
الذكرى 78 لرحلة محمد الخامس إلى مدينة طنجة سنة 1947 والذكرى 69 لرحلته إلى مدينة تطوان سنة 1956
محطتان وضاءتان في مسيرة الكفاح الوطني من أجل حرية واستقلال المغرب
يخلد الشعـب المغربي، ومعه نسـاء ورجــال الحركــة الوطنيـة وأسرة المقاومـة وجيش التحريـر، يـومه الأربعاء 9 أبريل 2025، الذكرى 78 لرحلة الوحدة التاريخية التي قام بها بطل التحريـر والاستقلال والمقـاوم الأول جلالة المغفـور له محمد الخامس إلى مديـنة طنـجة في 9 أبريل 1947، والذكرى 69 لرحلته الميمونة طيب الله ثراه إلى مديـنة تطوان في 9 أبريل 1956، قادما إليها من اسبانيا معلنا استقلال منطقة الشمال وتحقيق الوحدة الوطنية.
لقد تمت الرحلة الملكية إلى طنجة في وقتها المناسب، وشكلت منعطفا حاسما في مسيرة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال، وحدا فاصلا بين عهدين: عهد الصراع بين القصر الملكي، ومعه طلائع الحركة الوطنية، وبين إدارة الإقامة العامة للحماية الفرنسية، وعهد الجهر بالمطالبة بحق المغرب في الاستقلال أمام المحافل الدولية وإسماع صوت المغرب بالخارج، والعالم آنذاك يتطلع لطي حقبة التوسع الاستعماري والدخول في مرحلة تحرير الشعوب وتقرير مصيرها بنفسها. فكانت هذه الرحلة التاريخية لجلالته قدس الله روحه عنوانا لوحدة المغرب وتماسكه، وبالتالي مناسبة سانحة لتأكيد المطالبة باستقلال البلاد وحريتها وسيادتها.
وما أن علمت سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية برغبة جلالته رضوان الله عليه، حتى عمدت إلى محاولة إفشال مخطط الرحلة الملكية وزرع العراقيل والعقبات في طريقها، لكنها لم تنجح في ذلك، إذ جاء رد جلالة المغفور له محمد الخامس رحمه اللـه على مبعوث الإقامة العامة قائلا له بوضوح: 'لا مجال مطلقا في الرجوع عن مبدإ هذه الرحلة'.
وهكذا، أقدمت السلطات الاستعمارية على ارتكاب مجزرة شنيعة بمدينة الدار البيضاء يوم 7 أبريل 1947 ذهب ضحيتها مئات المواطنين الأبرياء، وقد سارع جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه إلى زيارة عائلات الضحايا ومواساتها، معبرا لها رحمه الله عن تضامنه معها اثر هذه الجريمة النكراء.
لقد فطن جلالة المغفور له محمد الخامس رحمه الله إلى مؤامرات ودسائس المستعمر التي كانت تهدف إلى ثني جلالته عن عزمه على إحياء صلة الرحم والتواصل مع أبنائه الأوفياء من سكان عاصمة البوغاز وتجديد العهد معهم على مواصلة الكفاح الوطني الذي ارتضاه المغاربة طريقا للتحرر من الاحتلال الأجنبي.
ويوم 9 أبريل 1947، توجه طيب الله ثراه على متن القطار الملكي انطلاقا من مدينة الرباط نحو طنجة عبر مدن سوق أربعاء الغرب ثم القصر الكبير فأصيلا التي خصص بها سمو الأمير مولاي الحسن بن المهدي استقبالا حماسيا رائعا احتفاء بمقدم العاهل الكريم في حشد جماهيري عظيم. هذه الصورة الرائعة كسرت العراقيل التي دبرتها السلطات الاستعمارية، ليتأكد التلاحم القوي الذي جمع على الدوام بين العرش العلوي المجيد والشعب المغربي الأبي. وقد خصصت ساكنة مدينة طنجة استقبالا حارا للموكب الملكي جددت من خلاله تمسكها بالعرش والجالس عليه، وتفانيها في الإخلاص لثوابت الأمة ومقدساتها، واستعدادها للدفاع عن كرامة البلاد وعزتها.
وقد جاء الخطاب التاريخي الذي ألقاه جلالة المغفور له محمد الخامس يوم 10 أبريل بفناء حدائق المندوبية بحضور ممثلين عن الدول الأجنبية وهيأة إدارة المنطقة وشخصيات عدة، مغربية وأجنبية، ليعلن للعالم أجمع عن إرادة الأمة وحقها في استرجاع استقلال البلاد ووحدتها الترابية حيث قال جلالته في هذا الصدد: 'إذا كان ضياع الحق في سكوت أهله عليه، فما ضاع حق من ورائه طالب، وإن حق الأمة المغربية لا يضيع ولن يضيع …'.
كما أبرز جلالته من خلال خطابه التاريخي، نظرته الصائبة رحمه الله وطموحاته المشروعة في صون مستقبل المغرب حيث قال جلالته بهذا الخصوص: 'فنحن بعون الله وفضله على حفظ كيان البلاد ساهرون، ولضمان مستقبلها المجيد عاملون، ولتحقيق تلك الأمنية التي تنعش قلب كل مغربي سائرون …'.
لقد كان خطاب جلالته رسالة واضحة المعالم والمضامين في مواجهة الأطماع الاستعمارية بحيث أوضح رحمه الله أن عرش المغرب يقوم على وحدة البلاد من شمال المغرب إلى أقصى جنوبه، وأن مرحلة الحماية ما هي إلا مرحلة عابرة في تاريخ المغرب والتي شكلت في حد ذاتها حافزا رئيسيا لوعي المغاربة بأهمية الموقع الجيواستراتيجي الذي يتبوأه المغرب. ولعل اختيار مدينة طنجة له دلالات كبيرة، وهي التي خصها جلالة المغفور له محمد الخامس بقوله: 'وأن نزور عاصمة طنجة التي نعدها من المغرب بمنزلة التاج من المفرق، فهي باب تجارته ومحور سياسته…'.
بالإضافة إلى ذلك، فقد كان لهذه الزيارة جانب روحي، إذ ألقى أمير المؤمنين جلالة المغفور له محمد الخامس يوم الجمعة 11 أبريل خطبة الجمعة وأم المؤمنين بالصلاة في المسجد الأعظم بطنجة، حاثا الشعب المغربي على التمسك برابطة الدين، فهي الحصن الحصين لأمتنا ضد مطامع الغزاة. لذلك نجد أن الرحلة الملكية التاريخية إلى طنجة كان لها وقع بمثابة الصدمة بالنسبة لسلطات الحماية التي أربكت حساباتها فأقدمت على الفور على عزل المقيم العام الفرنسي 'ايريك لابون'، ليحل محله الجنرال 'جوان' الذي بدأ حملته المسعورة على المغرب بتضييق الخناق على القصر الملكي وتنفيذ مؤامرة النفي.
إلى جانب الحضور السلطاني، شهدت الزيارة الملكية التاريخية لمدينة طنجة أنشطة أميرية مكثفة ونوعية، همت المجالات التربوية والاجتماعية والوطنية، وجرت العديد من اللقاءات والفعاليات التي اقترب فيها والتحم الأمراء الأجلاء مولاي الحسن ومولاي عبد الله ولآلة عائشة مع فئات وشرائح واسعة وعريضة من المواطنين لتفقد أحوالهم والإنصات لتطلعاتهم وانتظاراتهم، حيث أبان جلالة المغفور له الحسن الثاني رضوان الله عليه، وهو حينئذ شاب يافع في لقاءاته مع ساكنة طنجة ونخبها، ومع شبيبتها في الكشفية وناشئتها، عن قوة الشخصية وسعة الإدراك في الخطابة والبيان، ورصانة فكر ورجاحة عقل، وعن حس المسؤولية والغيرة الوطنية في التعامل مع أوضاع البلاد وقضاياها وشؤونها.
وبدورها، أبدعت الأميرة للاعائشة من خلال الخطاب الذي ألقته سموها بدار المخزن بالقصبة يوم 11 أبريل 1947، والذي خلف الأثر البالغ والوقع العميق في نفوس نساء وفتيات مدينة طنجة، حيث ركزت سموها على إلزامية نشر العلم، وتعميم التمدرس في صفوف العنصر النسوي بكافة أرجاء البلاد باعتبار الدور الذي يضطلعن به في المجتمع كأمهات ومربيات لأجيال المستقبل.
وجاءت زيارة جلالته رضوان الله عليه لمدينة تطوان في التاسع من أبريل سنة 1956 ليزف منها بشرى استقلال الأقاليم الشمالية وتوحيد شمال المملكة بجنوبها. وقد كان جلالته عائدا من اسبانيا بعد أن أجرى مع المسؤولين الإسبان مفاوضات تهم استكمال الوحدة الترابية للمملكة والتي توجت بالتوقيع على معاهدة 7 أبريل 1956 التي تعترف بموجبها دولة اسبانيا باستقلال المغرب وسيادته التامة على كافة أجزائه.
وهكذا، ألقى جلالة المغفور له محمد الخامس تغمده الله برحمته خطابا تاريخيا وسط ما يفوق 200 ألف مواطن من سكان مدينة تطوان استهله بقوله: 'وبالأمس عدنا من ديار فرنسا ووجهتنا عاصمة مملكتنا، رباط الفتح لنزف منها إلى رعايانا بشائر الاستقلال. واليوم نعود من رحلتنا من الديار الاسبانية ووجهتنا تطوان قاعدة نواحي مملكتنا في الشمال وتحت سماء هذه المدينة، قصدنا أن يرن صوت الإعلان بوحدة التراب إلى رعايانا في جميع أنحاء المملكة، وذلك رمزا إلى تتميم هذه الوحدة وتثبيتها في الحال'.
وإن أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، وهي تخلد ذكرى رحلة الوحدة التاريخية لجلالة المغفور له محمد الخامس قدس الله روحه في 9 أبريل 1947 إلى طنجة، وذكرى الرحلة الملكية الميمونة لجلالته أكرم الله مثواه إلى تطوان في 9 أبريل 1956، معلنا رحمه الله عن توحيد شمال الوطن مع جنوبه، لتؤكد على واجب الوفاء والبرور بالذاكرة التاريخية الوطنية وبرموزها وأعلامها وأبطالها الغر الميامين. وهي في ذات الوقت، تحرص على إيصال الرسائل والإشارات القوية وإشاعة رصيد القيم والمثل العليا ومكارم الأخلاق في أوساط وصفوف الشباب والناشئة والأجيال الجديدة والقادمة لتتشبع بأقباسها وتغترف من ينابيعها، ما به تتقوى فيها الروح الوطنية وحب الوطن والاعتزاز بالانتماء الوطني لمواصلة مسيرات الحاضر والمستقبل تحت القيادة المتبصرة والحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله لبناء وإعلاء صروح المغرب الجديد، مغرب الحداثة والديمقراطية والتنمية الشاملة والمستدامة والتضامن والتكافل الاجتماعي.
كما تجدد ولاءها وإخلاصها للعرش العلوي المجيد، وتعلن عن استعدادها الكامل وتعبئتها المستمرة وراء قائد البلاد صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله من أجل الدفاع عن وحدتنا الترابية غير القابلة للتنازل أو المساومة، مثمنة المبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع لأقاليمنا الصحراوية المسترجعة في ظل السيادة الوطنية، هذا المشروع الذي حظي بإجماع الشعب المغربي، ولقي استحسان ودعم القوى الحية والواعية المحبة للسلام ـالتي اعتبرته آلية ديمقراطية متقدمة تنسجم مع الشرعية الدولية، وكفيلة بإنهاء النزاع الإقليمي المفتعل، والذي يؤجج ناره خصوم وحدتنا الترابية والمتربصون ودعاة الانفصال الذين يتمسكون بأراجيف وأباطيل انكشفت حقيقتها أمام الرأي العام الدولي.
وبهذه المناسبة، سطرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير برنامجا للأنشطة والفعاليات المخلدة لهذين الحدثين المجيدين، يوم الأربعاء 9 أبريل 2025، بكل من مدن أصيلة وطنجة وتطوان، يشتمل على مهرجانين خطابيين بحضور السلطات الولائية والإقليمية والمنتخبين والفاعلين الجمعويين والمنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير، تلقى خلالهما كلمات وشهادات للإشادة بفصولهما وأطوارهما، وإبراز مكانتهما المتميزة في مسيرة الكفاح الوطني الطافح بروائع النضالات من أجل الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية.
وسيتم بالمناسبة تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وتوزيع إعانات مالية و إسعافات اجتماعية على عدد من أفراد هذه الأسرة المجاهدة الجديرة بموصول الرعاية والعناية.
ويتضمن برنامج تخليد هاتين المناسبتين التاريخيتين الفقرات التالية:

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بلبريس
منذ 4 ساعات
- بلبريس
الرباط: محاكمة أستاذ جامعي بتهمة التحرش واستغلال النفوذ
بدأت المحكمة الابتدائية بالرباط، النظر في قضية أستاذ جامعي يشغل منصب رئيس شعبة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية بجامعة محمد الخامس-أكدال، يواجه تهماً تتعلق بالتحرش الجنسي واستغلال السلطة لأغراض جنسية. ووفقاً لما أوردته جريدة " الصباح" في عددها الصادر يوم الجمعة 23 ماي 2025 ، وجهت النيابة العامة للأستاذ تهمة "التحرش الجنسي واستغلال السلطة التي تخولها له مهامه لأغراض ذات طبيعة جنسية". وتعود تفاصيل القضية إلى شكوى تقدمت بها طالبة ضد الأستاذ المذكور، اتهمته فيها بمحاولة استمالتها جنسياً مقابل منحها نقطة إيجابية في بحث التخرج الذي كان يشرف عليه. وأكدت الطالبة في شكايتها أن الأستاذ مارس عليها ضغوطات بهدف ممارسة الجنس، بل وحاول ذلك فعلياً، مما دفعها إلى تقديم شكوى رسمية لدى الضابطة القضائية. من جهته، أنكر الأستاذ الجامعي جميع الاتهامات الموجهة إليه جملة وتفصيلاً، وذلك خلال مراحل البحث التمهيدي والاستنطاق الأولي أمام النيابة العامة. في المقابل، قدمت الطالبة مجموعة من المعطيات التي اعتبرتها وسائل إثبات لتعرضها للتحرش ومحاولة الاعتداء الجنسي. وعقب تلقي عمادة الكلية شكاية الطالبة، بادرت بشكل عاجل إلى إعفاء الأستاذ المعني من مهامه كرئيس للشعبة ومن الإشراف على بحوث طلبة الإجازة وسلك "الماستر"، مع الإبقاء على إشرافه فقط على أطروحات الدكتوراه. وقد تأجلت الجلسة القضائية إلى الشهر المقبل، وذلك في انتظار حضور المشتكى به إلى قاعة المحكمة. وتُعتبر هذه القضية الأولى من نوعها التي تصل إلى أروقة العدالة، وترتبط بشكل مباشر باستغلال أستاذ جامعي لسلطته لأغراض ذات طبيعة جنسية داخل جامعة محمد الخامس بالرباط.


وجدة سيتي
منذ 5 ساعات
- وجدة سيتي
انزياحات خطاب وزير الشأن الديني عندنا أثارت جدلا كبيرا لدى الرأي العام الوطني
انزياحات خطاب وزير الشأن الديني عندنا أثارت جدلا كبيرا لدى الرأي العام الوطني منذ إعلان وزير الشأن الديني عندنا أول مرة عمّا سمّاه خطة تسديد التبيلغ المتمثلة في توحيد خطب الجمعة ،وتكليف الخطباء بتلاوتها كما يتوصلون بها حرفيا فوق المنابر لتكون بديلا عمّا كانوا من قبل يحررونه من خطب كانت من إنشائهم ، وبأساليبهم وهو يطلع على الرأي العام الوطني بتصريحات كلها تدور حول فئة من الخطباء الذين لم ينصاعوا لأوامره ، وظلوا يلقون خطبهم عوض خطب الخطة التي أعلن عنها . وفيما يلي أنواع الخطاب الذي طلع به على الرأي العام الوطني بخصوص هؤلاء الخطباء ، وهو عبارة عن انزياحات شملت دلالات بعض الكلمات التي نعتهم بها: ـ أول ما نعتهم به أنهم مرض أصاب جسم الخطابة المنبرية في بلادنا، وقد انزاح بلفظة » مرض » عن دلالتها التي تعني العلة العضوية أو النفسية أو العقلية ، وأخرجها عن مقتضى ظاهرها على حد قول البلاغيين أوالأسلوبيين ، وبذلك جعل 95 في المائة من الخطباء الذين يتلون ما يُحرّر لهم من خطب بمثابة الجزء الصحيح المعافى من جسم الخطابة ، بينما 5 في المائة ممن ظلوا يحررون خطبهم بأساليبهم هم الجزء المعتل ، علما بأن العضو المعتل في الجسم الصحيح حكمه أن يداوى أو يستأصل كما يُفعل بالأورام الخبيثة ، وهذا ما قصده إليه الوزير بخطابه المنزاحة كلماته عن دلالاتها . والغريب في الأمر أنه قبل تنزيل خطة تسديد التبليغ كان الخطباء بنسبة 100 في المائة كلهم علة ومرض باعوجاج تبليغهم حسب ما يفهم من كلامه ، فتعافى منهم 95 في المائة بترياق خطب الخطة المفروضة، وقد كانت أول أمرها اختيارية أو بتعبيرلغة الشرع كنت في حكم فرض كفاية، ثم صارت بعد ذلك فرض عين بعدما تبين أن حظ الاختيار كان في غاية السوء ، ولهذا ألصق نعت المرض بمن ظلوا متشبثين بمنطق الاختيار وحرية الإنشاء . ـ وثاني ما نعتهم به نعت لفظة » الخوارج » وهو الانزياح الثاني في خطابه ، ذلك أن هذا النعت ذا الدلالة التاريخية إنما أطلق على الطائفة التي خلعت بيعة الخليفتين الراشدين عثمان بين عفان ، وعلى بن أبي طالب رضي الله عنهما وأرضاهما ،ثم صار يطلق بعد ذلك على كل فئة تخرج عن الإمارات الإسلامية التي عرفها التاريخ الإسلامي ، وكانت تحارب بسبب هذا الذي تسمت به ، كما كانت في نفس الوقت فئة مكفرة لكل من ليس على نهجها في الخروج والتكفير ، وهذا انزياح خطير بلفظة » خوارج » من الوزير وهو يصف النسبة التي تقلصت من الخطباء الرافضين لتلاوة خطب الخطة من 5 في المائة إلى 3 في المائة ، ولا شك أنه انخفاض نسبتها يعزى إما إلى استئصال الوزير للجزء المعتل من جسم الخطابة عن طريق التوقيف أو العزل من المنابر كما عهد فيه ذلك منذ توزّره أو إلى اعتزال بعض الخطباء المنابر من تلقاء أنفسهم بعد الذي آلت إليه خطب الجمعة من تحجير الغرض منه تكميم الأفواه حتى لا تعالج مشاكل البلاد ، وهموم الشعب ، وقضايا الأمة الإسلامية… وهي تمر بظرف في غاية الخطورة والدقة . ووجه الخطر في انزياح خطاب الوزير بخصوص هذه اللفظة أنه اتهم الخطباء بما قد يظنه البعض أنه خروج عن إمارة المؤمنين لمجرد أنهم لم يرضوا بأن يتحولوا إلى ببغاوات يجترون خطبا ترد عليهم، وذلك على حساب ملكاتهم الخطابية التي لا تقل أهمية عن باقي الملكات الإبداعية من شعر ونثر، والتي يعرف جيدا من يمارسونها ما تتطلب أولا من مواهب ، و ثانيا ما تسببه لهم من معاناة ، وهذا ما لا يمكن للوزير وقد مارس كتابة القصة أن ينكره . وإذا كان الشاعر الفرزدق، وهو من هو شاعرية، وموهبة، وغزارة إنتاج شعري قد قال كلمته الشهيرة : » إن خلع ضرس يكون أحيانا أهون علي من قرض بيت شعر » ، فإن خطباء الجمع قد يكون فض أفواههم أحيانا أهون عليهم من إنشاء جملة في خطبهم ، وذلك لقدسيتها وتنزيهها عما في غيرها من سقط القول ورديئه ، وهي التي تحمّل بالذكر الحكيم ، بأحاديث سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، فضلا عن أقوال أئمة الأمة ،وعلمائها، ومشايخها الكبار. ولهذا يعذر الخطباء إذا ما اعتزلوا منابر الجمعة بعد خطة الوزير التي رامت تكميم أفواههم . أليس من الجناية على خطباء وفيهم من أفنوا أعمارهم في خدمة منابرالجمعة أن ينعتوا بالخوارج بما في هذا النعت المشين والقدحي من اتهام لهم يتراوح بين التلميح والتصريح بالدلالة على الخروج عن إمارة المؤمنين ، وهم الذين يختمون خطبهم كل جمعة بتجديد بيعتهم عن طريق الدعاء الصالح لأمير المؤمنين ؟ أليس هذه مزايدة عليهم في الوطنية وفي الدين ؟ ـ وثالث ما انزاح به الوزير عن دلالته في خطابه هو وصف من غاروا على ملكتهم الخطابية » بالعدميين » ، وهو نعت يطلق على الذين ينكرون وحدانية الله عز وجل ، و ينكرون البعث واليوم الآخر من الملحدين ، وهو نقيض دلالة الغائيين من المؤمنين بوحدانيته سبحانه وتعالى ، وبالبعث وباليوم الآخر. فعجبا لهذا الوزير كيف يغامر بنعت خطباء وفيهم علماء ومفكرين وأساتذة بهذا النعت المشين ، وهو تقوّل منه في حكم التكفير. ولا شك أنه لا عجب من أن تصدر عنه هذه الانزياحات، وهو الذي انزاح بلفظة » علمانية « حين ألصقها بوطننا الذي ينص دستوره على أن دينه الرسمي هو الإسلام . وأخيرا نرجو من السادة العلماء الأجلاء في المجلس العلمي الأعلى وباقي المجالس الجهوية منها والمحلية أن يقوموا بواجب النصح لوزيرهم نصحا يكفه عن الانزياحات في خطابه المتحرش بخطباء لمجرد أن لهم غيرة على مواهبهم خصوصا وأن السادة العلماء هم أدرى و أعلم بخطورة ما ورد في انزياحاته من جناية خطيرة على خُدّام منابر الجمعة الذين ربأوا بأنفسهم أن يتحولوا إلى مجرد ببغاوات يرددون ما ينشئه غيرهم ممن هم دون رسوخ أقدامهم في الخطابة ، ودون جزالتهم في إنشائها ، ودون حكمهم فيها ، و ودون نصحهم لله تعالى ،ولكتابه ،ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم . وأخيرا هذه كلمة موجهة إلى الخطباء الذين نالهم منهم الوزير بانزياحات الغريبة والمؤذية في نفس الوقت التي وردت في خطابه. أنتم معاشر الخطباء المغضوب عليهم من طرف الوزير لستم علة ولا مرضا أصاب جسم الخطابة ،بل كنتم دائما صحتها وعافيتها قبل الوباء الذي حل بها ، ولستم خوارج ،بل أنتم العاضون على إمارة المؤمنين بالنواجذ ، ولستم عبثيين بل أنتم الغائيون الموقنون حق اليقين بتوحيد الله تعالى، وبالبعث ،وباليوم الآخر ، فكونوا رعاكم الله نسورا تروم قمم العز المؤثل حين تستنسر في الأرض البغاث.


أريفينو.نت
منذ 6 ساعات
- أريفينو.نت
بعد عزل رئيسها السابق.. انتخاب عمرو عرجون رئيسا جديدا لمجلس جماعة البركانيين
محمد علالي عُقدت بقاعة الاجتماعات بمقر جماعة البركانيين صبيحة يومه الجمعة 23 ماي2025، جلسة انتخاب رئيس مجلس جماعة البركانيين و نواب الرئيس . بحضور السلطة المحلية من قائد قيادة كبدانة وخليفته وعناصر من الدرك الملكي والقوات المساعدة . أشرف السيد منعم أزمي بربرة قائد قيادة كبدانة على جميع جوانب عملية انتخاب الرئيس الجديد ونوابه بكفاءة عالية .وبعد كلمة ترحيبية والتأكد من النصاب القانوني تم تعيين العضو الأكبر سناً لتسيير أشغال جلسة إنتخاب الرئيس والعضو الأصغر سنا ككاتب للجلسة، وفقاً لمقتضيات القانون التنظيمي 113.14. والتي ستشرف بعد ذلك على عملية إنتخاب رئيس المجلس. هذا وتم انتخاب عمرو عرجون رئيساً للمجلس الجماعي للبركانيين بالأغلبية المطلقة. وبعد ذلك قدم رئيس المجلس الجماعي الجديد لائحة أعضاء المكتب المسير للمجلس والتي تم التصويت عليها وهي على الشكل التالي : النائبة الأول : مليكة البجاوي إقرأ ايضاً النائب الثاني : ميمون بوربة النائب الثالث : محمد عكروط النائب الرابع : أحمد كلموع لتتم بعد ذلك تلاوة برقية الولاء والإخلاص المرفوعة إلى السدة العالية بالله جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.