logo
عقود الزواج غطاء لغسيل الأموال في العراق

عقود الزواج غطاء لغسيل الأموال في العراق

القدس العربي منذ 6 أيام

بغداد ـ «القدس العربي»: أثار قرار مجلس القضاء الأعلى في العراق، قيام المحاكم، بتدقيق عقود الزواج التي تكون المهور فيها بمبالغ ضخمة، اهتماما كبيرا لدى العراقيين ورجال القانون، وذلك لكون معظمها غطاء لغسيل الأموال وعمليات الفساد المالي.
وفي الآونة الأخيرة شهدت محاكم الأحوال الشخصية العراقية، ظاهرة مريبة، تتمثل بانتشار عقود الزواج ذات المهور المرتفعة بشكل مبالغ فيه، وسط شكوك بأنها وسيلة جديدة لغسيل الأموال المشبوهة المصدر، ما دفع مجلس القضاء الأعلى، لتوجيه المحاكم، بتدقيق عقود الزواج التي تتضمن مهورا ضخمة قد تصل إلى مليار دينار عراقي أو أكثر، وسط تساؤلات حول مصدر الأموال المتداولة وأهداف الزواج الفعلية التي تنتهي غالبا بطلاق سريع.
وأصدر مجلس القضاء تعميما عاجلا إلى محاكم التمييز والادعاء العام وجميع محاكم الاستئناف، يحذر فيه من استغلال محاكم الأحوال الشخصية في ارتكاب جرائم غسل الأموال.
وذكر المجلس في التعميم أنه «نظرا لخطورة جريمة غسل الأموال، وإحدى صورها تتمثل في استغلال القضاء عبر محاكم الأحوال الشخصية لتسجيل عقود زواج وهمية مع مهور مرتفعة بشكل غير مبرر، تليها حالات طلاق سريعة، فقد تم توجيه المحاكم بضرورة اتخاذ الإجراءات التالية: في حال كان مهر الزواج المذكور في عقد الزواج مبالغا فيه، يتعين على المحكمة إلزام طرفي العقد بتوضيح مصدر الأموال قبل إتمام عقد الزواج».
وأوضح مجلس القضاء أن هذه الحالات تشمل «عقود زواج تتضمن مهورا مرتفعة، سواء كانت نقدية أو وفقا للعرف السائد في المنطقة، بالإضافة إلى أي مستحقات جرمية أخرى منصوص عليها في قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم (39) لسنة 2015».
وبناء على هذا الأمر، فإن المحكمة تطلب من طرفَي العقد بيان مصدر الأموال قبل عقد الزواج. وإذا شك القاضي في مشروعية المصدر أو في نية الزواج، فإنه يُحيل الطرفين إلى مكتب مكافحة غسل الأموال لاستكمال التحقيق.
قرارات استثنائية للقضاء
ولمتابعة هذا الموضوع، قامت «القدس العربي» بجولة في بعض محاكم الأحوال الشخصية في بغداد، حيث أكد المحامي سعد الدليمي للصحيفة، «أن الإجراءات الأخيرة لمجلس القضاء هي قرارات استثنائية تهدف إلى تنظيم عقود الزواج والطلاق، في محاولة لسد الثغرات القانونية التي تُستغل في عمليات غسل الأموال وممارسات الفساد».
وأكد المحامي أن هذه الخطوة غير مسبوقة في القضاء العراقي، وتعكس مدى تغلغل الفساد الذي وصل إلى معاملات المواطنين في دوائر الأحوال الشخصية. وأوضح أن حيتان الفساد لم يتركوا وسيلة للاستحواذ على الأموال وحمايتها من ملاحقة القانون إلا واتبعوها، وذلك بهدف الإفلات من بعض القيود الحكومية في تعقب حركة الأموال الكبيرة مجهولة المصدر.
وذكر الدليمي حالة سبق له متابعتها، عن مقاول كبير متهم بالحصول على أموال ضخمة من تنفيذ مشاريع حكومية وهمية فيها فساد كبير، حيث لجأ إلى عقد قران على إحدى النساء بمهر ملياري دينار (نحو مليون ونصف المليون دولار)، كما سجل باسمها عددا من البيوت والعقارات في مناطق راقية من بغداد بأسعار تصل إلى المليارات إضافة إلى تسجيل عقارات وشركات أخرى في الامارات باسم زوجاته. وذلك بعد ملاحقته من هيئة النزاهة لتورطه في عمليات فساد كبيرة.
وأشار الدليمي إلى بعض الحالات التي شهدتها المحاكم، رفض خلالها القضاة، إبرام عقود الزواج قبل التأكد من مصدر دخل الزوج الذي عجز عن إثبات ذلك بشكل رسمي.
وأوضح المحامي أن هذه الطريقة التي يتبعها المتورطون بالفساد، هدفها التمويه على الأموال الطائلة التي حصلوا عليها بشكل غير قانوني، عبر استثمارها في مجالات مشروعة كالزواج، ثم القيام لاحقا بتحويلها إلى الخارج تدريجيا بعد ان تصبح باسم زوجاتهم، على أن يتم لاحقا إجراء عمليات الطلاق بعد إعطاء تلك النساء نسبة من الأموال يتم الاتفاق عليها.
وأضاف المحامي، أن عمليات الزواج بمهور كبيرة تضاف إلى طرق أخرى لغسيل الأموال انتشرت بشكل هائل في العراق في السنوات العشر الأخيرة، ومنها إنشاء المولات والبنوك والشركات والجامعات والمستشفيات الخاصة، بمبالغ طائلة مجهولة المصدر، حيث يتم تحويل أرباحها وأصولها المالية إلى الخارج بعد أن تصبح مشروعة ومعروفة المصدر.
وفي لقاء آخر للصحيفة مع صاحب مكتب بيع عقارات في منطقة القادسية، أحد الأحياء الراقية في بغداد، ذكر احمد السعدي أن هناك حركة واسعة لشراء العقارات الراقية الغالية الأثمان بمبالغ ضخمة غير مسبوقة في هذه المنطقة، وتسجيلها باسم نساء يتم الزواج بهن حديثا.
وأشار السعدي إلى حالة تمت من خلال مكتبه، حيث قام شخص بشراء عقار (فيلا) بمبلغ ثلاث مليارات دينار وسجله باسم زوجته الجديدة كما سجل عقار آخر في دبي باسمها أيضا، قبل أن يتم إلقاء القبض عليه من قبل هيئة النزاهة لتورطه في صفقات ومشاريع تشوبها شبهة الفساد. وذكر السعدي أن هيئة النزاهة قامت باستجواب الزوجة بعد القبض على زوجها لمعرفة مصدر الأموال التي اشترى بها الزوج الفيلا، كما استفسرت عن مصدر دخل العائلة، إلا أن الزوج الذي لديه علاقات متشعبة ببعض الأحزاب، تم شموله بقانون العفو العام الذي صدر مؤخرا بعد أن دفع مبالغ كبيرة إلى جهات متنفذة من أجل شموله بالقانون، حسب قول صاحب مكتب العقار.
اعترافات
والحقيقة أن مكافحة الفساد يعد أبرز التحديات أمام حكومات بغداد منذ 2003، ومؤخرا حذر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في تصريحات مختلفة، من وجود «شلة فاسدة تستعد لاستثمار المال العام»، كما أشار إلى أن إجراءات الدولة لمكافحة الفساد، تواجه دائما بأساليب جديدة من الفاسدين.
فيما أكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في كلمة لأتباعه، استمرار العمل على الإصلاح، ووصف «الكل فاسد أو متحالف مع الفساد حتى من نادى للإصلاح». وأشار إلى «انسحاب تياره من حكومة الفساد وفساد الحكومة، مع استمرار الفشل والفساد والتبعية والفقر والتسلط على رقاب الفقراء»، حسب قوله.
أما عضو لجنة النزاهة النيابية هادي السلامي، فقد سبق له ان أعلن عن وجود تقدم بملف مكافحة الفساد في مؤسسات الدولة، مستدركا «إلا أن الفساد ما زال ينخر بالدولة ويشكل تهديداً لها»، مؤكدا «بصورة عامة هناك ارتفاع في عمليات مكافحة الفساد من الجهات الرقابية». وأوضح السلامي أن «لجنة النزاهة النيابية تشيد على ما تقوم به هيئة النزاهة من جهود كبيرة»، مبيناً أن «لجنته ما زالت ترصد حالات الفساد وترفعها إلى الجهات المختصة في النزاهة والقضاء.
وتعلن هيئة النزاهة (حكومية)، تقارير دورية عن إلقاء القبض على مئات المسؤولين الحكوميين المتورطين بقضايا الفساد ونهب المال العام، فيما أعلنت عن إطلاق «حملة تضخُّم الأموال والكسب غير المشروع في قطاعات مُؤسَّسات الدولة المختلفة»، إلا أن نتائج هذا الحراك كان محدودا مقابل تفشي الفساد في كل مرافق الدولة العراقية.
وخلال العقدين الأخيرين تصدر العراق لائحة الدول الأكبر فساداً في العالم في تقارير الهيئات الدولية المعنية بمكافحة الفساد، كما فرضت الولايات المتحدة، ضغوطا على حكومة بغداد، للحد من عمليات غسيل الأموال التي تديرها مافيات الفساد والتنظيمات الإرهابية.
وحل العراق ضمن مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2024، في المرتبة 140 من أصل 180 دولة، وجاء في المرتبة الثامنة على مستوى الدول العربية. وصدر مؤشر مدركات الفساد لعام 2024، الذي يقيّم مستويات الفساد في 180 دولة حول العالم، حيث تظهر البيانات أن أكثر من ثلثي الدول تسجل درجات أقل من 50 من أصل 100، ويبدأ المقياس من صفر (الأكثر فسادًا) إلى 100 (الأقل فسادا).
ويؤكد المطلعون على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في العراق، أن عقود الزواج ذات المهور الكبيرة، هي أحدث أساليب غسيل الأموال في العراق، بهدف الالتفاف على رقابة القضاء وهيئة النزاهة، ومنح الأموال الهائلة المشبوهة غطاء قانونيا، ليتم لاحقا تحويل تلك المبالغ إلى الخارج.
فيما تؤكد التطورات أن الفساد المستشري في معظم المؤسسات الحكومية، بعد 2003، أصبح منتشرا كالسرطان في المجتمع، وأن حصيلة الفساد أسفرت عن حصول المافيات وبعض الأحزاب والفصائل على عائدات مالية هائلة بمئات المليارات من الدولارات، تم تحويل أغلبها إلى خارج العراق، بوسائل مختلفة، ما جعلها تبحث عن وسائل للتغطية على مصادر تلك الأموال، وللإفلات من ملاحقات هيئة النزاهة والقضاء، مع قناعة الجميع بأن الفساد ونهب المال العام في العراق لن يتوقف أبدا في هذه المرحلة لارتباطه بمصالح ونفوذ بعض الأحزاب والفصائل المرتبطة بأجندات محلية وإقليمية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

استراتيجية إيران الجديدة: استبدال المعادن بالنفط في الاقتصاد
استراتيجية إيران الجديدة: استبدال المعادن بالنفط في الاقتصاد

العربي الجديد

timeمنذ 2 ساعات

  • العربي الجديد

استراتيجية إيران الجديدة: استبدال المعادن بالنفط في الاقتصاد

أكد النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا عارف، أن الحكومة الحالية تسعى لتطبيق استراتيجية استبدال المعادن بالنفط في اقتصاد البلاد. وصرح عارف، في اجتماع مجلس مساعدي منظمة تطوير وتحديث المناجم والصناعات المعدنية الإيرانية، بأن شعارات التنمية الخالية من الكربون والبلاستيك التي تطلقها الدول المتقدمة ليست خيرية ولا بيئية، وفقا لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (إرنا). وتابع بالقول: "أولئك الذين تسببوا في تلوثات بيئية مروعة في العالم، أصبحوا الآن أوصياء على البيئة وبعدما استغلوا جميع الموارد الطبيعية لزيادة إنتاجهم الاقتصادي طرحوا قضايا غازات الاحتباس الحراري والاحترار العالمي لمنع تطور الدول التي تعتمد على الكربون والنفط"، بحسب ما نقلته "أسوشييتد برس". وأشار النائب الأول للرئيس الإيراني إلى الإمكانات والقدرات والثروات الطبيعية للبلاد، قائلا: "إيران تمتلك جميع العناصر الطبيعية في الجدول الدوري بشكل كامل، وقليل من الدول يتمتع بمثل هذه الميزة الإلهية. واليوم، وعلى الرغم من المشاكل، فإننا نتخذ قراراتنا بشأن الموارد الطبيعية للبلاد بينما نرى أن التهديد الأول للرئيس الأميركي ضد أوكرانيا كان متوجها إلى مواردها المعدنية والطبيعية". كما لفت إلى أهمية تطوير قطاع التعدين وحصته البالغة 13% في الخطة التنموية السابعة للبلاد؛ موضحا أنه يجب العمل بطريقة تضاعف حصة نمو قطاع التعدين في خطة التنموية الثامنة للبلاد. وتشكل الصناعات المعدنية في إيران نحو 30% من قطاع الصناعة العالمي، حيث تبلغ إيراداتها السنوية نحو 8 آلاف مليار دولار، وفقا لمجلة "وول ستريت". وتُعتبر المعادن إلى جانب الموارد الهيدروكربونية مثل النفط والغاز من أهم مؤشرات ثروة أي دولة في هذا المجال، وتحتل روسيا والولايات المتحدة والسعودية وكندا وإيران المراتب الأولى حتى الخامسة. وتملك إيران 68 نوعاً من المواد المعدنية، و37 مليار طن من الاحتياطيات المعدنية المؤكدة و18 مليار طن من الاحتياطيات المحتملة، تسيطر على نحو 3% من احتياطيات المعادن العالمية، رغم أنها لا تشغل سوى نحو 1% من المساحة العالمية، ومن حيث تنوع الاحتياطيات، تحتل إيران المرتبة العاشرة، ومن حيث حجم الاحتياطيات المكتشفة، تحتل المرتبة الرابعة عشرة عالميا. هذا التنوع يجعل إيران واحدة من الدول التي تتمتع بقدرة عالية على تأمين المواد الأولية اللازمة للصناعة، مع 12 من المناجم الكبرى في العالم، و8% من احتياطيات الزنك و3% من احتياطيات الرصاص في العالم، وتُعد إيران رابع أكبر منتج للرخام الزخرفي في العالم. طاقة التحديثات الحية التوترات توقظ النفط... أوكرانيا و"نووي إيران" يصعدان بالأسعار كما أن الموقع الجغرافي والجيوسياسي لإيران يسهل تصدير الصناعات المعدنية إلى مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى ذلك، فإن الاستفادة من 18% من مصادر الغاز و9% من مصادر النفط في العالم قد خفضت تكاليف الطاقة اللازمة للصناعات المختلفة بنسبة تصل إلى 50% مقارنة مع المتوسط العالمي، مما يجعل إيران فريدة مقارنة بالدول المعدنية الأخرى، وتوفر هذه الميزة فرصة استثنائية لصناعات المعادن مثل الصلب والنحاس والألومنيوم والأسمنت. وبحسب الخطط، من المتوقع أن يصل الإنتاج السنوي خلال هذا العام إلى 55 مليون طن من الصلب، و440 ألف طن من النحاس، و1.5 مليون طن من الألومنيوم، و150 مليون طن من المنتجات المعدنية الأخرى. ولتحقيق هذه الأهداف، يتطلب الأمر استثمارات في قطاع التعدين، وحتى الآن، تم استثمار نحو 45 إلى 46 مليار دولار في هذا القطاع، ومن أجل تحقيق نمو بنسبة 13%، هناك حاجة إلى استثمار لا يقل عن 15 مليار دولار إضافية.

همود التكنولوجيا الإسرائيلية: مخاطر مستقبلية تهدد قاطرة النمو الاقتصادي
همود التكنولوجيا الإسرائيلية: مخاطر مستقبلية تهدد قاطرة النمو الاقتصادي

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

همود التكنولوجيا الإسرائيلية: مخاطر مستقبلية تهدد قاطرة النمو الاقتصادي

تبدو الافتراضات التي تؤكد نمو التكنولوجيا العالية الإسرائيلية غير دقيقة، حتى إن تقرير معهد رايز الإسرائيلي يبين أن احتمال حدوث سيناريو "العاصفة المثالية" آخذ في الازدياد. ومن بين الأسباب، عدم الاستقرار الداخلي، وتراجع سمعة إسرائيل ، والتغير التكنولوجي الذي لا يُفيد مزايا التكنولوجيا العالية المحلية، والركود العالمي نتيجة الحروب التجارية. "هل ستكون الأمور على ما يرام بالضرورة؟" هذا هو السؤال المحوري الذي يطرحه تقرير خاص حرره البروفيسور يوجين كيندال، وكتبه معهد رايز لأبحاث التكنولوجيا المتقدمة الإسرائيلي ونشره موقع "كالكاليست". تقرير يخلص إلى أنه على الرغم من أن قطاع التكنولوجيا المتقدمة يُظهر قوةً مفاجئة على ما يبدو طوال عام ونصف عام من الحرب، بل ويُحقق صفقات غير مسبوقة، إلا أن هناك تيارات سلبية كامنة. يتناول التقرير الذي أعده معهد رايز ما إذا كانت الافتراضات الأساسية التي استندت إليها التكنولوجيا العالية الإسرائيلية على مدى العقود القليلة الماضية لا تزال صالحة. الإجابات ليست مشجعة، وفق "كالكاليست". ليس فقط بسبب التغييرات في إسرائيل، ولكن أيضًا نتيجة لثورة الذكاء الاصطناعي في العالم. تميل الثورات من هذا النوع إلى إبعاد الدول التي كانت تقود اللعبة سابقاً لتقديم لاعبين أقوياء جدد. في ذروة الثورة، غرقت إسرائيل في انقلاب قضائي وحرب، ما يجعل التأقلم صعبًا، بالإضافة إلى الأسباب الموضوعية. ونشرت شركة IVC الإسرائيلية المتخصصة في مجال مصادر البيانات والمعلومات التجارية، العام الماضي، التقديرات للربع الثالث من عام 2024 التي بموجبها جمعت شركات التكنولوجيا الفائقة الإسرائيلية 938 مليون دولار فقط في 61 صفقة. وهذا هو أقل رأسمال جُمع منذ سبع سنوات، أي منذ الربع الثالث من عام 2017، وأقل عدد من المعاملات في العقد الماضي. وهذا يمثل انخفاضًا بنسبة 70% مقارنة بالربع السابق وأكثر من 51% مقارنة بالربع الأول من عام 2024. أما بالنسبة لعدد الصفقات، فقد سُجّل انخفاض بنسبة 58% مقارنة بالربع السابق، وثلث مقارنة بالربع الأخير من عام 2023. وهذا يعني أن الاتجاه الهبوطي الذي بدأ قبل ثلاث سنوات يزداد سوءا. التكنولوجيا في قلب الأزمات والافتراض الأساسي لكثيرين هو أن التكنولوجيا العالية الإسرائيلية سوف تنجو من جميع الأزمات، كما كتب مؤلفو تقرير رايز، "ولكن المزيد من الافتراضات تثبت عدم صحتها، واحتمال حدوث سيناريو العاصفة المثالية يتزايد، وهو مزيج من عدم الاستقرار الداخلي، وانحدار سمعة إسرائيل في الخارج، والتغيير التكنولوجي الذي لا يفيد مزايا إسرائيل، والركود العالمي نتيجة للحروب التجارية". لا تزال منظمة رايز تعتقد بوجود سيناريو ركود مؤقت سيتلاشى مع انتهاء الحرب في إسرائيل واستقرار اللاعبين الرئيسيين في مجال الذكاء الاصطناعي. ولكن هناك أيضًا سيناريو أقل تفاؤلاً، حيث ستتقلص التكنولوجيا العالية الإسرائيلية وتركز على قطاعات قليلة وعدد قليل من الشركات الناجحة. وبالتالي، ستتوقف عن كونها محرك النمو الاقتصادي. وكتب كيندال: "في رأينا، لا يمكن تجاهل هذا السيناريو. على مستوى السياسات، نعتقد أن مفهوم أن التكنولوجيا العالية الإسرائيلية محصنة ضد الصدمات بمرور الوقت وستتمكن حتمًا من العودة إلى مجدها السابق ليس سياسة مسؤولة. دور السياسة الحكومية، من بين أمور أخرى، هو التحوط من المخاطر وليس المقامرة بأن كل شيء سيكون على ما يرام". اقتصاد دولي التحديثات الحية رغم حرب الإبادة... الصادرات العسكرية الإسرائيلية تحطم رقماً قياسياً ما هي المؤشرات على أرض الواقع التي تُقلق واضعي التقرير؟ تأتي أوضح إشارة من الأساس الذي بُنيت عليه التكنولوجيا المتقدمة، أي رأس المال البشري. لأكثر من عقد من الزمان، كان هناك نقص مستمر في الأيدي العاملة في قطاع التكنولوجيا المحلي، وهي يقدرون بـ20 ألفًا. ومع ذلك، منذ بداية عام 2023، كان هناك ركود في عدد العاملين في هذه الصناعة، وعلى وجه التحديد، كانت هناك زيادة حادة ومستمرة في عدد الباحثين عن عمل بين المبرمجين. علاوة على ذلك، تضاعفت نسبة الباحثين عن عمل في مجال التكنولوجيا المتقدمة من إجمالي الباحثين عن عمل، وهي أكبر من نسبتهم في القوى العاملة. هذا الاتجاه ليس فريدًا في إسرائيل، بل يحدث أيضًا في الولايات المتحدة، ما يؤدي إلى تفسير أن بعض الأسباب تتعلق بالذكاء الاصطناعي الذي يحوّل مهارات البرمجة إلى سلعة. إذا زاد هذا الاتجاه، فستكون لذلك عواقب سلبية كبيرة على الميزة التنافسية لإسرائيل. تحذيرات متصاعدة يأتي تحذير آخر من قطاع الشركات الناشئة، وهو أوسع قاعدة للابتكار الإسرائيلي ومفتاح ميزته النسبية في العالم، كما يطلق عليه: "أمة الشركات الناشئة". ولكن هنا أيضًا، تملي ثورة الذكاء الاصطناعي متطلبات جديدة، وخاصة الموارد الكبيرة التي تواجه الشركات الناشئة صعوبة في توفيرها: الطاقة، وقوة الحوسبة، والخوارزميات اللازمة لتدريب النماذج. يعود الابتكار على المستوى العالمي إلى شركات التكنولوجيا الكبرى، والأوساط الأكاديمية، أو حتى الحكومات، ما يجعل من الصعب على الشركات الناشئة المنافسة. تعتقد مؤسسة رايز أن هذا أحد أسباب انخفاض إنشاء الشركات الناشئة الجديدة في إسرائيل. سُجّلت ذروة الاتجاه المثير للقلق في عام 2023، عندما كان عدد الشركات الناشئة التي أُغلقت، لأول مرة في تاريخ الصناعة المحلية، أعلى من عدد الشركات الناشئة التي أُسّست. من المؤشرات الأخرى على تراجع مكانة الشركات الناشئة مقارنةً بالشركات العامة الكبيرة، انخفاض نشاط جمع رأس المال وصناديق رأس المال الاستثماري. اقتصاد دولي التحديثات الحية مطالب أوروبية بتجميد أصول بنك إسرائيل المركزي... ما القصة؟ ووفقًا للتقرير، ووفقًا لخط الاتجاه طويل الأجل، كان من المفترض أن تجمع الشركات الناشئة في إسرائيل 20 مليار دولار بحلول عام 2024، لكنها في الواقع جمعت حوالي نصف هذا المبلغ. وهنا أيضًا، لا تُعدّ البيانات استثنائية مقارنةً بالعالم، إلا أنها تُلقي بظلالها السلبية على مصلحة الصناعة الإسرائيلية التي أصبحت بمثابة "مختبر أبحاث" لشركات عملاقة مثل غوغل ومايكروسوفت، لكنها لا تُطوّر ابتكاراتها الخاصة. كذا يتحول تركيز الابتكار العالمي اليوم بشكل أكبر إلى الأجهزة والطاقة والرعاية الصحية، حيث تكون إسرائيل أقل قوة. وهنا، يلعب صغر حجم إسرائيل على حسابها في غياب الميزانيات الضخمة المخصصة من قبل حكومات دول مثل الولايات المتحدة والصين وكندا أو الدول الأوروبية. يضاف إلى كل هذه المؤشرات التحذيرية الوضع الجيوسياسي في إسرائيل، الذي يؤثر، ولأول مرة منذ عقود، على قطاع التكنولوجيا المتقدم، الذي كان يُعتبر "محمية طبيعية"، وفقاً للتقرير. لكن وفقًا لأوري غاباي، الرئيس التنفيذي لشركة رايز، بدأت المشاكل قبل الحرب (2023). يقول: "هناك فجوة كبيرة بين ما نقوله لأنفسنا والأرقام على أرض الواقع. المشكلة لم تبدأ في عام 2023، بل مع توالي الحملات الانتخابية. بالكاد عملت الوزارات الحكومية مدة ثلاث سنوات على الأقل منذ عام 2019. في السنوات الأخيرة، لم تكن إسرائيل بارعة في التفكير الاستراتيجي الحكومي". وأشار غاباي إلى أن نشر التقرير كان مصحوبًا بشكوك كثيرة. ويقول: "لقد انتظرنا طويلًا قبل إصدار هذه الوثيقة لأننا قلنا إن غالبية (المؤشرات السلبية) ربما تكون آثارًا معزولة للانقلاب ثم الحرب، لكننا نرى الآن أنها مستمرة منذ مدة طويلة. حتى لو انتهت الحرب غدًا، فهناك اتجاهات سلبية لن تتغير فورًا". وتابع أن القول الشائع "المشكلة ليست مشكلتنا وحدنا، بل مشكلة عالمية"، لا يعني عدم وجود مشكلة، وأننا لسنا بحاجة للبحث عن حل. حتى لو قلّ عدد الشركات الناشئة في الولايات المتحدة، فإن لديها عددًا أكبر من الشركات العملاقة التي ترغب في إدارة القطاع ودفعه قدمًا. أما في إسرائيل، فالحساسية أعلى بكثير. أيضًا، لأن الاقتصاد يعتمد بشكل أكبر على التكنولوجيا المتقدمة، وداخل هذا القطاع، يُهيمن عنصر الشركات الناشئة بشكل أكبر بكثير من الدول الأخرى". وقال إن "سمعة إسرائيل تتآكل. لقد اعتادت الحكومة على إدارة التكنولوجيا المتقدمة ونجاحها بمفردها مدة 20 عامًا، ولم تعد تستوعب أن هذا لم يعد هو الحال".

تأسيس 3 آلاف شركة في الأردن خلال 5 أشهر
تأسيس 3 آلاف شركة في الأردن خلال 5 أشهر

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

تأسيس 3 آلاف شركة في الأردن خلال 5 أشهر

شهدت الاستثمارات في الأردن خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي ارتفاعاً ملحوظاً، يعكس تحسّن بيئة الأعمال وجاذبية المملكة للاستثمارات المحلية والخارجية، مدعومةً بحزمة من الحوافز والتسهيلات الحكومية التي تهدف إلى دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز فرص العمل. وفي السياق، قال مراقب عام الشركات في الأردن وائل العرموطي، لـ"العربي الجديد"، إن هناك ارتفاعاً واضحاً في عدد الشركات الاستثمارية المسجّلة في الأردن خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، مقارنةً بذات الفترة من العام الماضي. وأضاف أنه وفقاً للبيانات الإحصائية، فقد بلغت نسبة الزيادة في تسجيل الشركات 13%، إذ بلغ عددها حوالى ثلاثة آلاف شركة، مقابل 2635 شركة خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الماضي. وتوزعت هذه الشركات على العديد من القطاعات الاقتصادية والخدمية مثل التجارة، والمنشآت الصناعية، والسياحية، والتعليمية وغيرها، وأضاف العرموطي أن مجموع رؤوس الأموال المسجلة منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية الشهر الماضي بلغ حوالى 130 مليون دينار. كما انخفض عدد الشركات التي جرى شطب تسجيلها بنسبة 46%، ليصل إلى 478 شركة، مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي. وتوقع العرموطي أن يشهد تسجيل الشركات مزيداً من الارتفاع خلال الفترة المقبلة، في ضوء الجاذبية الاستثمارية التي يتمتع بها الأردن، والحوافز والامتيازات المختلفة الممنوحة لمختلف المشاريع، وأشار إلى أن الإجراءات الخاصة بتسجيل الشركات تخضع للمراجعة المستمرة، بما يستجيب لمطالب رجال الأعمال ومتطلبات المرحلة، ويوفر خدمات متقدمة تُمكّن صاحب الشركة أو المفوض عنها من متابعة ملفاتها وشؤونها في أي وقت ومن أي مكان، دون الحاجة للمراجعة المباشرة لدائرة مراقبة الشركات كما كان في السابق. وكان الأردن قد أعد قانوناً جديداً للاستثمار تحت مسمّى "قانون البيئة الاستثمارية"، اشتمل على حوافز متنوعة لجذب الاستثمارات، وتحفيز رأس المال المحلي لإقامة مشاريع مختلفة، إضافةً إلى حرية تنقل رؤوس الأموال وحمايتها، وتسهيل حركة الصادرات للمنتجات الأردنية، وغيرها من التسهيلات. وتسعى الحكومة إلى منح مزايا إضافية للاستثمارات التي تُقام في المحافظات، خاصةً الأشد فقراً والأعلى في معدلات البطالة، وذلك من خلال تخفيضات على الرسوم والضرائب وأجور الخدمات، وكذلك على الأراضي الاستثمارية والصناعية، وتكاليف الطاقة. ومؤشراً على تحسّن بيئة الأعمال في الأردن، فقد جرى رفع رؤوس أموال عدد من الشركات القائمة في المملكة، والبالغ عددها 750 شركة، بحوالى 736 مليون دينار، نتيجة لتطوير أعمالها، وتوسع قواعدها الإنتاجية، أو دخول مستثمرين جدد. اقتصاد عربي التحديثات الحية ارتفاع أسعار الأضاحي في الأردن وسط ركود غير مسبوق من جهته، قال عضو غرفة تجارة عمّان علاء ديرانية، لـ"العربي الجديد"، إن المرحلة المقبلة يُرجّح أن تشهد إقبالاً واضحاً على الاستثمار في الأردن، الذي يُعدّ بوابة لدخول أسواق المنطقة، بحكم موقعه الجغرافي واتصاله بالعديد من البلدان. وأضاف أن هناك عدداً من الشركات التي ستُنشأ في الأردن، وأخرى ستُوسّع أعمالها لأغراض مشاريع إعادة الإعمار في المنطقة، خاصة في سورية، والتي تتطلب الكثير من المعدات والسلع ومستلزمات إعادة البناء. وأكد ديرانية أن هناك تسهيلات كبيرة فيما يخصّ تسجيل الشركات وتسريع الإجراءات، إلى جانب الشراكة الفاعلة بين القطاعَين العام والخاص، والتي تتيح التعاون في مجال استقطاب الاستثمارات، وتحفيز الشركات والمستثمرين للاستفادة من الفرص المتاحة في المملكة في مختلف القطاعات، وتُركّز رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقتها الحكومة لعشر سنوات مقبلة على تعزيز الجاذبية الاستثمارية للمملكة، بما يساهم في توفير فرص العمل، والحدّ من البطالة، ورفع حجم وقيمة الصادرات الأردنية، وتنشيط القطاعات كافّة. وإلى جانب هذه الشركات، هناك استثمارات أخرى تُنشأ في قطاعات استراتيجية ذات أولوية، خاصة في مجالات الطاقة، والسياحة، والمياه، والصناعة، والنقل، والتجارة، والخدمات، من شأنها تشغيل أعداد كبيرة من المتعطّلين عن العمل، وقد اتخذت دائرة مراقبة الشركات العديد من الإجراءات التي تتيح للمستثمر تسجيل شركته إلكترونياً من أي مكان يعيش فيه، بهدف تسريع وتسهيل الإجراءات، وتوفير الوقت على رجال الأعمال.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store