
كان 2025.. تتويج فلسطيني وتألق عربي وإيراني في قلب السينما العالمية
خاص-الوثائقية
25/5/2025
|
25/5/2025
05:33 PM (توقيت مكة)
شهد مهرجان كان السينمائي في دورته الـ78 تحولًا لافتًا في خريطة الحضور العربي والإيراني، من المشاركة الرمزية إلى حصد الجوائز الكبرى والاعتراف العالمي.
عدة بلدان عربية قدّمت أعمالًا قوية تحمل رسائل سياسية واجتماعية عميقة، تؤكد أن السينما لم تعد تكتفي بسرد القصة، بل تحولت إلى فعل مقاومة وأداة تعبير إنساني بليغة.
فلسطين.. من الألم إلى 'السعفة الذهبية'
في واحدة من أبرز لحظات المهرجان، فاز المخرج والممثل الفلسطيني توفيق برهوم بجائزة السعفة الذهبية لأفضل فيلم قصير عن عمله 'أنا سعيد لأنك ميت الآن'، الذي جاء وسط تصاعد التوترات الإقليمية والدولية.
الفيلم حمل صوتًا فلسطينيًا جريئًا في أكبر محفل سينمائي عالمي، مجسدًا معاناة بلده وآمال شعبه، ومؤكدًا أن السينما الفلسطينية ليست فقط توثيقًا، بل فعل مقاومة حيّ.
العراق.. 'الكاميرا الذهبية' تكتشف صوتًا جديدًا
من بغداد، قدّم المخرج حسن هادي فيلمه الروائي الأول 'كعكة الرئيس'، الذي حصد جائزة الكاميرا الذهبية لأفضل عمل أول.
الفيلم جمع بين السخرية السياسية والتأمل الوجودي، وقدّم صوتًا سينمائيًا جديدًا ينبض بالألم والواقعية، ليؤكد حضور السينما العراقية على خارطة المواهب العالمية.
الجزائر وتونس والمغرب.. تألق نسائي في السرد والتمثيل
في المسابقات الموازية، تألقت الجزائرية نادية ميلنتي بأدائها اللافت في فيلم 'الأخت الصغيرة'، للمخرجة التونسية حفصية حرزي، ونالت جائزة التمثيل عن دورها.
الفيلم ناقش قضايا الهجرة والهوية النسوية في أوروبا، وقدم نموذجًا لقوة السرد النسائي العربي وقدرته على منافسة الأسماء العالمية.
فيما فازت المخرجة المغربية راندا معروفي بجائزة 'اكتشاف لايتز للأفلام القصيرة' ضمن قسم 'أسبوع النقاد' في مهرجان كان السينمائي عن فيلمها القصير 'لمينا'.
ويُعد 'أسبوع النقاد' أحد الأقسام الموازية الرسمية في كان، ويُركّز على الأعمال الأولى والثانية للمخرجين الواعدين.
غزة.. 'حدث ذات يوم' يروي وجع المدينة المحاصرة
في مسابقة 'نظرة ما'، ثاني أبرز أقسام المهرجان، فاز الشقيقان الفلسطينيان عرب وطرزان ناصر بجائزة أفضل إخراج عن فيلمهما 'حدث ذات يوم في غزة'.
الفيلم يعكس الذاكرة الجماعية لمدينة تعيش الحصار والموت، مؤكدًا أن السينما القادمة من غزة لا تكتفي بالتوثيق، بل تمثل فعلًا فنيًا يعكس الواقع بقوة وجمال.
إيران.. حضور تاريخي بعد فكّ القيود
سجّلت السينما الإيرانية إنجازًا نوعيًا، مع فوز المخرج جعفر بناهي بالسعفة الذهبية عن فيلمه 'مجرد حادث'، وهو أول فيلم يصوّره سرًا بعد رفع الحظر عنه.
وتدور أحداث الفيلم حول مجموعة من السجناء السابقين الذين يقابلون الرجل الذي يعتقدون أنه عذّبهم في السجن، ويفكرون في الانتقام، ويقومون بخطفه بالفعل، ويختلفون حول طريقة الانتقام.
كما قدّم المخرج الشاب سعيد روستائي فيلم 'المرأة والطفل'، الذي أثار جدلًا واسعًا بقصته حول أرملة تواجه تحديات اجتماعية وجندرية في سبيل بناء حياة جديدة. تألقت في البطولة النجمة بريناز إيزديار بأداء مؤثر وحضور قوي.
الجوائز الكبرى.. من النرويج إلى الصين
فاز النرويجي يواكيم تريير بالجائزة الكبرى عن فيلمه 'قيمة عاطفية'، الذي يتناول علاقة مضطربة بين مخرج وابنته.
نال البرازيلي فاغنر مورا جائزة أفضل ممثل عن فيلم 'العميل السري'، من إخراج كليبر مندونسا فيليو، الذي حاز أيضًا جائزة أفضل مخرج.
جائزة لجنة التحكيم تقاسمتها أفلام 'صراط' للإسباني أوليفييه لاكس و'صوت السقوط' للألمانية ماشكا شيلينسكي.
وحصل الصيني بي غان على جائزة خاصة عن فيلمه 'القيامة'.
وثائقيات في لحظة تكريم
ضمن التكريمات الخاصة، عُرض الفيلم الوثائقي 'ضع روحك على كفك وسر'، تكريمًا للراحلة فاطمة حسونة من غزة، والمخرجة الإيرانية سبيدة فارسي.
الفيلم شكّل ردًا فنيًا على المجازر المرتكبة بحق الفلسطينيين، وعكس عبر لغة الوثائقيات ألم الشعوب وصمودها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 8 ساعات
- الجزيرة
صفاء أبو خضرة: قصائدي خيول تحفر المسافات وأكتب الرواية لأكون حرة
رغم أن الشاعرة والروائية صفاء أبو خضرة تنتمي إلى جيل الشباب، فإن تجربتها الإبداعية تفوق العشرات من نظيراتها اللواتي ولجن هذا الميدان، فقد نظمت أولى قصائدها وهي في التاسعة من عمرها بعنوان "أحب وطني"، واشتعلت الأسئلة الباحثة عن إجابات بعدما صفعتها معلمة الرياضيات لأنها استبدلت مسألة رياضية بقصيدة، وأصبحت ترى الأشياء على نحو مغاير لما يراه الآخرون. فنتاجها الإبداعي، الشعري والروائي، ثري بالمعاني، جمعت فيه خلاصة رحلتها أو تبحّرها في كتاب الله، وشغفها بالقراءة؛ فهي من المبدعين الذين أضناهم الوجد نحو ولوج مواقع المعرفة المتنوعة، لتكون ذخيرة مستقبلية.. حواراتها وشخصياتها لا تتشح بالسواد، بل تعكس مخزونها الثقافي الواسع، ولغتها المطواع تقدم وجبات معرفية تعلي من شأن العقل، وتفتح بوابة التأويل، وترفع الكلمة إلى أصدق المشاعر. وفي حديثها لـ"الجزيرة نت" وصفت دماغها بأنه "بئر نفطية قابلة للاشتعال عند أي شعلة"، وقالت "أعاني من لدغة الكتابة، ولعنة الأساطير.. وأحلم بخطف أبطال الروايات إلى زنزانة واحدة، أجمعهم مع الفلاسفة لأرى من يفوز"، مشيرة إلى أنها أتقنت القرآن الكريم في سن مبكرة، وتعلقت بالشعر الصوفي للخلاص من طوفان الأسئلة. ووصفت قصائدها بأنها خيول تحفر المسافات، وقصيدة النثر بأنها امرأة مشاغبة، لينة وعصية على الكسر، تشبهها، فيما تكتب الرواية لتمارس حريتها وتفتح الأبواب لشخوصها. "اليركون" وحكاية الجدات أما رواية "اليركون"، فالشخصية المتخيلة فيها هي "الروائي"، فيما الشخصيات الأخرى حقيقيون، تحدثتُ بلسانهم، وتألمت بألمهم، وعانيت كوابيسهم، ورحلت معهم في البعيد، لكني تمكنت من العودة -ولو مجازا- إلى المكان الذي شممت رائحة ترابه، وتذوقت زيته، أمام مرآة الكتابة التي عكست من خلالها ذكريات جدتَي (مريم ورشيدة)، لأنهما عاصرتا البلاد قبل النكبة، والنكبة ذاتها. فجدتي رشيدة، ابنة قرية "إجريشة"، لم تتوقف لحظة رجفة يديها، ولا رنة صوتها، وهي تحدثني عن نهر "العوجا" (اليركون) -وهو الاسم الكنعاني لنهر العوجا، وليس كما يدعي الكيان الصهيوني بأنه اسم توراتي- وصفت لي النهر حتى لفحت نسمات الهواء ماءه وبللت وجنتي. إنه التماهي في الكتابة، بل والتقمص الروحي للأشياء. هكذا، عندما أكتب، ألبس جلد شخصياتي، وأشبههم في مواقفهم وتصرفاتهم، حتى إن صوتي يصبح صوتهم، وإلا سأكون قد كررت نفسي وسلبت نصيبهم من الوجود. فلكل شخصية طريقتها وصورتها ووجهة نظرها المختلفة. ومن هنا، جاءت لغة الرواية متعددة الأصوات؛ فيها المد والجزر، والكر والفر، والعودة والهروب والرجوع، والحضور والغياب، والصخب والهدوء، وكثير من العاطفة الجياشة، ما بين الحنين إلى بلاد لم أرها إلا في صوت جدتي الحزين، وإصرار جدي الصاخب على العودة، وحرصه على مفاتيح بيته في يافا، وتنهيدة والدي وشوقه لزيارتها. ولدي مصادري الأخرى المسموعة من أشخاص عاصروا البلاد، سواء من عائلتي أو ممن يعيشون في فلسطين، وعاصروا المدن التي تم تهجير أهلها وهدمها. كما استفدت من ذاكرة التاريخ الشفوي الفلسطيني، وهي شهادات حية، واستمتعت لعشرات، وقرأت كتبا كثيرة، وبحثت طويلا دون توقف. حتى بعد انتهائي من كتابة الرواية، حاولت أن أكون صادقة وجازمة فيما كتبت، لأن التاريخ، وإن كان كاذبا في كثير من تفاصيله، إلا أنني أعرف من أين أصطاد سمكة حقيقية غير ملوثة. وتقول صفاء أبو خضرة "أما المكان، فكان بطله مدينة يافا وقرية إجريشة فيها، وأيضا مخيم إربد شمال الأردن، فهو المكان الذي ولدت ونشأت فيه، وجل أحداث الرواية تدور فيه". النثر امرأة مشاغبة وترى أبو خضرة أن "قصيدة النثر امرأة مشاغبة، وهي لينة وعصية على الكسر. إنها تشبهني فعلا، أو هكذا أدعي"؛ فديواني البكر "ليس بعد" أبصر النور في عام 2002، وترنحت القصائد فيه بالحب بكل تجلياته، تنظر إلى البعيد بلا ثقوب سوداء، وطرق مشرعة صوب الحياة، كأنها خيول تحفر جلد المسافات، وتطلق شرارات حفرها، وتحرق كل ما هو بشع في الحياة. إنه الحب، أسمى آيات الكون. وجاء ديواني الثاني "كأنه هو"، فولادته كانت عسيرة في عام 2008، وقد شكل نقلة مختلفة تماما عن تجربتي السابقة. كان للقصائد طعم مر، والكلمات تعوي وتنبح وتصرخ وتصدح… لم يكن الوجع فيها وديعا، ولا الحب فيها صافيا من غير خدوش، لأن الحياة مثل سلم درجاته غير متطابقة، ولذلك تكون الصعوبة بمكان في تسلقها. فكان ديوانا مزدحما بالوجع والحنين، ولهذا تصدرت الديوان جملتي: "هل يتسعني البحر بكل عنائي أم سيطفو على سطحي؟". وفي مقطع من الديوان: أردتُ أن أسيلَ كلحنٍ على صدر غيمة وأصطاد نجومًا بضوء القلب وأجمع أطيافًا بسلال الروح أردتُ أن أشتهي ما أشتهي لكني عدتُ كوكبًا سارَ دهرًا ونام أنهضُ كأنّي أصبع الريحِ تعلنُ ثورتها أغمضُ الحجرَ متصدّعةً من خشية صوت أحب الفن بكل تجلياته، لكني وجدت -والحديث لصفاء أبو خضرة- في رقصة "الفلامنكو" تعبيرا صارخا عن الحرية؛ حرا بلا قيود، فيه من التحدي والكبرياء والشموخ. فعندما تدق الراقصة بكعبها العالي الأرض، وترفع رأسها إلى السماء، لا نعرف حينها ماذا ترى.. المهم كيف نراها؛ لكأنها تقول للسماء "أفرغي زرقتك كلها، فلم تعد تتسعني الأرض". إعلان ويتخلل المجموعة قصة عنونتها بـ"فلامنكو"، متخيلة فيها الراقصة الإسبانية الشهيرة "ماريا باخوس"، التي تميزت رقصاتها بطابع فلسفي عميق؛ فالرقصة ليست مجرد حركات، بل أعمق. فالمجموعة القصصية "فلامنكو" تضم 19 قصة، متنوعة بين العاطفية والوطنية والاجتماعية، وأبطالها أحرار دون تدخلي؛ فقد أدخلتهم بيت القصص، وتركت النوافذ مشرعة لهم. أنيموس.. رواية قتلتني وحول رواية "أنيموس"، قالت صفاء أبو خضرة إنها ليست الأولى، لكنها الأولى التي قامت بطباعتها، فقد سبقتها روايتان مخطوطتان لم تجرؤ على نشرهما. "إنها ظاهرة الحلم الذكوري.. حكاية التشظي، والخط الرفيع بين الموت والحياة، والعقل والجنون، والكفر والإيمان، والأنوثة والذكورة". "هذه الرواية قتلتني وأحيتني في آن واحد"، فطبيعة عملي تخرطني في المجتمع صوتا وصورة؛ أدخل معاناة الآخرين بصوتهم إلى جهاز الحاسوب، لكني في الداخل أشم رائحة تتعلق بروحي، ولا أستطيع التخلص منها إلا بالكتابة. فقصة طفل في الرابعة من عمره، فقد ذكورته بسبب مشرط الجراح، فكان لمصيره طرق وعرة جدا، وكان لمخيلتي نصيب كبير في تعبيدها. إنه التهشم في الذات، عندما تتحول الحياة إلى مشرط. المخيم والأسئلة الأولى وتقول أبو خضرة "تعرفت على حاضري من خلال الماضي الذي حدثتني عنه جدتي ووالدي، فكان ارتباطي به ارتباطا متخيلا منذ البدء، وله معنى آخر غير الذي تعنيه الأمكنة". ولدت في المخيم، فنبتت منه أسئلتي الأولى، فكنت أرهق كل من حولي بها؛ فثمة أسئلة تستعصي عليها الإجابة، وأخرى تجعل من البكاء حقلا رطبا. فتبنيت ذكريات مؤلمة من تلك الحكايات، ومن تلك الأسئلة بدأت مشواري، وحملت على عاتقي مسؤولية كبيرة، حملت وطنا أشتاقه دون توقف". القرآن أثرى لغتي وتستطرد "عندما كنت أسمع والدي في الفجر يرتل القرآن، كنت أشعر بقلبي يتكسر وينشج. فسر والدي الأمر بالإيمان، وفسرته والدتي كذلك، لكن اللغة كانت تشق صدري فتفتتني. ومن هناك اكتشفت انجذابي للغة العربية، وعشقي وافتتاني بها. أثّرت لغته في لغتي، فكثير من قصائدي يتضح فيها التناص مع الآيات. كنت أتوقف كثيرا أثناء قراءته أمام الصور المدهشة، الإعجازية، التي لا يمكن لكائن بشري أن يكتبها. أما الشعر الصوفي، فكان مرحلة "من ضمن مراحل كثيرة؛ فمنه إلى الأساطير، فالروايات، فالفلسفة، حتى أصبحت لدي في كل زاوية من غرفتي كتب متنوعة، وتحول الأمر من الشغف إلى الهوس". الكتابة مؤلمة وتصف الكتابة بـ"المؤلمة"، إلا أنها تكتب لتكون حرة. فقبل اكتشاف الفكرة، تطارد فراشات الليل، وأصوات القطط، وزقزقة الضوء حال بزوغه، ونشيج الغروب حال هروبه من نهار متعب. تبحث عن ملامحها في المرايا، تمزق أوراقا بيضاء فارغة، وتمشي في الشوارع مترنحة… "حتى تأتيني الفكرة، أقبض عليها، أضمها، أعصرها، وأبدأ طقوسي وأقدم نذوري.. حينذاك، أغيب عن الوجود، وأبدل وجهي وملامحي وثيابي وزمني ومكاني". وتقول: ما أفعله أنني أنصت.. أترك شخصياتي تختار طريقها، معاناتها، حبها، شغفها، لا أقودها إلى شيء بل تقودني. أعزف على وتر الحزن والتمرد والحدس، ولدي وتر غريب، أرى ما يسبق، وربما هذا ما يجعلني متعبة دائما بأفكاري وهواجسي، وحالمة فوق أي تصور. وحول ما يجري في غزة، ترى أبو خضرة كأننا ابتلعنا جميعا سما خدر أفواهنا وأخرسها أمام كل هذه المجازر والإبادة والبشاعة والإجرام.. "تزيد أسئلتي: ماذا ننتظر؟ وهل هناك موت أكثر من هذا الموت؟ متى ستتوقف قافلة الموت…؟ هل ستتوقف فعلا؟ وتمنيت لو أن الأطراف المبتورة تنبت مجددا، والأرواح التي سبقتنا إلى السماء لها خيار العودة". من يشتري مني روحي فالأرضُ اليومَ مقفلةٌ! من يشتري مني مقلتي فأرضي اليوم مقفرةٌ من يشتري مني قلبي فمقلتي اليوم لا تبصر الرواية وثيقة تاريخية ومن جانبه، يرى الناقد مهدي نصير أن رواية "اليركون" توثق سرقة نهر العوجا الفلسطيني، عبر سرد تهجير عائلة "لميس"، الراوية الرئيسة، عن عائلتها الكبيرة التي هُجرت من أرضها ومزارعها وبياراتها في يافا والجريشة وبيار عدس، كنموذج للتهجير والتدمير والإبادة. ووصف في حديثه لـ"الجزيرة نت" الرواية بأنها عالية ومتقنة في لغتها، التي تمزج بين اللغة الفصيحة السلسة والمفردات واللهجة المحكية، والتراويد، والأهازيج، والأمثال، والصيغ الشعبية المتداولة وتوثيقها، وكذلك في شخصياتها ورواتها وحبكتها، واستنادها إلى وثائق تجعل من السرد الروائي وثيقة للتاريخ والمستقبل الفلسطيني. وبسؤالنا عن شخصية "لميس"، أوضح نصير: "إنها الشخصية الرئيسة، وقد أطلقت عليها هذا الاسم إحدى عماتها، تيمنا بالفلسطينية لميس التي استشهدت بتفجير سيارة خالها، الروائي الشهيد غسان كنفاني، عام 1972 في بيروت. وهي حفيدة العائلة الفلسطينية التي اقتلعت من ضفاف نهر العوجا، وولدت في مخيم إربد شمال الأردن، ودرست الصحافة، وهاجرت إلى أميركا بأمل أن تتيح لها الجنسية فرصة لزيارة فلسطين.. زارتها فعلا، ولكن كأسيرة، إذ سلمتها أميركا للكيان الصهيوني بعد اغتيال زوجها غسان، عالم وأستاذ الآثار الفلسطيني وابن يافا، لتقضي عشر سنوات في الأسر".


الجزيرة
منذ 11 ساعات
- الجزيرة
جعفر بناهي.. حين تنتصر المقاومة بالفن
جاء فوز المخرج الإيراني جعفر بناهي بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي في دورته الـ78 عن فيلمه 'مجرد حادث'، تتويجا لمسيرته الاستثنائية التي مزجت بين الإبداع والمقاومة. لم يكن هذا الفوز فقط مكافأة لفيلم سياسي جريء استلهمه من تجربته في السجن، بل كان بمثابة اعتراف دولي برمز سينمائي ظل لعقود يدافع عن حرية التعبير في وجه القمع. لا يقاس حضور بناهي الفني فقط بجودة عناصره السينمائية، بل بما يمثله من التزام إنساني راسخ تجاه القضايا العادلة، وتحوّله إلى أيقونة لمقاومة الرقابة من داخل واحدة من أكثر البيئات السياسية تقييدا في العالم. حضور بناهي في 'كان' بعد 15 عاما من حظر السفر، بدا وكأنه لحظة انتصار مضاعف، لا لفيلم وحسب، بل لمسيرة تحدّ طويلة ضد النفي والمنع والاعتقال. رغم الجدل المتوقع الذي قد يرافق هذا الفوز –سواء لأسباب فنية أو سياسية– يظل اسم جعفر بناهي محفورا في الذاكرة السينمائية العالمية كمخرج أعاد تعريف حدود السينما الإيرانية المعاصرة، وقدّم من خلالها مرآة لآلام المجتمع وهمومه. فمنذ أن قدّم رائعته الأولى 'البالون الأبيض' عام 1995، أصبح 'كان' بمثابة بيته الثاني، وفضاء يكرّس صوتا سينمائيا اختار أن يواجه السلطة بالصورة لا بالشعارات، وبالعدسة لا بالمنصة. مجرد حادث فاز بناهي بالجائزة عن فيلم 'مجرد حادث'، وهو فيلم سياسي بالدرجة الأولى، وهو مستوحى من تجارب بناهي الشخصية خلال فترة سجنه، وتدور أحداثه حول مجموعة من السجناء السابقين الذين يقابلون الرجل الذي يعتقدون أنه عذّبهم في السجن، ويفكرون في الانتقام، ويقومون بخطفه بالفعل، ويختلفون حول ذلك الانتقام، ويستعرض بناهي أثر عنف السجان على كل منهم ورد فعله حين أصبحت قدرته على الانتقام متاحة. واجه بناهي حظرا على صناعة الأفلام وسجنا، لكن مهرجان 'كان' أصبح صوتا بارزا للتضامن معه. ففي عام 2011، عُرض فيلم 'هذا ليس فيلما'، الذي أُنتج أثناء إقامته الجبرية وتم تهريبه، في مهرجان 'كان'، مسلطا الضوء العالمي على محنته. وقد رفعت رئيسة لجنة التحكيم، 'جولييت بينوش'، اسم بناهي تكريما له خلال مهرجان 2010 عندما كان قيد الإقامة الجبرية. وعندما لم يتمكن من الحضور تلقى دعما مستمرا فقد فاز فيلم 'ثلاثة وجوه' 2018 بجائزة أفضل سيناريو، ووفّر التزام المهرجان المستمر منصة دولية قيّمة لأعماله، حافظت على صوته الفني حيا رغم محاولات إسكاته. ويأتي فوز بناهي بعد وقت قصير من حضور زميله المخرج الإيراني محمد رسولوف مهرجان كان العام الماضي من ألمانيا التي لجأ إليها من إيران، واحتفى به مهرجان 'كان' أيضا'، وبينما أعلن بناهي عن نيته العودة إلى طهران، إلا أن خطاب قبوله، الذي حث فيه على الوحدة والحرية في إيران، أكد على الأهمية مواصلة النضال. ويحمل الفيلم الفائز ملامح دراما جعفر بناهي التي تغوص في عمق المجتمع وتستكشف تأثيرات القسوة والسلطة عبر الأفراد، وردود أفعالهم، لكن الاختلاف يبدو في تلك الذروة 'الدرامية' التي يقدمها بناهي في 'مجرد حادث' إذ يصعد بالدراما إلى حد مواجهة رمز للنظام سقط مصادفة في أيدي ضحاياه، وهو ما لم يكن يصل إليه في دراما أعماله السابقة، التي انطلقت من خبرات طفولة فقيرة في إحدى القرى القريبة من طهران. من قرية 'ميانة' إلى 'كان' يلتقط جعفر بناهي شخصياته المهمشة من ذاكرته التي تحتفظ بعالم كامل، عاش فيه لسنوات طويلة، إذ وُلِد عام 1960 في 'ميانة'، وهي بلدة صغيرة شمال غرب إيران، لعائلة من الطبقة العاملة، وعمل مع والده 'الدهان' الفقير، وواجه مع ذلك الأب حياة صعبة. ورغم ذلك، أبدى بناهي اهتماما بسرد القصص والسينما، فكان غالبا ما يرسم مشاهد أو يتخيل سرديات رغم محدودية فرصه في مشاهدة الأفلام، وطوّر بناهي نظرة ناقدة وحساسية عميقة تجاه الظلم، كما شكّل تعرّضه المبكر للفقر والتفاوت الاجتماعي موضوعاته الإنسانية التي أصبحت لاحقا محورية في صناعة أفلامه. اقتحم بناهي عالم السينما من خلال عمله مساعدا للمخرج الإيراني الكبير عباس كياروستامي، ومن ثم قدم فيلمه الروائي الطويل الأول 'البالون الأبيض' 1995، ليفوز بجائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان 'كان' السينمائي، مُسجلا بذلك أول جائزة كبرى لفيلم إيراني في كان. تبع ذلك أعمالٌ نالت استحسانا عالميا مثل 'الدائرة' 2000، الذي فاز بجائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي، و'الذهب القرمزي' 2003. وأبرزت هذه الأفلام منظوره الإنساني ونقده الدقيق للظلم الاجتماعي. كان عام 2010 بداية الصدام بين المخرج الذي ذاع صيته عالميا وبين السلطة في بلاده فقد حُكم عليه بالسجن ست سنوات، ومنعه من الإخراج، أو كتابة السيناريوهات أو إجراء المقابلات أو مغادرة إيران لمدة 20 عاما. لم تُسكته هذه الفترة، بل حفزت مرحلة مذهلة من التحدي الإبداعي. فقد أنتج سرا بعض الأفلام التي تناولت بشكل مباشر حبسه والمناخ السياسي. وكان فيلم 'هذا ليس فيلما' 2011، الذي يضم مذكرات فيديو عن إقامته الجبرية هو الأبرز، وتبدو قصة تنفيذ الفيلم وتهريبه، إلى مهرجان كان، على ذاكرة 'يو إس بي' أقرب إلى سيناريو فيلم مشوق، خاصة أنه آل إلى نهاية سعيدة بعد الإشادة به من قبل لجنة التحكيم في المهرجان. ومن عالمه الضيق والمحدود والمعزول، قدم بناهي فيلم 'الستار المغلق' 2013، ليكشف أبعادا جديدا في العزلة والرقابة الذاتية، ويفوز بجائزة الدب الفضي لأفضل سيناريو في مهرجان برلين، ويفوز في 2015 فيلمه 'تاكسي'، الذي صُوّر بالكامل داخل سيارة أجرة قادها بنفسه، بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين. وتميزت أعماله في تلك الفترة بمحاولات استنطاق الصورة، والعمق السينمائي وطمس الخطوط الفاصلة بين الواقع والخيال. ورغم المنع من السفر والتصوير استمرت شهرته العالمية، حيث فاز فيلمه 'ثلاثة وجوه' 2018 بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان، رغم عدم تمكنه من الحضور. وفي عام 2023، فتح إطلاق سراح بناهي من السجن، بعد إضراب عن الطعام، فصلا جديدا في حياته، أتاح له حضور المهرجانات الدولية شخصيا، وتوج ذلك بفوزه بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان، محققا عودة مظفرة إلى الساحة العالمية بعد سنوات من الغياب. الإبداع والحاجة يحسب للمخرج جعفر بناهي أساليبه المبتكرة في السرد القصصي، والتي نشأت نتيجة لضرورة الرقابة، فقد استخدم الاستعارة والرمزية لإيصال رسائله، محولا الصراعات الشخصية والسياسية إلى روايات آسرة. وقد رسّخت براعته، التي تجلّت في أفلام مثل 'هذا ليس فيلما'، سمعته كخبير في المقاومة الإبداعية. ويحتفى الغرب بالمخرج الإيراني الكبير كرمز للتحدي الفني، وتقدم أفلامه جسرا بين سينما إيران وبقية العالم، وقد أثّر على صانعي الأفلام من خلال مناهجه المبتكرة في سرد القصص في ظلّ الضغوط، مُثبتا قدرة السينما على الازدهار حتى في أكثر البيئات تقييدا. وتتشبع أفلام بناهي بقيمه الجوهرية، التي تدور حول الإنسانية والعدالة الاجتماعية وحرية التعبير، وتُسلّط الضوء باستمرار على معاناة الأفراد المهمّشين وتنتقد الأنظمة القمعية، سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية، وتُركّز أفلامه على الحياة اليومية للناس العاديين، مُشدّدة على كرامتهم وصمودهم وقدرتهم على التمسك بالأمل رغم الشدائد. وتعد العدالة الاجتماعية محورا أساسيا في أفلام بناهي، فهو يكشف عبر أفلامه عن أوجه عدم المساواة والظلم في المجتمع الإيراني، والنموذج الأبرز لذلك أفلام مثل 'الدائرة' الذي يرصد الواقع القاسي الذي تواجهه المرأة، بينما يتناول 'الذهب القرمزي' الطبقية الاجتماعية، ويتميز نقده بالدقة والوضوح، ويعتمد على الملاحظة الذكية أكثر من التصريحات السياسية الصريحة. مسيرة وجوائز قدم المخرج الإيراني حتى الآن أحد عشر فيلما أولها 'البالون الأبيض' (The White Balloon) 1995، ففاز بجائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان كان السينمائي عام 1995، والتي تعد أول جائزة كبرى لفيلم إيراني في كان، كما فاز بجائزة لجنة التحكيم الدولية في مهرجان 'ساو باولو' السينمائي الدولي. وتدور أحداث الفيلم عشية رأس السنة الإيرانية الجديدة، حين ترغب فتاة صغيرة في سمكة ذهبية جديدة لطاولة 'هفت سين' (السفرات السبع وهي المائدة التقليدية في عيد النوروز الفارسي) الخاصة بعائلتها. تقنع والدتها بإعطائها المال لشرائها، لكن رحلتها إلى متجر الأسماك تتحول إلى سلسلة من المغامرات والمواقف غير المتوقعة بينما تلتقي بشخصيات وعقبات مختلفة في طهران. يركز الفيلم على الرغبات البسيطة لطفل في خلفية الحياة اليومية. كان الفيلم مفاجئا للجمهور والنقاد معا، إذ بدا وكأنه اكتشف أبعادا جمالية جديدة في مواجهة الطفل للسينما، رغم أنها لم تكن تجربة فريدة في التمثيل، لكن بناهي قدم جمالا يكمن في البساطة والنقاء والعمق من ذلك المنظور الطفولي للعالم، إذ تُظهر رحلة الفتاة الصغيرة سحر اللحظات العادية والعقبات اليومية من خلال عينيها البريئتين. استخدم بناهي ممثلين غير محترفين، فأضفى لمسة واقعية أضفت -بدورها- مزيدا من الصدق والتعاطف، وجعلت المشاهد ينجذب إلى عالم الطفلة الصغير المليء بالآمال والخيبات. وفاز فيلمه التالي 'المرآة' (The Mirror) 1997 بجائزة الفهد الذهبي في مهرجان 'لوكارنو' السينمائي الدولي، وجائزة الشاشة الفضية لأفضل مخرج – فيلم آسيوي في مهرجان سنغافورة السينمائي الدولي. وبدا أن اكتشاف روعة عالم الطفولة أسر جعفر بناهي ليدور فيلمه الثاني حول فتاة صغيرة تؤدي دور تلميذة في فيلم سينمائي، لكنها تقرر فجأة أنها لا تريد التمثيل بعد الآن وتغادر موقع التصوير. ثم تتلاشى الخطوط الفاصلة بين الخيال والواقع، بينما تحاول الفتاة، التي لا تزال ترتدي زيها، العثور على طريقها إلى المنزل عبر شوارع طهران الصاخبة، وغالبا ما تصادف أشخاصا يتعرفون عليها من موقع تصوير الفيلم. وبدا بناهي وكأنه اكتسب من الجرأة ما جعله يكسر الحائط الرابع سائرا على خطى الألماني 'بريخت'، وينطلق لتجريب (السينما داخل السينما) سيرا على خطى الأميركي 'وودي آلن'، ليفتح الفيلم نقاشا حول طبيعة الحقيقة والتمثيل في الفن، حين يصبح المشاهد جزءا من اللعبة بين الخيال والواقع، ويظهر جمال العمل في ذكاء السرد الذي يدعو المشاهد للتساؤل عن حدود الفيلم ذاته، وفي التصوير الذي يلتقط عفوية وبراءة الفتاة وهي تتجول في المدينة، مما يمنح الفيلم إحساسا وثائقيا حميما. دائرة نسائية وفاز فيلمه الثالث 'الدائرة' (The Circle) عام 2000 بجائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي، وجائزة 'فيبريسي' للفيلم العام في مهرجان 'سان سيباستيان' السينمائي الدولي، كما فاز بجائزتي أفضل فيلم وجائزة الجمهور في مهرجان 'أوروغواي' السينمائي الدولي. ويحكي الفيلم عن حياة عدة نساء، تم إطلاق سراحهن مؤخرا من السجن، ويسلط الضوء على القيود والتحديات المجتمعية التي يواجهنها في إيران. قدم جعفر بناهي في هذا العمل جماليات قاسية ومؤثرة، تعكس واقعا اجتماعيا مريرا، وأضاف قيمة من خلال الهيكل السردي الدائري الذي يعكس دورة اليأس التي تعيشها النساء، ويخلق إحساسا بالحبس والقيود، وتمكن الرجل من تصوير الظلم الاجتماعي الواقع على المرأة ببراعة فنية، باستخدام التصوير البطيء والتركيز على الوجوه المعذبة، مما يثير التعاطف العميق ويدعو للتفكير في الظروف الإنسانية الصعبة دون الحاجة إلى الحوار المباشر أو الخطابة. وفاز فيلمه الرابع 'ذهب قرمزي' (Crimson Gold) عام 2003 بجائزة أفضل فيلم روائي طويل في مهرجان شيكاغو السينمائي الدولي، وجائزة الشوكة الذهبية لأفضل فيلم في مهرجان 'بلد الوليد' السينمائي الدولي بإسبانيا. ويبدأ الفيلم حين يشعر عامل توصيل البيتزا، وهو من قدامى المحاربين في الحرب الإيرانية العراقية، بخيبة أمل تجاه عدم المساواة الاجتماعية والفساد الذي يشهده في طهران، ويؤدي إحباطه وإحساسه بالظلم إلى الانفجار. يقدم الفيلم نقدا دقيقا للفوارق الطبقية والضغوط المجتمعية. استطاع بناهي أن يعكس الضغوط الاجتماعية واليأس الذي يدفع البطل نحو حافة الهاوية من خلال التصوير البصري واستخدم لقطات قريبة والتصوير الواقعي للشوارع المزدحمة والأماكن الضيقة، مما دعم الإحساس بالضيق والاختناق الذي تشعر به الطبقات الفقيرة، واستطاع أن ينقل حالة الاغتراب والغضب الاجتماعي من خلال تفاصيل صغيرة وإيماءات صامتة. فاز فيلم الخامس 'تسلل' (Offside) عام 2006 بجائزة الدب الفضي، الجائزة الكبرى للجنة التحكيم في مهرجان برلين السينمائي الدولي. واختار المخرج الإيراني أن تكون بطلاته هذه المرة مجموعة من الفتيات يتنكرن في زي الأولاد لحضور مباراة تصفيات كأس العالم، حيث يحظر على النساء دخول ملاعب كرة القدم في إيران. يتم القبض عليهن واحتجازهن من قبل الجنود، مما يؤدي إلى مفارقات كوميدية ساخرة. قدم الفيلم نموذجا نضاليا كوميديا في سبيل الحرية، وصنع المفارقة الدرامية بين رغبة الفتيات في مشاهدة كرة القدم والقيود السخيفة التي يفرضها المجتمع. ليس فيلما ولم يكن فيلمه السادس' هذا ليس فيلما' (This Is Not a Film) عام 2011 فيلما حقيقيا، وإنما وصفٌ المخرج لعزلته وحياته في الإقامة الجبرية، ورغم ذلك فقد حصل على جائزة 'الكوتش' الذهبي في مهرجان 'كان' السينمائي (على الرغم من عدم تمكن بناهي من الحضور، إلا أن الجائزة اعترفت بمجمل أعماله وظروفه). فقد صنع الفيلم بينما كان بناهي رهن الإقامة الجبرية وممنوعا من صناعة الأفلام، وهو عبارة عن يوميات فيديو لحياته اليومية، يظهره الفيلم محبوسا في شقته، يناقش مشاريع أفلامه التي لم تُنجز، ويتأمل في وضعه، وتم تهريبه بشكل مشهور من إيران على محرك أقراص فلاش مخبأ داخل كعكة لعرضه في 'كان'. وفاز فيلمه السابع 'الستار المغلق' (Closed Curtain) عام 2013 بجائزة الدب الفضي لأفضل سيناريو في مهرجان برلين السينمائي الدولي، ويدور الفيلم، الذي أخرجه بالمشاركة مع المخرج والكاتب الإيراني 'كامبوزيا بارتوفي'، حول رجل اعتزل في فيلا منعزلة على شاطئ البحر لتجنب السلطات، برفقة كلبه. واستخدم بناهي تقنية إزالة الحدود بين الخيال والواقع بشكل متزايد مع دخول الشخصيات وخروجها من السرد. أما فيلمه الثامن 'تاكسي' (Taxi)عام 2015 فقد فاز بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي الدولي عام 2015، وجائزة 'فيبريسي' في برلين. وقاد بناهي نفسه سيارة أجرة في شوارع طهران، وشارك في محادثات مع ركاب مختلفين من جميع مناحي الحياة. ليقدم عملا شبه وثائقي، ويرسم لوحة متنوعة للمجتمع الإيراني، ويتناول بمهارة مواضيع الرقابة والحرية والتحديات التي يواجهها المواطنون العاديون. وفاز فيلم 'ثلاثة وجوه' (Three Faces) عام 2018 بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان السينمائي. ويؤكد بناهي في هذا العمل أنه يتعامل مع حياته باعتبارها فيلما سينمائيا طويلا، ويدور العمل حول ممثلة مشهورة ومعها جعفر بناهي، الذي جسد دوره هو بنفسه، يسافران إلى قرية نائية في أذربيجان، للتحقيق في مصير فتاة شابة أرسلت رسالة فيديو يائسة تشير على ما يبدو إلى انتحارها بعد أن منعتها عائلتها من متابعة التمثيل. وفاز فيلم 'لا يوجد دببة' (No Bears) عام 2022 بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان البندقية السينمائي، وتدور أحداثه بين قصتي حب متوازيتين، كلتاهما مهددة بقوى خارجية. في إحداهما، يُخرج بناهي نفسه في قرية حدودية، فيلما عن بعد، بينما يراقب العادات المحلية والتوترات السياسية. وفي الأخرى، يحاول زوجان الفرار من إيران. استطاع الولد الفقير أن يحصل على سعفة 'كان'،هذا العام وتحول في الغرب إلى رمز للحرية الفنية والتمسك بالقيم التي يؤمن بها في مواجهة الجميع، لكن السياسة الدولية سوف تلقي، على الأرجح، بظلالها القاتمة على الجائزة وعلى الفائز بها، رغم تاريخه السينمائي.


الجزيرة
منذ 11 ساعات
- الجزيرة
كان 2025.. تتويج فلسطيني وتألق عربي وإيراني في قلب السينما العالمية
خاص-الوثائقية 25/5/2025 | 25/5/2025 05:33 PM (توقيت مكة) شهد مهرجان كان السينمائي في دورته الـ78 تحولًا لافتًا في خريطة الحضور العربي والإيراني، من المشاركة الرمزية إلى حصد الجوائز الكبرى والاعتراف العالمي. عدة بلدان عربية قدّمت أعمالًا قوية تحمل رسائل سياسية واجتماعية عميقة، تؤكد أن السينما لم تعد تكتفي بسرد القصة، بل تحولت إلى فعل مقاومة وأداة تعبير إنساني بليغة. فلسطين.. من الألم إلى 'السعفة الذهبية' في واحدة من أبرز لحظات المهرجان، فاز المخرج والممثل الفلسطيني توفيق برهوم بجائزة السعفة الذهبية لأفضل فيلم قصير عن عمله 'أنا سعيد لأنك ميت الآن'، الذي جاء وسط تصاعد التوترات الإقليمية والدولية. الفيلم حمل صوتًا فلسطينيًا جريئًا في أكبر محفل سينمائي عالمي، مجسدًا معاناة بلده وآمال شعبه، ومؤكدًا أن السينما الفلسطينية ليست فقط توثيقًا، بل فعل مقاومة حيّ. العراق.. 'الكاميرا الذهبية' تكتشف صوتًا جديدًا من بغداد، قدّم المخرج حسن هادي فيلمه الروائي الأول 'كعكة الرئيس'، الذي حصد جائزة الكاميرا الذهبية لأفضل عمل أول. الفيلم جمع بين السخرية السياسية والتأمل الوجودي، وقدّم صوتًا سينمائيًا جديدًا ينبض بالألم والواقعية، ليؤكد حضور السينما العراقية على خارطة المواهب العالمية. الجزائر وتونس والمغرب.. تألق نسائي في السرد والتمثيل في المسابقات الموازية، تألقت الجزائرية نادية ميلنتي بأدائها اللافت في فيلم 'الأخت الصغيرة'، للمخرجة التونسية حفصية حرزي، ونالت جائزة التمثيل عن دورها. الفيلم ناقش قضايا الهجرة والهوية النسوية في أوروبا، وقدم نموذجًا لقوة السرد النسائي العربي وقدرته على منافسة الأسماء العالمية. فيما فازت المخرجة المغربية راندا معروفي بجائزة 'اكتشاف لايتز للأفلام القصيرة' ضمن قسم 'أسبوع النقاد' في مهرجان كان السينمائي عن فيلمها القصير 'لمينا'. ويُعد 'أسبوع النقاد' أحد الأقسام الموازية الرسمية في كان، ويُركّز على الأعمال الأولى والثانية للمخرجين الواعدين. غزة.. 'حدث ذات يوم' يروي وجع المدينة المحاصرة في مسابقة 'نظرة ما'، ثاني أبرز أقسام المهرجان، فاز الشقيقان الفلسطينيان عرب وطرزان ناصر بجائزة أفضل إخراج عن فيلمهما 'حدث ذات يوم في غزة'. الفيلم يعكس الذاكرة الجماعية لمدينة تعيش الحصار والموت، مؤكدًا أن السينما القادمة من غزة لا تكتفي بالتوثيق، بل تمثل فعلًا فنيًا يعكس الواقع بقوة وجمال. إيران.. حضور تاريخي بعد فكّ القيود سجّلت السينما الإيرانية إنجازًا نوعيًا، مع فوز المخرج جعفر بناهي بالسعفة الذهبية عن فيلمه 'مجرد حادث'، وهو أول فيلم يصوّره سرًا بعد رفع الحظر عنه. وتدور أحداث الفيلم حول مجموعة من السجناء السابقين الذين يقابلون الرجل الذي يعتقدون أنه عذّبهم في السجن، ويفكرون في الانتقام، ويقومون بخطفه بالفعل، ويختلفون حول طريقة الانتقام. كما قدّم المخرج الشاب سعيد روستائي فيلم 'المرأة والطفل'، الذي أثار جدلًا واسعًا بقصته حول أرملة تواجه تحديات اجتماعية وجندرية في سبيل بناء حياة جديدة. تألقت في البطولة النجمة بريناز إيزديار بأداء مؤثر وحضور قوي. الجوائز الكبرى.. من النرويج إلى الصين فاز النرويجي يواكيم تريير بالجائزة الكبرى عن فيلمه 'قيمة عاطفية'، الذي يتناول علاقة مضطربة بين مخرج وابنته. نال البرازيلي فاغنر مورا جائزة أفضل ممثل عن فيلم 'العميل السري'، من إخراج كليبر مندونسا فيليو، الذي حاز أيضًا جائزة أفضل مخرج. جائزة لجنة التحكيم تقاسمتها أفلام 'صراط' للإسباني أوليفييه لاكس و'صوت السقوط' للألمانية ماشكا شيلينسكي. وحصل الصيني بي غان على جائزة خاصة عن فيلمه 'القيامة'. وثائقيات في لحظة تكريم ضمن التكريمات الخاصة، عُرض الفيلم الوثائقي 'ضع روحك على كفك وسر'، تكريمًا للراحلة فاطمة حسونة من غزة، والمخرجة الإيرانية سبيدة فارسي. الفيلم شكّل ردًا فنيًا على المجازر المرتكبة بحق الفلسطينيين، وعكس عبر لغة الوثائقيات ألم الشعوب وصمودها.