
في يومهن العالمي... يمنيات تجاوزن تحديات الحرب والاغتراب
على رغم الحال القاتمة الذي تلف اليمن بفعل 10 أعوام من الصراع الدامي الذي نالت منه حواء اليمنية نصيباً وافراً، فإن ثمة ومضات من وجوه اليمنيات تشع بقصص نجاح ملهمة ربما لم تكن غريبة عن بلد عريق خلد التاريخ في فصوله المثيرة حضوراً نسائياً بارزاً، وقد تكون لهذه الجهود إسهامات في رفد عودة السلام والبناء والتنمية لبلدهن الكسير.
وما بين الاعتقالات التعسفية والنزوح والاغتراب والفقر والظلم الاجتماعي ورعاية الأبناء تتلخص معاناة نساء اليمن لتأتي التقارير الحقوقية مؤكدة الحال الصعبة التي يعشنها ومن بينها ما كشف عنه مرصد حقوقي دولي عن "الانتهاكات الموثقة بحق النساء في اليمن التي تجاوزت 8400 حالة منذ بداية الصراع في البلاد عام 2015 وحتى نهاية العام الماضي 2024".
ورصد المركز الأميركي للعدالة عدداً من الانتهاكات لمناسبة اليوم العالمي للمرأة، من بينها ما يقارب 1900 حالة اعتقال تعسفي وآلاف حالات القتل.
هناك جانب مضيء
وعلى رغم الواقع والبيئة الطاردة للعطاء والنجاح وما تضمنته التقارير الحقوقية من أرقام مخيفة ومقلقة عن الانتهاكات المريعة التي تكابدها اليمنيات، فإن حفيدات بلقيس لم يرضخن لكل هذه الأسوار الموحشة، وبعنفوان مستمر واصلن العطاء والنضال الذي كان له الأثر الواضح في التخفيف من وطأة المعاناة التي ضمدت جراح الوطن المنهك.
ومن بين قصص النجاح ما حققته الناشطة وصانعة السلام البارزة منى لقمان التي جمعت قصص نجاح شتى تنوعت بين الكتابة الإبداعية والنشاط الحقوقي وصناعة السلام ومساعدة قريناتها اليمنيات اللاتي يكابدن ظروفاً إنسانية صعبة في ظل الصراع الدائر.
وعلاوة على الحضور السياسي والحقوقي الذي برز أخيراً، تحفل مسيرة لقمان المهنية بتجارب ثرية في مجالات الرعاية الصحية والاجتماعية ومشاريع المياه وإزالة الألغام وتجربتها مع منظمة إنقاذ الطفولة، إضافة إلى سلسلة من الكتابات والمؤلفات في الأدب والتنمية الذاتية وغيرها.
وتتويجاً لحضورها الدؤوب لمصلحة التنمية وتطوير سبل العيش في مختلف المحافظات منحت لقمان جائزة دولية وهي وسام "كلينتون 2023" للشجاعة والقيادة الاستثنائية لصناعة عالم أكثر أماناً واستقراراً من بين كثير من المرشحين للجائزة.
وخلال حفل التكريم الذي جرى في جامعة جورج تاون بحضور وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون وأعضاء من الكونغرس ودبلوماسيين من مختلف دول العالم إضافة إلى منظمات غير حكومية وناشطين من دول عدة، قالت لقمان إن "هذه الجائزة تذكير صارخ بأن العالم لا يمكنه أن يغض الطرف عن الحرب المستمرة والأزمة الإنسانية والمعاناة العميقة التي يتحملها شعب اليمن".
وفي إطار نشاطها لتصحيح السرديات المغلوطة عن اليمن وحشد المناصرة الدولية، قدمت عام 2022 شهادة مفصلة أمام لجنة مجلس النواب للشؤون الخارجية المعنية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا والإرهاب الدولي في الكونغرس الأميركي حذرت خلالها من خطورة فرض الشعارات الأيديولوجية الأحادية، خصوصاً على الأطفال والشباب، كما استعرضت الانتهاكات ضد النساء داخل السجون في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
أشواق تطوي مسافات المهرة الطويلة
وفي أقصى المنطقة الشرقية لليمن برز وجه نسائي آخر من محافظة المهرة المحاذية لسلطنة عمان، طاوية مسافات طويلة من المشقات والتعب المترامي لتثري مجتمعها بجهودها المجتمعية التي بذلتها بسخاء. إنها التربوية والناشطة المجتمعية أشواق مبارك عوشن التي ظهر أثرها وكبر بدءاً من منطقتها في مديرية قشن مروراً ببقية مناطق وأرياف وقرى محافظة المهرة.
وبرز عطاء عوشن عندما عملت مديرة لمدرسة الفاروق للبنات خلال سنوات شبابها الأولى، ووفقاً لشهادات نساء مهريات فأشواق منحت محافظتها أجيالاً من الفتيات المتعلمات ممن حملن على عواتقهن مهمة بناء جيل متطلع إلى مستقبل واعد بعدما عانت محافظتهن عقوداً من التهميش والنسيان قبل أن تحمل قلمها وتنتقل إلى المكتب التنفيذي لتتولى منصب مديرة إدارة تنمية المرأة بمديرية قشن عام 2018.
هذا الموقع أتاح لأشواق فرصة أفضل لتقديم مزيد من العطاء إلى المرأة المهرية لتعزيز دورها الإنساني والتربوي والاجتماعي سواء من خلال المبادرات الذاتية أو برامج التأهيل والتدريب والإشراك المجتمعي، ومن ضمن النشاطات التي تولتها مبادرة العلاج المجاني للأمهات والأطفال خلال شهر رمضان وتنظيمها سلسلة من البرامج والدورات التي تحفز المرأة المهرية وتدفعها إلى المشاركة بفاعلية في العمل التنموي والمهني والحرفي ونيل حقوقها، محدثة ثورة اجتماعية في مجتمعات غارقة بعاداتها الرافضة لكسر عزلة الموروث.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلاوة على جهودها في تطوير حضور المرأة نجحت عوشن في الدعوة إلى عقد اجتماعات مع السلطة المحلية وشيوخ قبائل المديرية ورجال الأعمال دعت خلالها إلى تمويل بعض المشاريع الخدمية منها بناء صالة أفراح لتخفيف كلف الزواج وحفلات التخرج وغيرها.
كما كان لها إسهامها في الحفاظ على الهوية التاريخية للغة المهرية وإبراز الموروث الثقافي وتشجيع القطاع النسائي على الالتحاق بركب التعليم والقضاء على الجهل والأمية.
ابتسام يمنية في عموم بريطانيا
وفي يوليو (تموز) من عام 2024 احتفت الجالية اليمنية في بريطانيا بفوز البريطانية من أصول يمنية ابتسام قاسم محمد الشرفي بعضوية مجلس العموم بعد تمكنها من هزيمة مرشح حزب المحافظين في مدينة شيفيلد.
ومثلت الشرفي حزب العمال في الانتخابات التي جرت الخميس الماضي لتصبح بذلك أول بريطانية من أصل يمني تنال هذا المنصب، وجاء فوزها في إطار الانتصار الكبير الذي حققه حزب العمال بالحصول على 411 مقعداً من أصل 650 في مجلس العموم.
في المقابل تراجع حزب المحافظين الذي حكم البلاد منذ عام 2010 إلى 119 مقعداً فقط، مما سيعيده لصفوف المعارضة، إلى جانب حزب الديمقراطيين الأحرار الذي نال 70 مقعداً.
ومدينة شيفيلد مركز محوري للجالية اليمنية التي تعد من أقدم الجاليات العربية في بريطانيا، إذ استقرت في البلاد منذ أكثر من 150 عاماً، وهي المدينة التي ولد فيها أسطورة الملاكمة العالمية نسيم حميد لأب وأم من محافظة البيضاء وسط اليمن.
تطور مهم
واعتبر السفير اليمني لدى بريطانيا ياسين سعيد نعمان أن فوز الشرفي "تطور مهم في حياة اليمنيين المقيمين في بريطانيا".
وقال نعمان لـ"اندبندنت عربية" إن "فوز الشرفي سجل نقلة كبيرة في حياة المهاجرين اليمنيين الذين ظلوا منعزلين حتى جاء هذا الجيل الذي تخطى العزلة بواسطة العلم وأخذ يعزز مكانتهم ضمن المجتمعات المحلية التي يعيشون فيها".
ومن جانبها شكرت الشرفي في منشور عبر منصة "إكس" كل من صوت لها وقالت إنه "لشرف وامتياز مطلق أن تكون عضواً في البرلمان".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
٢٦-٠٤-٢٠٢٥
- Independent عربية
الولايات المتحدة والانزلاق إلى دولة بوليسية سرية
مثلما حدث بعد تفجيرات الـ11 من سبتمبر (أيلول) عام 2001، وما رافقها من إقرار قانون باتريوت الذي سمح بالتنصت على الأميركيين ووسع صلاحيات المراقبة الحكومية، يشكو مسؤولون وباحثون من أن الولايات المتحدة تحت إدارة دونالد ترمب تتجه بسرعة إلى وضع مماثل ولكن من دون قانون من الكونغرس هذه المرة، فبمقتضى الأوامر التنفيذية للرئيس حُولت هياكل وبيانات الحكومة الفيدرالية كي يمكن تبادل المعلومات الضريبية والمالية للمواطنين وغير المواطنين وبيانات السكن والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية لمراقبة سلوكياتهم والتنبؤ بها بشكل جماعي، وإعادة توجيهها نحو الرقابة الأمنية وأجهزة إنفاذ القانون تحت مبررات الأمن القومي والتحديث الرقمي، فما مظاهر هذه الرقابة؟ ولماذا تتزايد المخاوف من أن يحول ذلك أميركا إلى دولة بوليسية؟ وما المكابح القانونية أمام هذه الإجراءات؟ مظاهر دولة بوليسية منذ عودة الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض، وإصداره 139 أمراً تنفيذياً للوزارات والوكالات الفيدرالية المختلفة لتنفيذ أجندته التي وعد بها الناخبين، ظهرت علامات اعتبرها أكاديميون وكتاب وباحثون وصحافيون دليلاً على أن الولايات المتحدة تتحول تدريجاً إلى دولة بوليسية، ويستشهد هؤلاء بقصص لم يألفها الأميركيون في العصر الحديث مثل فيديو اختطاف طالب الدراسات العليا في جامعة كولومبيا محمود خليل من قبل رجال بملابس مدنية لم يكشفوا عن هوياتهم، إذ قيدوه بالأصفاد، قبل أن يتضح بعد ذلك أنهم من إدارة الهجرة والجمارك، وهي وكالة فيدرالية تابعة لوزارة الأمن الداخلي. بعد أيام، ظهر مشهد مماثل، عندما ألقى ستة عناصر بملابس مدنية، معظمهم ملثمون، القبض في أحد الشوارع على طالبة الدراسات العليا بجامعة تافتس، روميسا أوزتورك التي كبلوا يديها في غضون ثوان ووضعوها في سيارة من دون علامات كما يظهر فيديو كاميرا المراقبة الأمنية، وتزامن كل هذا مع عمليات النقل الجماعي القسري للمهاجرين التي لم تكن حتى عمليات ترحيل، فبدلاً من إرسالهم إلى بلدهم الأصلي، أرسل الفنزويليون إلى السلفادور، حيث يسجنون، إلى أجل غير مسمى، من دون محاكمة عادلة في مشهد يظهر عدم جدوى القانون وعجز القضاة والمحامين، بعدما تجاهلت إدارة ترمب أمر قاض فيدرالي بإعادة رحلات جوية تقل الفنزويليين إلى مسارها، كما تجاهلت أمر المحكمة العليا كذلك وهي أعلى محكمة في البلاد بإعادة كيلمار أبريغو غارسيا وهو مهاجر تعترف الإدارة بترحيله ظلماً إلى سجن بالسلفادور. ليس هذا فحسب، إذ يتداول الأميركيون قصصاً مرعبة تتناقلها الألسن من عمليات تحقق من الوثائق في مترو الأنفاق يجريها عناصر إنفاذ القانون من إدارة الهجرة والجمارك المعروفة باسم (آيس)، وانتشار عناصرها خارج أماكن متعددة مثل مكتبات نيويورك العامة التي تعقد فيها دورات اللغة الإنجليزية كلغة ثانية، وجامعة كولومبيا وغيرها من الجامعات الأخرى لإلغاء وضع الطلاب الأجانب في قاعدة البيانات التي تحتفظ بها الجامعات، لدرجة أن الإشاعات تنتشر وبخاصة في أوساط المهاجرين بأن عملاء (آيس) قادمون إلى مكان عملك وشارعك ومبناك. اليد الخفية للسلطات وفقاً لما نقلته وسائل إعلام أميركية، لا تقتصر عمليات (آيس) على من هم في الولايات المتحدة من دون وضع قانوني، بل تشمل أيضاً من لديهم تأشيرة زيارة، والمقيمين الدائمين بشكل قانوني من الحاصلين على البطاقة الخضراء (غرين كارد)، وهم لا يستهدفون فقط من صدرت في حقهم أحكام جنائية، بل أيضاً من يشتبه في انتمائهم إلى عصابة، ومن شاركوا في احتجاجات الحرم الجامعي أو دعموها ولو كان ذلك عبر مقال رأي في صحيفة طلابية جامعية. وعلى سبيل المثال، كان هناك مواطن ألماني يحمل بطاقة خضراء في مطار لوغان ببوسطن، قيل إنه جرد من ملابسه وحرم من النوم ومن أدويته من قبل وكالة الجمارك وحماية الحدود، كذلك احتجز كندي لديه عرض عمل على الحدود الجنوبية لمدة 12 يوماً، وسائح ألماني آخر احتجز على الحدود الجنوبية أكثر من ستة أسابيع، وباحث روسي في الطب الحيوي بجامعة هارفرد احتجز في مركز سيئ السمعة في لويزيانا أكثر من شهر بعد عودته من فرنسا. وعلى رغم أن السلطات الفيدرالية قدمت ما تعتبره مبررات مشروعة لأفعالها أو بأنه خطأ في الأوراق الرسمية، فقد وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" ذلك بأن أميركا أصبحت في منطقة أشبه بالمثل الروسي القائل "أعطونا شخصاً وسنجد المخالفة". ووسط هذه الأجواء، يحذر المؤرخ تيموثي سنايدر، من أنه إذا حرم غير المواطنين من الإجراءات القانونية الواجبة بصورة روتينية، فسيحرم الأميركيون منها أيضاً، لمجرد استحالة إثبات هوياتهم في كثير من الأحيان، وهو ما حدث من قبل عندما رُحل مئات الآلاف من المواطنين الأميركيين من أصول مكسيكية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، وكما يقول المتخصص في مجال العلوم السياسية في جامعة إنديانا جيفري إسحاق، فإن ما تشهده الولايات المتحدة الآن يتجاوز مجرد هجوم على الحريات المدنية والحرية الأكاديمية واستقلال الجامعات، بل هو اعتداء شامل على الديمقراطية الدستورية نفسها من إدارة استبدادية مصممة على تجاهل الدستور والديمقراطية تحت شعار لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى. أسوأ من قانون باتريوت يرى مراقبون أن ما يجري الآن أسوأ من الفترة التي أعقبت قانون باتريوت الأميركي عام 2001، الذي سنه الكونغرس رداً على هجمات الـ11 من سبتمبر 2001 حين وسع القانون صلاحيات المراقبة والتحقيق لأجهزة إنفاذ القانون، وشمل ذلك توسيع نطاق استخدام التنصت على المكالمات الهاتفية، والوصول إلى الاتصالات مثل رسائل البريد الإلكتروني، وتبادل المعلومات بين الوكالات الفيدرالية. وكان من بين الأحكام المثيرة للجدل في القانون، جمع السجلات التجارية من دون إذن قضائي، مما أثار مخاوف في شأن الخصوصية والتجاوزات، وعلى رغم إعادة تفويض القانون وتعديله مرات عدة، بما في ذلك قانون حرية الولايات المتحدة الذي وضع بعض القيود على قدرة الحكومة في جمع البيانات، تصرفت إدارة الرئيس جورج دبليو بوش من خلال الكونغرس وليس عبر الأوامر التنفيذية التي يستخدمها الرئيس دونالد ترمب الآن، وهو ما يثير علامات استفهام واسعة عن دور الكونغرس الصامت، على رغم زيادة دور المراقبة الأمنية للأميركيين وغير الأميركيين، وإعادة الحكومة توظيف بيانات الجميع بهدوء لأغراض المراقبة، كما تقول الباحثة في شؤون الهجرة والتحكم في البيانات والتقنيات الرقمية في جامعة إنديانا، نيكول بينيت. غيض من فيض قبل أسابيع قليلة، أبلغ مسؤول رقابي عن مخالفات في "المجلس الوطني لعلاقات العمل" عن ارتفاع غير عادي في البيانات الحساسة المتدفقة من شبكة هذه الوكالة في أوائل مارس (آذار) الماضي عندما منح موظفون من إدارة الكفاءة الحكومية، المعروفة اختصاراً باسم (دوج)، حق الوصول إلى قواعد بيانات الوكالة، وفي السابع من أبريل (نيسان) الجاري، حصلت وزارة الأمن الداخلي على حق الوصول إلى بيانات الضرائب الخاصة بالأشخاص من مصلحة الضرائب الأميركية (آي آر أس)، وهو ما يمثل مجرد غيض من فيض للتطورات المتلاحقة الأخيرة في تحويل هيكل وغرض مستودعات بيانات الحكومة الفيدرالية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وفي حين كانت الوكالات الفيدرالية تجمع البيانات والمعلومات مثل الإقرارات الضريبية والتسجيل في الرعاية الصحية وإعانات البطالة ودعم التعليم، من أجل تسهيل الرعاية الصحية، ولتحديد أهلية الحصول على الخدمات وإدارة الخدمات العامة، إلا أنه منذ تولي إدارة دوج المسؤولية، أُعيد توجيه البيانات التي يقدمها الأفراد إلى الوكالات الحكومية الأميركية بصورة متزايدة نحو المراقبة وإنفاذ القانون، إذ تتشارك الوكالات الحكومية والشركات الخاصة البيانات والمعلومات الآن بحرية عبر شبكة من الاتفاقات بين الوكالات، وعقود الاستعانة بمصادر خارجية، والشراكات التجارية التي أنشئت في الفترة الأخيرة مما يعيد تشكيل البنية التحتية للخدمات العامة لتصبح آلية للرقابة، بعدما كانت مقتصرة على إدارات بيروقراطية منفصلة. جهاز مراقبة متكامل بحسب الباحثة في جامعة أنديانا نيكول بينيت، فإن ترتيبات تبادل البيانات هذه غالباً ما تجري بعيداً من الرقابة العامة، وتكون مدفوعة بمبررات الأمن القومي، ومبادرات منع الاحتيال، وجهود التحديث الرقمي، لكن النتيجة المؤكدة هي أن هيكل الحكومة يتحول بهدوء إلى جهاز مراقبة متكامل، قادر على رصد السلوكيات والتنبؤ بها على نطاق غير مسبوق، وأشارت إلى أن الأوامر التنفيذية التي وقعها ترمب تهدف بالأساس إلى إزالة العوائق المؤسسية والقانونية المتبقية أمام استكمال نظام المراقبة الضخم هذا. وتعد إدارة الكفاءة الحكومية التي يترأسها الملياردير إيلون ماسك، المكلفة بموجب أمر تنفيذي للرئيس بتعزيز التوافق التشغيلي بين شبكات وأنظمة الوكالات وضمان سلامة البيانات وتسهيل جمع البيانات ومزامنتها بشكل مسؤول، عنصراً محورياً في هذا التحول، بخاصة أن أحد الأوامر التنفيذية يدعو الحكومة الفيدرالية إلى إزالة صوامع المعلومات الخاصة بها. ملفات تعريف مفصلة للأميركيين من خلال بناء أنظمة قابلة للتشغيل البيني، يمكن لوزارة الأمن الداخلي تمكين الوصول الفوري بين الوكالات إلى المعلومات الحساسة، وإنشاء قاعدة بيانات مركزية حول الأشخاص داخل الولايات المتحدة، وبينما تُقدم وتصور هذه التطورات على أنها تبسيط إداري، إلا أنها تمهد الطريق للمراقبة الجماعية. وتكمن أهمية إعادة توظيف البيانات في الشراكات بين القطاعين العام والخاص، إذ لجأت وزارة الأمن الداخلي والوكالات الأخرى إلى متعاقدين خارجيين ووسطاء بيانات لتجاوز القيود المباشرة، ويجمع هؤلاء الوسطاء البيانات من وسائل التواصل الاجتماعي وشركات المرافق والمتاجر الكبرى وكثير من المصادر الأخرى، مما يمكن وكالات إنفاذ القانون من إنشاء ملفات تعريف رقمية مفصلة للأشخاص من دون موافقة صريحة أو إشراف قضائي. وعلى سبيل المثال، توفر شركة "بالانتير"، وهي شركة بيانات خاصة بارزة ومتعاقدة مع الحكومة الفيدرالية، منصات لوكالات مثل إدارة الهجرة والجمارك ووزارة الدفاع ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها ومصلحة الضرائب، حيث تجمع هذه المنصات البيانات من مصادر مختلفة مثل صور رخص القيادة والخدمات الاجتماعية والمعلومات المالية والبيانات التعليمية، وتعرضها في نظام معلومات مركزي مصمم لعمليات الشرطة التنبئية والتنميط الخوارزمي، مما يوسع نطاق وصول الحكومة بطرق تتحدى معايير الخصوصية والموافقة الحالية. دور الذكاء الاصطناعي أسهم الذكاء الاصطناعي في تسريع هذا التحول، إذ تجري الخوارزميات التنبئية الآن مسح كميات هائلة من البيانات لتوليد ما يعرف بدرجات الأخطار، واكتشاف الحالات الغريبة أو الشاذة، والإبلاغ عن التهديدات المحتملة، وتستوعب هذه الأنظمة بيانات من سجلات الالتحاق بالمدارس وطلبات الإسكان واستخدام المرافق وحتى وسائل التواصل الاجتماعي، وكلها متاحة من خلال عقود مع وسطاء البيانات وشركات التكنولوجيا، ولأن هذه الأنظمة تعتمد على التعلم الآلي، فإن آليات عملها الداخلية غالباً ما تكون ملكية خاصة، وغير قابلة للتفسير، وتتجاوز نطاق المساءلة العامة المجدية. لكن المشكلة تكمن في أن النتائج أحياناً ما تكون غير دقيقة، وناتجة من هلوسات الذكاء الاصطناعي، وهي استجابات قد تبدو في الظاهر مقنعة، لكنها غير صحيحة أو مختلقة أو غير ذات صلة، ولهذا قد تؤدي التناقضات الطفيفة في البيانات إلى عواقب وخيمة، مثل فقدان الوظيفة والحرمان من المزايا والاستهداف غير المشروع في عمليات إنفاذ القانون، وبمجرد الإبلاغ عن ذلك، نادراً ما يكون لدى الأفراد مسار واضح للطعن في استنتاجات النظام. أكثر المتضررين تسهم مشاركة الأميركيين في الحياة المدنية، مثل التقدم بطلب للحصول على قرض، وطلب الإغاثة في حالات الكوارث، وطلب المساعدة الطلابية، في تشكيل بصمة رقمية لكل فرد في المجتمع، وربما تفسر الجهات الحكومية هذه البيانات لاحقاً بطرق تسمح لها برفض حصول المواطن على المساعدة، ويمكن استخراج البيانات التي تُجمع أصلاً بهدف توفير الرعاية الصحية أو الاجتماعية، كأدلة لتبرير وضع شخص ما تحت المراقبة. فيضانات سابقة أغرقت مدناً كاملة بالولايات المتحدة (أ ف ب) ولأن الذكاء الاصطناعي، وأنظمة التعرف إلى الوجه، وأنظمة التنميط التنبئي تفتقر جميعها إلى الرقابة، فإنها تؤثر بصورة غير عادلة على الأفراد ذوي الدخل المنخفض والمهاجرين والأشخاص ذوي البشرة الملونة، الذين يصنفون غالباً من قبل الحكومة الأميركية على أنهم خطر، ففي حين صممت أنظمة البيانات هذه في البداية للتحقق من المزايا أو الاستجابة للأزمات، إلا أنها الآن تغذي شبكات مراقبة أوسع، وتداعياتها عميقة، فما بدأ كنظام يستهدف غير المواطنين والمشتبه فيهم في الاحتيال، يمكن تعميمه بسهولة على جميع سكان البلاد. عيون على الجميع لا يقتصر الأمر على خصوصية البيانات فحسب، بل هو تحول أوسع في منطق الحكم، إذ إن الأنظمة التي صممت سابقاً لخدمة ومساعدة الأميركيين من خلال توفير البيانات المطلوبة للإدارة الأميركية، أصبحت حالياً أدوات لتتبع سلوك الأفراد والتنبؤ به، وفي هذا النموذج الجديد، تصبح الرقابة محدودة والمساءلة ضئيلة. وبما أن الذكاء الاصطناعي يسمح بتفسير الأنماط السلوكية على نطاق واسع من دون استجواب أو تحقق مباشر، فقد أصبحت الاستدلالات تحل محل الحقائق، والارتباطات محل الشهادات، ومن ثم أصبح الخطر يتوسع ليشمل الجميع، وبعدما كانت هذه التقنيات غالباً ما تستخدم على هامش المجتمع ضد المهاجرين، أو متلقي الرعاية الاجتماعية، أو أولئك الذين يعتبرون خطرين للغاية، يتسع النطاق الآن مع توسع البنية التحتية ليشمل حياة جميع المواطنين. شعور دائم بالمراقبة يعيش مواطنو الولايات المتحدة الآن في ظل شعور دائم بالمراقبة وبأنهم في ظل خطر عشوائي، إذ يمكن أن يكون عميل أجهزة تنفيذ القانون هو أي شخص بملابس مدنية، سواء كان عابر سبيل، أو الرجل الذي يقف خلفك في الطابور، أو المرأة التي تسكن في نهاية الممر أو مشرف المبنى أو طالبك أو معلم طفلك. يعيش الناس في عزلة متزايدة وشعور بالخوف، وهذه هي الشروط الأساسية للعيش في دولة بوليسية سرية، حيث يفقد الناس القدرة على التخطيط للمستقبل، لأنهم يشعرون أنهم لا يملكون السيطرة على حياتهم، ويحاولون إخفاء أنفسهم، وهو معيار واضح يظهر بجلاء كيف أصبحت الولايات المتحدة دولة بوليسية سرية.

١٧-٠٤-٢٠٢٥
كيف يروج "تيك توك" للتسول الرقمي؟
ولكن هذه السهولة جذبت فئة أخرى إلى المنصة، ومع غياب القدرة على التيقن من الحالة المادية لمن يخرج في بث مباشر طالبا الدعم من كافة بقاع العالم، أصبحت منصة "تيك توك" وجهة للمتسولين ومدعي الفقر من كافة بقاع الأرض، وذلك بحسب التقرير الذي نشره مركز الأعمال وحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. استغلال الأطفال في التسول الرقمي في مشهد أصبح معتادا بالمنصة، يظهر مجموعة من الأطفال جالسين معا وسط كوخ مبني من الطين في مشهد يوحي بالفقر المدقع الذي يعيشون فيه، يتوسل الأطفال طلبا للمساعدة بينما يجلس شخص بالغ خلفهم مراقبا لشاشة الهاتف الذي يجمع التبرعات، ورغم أن البث من أفغانستان ، فإنه يصل لكافة المستخدمين من مختلف دول العالم، بما فيهم دول العالم الأول مثل بريطانيا ، التي ترسل تبرعاتها بعملتها المحلية. لساعات طويلة، يجلس هؤلاء أمام الهاتف يتوسلون المحسنين من مختلف بقاع الأرض للحصول على مجموعة من الجوائز الرقمية التي يتم استبدالها لاحقا بأموال تعرف باسم "أرباح البث المباشر من تيك توك"، وبينما اعتاد السياح في مختلف دول العالم مشهد عصابات التسول المكونة من أطفال وسيدات على حد سواء، فإن العديد من ذوي القلوب الرحيمة لا يدركون خطورة هذه العصابات وآليات عملها. رسميا، يؤكد "تيك توك" أنه يحظر استغلال الأطفال في التسول الرقمي معتبرا إياه سلوكا استغلاليا للمنصة، ولكن بشكل فج، تظهر هذه الحالة من البث المباشر في مختلف بقاع الأرض مع أشكال وأفكار مبتكرة للتسول، سواء كانت تعتمد على الأطفال أو على كبار السن الذين يدعون الإعاقات. ورغم هذه السياسة الرسمية التي تروج لها "تيك توك"، فإنها لا تجد حرجا في اقتطاع نسبتها من الجوائز الرقمية التي تصل إلى المتسولين، إذ تقتطع المنصة 70% من إجمالي الأرباح الواردة إلى المشاركين في البث المباشر، في حين يعد تضاربا واضحا للمصالح، وهو ما أدانه أوليفييه دي شوتر، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن هذا السلوك لا يقل خطورة عن منظمي عصابات التسول الذين يحصلون على نسبتهم من المتسولين. وعزز جيفري دي ماركو، خبير الأضرار الرقمية في منظمة إنقاذ الطفولة، هذه الفكرة، مؤكدا أن الحالات المسجلة لاستغلال الأطفال في محتوى التسول الرقمي أصبحت منتشرة، ويجب على المنصة أن تتخذ الإجراءات اللازمة لمنع مثل هذا السلوك وعدم التربح منه بشكل مباشر أو غير مباشر. عصابات منظمة للتسول نشر موقع "ذا غارديان" (The Guardian) تقريرا مشتركا بينه وبين المرصد التابع له "ذا أوبزيرفر" (The Observer) حول هذه الظاهرة، وذلك وفق دراسة أجراها في الفترة بين يناير/كانون الثاني 2025 وأبريل/نيسان الجاري. وبحسب التقرير، فإن المرصد تمكن من العثور على مجموعة كبيرة من الحسابات التي تعتمد بشكل أساسي على التسول الرقمي عبر عمليات البث المباشر، وأشار أيضا إلى أن هذه الظاهرة ليست حكرا على دولة بعينها، فقد وجد المرصد أدلة لوجود مثل هذا البث من إندونيسيا وباكستان وأفغانستان وسوريا ومصر وكينيا، وبشكل عام يمكن القول إن دول العالم الثالث هي التي تلجأ لمثل هذا البث. لاحظ المرصد أيضا أن مجموعة من حالات البث تظهر عصابات منظمة للتسول الرقمي رغم وجود حالات بث أخرى يبدو أنه من أشخاص محتاجين حقا، إذ وجد المرصد أحد الحسابات التي تفعل وضع البث المباشر بشكل يومي ومنتظم، وتعرض مجموعات متنوعة من الأطفال نائمين على أرضية غرفة بيضاء تبدو مثل أستوديو للتسجيل، وبينما تغير شكل الأطفال المشاركين في البث، فإنهم كانوا دوما بصحبة البالغين أنفسهم. كما وجد المرصد حسابا آخر يضم 5300 متابع ويبدو أنه يدار من قبل شركة محترفة، إذ يعرض دومًا بثا مباشرا من أشخاص مختلفين في ظروف مماثلة دوما، بدءًا من مجموعات من الأطفال المتسولين وحتى بالغين ذوي تحديات حركية وإصابات بالغة. أبعد من مجرد التسول أطلقت منصة "تيك توك" خاصية البث المباشر في أغسطس/آب 2020، وهي خاصية تتيح لصناع المحتوى الظهور بشكل مباشر لفترات طويلة أمام متابعيهم وتلقي هدايا رقمية يمكن استبدالها لاحقا بأموال حقيقية. وبينما تمثل هذه الخاصية أداة مهمة لتسويق صناع المحتوى المختلف عبر "تيك توك"، إذ تتيح لهم التواصل مباشرة مع متابعيهم وخلق حالة من الولاء بينهم وبين المتابعين، فهي أيضا وسيلة كسب الأموال الأسرع عبر "تيك توك". وجذبت أموال البث المباشر من "تيك توك" مجموعة متنوعة من المستخدمين والعصابات المنظمة، فبغض النظر عن عصابات التسول، ظهرت مجموعة من صناع المحتوى الذين يعتمدون في محتواهم على التحديات الخطرة والتي تهدد الحياة أو تسبب إزعاجا للمحيطين بها، وذلك على غرار تحديات تناول الطعام الحار وتناول الطعام المستمر، فضلا عن تحديات النوم المستمر والتمرغ في التراب أو الطحين أو أي مواد أخرى تبدو مضحكة إلى جانب التصرفات الخطرة التي تجذب أعين المشاهدين. وترى مروة فطافطة من منظمة الحقوق الرقمية "أكسيس ناو" (Access Now) أن الآلية التي صممت بها خاصية البث المباشر من "تيك توك" تشجع على هذه التصرفات الخطرة ناهيك عن التسول، وذلك لأنها تعتمد بشكل أساسي على التفاعل، فكلما زاد التفاعل تعززت الأرباح من المنصة وأصبحت أفضل، وفي الوقت ذاته، لا تبذل المنصة أي مجهود لمواجهة التحديات الخطرة التي تبث بشكل مباشر. الخلط بين المحتاجين حقا والمدعين يسهل على منصة "تيك توك" أن تتخذ إجراء صارما يمنع كافة هذه المظاهر بشكل مباشر على المنصة وعلى خاصية البث المباشر، ولكن هذا الأسلوب يغلق بابا دوليا للمساعدات، فبينما لا توجد طريقة للتيقن من حالة طالب المعونات عبر المنصة، فإن جزءا من المساهمين في خاصية البث المباشر محتاج حقا إلى هذه التبرعات. وأشارت مروة فطافطة إلى أن الدور المحوري لمنصة "تيك توك" يكمن في التيقن من حالة المشاركين في البث المباشر إن كانوا حقا بحاجة لهذه التبرعات أم يعتمدون عليها كوظيفة دائمة لجلب الأموال، وذلك عبر تعيين فرق مراقبة وتدقيق بشرية. الرد الرسمي من "تيك توك" بشكل رسمي، خرجت "تيك توك" في بيان تؤكد أنها تقف بشكل صارم أمام كل من يستغل المنصة في عصابات التسول أو تعريض الأطفال والكبار للخطر على حد سواء، وذلك عبر حظر الحسابات التي تتيقن من وضعها كعصابة للتسول. وأشارت إلى أنها تمكنت عبر استخدام الذكاء الاصطناعي ووضع قوانين صارمة من إيقاف أكثر من 4 ملايين بث مباشر مخالف للقوانين والقواعد العامة. كما أكدت المنصة أن النسبة والعمولة التي تحصلها من كل بث مباشر تختلف بناء على مجموعة من العوامل، وبشكل عام، تتراوح نسبة رسوم المنصة بين 50% إلى 70% بناء على العديد من العوامل المختلفة مثل منصة المدفوعات والتطبيقات المستخدمة، إذ تحصل هذه المنصات عادة على 30% من إجمالي الجوائز. وبينما لن تغلق "تيك توك" خاصية البث المباشر للعديد من الأسباب، يصبح الخيار الأفضل أمامها هو تفعيل نوع أكثر صرامة من الرقابة على محتوى البث المباشر، بدءا من رقابة الذكاء الاصطناعي القادر على التعرف على ما يحدث داخل المنصة فضلا عن استخدام الرقابة البشرية. الجزيرة script type="text/javascript"="async" src=" defer data-deferred="1" إنضم لقناة النيلين على واتساب مواضيع مهمة ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة


الوئام
١٥-٠٤-٢٠٢٥
- الوئام
ترمب 'يحب' إرسال المجرمين الأمريكيين إلى السجون الأجنبية
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إنه يواصل دراسة إمكانية ترحيل ما وصفهم بـ'المجرمين المحليين' من المواطنين الأمريكيين إلى سجون أجنبية، في خطوة أثارت جدلًا قانونيًا واسعًا، خاصة مع وجود حكم سابق للمحكمة العليا يُعارض هذا التوجه. وفي مقابلة مع قناة 'فوكس نوتيثياس' الناطقة بالإسبانية، صرح ترمب: 'أُسميهم مجرمين محليين… أولئك الذين نشأوا هنا، ثم انحرفوا، وبدأوا يضربون الناس بمضارب البيسبول، أو يدفعونهم أمام القطارات. نحن ندرس الأمر، وأحب تنفيذه بشدة'. جاء هذا التصريح بعد لقائه مع الرئيس السلفادوري نجيب بوكيلة في المكتب البيضاوي، حيث أشاد ترمب بإطلاق 'مركز احتجاز الإرهاب' (CECOT) في السلفادور، واعتبره نموذجًا ناجحًا في جعل البلاد 'آمنة جدًا'، بفضل إنشاء هذا السجن وغيره من المؤسسات العقابية الكبرى. في مارس الماضي، رحّلت إدارة ترمب 238 رجلًا، معظمهم من فنزويلا، إلى مركز CECOT في السلفادور، مستندة إلى قانون 'الأعداء الأجانب' الصادر عام 1798، ما سمح بتنفيذ عمليات الترحيل دون مراجعة قضائية. ورغم أن المحكمة العليا الأمريكية أقرّت لاحقًا باستخدام هذا القانون لترحيل مشتبه بانتمائهم لعصابات، فإنها شددت على ضرورة منحهم حق الإجراءات القانونية الواجبة. ترمب أكد أنه 'لا يجد مشكلة' في ترحيل مواطنين أمريكيين إلى سجون أجنبية، وأشار إلى أن النائب العام بام بوندي 'تدرس القوانين المتعلقة بهذا الأمر'. يرى خبراء قانونيون أن ترحيل مواطنين أمريكيين إلى دول أجنبية يتعارض مع مبادئ دستورية. ففي قضية عام 1936 (Valentine v. United States)، حكمت المحكمة العليا بعدم جواز تسليم المواطنين الأمريكيين إلى دول أخرى، إلا من خلال تشريع صادر عن الكونغرس. كما قد يشكل هذا التوجه انتهاكًا للتعديل الثامن في الدستور، الذي يحظر 'العقوبات القاسية وغير المعتادة'. رغم ترويج إدارة ترمب لأن هذه الترحيلات تستهدف 'أعضاء العصابات الأجانب'، كشفت تحقيقات برنامج '60 دقيقة' أن 75% من المُرحّلين إلى CECOT لم يكن لديهم سجلات جنائية، وأن 22% فقط منهم لديهم سوابق، معظمها في جرائم غير عنيفة مثل السرقة والتعدي. ويُشتبه في تورط نحو 12 شخصًا فقط في جرائم خطيرة مثل القتل أو الاغتصاب أو الاعتداء. تواجه الإدارة عدة دعاوى قانونية، من بينها قضية كيلمير أبريغو غارسيا، وهو رجل من أصول سلفادورية ومقيم بصفة حماية مؤقتة في ولاية ماريلاند، أُبعد إلى السلفادور 'بطريق الخطأ الإداري'، بحسب اعتراف وزارة العدل. وقد قضت المحكمة العليا بإعادة غارسيا إلى الولايات المتحدة، إلا أن بام بوندي صرّحت بأن الأمر 'يعود إلى السلفادور' في ما إذا كانت ستوافق على عودته. وفي ردّ ساخر، قال الرئيس السلفادوري نجيب بوكيلة: 'كيف أعيده؟ هل أهرّبه إلى الولايات المتحدة؟ بالطبع لن أفعل. هذا سؤال عبثي'.