
الولايات المتحدة والانزلاق إلى دولة بوليسية سرية
مثلما حدث بعد تفجيرات الـ11 من سبتمبر (أيلول) عام 2001، وما رافقها من إقرار قانون باتريوت الذي سمح بالتنصت على الأميركيين ووسع صلاحيات المراقبة الحكومية، يشكو مسؤولون وباحثون من أن الولايات المتحدة تحت إدارة دونالد ترمب تتجه بسرعة إلى وضع مماثل ولكن من دون قانون من الكونغرس هذه المرة، فبمقتضى الأوامر التنفيذية للرئيس حُولت هياكل وبيانات الحكومة الفيدرالية كي يمكن تبادل المعلومات الضريبية والمالية للمواطنين وغير المواطنين وبيانات السكن والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية لمراقبة سلوكياتهم والتنبؤ بها بشكل جماعي، وإعادة توجيهها نحو الرقابة الأمنية وأجهزة إنفاذ القانون تحت مبررات الأمن القومي والتحديث الرقمي، فما مظاهر هذه الرقابة؟ ولماذا تتزايد المخاوف من أن يحول ذلك أميركا إلى دولة بوليسية؟ وما المكابح القانونية أمام هذه الإجراءات؟
مظاهر دولة بوليسية
منذ عودة الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض، وإصداره 139 أمراً تنفيذياً للوزارات والوكالات الفيدرالية المختلفة لتنفيذ أجندته التي وعد بها الناخبين، ظهرت علامات اعتبرها أكاديميون وكتاب وباحثون وصحافيون دليلاً على أن الولايات المتحدة تتحول تدريجاً إلى دولة بوليسية، ويستشهد هؤلاء بقصص لم يألفها الأميركيون في العصر الحديث مثل فيديو اختطاف طالب الدراسات العليا في جامعة كولومبيا محمود خليل من قبل رجال بملابس مدنية لم يكشفوا عن هوياتهم، إذ قيدوه بالأصفاد، قبل أن يتضح بعد ذلك أنهم من إدارة الهجرة والجمارك، وهي وكالة فيدرالية تابعة لوزارة الأمن الداخلي.
بعد أيام، ظهر مشهد مماثل، عندما ألقى ستة عناصر بملابس مدنية، معظمهم ملثمون، القبض في أحد الشوارع على طالبة الدراسات العليا بجامعة تافتس، روميسا أوزتورك التي كبلوا يديها في غضون ثوان ووضعوها في سيارة من دون علامات كما يظهر فيديو كاميرا المراقبة الأمنية، وتزامن كل هذا مع عمليات النقل الجماعي القسري للمهاجرين التي لم تكن حتى عمليات ترحيل، فبدلاً من إرسالهم إلى بلدهم الأصلي، أرسل الفنزويليون إلى السلفادور، حيث يسجنون، إلى أجل غير مسمى، من دون محاكمة عادلة في مشهد يظهر عدم جدوى القانون وعجز القضاة والمحامين، بعدما تجاهلت إدارة ترمب أمر قاض فيدرالي بإعادة رحلات جوية تقل الفنزويليين إلى مسارها، كما تجاهلت أمر المحكمة العليا كذلك وهي أعلى محكمة في البلاد بإعادة كيلمار أبريغو غارسيا وهو مهاجر تعترف الإدارة بترحيله ظلماً إلى سجن بالسلفادور.
ليس هذا فحسب، إذ يتداول الأميركيون قصصاً مرعبة تتناقلها الألسن من عمليات تحقق من الوثائق في مترو الأنفاق يجريها عناصر إنفاذ القانون من إدارة الهجرة والجمارك المعروفة باسم (آيس)، وانتشار عناصرها خارج أماكن متعددة مثل مكتبات نيويورك العامة التي تعقد فيها دورات اللغة الإنجليزية كلغة ثانية، وجامعة كولومبيا وغيرها من الجامعات الأخرى لإلغاء وضع الطلاب الأجانب في قاعدة البيانات التي تحتفظ بها الجامعات، لدرجة أن الإشاعات تنتشر وبخاصة في أوساط المهاجرين بأن عملاء (آيس) قادمون إلى مكان عملك وشارعك ومبناك.
اليد الخفية للسلطات
وفقاً لما نقلته وسائل إعلام أميركية، لا تقتصر عمليات (آيس) على من هم في الولايات المتحدة من دون وضع قانوني، بل تشمل أيضاً من لديهم تأشيرة زيارة، والمقيمين الدائمين بشكل قانوني من الحاصلين على البطاقة الخضراء (غرين كارد)، وهم لا يستهدفون فقط من صدرت في حقهم أحكام جنائية، بل أيضاً من يشتبه في انتمائهم إلى عصابة، ومن شاركوا في احتجاجات الحرم الجامعي أو دعموها ولو كان ذلك عبر مقال رأي في صحيفة طلابية جامعية.
وعلى سبيل المثال، كان هناك مواطن ألماني يحمل بطاقة خضراء في مطار لوغان ببوسطن، قيل إنه جرد من ملابسه وحرم من النوم ومن أدويته من قبل وكالة الجمارك وحماية الحدود، كذلك احتجز كندي لديه عرض عمل على الحدود الجنوبية لمدة 12 يوماً، وسائح ألماني آخر احتجز على الحدود الجنوبية أكثر من ستة أسابيع، وباحث روسي في الطب الحيوي بجامعة هارفرد احتجز في مركز سيئ السمعة في لويزيانا أكثر من شهر بعد عودته من فرنسا. وعلى رغم أن السلطات الفيدرالية قدمت ما تعتبره مبررات مشروعة لأفعالها أو بأنه خطأ في الأوراق الرسمية، فقد وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" ذلك بأن أميركا أصبحت في منطقة أشبه بالمثل الروسي القائل "أعطونا شخصاً وسنجد المخالفة".
ووسط هذه الأجواء، يحذر المؤرخ تيموثي سنايدر، من أنه إذا حرم غير المواطنين من الإجراءات القانونية الواجبة بصورة روتينية، فسيحرم الأميركيون منها أيضاً، لمجرد استحالة إثبات هوياتهم في كثير من الأحيان، وهو ما حدث من قبل عندما رُحل مئات الآلاف من المواطنين الأميركيين من أصول مكسيكية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، وكما يقول المتخصص في مجال العلوم السياسية في جامعة إنديانا جيفري إسحاق، فإن ما تشهده الولايات المتحدة الآن يتجاوز مجرد هجوم على الحريات المدنية والحرية الأكاديمية واستقلال الجامعات، بل هو اعتداء شامل على الديمقراطية الدستورية نفسها من إدارة استبدادية مصممة على تجاهل الدستور والديمقراطية تحت شعار لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى.
أسوأ من قانون باتريوت
يرى مراقبون أن ما يجري الآن أسوأ من الفترة التي أعقبت قانون باتريوت الأميركي عام 2001، الذي سنه الكونغرس رداً على هجمات الـ11 من سبتمبر 2001 حين وسع القانون صلاحيات المراقبة والتحقيق لأجهزة إنفاذ القانون، وشمل ذلك توسيع نطاق استخدام التنصت على المكالمات الهاتفية، والوصول إلى الاتصالات مثل رسائل البريد الإلكتروني، وتبادل المعلومات بين الوكالات الفيدرالية.
وكان من بين الأحكام المثيرة للجدل في القانون، جمع السجلات التجارية من دون إذن قضائي، مما أثار مخاوف في شأن الخصوصية والتجاوزات، وعلى رغم إعادة تفويض القانون وتعديله مرات عدة، بما في ذلك قانون حرية الولايات المتحدة الذي وضع بعض القيود على قدرة الحكومة في جمع البيانات، تصرفت إدارة الرئيس جورج دبليو بوش من خلال الكونغرس وليس عبر الأوامر التنفيذية التي يستخدمها الرئيس دونالد ترمب الآن، وهو ما يثير علامات استفهام واسعة عن دور الكونغرس الصامت، على رغم زيادة دور المراقبة الأمنية للأميركيين وغير الأميركيين، وإعادة الحكومة توظيف بيانات الجميع بهدوء لأغراض المراقبة، كما تقول الباحثة في شؤون الهجرة والتحكم في البيانات والتقنيات الرقمية في جامعة إنديانا، نيكول بينيت.
غيض من فيض
قبل أسابيع قليلة، أبلغ مسؤول رقابي عن مخالفات في "المجلس الوطني لعلاقات العمل" عن ارتفاع غير عادي في البيانات الحساسة المتدفقة من شبكة هذه الوكالة في أوائل مارس (آذار) الماضي عندما منح موظفون من إدارة الكفاءة الحكومية، المعروفة اختصاراً باسم (دوج)، حق الوصول إلى قواعد بيانات الوكالة، وفي السابع من أبريل (نيسان) الجاري، حصلت وزارة الأمن الداخلي على حق الوصول إلى بيانات الضرائب الخاصة بالأشخاص من مصلحة الضرائب الأميركية (آي آر أس)، وهو ما يمثل مجرد غيض من فيض للتطورات المتلاحقة الأخيرة في تحويل هيكل وغرض مستودعات بيانات الحكومة الفيدرالية.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي حين كانت الوكالات الفيدرالية تجمع البيانات والمعلومات مثل الإقرارات الضريبية والتسجيل في الرعاية الصحية وإعانات البطالة ودعم التعليم، من أجل تسهيل الرعاية الصحية، ولتحديد أهلية الحصول على الخدمات وإدارة الخدمات العامة، إلا أنه منذ تولي إدارة دوج المسؤولية، أُعيد توجيه البيانات التي يقدمها الأفراد إلى الوكالات الحكومية الأميركية بصورة متزايدة نحو المراقبة وإنفاذ القانون، إذ تتشارك الوكالات الحكومية والشركات الخاصة البيانات والمعلومات الآن بحرية عبر شبكة من الاتفاقات بين الوكالات، وعقود الاستعانة بمصادر خارجية، والشراكات التجارية التي أنشئت في الفترة الأخيرة مما يعيد تشكيل البنية التحتية للخدمات العامة لتصبح آلية للرقابة، بعدما كانت مقتصرة على إدارات بيروقراطية منفصلة.
جهاز مراقبة متكامل
بحسب الباحثة في جامعة أنديانا نيكول بينيت، فإن ترتيبات تبادل البيانات هذه غالباً ما تجري بعيداً من الرقابة العامة، وتكون مدفوعة بمبررات الأمن القومي، ومبادرات منع الاحتيال، وجهود التحديث الرقمي، لكن النتيجة المؤكدة هي أن هيكل الحكومة يتحول بهدوء إلى جهاز مراقبة متكامل، قادر على رصد السلوكيات والتنبؤ بها على نطاق غير مسبوق، وأشارت إلى أن الأوامر التنفيذية التي وقعها ترمب تهدف بالأساس إلى إزالة العوائق المؤسسية والقانونية المتبقية أمام استكمال نظام المراقبة الضخم هذا.
وتعد إدارة الكفاءة الحكومية التي يترأسها الملياردير إيلون ماسك، المكلفة بموجب أمر تنفيذي للرئيس بتعزيز التوافق التشغيلي بين شبكات وأنظمة الوكالات وضمان سلامة البيانات وتسهيل جمع البيانات ومزامنتها بشكل مسؤول، عنصراً محورياً في هذا التحول، بخاصة أن أحد الأوامر التنفيذية يدعو الحكومة الفيدرالية إلى إزالة صوامع المعلومات الخاصة بها.
ملفات تعريف مفصلة للأميركيين
من خلال بناء أنظمة قابلة للتشغيل البيني، يمكن لوزارة الأمن الداخلي تمكين الوصول الفوري بين الوكالات إلى المعلومات الحساسة، وإنشاء قاعدة بيانات مركزية حول الأشخاص داخل الولايات المتحدة، وبينما تُقدم وتصور هذه التطورات على أنها تبسيط إداري، إلا أنها تمهد الطريق للمراقبة الجماعية.
وتكمن أهمية إعادة توظيف البيانات في الشراكات بين القطاعين العام والخاص، إذ لجأت وزارة الأمن الداخلي والوكالات الأخرى إلى متعاقدين خارجيين ووسطاء بيانات لتجاوز القيود المباشرة، ويجمع هؤلاء الوسطاء البيانات من وسائل التواصل الاجتماعي وشركات المرافق والمتاجر الكبرى وكثير من المصادر الأخرى، مما يمكن وكالات إنفاذ القانون من إنشاء ملفات تعريف رقمية مفصلة للأشخاص من دون موافقة صريحة أو إشراف قضائي.
وعلى سبيل المثال، توفر شركة "بالانتير"، وهي شركة بيانات خاصة بارزة ومتعاقدة مع الحكومة الفيدرالية، منصات لوكالات مثل إدارة الهجرة والجمارك ووزارة الدفاع ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها ومصلحة الضرائب، حيث تجمع هذه المنصات البيانات من مصادر مختلفة مثل صور رخص القيادة والخدمات الاجتماعية والمعلومات المالية والبيانات التعليمية، وتعرضها في نظام معلومات مركزي مصمم لعمليات الشرطة التنبئية والتنميط الخوارزمي، مما يوسع نطاق وصول الحكومة بطرق تتحدى معايير الخصوصية والموافقة الحالية.
دور الذكاء الاصطناعي
أسهم الذكاء الاصطناعي في تسريع هذا التحول، إذ تجري الخوارزميات التنبئية الآن مسح كميات هائلة من البيانات لتوليد ما يعرف بدرجات الأخطار، واكتشاف الحالات الغريبة أو الشاذة، والإبلاغ عن التهديدات المحتملة، وتستوعب هذه الأنظمة بيانات من سجلات الالتحاق بالمدارس وطلبات الإسكان واستخدام المرافق وحتى وسائل التواصل الاجتماعي، وكلها متاحة من خلال عقود مع وسطاء البيانات وشركات التكنولوجيا، ولأن هذه الأنظمة تعتمد على التعلم الآلي، فإن آليات عملها الداخلية غالباً ما تكون ملكية خاصة، وغير قابلة للتفسير، وتتجاوز نطاق المساءلة العامة المجدية.
لكن المشكلة تكمن في أن النتائج أحياناً ما تكون غير دقيقة، وناتجة من هلوسات الذكاء الاصطناعي، وهي استجابات قد تبدو في الظاهر مقنعة، لكنها غير صحيحة أو مختلقة أو غير ذات صلة، ولهذا قد تؤدي التناقضات الطفيفة في البيانات إلى عواقب وخيمة، مثل فقدان الوظيفة والحرمان من المزايا والاستهداف غير المشروع في عمليات إنفاذ القانون، وبمجرد الإبلاغ عن ذلك، نادراً ما يكون لدى الأفراد مسار واضح للطعن في استنتاجات النظام.
أكثر المتضررين
تسهم مشاركة الأميركيين في الحياة المدنية، مثل التقدم بطلب للحصول على قرض، وطلب الإغاثة في حالات الكوارث، وطلب المساعدة الطلابية، في تشكيل بصمة رقمية لكل فرد في المجتمع، وربما تفسر الجهات الحكومية هذه البيانات لاحقاً بطرق تسمح لها برفض حصول المواطن على المساعدة، ويمكن استخراج البيانات التي تُجمع أصلاً بهدف توفير الرعاية الصحية أو الاجتماعية، كأدلة لتبرير وضع شخص ما تحت المراقبة.
فيضانات سابقة أغرقت مدناً كاملة بالولايات المتحدة (أ ف ب)
ولأن الذكاء الاصطناعي، وأنظمة التعرف إلى الوجه، وأنظمة التنميط التنبئي تفتقر جميعها إلى الرقابة، فإنها تؤثر بصورة غير عادلة على الأفراد ذوي الدخل المنخفض والمهاجرين والأشخاص ذوي البشرة الملونة، الذين يصنفون غالباً من قبل الحكومة الأميركية على أنهم خطر، ففي حين صممت أنظمة البيانات هذه في البداية للتحقق من المزايا أو الاستجابة للأزمات، إلا أنها الآن تغذي شبكات مراقبة أوسع، وتداعياتها عميقة، فما بدأ كنظام يستهدف غير المواطنين والمشتبه فيهم في الاحتيال، يمكن تعميمه بسهولة على جميع سكان البلاد.
عيون على الجميع
لا يقتصر الأمر على خصوصية البيانات فحسب، بل هو تحول أوسع في منطق الحكم، إذ إن الأنظمة التي صممت سابقاً لخدمة ومساعدة الأميركيين من خلال توفير البيانات المطلوبة للإدارة الأميركية، أصبحت حالياً أدوات لتتبع سلوك الأفراد والتنبؤ به، وفي هذا النموذج الجديد، تصبح الرقابة محدودة والمساءلة ضئيلة.
وبما أن الذكاء الاصطناعي يسمح بتفسير الأنماط السلوكية على نطاق واسع من دون استجواب أو تحقق مباشر، فقد أصبحت الاستدلالات تحل محل الحقائق، والارتباطات محل الشهادات، ومن ثم أصبح الخطر يتوسع ليشمل الجميع، وبعدما كانت هذه التقنيات غالباً ما تستخدم على هامش المجتمع ضد المهاجرين، أو متلقي الرعاية الاجتماعية، أو أولئك الذين يعتبرون خطرين للغاية، يتسع النطاق الآن مع توسع البنية التحتية ليشمل حياة جميع المواطنين.
شعور دائم بالمراقبة
يعيش مواطنو الولايات المتحدة الآن في ظل شعور دائم بالمراقبة وبأنهم في ظل خطر عشوائي، إذ يمكن أن يكون عميل أجهزة تنفيذ القانون هو أي شخص بملابس مدنية، سواء كان عابر سبيل، أو الرجل الذي يقف خلفك في الطابور، أو المرأة التي تسكن في نهاية الممر أو مشرف المبنى أو طالبك أو معلم طفلك.
يعيش الناس في عزلة متزايدة وشعور بالخوف، وهذه هي الشروط الأساسية للعيش في دولة بوليسية سرية، حيث يفقد الناس القدرة على التخطيط للمستقبل، لأنهم يشعرون أنهم لا يملكون السيطرة على حياتهم، ويحاولون إخفاء أنفسهم، وهو معيار واضح يظهر بجلاء كيف أصبحت الولايات المتحدة دولة بوليسية سرية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاقتصادية
منذ ساعة واحدة
- الاقتصادية
الدولار يتراجع بسرعة لكن هذه الوتيرة لا تدوم
هناك عديد من الأسباب الاقتصادية الجوهرية التي تدفع إلى النظرة السلبية طويلة الأجل للدولار الأمريكي، لكن موجة البيع والمشاعر السلبية التي تُثقل كاهل العملة الأمريكية حاليًا قد تكون مبالغًا فيها. فقد الدولار 5% من قيمته مقابل سلة من العملات الرئيسية منذ فرض الرئيس دونالد ترمب تعريفات جمركية في "يوم التحرير" في 2 أبريل، وانخفض بنسبة 10% منذ منتصف يناير، عندما كان في أقوى مستوياته منذ أكثر من عامين. لقد أضعفت حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي الناجمة عن حرب ترمب التجارية وتطبيقها الفوضوي جاذبية الدولار، في حين إن سعي ترمب لتمزيق النظام الاقتصادي العالمي الذي دام 80 عامًا، وهجماته على رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، قد أثار قلق المستثمرين أيضًا. والأهم من ذلك، إذا أرادت إدارة ترمب إنعاش قطاع التصنيع الأمريكي، وخفض العجز التجاري، وإعادة التوازن إلى التجارة العالمية، فلا بد من أن يكون خفض سعر الصرف جزءًا من الخطة. قد لا يتضح بعض هذه القضايا قريبًا. تنتهي هدنة الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والصين في 9 يوليو، وقد لا تتم الموافقة على مشروع قانون ترمب لخفض الضرائب نهائيًا إلا مع عطلة 4 يوليو، وبحلول ذلك الوقت ستكون قضية سقف الدين محط اهتمام المستثمرين مجددًا. هذه هي الخلفية التي تدفع عديدا من المستثمرين الآن لإعادة تقييم تعرضهم للأصول المقومة بالدولار. ويشمل ذلك سندات الخزانة، خاصة السندات طويلة الأجل، التي تعاني وطأة المخاوف المتزايدة بشأن ديون واشنطن وعجزها. مع تعرّض العملة الاحتياطية العالمية وأصولها الاحتياطية لضغوط، ليس من المستغرب أن يكون أداء الأسهم الأمريكية أقل من أداء معظم نظيراتها العالمية هذا العام أيضًا. وهذا يُمثّل، في مجموعه، رياحًا معاكسة قوية للدولار، على الرغم من الدعم الأخير الناتج عن الانفراج التجاري الأمريكي - الصيني. لكن كما هي الحال غالبًا في الأسواق المالية، ربما يكون المتداولون والمستثمرون قد استبقوا الأحداث قليلًا. أظهر أحدث استطلاع عالمي لمديري صناديق الاستثمار أجراه بنك أوف أمريكا أن التعرض للدولار هذا الشهر كان الأدنى منذ مايو 2006، وهو أدنى مستوى له في 19 عامًا. ويُقلل 17% من المستثمرين المشاركين في الاستطلاع من وزن الدولار. وأظهر الاستطلاع نفسه أيضًا أن "انهيار الدولار الأمريكي بسبب إضراب المشترين الدوليين" يُعد الآن ثالث أكبر خطر على الأسواق العالمية، وفقًا للمستثمرين، بعد التضخم الذي أجبر الاحتياطي الفيدرالي على رفع أسعار الفائدة بفارق ضئيل. قد تكون عملية "إلغاء الدولرة" التي تستغرق سنوات جارية، لكن إضراب المشترين مستبعد للغاية، حتى في هذه الأوقات العصيبة وغير المستقرة. بينما قد يُعيد مستثمرو "الأموال الحقيقية"، مثل صناديق التقاعد والتأمين، وصناديق الثروة السيادية، ومديري الاحتياطيات، تخصيص رؤوس أموالهم على مدار عدة أشهر، يتحرك المضاربون وصناديق التحوط بسرعة أكبر. بل وأكثر من ذلك. تُظهر بيانات لجنة تداول العقود الآجلة للسلع أن صناديق التحوط تحتفظ بمركز قصير الأجل للدولار - وهو رهان فعلي على أن العملة ستضعف - بقيمة 17 مليار دولار، وهو أحد أكبر المراكز القصيرة منذ سنوات. يُعد التركيز على الين شديدًا بشكل خاص، حيث لم تكن الرهانات الصعودية على العملة اليابانية بهذا الحجم من قبل. مع تزايد الدعوات لبنك اليابان لإيقاف رفع أسعار الفائدة واستئناف شراء السندات لتحقيق الاستقرار في الطرف الطويل من المنحنى، قد يكون ارتفاع الين محدودًا من الآن فصاعدًا. من الغريب أن انخفاض قيمة الدولار خالف آخر التحولات المتشددة في توقعات أسعار الفائدة لدى الاحتياطي الفيدرالي. فأسواق العقود الآجلة لأسعار الفائدة الأمريكية بالكاد تتوقع الآن خفضين لأسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية هذا العام، ولن يُطبق الأول قبل أكتوبر. قارن ذلك بـ4 تخفيضات بدأت في يونيو، التي كان المتداولون يتوقعونها قبل شهرين فقط. وهناك أيضًا دلائل على أن الارتباط الوثيق والراسخ للدولار مع فروق العائد بين الولايات المتحدة ومنطقة اليورو قد انهار في الأسابيع الأخيرة. لكن التاريخ يشير إلى أن هذا الارتباط سيعود إلى طبيعته بسرعة كبيرة. سيكون الدولار وأسعار الصرف موضوعًا رئيسيًا للنقاش بين وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية في دول مجموعة السبع المجتمعين في كندا هذا الأسبوع. ولا شك أنهما سيُطرحان أيضًا في محادثات واشنطن الثنائية مع شركائها التجاريين الرئيسيين، خاصة في آسيا، في ظلّ صياغة صفقات تجارية. قد يكون اتجاه الدولار نحو الانخفاض على المدى الطويل. مع ذلك، قد تكون هناك حاجة إلى توقف مؤقت أو حتى تصحيح في المدى القريب.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
«وول ستريت» تتراجع بعد إقرار قانون ترمب الضريبي
سجّل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» تراجعاً طفيفاً في تداولات متقلبة يوم الخميس، بعد أن صوّت مجلس النواب الأميركي لصالح تمرير مشروع القانون الضريبي الذي وصفه الرئيس دونالد ترمب بأنه «مشروع قانون كبير وجميل»، والذي من المتوقع أن يضيف تريليونات الدولارات إلى الدين العام الأميركي. وبحسب مكتب الموازنة في الكونغرس، من المنتظر أن يؤدي المشروع – في حال تحوّله إلى قانون – إلى زيادة الدين الفيدرالي بنحو 3.8 تريليون دولار خلال العقد المقبل، ليرتفع من مستواه الحالي البالغ 36.2 تريليون دولار، وفق «رويترز». وينتقل مشروع القانون الآن إلى مجلس الشيوخ، حيث تسيطر الأغلبية الجمهورية، وإذا ما أُقر، فسيحقق جزءاً كبيراً من أجندة ترمب الشعبوية، عبر منح إعفاءات ضريبية جديدة على الإكراميات وقروض السيارات، وزيادة الإنفاق العسكري. وقال سام ستوفال، كبير استراتيجيي الاستثمار في شركة «سي إف آر إيه» للأبحاث: «بينما تحاول الحكومة خفض الإنفاق وخفض مستويات الديون، يبدو أن هذا المشروع سيؤدي إلى التراجع عن معظم ما تم تحقيقه حتى الآن». وفي تمام الساعة 09:49 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، انخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 72.70 نقطة أو 0.17 في المائة إلى 41.790.95 نقطة، وتراجع «ستاندرد آند بورز 500» بنحو 8.11 نقطة أو 0.14 في المائة إلى 5.836.38 نقطة، في حين ارتفع مؤشر «ناسداك» المركب بمقدار 28.91 نقطة أو 0.15 في المائة ليصل إلى 18.901.55 نقطة. وتراجعت تسعة من أصل 11 قطاعاً فرعياً ضمن «ستاندرد آند بورز»، بقيادة قطاعي المرافق والطاقة اللذين انخفضا بأكثر من 1 في المائة لكل منهما. وسجلت عوائد سندات الخزانة الطويلة الأجل مستويات مرتفعة، حيث بلغت عوائد السندات لأجل 10 سنوات 4.606 في المائة، فيما قفزت عوائد السندات لأجل 30 عاماً إلى أعلى مستوى لها في 19 شهراً. ورغم هذا التراجع، حققت معظم أسهم شركات النمو الكبرى مكاسب، وتصدرت «ألفابت» الشركة الأم لـ«غوغل» القائمة بارتفاع قدره 3.4 في المائة. وقفز سهم شركة «سنو فليك» بنسبة 9 في المائة بعد أن رفعت الشركة توقعاتها لإيرادات منتجاتها خلال السنة المالية 2026. وكانت المؤشرات الثلاثة الرئيسية قد سجلت الأربعاء أكبر تراجع يومي لها منذ شهر، بعد أن ارتفعت عوائد السندات نتيجة القلق المتزايد بشأن تفاقم الدين الأميركي. ورغم ذلك، لا تزال الأسواق الأميركية تسجل أداء قوياً هذا الشهر، حيث ارتفع «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 15 في المائة مقارنة بأدنى مستوياته في أبريل (نيسان)، التي بلغها عقب التصعيد في الرسوم الجمركية الذي هز الأسواق العالمية. وساهمت هدنة تجارية مؤقتة بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب بيانات تضخم معتدلة، في دعم الأسهم، رغم أن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» لا يزال دون أعلى مستوياته التاريخية بنحو 3 في المائة. وفي تصريحات لشبكة «فوكس بيزنس»، أشار محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر إلى أن خفض أسعار الفائدة سيظل مطروحاً على الطاولة إذا تباطأت أجندة التعريفات الجمركية لإدارة ترمب. ويتوقع المتداولون حالياً تنفيذ ما لا يقل عن خفضين بمقدار 25 نقطة أساس لأسعار الفائدة بحلول نهاية العام، وفق بيانات «إل إس إي جي». وعلى صعيد البيانات الاقتصادية، أظهرت المؤشرات تحسناً في نشاط الأعمال خلال مايو (أيار)، إلى جانب انخفاض في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية، ما يشير إلى استمرار النمو المطرد في سوق العمل. وفي بورصة نيويورك، فاقت الأسهم المتراجعة نظيرتها الصاعدة بنسبة 3.3 إلى 1، وفي بورصة ناسداك بنسبة 1.82 إلى 1. وسجّل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» تسعة، أدنى مستويات في 52 أسبوعاً دون أي قمم جديدة، بينما سجل مؤشر «ناسداك» 20 قمة جديدة و59 قاعاً جديداً.


صحيفة سبق
منذ 3 ساعات
- صحيفة سبق
أدنى مستوى منذ 2023.. الدولار يواصل الهبوط مع تصاعد تهديدات ترمب التجارية
واصل الدولار الأمريكي تراجعه الحاد ليصل إلى أدنى مستوياته منذ ديسمبر 2023، بعدما هدّد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب؛ بفرض رسومٍ جمركية جديدة على الاتحاد الأوروبي تصل إلى 50%؛ ما زاد من حالة القلق في الأسواق العالمية. هذا التصعيد المفاجئ في الخطاب التجاري أدّى إلى انخفاض مؤشر بلومبرغ للدولار بنسبة 0.6%، ليفقد بذلك أكثر من 7% منذ بداية العام، وسط تزايد الشكوك بشأن مستقبل الاقتصاد الأمريكي. التحركات الجديدة لترمب أعادت إلى الواجهة المخاوف من دخول الاقتصاد الأمريكي في ركودٍ، خاصة مع تنامي الضبابية السياسية والمالية. الدولار الذي طالما اعتُبر ملاذاً آمناً بات الآن يعاني فقدان الثقة، في ظل التوجّه المتصاعد لدى المستثمرين نحو عملاتٍ أكثر استقراراً، مثل الين الياباني والفرنك السويسري، فضلاً عن انتعاشٍ واضحٍ لليورو. القلق لم يقتصر على التجارة الأوروبية، إذ هدّد ترمب أيضاً شركة "أبل" بفرض ضريبة 25% ما لم تنقل عمليات تصنيع "آيفون" إلى الداخل الأمريكي؛ ما أدّى إلى تراجع أسهم الشركة. في ظل هذه الأجواء، تشير تقديرات "جيه بي مورجان" إلى أن الدولار دخل فعلياً في مرحلة ضعف قد تستمر لسنوات، مدفوعة بتراجع شهية المستثمرين العالميين على الأصول الأمريكية، وتصاعد الشكوك حول قدرة الإدارة الأمريكية على تمرير سياسات مالية فاعلة.