logo
غضب من واشنطن في الضفة الغربية بعد مقتل اثنين على يد مستوطنين

غضب من واشنطن في الضفة الغربية بعد مقتل اثنين على يد مستوطنين

Independent عربيةمنذ 21 ساعات
سادت حالة من الغضب بين الفلسطينيين الأحد مع احتشاد المشيعين في الطرق المؤدية إلى مقبرة في بلدة المزرعة الشرقية بالضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل لدفن شابين، أحدهما أميركي من أصل فلسطيني، قتلهما مستوطنون.
وقالت سلطات الصحة الفلسطينية وشهود إن سيف الدين مصلط (21 سنة) تعرض لضرب مبرح أفضى إلى الموت، في حين أُردي حسين الشلبي (23 سنة) قتيلا برصاصة في صدره أطلقها مستوطنون خلال مواجهة مساء يوم الجمعة.
ويرتبط معظم سكان البلدة الصغيرة، والبالغ عددهم نحو ثلاثة آلاف، بصلات عائلية مع أشخاص في الولايات المتحدة ويحمل كثير منهم الجنسية الأميركية بمن فيهم مصلط الذي قُتل بعد أسابيع من سفره لزيارة والدته في المزرعة الشرقية.
واعتاد زيارة البلدة في فصل الصيف قادماً من تامبا بولاية فلوريدا. وقال والده كامل مصلط الذي قدم من الولايات المتحدة لدفن ابنه "لا توجد مساءلة".وأضاف "نطالب حكومة الولايات المتحدة أن تفعل شيئاً حيال ذلك ... لا أريد أن يذهب موته هباء".
وقتل إسرائيليون مواطنين أميركيين في الضفة الغربية في السنوات القليلة الماضية من بينهم الصحفية الفلسطينية الأميركية شيرين أبو عاقلة، والفتى الفلسطيني الأميركي عمر محمد ربيع، والناشطة التركية الأميركية عائشة نور إزجي إيجي.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية يوم الجمعة إنها على علم بمقتل مصلط، لكن الوزارة ليس لديها تعليق آخر "احتراماً لخصوصية عائلة الضحية وأحبائه".
وقال كثير من أفراد العائلة وسكان البلدة إنهم يريدون من الولايات المتحدة فعل المزيد مثل قيادة تحقيق لتحديد المسؤول عن الواقعة.
وأحال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية الأحد الأسئلة المتعلقة بالتحقيق إلى الحكومة الإسرائيلية، وقال إن الوزارة "ليست لديها أولوية أعلى من سلامة المواطنين الأميركيين في الخارج وأمنهم".
وكان الجيش الإسرائيلي قال في وقت سابق إن إسرائيل تحقق في الواقعة. وذكر أن المواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنين اندلعت بعد إلقاء فلسطينيين الحجارة على إسرائيليين، مما أدى إلى إصابتهم بجروح طفيفة.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"خيانة"
قالت عائلة مصلط إن المسعفين حاولوا الوصول إلى سيف الدين لثلاث ساعات قبل أن يتمكن شقيقه من نقله إلى سيارة إسعاف، لكنه توفي قبل الوصول إلى المستشفى.
وقال دومي (18 سنة) الذي يعيش في المزرعة الشرقية منذ أربع سنوات بعد عودته من الولايات المتحدة إن المخاوف منتشرة في المجتمع المحلي منذ يوم الجمعة، وإن والديه ناقشا مسألة إرساله إلى الولايات المتحدة.
وأضاف "إذا كان لدى الناس أبناء كهؤلاء، فسيرغبون في إعادتهم إلى أميركا لأن المكان هنا ليس آمناً لهم".
وكانت مشاعره متضاربة بشأن العودة إذ قال إنه يريد البقاء قرب أرض عائلته التي يزرعونها منذ أجيال، وإن على واشنطن فعل المزيد لحماية الفلسطينيين في الضفة الغربية. وقال "إنه نوع من الخيانة".
وتقول جماعات حقوقية إن عنف المستوطنين في الضفة الغربية يتصاعد منذ اندلاع حرب إسرائيل على حركة "حماس" في قطاع غزة في أواخر 2023.
وقُتل عشرات الإسرائيليين في هجمات شنها فلسطينيون في الشوارع في السنوات القليلة الماضية، ويكثف الجيش الإسرائيلي مداهماته في أنحاء الضفة الغربية.
ويعيش نحو 700 ألف مستوطن إسرائيلي بين 2.7 مليون فلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية اللتين احتلتهما إسرائيل في حرب 1967.
وألغى الرئيس الأميركي دونالد ترمب في يناير (كانون الثاني) العقوبات التي فرضتها إدارة سلفه جو بايدن على جماعات وأفراد من المستوطنين الإسرائيليين المتهمين بالتورط في أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وقال مالك (18 سنة)، الذي اعتاد زيارة متجر مصلط للمثلجات في تامبا وعاد إلى الضفة الغربية لقضاء إجازة لبضعة أشهر، إن وفاة صديقه أثارت تساؤلات لديه حول الشعور بالانتماء.
وأضاف وهو يقف في المقبرة قبل وقت قصير من دفن صديقه "ولدت وترعرعت في أميركا، لا آتي إلى هنا سوى شهرين من 12 شهراً في السنة، إذا مت هكذا لن يحاسب أحد على قتلي".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

زيلينسكي يعرب عن امتنانه لترمب ويناقش معه "حلولا" لحماية أوكرانيا
زيلينسكي يعرب عن امتنانه لترمب ويناقش معه "حلولا" لحماية أوكرانيا

Independent عربية

timeمنذ 37 دقائق

  • Independent عربية

زيلينسكي يعرب عن امتنانه لترمب ويناقش معه "حلولا" لحماية أوكرانيا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الإثنين إنه تحدث هاتفياً مع نظيره الأميركي دونالد ترمب وناقشا "حلولاً" لحماية أوكرانيا، بعدما سمح الأخير بإرسال أسلحة جديدة إلى كييف. وكتب زيلينسكي عبر منصة إكس "ناقشنا مع الرئيس الوسائل والحلول الضرورية لتوفير حماية أفضل للشعب من الهجمات الروسية وتعزيز مواقعنا". وأعرب الرئيس الأوكراني عن "امتنانه" لنظيره الأميركي الذي سمح بإرسال أسلحة جديدة إلى كييف عبر حلف شمال الأطلسي، مؤكداً أن هذه الخطوة ستساعد في حماية أرواح الأوكرانيين. وقال في كلمته المسائية "أنا ممتن للرئيس ترمب لاستعداده لمساعدتنا على حماية أرواح شعبنا". وذكر زيلينسكي في منشور عبر تطبيق تيليغرام "كانت محادثة جيدة جداً. شكرته على استعداده لدعم أوكرانيا ومواصلة العمل معاً لوقف أعمال القتل وإرساء سلام دائم وعادل". وقال أيضاً إنه أجرى محادثة جيدة جداً مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الذي التقى ترمب في البيت الأبيض. وكان زيلينسكي أكد أمس الإثنين أنه عقد اجتماعاً "مثمراً" في كييف مع المبعوث الأميركي كيث كيلوغ تخلله بحث في التعاون الدفاعي والعقوبات على روسيا. وكتب على منصات التواصل الاجتماعي "ناقشنا السبيل إلى السلام وما يمكننا القيام به عملياً ليكون (السلام) أقرب"، مشيراً إلى أن ذلك يشمل "تعزيز الدفاعات الجوية الأوكرانية، والإنتاج المشترك، وشراء الأسلحة بالتعاون مع أوروبا". برلين ستؤدي "دوراً حاسماً" أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس الإثنين أن بلاده ستؤدي "دوراً حاسماً" في الاتفاق الجديد الذي تم التوصل إليه بين حلف شمال الأطلسي (ناتو) والولايات المتحدة لتزويد أوكرانيا أسلحة للتصدي للهجوم الروسي. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقال ميرتس في بيان نشره مكتبه إن الرئيس الأميركي "اتخذ خطوة مهمة اليوم". وأضاف "ناقشتُ هذا الأمر مع الرئيس ترمب مرات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، وأكدت له أن ألمانيا ستؤدي دوراً حاسماً". وأعلن الرئيس الأميركي والأمين العام للناتو مارك روته الإثنين عن اتفاق تشتري بموجبه دول في الحلف من الولايات المتحدة أسلحة، من بينها أنظمة دفاع جوي من طراز باتريوت، لترسلها لاحقاً إلى أوكرانيا. وقال روته إن أوكرانيا ستحصل على "كميات هائلة" من الأسلحة بموجب الاتفاق الذي يهدف إلى معالجة شكاوى ترمب من أن الولايات المتحدة تدفع الكثير لمساعدة أوكرانيا. وتابع ميرتس "نحن نفعل هذا من أجل مصلحتنا"، لافتاً إلى أن ألمانيا لا تزال تعمل مع حلفائها "لتوضيح تفاصيل" الخطة. وقال المستشار الألماني "بهذه الطريقة فقط سيزداد الضغط على موسكو للتفاوض أخيراً على السلام. وفي نهاية المطاف، نُظهر أننا نعمل بتناغم كشركاء أمنيين". وكان وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس كشف خلال زيارته لواشنطن أن بلاده عرضت شراء نظامين من طراز باتريوت بموجب الاتفاق. وقال بيستوريوس إن "ألمانيا ستواصل أداء دور قيادي وموثوق به في الحلف" الأطلسي. مقتل شخصين في خيرسون ميدانياً، قال أوليكساندر بروكودين حاكم منطقة خيرسون بجنوب أوكرانيا إن طائرات مسيرة روسية قتلت شخصين الإثنين. وكتب بروكودين على تطبيق "تيليغرام" أن امرأة قتلت في المدينة الرئيسية بالمنطقة، واسمها أيضاً خيرسون، وقتل رجل في منطقة تقع شمالي المدينة على نهر دنيبرو. وتسيطر القوات الروسية على مساحات كبيرة من منطقة خيرسون على الرغم من هجوم مضاد شنته أوكرانيا في أواخر عام 2022 واستعادت خلاله السيطرة على مدينة خيرسون ومناطق أخرى.

الميليشيا بلا مشروع: «حزب الله» ما بعد زمن السلاح
الميليشيا بلا مشروع: «حزب الله» ما بعد زمن السلاح

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

الميليشيا بلا مشروع: «حزب الله» ما بعد زمن السلاح

كانَ صعباً، ولا بدَّ، أن يتابعَ «حزب الله» مشهد مقاتلي «حزب العمال الكردستاني» وهم يحرقون بنادقهم بأيديهم، في احتفال علني. شكّلت هذه المشاهد نهاية رمزية لفصلٍ طويل من الكفاح المسلح في المنطقة، وافتتاحاً صامتاً لمرحلة جديدة تفرض إعادة النظر في وظائف العنف وأدواره خارج الدولة. لم يكن هذا القرار نتيجة اتفاق سياسي ضاغط، ولا تتويجاً لانتصار ميداني حاسم، بل تعبيراً عن إدراك عميق بأن زمن البندقية غير النظامية، بكل ما حمله من شعارات قومية أو دينية، قد شارف على الانتهاء، وأن في ذلك ما يستدعي تغييراً في التصورات والأهداف والمواقف. في العراق أيضاً، وعلى الرغم من دقة توازناته السياسية، تمكّنت الحكومة من رفع وحماية شعار النأي بالنفس عن الحرب الإيرانية – الإسرائيلية الأخيرة، وتثبيت مبدأ أن لا سلاح خارج الدولة، متجاوزة ضغوط المحور أو غوايات اللحظة. تعلو في بغداد النبرة بشأن توحيد القرار العسكري، بموازاة مزاج وطني صاعد منحاز للدولة على حساب الميليشيات. في غزة، انتهت الحرب بهزيمة سياسية وعسكرية أخرجت «حماس» عملياً من نقاشات «اليوم التالي» عن إعادة الإعمار وهيكلة السلطة السياسية. فقدت الحركة السيطرة على جزء كبير من القطاع، وانكشفت أمام أهلها، قبل خصومها، وبات تحييد سلاحها هو المحطة الأخيرة المتفق عليها بين جميع المؤثرين. في هذا السياق الإقليمي المائل نحو ترتيب أوراق ما بعد الفوضى، بقي «حزب الله» معلّقاً على تخوم خطابه القديم، يراقب انهيار منظومات تشبهه، ويتلمّس ملامح التحول من حوله، من دون أن يجد سردية جديدة قادرة على إعادة تبرير وجوده بالشكل الذي اعتاده. فالهزيمة البنيوية التي تعرّض لها الحزب في حرب 2024، لم تُقابل بإعادة تقييم استراتيجية، بل بتعميق لهجة الممانعة، وتغليف السلاح بمفردات دينية تُخرجه من التداول السياسي إلى فضاء القداسة. لم يعد سلاح «حزب الله» مجرّد أداة مقاومة، بل أصبح، في الخطاب، امتداداً لعقيدة، وأمانة إلهية، ترتبط كلها بهوية خاصة. وهو تحوّل في اللغة، يُراد له أن يحصّن السلاح من النقد والرقابة والتسويات، عبر إلحاقه بالماورائي والوجودي. لكن هذا التصعيد العقائدي لا يصدر من موقع قوة، بل من موقع قلق وخوف. فالبيئة الحاضنة للحزب لم تعد على حالها، والدعم الإيراني يمرّ بأزمة أولويات، والأفق السوري يتّجه نحو تسويات كبرى، حتى مع إسرائيل، ستُفاجئ الحزب بتفاهمات لا مكان فيها للمشاريع العقائدية المسلّحة. كما أنَّه كلام يتوازى مع تقارير موثوقة عن تباينات عميقة داخل الحزب تفرزها المراجعات الداخلية الجارية بشأن الدور والوظيفة والقدرة، وتكلفة الارتباط بالمشروع العسكري لإيران. في المقابل، يواصل رئيسا الجمهورية اللبنانية جوزيف عون والحكومة نواف سلام، تنفيذ خطوات مهمة ولو غير كافية تحت غطاء القرار «1701»، شملت إزالة مئات المواقع التابعة لـ«حزب الله» جنوب نهر الليطاني، تنفيذاً لقرار وقف إطلاق النار الذي أُرغم الحزب على الموافقة عليه. لا يعني أي من ذلك أنّ الدولة استعادت كامل سيادتها، لكنّه يعني بالتأكيد أنّ الانكشاف بات أكبر، وأنّ فائض الهيمنة لم يعد مقبولاً، لا إقليمياً ولا دولياً، ولا حتى داخلياً في ظلّ تراجع التأييد الشعبي للحزب في بيئته وبين عموم اللبنانيين، نتيجة الكلف الاقتصادية والاجتماعية التي دفعها الناس على مدار عقدين. زِدْ على ذلك أنّ إسرائيل، بدعم أميركي وأوروبي، لم تعد تتعامل مع الحزب كجزء من ميزان الرعب التقليدي، بل كهدف مشروع للضربات الاستباقية عند الحاجة، على ما يُستقرأ من الغارات والاغتيالات المستمرة. فإلى أين يأخذ «حزب الله» لبنان؟ هل ما زال الرهان على محور إقليمي يتفكّك كفيلاً بتأمين شرعية دائمة لسلاحٍ لم يعد يُقنع حتى بعض المقرّبين؟ وهل الخطاب الغيبي يكفي لتغطية التراجع البنيوي البائن؟ هل يملك «حزب الله» ما يكفي من وعي سياسي واستقلالية على مستوى القرار ليبدأ الفصل بين العقيدة الثورية العابرة للحدود وبين المشروع السياسي الوطني؟ ما من مؤشر يؤكد أن الحزب يملك حتى الآن إجابات واضحة. لكن المؤكد أن لبنان لا يحتمل الانتظار. أكثر من أيّ وقت مضى، بات سلاح «حزب الله» يشكّل تهديداً وجودياً للبنان، كما أشار الموفد الأميركي توم برّاك، وكما يستشعر معظم اللبنانيين بفطرتهم. لكن الآكد من تهديد الكيان اللبناني، هو ما يُمكن أن يصيب بيئة الحزب جراء هذا. فاستمرار هذا السلاح خارج الدولة، قد يزجّهم في صدام دائم مع بقيّة المكوّنات، ويُلغي إمكانيّة بناء شراكة وطنية مستقرّة. إن لم يُعالَج ملف السلاح اليوم، فإنّ الثمن لن يكون حرباً جديدة مع إسرائيل فقط، بل تفككاً داخلياً سيضرب النسيج الشيعي أولاً قبل أن يطول سواه.

لمن النَّصر في الحرب العالمية؟
لمن النَّصر في الحرب العالمية؟

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

لمن النَّصر في الحرب العالمية؟

عندما يعكف المؤرخون في المستقبل على دراسة مسار السياسة الخارجية الأميركية، من المرجح أن يدمجوا جميع الأحداث الكبرى منذ عام 2020؛ انسحابنا المتعجل من أفغانستان، وغزو روسيا لأوكرانيا، وصراعات إسرائيل في غزة ولبنان وإيران، في إطار سرد موحد لصراع عالمي كبير. وإذا حالفنا الحظ، فقد تتمخض هذه النظرة عن أطروحات أكاديمية بعناوين مثل: «الإمبراطورية تحت الاختبار: أميركا والعالم، 2021 - 2030». أما إذا خاصم الحظ أميركا، أي إذا دخلت الولايات المتحدة والصين في حرب مدمرة، فسيجري تصنيف الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط لاحقاً ضمن أحداث الحرب العالمية الثالثة. حتى هذه اللحظة، فالبلاد لم تدخل بعد في هذا النوع من الصراع الكارثي، لكن من المفيد أن يفكر الأميركيون في وضعهم من منظور عالمي. اليوم، يجري اختبار قوتنا الإمبريالية من قبل تحالف يتألف من روسيا وإيران والصين. ومن المهم كذلك أن ندرك أن هذا النوع من الصراعات يشكل، في جوهره، اختباراً للقدرة على التحمل، ويعدُّ بمثابة السير عبر طريق طويل ومتعرج، من السهل على امتداد الوقوع فريسةً لتقلبات المزاج، وإصدار أحكام متسرعة على النتائج. في الواقع، لقد عايشنا الكثير من هذه التقلبات عبر السنوات الأخيرة. مثلاً، في عامَي 2021 وبداية 2022، بدا أن الانسحاب الفوضوي في أفغانستان، والمبالغة في تقديم الوعود لأوكرانيا الضعيفة، قد أظهرا واشنطن في صورة قوة غير فاعلة... إلى أن غزا فلاديمير بوتين أوكرانيا فعلياً، وعندها أدت إخفاقاته العسكرية والنجاح في حشد الدعم لأوكرانيا، إلى موجة من الثقة المفرطة حول تفوق الديمقراطية الليبرالية واستمرار الهيمنة الأميركية. واستمرت هذه الحالة من التفاؤل، حتى فشل الهجوم الأوكراني المضاد الأخير، ووقوع هجمات جماعة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 ضد إسرائيل، وعندها عاد التشاؤم ليبسط جناحيه على المشهد العام من جديد. وبدت القوة الأميركية منهكةً، والحلفاء الإسرائيليون فوجئوا، بينما استعاد الروس زمام المبادرة، وبدت ترسانة أميركا غير كافية على الأرجح لحماية أوكرانيا وإسرائيل والدفاع عن تايوان، وكل ذلك تحت قيادة رئيس أضعفه التقدم في السن، وبدا وكأنَّه أصبح ركزاً قاتماً لإمبراطورية تتداعى. وساهم هذا الإحساس في وجود أزمة على جبهات متعددة، في الدفع بدونالد ترمب مجدداً إلى سدة الرئاسة. وبعد ذلك، جاءت الأشهر الأولى من إدارته لتثير المخاوف من أنه سينهي الصراع العالمي من خلال الاستسلام فعلياً - أي التخلي عن الحلفاء، والانسحاب إلى داخل «حصن أميركا الشمالية». إلا أنَّ الوضع الحالي لا يعكس هذا السيناريو، فقرار ترمب قصف البرنامج النووي الإيراني، ورد الفعل الإيراني الضعيف عليه، اختتما فترة انهارت فيها القوة الإقليمية لطهران تحت وطأة ضربات إسرائيل المتواصلة. في الوقت ذاته، زاد الحلفاء في حلف «الناتو» إنفاقهم العسكري، وبدأ ترمب في الإشادة بالحلف، بينما تظل مكاسب روسيا في أوكرانيا بطيئة ومكلفة. وثمة احتمال أن يكون بوتين قد ضيّع أفضل صفقة كان يمكنه الحصول عليها. ومع قوة الاقتصاد الأميركي، رغم الحرب التجارية التي يخوضها ترمب، يبدو وكأن البلاد تكسب الصراع العالمي مرة أخرى. «هيا بنا! باكس أميركانا إلى الأبد»! حسناً، ليس تماماً، فالأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني لا تعني أنَّنا تخلصنا من التهديد، علاوة على أن حرب إسرائيل في غزة لا تزال تمثل أزمة إنسانية دون نهاية سياسية واضحة في الأفق. كما أن تراجع ترمب عن قرار وزارة الدفاع تقنين الموارد، من خلال حجب الأسلحة عن أوكرانيا، لا يغيّر حقيقة أن الترسانة الأميركية محدودة وتتطلب بالفعل إدارة ذكية. كما أن فشل بوتين في استغلال محاولات ترمب الدبلوماسية، لا يُغيّر واقع أن روسيا لا تزال تحرز تقدماً، وإن كان بطيئاً. ومع ذاك، فإن الجمود في أوكرانيا وتراجع إيران يحملان تذكيراً واضحاً بأن النتيجة النهائية لهذا الصراع تعتمد على القوة الأهم، جمهورية الصين الشعبية، التي لم تشارك بشكل مباشر في المعارك حتى الآن. في الواقع، تمثل الصين خصماً أشد خطورة بكثير من روسيا أو إيران، لكنها لاعب شديد الحذر، يفضّل مراقبة تحركات حلفائه الضمنيين من دون أن يتورط، فلا هو سلّح إيران برادع نووي، ولا أرسل جيشه ليساعد روسيا في الاستيلاء على كييف. وقد تعكس هذه المسافة الحذرة ضعفاً جوهرياً في المحور ـ فهو مجرد تحالف مصلحي بين أنظمة لا تثق ببعضها البعض، ولا يجمعها الكثير كما يجمع أميركا بحلفائها الأوروبيين والآسيويين. ومع ذلك، ربما تعكس هذه المسافة كذلك ثقةً من جانب الصين بأن الزمن في صالحها، وأن استثماراتها في التكنولوجيا والطاقة ستتجاوز استثماراتنا قريباً، وأن كل ما نعكف على إنجازه الآن ليس سوى هدر مأساوي للموارد في مواجهة ما تخطط له بكين في أواخر العقد الحالي. وبغياب المعرفة اليقينية بهذه الخطط، فإنَّ السياسة الخارجية الأميركية تحتاج إلى استراتيجية طويلة الأجل أفضل للحفاظ على التفوق الأميركي في مواجهة الصين، وإلى قدر كبير من المرونة من جانب ترمب على المدى القصير. لا الانضباط وحده، ولا التشدّد فقط كافيان، وإنما يتطلب الأمر مزيجاً من الانفتاح على السلام والقدرة على خوض الحروب، يتماشى مع مدّ وجزر صراع عالمي لن تكون له نهاية بسيطة. * خدمة «نيويورك تايمز»

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store