
النّجاة في الصّدق
كما أنّ التنوُّع في البرامج السياسية لم يستطع إلى يوم النّاس هذا أن يتجاوز السّجون الإيديولوجية إلى فضاء حرّ خادم لآفاق ضمان الحرّيات المسؤولة الباعثة على إحياء الأمل في مستقبل أفضل.
هل وصلنا فعلا إلى البحث عن معارضة جادّة موثوق بها يمكن محاورتُها بجدّية للبحث عن مُخرجات سياسية جديدة واعدة وخادمة لمصلحة الوطن والمواطن؟
يجب أن يقتنع الجميع، سُلطة ومعارضة، أنّ مصلحة الوطن ليست قرينة السّمع والطّاعة بقدر ما هي نتاج حقيقي لحوار مسؤول، الكل فيه محتاجٌ إلى الآخر.
صانع القرار اليوم ليس أكثر وطنية من ذلك الذي ينتقد، كما أنّ المُعارِض ليس أحرص على مصالح النّاس ممّن يواجهها يوميًّا.
هذا التّجاذب بين السلطة والمعارضة هو رمّانة الميزان في خدمة الصّالح العامّ.
إنّ صناعة معارضة على المقاس خيانة للصّالح العامّ، كما أنّ المنّ السلطوي على المواطنين في خدمة مصالحهم هو خيانة للأمانة.
بالصّدق فقط ننجو، والصّدق هنا يجب أن لا يكون شعارا؛ فالصّدق في اختيار المسؤول يجب أن يرتكز على اختيار المحكوم لا على مصلحة الحاكم، والصّدق في التّسيير يجب أن يرتكز على الحقّ والعدل واحترام القانون واعتبار الجميع سواسية في الحقوق والواجبات، والصّدق في تسيير مصالح العباد يجب أن يقترن بمفهوم العبادة والأمانة، والصّدق في الدّفاع عن السّيادة الوطنية يجب أن يقترن بالجهاد والاستشهاد.
إنّ مرجعياتٍ ثابتة لدى المواطنين يجب أن لا تكون مُتّكئا يتمسّح به الفاشلون من المسؤولين. ولا مُبرِّر للتّمسُّح بتاريخ الشّهداء النّاصع والمجاهدين الأخيار والاختباء وراءه لعدم القدرة على حلّ مشكل النّقل، أو رقمنة الإدارة، أو التّوزيع العادل للسّكن، أو غير ذلك من قضايا المواطنين المُلِحّة والمُتجدِّدة، حتى أصبح النّاس يشعرون أنّ من يُكثِر من ترديد البطولات الكبرى للشّهداء والمجاهدين ليس إلّا عجزا عن أداء المسؤولية وهروبا منها.
إذا وصلنا إلى هذه القناعة فإنّنا نربط تاريخنا النّاصع بخيباتنا في عدم الحفاظ على الأمانة وصيانة الوديعة، وبهذا نُسيء إلى تاريخ أبنائنا وأجدادنا من حيث نقصد أو لا نريد.
والمصيبة الكبرى هي توظيف أقدس ما نملك -ديننا الحنيف- في تمرير خيباتنا أو تبرير انحرافاتنا.
إنّ من أهمّ المقاصد على الإطلاق في الإسلام -والله أعلم- الحرّية، ذلك أنّ التّوحيد يحرِّر العبد من العبودية لغير الله سبحانه. ولا توجد حرية مطلَقة للإنسان لأنّه بطبيعة خلقه حبيس قدراته وشهواته، فمن لا إله له فإلهُه هواه، ومن اتّخذ إلهه هواه أغلق الله عليه منافذ الإدراك، فيختم على قلبه وسمعه ويجعل على بصره غشاوة، ولذلك لا يُدرك كُنه الأشياء ولا يعرفها، فتُعطَّل وسائل الإدراك لديه.
وما لم نعرف هذه الحقيقة ونعمل بها فإنّنا نكون أقرب إلى الخطأ منّا إلى الصّواب.
أنا ممّن يكفرون بالدّولة الثيروقراطية، ولكنّني أيضا لا أؤمن بأنّ عديم الضّمير يمكن أن يُستأمَن على مصالح العباد، وأنّ الذي يعبد هواه وملذّاته ومصالحه يمكن أن يكون أمينا على الدولة ومصالح مواطنيها.
منذ متى ونحن نتكلم عن حياة أفضل؟
ومنذ متى ونحن نحارب البيروقراطية؟
ومنذ متى ونحن نُقدِّس الإرادة الشّعبية ولكن نِسب المشاركين في الانتخابات تتراجع؟ والمُعيَّن في البلاد أوسع صلاحيات من المنتخَب؟
ومنذ متى ونحن نتكلم عن الاكتفاء الذّاتي؟
ومنذ متى ونحن نُحذِّر من الاعتماد على الثّروات الباطنية؟
ولماذا لم نتخلَّ إلى اليوم عن إرفاق المُراسلَات الرّسمية بنُسخ لغير اللّغة الرّسمية للبلاد؟
إنّ شعارات شتّى رُفِعت في هذه البلاد لم يتحقّق منها بعد الاستقلال إلّا النزر اليسير رغم نفقات ضخمة جدّا كانت أقدر على تحقيق إنجازات أكبر وفي مُدَد زمنية أقل.
إنّ الرّابط المباشر بين الثوابت وبرامج التّنمية أصبح أمرا مُلحّا، وعليه أن يكون مقياسا للجدّية ومُبرِّرا للمحاسبة.
كما أنّ العلم والكفاءة شرطان متلازمان لإسناد المسؤوليات، فإذا اقترن بهما سلامة الضّمير وحُسن الخُلق سَلِمت البلاد من الفساد والمكر والاستبداد.
إنّ بلادنا اليوم أحوج ما تكون إلى الابتعاد عن التضخيم الأجوف، كما أنّها أحوج إلى الرّد على نباح من هم بالخارج بخنق حلفائهم في الداخل.
كما أنّها بحاجة إلى أن يلتزم كل قطاع بمسؤولياته دون أن يتعدّاها إلى غيره، وكلّما انسجم أداء مختلف المؤسسات وتكامل، سارت مركبتُنا بأمان أكبر ووصلت إلى هدفها.
بالصّدق فقط ننجو، والصّدق هنا يجب أن لا يكون شعارا؛ فالصّدق في اختيار المسؤول يجب أن يرتكز على اختيار المحكوم لا على مصلحة الحاكم، والصّدق في التّسيير يجب أن يرتكز على الحقّ والعدل واحترام القانون واعتبار الجميع سواسية في الحقوق والواجبات، والصّدق في تسيير مصالح العباد يجب أن يقترن بمفهوم العبادة والأمانة، والصّدق في الدّفاع عن السّيادة الوطنية يجب أن يقترن بالجهاد والاستشهاد.
وعليه، فلا نجاة ولا نجاح ولا تطوّر ولا سيادة من دون صدق.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


إيطاليا تلغراف
منذ 10 ساعات
- إيطاليا تلغراف
عيد العرش في طورينو: احتفاء بالولاء وتجسيد للرؤية التنموية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
إيطاليا تلغراف عبد الله مشنون كاتب صحفي مقيم في ايطاليا بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله على عرش أسلافه المنعمين، نظّمت القنصلية العامة للمملكة المغربية بطورينو، يوم الأربعاء، حفلاً رسمياً بهيجًا، بحضور وازن ومتنوع جمع شخصيات سياسية وعسكرية ودبلوماسية ودينية، بالإضافة إلى فعاليات اقتصادية وأكاديمية وثقافية، وأبناء الجالية المغربية المقيمة في مختلف مناطق شمال إيطاليا. وقد شكّل هذا الحفل الوطني لحظة مفعمة برمزية الوفاء والانتماء، حيث أكد الحضور أن عيد العرش لا يُمثل فقط مناسبة رسمية بل هو تجسيد حيّ للتلاحم العميق والدائم بين العرش العلوي والشعب المغربي. في كلمته الافتتاحية، نوّه القنصل العام للمملكة المغربية بطورينو، السيد سيدي محمد بيد الله، بأهمية هذه المناسبة التي تُعبّر عن الارتباط الوثيق بين المغاربة أينما وُجدوا ومؤسستهم الملكية، مشددًا على أن المغرب اليوم، بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، يعيش مرحلة مفصلية عنوانها الإصلاح العميق والانفتاح المتوازن والتنمية الشاملة. وأكد السيد القنصل العام أن المملكة المغربية خطت خطوات كبيرة نحو التموقع كقوة إقليمية صاعدة، بفضل مشاريع استراتيجية رائدة في مجالات البنية التحتية، كشبكة القطارات فائق السرعة، وتوسيع الربط الطاقي، والسيادة الغذائية والمائية. كما أبرز الدينامية الاقتصادية التي تعرفها المملكة، والتي تعكس مرونة الاقتصاد الوطني رغم التحديات العالمية، خاصة في قطاعات السيارات والطيران والصناعات الغذائية والسياحة. وفي سياق الإشارة إلى المقاربة التنموية المتقدمة التي تنتهجها المملكة المغربية، تم التطرق إلى التوسع في تعميم الحماية الاجتماعية التي شملت ملايين المواطنين، وحرص الدولة على الاستثمار في الرأس المال البشري، وتعزيز العدالة المجالية، بما يحقق كرامة المواطن المغربي في مختلف مناطق البلاد، ويقضي على مظاهر الفقر والهشاشة خصوصًا في المناطق القروية والجبلية. كما تم تسليط الضوء على الدور المتزايد للمغرب كمنصة رائدة للتعاون جنوب-جنوب، خاصة مع الدول الإفريقية، من خلال تطوير الربط الجوي والبحري والبري، ومبادرات كبرى مثل مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب والمبادرة الملكية الأطلسية، التي تروم تمكين دول الساحل من منفذ استراتيجي نحو المحيط الأطلسي عبر الموانئ المغربية. حفل عيد العرش تميّز كذلك بحضور شخصيات دينية بارزة من مختلف الأديان والطوائف في مدينة طورينو، بما في ذلك الحاخام الأكبر للمدينة، وممثلون عن الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية، و بعض أئمة مساجد الجالية المغربية، في تجسيد لروح الانفتاح والتعايش التي تُعد من سمات النموذج المغربي. وفي ختام هذا الحفل البهيج، جدد أبناء الجالية المغربية المقيمة بشمال إيطاليا ولاءهم وارتباطهم الدائم بالعرش العلوي المجيد، معبرين عن فخرهم بالمسار الذي تسير عليه المملكة المغربية، وحرصهم على مواصلة الإسهام في تعزيز صورة المغرب في الخارج، والدفاع عن قضاياه المصيرية وفي مقدمتها الوحدة الترابية. إيطاليا تلغراف


حدث كم
منذ 13 ساعات
- حدث كم
جلالة الملك يتلقى التهاني من أسرة القوات المسلحة الملكية.. بمناسبة عيد العرش المجيد
بأمر من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، نصره الله، تسلم صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، اليوم الخميس بنادي ضباط الحرس الملكي بتطوان، برقية تهنئة وولاء وإخلاص، مرفوعة إلى جلالة الملك من طرف أسرة القوات المسلحة الملكية، وذلك بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لتربع جلالة الملك على عرش أسلافه المنعمين. وجدد الضباط وضباط الصف وجنود القوات المسلحة الملكية في برقية الولاء المسلمة إلى صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن من طرف الفريق أول، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، قائد المنطقة الجنوبية، محمد بريظ، التأكيد على تشبثهم المتين بقائدهم الأعلى وبأهداب العرش العلوي المجيد. إثر ذلك، استقبل صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن الضباط الأوائل على دفعتهم خريجي المدارس والمعاهد العليا العسكرية وشبه العسكرية. وبهذه المناسبة، ترأس صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، مأدبة غداء أقامها صاحب الجلالة القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية على شرف الشخصيات المدعوة لحفل أداء القسم من طرف فوج ' السلطان أحمد المنصور الذهبي '. حضر هذه المأدبة رئيس الحكومة، ورئيسا غرفتي البرلمان، وعدد من مستشاري صاحب الجلالة، وأعضاء الحكومة، وكبار ضباط القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية، والملحقون العسكريون بالسفارات الأجنبية المعتمدة بالرباط، وشخصيات مدنية وعسكرية. وكان قد تقدم للسلام على صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، لدى وصوله إلى نادي الضباط، الفريق أول محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، قبل أن يستعرض سموه تشكيلة من فوج المقر العام أدت التحية. إثر ذلك، تقدم للسلام على صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، السيد عبد اللطيف لوديي، والفريق أول محمد هرمو قائد الدرك الملكي، واللواء عز الدين خليد، رئيس المكتب الثالث بالقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، والفريق عبد العزيز شاطر، قائد الحرس الملكي، والعميد جمال الصادقي، القائد المنتدب للحامية العسكرية لتطوان-شفشاون. الصورة من الارشيف


حدث كم
منذ 13 ساعات
- حدث كم
أمير المؤمنين جلالة الملك يترأس حفل الولاء بالقصر الملكي.. بتطوان بمناسبة عيد العرش
ترأس أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وصاحب السمو الأمير مولاي أحمد، بعد زوال اليوم الخميس، بساحة المشور بالقصر الملكي بتطوان، حفل الولاء، وذلك تخليدا للذكرى السادسة والعشرين لتربع جلالة الملك على عرش أسلافه المنعمين. وفي مستهل هذا الحفل، قدم وزير الداخلية السيد عبد الوافي لفتيت، وولاة وعمال ولايات وعمالات وأقاليم المملكة، وولاة وعمال الإدارة المركزية لوزارة الداخلية، الولاء لأمير المؤمنين أيده الله ونصره. بعد ذلك، تقدمت وفود وممثلو مختلف جهات وعمالات وأقاليم المملكة لتجديد البيعة والولاء لأمير المؤمنين، حفظه الله. ويتعلق الأمر بممثلي جهات : – الداخلة – وادي الذهب (وادي الذهب وأوسرد) – العيون – الساقية الحمراء (العيون، بوجدور، طرفاية، السمارة) – كلميم -واد نون (كلميم، آسا -الزاك، طانطان، سيدي إفني) – طنجة -تطوان -الحسيمة (طنجة -أصيلة، والمضيق -الفنيدق، وتطوان، والفحص -أنجرة، والعرائش، والحسيمة، وشفشاون ووزان) – الجهة الشرقية (وجدة -أنجاد، الناظور، الدريوش، جرادة، بركان، تاوريرت، كرسيف وفكيك) – فاس -مكناس (فاس، مكناس، الحاجب، إفران، مولاي يعقوب، صفرو، بولمان، تاونات وتازة) – الرباط -سلا -القنيطرة (الرباط، سلا، الصخيرات -تمارة، القنيطرة، الخميسات، سيدي قاسم، سيدي سليمان) – بني ملال -خنيفرة (بني ملال، أزيلال، الفقيه بنصالح، خنيفرة وخريبكة) – الدار البيضاء -سطات (الدار البيضاء، الدار البيضاء -آنفا، الفداء -مرس السلطان، عين السبع -الحي المحمدي، الحي الحسني، عين الشق، سيدي البرنوصي، ابن مسيك، مولاي رشيد، المحمدية، الجديدة، النواصر، مديونة، بنسليمان، برشيد، سطات وسيدي بنور) – مراكش – آسفي (مراكش، شيشاوة، الحوز، قلعة السراغنة، الصويرة، الرحامنة، آسفي واليوسفية) – درعة – تافيلالت (الرشيدية، ورزازات، ميدلت، تنغير وزاكورة) – سوس – ماسة (أكادير إداوتنان، إنزكان آيت ملول، شتوكة آيت باها، تارودانت، تزنيت وطاطا) واختتم هذا الحفل، الذي يجسد أصالة الشعب المغربي وتشبثه بأهداب العرش العلوي المجيد، بإطلاق المدفعية لخمس طلقات، بينما كان أمير المؤمنين يرد بيديه الكريمتين على تحايا وهتافات ممثلي مختلف جهات وعمالات وأقاليم المملكة. وشكل هذا الحفل البهيج، الذي يتوج الاحتفالات المخلدة للذكرى السادسة والعشرين لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أيده الله، على عرش أسلافه الميامين، مناسبة لممثلي الجهات الاثنتي عشر للمملكة، لتجديد تشبثهم بشخص جلالة الملك وبأهداب العرش العلوي المجيد، وللتأكيد من جديد، على أن الصلة التي تجمع العرش بالشعب تظل متجذرة في عمق تاريخ البلاد وتشكل على الدوام الأساس المتين للأمة المغربية والتعبير الأسمى عن مدى تماسكها واستمراريتها. جرى هذا الحفل بحضور رئيس الحكومة، ورئيسي غرفتي البرلمان، ومستشاري صاحب الجلالة، وأعضاء الحكومة، ورؤساء الهيئات الدستورية، وكبار ضباط القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية، وعدد من الشخصيات المدنية والعسكرية.