوهم فى أمريكا، كما احتفظوا ببعض العبيد لأنفسهم للعمل فى المزارع الملكية، وتجارة الرق جلبت لداهومى معظم ثروتها. الحقيقة التاريخية وتزييفها من أجل خلق حالة أسطورية من البطولة والدمج بين الشجاعة والقيم المعاصرة مثل تحرير العبيد أدهشتنى، وجعلتنى أفكر: ونحن ماذا نفعل؟ ففى كتبنا المدرسية لا نعرف أى شىء تقريبًا عن القارة الإفريقية، ودراسة فترات التاريخ الوسيط من العالم مقتصرة على مصر والعالم الإسلامى، وكأنه لا يوجد بشر أو حضارات سوى فى منطقتنا. وظلت فكرة أن أوروبا كان ترزح فى ظلام العصور الوسطى هى التى تشكل صورة العالم فى أدهاننا عن هذه الفترة. لكن مع التقدم فى العمر والقراءات والمشاهدة والسفر يتبين لى أن تلك الفترات كانت مليئة بشعوب وممالك وإمبراطوريات فى أوروبا وآسيا وإفريقيا. وهذا يدعو للنظر فيما نقدمه لأبنائنا من خريطة تاريخية ضيقة الأفق، محصورة فى العالم العربى والإسلامى، تجعلهم يكرهون الآخر ولا يتقبلون وجوده. رغم أن هذا الآخر ربما كان له تأثير ووجود مماثل إن لم يكن أكثر تأثيرًا، خصوصًا مع عصر النهضة الأوروبية الذى بدأ مبكرًا فى القرن الخامس عشر. وقد تكون الفكرة الأشمل فى ذهنى الآن: لا تقل لى ماذا أشاهد، ولكن أخبرنى من صنع الصورة؟.


الأسبوع
منذ 2 أيام
- الأسبوع
في ذكرى وفاة مديحة يسري.. لماذا لقبت بـ «سمراء النيل»؟
مديحة يسري سمراء النيل فرحة بكري سمراء النيل.. رحلت عن عالمنا في مثل هذا اليوم الفنانة مديحة يسري الملقبة بـ سمراء النيل، التي تركت بصمة لا تُنسى في تاريخ السينما المصرية والعربية، وذلك بحضورها اللافت الجذاب، وجمالها الطبيعي النقي. من هي مديحة يسري سمراء النيل ولدت الفنانة مديحة يسري يوم 3 ديسمبر 1918، لأب مصري من أصول تركية ويعمل مهندسا بهيئة السكك الحديدية، ووالدتها سودانية، وبعدها تلقت تعليمها بمدرسة الفنون، ثم انتقلت مديحة يسري مع أسرتها إلى حي شبرا في وسط القاهرة، حيث التحقت بمدرسة شبرا الابتدائية، ثم مدرسة الفنون الطرزية، وظهر اهتمامها خلال سنوات الدراسة بالتمثيل، فكانت ترأس فريق التمثيل وتهوى مشاهدة الأفلام السينمائية. واعتقد الكثيرون أن مديحة يسري دخلت عالم الشهرة من بوابة الفن، لكن الحقيقة أنها التقت بالمخرج مكتشف الوجوه الجديدة محمد كريم، الذي كان يبحث عن وجه جديد يظهر أمام الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي عرض عليها فرصة الظهور السينمائي في فيلم «ممنوع الحب» عام 1942، فور أن رأى وجهها الناضج بالحياة وملامحها المصرية وضحكتها الساحرة. وظهرت لأول مرة كوجه مبتسم، وشاركت معه أيضًا بدور صغير في فيلم «رصاصة في القلب»، ما أهلها لدور البطولة للمرة الأولى في عام 1942 في فيلم أحلام الشباب. كانت بدايتها الحقيقية حين اكتشفها يوسف وهبي، وهي تؤدي مشهدًا في أحد البلاتوهات فاستدعاها هو وشريكه، وعرض عليها العمل معه في 3 أفلام «ابن الحداد، فنان عظيم، أولادي»، وقدم لها دور البطولة في فيلم «الفنان العظيم». في نفس السنة قدمت ببطولة فيلم «شهر العسل» مع فريد الأطرش، وكان آخر ظهور سينمائي لها في فيلم «الإرهابي» عام 1994، وآخر ظهور لها في الدراما كان مسلسل «قلبي يناديك» عام 2004. لماذا لقبت مديحة يسري بـ سمراء النيل؟ حصلت مديحة يسري على لقب «سمراء النيل» بعد مشاركتها في فيلم «تحيا الستات»، وغنى لها زوجها في هذا الوقت محمد أمين «يا نور العين يا سمراء»، وارتبط بها اللقب واختارتها مجلة «التايم» الأمريكية ضمن أجمل 10 نساء في العالم أواخر الأربعينيات، لتكون واحدة من أبرز نجمات السينما المصرية في تلك الفترة، نظراً لجمالها المميز وجاذبيتها، حيث تميزت ببشرة سمراء وأسلوب في الأداء جعلها محط أنظار الجمهور والنقاد، نجحت الفنانة الملقبة بـ سمراء النيل في تقديم أكثر من 100 عمل فني مع كبار نجوم الفن المصري في القرن الماضي. أعمال الفنانة مديحة يسري وخلال مسيرتها الفنية قدمت الفنانة الراحلة مديحة يسري أكثر من 98 فيلمًا سينمائيا وعملًا دراميًا، وفي عام 2012 أعلنت اعتزالها التمثيل بشكل نهائي، واستمرت مشاركات مديحة يسري الفنية، وكان فيلم أحلام الشباب هو أول بطولة لها مع فريد الأطرش، وتوالت أعمالها الفنية المميزة، ومنها: تحيا الستات - 1944 أحلام الحب - 1945 النائب العام- 1946 المستقبل المجهول- 1948 كيد النساء- 1950 الأفوكاتو مديحة- 1950 من أين لك هذا- 1952 حياة أو موت- 1954 الخطايا- 1962 خلي بالك من جيرانك- 1979 الإرهابي- 1994 كم عدد زيجات الفنانة مديحة يسري تزوجت الفنانة مديحة يسري المرة الأولى من المطرب والملحن محمد أمين، ثم تزوجت المرة الثانية من الفنان أحمد سالم ثم انفصلت عنه ولم تستمر الزيجة طويلًا، وتزوجت للمرة الثالثة من المطرب والموسيقار محمد فوزي، وبعيدًا عن نجاحهم الكبير فنيًا إلا أنها أنجبت منه طفلين، بنت توفيت بعد ولادتها بأشهر، وابنها «عمرو» الذي كان بطل مصر في الجودو، لكنه رحل شابًا نتيجة حادث مأساوي بسيارته في مارس 1982، نتيجة اصطدامه بسيارة نقل. تزوجت مديحة يسري من الشيخ إبراهيم سلامة الراضي شيخ مشايخ الطريقة الشاذلية، وأيضًا لم يسفر زواجهما عن أبناء، لتعيش وترحل سمراء النيل، دون أن تجدد من يجدد الورود والأغصان التي ذبلت على قبرها.