
الحي العتيق في هانوي.. ألف حكاية وحكاية
هانوي- في فيتنام ، يقول المثل "إن شربت الماء، لا تنس النبع". وهنا في الحي العتيق والقلب النابض للعاصمة هانوي، بالليل كما في النهار، ستجد نفسك في رحاب أكثر من نبع يرسخ في الذاكرة، وأمام مهرجان عظيم من التقاليد والثقافات.
وبين حارات "أولد تاون" وأزقته، يتزاحم المشاة مع جحافل دراجات هوائية وأخرى نارية (موتوسيكل) لا يهدأ أزيز محركاتها، لكن الجميع يسير بانتظام شديد واحترام لأدق إشارات المرور وحركة المترجلين.
نساء ورجال، شيب وشباب، كل يمتطي ما تيسّر من ذات العجلتين أو الثلاث، فمن كان متجها نحو عمله تراه يسابق الجميع، ومن كان باحثا عن حريف بين آلاف السياح الذين يملؤون أرجاء الحي، فتراه مبتسما مرحّبا داعيا بود لركوب دراجته الهوائية ثلاثية العجلات أو "السيكلو" كما يسمونها محليا.
ولا يحتاج الأمر كبير عناء لتدرك أن هؤلاء السائقين مهرة ومتمرسون، حتى أنك في لحظة ما تظنهم قادمين من كوكب آخر لفطنتهم وسرعة بديهتهم المرورية، والغريب أنه لا أثر لأي شرطي قد تعتقد أنه يقف وراء تنظيم مهرجان الذاهبين والعائدين على مسرح شوارع حي لا ينام.
ويبدو جليا أن التقيد بمعايير السلامة "في بلد الـ100 مليون موتوسيكل" -على حد تشبيه أحد الرحالة في مقارنة مجازية منه مع عدد سكان البلاد- مسألة لا يختلف حولها اثنان في فيتنام، لذلك قد يصعب أو يستحيل أن ترى سائقا أو راكبا لا يعتمر خوذة حماية على سبيل الذكر لا الحصر.
وتلك الخوذات قصة أخرى قد يتطلب تفكيك رموز أشكالها وألوانها وما وضعوا فوقها من "إكسسوارات" عجيبة، بحوثا ومجلدات، ويبقى الأهم أنه لا صلة لها بالقبعة المقدسة "نون لا" التقليدية ذات الشكل المثلث والمصنوعة بأياد ماهرة من سعف القصب، وتمثل هوية فيتنام وطبقته الكادحة في حقول الأرز، وهي الزراعة التي تحتل فيتنام المرتبة الخامسة عالميا في إنتاجها.
تسونامي المذاقات
يغمر تسونامي العجلات والقبعات بأنواعها المكان وتتلاقح أصوات مزامير الدرجات وأجراسها مع نداءات الباعة وصرخات الطهاة، بينما تواصل الأرصفة البهيجة استقبال عشاق المطبخ الفيتنامي الحافل بالأطباق والمذاقات.
ومع اقتراب ربيع شمال فيتنام من نهايته، حيث تقع هانوي، يحاول الجميع الاستمتاع بما تبقى من دفء أبريل/نيسان قبل حلول موسم الأمطار. وحول الموائد والكراسي "قزمية" الحجم، لا صوت يعلو فوق صوت حساء "فو".
وفي دردشة مع موفد الجزيرة نت، تقول شامشاو وهي تحرك بمهارة قدرا ضخما إن "فو" أيقونة المطبخ الفيتنامي بلا منازع، وقد اكتسب سمعته وشهرته من بساطة مكوناته المؤلفة من مرق غني بنودلز الأرز ولحم البقر أو الدجاج مع إضافات سخية من براعم الصويا والبصل والأعشاب الطازجة.
وبينما تتصاعد سحب البخار من قدر الحساء العملاق، تضيف شامشاو بنبرة فخر واعتزاز، أن الجميع يقف احتراما وتقديرا أمام هذا الحساء الاقتصادي والشعبي الذي يمكن تناوله في أي وقت، وفي أي مكان من بلاد "الفيتكونغ" وهي تسمية المحاربين والثوار القدامى الذين هزموا أعتى جيوش العالم.
وبابتسامة خبيرة واثقة، وترجمة أمّنها لنا الذكاء الاصطناعي، تهمس المرأة ممازحة "لا تنس الانغماس ما استطعت في الوعاء!" وهي نصيحة مهمة قد تنقذك من "بقع تذكارية" من نوع آخر قد "تزيّن" قميصك في حال لم تتمكن من تفادي رذاذ المرق الساخن أثناء احتسائه.
وفي انعكاس واضح لحضور أحفاد موليير في الثقافة الفيتنامية، يمكن العثور أيضا على مطاعم مختصة في سندويتش "البان مي" المستوحى من المطبخ الفرنسي ويُحَضَّر من خبز "الباغيت" لكن بنسخة محلية.
المشروب السحري
وفي طقوس أخرى لا تقل قداسة عن أكل الشوارع (ستريت فود) تتجاوز الساحرة السوداء هنا حدود المشروب الصباحي أو الفنجان المعدل للمزاج، إلى مسألة أعمق تمسّ هوية الفيتناميين وثقافتهم.
ويجتاح هوس القهوة هنا كل ركن بالمدينة ذات الـ8 ملايين نسمة، لا سيما على ضفاف بحيرة "هو هوان كيام" مركز العاصمة، وما من شك أن خوض تجربة "قهوة البيض" ستلخّص كل الحكاية.
وكما تشير تسميتها، تُحضّر "كا في ترونغ" من قهوة الروبوستا الفيتنامية الأصلية، ممزوجة مع الحليب المكثف والجبن والزبدة والسكر، يضاف لها صفار البيض، ويخفق الكل نحو 5 دقائق ثم يضاف كوب من "الإسبرسو" والنتيجة مذاق فريد يحتسى على مهل في ثاني أكبر بلد منتج للقهوة عالميا.
وعلى إيقاع فعاليات تركزت أساسا بمحيط البحيرة، حيث مقر الحزب الشيوعي الحاكم لجمهورية فيتنام الاشتراكية، يواصل الفيتناميون الاحتفال بهدوء -يبدو أنه يطبع شخصيتهم المتمرسة- بذكرى خمسينية الاتحاد بين شطري فيتنام الشمالي والجنوبي الذي يوافق الثلاثين من الشهر الحالي.
وستكون الاحتفالات استثنائية هذا العام، إذ خصصت السلطات تظاهرات كبرى في أرجاء البلاد ينتظر ان تختتم باستعراض ضخم في مدينة "هو تشي منه" العاصمة السابقة للشطر الجنوبي قبل دخول قوات "العم هو" وطرد آخر فلول الأميركيين منها في يوم تاريخي عام 1975.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
صفعة ماكرون "الزوجية" تهز فرنسا وتجبره على التوضيح
أثارت صور وصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت إلى فيتنام -في بداية جولة آسيوية- تعليقات واسعة في الصحافة المحلية والعالمية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، إذ بدت السيدة الأولى في إحدى اللقطات كأنها تصفع زوجها، وتراوحت التفسيرات بين كونها "مشاحنة" أو حركة تعبّر عن "الودّ". وأظهر المشهد -الذي التقط مساء أمس الأحد في مطار هانوي- باب طائرة الرئيس يفتح، وبدا من خلاله ماكرون لا يزال داخل الطائرة. وفي تلك اللحظة، شوهدت يد بريجيت كأنها توجه صفعة لزوجها، من دون أن تظهر من خلف الباب. وبدا الرئيس متفاجئا، لكنه سرعان ما استدار نحو خارج الطائرة ليلقي التحية. وعندما بدأ الزوجان النزول على درج الطائرة، مدّ ماكرون ذراعه لزوجته كعادته، إلا أنها لم تمسكها بل تمسكت بحافة الدرج. وخرج ماكرون بنفسه ليعلق على ما جرى وعلى مواقف أخرى سابقة، بعدما شكك قصر الإليزيه بصحة الفيديو في البداية، مشيرا إلى احتمال التلاعب فيه باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. إعلان وقال الرئيس الفرنسي للصحفيين في هانوي، اليوم الاثنين "كنت وزوجتي نتبادل المزاح كما نفعل في كثير من الأحيان". وأضاف "قبل 3 أسابيع، ثمة أشخاص شاهدوا مقاطع فيديو وظنوا أنني شاركتُ كيس كوكايين، وأنني أبقيت إصبعي في يد الرئيس التركي، وأنني الآن تشاجرت مع زوجتي. لا صحة لأي من هذا كله… لذا على الجميع أن يهدأوا". وفي وقت سابق، تحدث مقرّب من الرئيس عن "مشاحنة" بسيطة بين زوجين. وقالت أوساط ماكرون للصحفيين الذين يغطون الرحلة الاثنين "كانت تلك لحظة ينفّس فيها الرئيس وزوجته توترهما للمرة الأخيرة قبل بدء الرحلة". وأضاف المصدر نفسه الذي عزا التعليقات السلبية إلى الدوائر الموالية لروسيا "إنها لحظة ودّ" استغلها "أصحاب نظرية المؤامرة". View this post on Instagram A post shared by Présidence de la République (@elysee) وقد نقلت صحيفة "إكسبريس" الفرنسية عن النائب في التجمع الوطني جان فيليب تانجوي وصفه تصريحات قصر الإليزيه بأنها "أكاذيب" وقال ساخطا "في مواجهة أدنى مشكلة، يلقي حزب ماكرون باللوم على الذكاء الاصطناعي والاستخبارات الروسية، قبل تبرير ما لا يمكن تبريره" معتبرا أن رد فعل الإليزيه "مثير للقلق بشأن ديمقراطيتنا". إعلان أما صحيفة "لو موند" فقالت بدورها إن الفيديو أثار تساؤلات حول العلاقة بين الزوجين، وعنونت بأن محيط ماكرون ينفي تعرضه للصفع من زوجته في فيتنام، مشيرين إلى "شجار" بسيط. كما أكدت قناة "بي إف إم" المحلية صحة الفيديو. وفي تقرير لها، قالت "إن صور ماكرون وبريجيت أثارت جدلاً. وبينما كان الزوجان يستعدان للنزول من الطائرة، ظهرت يد السيدة الأولى تضرب وجه رئيس الدولة لفترة وجيزة". وقالت قناة "آر إم سي" بدورها إن اللقطات المتداولة أثارت ضجة، وعنونت منشور لها على منصة إكس ما جرى بالتساؤل: هل هو مشاجرة أم لفتة مقصودة أم ضربة على الوجه؟ "قصر الإليزيه يستحضر لحظة استرخاء قبل جولة في آسيا". يُذكر أن العلاقة بين الرئيس الفرنسي وزوجته كانت دائما محط اهتمام الإعلام والجمهور، نظرا لفارق السن بينهما وظروف تعارفهما، حيث كانت بريجيت معلمة لماكرون في مرحلة شبابه. وتأتي هذه الحادثة في وقت يواجه فيه الرئيس الفرنسي تحديات داخلية وخارجية، بالإضافة إلى انتشار شائعات طالته مؤخرا. وتأتي زيارة ماكرون إلى فيتنام، وهي الأولى لرئيس فرنسي منذ ما يقرب من عقد من الزمان، في إطار سعيه لتعزيز نفوذ بلاده.


العرب القطرية
منذ 2 أيام
- العرب القطرية
الجزيرة الإنجليزية قناة العام بمهرجان نيويورك
الدوحة - العرب فازت قناة الجزيرة الإنجليزية، للسنة التاسعة على التوالي، بجائزة «قناة العام» من مهرجان نيويورك للتلفزيون والأفلام لعام 2025، بعد أن حصدت أكبر عدد من الميداليات الذهبية في فئات المسابقة لهذا العام. وأعلنت اللجنة المنظمة للمهرجان في حفل افتراضي نظم في 22 مايو الحالي، حصول الجزيرة الإنجليزية على سبع ميداليات ذهبية، وتسع فضيات، وثماني برونزيات. وقال عيسى علي، مدير القناة بالوكالة: «هذا التتويج يمثل اعترافاً مهماً من زملائنا في صنعة الإعلام بتميز العمل الذي نقوم به في قناة الجزيرة الإنجليزية. وهو تكريم لكل صحفيينا الذين يعملون بجد من أنحاء العالم لإطلاع مشاهدينا على حقيقة ما يجري حولهم، عبر تقارير موثوقة وتغطيات معمقة، وهذه ليست مهمة سهلة، خاصةً في ظل التحديات التي يواجهها الصحفيون اليوم. ومن بين الأعمال الفائزة وثائقي «ليل لا ينتهي» لبرنامج فولت لاينز، المتوج بميداليتين ذهبيتين في فئتي الشؤون الدولية والصحافة الاستقصائية. ما رفع عدد الجوائز الدولية التي حصل عليها الوثائقي هذا العام إلى ست جوائز مرموقة. وفاز برنامج فولت لاينز بميداليتين ذهبيتين عن وثائقيين آخرين هما: «كل ما تبقى» في فئة المواضيع الإنسانية، و»أطفال منطقة دارين غاب» في فئة حقوق الإنسان. وحصدت أعمال أخرى للقناة ميداليات ذهبية، منها وثائقي «الجبال المتلاشية في الهند» لبرنامج 101 إيست، في فئة القضايا الاجتماعية، ووثائقي «ما بعد النفط» من سلسلة: الأرض تحتضر، في فئة البيئة والمناخ، ووثائقي أعده برنامج بيبول آند باور عن الجيش في ميانمار.


جريدة الوطن
منذ 3 أيام
- جريدة الوطن
الجزيرة الإنجليزية «قناة العام» بمهرجان نيويورك
فازت قناة الجزيرة الإنجليزية، للسنة التاسعة على التوالي، بجائزة «قناة العام» من مهرجان نيويورك للتلفزيون والأفلام لعام 2025، بعد أن حصدت أكبر عدد من الميداليات الذهبية في فئات المسابقة لهذا العام. وأعلنت اللجنة المنظمة للمهرجان في حفل افتراضي نظم في 22 مايو، حصول الجزيرة الإنجليزية على سبع ميداليات ذهبية، وتسع فضيات، وثماني برونزيات. وقال عيسى علي، مدير القناة بالوكالة: «هذا التتويج يمثل اعترافاً مهماً من زملائنا في صنعة الإعلام بتميز العمل الذي نقوم به في قناة الجزيرة الإنجليزية. وهو تكريم لكل صحفيينا الذين يعملون بجد من أنحاء العالم لإطلاع مشاهدينا على حقيقة ما يجري حولهم، عبر تقارير موثوقة وتغطيات معمقة، وهذه ليست مهمة سهلة، خاصةً في ظل التحديات التي يواجهها الصحفيون اليوم، وأود بهذه المناسبة أن أشكر كل العاملين في القناة، خاصة زملاءنا في غزة، الذين يبذلون جهدا استثنائنا لإطلاع العالم على يوميات الحرب المستمرة على غزة، وآثارها المدمرة على المدنيين». ومن بين الأعمال الفائزة وثائقي «ليل لا ينتهي» لبرنامج فولت لاينز، المتوج بميداليتين ذهبيتين في فئتي الشؤون الدولية والصحافة الاستقصائية. ما رفع عدد الجوائز الدولية التي حصل عليها الوثائقي هذا العام إلى ستة جوائز مرموقة. وفاز برنامج فولت لاينز بميداليتين ذهبيتين عن وثائقيين آخرين هما: «كل ما تبقى» في فئة المواضيع الإنسانية، و«أطفال منطقة دارين غاب» في فئة حقوق الإنسان. وحصدت أعمال أخرى للقناة ميداليات ذهبية، منها وثائقي «الجبال المتلاشية في الهند» لبرنامج 101 إيست، في فئة القضايا الاجتماعية، ووثائقي «ما بعد النفط» من سلسلة: الأرض تحتضر، في فئة البيئة والمناخ، ووثائقي أعده برنامج بيبول آند باور عن الجيش في ميانمار. من جهته، فاز القطاع الرقمي بشبكة الجزيرة الإعلامية بعدد من الميداليات، منها ذهبية لسلسلة «تقارير عن جرائم حقيقية» في فئة البودكاست السردي والوثائقي، وحصل القطاع على فضيتين لبرنامج «ستارت هير»، وعدد من البرونزيات لبرامج أخرى من بينها برامج لقناة الجزيرة الإخبارية. ومنذ أكثر من ستة عقود تمنح جوائز مهرجان نيويورك للتلفزيون والأفلام لأفضل الإنتاجات الإعلامية والوثائقيات المخصصة للبث التلفزيوني والرقمي، وتضم لجنة تحكيم المهرجان أكثر من 200 منتج ومخرج وكاتب. وتنافست على الفوز بجوائز المهرجان مؤسسات إعلامية من أكثر من 50 دولة، منها قنوات آي تي في، وبي بي سي، وإن بي سي، وسي بي سي وغيرها. وتصنف قناة الجزيرة الإنجليزية ضمن القنوات الإخبارية الرائدة عالمياً، وفازت في السنوات الماضية بعدد كبير من الجوائز الدولية المرموقة، ولديها 70 مكتباً في العالم، ويصل بثها إلى أكثر من 440 مليون بيت في أكثر من 150 دولة.