
مسلسل "قيصر": بين توثيق الحقيقة واستغلال المعاناة!
أثار الإعلان أخيراً عن مسلسل "قيصر" جدلاً واسعاً في الأوساط السورية والعربية، إذ يتناول قصة ضابط الصفّ السوري المنشق فريد المذهان، الذي كان يعمل مصوّراً في الشرطة العسكرية السورية، والمعروف بالاسم المستعار "قيصر"، والذي سرّب آلاف الصور لضحايا التعذيب في سجون النظام السوري. وبينما يرى البعض أن المسلسل يسلّط الضوء على انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، يرى آخرون أنه استغلال غير لائق لمعاناة الضحايا.
انطلق قبل أيام في دمشق تصوير "قيصر"، وهو دراما اجتماعية تستعرض مجموعة من القضايا المستوحاة من حقبة النظام السابق. كان من المقرر أن يتألف العمل من 30 حلقة تُعرض على شكل ثلاثيات. وشارك في تأليفه نخبة من الكتاب، بينهم نجيب نصير، عدنان عودة، وزهير الملا. أما الإخراج، فقد تولاه صفوان مصطفى نعمو، تحت الإشراف الفني للمنتج يامن ست البنين.
"أداة للتوثيق" أم "وسيلة للترفيه؟
يتجلى الجدل حول مسلسل "قيصر" في إشكالية أساسية: أين يجب رسم الخط الفاصل بين الفن كـ"أداة للتوثيق" والفن كـ"وسيلة ترفيهية"؟ هذه القضية ليست جديدة، فقد واجهت أعمال درامية سابقة إشكالات مشابهة، مثل الأفلام والمسلسلات التي تناولت جرائم الحرب العالمية الثانية أو أحداث الإبادة الجماعية. الجانب المؤيد لإنتاج المسلسل يرى أن الدراما يمكن أن تكون أداة فعالة لنقل الحقيقة إلى جمهور أوسع، وإبقاء القضية حية في الذاكرة الجمعية.
قد تساعد الأعمال الفنية في ممارسة الضغط على الجهات المسؤولة لمحاسبة مرتكبي الجرائم. أما المعارضون، فيرون أن تحويل المعاناة الحقيقية إلى مادة درامية قد يكون عملاً غير لائق، خاصة إذا لم يُراعَ رأي الضحايا أو أهاليهم. وهي -الأعمال الدرامية- بحكم طبيعتها قد تلجأ إلى إضافة عناصر خيالية أو درامية بهدف التشويق، مما يؤدي إلى تحريف الحقيقة. لذا، فإن السؤال الأساسي هو: كيف يمكن للفن أن يكون أداة توثيق من دون أن يتحول إلى استغلال؟ وهل يمكن تقديم قصة "قيصر" في عمل دراميّ يحترم مشاعر الضحايا وأسرهم، من دون أن يقع في فخ الإثارة التجارية؟
لا يمكن النظر إلى مسلسل "قيصر" بمعزل عن السياق السوري العام. فقد كشفت الصور، التي سرّبها فريد المذهان، عن حجم المأساة التي عاشها المعتقلون في السجون السورية، وأصبحت دليلاً معتمداً في قضايا حقوق الإنسان ضد النظام السوري. من ناحية أخرى، فإن تسليط الضوء على هذه الأحداث في عمل درامي يفتح باب النقاش حول كيفية توثيق الجرائم الكبرى. فبينما تعدّ الدراما وسيلة قوية للتوعية، فإنها قد تفقد صدقيتها إذا لم تراعِ الدقة أو إذا استخدمت بطريقة غير مناسبة.
لهذا، تبقى قضية تحويل قصص الانتهاكات إلى أعمال درامية مسألة حساسة، تستدعي التفكير في معايير أخلاقية تضمن احترام الضحايا وعدم التلاعب بوقائع التاريخ.
"قيصر" هو الاسم المستعار لفريد المذهان، الذي عمل مصوراً في الشرطة العسكرية السورية، والذي كلّف بتوثيق جثث المعتقلين الذين لقوا حتفهم تحت التعذيب بين عامي 2011 و2013. استطاع تهريب 55,000 صورة توثق هذه الانتهاكات، مما شكّل صدمة عالمية عند نشرها، وساهم في فرض عقوبات دولية على النظام السوري، كانت أبرزها تلك المفروضة بمقتضى "قانون قيصر".
من الناحية الحقوقية، شكّلت هذه الصور دليلاً دامغاً على ممارسات غير إنسانية، وأصبحت جزءاً من محاولات محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم. لكن تحويل هذه القصة، من الناحية الفنية، إلى مسلسل درامي يثير تساؤلات حول كيفية التناول، وحول مدى مراعاة حقوق الضحايا وأسرهم.
وفي تطور لافت، ظهر فريد المذهان علناً، بعد سنوات من إخفاء هويته، ليعلن رفضه التام لإنتاج المسلسل. وأكّد أنه لم يمنح أيّ موافقة لاستخدام قصته في عمل درامي، معبّراً عن خشيته من أن يؤدّي التناول غير الدقيق إلى "تحريف الوقائع أو إلحاق ضرر بأسر الضحايا". تصريحاته تسلّط الضوء على إشكالية أخلاقية في تناول المآسي الحقيقية في الدراما؛ فبينما يعتبر البعض أن الفنّ أداة فعّالة لفضح الجرائم وتعزيز الوعي، يرى آخرون أنه قد يصبح وسيلة لاستغلال الأحداث لصالح الإنتاج التجاري من دون مراعاة لمشاعر المتضرّرين.
انتشرت انتقادات واسعة عند الإعلان عن مسلسل "قيصر"، إذ رأى كثيرون أن العمل قد يُسيء إلى الضحايا عبر تحويل قصتهم إلى مادة ترفيهية. في المقابل، رأى البعض الآخر أن تسليط الضوء على هذه القضايا من خلال الدراما قد يساعد على إبقاء الذاكرة الجمعية حيّة، مما يسهم في الضغط الدولي لتحقيق العدالة. أمام موجة الانتقادات، قرّرت اللجنة الوطنية للدراما في سوريا إيقاف تصوير المسلسل موقتاً، في خطوة تعكس الاستجابة للضغوط الشعبية والإعلامية.
في الوقت نفسه، لم يُحسَم مصير المسلسل نهائياً، إذ يظلّ قرار استئناف تصويره أو إلغائه بالكامل قيد الدراسة. وجاء في بيان اللجنة الوطنية للدراما: "بعد الجدل الذي أثير حول مسلسل قيصر ومشاركة بعض الشخصيات فيه، وما تبعه من رفض واسع من قبل الشارع السوري، وانطلاقاً من التزامنا برأي شعبنا الكريم واحترام تطلعاته، فقد تقرر إيقاف تصوير المسلسل موقتاً حتى يتم تغيير اسمه وإعادة النظر في قائمة المشاركين فيه".
ممثلون "مؤيدون"
ولقي المسلسل رفضاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انتشرت دعوات تطالب بإيقافه تحت وسم #أوقفوا_مسلسل_قيصر. عبّر الناشطون عن غضبهم من تحويل مأساة إنسانية حقيقية إلى عمل درامي، بينما دافع آخرون عن المسلسل باعتباره وسيلة فعالة لنقل حقيقة الجرائم المرتكبة إلى جمهور أوسع. هذا التباين في الآراء يعكس انقساماً أوسع في المجتمع السوري والمنطقة العربية حول كيفية التعامل مع القضايا الحقوقية في المجال الفني، وحول مدى التزام الدراما بالمعايير الأخلاقية عند تناول الأحداث التاريخية المؤلمة.
وفي سياق آخر، أثارت قائمة الممثلين المشاركين في العمل استياء العديد من المعارضين، إذ ضمّت بعض الأسماء المعروفة بتأييدها العلني للنظام السوري السابق. هذا الأمر دفع المنتقدين إلى التشكيك في صدقية العمل، معتبرين أن مشاركة هؤلاء الفنانين تُفرغ المسلسل من مضمونه الحقوقي، وتجعله أقرب إلى إعادة إنتاج الرواية الرسمية للنظام بدلاً من كونه عملاً توثيقياً ينقل معاناة الضحايا بموضوعية.
ختاماً، يظل مسلسل "قيصر" موضوعاً شائكاً يطرح تساؤلات حول دور الدراما في توثيق الأحداث التاريخية المأسوية. فبينما يسعى الفن لكشف الحقيقة وإيصالها إلى الجمهور، يبقى احترام معاناة الضحايا وضمان عدم تشويه الوقائع تحدياً أساسياً. وما حدث مع مسلسل "قيصر" هو مثال واضح لحساسية التعامل مع القضايا الحقوقية في الدراما، وهو جدل يتكرر مع كل عمل يتناول أحداثًا حقيقية ذات طابع مأسوي. لذا، ربما يكون الحل بوضع معايير أخلاقية واضحة لمثل هذه الأعمال، لضمان تحقيق التوازن بين التوثيق الفني واحترام الحقيقة الإنسانية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 3 أيام
- النهار
كيت ميدلتون تتألّق باللون الأصفر الزبدي في حفل الحديقة الملكي... إطلالة بألف رسالة! (صور)
في ظهور طال انتظاره، عادت كيت ميدلتون، أميرة ويلز، إلى الساحة الملكية بكل أناقتها ورقيها، من خلال مشاركتها في حفل الحديقة الملكي الذي أُقيم في قصر باكنغهام في 20 أيار/ مايو 2025. ويعدّ هذا الحدث أول مشاركة لها في هذه المناسبة منذ عام 2023، بعد فترة نقاهة أعقبت إعلانها عن إصابتها بالسرطان وخضوعها للعلاج. وقد حملت هذه العودة رسالة بالغة التأثير، جمعت بين الشجاعة والإصرار الذي لطالما ميّز حضور الأميرة كيت في الحياة العامة. اختارت كيت ميدلتون لهذه المناسبة فستاناً أنيقاً من تصميم البريطانية إميليا ويكستيد، بلون أصفر زبدي، وهو الفستان ذاته الذي ارتدته خلال احتفالات اليوبيل البلاتيني للملكة إليزابيث الثانية عام 2022. وقد عكس هذا اللون المشرق روح الأمل والدفء، كما جاء تكريماً غير مباشر لجلالة الملكة الراحلة التي كانت تختار الألوان الزاهية لتكون مرئية للجماهير في التجمعات الكبيرة. View this post on Instagram A post shared by Princess of Wales Closet | Magui (@princesswcloset) وأكملت الأميرة كيت إطلالتها بقبعة أنيقة مزينة بالورود من تصميم فيليب تريسي، إلى جانب حذاء كلاسيكي من جيانفيتو روسي بلون حيادي، وحقيبة يد أنيقة من علامة Forever New باللون نفسه. أما أبرز ما ميز إطلالتها، فكان ارتداءها أقراط زفافها من تصميم روبنسون بيلهام، التي تحمل دلالات عائلية وشخصية، إذ تتضمن تصميماً على شكل ورقة شجر وغصن بلوط، في إشارة إلى شعار عائلة ميدلتون، وإلى التاج الملكي (Cartier Halo) الذي اعتمدته يوم زفافها عام 2011. كيت ميدلتون بين رمزية الألوان واستمرارية التقليد جاء اختيار اللون الأصفر الزبدي الزاهي ليعكس التوجه المشرق والمتفائل، وفي الوقت نفسه، كان تحية راقية لروح الملكة إليزابيث الثانية، التي لطالما حرصت على ارتداء الألوان المضيئة لخلق رابط بصري مباشر مع الشعب. وتُمثل هذه الإطلالة خروجاً عن النمط الهادئ من الألوان الترابية الحيادية التي اعتادت كيت ميدلتون ارتداءها في إطلالاتها في الآونة الأخيرة، وخصوصاً أثناء فترة التعافي. فقد أرادت أن تعود بروح مشرقة، تعبّر عن عزمها واستعدادها مجدداً لخدمة التاج بكل رقيّ وتعاطف. لحظات مؤثرة: لقاءات تحمل بصمات إنسانية رافقت الأميرة كيت زوجها الأمير ويليام في الحفل، الذي شارك فيه أيضاً عدد من أفراد العائلة المالكة، بينهم الأميرة أوجيني، زارا تيندال، الأمير إدوارد وصوفي دوقة إدنبرة. وخلال الحفل، التقت كيت أسرة المصورة الراحلة ليز هاتون، التي توفيت بعد صراع مع السرطان، في لحظة عاطفية عكست عمق تعاطفها الإنساني مع المرضى وأسرهم. وجمعتها لحظة مؤثرة أيضاً بـستيفن فرانك، أحد الناجين من الهولوكوست، الذي سبق أن التقطت له صورة ضمن مشروع لتخليد ذكرى ضحايا الحرب العالمية الثانية، بحيث تبادلا العناق في مشهد نادر من الدفء الإنساني وسط الأجواء الرسمية. لم تكن إطلالة الأميرة كيت مجرد مناسبة للأناقة، بل كانت عودة مفعمة بالدلالة والتأثير، أكدت من خلالها التزامها العميق مسؤولياتها الملكية، وقدرتها على الجمع بين الرسمية والإنسانية بأسلوبها الفريد. بهذه الإطلالة، أكدت أميرة ويلز من جديد مكانتها كرمز ملكي عصري، تتحلى بالثبات، الرقي، التعاطف والقدرة على تمثيل التاج البريطاني بأبهى صورة.

المدن
منذ 4 أيام
- المدن
كان رفيق سلاح عبدالناصر والسادات...أحمد مظهر السياسي
قلما تجد في تاريخ الفن المصري رجلاً بهذا التنوع والثراء، فقد تشعبت اهتمامات الممثل أحمد مظهر الذي رحل عن الحياة في الثامن من أيار 2002 بين الفن والأدب والرياضة والزراعة والسياسة على خلفية من أصوله العسكرية. بل كان بإمكانه أن يصبح – إذا أراد – أحد اللاعبين الكبار في المسرح السياسي في أعقاب ثورة 23 يوليو 1952. وإذا كان مشواره كممثل الذي بدأ بالصدفة حين شارك في فيلم "ظهور الإسلام" العام 1951 قد قاده لأن يكون أحد أبرز أسماء السينما العربية بما يقرب من مئة فيلم وعشرات الشخصيات الدرامية التي باتت من كلاسيكياتها، وإذا كانت صداقته الحميمة بالأديب نجيب محفوظ قد أدخلته عالم الأدب من الباب الكبير باعتباره صاحب الفضل في تكوين جماعة "الحرافيش" وهو الذي أطلق عليها هذا الاسم منذ أربعينيات القرن الماضي، وإذا كانت نشأته الرياضية الباكرة وجمعه بين الملاكمة والرماية والفروسية قد دفعت به إلى منصات التتويج ومشاركته في دورتي لندن 1948 وهلسنكي 1952 الأولمبيتين، فإن صفحة مهمة في حياته ظلت مجهولة أو شابها على الأقل كثير من الافتئات، فوقعت تفاصيلها بين التهوين تارة والتهويل أخرى، وأعني هنا دوره الخفي في الحياة السياسية بمصر في مرحلة شديدة الخصوصية والاضطراب من تاريخها المعاصر. التحق أحمد مظهر بالكلية الحربية العام 1936 في أعقاب توقيع مصر معاهدتها الشهيرة مع بريطانيا، فوجد في دفعته كلاً من جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وخالد محيي الدين وحسين الشافعي وعبد اللطيف البغدادي وزكريا محيي الدين، وكان يسبقه بدفعة أنور السادات، وبدفعتين الأديب يوسف السباعي، ولحق به الدكتور ثروت عكاشة، وهي الأسماء التي غيرت في ما بعد وجه الحياة السياسية في مصر ومنطقة الشرق الأوسط. ثم رافق مظهر بعد التخرج كل من جمال عبد الناصر وأنور السادات حين تم توجيه الثلاثة إلى معسكرات الجيش في منقباد التابعة لمحافظة أسيوط في صعيد مصر. وحينما سألته عند بداية تعارفنا في تشرين الأول 1987 عن ذكرياته عن هذه المرحلة من حياته، قال إنه لاحظ اهتمامات عبد الناصر بالتكتيك العسكري والنظريات القتالية، فيما كان السادات معنياً بالأحزاب السياسية والعمل السفلي والكفاح ضد الاستعمار الإنكليزي، ما انعكس عليه هو الآخر. وأضاف أن السادات حينما انتقلا معًا إلى القاهرة، فيما ذهب ناصر إلى جبل الأولياء بالسودان، هو الذي عرّفه على الفريق عزيز المصري الذي لُقّب بـ"أبو الأحرار" والمعروف بميله إلى معسكر الألمان في الحرب العالمية الثانية من أجل تخليص مصر من الاحتلال البريطاني. ومنذئذ لم يفارق مظهر الفريق عزيز المصري حتى في مغامرته الخطرة بمقابلة القائد روميل على متن طائرة عند قدومه بجيش المحور إلى الصحراء الغربية بمصر قبيل وقوع معركة العلمين الشهيرة التي قلبت موازين القوى في الشمال الأفريقي لمصلحة دول الحلفاء في أتون الحرب العالمية الثانية. وبحسب ما قاله لي أحمد مظهر ونشرته في حينه، أنه كان المؤسس للتنظيم الأول للضباط الأحرار الذي كان عزيز المصري أباه الروحي، وكان التنظيم يجتمع في شقته في شارع الحلمية في مصر الجديدة قبل أن يعلم البوليس السياسي باجتماعات التنظيم، ويصدر القرار بمهاجمة الشقة والقبض على أفراده باعتباره تنظيماً شيوعياً. فقرر الرجل، إثر هذه الواقعة، حلّ التنظيم قبل أن يعيد عبد الناصر تشكيله العام 1949 عقب عودته من حصار الفلوجة بفلسطين إبان النكبة الكبرى العام 1948، فانضم إليه أحمد مظهر أيضاً باعتباره ضابطا في سلاح الفرسان بعد مشاركته في حرب 1948 متطوعاً، رغم معارضة الملك فاروق اشتراك سلاح الفرسان في الحرب باعتباره قوة الجيش التي تؤمن عرشه بالقاهرة. ولم تنقطع علاقة مظهر بالرياضة في تلك الفترة، فقد حقق نتائج باهرة في الفروسية أهّلته لعضوية الفريق المصري المشارك في دورتي لندن وهلسنكي الأولبيتين، من من دون أن يتخلف عن اجتماعات الضباط الأحرار الذين كانوا يجهزون لحركتهم الثورية. وفي مقال له نشرته صحيفة الأهرام القاهرية عقب وفاة أحمد مظهر العام 2002، كشف صديقه نجيب محفوظ عن دور خفي قام به مظهر في تلك الفترة الحرجة، فذكَر أن مظهر كان الوسيط بين الضباط الأحرار وحزب الوفد، حين سلّم صهره محمد صلاح الدين باشا وزير الخارجية المصري والقطب الوفدي البارز، رسالة من عبد الناصر إلى النحاس باشا رئيس الوفد ورئيس الوزراء، يخبره فيها بنيّة الأحرار الانقلاب على الملك، طالباً الدعم والتنسيق مع التنظيم. غير أن النحاس رفض الانقلاب على الدستور وسيطرة الجيش على السلطة، لكنه حفظ للأحرار سرّهم. وأضاف محفوظ أن النحاس، ووزير داخليته فؤاد سراج الدين، كانا على علم بتحركات الضباط الأحرار، لكنهما – ما معناه – غضا الطرف عنها حسبما أبلغه صديقه الحرفوش الأكبر أحمد مظهر. وفي صيف 1952، ذهب مظهر إلى عبد الناصر ليبلغه أنه يستعد للسفر إلى فنلندا للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية، مستفسراً عن موعد القيام بالثورة، فأبلغه ناصر بأنه لم يحدّد الموعد بدقة ونصحه بالبقاء في القاهرة. لكن كثرة تأجيلات موعد القيام بحركة الضباط الأحرار دفعت قائد مدرسة الفرسان إلى عدم الاستماع لنصيحة ناصر والسفر إلى أوروبا، غير أن تسرّب أخبار التنظيم إلى القصر الملكي وفوز اللواء محمد نجيب في انتخابات نادي ضباط الزمالك على حساب رجال الملك، دفعا عبد الناصر للتعجيل. وحينما قامت الثورة بالفعل، فجر 23 يوليو، كان أحمد مظهر قد وصل إلى باريس في طريقه إلى فلندا، ولم يكن في الإمكان العودة إلى القاهرة، فأكمل طريقه مع البعثة المصرية إلى هناك. وقال لي مظهر قبل أسبوعين من وفاته، وبينما كنت أحرّر كتاب تكريمه في مهرجان الإسكندرية السينمائي 2002، أنه لم يشأ بعد عودته من الدورة الأولمبية التقرب من زملائه الأحرار، خشية أن يتصور بعضهم أنه يبحث عن منصب رفيع. لكن عبد الناصر احتفظ له بمكانه كقائد لكلية الفرسان وأحد قادة سلاح الفروسية، وأضاف أن علاقته في تلك الفترة اقتصرت على الفارسين يوسف السباعي وثروت عكاشة باعتبارهما رفيقي سلاح الفروسية. وحكى مظهر أن عبد الحكيم عامر وقف في طريقه بشدة حينما قرر قبول دعوة يوسف السياعي للمشاركة في التمثيل في فيلم "رد قلبي" الذي يحكي قصة ثورة يوليو، اعتقاداً منه بأن في ذلك إهانة للزي العسكري الذي يرتديه مظهر. ولم يتحول إلى الحياة المدنية إلا حينما أحاله عامر إلى التقاعد العام 1956 عقاباً له، فاختاره السباعي مساعداً له في المجلس الأعلى للفنون والآداب، ليبدأ الرجل منذ ذلك اليوم مشواره الطويل في عالم التمثيل، ولم يقترب قط من رفقاء السلاح، لا سيما عبد الناصر والسادات، لكنه عند وفاة ناصر في أيلول 1970، حرص على اصطحاب ابنه شهاب إلى بيت الرئيس الراحل في صباح اليوم التالي لتسجيل كلمته في سجل العزاء. أما السادات، فقد اختاره ليمثل شخصيته في أكثر من عمل إذاعي تناول حياة الرئيس، لا سيما بعد انتصارات أكتوبر 1973.


الديار
منذ 5 أيام
- الديار
ملايين المشاهدات لأغنية تمجد هتلر
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب حققت أغنية "هيل هتلر" (Heil Hitler) للمغني الأمريكي كانييه ويست، ملايين المشاهدات على منصة "إكس" منذ إصدارها في 8 ايار، رغم حظر الأغنية من منصات رئيسية أخرى مثل يوتيوب. وبعدما حقق الفنان الذي بات يعرف باسم "YE" شهرة بفضل أغانيه التي نال من خلالها 24 جائزة "غرامي"، أطلق المغني سلسلة تصريحات معادية للسامية ومؤيدة للنازية في السنوات الأخيرة. وعلى حسابه في منصة "إكس"، حقق المقطع الذي نشر في ذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية، ما يقرب من 10 ملايين مشاهدة حتى الأحد. وتظهر في الأغنية مجموعة من الأميركيين من ذوي البشرة السوداء يرتدون جلود الحيوانات ويرددون عنوان الأغنية التي تمجد الزعيم النازي "أدولف هتلر"، وتنتهي الأغنية بخطاب ألقاه الدكتاتور النازي. وبحسب بيان نقلته محطة "إن بي سي نيوز" الأمريكية، قررت منصة يوتيوب إزالة المحتوى المذكور، مؤكدة أنها ستواصل إزالة التحميلات الجديدة للأغنية من منصتها. وقالت شبكة التواصل الاجتماعي "ريديت" للوسيلة الإعلامية نفسها إنها ستزيل أي تحميلات للأغنية من المنصة. وصرح ناطق باسم الموقع "الكراهية ومعاداة السامية ليس لها مكان على الإطلاق على ريديت". وأزيلت الأغنية أيضا من منصتي البث الموسيقي الرئيسيتين "سبوتيفاي" و"آبل ميوزيك".