
تعديل .. أم .. تعطيل
في كل دول العالم قاطبة المتقدمة ، وحتى المتخلفة مثلنا ، يكون للحكومات عند تشكيلها مدة محددة بالسنوات ، تترواح في معظمها بين ( ٤ — ٥ ) سنوات . إلّا نحن في الأردن منكوبون بكثرة التعديلات على الحكومات ، لدرجة ان بعض رؤساء الوزارات أجرى ( ٧ ) تعديلات خلال ( ٣ ) سنوات ، وهي مدة إستمرار حكومته ، وهذا يعني انه كان يجري تعديلاً كل ( ٤ ) شهور تقريباً .
تدوير التوزير مستمر وسيبقى الى ما شاء الله في هذا الوطن المُبتلى بحكوماته منذ نشأته ، بإستثناء رئيس وزراء واحدٍ ، وحيدٍ ، أوحد ، هو الشهيد الرمز وصفي التل رحمة الله عليه .
ومواطننا مبتلى بالإستغباء ، الذي ترسخ حتى أصبح جينياً لدينا . فما ان يعاني المواطن من سوء إدارة الوطن من حكومة معينة ، ويرى ان تقصيرها واضح للعيان ، يفرح المواطن كثيراً عندما يُشاع عن توقع تشكيل حكومة جديدة ، فيفرح ، ويستبشر ، ويتهلل وجهه بالسرور ، معتقداً ان الرئيس القادم ، وافراد حكومته لديهم الحلّ السحري لكل مشاكل الوطن والمواطن . وما ان تمر بضعة شهور على التشكيلة الجديدة ، ويرى انها لا تختلف عن سابقاتها ، يتم الضحك على المواطن بإيهامه ان أداء الرئيس ممتاز ، لكن هناك بعض الوزراء ليسوا منسجمين مع دولته ، ولم يحققوا الانجازات المطلوبة ، لذلك يقتضي الأمر إجراء تعديل على الحكومة . ويتفاجأ المواطن بأن التعديل ليس اكثر من تدوير ، وتنفيع ، وتضييع للوقت ، وخداع الناس بإشغالهم ذهنياً بهذا الأمر لعدة شهور ، الى ان يأتي تعديلاً آخر .
وعندما يتفحص المواطن التعديلات التي تُجرى على الحكومات ، يجد ان بعض الوزراء يتنقل كما البهلوان بين عدد من الوزارات مختلفة بل متباعدة التخصصات ، وكأنه عالِم متفرد في زمانه . كما تجد العديد من الوزراء ، يُخرجهم رؤساء وزارات بالتعديلات ، ثم يعيدهم رئيس وزراء آخر لنفس الوزارة ، لا بل والأنكى ، ان نفس رئيس الوزراء الذي أخرج الوزير من وزارة معينة ، يعيده اليها في تعديلٍ آخر ، كيف يستقيم هذا !؟
نحن شعب بسيط ، او ربما ( عبيط ) ، يُستخف بعقولنا ، ويستهزأ بنا ، ووطنا ينحدر ، وحياة المواطن في ضيق ، وعوز ، والغلاء ينهش أصحاب الدخول المتواضعة ، والفقر ينقر رؤوس الشرفاء ، ونصدق بمسرحية تشكيل الحكومات ، ونعتقد مخطئين بان كثرة التشكيلات ، والتعديلات على الحكومات هي لمصلحتنا وغايتها الإرتقاء بالوطن . لذلك ننشغل بها ، ونهتم بإجراءاتها ، ونتابعها بشغف ، ونغرق في توقعاتها ، ومن سيدخل الحكومة ، ومن سيخرج منها ، والمقربون الموعودون يقبضون على هواتفهم ، ويفصلونها عند قدوم أي اتصال هاتفي لانهم يتوقعون إعادتهم للحكومة ، ليس ليخدم الوطن بل ليحسن راتبه التقاعدي ، ويرجع للبهرجة والإستعراض ، خاصة اذا كان غير مرضي عنه ، وهدر شيئاً من كرامته لإستعادة الثقة به ، فاصبح يتوقع ان من حقه العودة .
ما دام رؤساء الحكومات ووزرائهم يكلفون بمهامهم دون تقديم برنامج محدد بإطار زمني للإنجاز لما ستقدمه كل وزارة على حده ، لتتم محاسبة الوزير ورئيس الوزراء بناءاً عليه ، فلن تستقيم الأمور ، وسيبقى الرؤساء والوزراء يدخلون الوزارات ويخرجون منها بشكل عشوائي ، ودون إنجازات تتحقق للوطن والمواطن ، دون حسيب ولا رقيب ، وستبقى تدور ضمن إطار تنفيعات للأصدقاء ، والمصفقين ، والمحاسيب ، لا أكثر ، ومصلحة الوطن والمواطن غائبة تماماً عن المشهد .
لا أُتابع ، التشكيلات ، ولا التعديلات ، الا بحدود ضيقة ، لمعرفة ما يدور في الوطن . لأن الوطن والمواطن غائبين عن أذهان من يصنعون او يصطنعون هذه المسرحيات . وما يحدث ليس اكثر من تعطيل لعجلة النمو في الوطن .
سيبقى وطني الحبيب مُبتلى ، ومصلحته مغيبة ، ما لم يتم تشكيل لجنة عليا من رجالات الوطن ، من ( خاليي الشهوة من أية منفعة شخصية ) ، تقوم بدورها الوطني عند وجود نية لتغيير وزاري ، بأن تنتقي عدداً من أصحاب الكفاءات الوطنية الذين يكونون بمستوى رؤساء وزارات ، وتلتقي بهم اللجنة العليا منفردين ، ويطلبون من كل واحد ان يقدم برنامجاً لحكومته ، متضمناً برنامجاً لكل وزارة من الوزير الذي يقترحه . وتقوم اللجنة بتقييم البرامج التي تقدم بها المرشحون لمنصب رئيس الوزراء ، وإجراء مفاضلة بينهم ضمن إطار مصلحة الوطن والمواطن ، وعند وقوع الإختيار على أحدهم ، يتم إلزامه ببرنامجه الشامل وبرنامج كل وزير عن وزارته ، محدداً ، ومقيداً بتواريخ للإنجاز لمحاسبته هو ووزرائه وفقاً للبرنامج الذي تقدم به . وتقوم اللجنة العليا بتقييم أداء الوزارة على أساس نصف سنوي ، واذا تبدى تقصير ملحوظ في الإنجازات يتم تشكيل وزارة اخرى ، ويحال أعضاء الوزارة السابقة للمحاكمة لمحاسبتهم على القصور الذي أضرّ بالوطن والمواطن .
أنا واثق من ان هذا لن يحدث على المدى المنظور . وان البعض من المتنفعين غير الأكفياء سيعتبرونه ليس أكثر من هرطقة ، وسفسطة ، وتفلسف . لذلك أستودع الله وطني الحبيب ، ولا أمل بفرجٍ قريب . أما المواطن الشريف ف ( البين طاسه ، من راسه لساسه ) ، وليستمتع بإنخراسِه .

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 6 دقائق
- عمون
الشطناوي تشكر العاملين في امتحان الحادي عشر
عمون - وجّهتْ مدير التربية والتعليم للواء قصبة إربد بالوكالة هدى الشطناوي، رسالة شكر وتقدير لجميع العاملين في امتحان الثانوية العامه الجزء الأول لطلبة الصف الحادي عشر لعام 2025 ، وعلى اختلاف مسمياتهم ومواقعهم الوظيفية، مثمنةً جهودهم الوطنية التي ساهمت في إنجاح الامتحان . وقدّمت الشطناوي وافر شكرها وتقديرها لكافة المؤسسات الوطنية المساندة ممثلة بعطوفة محافظ اربد، ومدير الشرطة ، ومدير الدفاع المدني ، ومدير الصحة، لتوفيرهم الدعم والحماية والرعاية الصحية خلال فترة انعقاد الامتحانات، وعلى ما بذلوه من جهود كبيره في توفير بيئة إمتحانية آمنة. وباركت الشطناوي لهم عطائهم متمنيةً لهم المزيد من التقدم والعطاء في ظل حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه.

عمون
منذ 6 دقائق
- عمون
جويعد يشكر المشاركين في إنجاح امتحان الحادي عشر
عمون - شكر مدير التربية والتعليم لمحافظة عجلون الأستاذ خلدون جويعد في رسالة شكر وتقدير ؛وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي الأستاذ الدكتور عزمي محافظة و أمين عام الشؤون التعليمية الدكتور نواف العجارمة و أمين عام الشؤون الإدارية والمالية سحر شخاترة وإدارة الامتحانات في الوزارة وكل من ساهم و شارك في إنجاح الدورة الامتحانية لنظام الثانوية العامة الجديد لعام ٢٠٢٥، حيث قال فيها: بكل فخر واعتزاز وتقدير،،،،، في ختام هذه الدورة الامتحانية لنظام الثانوية العامة الجديد، نقف وقفة إجلال وإكبار لنرفع أسمى آيات الشكر والتقدير لكل يد امتدت بالعطاء، ولكل قلب نبض بالمسؤولية، ولكل عين سهرت لتحرس الأمانة، ولكل عقل خطط وتابع حتى خرجت هذه الدورة الامتحانية بأبهى صور الانضباط والنجاح. نتقدم بالشكر الجزيل إلى محافظ محافظة عجلون الأكرم الذي كان الداعم الأول والموجه الحريص، وإلى الأجهزة الأمنية كافة التي ضربت أروع الأمثلة في الانضباط وحماية سير الامتحانات، وحرصت على أن يبقى هذا العرس التربوي في أجواء آمنة وهادئة. ونخص بالشكر رؤساء القاعات على إدارتهم الواعية، والمراقبين والمراقبات من المعلمين والمعلمات الذين كانوا العين الساهرة على نزاهة الامتحان وهيبته، ومندوبي وزارة التربية والتعليم ومندوبي مديرية التربية والتعليم في محافظة عجلون الذين تابعوا تفاصيل العمل بكل دقة وأمانة، وضباط الجودة الذين ضمنوا أعلى مستويات التنظيم والالتزام، وقسم الامتحانات الذي كان قلب العملية النابض، وجميع الأقسام في مديرية التربية والتعليم التي تكاتفت جهودها لتكتمل الصورة. ولا ننسى قسم الحركة الذي سهّل تنقل اللجان والمراقبين والمستلزمات، وزملاءنا المستخدمين والحراس الذين كانوا سنداً مخلصاً في كل المواقع، كما نرفع التحية لكل فرد من أبناء هذه المؤسسة التربوية العريقة في محافظة عجلون، ولكافة أطياف المجتمع الأردني الأبي الذين ساندوا هذه المسيرة وشاركوا في إنجاحها. لقد أثبتم جميعاً أن العمل بروح الفريق الواحد هو سر النجاح، وأن الأمانة إذا حُمِلت بصدق، أثمرت إنجازاً يشهد له الجميع. وفي الختام، نسأل الله العلي القدير أن يحفظ الأردن الغالي، ويمد في عمر قائده المفدى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، وأن يوفقه وولي عهده الأمين الأمير الحسين بن عبد الله لكل خير، وأن يحفظ العائلة الهاشمية الكريمة، وأن يديم الأمن والأمان على شعبنا الأردني الأبي، ويجعله دوماً في علياء المجد والرفعة.

عمون
منذ 6 دقائق
- عمون
الذكرى السنوية الأولى لوفاة القاضي هاني الحياري
* رحل وبقيت ذكراه وحضوره الابدي عمون - تصادف اليوم السابع من آب الذكرى السنوية الأولى لوفاة القاضي المرحوم هاني عبدالرحيم، أحد قامات الأردن القضائية السامقة ممن لازمتهم صفة التميز، إذ كان صاحب مواصفات أجمعت عليها غالبية فئات المجتمع الأردني وخاصة زملاؤه القُضاة والمحامون لما عرف عنه من حيادية تامة ونزاهة مطلقة ومصداقية أكيدة، فالرجل وخلال عقود من العمل في خدمة القضاء، جاب فيها مختلف محافظات المملكة وتسلم خلالها العديد من المناصب القضائية، كان نِعم القاضي الذي يأنس إليه الفرقاء واثقين من عدالة قضيتهم طالما آلت الى اليد الأمينة التي يمثلها هاني الحياري رحمه الله جسد القاضي هاني الحياري معنى استقلال القرار القضائي، حيث كان مؤمنًا بأن هذا المبدأ هو من المبادئ الراسخة التي تقوم عليها دولة القانون في سبيل تحقيق العدالة للجميع على أرضها، ومن قراءة متأنية في مفاصل شخصية الراحل هاني الحياري يتبين للباحث بأنه كان يرى بأن تكريس هذا المبدأ إنما ينطوي على الكثير من الأهمية في تحقيق الأمن والطمأنينة والعدالة، الأمر الذي جعله أحد أهم المبادئ التي حظيت باهتمام الدساتير العالمية قاطبة، كما كان أبو علاء يؤمن ويرى بأن من واجبات مؤسسات الدولة قاطبة العمل الدؤوب لتكريس مبدأ استقلال القضاء من الناحيتين التشريعية والتطبيقية، لأن استقلال القضاء كمبدأ هو الضامن الوحيد لتكريس حقوق الإنسان التي تضمن خضوع الفرد لمحاكمات عادلة بعيدة عن الشُبهات، فضلًا عن أنه مبدأ يقضي بالحقوق المتنازع عليها أمام جهة قضائية مستقلة تحقق العدل والإنصاف، وإن بعكس ذلك فسوف تُهدر الحقوق ويصبح أصحابها ضحية غياب العدالة فيأكل القويُ الضعيفَ ويسود في المجتمع منطق القوة، وهذا ما كان يرفضه جملة وتفصيلا. ولد المرحوم هاني عبدالرحيم الحياري، في شهر آذار من عام 1936 وبعد حصوله على الثانوية العامة التحق بالقوات المسلحة وتخرج من الكلية العسكرية سنة 1951 وتنقّل بين عدة وحدات من تشكيلات القوات المسلحة الأردنية وعلى الأخص سلاحي المدفعية والمُشاة ثم خرج من الخدمة سنة العام 1956 حيث كان أحد الضباط الأحرار وتم اعتقاله وأُودع في سجن العبدلي، وحوكم بالإعدام إلا أنه كان من المشمولين في قرار العفو الذي أصدره الملك الحسين طيب الله ثراه سنة 1957. بعد خروجه من السجن سافر الى العراق وتابع دراسته للصفوف التي تسبق الثانوية العامة هناك ثم التحق بجامعة بغداد لدراسة الحقوق وحصل على درجة البكالوريوس في الحقوق سنة 1962. ليعود الى الأردن ويبدأ حياته العملية التي امتدت لنحو ثلاثة عقود من الزمن وزيادة، شكلت بمجملها قصة رجل كان العدل هاجسه في حلّه وترحاله، وانتسب إلى نقابة المحامين الأردنيين كمتدرب، وتم تعيينه في وزارة العدل في العام 1963 وكانت محكمة مأدبا في محافظة مأدبا هي أول مكان عمل به، ثم لم يلبث بعد مرور فترة وجيزة إلا وانتقل إلى شمال المملكة في محافظة اربد لتشهد هذه المحافظة نقلة نوعية وسنوات ظافرة في الانجاز على الصعيدين العملي والعائلي وصار في إربد قاضيًا وأمضى فترة زمنية طويلة تنقّل خلالها بين محكمة صلح اربد "1966" ثم عمل في لواء الكورة ولواء الرمثا وكما شهدت اربد محطات غنية في مسيرة عمل القاضي هاني الحياري، فقد كان له في عمان نجاحات تضاف إلى سجله الناصع، وامتدت منذ بدأ العمل قاضيًا في العاصمة سنة 1984 وإلى حين تقاعده سنة 1993 بناء على طلبه، وبعد تقاعده سنة 1993 قام بالتسجيل في نقابة المحامين وافتتح مكتبًا خاصًا في الشميساني في شارع عبدالحميد شرف، ومارس المهنة وكان معه في المكتب عدد من المحامين لمتابعة القضايا لدى المحاكم الأردنية، ثم قام بإغلاقه بعد مرور عامين، ولكنه ظل منتسبًا للنقابة حتى تقاعد سنة 2017. عائليًا اقترن هاني الحياري بزوجته المرحومة ندى صالح حجازي وأنجب من البنين والبنات كل من (آلاء، ضحوك، دانا، نانسي، الأستاذ علاء والأستاذ أحمد) انتقل الى رحمة الله تعالى في السابع من آب عام 2024 وعن عمر ناهز الثامنة والثمانين عامًا، إثر نوبة قلبية وتم دفن جثمانه الطاهر في مقبرة العيزرية في السلط، وقد غادر الحياة وهو في سن الشيخوخة ولكنه في عز العطاء ونضج التجربة، ورجاحة الرأي، بعدما كانت آراءه طيلة عمره تستحق الاحترام وتثير الجدل وتجلب في الوقت نفسه المتعة الفكرية، فكان عقلًا فذًّا له قناعاته ووجهات نظره وأفكاره التي وإن اختلف معها نفر من الناس إلا أنه كان يدافع عنها ببسالة ولم يكن ليتردد في إعلانها، وفي الختام نقول: إذا كان الموت حقًا فإن البقاء من خلال الأعمال الجليلة، هو نصيب الكبار الذين يتركون بصماتهم على الواقع ويسجلون مآثرهم في سجل الذكر المجيد.