
مصر تجد نفسها في فوهة "فتوى" الجهاد المسلح
التهاب الأجواء واحتقان المشاعر زادا وتفاقما مع صدور فتوى عن "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" في 28 مارس (آذار) الماضي. نصت الفتوى المثيرة للجدل والشك والحيرة والفتنة والاختلاف "وجوب جهاد الكيان الصهيوني وكل من يشترك معه على الأرض المحتلة في إبادة أهلنا في غزة من المرتزقة والجنود من أي دولة، وذلك بالتدخل العسكري وإمداد المجاهدين بالمعدات الحربية والخبرات العسكرية والمعلومات الاستخباراتية، وذلك فرض متعين أولاً على الفلسطينيين، ثم دول الجوار مصر والأردن ولبنان، ثم الدول العربية والإسلامية كافة. وواجب الجهاد ضد الاحتلال على كل مسلم مستطيع في العالم الإسلامي".
الاتحاد الذي يعده كثر مرجعية عظيمة، لا لمعرفة به أو بنشأته أو أهدافه أو أعضائه، بل لأن كل كلمة في اسمه تدغدغ مشاعرهم، ليس دار إفتاء أو مؤسسة دينية رسمية أو جهة علم ديني تاريخي، تسبب في حال من اللغط والجدل، لا سيما في مصر.
البعض يعتقد أنه مؤسسة دينية مثلها مثل الأزهر الشريف. آخرون يظنون أنه مرجعية عظيمة لعلماء الدين، وفريق ثالث لا يهمه هذا أو ذاك، ويكفي أن الرجال الأجلاء الذين يطلون من مؤتمراته وفعالياته "شكلهم بتوع ربنا"!
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الاتحاد الذي تم تسجيله وقت تدشينه عام 2004 في مدينة دبلن الإيرلندية حيث بقي مقره القانوني، لكنه اتخذ من العاصمة القطرية الدوحة مقراً فعلياً، مع ذكر موقعه الرسمي لكل من "مكتب تونس"، و"مكتب فلسطين - غزة"، و"مكتب تركيا" في قائمة العناوين الخاصة به.
ورغم أنه مصنف ضمن الكيانات الإرهابية في كل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين، فإن هذا التصنيف قلما يذكر في موجة الردود والتفاعلات والانفعالات الناجمة عن فتوى "الجهاد" المسلح.
الغريب أن الجانب الأكبر من الأنظار اتجه صوب مصر عقب صدور "الفتوى"، وذلك بين من يحمّل مصر المسؤولية الكبرى للقضية، ومن يعدها المتعهد الأوحد للحقوق الفلسطينية، ومن يتعامل مع الصراع العربي - الإسرائيلي باعتباره صراعاً يجب على مصر أن تتحمل مغباته وتتولى آثاره وتلتزم للأبد بواجباته.
الفتوى ولغط التهجير
وفي خضم لغط التهجير، ووقع استمرار القصف، وتراوح المواقف بين التراشق بالاتهامات والتنافس على تعليق شماعات المسؤوليات على الآخرين، تصاعدت حكايات "المقاومة" في الشارع المصري.
حكايات "المقاومة" يجري تناقلها في ملايين البيوت المصرية. من الأجداد إلى الآباء ومنهم إلى الأبناء والأحفاد، تدور دوائر قصص الجد الذي شارك في صفوف المتطوعين أو المقاومة على مدار أشهر طويلة في أعقاب صدور قرار تقسيم فلسطين في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1947 عن الأمم المتحدة. والغالبية المطلقة من الأجداد الذين شاركوا في صفوف المقاومة المصرية رحلوا، لكن قصصهم عن المقاومة لم ترحل أو تنته، بل يحكيها أبناؤهم ليرثها أبناؤهم. إنها قصص شخصية عمن تطوع في صفوف المقاومة من دون علم الأهل خوفاً من الرفض، أو من اتفق مع أصدقائه على السفر ليلاً للانضمام للمقاومين حتى لا يكتشف أمرهم نهاراً وهم بعد في سن المراهقة، أو من ظل منضماً لهذه الصفوف ويعود إلى بيته مرة كل شهر أو شهرين وزوجته تعتقد أنه في بعثة عمل.
كل قصة تحمل طابع صاحبها، ويحكيها أبناؤه وأحفاده باعتبارها جزءاً من تاريخ الأسرة. عمال، مهندسون، طلاب، فلاحون، وموظفون اتخذوا قرار الانضمام للمقاومة لنصرة فلسطين في تلك الأعوام الحالكة من دون أن يبحثوا عن أرضية قانونية أو إطارات مجتمعية أو مرجعية دينية.
ابن الفنان الراحل حسن عابدين ظهر في برنامج تلفزيوني، قبل عام ليحكي قصة والده الذي انضم لصفوف المقاومة وأصبح "فدائياً" مدة عامين، ولم يكن عمره قد تجاوز 17 سنة. حكى ما حكاه له والده الراحل، ألقي القبض عليه، ووقع في الأسر مع مجموعة من الفدائيين، وحكم عليهم بالإعدام، لكنهم هربوا بعد ما نجحت فصيلة أخرى من الفدائيين في اقتحام مقر اعتقالهم.
قصص كهذه كثيرة وتنضح بها البيوت المصرية. تشمل الحكايات رد الفعل الشعبي المصري للاعتداءات التي تعرضت لها القرى الفلسطينية وسكانها في أعوام ما قبل حرب فلسطين وخلالها وبعدها. قصص البيوت وحكايات يحملها الأحفاد معهم أينما ذهبوا توثقها كتب وأوراق ودراسات عن المصريين والمقاومة من أجل فلسطين، وتشرفُ كثيرين منهم بالانتماء لأسرة كان فيها "فدائي" في يوم ما.
ضمن التوثيق ورقة عنوانها "مصر والقضية الفلسطينية منذ عام 1948"، نشرها "المركز المصري للفكر والدراسات" للباحثة نرمين ناصر، وتسرد فيها ما جرى في مصر وقت "أيام المقاومة". تظاهرات شعبية مصرية تطالب بحماية أرض فلسطين وأهلها، الحكومة المصرية توافق على "التدخل العسكري المسلح"، ولكن من خلال إرسال "متطوعين" إلى فلسطين تحت مظلة الجامعـة العربية بعد تدريبهم وتأهيلهم عسكرياً على يد ضباط الجيش المصري، تخصيص معسكر "الهايكستب" (شرق القاهرة) للجامعة العربية لتدريب المتطوعين، وتكوين قوة من المتطوعين عرفت باسم "القوة الخفيفة" غالبيتها من المصريين وعدد من الليبيين والتونسيين.
حتى الأفلام المصرية، الأبيض والأسود، وثقت حكايات المقاومة وقصص الفدائيين، "فتاة من فلسطين"، و"أرض الأبطال"، و"الله معنا"، وغيرها كثير يحمل تراثاً درامياً عن المقاومة المصرية من أجل فلسطين لا لبس فيه.
جاء اللبس متأخراً. على وقع حرب غزة، المندلعة في أعقاب العملية التي قررت حركة "حماس" القيام بها يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، ونتجت منها حرب ضروس تراوح نعوتها بين "الإبادة" و"تصفية القضية" و"النكبة الثانية" والتسميات لا تزال تتواتر مع تفاقم الأوضاع. وجدت مصر نفسها في فوهة الصراع، وهي الفوهة التاريخية والجغرافية والاجتماعية والإنسانية التي يلتزم بها المصريون منذ أصبح هناك شيء اسمه "القضية الفلسطينية".
تطورت القضية، وتطورت معها مفاهيم وقواعد وأحوال، لكن بقي مفهوم "المقاومة" حاضراً في الأذهان بشكل أو بآخر. ظهور حركة "حماس"، المولودة من رحم جماعة "الإخوان المسلمين"، وتقديم نفسها، وترسيخ أقدامها باعتبارها مكوناً رئيساً في القضية، إضافة إلى موجة التديين التي اجتاحت المنطقة، ومصر في القلب منها منذ أواخر سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ألقت بظلالها على المقاومة، وأصبحت بالنسبة إلى كثيرين "جهاداً". كما تلونت الفكرة نفسها، وبدلاً من أن تكون أرضاً محتلة وشعباً واقعاً في قبضة محتل ومقاومة تعمل من أجل التحرير والتخلص من المستعمر، أصبحت مقدسات إسلامية ومسلمون في قبضة يهود (أحياناً مدعومون من مسيحيين لا سيما غربيين) تستوجب "جهاداً" في سبيل الله.
المقاومة أصبحت جهاداً
تحول المقاومة إلى "جهاد"، ومجابهة المحتل إلى مجابهة غير المسلم، وتحرير الأرض إلى رفع راية الدين، حولتها حرباً دينية في أذهان كثيرين، جاء نتيجة إزكاء المكون الديني من الطرفين، كل لأسبابه وأهدافه، وكل مستخدماً أدواته، الناجع والفاعل منها، وكذلك المأزوم والمتعثر.
في مقال عنوانه "إسرائيل وفلسطين الآن في صراع ديني" نشرته "فورين بوليسي"، أبريل (نيسان) الجاري، تشير الكاتبة كارولين دو غرويتر إلى ما جاء في مذكرات المؤرخ والدبلوماسي الإسرائيلي السابق إيلي بارنافي وعنوانها "اعترافات شخص لا يصلح لشيء"، عام 2022، من أن حروب إسرائيل اعتادت أن تكون الدولة اليهودية ضد الدول العربية المجاورة، إذ يقاتل جيش جيشاً وطنياً آخر، وأن هذه النوعية من الحروب انتهت بحرب عام 1973. بعدها، لم تعد إسرائيل تخوض حروباً واسعة النطاق ضد دول أخرى، وهي الحروب التي اتسمت بطابع استعماري.
وتشير الكاتبة إلى أنه رغم أن كتاب بارنافي صدر قبل اندلاع الحرب الحالية، فإنه قدم صورة استشرافية وإن قاتمة للحرب الدائرة حالياً. تقول "تغيرت طبيعة الحرب. على كلا الجانبين، السياسة والمجتمع صارا منقسمين بشكل عميق. في كل من إسرائيل وفلسطين، الصراع الداخلي الرئيس يشير إلى انقسام واضح بين العلمانيين وأولئك أصحاب الدوافع الدينية. ويبدو أن المعسكر الديني أصبحت له اليد العليا في كلا الجانبين".
وتشير إلى أن ما كان في الماضي صراعاً وطنياً تحول إلى صراع ديني بشكل متزايد، وتستشهد بما كتبه بارنافي من أن القوة المتنامية للأصوليين على كلا الجانبين تجر الجميع إلى الوراء، وتستدعي ما جرى في الحروب الدينية في أوروبا في النصف الثاني من القرن الـ16 والنصف الأول من القرن الـ17، مشيرة إلى أن الأخبار الأسوأ هي أن هذه الحروب الدينية كانت بشعة.
وتطرح دو غرويتر سؤالاً تبدو إجابته واضحة من عنوانه. هل في إمكان إسرائيل والفلسطينيين الوصول إلى السلام الذي تبعثر بينهما مجدداً إلى مساره، والذي يتضاءل دور المفاوضات فيه أكثر فأكثر، ويتعاظم دور الصراع داخل المعسكرين المتناحرين في كلتا الجبهتين بين الأحزاب العلمانية والدينية؟
وتقول إنه كلما أصبحت هذه الصراعات الداخلية على السلطة أكثر قوة، قل احتمال تحقيق السلام، مرجحة أن يتم الوصول إلى تسوية عبر الصراع العسكري، وذلك في ضوء ما يجري حالياً، ومؤكدة أن أرض الواقع تشير إلى أن الحلول الوسط والتسويات تبدو حالياً أصعب من أي وقت مضى.
التعامل مع فتوى "الجهاد" المسلح شعبياً، في الوقت الراهن، تبدو كذلك أصعب من أي وقت مضى. فبينما البعض من البسطاء، لا سيما من الواقعين في قبضة أفكار تيارات الإسلام السياسي، يتلقف الفتوى باعتبارها مرجعية تعتمد، إن لم يكن حرفياً إذ حمل المتاع ووداع الأحباب والتوجه لـ"الجهاد"، فبتحميل الأنظمة والحكومات مسؤولية عدم إعلان الحرب وتوجيه الجيوش وتخصيص التريليونات من أجل "الجهاد"، المقاومة سابقاً.
فتوى "الجهاد" المسلح، المثيرة للجدل والفتنة، والموجهة بشكل خاص إلى دول بعينها، بينها مصر، قوبلت بمواقف مصرية رسمية (عبر المؤسسات الدينية) وإعلامية صارمة وحاسمة.
دار الإفتاء المصرية ردت على الفتوى ببيان عبر صفحتها الرسمية على "ميتا" جاء فيه أن "من قواعد الشرع أن على من يدعو إلى الجهاد عليه أولاً أن يتقدم الصفوف بنفسه"، وأشارت إلى أن "الجهاد مفهوم شرعي دقيق، له شروط وأركان ومقاصد واضحة ومحددة شرعاً، وليس من حق جهة أو جماعة بعينها أن تتصدر للإفتاء في هذه الأمور الدقيقة والحساسة بما يخالف قواعد الشريعة ومقاصدها العليا، ويعرض أمن المجتمعات واستقرار الدول الإسلامية للخطر".
وأضافت "أن دعم الشعب الفلسطيني في حقوقه المشروعة واجب شرعي وإنساني وأخلاقي، بشرط أن يكون الدعم في إطار ما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني، وليس لخدمة أجندات معينة أو مغامرات غير محسوبة العواقب، تجر مزيداً من الخراب والتهجير والكوارث على الفلسطينيين أنفسهم"، مشيرة إلى أنه "من قواعد الشريعة الإسلامية الغراء أن إعلان الجهاد واتخاذ قرار الحرب والقتال لا يكون إلا تحت راية، ويتحقق هذا في عصرنا من خلال الدولة الشرعية والقيادة السياسية، وليس عبر بيانات صادرة عن كيانات أو اتحادات لا تمتلك أي سلطة شرعية، ولا تمثل المسلمين شرعاً ولا واقعاً"، معتبرة أي "تحريض للأفراد على مخالفة دولهم والخروج على قرارات ولي الأمر دعوة إلى الفوضى والاضطراب والإفساد في الأرض".
واستمر البيان في سرد أسباب "خطأ" "الفتوى"، مشيراً إلى أن "الدعوة إلى الجهاد من دون مراعاة قدرات الأمة وواقعها السياسي والعسكري والاقتصادي هي دعوة غير مسؤولة وتخالف المبادئ الشرعية التي تأمر بالأخذ بالأسباب ومراعاة المآلات، فالشريعة الإسلامية تحث على تقدير المصالح والمفاسد، وتحذر من القرارات المتسرعة التي لا تراعي المصلحة العامة، بل قد تؤدي إلى مضاعفة الضرر على الأمة والمجتمع".
كما أكدت أن "من قواعد الشرع أن من يدعو إلى الجهاد يجب عليه أولاً أن يتقدم الصفوف بنفسه، كما كان هدي النبي، صلى الله عليه وسلم، في الغزوات بدلاً من استثارة العواطف والمشاعر، تاركين غيرهم يواجهون العواقب". ووصفت الدار ما جاء في الفتوى بـ"الشعارات الرنانة التي تفتقر إلى المنطق والواقعية".
وقال أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية خالد عمران معلقاً على "الفتوى" بأن هناك غير متخصصين يبحثون عن إثارة "الترند" عبر دعوات للقتال غير المنظم، ويزعمون أنهم يناصرون القضية الفلسطينية، ولكن هدفهم استغلال ما يجري لصناعة فوضى غير محسوبة. وأكد عمران، غير مرة، أن "الجهاد أمر شرعي، لكن له ضوابط، وأن ما يحدث في حق الشعب الفلسطيني أمر جائر ومرفوض تماماً، لكن الافتئات على الأمر تعدٍ على الضوابط الشرعية"، ومؤكداً أن التفاعل يكون بقدر ما يستطيع كل شخص، "مثل استنكار التهجير وسلب الأراضي عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، ومعيداً التأكيد أن "إعلان الجهاد دعوة مستنكرة، صدرت عن جهات لا تملك سلطة شرعية ولا تمثل المسلمين".
تأييد شعبي وفتوى كاشفة
ردود الفعل الدينية "الرسمية" قوبلت بسيل من التأييد الشعبي، لكن الأمر لم يسلم من فريقين معترضين معارضين. الأول، منتمون ومتعاطفون ومؤيدون لجماعات الإسلام السياسي، سواء جماعة "الإخوان المسلمين" أو أبناء عمومها، وكذلك منصات إعلامية محسوبة عليها، انتهزوها فرصة سانحة لتوجيه الاتهامات والتلاسنات للدولة ومؤسساتها باعتبارها متقاعسة عن أداء "الواجب". والثاني، مجموعات من ثوريين ومعارضين سياسيين وقوميين ممسكين بتلابيب تحرير فلسطين المحتلة بطريقة أو بأخرى، عبر الجيوش النظامية، أو جماعات "الفدائيين" وجموع "المقاومة"، حتى وإن كانت قد تحولت إلى مفاهيم دينية اختزلت المسألة في "جهاد" إسلامي ضد "يهود" ومن يناصرهم!
اللافت أن مئات المواقع والصفحات والحسابات التابعة لجماعات وتيارات الإسلام السياسي متخمة بأخبار وتحليلات عن فتوى "الجهاد" المسلح، التي تطرحها على مدار 24 ساعة مرة بأسئلة مثل: "هل ستستجيب الدول الإسلامية العربية لفتوى الجهاد؟"، و"هل تفضلون الجهاد تحت راية فتوى الجهاد المسلح أم الهوان تحت راية الأنظمة ومؤسساتها الرسمية؟"، أو فتاوى إضافية على شاكلة "ناكر فتوى الجهاد مشارك في قتل المسلمين"، و"جهاد الدفع لا يحتاج لإذن ولي الأمر أو دار الإفتاء"، أو آراء ينثرها البعض مثل "حصار الاحتلال من قبل المصريين أصبح أمراً واجباً"، و"كلنا مستعدون حتى النساء والأطفال فحي على الجهاد".
من جهة أخرى كشفت الفتوى لقطاع عريض من المصريين عن وجه للجماعات الدينية نجح لعقود في التنكر وتمويه حقيقته. بسطاء يتساءلون عن "حكاية الجهاد" وهل من أفتوا به سيرسلون أبناءهم وأحفادهم للقتال؟ أم إن الدعوة مخصصة للغير فقط؟! وبينهم من يبدي تعجبه من أن الفتوى صادرة عن "اتحاد" يحوي جنسيات عدة، لكن الدعوة تبدو وكأنها موجهة للمصريين من دون غيرهم.
الطريف أنه يجري حالياً تداول وتشارك مشهد شهير من فيلم "السفارة في العمارة" يقول كثيراً عن درجة من الوعي الشعبي لدى البسطاء. حين احتجزت مجموعة من "الجهاديين" أستاذ شريف (الفنان عادل إمام) صاحب الشقة الواقعة في عمارة فيها سفارة إسرائيل، وربطت حزاماً ناسفاً حوله ليفجر نفسه في "أعداء الله"، وتقديم "أكبر خدمة إنسانية للأمة الإسلامية كلها". قالوا له: "أنت مكانك مش هنا يا أستاذ شريف؟ مكانك فوق (أي صعود روحه إلى باريها بعد تفجير نفسه) مع الشهداء". فسألهم: "وأنتم هتقعدوا هنا تحت، وأنا أطلع لوحدي؟" فردوا: "ما ينفعش". وحين اقترح عليهم "أن يطلعوا فوق، ويبقى هو تحت" صرخ كبيرهم: "هذا قدرك؟".
قدر من نوع آخر كشف عنه الداعية السلفي المثير للجدل ياسر برهامي، الذي تطوع ببث فيديو على صفحته على منصات التواصل الاجتماعي، للرد "غير المتوقع" على فتوى "الجهاد المسلح". ورغم أنه، بمقاييس دار الإفتاء المصرية والمعايير الصارمة والواضحة التي وضعت لمن يحق لهم إصدار الفتوى، ليس من الجهات أو الأفراد المخول لهم الإفتاء، فإنه قال "إذا أردنا الجهاد، يجب أن نكون على قدر ذلك، ونكون مستعدين للحرب، وليس حرب إسرائيل وحدها إذا ألغينا المعاهدة، لكنها حرب أيضاً أمام أميركا ودول الغرب الأخرى التي تقف بجوار إسرائيل".
واستغرق في السياسة، فقال "معاهدة كامب ديفيد نصت على أن القدس موضع مفاوضات، وهم نقضوا ذلك"، لكن أضاف أنه "يجب أن نكون على قدر مقاومة هذه الدول ولو النصف منها"! وتابع "أهل غزة قرروا الحرب منفردين، وكان لا بد أن يكونوا مشاورين للدول المسلمة التي يمكن أن تعاونهم، ولم يخبروا أحداً سوى إيران"، وذلك قبل أن يعرج على المكون "الروحاني" لرسالته بقوله "موازين القوى تتغير بأمر الله سبحانه وتعالى"، معتبراً أن ما جرى في سوريا دليل على ذلك، وليس حصول الفصائل المسلحة على دعم من دول أو جهات أو غيرها من أجل إسقاط النظام السوري في التوقيت المختار. وعن خلطة النصر المطلوبة، قال "يجب أن نجري إصلاحاً دينياً وعقائدياً وسلوكياً وأخلاقياً وعبادياً حتى يتحقق النصر".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 44 دقائق
- صحيفة سبق
"وعود بلا وصول".. المساعدات تصل إلى المعابر ولا يحصل عليها الجياع في غزة
في مشهد يتكرر بمرارة في قطاع غزة، يقف السكان الجياع على أعتاب كارثة إنسانية، ينتظرون بصيص أمل يصلهم عبر قوافل المساعدات، التي أعلنت إسرائيل عن تخفيف حصارها عليها، فبعد ثلاثة أيام من هذا الإعلان، لم يصل سوى القليل، إن وجد، من الغذاء والوقود والدواء الذي يحتاج إليه الفلسطينيون بشدة، وتكمن المشكلة في أن هذه المساعدات، على الرغم من وصول عشرات الشاحنات منها إلى معبر كرم أبو سالم الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، لا تزال حبيسة المستودعات على الجانب الغزي، وذلك بسبب مخاوف الأمم المتحدة من عمليات النهب، مما يعمّق معاناة أهالي القطاع الذين يعيشون تحت وطأة حظر إسرائيلي دام شهرين على الإمدادات الأساسية، ما يطرح تساؤلات جدية حول فعاليّة هذا التخفيف في ظل التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم بري واسع النطاق قد يزيد الوضع تعقيدًا. ويصف رياض الحوسري، شاب في الخامسة والعشرين من عمره يسكن مدينة غزة، الواقع المؤلم بقوله : "اليوم سنأكل في الغالب العدس أو المعكرونة. نأكل وجبة واحدة في وقت متأخر من بعد الظهر. إنها وجبة واحدة ولا توجد غيرها"، وهذه الشهادة ليست سوى جزء صغير من لوحة المعاناة الكبيرة التي يعيشها سكان القطاع، حيث بات الحصول على أبسط مقومات الحياة تحديًا يوميًا، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية. وحذرت لجنة من الخبراء المدعومين من الأمم المتحدة من أن سكان غزة يواجهون خطرًا حرجًا من المجاعة بسبب الحصار الإسرائيلي، وتوقعت اللجنة أن يعاني عشرات الآلاف من الأطفال سوء التغذية الحاد إذا استمرت القيود، وعلى الجانب الآخر، ردت إسرائيل بأن هذا التقرير يستند إلى بيانات وافتراضات خاطئة، نافيةً دقة التقديرات. وفي مطلع مارس، أعلنت إسرائيل منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وبرر المسؤولون الإسرائيليون هذه القيود بأنها تهدف إلى الضغط على حركة حماس للموافقة على شروط إنهاء الحرب وتحرير الرهائن المتبقين في القطاع، وهذا التبرير يضع حياة المدنيين على المحك، ويجعل المساعدات الإنسانية ورقة مساومة في صراع سياسي معقد. وعلى الرغم من إعلان إسرائيل عن مرور عشرات الشاحنات المحملة بالإمدادات عبر معبر كرم أبو سالم، إلا أن الواقع على الأرض يشير إلى صعوبة بالغة في إيصال هذه المساعدات إلى مستحقيها، ويبرر مسؤول أممي، فضل عدم الكشف عن هويته، عدم قدرة الأمم المتحدة على نقل الشاحنات من المعبر إلى المستودعات داخل غزة جزئيًا بمخاوف من عمليات النهب، وهذا التأخير يعكس تحديات لوجستية وأمنية كبيرة تعترض طريق توزيع المساعدات، ويضع علامات استفهام حول الآليات المتبعة لضمان وصول الإغاثة إلى الأيدي التي تحتاج إليها، خصوصًا في ظل التهديدات المستمرة بشن هجوم بري واسع النطاق قد يزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية، فهل ستجد هذه المساعدات طريقها إلى الجوعى حقًا، أم ستبقى حبيسة التحديات؟


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
الإعمار في سوريا بعد العقوبات: مسار محفوف بالعقبات
في الـ 13 من مايو (أيار) الجاري أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفع كامل العقوبات الأميركية عن سوريا، والتي فُرضت بداية عام 1979، وآخرها كان حين جرى تجديد "قانون قيصر" قبل أيام من سقوط النظام السوري السابق، وفي الـ 20 من الهر ذاته أعلن الاتحاد الأوروبي رفع كامل العقوبات عن سوريا، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية. ورفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا يعد الحلقة الأولى في عملية إعادة إعمار البلد الذي دمرته الحرب، بيد أن هذه العملية معقدة ومكلفة وتحتاج إلى تعاون محلي وإقليمي ودولي، وفي هذا التقرير نلقي الضوء على ملف إعادة الإعمار في سوريا من خلال شهادات مسؤولين أممين وخبراء محليين للوقوف على الفرص المتاحة والمعوقات المتوقعة والجدول الزمني المرتقب لانطلاق هذه العملية. سوريا على مدرج الإقلاع يقول منسق الشؤون الإدارية في مكتب الأمم المتحدة بدمشق عمار أبو حلاوة في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، إن "سوريا ما قبل رفع العقوبات أشبه بطائرة تقف على مدرج المطار وجاهزة للإقلاع، وبعد رفع العقوبات ستحلق وتنطلق باتجاه مسارها الصحيح، ولا بد من مطبات خلال الرحلة لكن هناك قدرة لتجاوز أي مطب في حال توافرت جميع الشروط، فرفع العقوبات الأميركية يفتح آفاقاً لإعادة إعمار سوريا لكنه بداية مسار طويل ومعقد، والنجاح يعتمد على التنسيق بين الحكومة السورية والمانحين والمنظمات الدولية مع التركيز على الشفافية والأولويات الإنسانية، والبدء الفعلي لإعادة الإعمار قد لا ينطلق قبل مطلع عام 2026 بسبب التحديات اللوجستية والسياسية، لكن التحضيرات لهذه العملية جارية، فلا يمكننا تحديد تاريخ دقيق لبدء إعادة الإعمار إلا أن جميع المؤشرات الحالية تقول إن الاستعدادات بدأت بالفعل". ويوضح المسؤول الأممي أنه "بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الرياض رفع العقوبات بدأت مراجعة فنية معقدة تشمل بنية العقوبات، وهذه المراجعة من المتوقع أن تستغرق أسابيع عدة مما يعني أن التنفيذ الفعلي لرفع العقوبات قد يبدأ بحلول منتصف أو أواخر الشهر المقبل، وخلال الفترة المقبلة من المرجح أن تبدأ مشاريع صغيرة مثل ترميم البنية التحتية الأساس، ومع بداية عام 2026 سيبدأ تصاعد المشاريع الكبرى بصورة تدرجية". عملية إعادة الإعمار قد تواجه تحديات مختلفة أبرزها نقص التمويل (أ ف ب) معركة "الإعمار" تبدأ من الصفر وحول التحديات التي تواجه عملية إعادة الإعمار يقول أبو حلاوة إن هذه العملية تواجه تحديات مختلفة أبرزها "نقص التمويل، إذ إن كلفة إعادة الإعمار تُقدر بمئات مليارات الدولارات، وبعض التقديرات تشير إلى 400 مليار دولار، وحتى مع رفع العقوبات فإن جذب المستثمرين والمانحين يتطلب ضمانات سياسية واقتصادية، والتحدي الآخر هو الدمار الهائل في البنية التحتية والكهرباء والمياه والطرق، فهذه القطاعات مدمرة بنسبة كبيرة، والناتج المحلي الإجمالي انخفض أكثر من 80 في المئة مقارنة بما قبل الحرب، إضافة إلى أن فتح الاستثمارات في سوريا يحتاج إلى استقرار سياسي وقد أصبح اليوم متوافراً نسبياً ولكن ليس بالشكل الكامل، خصوصاً في ما يتعلق بالاعتراف الدولي الرسمي، وأيضاً هناك مشكلة في نقص الكوادر البشرية، إذ إن هجرة ملايين السوريين بمن فيهم الكفاءات المهنية، تُصعب توفير العمالة الماهرة". ويوضح منسق الشؤون الإدارية أن "رفع الأنقاض هو الخطوة الأولى لإعادة الإعمار، وهو يواجه تحديات لوجستية وبيئية، لذلك نقترح إنشاء هيئة وطنية أو دولية لتنسيق عمليات رفع الأنقاض مع خرائط للمناطق المتضررة، ونقترح استخدام الأنقاض في إعادة البناء مثل تحويل الخرسانة المكسرة إلى مواد بناء لتقليل الكُلف وتجنب التلوث البيئي، وكل هذا يحتاج إلى الاستعانة بمنظمات دولية لتوفير الخبرات والمعدات، أما تمويل إعادة الإعمار فقد تُخصص في البداية موازنة أولية من المانحين، وقد يكون هناك دور أساس للاتحاد الأوروبي ودول الخليج، وأيضاً من المرجح أن تكون هناك مشاركات من قبل القطاع الخاص، فقد تستثمر الشركات الكبرى في المشاريع المربحة مثل النقل والطاقة، ولا بد من مساهمات المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اللذين قد يقدمان قروضاً أو منحاً لسوريا". مسؤولية جماعية لا تحتمل الفوضى أما بالنسبة إلى الجهات التي ستنفذ عملية إعادة الإعمار فيرى الخبير الأممي أنه "لا يمكن لجهة واحدة أن تنفذ عملية ضخمة مثل إعادة إعمار سوريا، لذلك ستشترك جهات عدة وخصوصاً الشركات التي لديها خبرة في مشاريع الإعمار والبناء، وربما تكون هناك شركات عربية وتركية مشاركة، أما الشركات المحلية السورية المتوسطة والصغيرة فمن الممكن أن تشارك في مشاريع محدودة، لكن هذه الشركات تعاني نقص الخبرات والموارد ذات المعايير العالمية، وبالتأكيد ستشارك الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في تنفيذ مشاريع إنسانية مثل إعادة تأهيل المدارس والمستشفيات والمرافق ذات البعد الإنساني". ويختم أبو حلاوة حديثه بالقول إن "الجهات المنفذة لعملية إعادة إعمار سوريا تحتاج إلى تنسيق لتجنب الفوضى أو الفساد، ويجب التركيز في البداية على القطاعات الحيوية مثل الكهرباء والمياه والصحة والتعليم لتحسين ظروف المعيشة وتشجيع عودة اللاجئين من الخارج، إذ إن نجاح إعادة الإعمار يعتمد على عودة ملايين اللاجئين لتوفير العمالة وإنعاش الاقتصاد، وباختصار فإن رفع العقوبات خطوة مهمة جداً لكنها لن تكون كافية بمفردها". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) إعمار الإنسان قبل البنيان من جهته يرى خبير إدارة الأخطار ماهر سنجر في حديث إلى "اندبندنت عربية" أنه "من الجيد النظر إلى مصطلح إعادة الإعمار وفقاً للمفهوم النسبي وليس استناداً إلى المفهوم المجرد المطلق، إذ يجب النظر إلى هذا المفهوم في سوريا بعين الشمولية كونه يرتكز على أسس عدة أولها إعادة إعمار الإنسان وإعمار الثقافة والقيم والمواطنة، إذ لا يمكن لنا فصل الشق الإنساني والتنموي المتوازن المستدام عن الشق الاقتصادي والمالي أو الشق السياسي، واليوم لا يمكن القول إن عملية إعادة الإعمار كانت مرتهنة بالكامل لموضوع رفع العقوبات، فالرغبة في إعادة الإعمار والبدء الفعلي بها انطلقا فعلاً بالتزامن مع كثافة العمل الدبلوماسي والنشاط الاقتصادي لرفع العقوبات بعد سقوط النظام السابق، ومن ثم انطلاق الإعلان الدستوري الجديد، إذ يستند ترتيب أولويات الدول وإستراتيجياتها على تحقيق التعافي الباكر من خلال الاستثمار أولاً في الموارد المحلية المتوافرة والملموسة منها، مثل الموارد الطبيعية والثروات الباطنية، والموارد غير الملموسة كالكفاءات الموجودة والأفكار والإبداع من دون الاستثمار في الأموال الساخنة، إذ يجري التركيز على الاستثمار ابتداء من الأولويات الأكثر أهمية وعائدية، ومن ثم الفرص ذات الكلفة شبه الصفرية، أي التي تستند إلى إعادة تفعيل الطاقات المعطلة، ليكون من عاصر الأزمات وأضحى خبيراً في التعامل مع الشح في الموارد، هو المحرك الأول لعجلة إعادة البناء". طريق محفوف بإرث الفساد ويضيف سنجر أنه "لا شك في أن موضوع رفع العقوبات هو أحد العوامل الرئيسة المحفزة والمسرعة لاستكمال عملية إعادة الإعمار على مراحل متتالية وعلى القطاعات والنواحي كافة، بخاصة التي تتطلب الدعم والخبرة الدوليين، مثل إعادة إعمار النظام النقدي والمالي السوري، وموضوع رفع العقوبات يتطلب فترة زمنية غير قليلة لحين لمس الأثر الإيجابي لذلك، أما العوائق فكثيرة ومتنوعة الأسباب والأثر ولا يجب الاستهانة بها، ومنها عدم توفر السيولة وغياب دوافع التمويل، مما يعني التركيز على شق الاستجابة لمقابلة حاجات الإنسان السوري اليومية لقاء التركيز المنخفض على مقابلة المتطلبات التنموية الاقتصادية مثل المشاريع التنموية الإستراتيجية عالية الربحية، بغية تعزيز سلاسل القيمة والعلامة الخاصة للدولة السورية والمنتجات والمعامل والأفراد على حد سواء". ويرى خبير إدارة الأخطار أنه "على الجانب الآخر تعتبر عقلية الفساد والهدر التي كانت قائمة، وما نتج منها من ضياع لهوية الاقتصاد السوري، أحد أهم التحديات الواجب العمل عليها للتقدم نحو إعادة الإعمار، ويضاف إلى هذه التحديات بعض العوائق غير المنظورة مثل الفترة الزمنية اللازمة لتبلور الجهود الدبلوماسية السورية المبذولة بعد سقوط النظام، والتخلص من إرث الاصطفافات السياسية السابقة غير المنتجة والتي شكلت عبئاً على الاقتصاد السوري، إضافة إلى عدم كفاءة وفاعلية بعض مؤسسات الدولة والبنى التشريعية والتقنية والخدماتية المتهالكة التي تؤخر الانطلاق نحو هوية حقيقية للاقتصاد السوري، وتؤخر المضي أكثر في عملية إعادة الإعمار"، مضيفاً أنه "في ما يتعلق بالتمويل فلا يمكن لعملية إعادة الإعمار إلا أن ترتكز إلى الموارد المحلية والمجتمع المحلي، ومن ثم مساهمات الدول الأخرى والمؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الإسلامي للتنمية، فمقولة من يدفع ومن ينفذ لا تصح إلا استناداً إلى مشاريع مخططة ومجدولة ومحددة الموارد والأهداف، ولا يمكن أن تجري بمعزل عن التطلعات الاقتصادية والسياسية والجغرافية للدول الراغبة بالمساهمة، ووفقاً لمصالح المؤسسات الدولية الفاعلة، ناهيك عن تأثير درجة الاستقرار والأمن في قرارات هذه الدول والمؤسسات". وفي المحصلة فإن رفع العقوبات الأميركية والأوروبية يعد بداية لمرحلة إعادة الإعمار، لكن خبراء يرون أن هذه العملية ستكون طويلة ومعقدة وتواجه تحديات هائلة، أبرزها نقص التمويل وتدمير البنى التحتية وغياب الكوادر والفساد الإداري، إضافة إلى ضرورة توفير بيئة سياسية مستقرة وجاذبة للاستثمارات. ويؤكد مسؤولون أمميون وخبراء إدارة الأخطار أن نجاح الإعمار يتطلب تنسيقاً بين الحكومة والمنظمات الدولية والقطاع الخاص، مع التركيز على إعادة بناء الإنسان والمجتمع لا الاقتصاد فقط، وأن التنفيذ الفعلي قد يبدأ تدريجاً مطلع العام المقبل.


المدينة
منذ ساعة واحدة
- المدينة
أستراليا تدعو إلى استئناف فوري للمساعدات الإنسانية إلى غزة
دعت أستراليا وبالتنسيق مع 23 دولة، حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى السماح الفوري وغير المشروط بوصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مؤكدة أن استمرار الحصار يشكّل انتهاكًا للقانون الدولي، ويضاعف معاناة المدنيين، لا سيما الأطفال.وأكدت وزيرة الخارجية الأسترالية السناتور بيني وونغ، أن بلادها قدمت أكثر من 100 مليون دولار لدعم المدنيين في غزة ولبنان، مشيرة إلى أن سلطات الاحتلال منعت وصول جزء كبير من هذه المساعدات إلى المحتاجين.وأضافت الوزيرة، في بيان رسمي صدر عنها، أن شركاء أستراليا في العمل الإنساني على استعداد لتقديم الدعم الفوري، مشددة على معارضة بلادها للتصعيد العسكري الإسرائيلي، ورفضها التهجير القسري للفلسطينيين.وشاركت في البيان المشترك إلى جانب أستراليا دول كبرى من بينها المملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وكندا، وإيطاليا، وإسبانيا، واليابان، ونيوزيلندا، إضافة إلى عدة دول أوروبية أخرى، حيث شددت جميعها على ضرورة تمكين منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من أداء مهامها دون عوائق لإنقاذ الأرواح وحماية المدنيين في قطاع غزة.